قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل السادس والعشرون

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل السادس والعشرون

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل السادس والعشرون

آهٍ من مصادفات القدر..
بل إنها تدابير ربانية مرتبة وليست صدفة أبدًا، تلك الهدايا التي يهبك الله إياها وهو يعلم كم يتوق قلبك إليها.

كانت أثير تقوم بإدخال بيانات النزيل على الحاسوب، ثم ناولته بطاقته الشخصية و: - اتفضل
أشارت لأحد العمال، وناولته بطاقة ألكترونية تسمح بالدخول إلى الغرفة و: - غرفة 490
فأشار له العامل وهو يحمل حقيبته: - اتفضل يافندم.

في هذا الحين الذي كانت فيه منهمكة في تسجيل الكثير من البيانات، حضرت چيهان كي تقابل والدها وقررت أن تمر على أثير أولًا، نظرت بعيون متفحصة حتى لمحتها وتعرفت عليها بسهولة، ف دنت منها وهي ترسم ابتسامة متكلفة و: - صباح الخير
- صباح الخير يافندم
قالتها أثير وهي ترفع بصرها إليها ف بادرت چيهان: - أنا چيهان أخت ظافر
- عارفاكي
وصافحتها بحرارة ثم تابعت: - عامله إيه؟

- الحمد لله بخير، أنا جيت مخصوص أتعرف عليكي لأني محضرتش الخطوبة
تركت أثير القلم وأشارت لرفيقتها كي تغطي مكانها، ثم خرجت من مكانها و: - تعالي نروح الكافتيريا.

وصحبتها بتودد كي يجلسن سويًا، بالرغم من بعض الشحوب الذي كان بوجهها والإرهاق البادي على عينيها والهالات التي تكونت أسفلها، إلا إن ملامحها مازالت مميزة، هكذا استشعرت أثير ولكنها لم تبدي ذلك، أصرت أن يكون المجلس الأول بينهما خاليًا من الحساسية المفرطة، وتحقق مسعاها.

استغرق الأمر الكثير من الوقت گعادة الفتيات في مثل هذه الأحداث، مرت تمارا بالكثير من مراكز بيع وتأجير فساتين السهرة والزفاف كي تنتقي ما يناسبها، ولكنها لم تجد ما يخطف أنظارها حتى الآن.
سئمت نرمين من دلالها وكذلك ظافر الذي كان على وشك الإنفجار، أما مروان كان ذا صدر رحب مستمتع كثيرًا بتجولهم من متجر لآخر، حتى وجدت ما يرضيها أخيرًا.

انتقت فستان قصير من الأمام بينما كان من الخلف طويل بعض الشئ، من اللون السماوي الرقيق وذا حمالتين للكتف رفيعتين، ضيق الخصر وظهره عبارة عن خيوط شبكية عريضة تُظهر الظهر.
علقت عليه ب إعجاب شديد وأصرت على اختياره، ي
بينما كان أول من اعترض كان ظافر الذي عبر عن رأيه قائلًا: - ده قصير أوي من قدام، وكمان عريان من فوق!
ف اعترضت تمارا و: - فيها إيه ياظافر، ماهي أثير كانت لابسه فستان مفتوح ودراعه عريان برضو!

وكأنه استسلم ل انفعاله عقب هذا التشبيه الذي ضايقه و: - مفيش وجه مقارنه، أنا ماليش أتدخل فيها إنما انتي اختي
كان ذلك عكس رأي نرمين التي تدخلت بدورها: - أنا شيفاه عادي وشيك جدًا ياظافر، سيبها على راحتها
أرادت تمارا أن تثبت للجميع ولنفسها بالأخص إنه ليس الرجل الذي ستتحمل الحياه معه برأسها العنيد وتمردها على الأوامر، وقد سنحت لها الفرصة لتسأله: - إيه رأيك يامروان؟!
فأجاب بغتة: - مش حلو.

فتذمرت وهي تنظر للفستان و: - بس عاجبني أوي، جميل والله
فقال بفتور: - براحتك، سألتي عن رأيي وانا قولت مش عاجبني، اللي عايزاه أعمليه.

لم يروق لها استسلامه لرأيها بالرغم من عدم إعجابه به، كانت تنتظر أن يشتد الحوار بينهما وينفعل گعادته ويُصرّ على رأيه، أن يفتعل مشكلة ف تعاند گعادتها ف تتصاعد وهكذا، ولكن حدث عكس ذلك تمامًا، تقبل رأيها بينما كان الضيق والإمتعاض على وجهه جليًا لم يتستر عليه، أراد أن تشعر هي بذلك ولكن بدون أن يبدي فعل كما تتوقع هي.

تم الأمر وحصلت تمارا على الفستان الذي أرادت، ولكنها غير سعيدة، اعتقدت إنها ستظفر بهذه الجولة ولكنها خسرت أمام نفسها.
هبطت تمارا عن سيارة شقيقها منفعلة بدون أن تقول شيئًا، وصعدت لمنزلها، بينما أردف ظافر وهو ينظر في المرآة الأمامية: - كنت هتكلم معاكي النهاردة في موضوع بس مش هنلحق، نتكلم مرة تانية يانرمين
ف أومأت برأسها و: - ماشي ياظافر، سلام
وترجلت هي الأخرى..

نظر ظافر حيال رفيقه الذي لم يعد يفهم أيًا من تصرفاته، ثم سأله مباشرة: - ليه معترضتش!، ليه خلتني وافقت على فستانها؟
ف أجاب مروان بدبلوماسية شديدة: - يوم الخطوبة هفاجئك ياظافر، هتحصل حاجه مش هتتوقعها أبدًا
- مش فاهم!
ابتسم مروان بثقة شديدة وهو يردف: - هتفهم قصدي بعدين، كده كده الخطوبة عائلية ومفيش حد غريب متقلقش، خلينا نروح المشوار بتاعنا وانا هفهمك.

ف بدأ ظافر بقيادة السيارة و...

تأففت فدوى بسئم وتسائلت: - هنفضل قاعدين كده كتير
ف نظرت تمارا لساعة هاتفها و: - لسه 10 دقايق والهدية توصل، أنا وصيت بتاع الشحن يرن عليا أول ما يوصل الهدية، مجرد ما يوصلها هنتحرك.

ثم ضحكت وهي تجلس يجوارها في الشرفة و: - أنا متحمسة جدًا، هموت واشوف وشها بعد ما تستقبل الهدية.

كان حفلًا صاخبًا قررت جميلة أن تهتم بتفاصيله جيدًا لعل الحالة النفسية ل هايدي تتغير، دعت صديقاتها وأمهاتهن ورفيقاتها القدامى، جميعهن تمت دعوتهم.
والمكان تجهز من قِبل شركة إعداد للحفلات والسهرات، البالونات تملأ المكان والأضاءة الملونة تضيف بهجة، بينما ارتدت هايدي فستان أخضر جميل للغاية هدية من والدها واهتمت بأن تكون أنيقة أكثر من العادة.

رقصت برفقة صديقاتها وتعالى الضحك والمزاح بين الجميع، حتى وصل مندوب الشحن، والذي أصرّ تسليم الهدية لها يدًا بيد، استلمتها هايدي وسط فضولها وفضول رفيقاتها، تجمعن حولها ورغبن في رؤيتها و: - أفتحي ياديدي
- أيوة يادودي افتحيها، ياترى مين بعتها
ف غمزت إحداهن و: - ويمكن من حد مهم، حد بيطير مثلًا
زقزق قلبها فرحًا عندما تخيلت إنه رقما يكون هو المرسل، ودفئت بشرتها وهي تخمن: - معقول!
- افتحيها وخلينا نشوف طيب.

بدأت في فتحها وأخرجت الصندوق الصغير، ف خمنت إحداهن: - ياترى جايب حاجه ألماس ولا حاجه أقيّم من كده!
تحمست هايدي أكثر، وفتحت الصندوق، لحطة واحدة وجميعهن شهقن بصدمة من رؤية الصابونة في الصندوق الصغير، تلامذن وتهامزن على هذه الفضيحة، والبعض الآخر انفجر ضاحكًا، بينما بقيت هايدي جامدة بمكانها غير مدركة ما تعيش الآن!

حاولت أن تستوعب فقط، لأول مرة تتعرض لأمر گهذا!، حضرت صديقتها وهي تحمل هاتفها و: - ديدي، الفون بتاعك بيرن
التفتت هايدي و التقطت هاتفها وقد اصطبغ وجهها ب حُمرة غاضبة، فوجدت مكالمة ?يديو من تمارا، نفخت ب انزعاج وحاولت أن تجبر نفسها على الإبتسام، ثم أجابت وأبعدت الهاتف عن وجهها لتراها بوضوح و: - أزيك ياتمارا؟ سمعت إنهم هيجوزوكي، مبروك.

ف ضحكت تمارا وهي تومئ برأسها و: - الله يبارك فيكي ياروحي، هستناكي في الخطوبة، المهم، كل سنة وانتي طيبة، عارفه إن صابونة واحدة مش كفاية، انتي محتاجة بتاع 10 كده، بس تتعوض، إن شاء الله هجيبلك في ال?لانتين.

وانفجرت ضاحكة، ثم أغلقت المكالمة فجأة، لم يصدر من هايدي أي رد فعل، الصدمة جعلتها محملقة هكذا، لقد تمادت تمارا معها كثيرًا هذه المرة، مما دفعها للصراخ كي تتخلص من همسات الفتيات عنها وقذفت بالهاتف مستسلمة لحالة الجنون والغضب التي اعترتها، مما أدى لإنهاء الحفل مبكرًا عن موعده بعد ما أصابها، وفسد اليوم بفضل تمارا التي قررت الثأر بطريقة مختلفة.

كان شعور الظفر يغمرها، تناولت الحلوى بشراهه وهي تقول: - عشان تاني مرة لما تزعل مرات أخويا المستقبلية تفكر 100 مرة قبل ما تعملها
وقضمت الكعك، بينما كانت فدوى ملتهية بتناول حلوى الكنافة بالقشدة ولم تعقب، أهتمت بالطعام فقط، وقالت بعد أن ابتلعت الطعام: - لازم أبدأ دايت، مينفعش أسيب نفسي للرذيلة وانا بصراحة بحبها
ثم نظرت للطعام بشهية و: - أكبر رذيلة في حياتي.

ثم تابعت تناول الحلوى بعدم اكتراث لما تكتسب من كيلوات عديدة بسبب الحلوى المفرطة.

كان ظافر يرتشف قهوته الصباحية وهو يتابع الأخبار الأخيرة للعمليات الأرهابية التي تمت بمحافظة سيناء بحزن جمّ.
تنهد بضيق ثم نظر لساعته و: - فاضل ساعتين ونص وأنزل أروح أجتماع القيادة
ترك قهوته، ف استمع لصوت جرس الباب.
راح يفتحه بنفسه، ف تفاجئ بوجود أثير أمامه، ارتفع حاجبيه بذهول بينما قالت هي مبادرة: - أنا جاية عشان تمارا طلبت مني أكون جمبها النهاردة.

أومأ برأسه متفهمًا وأشار لها لتدخل، فدخلت، ثم سأل: - عاملة إيه دلوقتي؟
فثالت بحبور ل اهتمامه: - بخير الحمد لله، شكرًا
خرج عمر من غرفته راكضًا، بينما كانت چيهان تركض من خلفه و: - ساعتين عشان تشرب شوية لبن بس! أرحمني ياعمر
توقفت بمحلها ما أن رأت أثير، ثم استقبلتها بحفاوة و: - أزيك ياأثير
وعانقتها، ثم عرضت عليها: - كويس إنك جيتي، أنا لحد دلوقتي معرفش هلبس إيه في خطوبة تمارا بالليل!

- ممكن نختار سوا، أو ننزل نشتري حاجه مناسبة لو عايزة
فقالت چيهان ب امتنان: - ياريت، أحسن انا مش فايقة خالص
استمعت لصوت كسر ما بالداخل، ف صاحت وهي تبتعد عنهم: - عملت إيه ياعمر!
اندهش ظافر للعلاقة التي تطورت فجأة بين شقيقته وبينها، ولم يمنع فضوله من السؤال: - اتعرفتوا على بعض أمتى!
- كانت جاية من يومين عشان تقابل عمي وقعدنا سوا.

ف أبدى أعجابه بقدرتها الفائقة على التواصل معهن و: - ما شاء الله! چيهان مش بسهولة تاخد على حد كده! شاطرة
حضرت زينب متعجلة لترحب بها بعدما علمت من ابنتها إنها هنا، عانقتها بتودد وحميمية و: - أزيك ياحبيبتي وحشتيني، واقفة ليه تعالي أقعدي!
ثم رمقت ابنها ب استنكار و: - سايب خطيبتك كده ولا حاجه تاكلها ولا تشربها!
لم يجد ما يجيب به، ف ناوبت أثير الرد عنه: - لأ لأ مش عايزة تسلمي ياماما.

ف ربتت عليها زينب و قالت بسعادة: - وحياة كلمة ماما اللي طالعه منك زي الشهد دي أبدًا، حالًا أحضر حاجه وناكل سوا
وتركتهم سويًا، في لحظات كان ظافر يقوم بالمقارنات السريعة، لم يكن ل هايدي مكان بين أفراد عائلته أبدًا، لم يحدث بينها وبين أي منهم توافق فكري ونفسي، حتى أن زينب تحديدًا لم تتقبلها يومًا، وحتى تمارا التي ما زالت تكرهها، بينما تستولى أثير على عقول جميعهن بعفويتها وبرائتها الغير مصطنعة.

تنغض جبينها بتعجب وأشاحت بنظراتها الخجولة عنه وهي تتسائل: - بتبصلي كده ليه؟
- مفيش
ثم نظر لساعته و: - أنا عندي مشوار مهم لازم انزل
ف نهضت من مكانها ولحقت به بعجل: - ظافر
ف التفت: - نعم؟
أخفضت بصرها وهي تسأل: - هتلبس إيه النهاردة؟
- بدلة زرقا، ليه؟
ف ابتسمت و: - سؤال
- ماشي
ف مدت يدها له و: - سلام
ف صافحها بعفوية: - سلام.

ولكنه شعر وكأن كفها يحتضن كفه، أصابعها تطبق على أصابعه، لا ترغب في تركه، ولا تودّ أن يبتعد خطوة، ليته يظل هنا قليلًا، ليتها تتمكن من رؤيته لوقت أطول.
سحبت كفها بعد لحظات وأطرقت رأسها، ف التفت هو ومضى، هرب گالعادة، فرّ من هذه القشعريرة التي انتابته من شعور يقظ لم ينتابه منذ فترة طويلة..
خرج وأغلق الباب، وقف لحظات يستجمع نفسه، أطلق زفيرًا وهمس: - إيه اللي بيحصل ده!، أرجع لعقلك، مينفعش ياظافر.

ثم هبط على الدرج متعمدًا نسيان اللحظات التي مضت.
بينما كانت هي تحتضن هذا الكفّ الذي لمسه منذ لحظات، حتى إنها اشتمت رائحته التي علقت ب بطن كفها، ضحكت بسعادة جلية، وعادت تضم أصابعها كي لا يغيب عنها ملمس يده.
لتقطع عليها تمارا هذه اللحظة، حيث اقتربت منها وهي تصيح بتذمر: - أثير
ف التفتت أثير لها وقد خرجت من أوّج شعورها، فقالت الأخيرة: - أنا عملت حاجه..!

ميسسز مصيبة ??????.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة