قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل السابع والثلاثون

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل السابع والثلاثون

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل السابع والثلاثون

كانت چيهان تراقبه عن كثب، منذ أن قامت ب الأشتراك له في المركز التدريبي لممارسة ألعاب رياضية قتالية وهو في مزاج أفضل، شعرت به وبمعنوياته المنخفضة، لذلك سعت أن تُخرجه من تلك الحالة النفسية التي أنهكته مؤخرًا.
كان عمر يتدرب مجتهدًا ليعدو إلى مراحل متقدمة في زمن قياسي، وهذا جعلها تشعر بحبورًا من أجله.

رأت المدرب الخاص به يتحدث معه جانبًا بعد أن انتهى من تدريب اليوم، ف نهضت وراحت تنضم إليهم لتستمع إلى آخر عبارة منه: - مينفعش ياعمر
فتسائلت بفضول: - في حاجه ياأستاذ بكر؟ عمر غلط في حاجه
ف راح يسرد ببساطة: - عمر بيضغط على نفسه وبيضرب بعنف رغم تحذيراتي ليه من المرة اللي فاتت، مينفعش أبدًا يستخدم إيده قبل عقله، دي مش الروح الرياضية.

أومأت رأسها بتفهم وهي تنظر لصغيرها و: - كلامك صح، أكيد عمر فهم وهيتخطى الغلطة دي المرة الجاية، مش كده ياعمر!؟
نظر عمر لوالدته بنظرات عدوانية بعض الشئ، ثم انصرف من بينهم راكضًا للخارج، بينما تسائل المدرب: - عمر عنده مشاكل معينة؟ يعني حاجه بتضغط عليه!
ف حمحت قبل أن تقول محتفظة بخصوصيتها: - شوية مشاكل عادية زي أي مشاكل، عمومًا أنا هشوف الموضوع ده وان شاء الله المرة الجاية يكون في تغيير
- أتمنى.

مضت چيهان مبتعدة عنه وبحثت عن ولدها بالخارج، كان يجلس بمفردهُ وحيدًا ينظر للماريّن وكأنه لا يراهم، فقط ظلالهم هي التي تتحرك أمامه وعقله منشغلًا بشئ آخر.
انحنت چيهان أمامه وهي تجلس القرفصاء و: - عمر! مالك ياحبيبي في حد زعلك؟
ف أفصح على الفور: - أنا مش صغير ياماما، مش عايز تعامليني على إني مش فاهم اللي حواليا
ابتسمت ابتسامة تخفي بها توترها و: - ليه قولت كده!

- عشان عارف كل اللي مخبياه عني، عارف إن بابا سابنا لوحدنا وعايش مع واحدة تانية، وعارف إني مش هشوفه تاني.

ف قاطعته على الفور لتصحيح هذه المعلومة المغلوطة و: - أنا عمري ما همنعك عن باباك ياعمر، لو عايز تشوفه في أي وقت آ...
ف صاح وهو ينهض عن مكانه: - لأ، مش عايز
ف نهضت هي الأخرى و: - خلاص متضايقش، حقك عليا
دنى منها يحتضنها وهو يتفوه بحديث يظن من يسمعه إنه أكبر من مستوى فمهه وإدراكه: - أنا عمري ما هزعلك زي بابا، هفضل جمبك، أنا كمان هبقى راجل وهحميكي ومش هتحتاجي لحد أبدًا.

ضحكت چيهان مغالبة شعور الألم التي اعتصر قلبها وانحنت تضمه أكثر وهي تؤيد ما قاله: - طبعًا هتكون أحلى راجل في الدنيا، أنا مش عايزة غيرك انت ويَزن، أنتوا بالدنيا كلها عندي.

مسحت على وجهه و: - يلا نمشي؟
- يلا
لم يكن سلوكًا عدوانيًا بقدر ما كان تفريغ للسموم التي تنهش في عقله وتفكيره وروحه، كان شعور البغض والحنق يبلغ مبلغه لديه ناحية والده الذي ترسخ في عقله إنه قام باختياره، والذي لم يكن أطفاله ضمنه، لذلك أعلن بداخله العدوان عليه، حتى يتوب توبة نصوحة عن جرمهِ الشنيع حيالهم.

كان مروان يحاول أن يلتقط هاتفه شبكة من المنطقة النائية التي يقف فيها، ولكنه لم يستطع، نفخ بضيق وهو يدخل للوحدة العسكرية التي آوته منذ أمس هو وزملائه، ف نهض الضابط عن جلسته وسأل: - برضو مفيش شبكة؟
- خالص.

دس هاتفه في جيب بنطاله الرسمي وهو يقول بتذمر: - مش فاهم أزاي غلطة زي دي تحصل، يعني لو الطيارة عطلت في الجو كان زماننا في خبر كان، أكيد هيكون في إجراء قانوني ضد فني الطيارات اللي كشف على الطيارة دي قبل الطلعة
- أهدا بس ياكابتن وأقعد، الدعم اللي طلبناه من القيادة زمانه في الطريق لينا وكل حاجه هتتحل متقلقش.

جلس مروان بينما كان الضابط يُحييه على ضربتهم الجوية القوية التي ضُربت فجر اليوم وأصاب الهدف تمامًا: - بس الضربة كانت في منتصف الجبهة، عاش ياوحوش الجو
ابتسم مروان بتباهي و: - الحمد لله إنها تمت على خير.

وكأنه لمح طيفها حوله، زاغت عيناه هنا وهناك، وسرعان ما عاد إدراجه قبل أن يندمج معها، فقد فاق شوقه الحد، غيابها گالشوكة التي تقف في حلقه لا تتحرك، وكلما تحركت أصابته بالألم أكثر، إنه لا يعاقبها هي فقط، بل يعاقب نفسه التي تلتاع في غيابها أكثر، ولكن ليس بيده أيّ حيلة، لن يستطيع التراجع عن هنا وهو يراها لا تبذل أدنى جهد اتجاهه، وقد يكون ما يفعله كله هباءًا منثورًا لا فائدة منه ولا نتيجة، لذلك قرر أن يتراجع وألا يؤلم قلبه أكثر من ذلك، لا يدري كيف استسلم بهذه السهولة، ولكنه تخلّى في النهاية.

لم يختلف حال تمارا كثيرًا، لا تعلم ماهية الحالة التي وصلت إليها منذ حدث ما حدث، أصبحت ساكنة لا وجود للشغب، وتخلّت عن دلالها وهي تختلي بنفسها في غرفتها أغلب الوقت، وكل تفكيرها به فقط.
وهذا ما يزعجها أكثر، إنها لا تستطيع التخلي عن التفكير به وعن اللحظة التي ترك فيها خاتمه بيدها، لم تكن مصدقة إنه سيفعل، ولكنه فعل ما لم تكن تتوقعه.

نفخت تمارا ب انزعاج وهي تأكل قالب الحلوى وتنهم منه، فما أن تضايقت تضع طاقتها كلها في الطعام، تأكل وكأن شهيتها مفتوحة، ولكنها على العكس تمامًا، لا تحس بمذاق ما تتناوله حقًا، نفخت وهي تترك الصحن فارغًا وأمسكت بهاتفها من جديد، لم يفتحه ولم يقرأ رسائلها، مما زاد من قلقها عليه وأصبحت تشتهي البكاء الشديد، حتى الآن تمسكت بأعجوبة، ولكنها لم تطيق انتظارًا أكثر من ذلك، ف انفجرت عيناها تسيل ب سيل جارف من الدموع صحبتها شهقات متتالية وآهات محترقة، مسحت أنفسها بالمنديل الورقي وعادت تبكي من جديد، ثم أمسكت عبوة المياة الغازية وبدأت ترتشف منها، وبكاءها ما زال حارًا حارقًا على وجنتيها.

كان ينظر لهذه المساحة الصفراء الشاسعة وقد بدأت الشمس تُغيم وقرصها البرتقالي عالقًا في غرب السماء، كان المنظر يستحق التوثيق، أخرج مروان هاتفه وبدأ يلتقط صور دقيقة تستهدف الشمس بين أذرع الصحراء وبين دفتيّ جبل عتيق رأسه مدببة إلى حد ما.

قام بتكبير الصورة وتدقيقها ليرصد قرص الشمس وحده، وانحنى بهاتفه يلتقط مقطع ?يديو مصور، ف لمح بؤرة گالنقطة السوداء من بعيد، وكأن النقطة أصبحت نقاط عدة مقتربة من بعضها البعض وتدنو منهم ليكبر حجمها، لا يدري لماذا هذا القلق الذي اعتراه، دخل متعجلًا وسأل أحد العساكر: - في هنا آ...

وقبل أن يتمم كلامه وجد ما يبحث عنه على أحد الأرفف الجانبية، مكبر يوضح عن بُعد مسافات طويلة، تناوله وعاد للمكان الذي رصد منه ما رآه، ونظر خلاله مدققًا تركيزه وحواسه، حتى اكتشف الخدعة، إنها سيارات دفع مكشوفة السطح ويبدو أن بداخلها عدد غفير من الناس..
أبعد مروان المكبر عن عينيه ودلف مسرعًا وهو يصيح: - سيادة الرائد!

أوفض إليه الضابط المسؤول عن الوحدة العسكرية متعجلًا بعدما أستمع تلك النبرة المقلقة، وقبل أن يسأل قاده مروان بسرعة للخارج وناوله المكبر: - بص كده!، شايف إيه؟

لحظات، لحظات فقط وكان الرائد قد استشف هويتهم على الفور، دلف مسرعًا ودعا الجميع للتأهب كي يشتبكوا ببقايا العناصر الإرهابية على الفور حين تأكدهم من نية الهجوم، حتى مروان استعد لذلك وحمل سلاحًا بجانب سلاحه الشخصي لتأمين نفسه وتأمين الجنود التابعين له، لم يلحق أي منهم خطو خطوة واحدة، حيث كان الطرف المُعادي أسبق منهم وأطلق قذيفة، ثم الثانية، ليتدمر أكثر من نصف المكان ويسقط الكثير من المجندين سواء ب إصابة أو قتيلًا شهيدًا، بالرغم من لحظات الرعب التي سيطرت على الجنود والضباط ورائحة الموت التي حلقت فوق رؤوسهم، إلا أن الجميع تصرف بتضحية وبسالة معروفة عن الجنود المصريين، ولم يترك أي منهم رفاقه يواجهون وحدهم، حتى مروان الذي شعر بالمسؤلية حيال فريقه وضرورة عودتهم لأرض القاهرة سالمين، كافح وهو يتحرك هنا وهناك ويضرب هنا وهناك ممثلًا جدار احتماء لرفاقه الذين بذلوا قصارى جهدهم للقضاء على هؤلاء الأذلاء، صوت طلقات النار والأعيرة كان مدويًا بشكل يقنعك بإنها الحرب، وليست هجوم مسلم على مسلم.

دفع مروان ضابط الوحدة كي يتفادى طلقة كادت تصيبه، وبدلًا من أن يصاب كان الطرف الآخر قد تلقى رصاصة من سلاح مروان في رأسه، فصاح ضابط الوحدة وهو يحدث الجندي: - أطلب دعم من القيادة بسرعة ياعسكري
نهض المجند عن انحنائته وركض، وقبل أن يصل للمكان المنشود كان يسقط صريعًا متأثرًا برصاصة اخترقت ضلوعه ساكنة في بُطين القلب مباشرة، ف صاح المجند زميله وهو يصيح بصرخات هادرة: - هادي!

وركض نحو صديق عمره متجاهلًا الرصاصات الممطرة على رأسه..

كان صوت انكسار زجاج الغرفة الداخلية مميزًا رغم صوت الرصاص، مما جذب مروان لدفع الباب بقدمه ليرى أحدهم مرتديًا عمامة بدوية على رأسه ملثمًا فمه بها قد كسر الزجاج وصوب سلاحه نحو مروان، ولكنه كان متأهبًا كي يضرب ضربته ويصيب عنقه أولًا، ثم رأسه لإنهاء الأمر، كان هجوم شرس مدبر له بعناية، ولكن لطف الله جعل نهاية الأمر في صالحهم بعد كل تلك الخسارة البشرية والأرواح التي أُهدرت والدماء التي سُفكت، نظر مروان حوله بحزن جمّ وقد سقط أحد رفاقه مصابًا إصابة بليغة، وقد لفظ أنفاسه الأخيرة منذ لحظات بعدما ألقى الشهادتين، جلس مروان على ركبتيه ينظر له وهو يمسح على وجهه ويغلق عيناه، بينما كان الضابط قد تجهز لينبئهم بالقرار: - لازم نتحرك فورًا من هنا.

ف نظر مروان حوله وقد أصبح المكان بركة من الدماء والجثامين و: - وكل دول! هنسيبهم هنا!
- لازم نسيبهم دلوقتي، بس في قوة جاية تمشط المكان وتاخد جثث أخواتنا، لازم نتحرك حالًا يامروان.

تحرك مروان قائدًا فريقه واستقل سيارة تابعة للجيش وهم معه ومن خلفه من بقى من تلك الحرب الدموية الشنيعة، طار قائدًا السيارة وعقله المشلول لا يستطيع التفكير بشئ سوى ترديد الشهادتين، ولكن حدث ما كان متوقع، طاردتهم سيارات أخرى وكأنهم أقسموا على تصفية الجميع ولن يبقى منهم أحدًا، فصرخ مروان فيهم وهو يدعو أحدهم: - تعالى مكاني بسرعة، بسرعة.

وبدأ يترك مقعد القيادة ليتمكن من قنص أكبر عدد منهم، صوت أنفاسه اللاهثة صاحبت صوت إطلاقه النار، أصاب منهم اثنين ومازال وفريقه يتبادلون الإطلاق حتى أصيب أحدهم، وفجأة كانت السيارة تتدحرج على الرمال وتنجرف نحوها بعدما أصيبت الأطارات بالرصاص، لحظات وكانت تنقلب على جانبها لتتوقف عن الحركة، خرج معاذ من داخلها بصعوبة ومدّ يده يساعد مروان الذي انحشر بالداخل، كان يتنفس بصعوبة وقد أصيبت ساقه أصابة بالغة، سانده معاذ و: - بسرعة ياكابتن، بسرعة.

أستند مروان عليه و: - ألحق رجالتنا، طلعهم يامعاذ
وقبل أن يتحرك معاذ كانت الرصاصة تسكن صدره والأخرى تصيب فخذه والثالثة أصابت ذراع مروان الذي حاول دفعه بعيدًا، صرخ معاذ وهو يسقط بين ذراعي مروان، ف صاح مروان بصراخ مؤلم: - معاذ!
تمسك معاذ بصدره وهو يردف بصوت مبحوح متقطع: - ولادي ياكابتن، ولاد، ي!
كان مروان قد أسقط سلاحه وأصبح أعزل اليد، أدمعت عيناه وهو يبكي بحرقة يضم صديقه: - أصمد يامعاذ، أصمد.

حاول مروان الوقوف على قدميه وسانده ليقف: - قوم معايا، أقف يامعاذ
كان الشريان الذي يضخ الدماء لقلبه قد انقطع منذ مدة، ولم يتحمل أكثر، ف سقط من بين ذراعيه ميتًا، لم يلبث أن يسقط حتى اصطدمت القذيفة بالسيارة وانفجرت على الفور متطايرة أشلائها في الهواء وقد طار مروان عن الأرضية بفعل الإنفجار الذي لم يترك شيئًا في مكانه.

عاد ظافر أخيرًا وقد غاب بالخارج أكثر من ثلاث ساعات كاملة.

دخل ظافر على أطراف أصابعه ليستمع إلى صوت التلفاز المرتفع، ضاقت عيناه وهو يختلس النظر إليها، فكانت جالسة على الأريكة تشاهد أفلام كرتون، ضحك بصوت خافت وهو يدخل بهدوء، ثم جلس بجوارها منتظرًا أن تقوم برد هجومي أو تنهض عن مكانها وتغادر كما فعل أمس، ولكنها كانت ثابتة تمامًا مستندة برأسها على الأريكة، حمحم وهو يردف بصوت خفيض: - أثير، كنت عايز أسألك عن حاجه.

لم تجبه ولم تعيره اهتمامًا، ف زفر ب انزعاج و: - أثير أنا بكلمك!

لم تتحرك قيد أنملة، دنى منها قليلًا حتى تمكن من سماع صوت أنفاسها المنتظمة، تشكك في إنها غفت ولم تشعر به، ف أمسك بكتفها ليميّله إليه قليلًا، ف إذ برأسها تسقط على فخذيهِ وتستقر هناك نائمة بعمق وراحة، حدق فيها قليلًا وقد اتخذت ساقيه مسكنها رسميًا، قرّب يده من بشرتها وكاد يتلمسها، ولكنه تراجع على الفور وتأمل سكونها هكذا، وضع كفه على كتفها مستقرًا، ف مالت نحو وهي تحتضن يده فجأة، ارتفع حاجبيه، وضمّ أصابعه على يدها، حاول أن يجعل أجهزة استشعاره تحس بها، ف أحسّ، حرارة جسدها دفئتهُ، بل دغدغت رغبته في التعرف عليها أكثر.

أحست أثير بهذا الملمس الغريب الذي تتحسسه، إنها تمسك بشئ صلب، خشن إلى حدٍ ما، وسرعان ما تحفزت حواسها وكأنها أستيقظت على الفور ولكنها تكابر رغبتها في فتح عيناها، اضطربت أنفاسها وهي تشعر بقربه الخطير منها، ولم تقوَ على منع نفسها أكثر، حيث فتحت عيناها فجأة لتصطدم برؤيته بالفعل، كادت تنهض ولكنه أمسك بكتفها يثبتها وهو يردف بصوت عذب: - متتحركيش فجأة ممكن تدوخي.

ثم مسح على شعرها مرة واحدة وهو يسأل: - إيه رأيك نعمل هُدنة؟
فسألت ومازالت رأسها على ساقيه: - يعني إيه؟
- عارف إني كنت غلس معاكي يومها، وقولت كلام تقيل مكنش ينفع يتقال في يوم زي ده، بس انا حبيت أكون صريح معاكي من أول يوم، أثير أنا عايز فرصة معاكي، بجد، محتاج تدينا فرصة، واعتبريه آخر تنازل منك.

كانت تفكر فيما يقوله بتركيز، حتى إنها تقريبًا كانت قد اتخذت قرارها قبل أن يكمل حديثه، ولكنها كانت مستمتعة وهي تستمع لصوته ونبراته، تتطلع إليها يحاول استنتاج نتيجة حديثه على وجهها، ولكنه لم يستطع، وقبل أن يسأل كانت تردف: - موافقة
ضغط على يدها التي يمسك بها، ف ابتسمت بسعادة شديدة وكادت تتحدث لولا إنه استمع لصوت هاتفه، ف أخرجه و: - ثانية واحدة.

كان رقم هاتفي غريب، فأجاب على الفور وهو ينظر لها: - ألو
داعب أظافرها الناعمة وملمس يدها الحريري، ولكنه توقف فجأة عن الحركة وعيناه باتت مظلمة، شحب وجهه وكأن لسانه انعقد عن الحديث، ف اعتدلت أثير عن نومتها وتسائلت بقلق: - في إيه ياظافر!؟
ولكنه كان گالصنم، لا حراك فيه ولا صوت، حتى أنفاسه انقطعت عنه لثوانٍ وهو يتلقى هذا الخبر اللعين.

خرجت تمارا من غرفتها راكدة، وكأن لا طاقة لها لفعل أي شئ، دلفت للمطبخ وأخرجت زجاجة مياة باردة من المبرد، كادت تسكب منها في الكأس لولا إنها استمعت لصوت والدها وهو يتحدث في هاتفه، يبدو أن أحدٍ ما أصابه مكروه، تنهدت ولم تهتم، سكبت المياه، بدأت ترتشف إلى أن استمعت ل أسمه، أسمه دوى في آذانها گصوت قذيفة أُطلقت للتو بالقرب من أذنها، سعلت وطردت من صدرها كل الماء الذي شربته، وسقط الكأس متهشمًا لقطع صغيرة، ركضت للخارج ولم تنتبه إنها جرحت قدميها بزجاج الكأس، أسرعت نحو غرفة المعيشة وهي تهمس بأسمه: - مروان!

وقفت على باب الغرفة وهي تستمع لصوت والدها الجهوري وهو يتابع بصياح: - وهو جراله إيه ياظافر انطق! إيه! م...

انقطعت أنفاس رستم ولم يستطع حتى تكملة كلمته وهو ينظر لابنته التي وقفت گلوح من الثلج، لم تعد تتحمل المثابرة، ف خاتمه الذي لم يفارقها قد سقط من بين أصابعها وهوت هي مستسلمة لهذا الخدر الذي أصاب ساقيها محاولة التمسك بالباب وهي تنظر للفراغ غير مصدقة مجرد فكرة إصابته بمكروه، وكل ما تتفوه به فقط هو أسمه: - مروان، م! مرو، ان!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة