قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثاني والعشرون

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثاني والعشرون

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثاني والعشرون

حاولت ألا يتسرب صوت ضحكتها للملأ من حولها عقب أن سردت عليها أثير تفاصيل ما حدث في منزلها اليوم، ولكن بالرغم من محاولاتها إلا إنها فشلت في ذلك وتركت نفسها للضحك.
تركت أثير مشروبها الصباحي وتابعت: - لو شفتي شكله إزاي قلب بعد ما عرف إني مش بخاف من الكلاب!، كان هيتجنن، وطبعًا أنا مبينتش إني فقست الحركة بتاعته وغرضه منها.

(عودة بالوقت للسابق)
جلست تمسح على فراءه وتداعبه بسعادة وهي تقول: - شكرًا على الهدية الجميلة دي، أنا كان عندي كلب زمان بس مات للأسف
ثم نظرت للكلب و: - هنسميك إيه بقى؟!، إيه رأيك ياظافر؟
كان مازال متأثرًا بالصدمة، ولكنه حاول أن يتجاوز الأمر وبدا جافًا أكثر بعد اختفاء حماسته: - معرفش
- بيكاتشو، هسميه بيكاتشو على أسم الكلب بتاعي
ف تنمر على اختيارها وقال بسخرية: - دي عطسة دي ولا إيه!

فلم تتأثر كثيرًا بسخريته و: - هبقى أفكر أنا وتيّا في أسم لما ترجع من الحضانة
نهضت عن جلستها واقتربت منه لتشكره بشكل رقيق، حيث نظرت لعيناه وقالت بنعومة: - ميرسي على الهدية، دي أحلى حاجه جتلي في حياتي بجد.

يكاد يصاب بشلل مما يقع فيه في كل مرة، لا ينجح الأمر معه ولا يسير على ما يرام، ولكنه الآن يفكر في أمر آخر، في عيناها تلك التي تنظر إليه بها بدون حواجز أو رهبة، توقف أمامهما قليلًا، ثم استعاد تركيزه و: - أنا نازل، سلام
- سلام
لوحت بيدها وسارت خلفه حتى الباب، وما أن هبط حتى كتمت فمها الذي سينفجر الآن بصوت ضحكة عالية.

(عودة للوقت الحالي)
- طب لو فضل مصمم على إنه يخليكي تزهقي منه؟
قالتها تغريد متوقعة ما هو أكبر من ظافر ليتخلص من هذا الحكم التي وقع أسير تنفيذه، فلم تجد أثير سوى محاولة التظاهر إنها بخير وإخفاء مخاوفها التي تطاردها و: - أنا مش هعمل حاجه تاني، اللي جاي كله بتاع ربنا وانا مش هعترض، هعمل كل اللي المفروض يتعمل عشان يشوفني ويحس بيا، لكن في نفس الوقت لازم احافظ على كرامتي.

سحب ياسر مقعد من الطاولة المجاورة وجلس برفقتهم و: - صباح الخير، عايزك ياأثير
- صباح النور
فتسائلت تغريد بفضول: - كنت فين كل ده ياياسر؟ بقالك كتير مش بتيجي وقالوا إنك في أجازة مفتوحة!
- شوية مشاكل، معلش عايز أثير في كلمتين ياتغريد
ف نهضت تغريد و: - حاضر.

كانت ملتزمة بالصمت وقد أخفت يدها المرتدية ل خاتم الخِطبة، فهي تعلم حقيقة مشاعر ياسر تجاهها، ولكنها لا تبادله إياها، لذلك البحث عن مخرج من هذه المحادثة التي ستؤلم كلاهم كانت شاقة للغاية.

انتهى نزار من محادثته مع عمهِ رستم على الهاتف، ثم دخل لغرفته ليجد نرمين قد استيقظت من نومها وتبكي جالسة على الأريكة، ذعر نزار وخطى نحوها متلهفًا وهو يتسائل: - مالك يانرمين! إيه اللي حصل!
كانت تبكي فقط بدون أن تجيبه مما أثار قلقه أكثر، فجلس جوارها و: - أهدي طيب وفهميني، حلمتي بحلم وحش؟
هزت رأسها ب السلب، ف خمن أن تكون حالتها قد ساءت بسبب ما تمر به شقيقتها: - موضوع چيهان برضو؟

نظرت إليه وعيناها تضخ الكثير من الدموع وقالت بصوت مكتوم: - انت أكيد هتعمل معايا زي ما علي عمل معاها، كلكوا مش بتفكروا غير في نفسكوا
اتسعت عيناه غير مصدقًا ظنونها حياله و: - أنا؟ أنا هعمل معاكي انتي كدا!، ده انتي لحمي ودمي قبل ما تكوني مراتي وحبيبتي، متفكريش فيا بالشكل ده يانرمين هو انا غريب عنك!
- علي كمان مكنش غريب عن چيهان وعاشوا أحلى قصة حب قبل الجواز، واهو سابها هي والولاد عشان أنانيته.

حاول نزار أن يبقى هادئًا رغم الضيق الذي اعتراه بسبب شكوكها الدائمة و: - في فرق، أنا مش زي علي ومش هكون زيه، حطي ده في دماغك
وضمها ليحتوي حزنها، فبادرت من جديد: - يعني عمرك ما هتسيبني؟ حتى لو طلعت مش بخلف مثلًا!؟
قطب جبينه ب استغراب و: - انتي مش لاقيه حاجه تعيطي عشانها يانرمين! يخرب بيت الهرمونات اللي بتطفح عليكي فجأة؟

ف تشنجت وهي تقول: - رد عليا ومتهربش من السؤال
فأجاب ببساطة: - ياحببتي العلم أتقدم والطب اتحدث دلوقتي، مشكلة الخلفة مبقتش كبيرة أوي كده زي زمان.

ارتفع حاجبيها وهي ترمقه ب استنكار و: - هو ده الرد بتاعك؟! بدل ما تقولي انتي أهم حاجه عندي ومكتفي بيكي مش عايز ولاد
- ياحببتي انتي ليه محسساني إننا فعليًا بنواجه مشكلة في الخلفة! ده مجرد تهيؤ منك، بلاش تنكدي على نفسك وعليا بالأوهام دي.

نهضت عن جلستها وخطت نحو الباب بعصبية و: - أنا عارفه أخرتها، هطلع انا اللي نكدية في الآخر
وخرجت..
نفخ نزار ب انزعاج شديد وبدأ يستخدم هاتفه وهو يقول بتذمر: - أنا زهقت
بدأ يتصل بأحدهم وانتظر الرد حتى أتاه: - أيوة ياظافر، أنا محتاج مساعدتك.

أغلق ظافر المكالمة ونظر للطريق أمامه وهو يقود، بينما تسائل مروان: - متخانقين تاني؟
- گالعادة يعني هما دول نرمين ونزار، هبقى أعدي عليهم بالليل
فتح زجاج السيارة لينعم ببعض الأكسچين لعل صدره الضيق يتسع، وتابع ب امتعاض: - وبعدين! كل حاجه بتتلخبط ومش عارف أنا ليه صابر كل ده، مرميتش الدبلة وقولتلها أنا مش عايز الخطوبة دي ليه؟
- يمكن تطلع نصيبك في الآخر.

فصاح فيه ظافر مشيرًا إليه بتحذير: - إياك تقولي كده تاني، مش عايز اتخيل مجرد تخيل بس لفكرة زي دي
- ليه؟
اعتدل مروان في جلسته ملتفتًا نحوه و: - ليه مش هي؟ إيه عيبها؟
توقف عقل ظافر لحظات وكأنه لم يجد جوابًا مُرضي، ولكنه حاول ألا يصمت كثيرًا: - معرفش، مش حاسس إننا بينا كيميا.

- ظافر انت مجربتش تتعامل مع البنت، أنت كل اللي بتعمله هو الزعيق فيها والعصبية عليها، وفي الحقيقة أنت أصلًا مش كده، عمرك ما كنت قليل الزوء مع حد، خصوصًا الستات، أشمعنا دي؟
- يمكن لأنها تستاهل بعد اللي عملته
- بس هي قالت اللي حصل كله مكنش بترتيب منها
- ليه مصدق للدرجة دي!؟
- عشان كلنا عندنا الحاسة المخفية اللي بتحس بيها اللي قدامك ده إنسان خبيث ولا لأ.

أوقف ظافر السيارة جانبًا ونظر إليه و: - بطل تدافع عنها قدامي يامروان، وياريت لو نقفل الموضوع ده
وكأن الهروب هو الحل الوحيد الذي يملكه..
حتى يهرب من تفكيره، من مجرد تخيلها زوجة له، وبدون أي أسباب واضحة، ليست عُقدة نفسية أو ما شابه، ولكنه حتى لم يجد تحليل مناسب يصف به حالته الغريبة تلك.

تركت تمارا مذكرات الدراسة ونفخت ب انزعاج و: - هو الميدترم ده ملهوش أهل يسألوا عليه!
ثم أمسكت بهاتفها وفتحت حسابها الشخصي على مواقع التواصل الإجتماعي و: - أما أنزل شوية post s تافهه.

وضحكت وهي تقوم بمشاركة بعض المنشورات المضحكة على صفحتها الشخصية، كانت تتجول بالصفحة الرئيسية فوجدت منشور ل مروان، حيث رفع إحدى صورهِ بالطاقم الرسمي ومعه سطرين من الشعر العربي القديم، كانت صورة جميلة للغاية لم تراها من قبل، وقفت لديها وتأملتها قليلًا و: - الواد مُز مفيش كلام، بس دماغه عايزة تتفك وتتربط من الأول
ضغطت بالخطأ على الإعجاب فتراجعت على الفور و: - يانهار اسوح، ياكسفتك ياحازم!

وخرجت على الفور و: - يارب ما ياخد باله
على الجانب الآخر، كان مروان يمسك بهاتفه واتسعت ابتسامة بزهو وهو يرى إشعار إعجابها بصورته، ولكنها عندما تراجعت ضحك بشدة و: - بتراقبيني في صمت!، ده انا هخلي الحجر اللي في دماغك ينطق
قام بالإتصال بها، توترت خشية أن يسألها عما حدث ولماذا قامت بإلغاء الإعجاب، ولكنها لا تستطيع الهرب من مكالمته، ف أجابت: - ألو.

- أيوة ياتمارا، أنا كلمت عمي بخصوص موضوعنا قالي إنه مستني ردك
فكرت لحظات و: - آ، يعني أعمل إيه؟
كان فاترًا جافًا وهو يتحدث إليها متعمدًا ذلك: - تبلغي عمي بموافقتك عشان بعد كده نشوف هنجيب الشبكة منين وأمتى
- حاضر
- تمام، مع السلامة
وقبيل أن يغلق استوقفته: - آ، مروان، أنت متصل عشان كدا بس؟
- آه، في حاجه تاني المفروض أقولها؟
- لأ، أقفل انت
- ماشي، سلام
وبالفعل أغلق وتركها في حيرة، هل علم أم لا؟

بينما كان هو يضحك ويضحك متخيلًا كيف قد يكون مشهدها الآن، ترك الهاتف جانبًا ونهض ل يُعد شيئًا ما لنفسه: - هسيبك على نار كده، وبكرة انتي اللي تطلبي الموضوع يكون حقيقة.

گالعادة مستيقظ منذ الصباح الباكر، ولكنه يُفضل البقاء بمفرده قليلًا قبل أن يبدأ يوم مزدحم.
أنفرد ظافر بهاتفه يبحث فيه عن شئ يفيده، حيث استعان بشريط البحث الشهير على موقع Google وكتب (طرق إنهاء العلاقات)
فوجد عدد لا بأس به من الحلول، فتمعن ودقق وهو يقرأها بخفوت: - الخيانة، لأ دي كبيرة أوي ومش بتاعتي، الكذب، تؤ مش أسلوبي
تابع القراءة و: - الظلم! لأ برضو مقدرش أشيل ذنب زي ده، ليه كل الحلول زفت كده.

وتابع: - التجاهل وقلة الإهتمام
ابتسم وكأن عقله أضاء بشئ ما: - حلو ده أوي، وبما إن الستات هما أصحاب مقولة الإهتمام مبيطلبش، يبقى أكيد الحل ده هيفي بالغرض معاها.

دخلت تمارا وقد ارتدت كامل ثيابها واستعدت للمغادرة: - صباح الخير ياظاظا، أنا نازلة عايز حاجه
- رايحة فين
ترددت في إخباره وفي النهاية كذبت: - آ، هقابل فدوى ونروح نذاكر في مكان، يلا باي
- باي
خرجت، ف نهض هو الآخر وسحب ساعة اليد ليرتديها أثناء خروجه، توجه نحو غرفة المعيشة ف أستمع ل والده يتحدث ب: - خلي بالك من أثير ياتمارا دي أول مرة تخرج معاكي
- متقلقش يابابا في عيني.

- ولما تيجي نبقى نكمل كلام عن موضوع مروان
- ماشي
ابتعد ظافر واختفى بالردهه وهو يردد بذهول: - بقى كده ياتوته؟ انضميتي للحزب وبتكذبي عليا!
وما أن خرجت من باب الشُقة وأغلقته ورائها تحرك هو الآخر من خلفها متعجلًا و: - ده انا هعمل عليكي كبسة أسوأ من كبسة المخبرين.

كان حريصًا ألا تراه أو تشعر به أيًا منهن، ظل يراقبهم بسيارته وهو يسير خلفهم يفكر إلى أين يذهبن؟، حتى وجدهن يتركن سيارة الأجرة أمام أحد أشهر مراكز التجميل، والذي تداوم هايدي على زيارته في نهاية الأسبوع.
صفّ سيارته جانبًا وترجل عنها منتقلًا لهناك و: - يعني مكنش في غير الكوافير ده تيجوا ليه؟

وقرر أن يشنّ عليهم هجومًا مفاجئًا، ولكنه توقف مع اللحظة التي رأى فيها سيارة هايدي تأخذ مكانها في الصف أمام المركز، ثم ترجلت منها ودلفت للداخل، وقف بعيدًا وقد اعتراه القلق وهو يردف: - كملت
أخرج خاتم الخِطبة الذي لا يرتديه جيبه وزرعه في أصبع الخنصر، ثم تابع ب استهجان: - أثير دي لو أمها داعية ليها في صلاة الفجر مش هيبقى حظها نار كده في كل مرة معايا!

واستعد كي يدخل المركز ليجلبهن بشكل لائق ويترك رسالة ضمنية بإنه يعلم كل شئ عن تحركاتهم الخفية التي يجهل سببها.

تركت زينب طعام الصغير يَزِن على الطاولة وناولته لوالدته، ثم نهضت كي تفتح الباب بعد أن وضعت الحجاب على رأسها، وجدت ذلك الغريب أمامها فسألته: - أيوة يابني؟
- ده منزل السيدة چيهان رستم؟
توترت زينب وقبضت على حجابها وهي تسأل بتوجس: - خير يابني في إيه؟
- معايا إخطار لازم تمضي عليه وتستلم الورقة دي.

وكأنها شعرت بوجود أمر يتعلق بزوجها وكان حدسها حقيقيًا، نظرت زينب في الورقة المطلوب استلامها وقرأت أول عباراتها وهي واجمة من فرط الصدمة: - طلاق!

كانت چيهان مجمدة وهي تقف بالقرب منها، اخترقت الكلمة آذانها بكل وضوح، وزلزلت كيانها المفتت أساسًا منذ أيام، لقد قرر زوجها ألا يترك لها الفرصة كي تُذله، وبعث لها بإعلان طلاقها بدلًا من إنتظار جلسة الخلع خاصتهم، وكأنه هكذا يجيب على تصرفهم المُحق بتصرف أكثر وقاحة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة