قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل الخامس والعشرون

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل الخامس والعشرون

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل الخامس والعشرون

ارتبكت أثير وتجلّى عليها التوتر متفاجئة من رؤيته هنا، وعادت للخلف خطوة وهي تفرك كفيها بتوتر ملحوظ، بينما حاول هو تبرير تواجده هنا و: - تيا دخلتني عشان آ...
ونظر بجواره حيث الصغيرة ولكنه لم يراها، بحث حوله ولكنها غير موجودة: - هي فين؟
ف نظرت أثير حولها وهي تهمس: - ماشي ياتوتي!
ثم تسائلت: - هي ماما تعرف إنك هنا؟
فأجاب بتلقائية: - لأ.

شهقت مصدومة وجذبته كي يخرج بسرعة، ف سقطت عنها منشفة الرأس ليظهر شعرها المبتل و: - أخرج بسرعة، أخرج قبل ما تشوفك
ف خرج، بينما بحثت أثير عن شقيقتها و: - بقى كده ياتيا! لسانك المسحوب منك ده مش هتلميه!
لمحت ذراعها من أسفل الفراش، فضاقت عيناها بمكر وانحنت لتسحبها و: - أطلعي من هنا، عملتي إيه يارويتر تنقل ما ترى.

تماثلت تيا للبراءة وقالت بطفولية: - أنا معملتش حاجه، هو طلب مني يشوف الصورة وانا وريته مكانها بس
تركتها و: - طب أمشي برا يلا وبعدين نشوف الموضوع ده.

ركضت الصغيرة وهي تتنفس الصعداء، بينما نظرت أثير في المرآه كي تمشط شعرها بسرعة قبل أن تخرج للقائه، أحست بالخجل الشديد، تُرى هل فهم هذا السر الذي ما زالت تستمر في إخفاءه؟!، مؤكد إنه شك على الأقل، فالأمر مفضوح بشدة، تنهدت أثير وهي تغرز فرشاة الشعر برأسها غير شاعرة بشئ من كثرة الأمور التي تفكر فيها ب آن واحد.

كانت تلتهم الشيكولاتة بتلذذ شديد وكأنها تتذوقها لأول مرة، تلك الحلوى الفرنسية المفضلة لديها، شيكولاتة دائرية بالبندق ذات مذاق فريد للغاية، تمطقت وهي تستشعر مذاقها أثناء تجميع أدواتها قبل أن تذهب للجامعة، ف استمعت لصوت الباب ينغلق، وضعت واحدة في فمها وأوفضت للخارج، ظنت أن ظافر عاد أخيرًا، ولكنها تفاجئت بوالدها برفقته مروان يقفان أمامها، حاولت أن تبتلع الشيكولاتة بسرعة بينما كان والدها يرمقها ب استنكار و: - مش هتعقلي ياتمارا بقى! خطيبك جاي يعرفك إنكوا هتنزلوا تجيبوا الشبكة النهاردة وانتي لسه بتاكلي الشيكولاته وتبهدلي بوقك بالشكل ده!

تنحنحت تمارا عقب أن ابتلعت وقالت بتعحب: - شبكة إيه يابابا اللي اروح اجيبها؟!
- شبكتك، أمك هتكون معاكي هي وظافر ولو خلصت شغلي هاحي أنا كمان
ثم دنى منها وربت على ذراعها وهو يردف: - أختاري اللي يعجبك مروان مش هيعترض، وربنا يتمم على خير يارب
ثم دلف وهو ينادي: - زينب!
رمقته تمارا بنظرات عابثة وهي تقترب منه وأردفت بخفوت: - شبكة إيه اللي هنجيبها! انت صدقت نفسك ولا إيه يامروان!

فقال متصنعًا البراءة: - لازم كل حاجه تكون طبيعية ياتيمو، وبعدين أبقي رجعيها وقت ما تحبي لما نفسخ الخطوبة.

ف صدقت بسذاجة و: - ماشي
مدّ أصبعه نحو شفتها ومسح الشيكولاتة العالقة بها منتشيًا بذلك، ف ضربت يده وهي تدفعها عنها و: - إيدك لتوحشك ياشاطر، تاني مرة متحطش صوابعك اللي عايزة قطعها دي عليا، ماشي؟

وتركته بعدما رمقته بنظرة منزعجة، ضحك وهو يكتم صوته وأطرق رأسه، إنه على حافة الجنون بها، ليكون ستر الله عليه عظيمًا ولا يُجن بالفعل قبل أن تكون مِلك إيمانه، وإلا سيكون الأمر غاية في الصعوبة ويستحيل السيطرة عليه.
دخلت تمارا غرفتها ونظرت للمرآه، ف إذ بها تنصدم برؤية طفلة في المرآه، سحبت منديل ورقي وهي تغمغم: - انا اندمجت أوي تقريبًا، إيه المنظر ده! ده ولا عيلة عندها 3 سنين.

ومسحت فمها بالمنديل متابعة: - قال بيحط صباعه على شفايفي! ياكش تتشك في صوابعك كلهم.

خرجت أثير من غرفتها فوجدته جالسًا يحتسي الشاي مع والدتها ويبدو إنها أعجبت به كثيرًا، كانت تتحدث معه ب استفاضه وودّ شديدين إلى أن حضرت هي: - آ، ماما، ظافر مش بيحب الشاي، بيشرب قهوة
ف رفع عنها ظافر الحرج و: - لأ عادي مفيش مشكلة
نهضت سمية على الفور و: - أعملك قهوة حالًا، 5 دقايق بس
ف بادرت أثير: - سكر زيادة ياماما
- عنيا
فتدخل ظافر: - تسلم عينك.

بينما نظرت أثير ب احتدام ل شقيقتها الصغرى، ف تفهمت على الفور و: - هروح ألعب مع بيكاتشو
وانصرفت هي الأخرى، ف جلست أثير قبالته و: - كنت جاي ليه؟
فقال بدون أن ينظر إليها وقد شعر بالندم: - ملحقتش اطمن عليكي امبارح، ف جيت اشوفك أحسن ولا لأ
- الحمد لله، شكرًا
- الحالة دي بتحصلك كتير؟
فأجابت بصراحة مطلقة: - مش دايمًا.

فقال بنبرة حزينة: - أنا بعتذر لك عن سوء تصرفي، مكنتش اعرف إن السجاير ممكن تكون مؤذية بالشكل ده
فلم تتردد في ضرب عبارتها بوجهه: - أكيد مش هتئذيني أكتر منك
- يمكن
تفاجئت بجوابه رغم يقينها أن الندم مزق داخله، في حين سأل هو فجأة: - عرفتي منين إني بحب القهوة
فقالت وهي تواري نظراتها منه: - أنا أعرف عنك حاجات كتير أوي
ترك ظافر كوب الشاي خاصته و: - أشكري طنط على الشاي، أنا مضطر أمشي.

ف خرجت سمية وهي تحمل فنجان القهوة الساخنة و: - تمشي إيه يابني ده انا عملت القهوة والغدا على النار
ف اعتذر منها بلباقة وهو يبتسم في وجهها: - سامحيني مش هقدر، أتأخرت جدًا ولازم امشي
وصافحها: - تسلم إيدك ياست الكُل، عن أذنك.

ظلت أثير مستقرة في مكانها، لم تقوَ على توديعه قبل الإنصراف بالرغم من إنها ودّت ذلك وبشدة، كأنه يتهرب من جديد، بل إنه لم يكفّ عن الهرب يومًا منها، آهٍ لو يعلم كمّ تحبه! لما زاد من شقائها هكذا.

هو يشعر بوجود هذه النبتة بداخلها، حتى أن هذا ظهر له اليوم في حادثتين مختلفتين، الصورة، وحفظها لتفاصيله، حتى قهوته كيف يشربها، كل ذلك حتمًا ليس مصادفة، ولكن حتى إن كان ذلك، ماذا سيفعل؟، حتى إنه لا يفكر في تغيير المسار الذي سيسلكه للتخلص من هذه الخِطبة، ما علمه اليوم لن يكون سوى همّ جديد يفكر به ويراوده.

إنها أجواء مبهجة ذات طابع ومشاعر مميزة، اللحظة التي تقف فيها الفتاه بمحل الصائغ ل انتقاء خاتم الخِطبة، أيًا كان السن والظروف تكون أحد أسعد اللحظات.
ربنا يكون وضع تمارا مختلف كثيرًا، ولكنها شعرت ب حبور غير مسبوق، كانت تنتقي دبلة وكأنها لحظات حقيقية تعيشها، اهتمت حتى ب أدق تفاصيلها، تمعنت النظر فيها ثم سألت مروان بتلقائية: - أنهي أجمل، السادة ولا اللي فيها فصوص؟

وكأن صدره انشرح هو الآخر وهي تهتم برأيه، هو أيضًا ترك أي شعور غير السعادة التي تقتحمه، قارن الخاتمين ببعضهما وأدلى برأيه: - أنا رأيي السادة، رقيق جدًا وهيبقى جميل على أيدك
ثم أمسك ب أصبعها ووضع الخاتم، وبادر ب: - بصي شيك أوي في صباعك ازاي
على الفور اقتنعت وابتسمت وهي تنظر ليدها و: - خلاص هاخده
ف أشار ظافر نحو أحد الأطقم الذهبية و: - كده هناخد ده والدبلتين بس
ف تدخل مروان: - ليه! لسه مختارتش المحبس!

ثم نظر إليها و: - ولا مش عايزة؟
- مش لازم مش بحب الحاجه تكون أو?ر
ثم نظرت للطقم الذي اختارته و: - ولا آخد أول واحد شوفناه ياماما؟
تأففت زينب ب انزعاج و: - بقالك ساعة محتارة وسألتيني 100 مرة ياتمارا! اللي اخترتيه ده أحلى واحد فيهم
ف عرض عليهم الصائغ: - تحبوا أحفر التاريخ على الدبل ولا مش لازم؟
ف تحمست تمارا بشدة و: - أه أه، أكتب تاريخ يوم الجمعة
ثم نظرت له وتسائلت: - مش الخطوبة يوم الجمعة؟!

ابتسم بسعادة شديدة وهو يرمقها ب بحب هكذا، وكأنها الرزق الوحيد الذي رُزقه، ثم أومأ و: - أه الجمعة.

أحست تمارا ب طاقة الحُب تلك التي تغمر عيناه وتفيض، ف أشاحت بصرها على الفور وقد أدركت إنها تعاملت مع الأمر وكأنه حقيقة مُسلمّ بها، تعجبت من حالة الفرحة تلك والكثير للدهشة حالته هو أيضًا، هنا تذكرت ما حدث أثناء الرحلة عندما مرضت، عندما ظل بجوارها وسهر معها حتى تعافت في الصباح وقد نقلت إليها أثير كل ما حدث، شردت في ذلك قليلًا وهي تجبر نفسها على نفي احتمال گهذا، وعادت تنشغل بما ينشغلون به، محافظة على سلوكها ورد فعلها كي لا تثير النظر إليها أكثر وأكثر.

أخيرًا سمح لها والدها بأن تخرج لنصف ساعة فقط لشراء هدية لصديقتها بعد أن ألحت في طلبها..
خرجت تمارا برفقة صديقتها كي تختار هدية عيد ميلاد، وأثناء ذلك شرحت لها تفصيلًا ما حدث معها خلال الأيام السابقة، حتى إنها فسرت لها ما شعرت به عندما كانت تشتري خاتم الخطبة: - يمكن عشان دي أول مرة أتعرض لموقف زي ده كنت فرحانه زيادة عن اللزوم
- ويمكن هتكوني فرحانه على طول، . سيبي فرصة و...

فقاطعتها ب احتدام: - أسيب إيه! مستحيل، مروان مينفعش نهائي، بكرة هنروح نجيب فستان الخطوبة وانا أصريت يكون معايا عشان يشوف بنفسه إني مش بمشي غير بدماغي، ولما ارجع أنا واثقة إني هحكيلك عن المشكلة اللي هنعملها سوا.

دخلن سويًا لمتجر شراء الهدايا، ثم قالت لتلك الفتاة الواقفة لخدمة المشترين: - عايزة أشيك شنطة هدايا وبوكس صغير
أنتقت لها الفتاة حقيبة غاية في الرقة، بجانب صندوق هدايا صغير الحجم، ف دفعت تمارا ثمنهم وهي تقول بتحمس: - حلوين جدًا
تنغض جبين فدوى و: - مقولتليش ده عيد ميلاد مين؟
- بعدين
خرجت تمارا من المتجر وهي خلفها: - عايزين نشوف صيدلية أجيب منها حاجه
ف أشارت لها فدوى: - في هناك أهو.

عبرت الطريق برفقتها ودخلت للصيدلية، ثم سألت الطبيبة الواقفة: - عايزة أرخص صابونة عندك
تعجبت الطبيبة لطلب فتاة گالتي تراها بهيئتها تلك لمثل هذا، . فسألت بذهول: - نعم!
فأعادت عليها: - أرخص صابونة عندك
ابتعدت الطبيبة قليلًا، فسألت فدوى بعدم فهم: - صابون لأيه؟
عادت الطبيبة وناولتها إياها: - أتفضلي، ب 3 جنيه ونص
- شكرًا.

قامت بدفع الحساب ثم خرجت، وإذ بها تضع صابونة غسيل اليدين بداخل الصندوق الصغير ثم وضعته في حقيبة الهدايا ونظرت للحقيبة وهي تقول ب إعجاب: - إيه الجمال ده! في هدية تبقى حلوة أوي كده؟
رمقتها فدوى غير مصدقة و: - انتي بتعملي إيه؟، هي الهدية دي لمين!
فضحكت تمارا: - هو في غير حبيبة قلبي!، ياكش بس الصابونة تكفيها وتغسل قلبها الأسود..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة