قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع

رواية احتلال قلب للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع

جميع الإنذارات ضربت بعقلها في تلك اللحظات...
أصبح خلفها تمامًا، بينهما نقطة لا تُذكر من الفراغ، محاها هو وهو يلتصق بها عمدًا محاوطًا خصرها بتملك...
فشهقت وهي تحاول إبعاده عنها بضيق:
-أبعد عني
ولكنه لم يلبي طلبها الواهي الذي يُضاهيه ألاف النداءات التي تطلب القرب داخله..!
رفع إصبعه يسير به ببطء يتحسس ظهرها من أعلاه إلى أسفله، ببطء، ببطء شديد حتى سارت قشعريرة متناغمة على طول عمودها الفقري..!

ابتلعت ريقها بتوتر وهي تحاول الابتعاد عنه..
تبًا له، يعرف كيف يفقدها الأحساس بالدنيا وما فيها!
يعرف كيف يدمجها معه في خليط يصعب فكه..!
إلتفتت مسرعة لتعطيه وجهها ليزيل يده عن ظهرها، ليرفع يده يده يقبض على ذراعها بعنف وهو يسألها:
-ازاي تسمحي لنفسك أنك ترقصي مع الواد ده؟ خلاص مابقتيش تحترميني للدرجة
حاولت نفض ذاك الخجل عنها وهي تخبره ببرود:.

-الله! واحد معجب، مش يمكن ربنا يسهلي وادبر عريس عقبال ما أنت تبعتلي ورقتي!
تأوهت بصوت عالي عندما وجدته يقترب كثيرًا حتى قضم أذنها بأسنانه الحادة ككلماته وهو يتابع:
-تبقي بتحلمي يا حبيبتي، إنتِ كلك على بعضك ملكي انا، ومستحيل أسيبك، لما تشوفي حلمة ودنك دي ابقى اطلقك زي ما أنتِ عايزة
تأففت وهي تزمجر غاضبة:
-يووه هو غصب ولا أية!
اومأ مؤكدًا ببرود أشعل الثلوج المتراكمة فوق قلبها:
-اه، كل حاجة بمزاجك الا دي.

رفع اصبعه ببطء شديد يتحسس وجنتها الحمراء وهو يهمس لها بحزم:
-انا مش قولتلك ماتحطيش روچ وأنتِ رايحة اي حته؟!
رغم جيوش التوتر التي زحفت لمسار روحها الساكن، ردت بثبات:
-ايوة
اتسعت ابتسامته وكأنه ينتظر تلك الفرصة مجيبًا بخبث:
-وده ليه معنى واحد، أنك عايزاني انا امسحهولك، وانا هاكون اكتر من مرحب يا ترنيمة عذابي وعشقي.

وقلبها أن ترفض، قبل أن تستخدم ألوان القسوة في رسم لوحة مزيفة من النفور كان يُطبق على شفتاها بنعومة شديدة يلتهمها باشتياق لا يُكتم وجوع لا يموت...!
تجاهل اعتراضتها الواهنة ليحكم قبضته حول خصرها، كانت شفتاه تعزف سيمفونية عذبة ورقيقة على شفتاها المتلهفة رغم كل شيئ...
ابتعد بعد قليل لحاجته للهواء، ليهمس بابتسامة ماكرة:
-كدة تمام يا ترنيمة قلبي، تقدري تخرجي.

حاولت النطق من بين انفاسها اللاهثة وكأنها خرجت من سباق عنيف للتو:
-أنت آآ، وقح!
نظر لرقبتها الظاهرة نوعًا ما، وامتلأت عيناه برغبة لونت كل الجدية داخله، ليكمل بغمزة خبيثة:
-وهاكون وقح أكتر لو ماخرجناش دلوقتي، وعلى فكرة هتيجي معايا البيت انا اتفقت مع جسار!
جزت على أسنانها بغيظ وهي تردف:
-ده بعينك!
تركته وأسرعت تحاول الخروج قبل أن يلتهمها بتمهل كما تفعل نظراته الان...!

خرجت وتوجهت نحو المنضدة المخصصة لهم، وما إن رأت جسار حتى هتفت له بحنق:
-بقا كدة يا جسار؟! ماشي انا غلطانة اني بثق فيك
ابتسم جسار ومن ثم احتلت الجدية نبرته وهو يخبرها بحسم:
-أنتِ هاتروحي مع جوزك يا حبيبتي هو فهمني وهيشرحلك كل حاجة بس في بيتكم
هزت رأسها نافية باعتراض:
-لا انا م آآ
ولكنه قاطعها بصرامة هادئة:
-ترنيم، لو بتثقي في قرارات اخوكِ هترجعي مع جوزك
زفرت بضيق متمتمة بعد صمت دقائق:
-اوووف حاضر!

بينما على الجهة الاخرى...
بلحظة كان ليث أمام فجر يسحبها بعنف حتى كادت تسقط وهو يسحبها خلفه، بينما ينظر لعمرو الذي أنكمشت نظراته الفجة مرددًا:
-انت بتعمل أية هنا يابن ال*****
حاول عمرو اصطناع البرود وهو يردد:
-بشوف خطيبتي
لكمة اخرى كانت من نصيبه قبل أن يسبه ليث وهو يستطرد بشراسة:
-ماكفكش العلقه اياها يا و*** ولا اية جاي تاخد غيرها؟!
ظهرت عروق عمرو النافرة عندما ذكر ما حدث مرة اخرى...

بدا وكأن شيطان تلبسه، ولكن قبل ان ينطق كان ليث يسحب فجر مسرعًا نحو سيارته يلعن اليوم الذي رأت فيه فجر ذلك الحقير...!
وما إن استقلا السيارة حتى إنفجرت فجر فيه تصرخ بعصبية مفرطة وكأن شمس قاحلة خزنت سخونتها داخلها وانفجرت فجأة:
-أنت أية اللي أنت عملته ده؟ ازاي تروح تضرب عمرو بالهمجية دي! مين اداك الحق؟
وبالمقابل لم يُقصر هو فظل يزمجر بوجهها بحدة:.

-انهيارك في حضني هو اللي اداني الحق، خوفك وأنتِ بتترعشي وعايزة اي حاجة هو اللي اداني الحق
صمت برهه، ليترك للشيطان حرية تنظيم أفكاره الهوجاء...
ثم هتف بعدها بصوت متهدج:
-ولا لاتكوني خايفه عليه! بتحبيه للدرجة حتى بعد اللي حاول يعمله؟
لم تشعر بنفسها وحبات القلق تنساب بين حروفها بلمعة أنعشت عشقًا متيم داخله:.

-لا أنا خايفه عليك أنت يا غبي، انا عارفاك متهور وعمرو حقود ممكن يحاول يأذيك بكل الطرق الف مرة لو أنت اذيته مرة واحدة!
صمت، صمت كثيرًا ولم يقوي على الرد!
سحبت هي مكنونات الحروف الحادة لتضع مكانها عجز لطيف بكلماتها!..
لولا وضوح الرؤية امامه أن ذلك اللعين عمرو كان يحتضنها بقوة دون ارادتها، لكان صور قتيلاً اليوم...!
نظر لوجهها الصغير وهو يهمس لها:
-أنتِ قولتي أية؟ خايفه عليا أنا؟! فعلا يا فجر؟

عضت على شفتها السفلية بأحراج، لا تعرف كيف خانتها تعبيراتها فانحازت لصفه لتنقهر هي وعقلها وحدهم!..
وفجأة وجدته يسحبها دون مقدمات ليجعلها تجلس على قدماه عنوة، حاولت التملص من بين يداه ولكنه ثبتها جيدًا ليمسك وجهها الذي زحفت له جيوش الخجل لتحتله بجدارة...
فهمس لها بحرارة:
-عيدي اللي قولتيه تاني!
حاولت إستجماع حروفها الحادة لتغمغم:
-ل ليث، احنا في الشارع
ضغط على وجنتها برقة آمرًا:.

-الازاز مش هيبين حاجة، عيدي اللي قولتيه
وجدت كل الممرات مُسددة عدا طرقة رحابه الوردي الذي رُسم بعشقها، فلم يكن منها الا ان قالت باستسلام:
-قولت اني خايفه عليك أنت مش هو!
كان صوت تنفسه عالي، دوامة تلك ما ترميه فيها بكلماتها البسيطة!..
لم يستطع، سينهار حتمًا إن لم يقبلها الان...
التهم شفتاها بكل ما للكمة معنى، أكلها بنهم ملحوظ لا يستطع الا فعل سواه!

يداه تتحسس ظهرها ببطء متمهل يحاول تهيئتها لمطالبة الجوع المستعر داخله...
في البداية اعترضت هي بخفوت تحاول إبعاده...
ولكنه أحكم قبضته عليها فتركت ليداها حرية التصرف بتلقائية لتحيطه بتردد خجول، تحاول تثبيت تلك الكلمة بين نقوش العقل العنيد
هو زوجها !
هبط بشفتاه لرقبتها البيضاء يلثمها بعمق، يُشبعها تقبيلاً وقد شعر أن رغبته بها تزداد لا تقل...
اخيرًا استطاعت ابعاده قليلاً فقال من بين لهاثه:.

-لا، مش هقدر استنى شهرين! احنا لازم نتجوز خلال اسبوعين!
شهقت هي بعنف مصدومة:
-نعم! لا طبعًا..
يداه أحاطت وجهها وهو ينظر لعيناها يرجوها أن تلتمس له اي عذر:
-فجر، سامحيني بس خلاص مش قادر!
وقبل أن تكمل استفهامها كان يعود ليُقبلها بلهفة جوع واضحة...
تحركت يداه ببطء لتعبث بمنحنيات جسدها والاخرى تحاول فتح سحاب ذلك الفستان اللعين..
صدرت عنها شهقة حرجة وهي تهمس له:.

-لالالا أنت بتعمل أية سبني بطل جنان احنا في العربية!
واخيرًا تركها لتسرع هي للكرسي المجاور له تحاول تهدأة انفاسها اللاهثة...
بينما هو يردد بعاطفة جياشة:
-ربنا يصبرني!

وفي يوم ما...
كانت شاهيناز في منزل جسار تتناول الغداء معهم كما طلبت والدة جسار من باب الزوق فقط!
ونور هي من كانت تقدم الطعام لهم بهدوء، مدت شاهيناز يدها كالبقية تتناول طبق، ولكن نور منعتها بخفوت:
-لا لا. خدي الطبق ده، لان ده بتاع آآ احم جسار!
اومأت شاهيناز على مضض، شرع الجميع بتناول الغداء...
وفجأة من دون مقدمات بدأت شاهيناز تتأوه بصوت عالي وهي تضع يدها على بطنها...

فاقترب منها جسار يسألها متوجسًا:
-في اية يا شاهيناز؟!
عندها صرخت بألم مرددة:
-بطني بتتقطع، اكيد هي حطتلي حاجة في الاكل عشان تموت ابني!
اتسعت اعين الجميع ومن ضمنهم جسار الذي نظر لنور غير مصدقًا...
بينما اكملت شاهيناز من وسط صرخاتها:
-عشان كدة أصرت اني اكل من الطبق ده، آآه بطني مش قادرة
حملها جسار مسرعًا يتوجه بها نحو سيارته...

حالة من الهرج والمرج سادت المنزل، ولم يكن على نور الا ان تهمس نافية وقد بدأت دموعها تهبط:
-اقسم بالله ما ليا دخل باللي حصل!

كانوا جميعهم في المستشفى...
خرج الطبيب من عند شاهيناز بعد فترة ولكنه لم يعطيهم تفسير واضح لما حدث الا بعد ان يجري بعض الفحوصات...!
خرج جسار يقف امام الغرفة بتوتر شديد، ونور لم تكف عن البكاء ليصرخ بها جسار بعصبية:
-اسكتي بقا شوية
حاولت كتمان دموعها بصعوبة وهي تبتلعها بقسوة داخلها...

وفي داخل الغرفة كانت شقيقة شاهيناز التي وصلت ما إن اخبرها جسار، تسأل شاهيناز بدهشة:
-بتهزري؟! يعني ده مش ابن جسار يا شاهي؟
هزت شاهيناز رأسها نافية بأرهاق واضح:
-لا ده ابن هيثم، لكن وديني ما هسيب البت دي تفلت بعملتها
هنا نهرتها شقيقتها بحدة:
-ازاي يعني بس فهميني؟ مش على اساس قرب منك وهو سكران
مطت شاهيناز شفتاها بسخرية واضحة وهي تردف:.

-أنتِ هبلة يابت؟ هو عمر راجل سكران طينة مش عارف حتى اسمه هيقدر يعاشر واحدة عادي!؟ انا استغليت انه مش فاكر اي حاجة بسبب الخمرة، كان لازم اقربه مني بأي طريقة واهو اتصرف في العيل اللي هيثم دبسني فيه وخلع...!

كانت فجر تحمل الاطباق بدلاً عن خالتها بعدما انتهوا من تناول الغداء...
وفجأة وجدت ليث يحمل الاطباق معها مرددًا بخبث لم ترتح له:
-هساعدك
وافقت على مضض، نهضت والدته متجهة لغرفتها ترتاح من الارهاق...
وبينما فجر تضع الطبق في -الحوض- وجدت من يحيط بها من الخلف هامسًا بصوت حار كجمرات من نار:
-وحشتيني
ابتلعت ريقها بتوتر وهي تستدير له، لتجده إلتصق بها، فوضعت يدها على صدره تحاول ابعاده بهدوء:.

-ليث لو سمحت ابعد عني!
لم يعير حديثها اهتمام بل ظل يستنشق عبير خصلاتها باستمتاع رهيب...
ولكن كلمتها جمدته مكانه في ارض صلبة قاتلة
ماتمشيش ورا رغبتك ف مجرد واحدة ادامك !
ابتعد عنها يهمس غير مصدقًا:
-رغبتي! أنتِ شايفه إن كل ده رغبة وبس؟
اومأت مؤكدة دون ان تنظر لعيناه، وهو كاد يجن وهو يزمجر فيها بعصبية ككتلة تجمعت داخله من كلماتها الهوجاء:
-ملعون ابو الغباء! مش معقول كل ده ماحستيش بيا؟! كل ده ماحستيش بحبي.

حدقت به غير مصدقة اعترافه لتجده يكمل وهو يقترب بوجهه منها:
-ايوة انا بحبك، بحبك وكنت بموت في اليوم الف مرة لما اسمعك بتتكلمي مجرد كلام مع الحيوان ده، انا بعشقك يا فجر!

كان الجميع في منزل صقر جالسون على -سفرة- الطعام على وشك البدء حين قالت ترنيم التي جاءت منذ دقيقة تقريبا:
-لا يا صقر!
نظر لها بعدم فهم، فاقتربت منه مسرعة وهي تهز رأسها نافية برجاء:
-ماتاكلش من الطبق ده
سألها مشدوهًا من حديثها:
-اشمعنا؟
عضت على شفتاها بقوة تخشى اخباره، ماذا ستخبره اساسًا؟!
حسمت امرها بسرعة وهي تردد على مسامع الجميع:
-الطبق ده في سم، و...
نظرت لوالدته مكملة بجدية لا تقبل النقاش:.

-والدتك هي اللي حطته
شهقت نيرمين مصدومة، ولم تقل صدمة صقر عنها الذي امسك ترنيم من ذراعها بعنف مزمجرًا:
-ترنيم أنتِ اتجننتي! الف مرة اقولك الا امي!
ثم نظر للطبق يخبرها بحدة:
-وعشان اثبتلك ان ده اتهام باطل انا هاشرب الشوربه اهي
ولكنها منعته مسرعة لتلتقطها من بين يداه قائلة بصوت مبحوح متردد نوعًا ما:
-لأ، انا اللي هاشربها. انت لو جرالك حاجة انا مش هعرف اتصرف لكن انت تقدر تتصرف.

لم تعطيه فرصة الاعتراض فبدأت تشرب الشوربه بالفعل كاملة...
تركتها بعدما انتهت وهي تنظر للجميع، ابتسامة ساخرة ارتسمت على ثغر صقر وهو يستطرد بغيظ:
-اهه شوفت...
ولكنها قُتلت في التو واللحظة عندما وجد ترنيم تترنج ببطء ووجهها يشحب شيئًا فشيئ، حتى سقطت بين ذراعيه فاقدة الوعي ومادة لزجة بيضاء غريبة بدأت تخرج من فاهها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة