قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثاني عشر

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثاني عشر

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثاني عشر

كانت مفاجئة ذات تأثير قوي عليه، عندما علم ظافر ب السماح لمد أجازته شهرًا كاملًا بدون أن يقدم طلب يفيد رغبته بذلك.
ولكن استنتج بسهولة وجود أصابع خفيّة في الأمر، في كل الأحوال هي أصابع والده الذي له معارف متعددين في كل مكان ويرغب بشدة في مكوثه هنا، تجاوز الأمر بدون مواجهة أبيه كان قرارًا قاطعًا منه، ف المواجهة لن تفيد بالغرض، إنما قد يجد نفسه مضطرًا على تنفيذ رغبة رستم.

غادر المنزل صباحًا وبدأ بإجراء مكالمة تليفونية عندما استقر بداخل سيارته و: - طمني وصلت ولا لسه، طب حمدالله على السلامة
ثم ضحك وهو يتسائل: - توته عملت إيه لما شافتك
أخفض مروان صوته وهو يجيبه من أمام البحر: - انفجرت زي القنبلة، من ساعتها جريت على أوضتها وحبست نفسها مخرجتش.

تنفس ظافر ب ارتياح و: - أنا واثق فيك يامروان، لولا اعترافك ليا بمشاعرك ناحية تمارا وعارف إن نيتك خالصة مكنتش سمحت بكده، أنا سيبتلك الفرصة اللي طلبتها عشان تقنعها بيك، اللي بعد كده عليك يابطل، و طبعًا رأي بابا معروف في الموضوع ده، أنت بقيت جوز بنته بالنسباله.

ابتسم مروان بسعادة وهو يستعيد في رأسه رد فعل رستم ما أن افتتح معه أمر رغبته في الزواج من ابنته، كان مُرحبًا كونه يعلم جيدًا من هو مروان، كما أن طباعه الشرقية تروق له كثيرًا وتذكره بنفسه في أيام صباه، لذلك شعر بإنه الرجل الوحيد الذي سيستطيع التصدي ل تمرد ابنته المشاغبة الشقية.

أغلق مروان الهاتف وتحرك من أمام البحر إلى وجهة الفندق المُطل على البحر والذي تقيم فيه هي مع عدد من رفيقاتها، ف إذ به يراها تخرج مرتدية شورت من الچينز القصير يعلوه كنزة فستقية رقيقة، شملها بنظرة واحدة ثم شق الطريق صوبها متعجلًا وقد تحولت ملامحه لأخرى وهو يسألها ب حزم: - إيه اللي انتي مهبباه ده! فاكرة نفسك هتمشي بالشكل ده ولا إيه؟

توسطت خصرها بيمناها ورمقته بتحدٍ وهي تقول: - وانت مالك؟ هفضل أقولك متدخلش في اللي ميخصكش كتير ولا إيه؟
- يخصني ونص
نظرت حولها بتحرج من نبرة صوته التي ارتفعت فجأة، ثم عادت تنظر إليه ب حنق و: - انت إزاي تعلي صوتك عليا؟
ف ارتفعت نبرته أكثر: - أنا حُر، هو سؤال واحد، هتدخلي تغيري هدومك وتلبسي حاجه عدله ولا لأ؟
مطت نفيها وهي تقول: - لأ.

أومأ برأسه وهو يتراجع خطوة للخلف، ثم أمسك ب هاتفه وقام بفتح الكاميرا خاصته، وسرعان ما التقط صورتين لها قبيل أن يثير انتباهها ف تتحرك، فسألته بتوجس اعترى صوتها: - انت بتعمل إيه؟
ف نظر لهاتفه متجاهلًا إياها وهو يقول بفتور: - هبعت صورتك ل عمي رستم وهو يقرر بنفسه بقى
ف ركضت نحوه على الفور وأمسكت بذراعه وقد تملك منها الذعر: - لأ، بابا لأ بليز يامروان.

ف أشار نحو الشاليه وهو يأمرها ب: - أدخلي غيري القرف ده حالًا
تذمرت وهي تضرب الأرض بقدمها و: - عايز إيه مني، انت مش واصي عليا! ما تشيلني من دماغك بقى!
هز رأسه ببرود شديد يناقض غضبه مما ترتدي و: - تؤ تؤ، مش هشيلك، وخلصي قبل ما حد يعدي ويشوفك كده وساعتها هتخليني أتخانق واكسر مناخير حد النهاردة.

رمقته ب ضيق شديد ثم التفتت لتمضي إلى الشُقة الفندقية من جديد، أحست وكأن حصار والدها طوّقها من جديد، خاصة عندما علمت بأن رستم يعلم بتواجد مروان معها وأوصاه بحراستها جيدًا، أي إنها لن تملك أربعة أيام من الرفاهية، بل أربعة أيام من التحكمات والأوامر الغير منتهية، بجانب إنها ستمحو من عقلها كل ما كانت تخطط له منذ البداية، فهو حضر خصيصًا لإفساد الحماقات التي قد تقوم بها.

تقبلها للأمر على الأقل ظاهريًا يشعره براحة أكثر في التعامل معها، إنها إنسانة تختلف في طباعها عن تلك الكنّة التي أُجبر يومًا على تقبلها بسبب حُب ابنه الوحيد لها، ولكن الآيه ستنعكس الآن، سيضطر ظافر للخضوع إلى والده في النهاية مهما كثر عصيانه ورفضه.

ابتسم رستم في وجهها وهو يوليها هذه المهمة الضرورية و: - عارف إنها مش وظيفتك، بس انا معجب بنشاطك وحيويتك ومفيش حد هيقدر ينجز الموضوع غيرك انتي بما إن نزار لسه مش هينزل الفندق دلوقتي.

أومأت أثير رأسها بتقبل و: - متقلقش يامستر رستم، هعمل اللي حضرتك قولت عليه بالظبط
- بعد بكرة الصبح هبعتلك عربية الشركة وهي اللي هتوديكي وتجيبك مش عايزك تقلقي بخصوص الإنتقالات، وهخلي السكرتارية تبعتلك كل ال Details اللي هتحتاجيها
- تمام، فهمت
نهضت أثير عن جلستها و: - أنا همشي دلوقتي وهستنى التفاصيل اللي قولتلي عليها
- وأنا هبلغ السواق دلوقتي.

أشار لها لتخرج، ثم سحب هاتفه عن سطح المكتب وبدأ يجري مكالمة هاتفية عبره: - جهز نفسك عشان هتروح الغردقة بعد بكرة توصل أستاذة أثير، عندها مهمة هناك يومين وترجع بيها، تمام؟

كانت تمارا تجلس أمامه ممتعضة من تصرفاته بينما هو يأكل بشهية مفتوحة للغاية، لم تشتهي هي طعامًا رغم إنها لم تتناول منذ الصباح، ولكنه أرغمها على التنفيذ بعدما اكتشف تواجد حسام بين الحضور.
ترك الملعقة والتقط الشوكة كي يتناول بها قطعة الدجاج، ثم نظر إليها وهو يقول بفتور أزعجها أكثر: - برضو مش هتاكلي!
ف تشنجت عضلات وجهها وهي تقول: - مش قعدتني معاك غصب! يبقى مش هاكل حاجه، يارب تكون مرتاح كدا!

- أحسن برضو
ثم قطع الدجاج قطعتين وهمّ يتناول إحداهن، ابتلع الطعام وهو ينظر لوجهها بتعمق، ثم أردف: - انتي كدبتي على أخوكي وعلى عمي رستم، لو كانوا يعرفوا إن الزفت ده طالع الرحلة مكنش حد وافق يجيبك هنا، وطالما اتصرفتي من دماغك يبقى استحملي، لأني مش هسيبك تقعدي مع الشلة التافهه بتاعتك وهو معاهم، ياأما ننزل القاهرة ودلوقتي حالًا.

نفخت بضيق والتفت برأسها تنظر لأصدقائها الذين يتناولون الطعام سويًا على طاولة واحدة، ثم عادت تنظر أمامها وترمقه ب حقد شديد، سحبت المنشفة التي كانت على ساقيها وألقتها على الطاولة، ثم غمغمت وهي تنصرف: - أنا رايحة أوضتي أحسن من القاعدة دي، دي مبقتش رحلة دي بقت قرف
فقال ببرود أشعل نيران صدرها أكثر: - تصبحي على خير ياتيمو
نفخت وهي تسير مبتعدة عنه وغمغمت: - ده أكيد عايز يجلطني.

كانت نظرات مروان تتحرك ما بين طعامه وبين هذا الأحمق التي تلقى منه ضربًا مبرحًا منذ أيام، يحمل بداخله ضغينة وكره شديد له، لو أمسكه فقط قد يفتك به، ولكنه متماسك بقوة لئلا يفقد ما بقى من صبره.

كانت چيهان تراقب حساب زوجها الإجتماعي بعدما فرغت من أعباء المنزل، ويصادف الحظ إنها تكتشف موعد اتفق عليه زوجها وتلك الفتاه ليجددا اللقاء، أحست وكأن قفصها الصدري يضيق على قلبها، وتسمرت قدماها فلم تقوَ على التحرك، حفظت الموعد والمكان حفظًا جيدًا، بل ودوّنته في ورقة خارجية أيضًا، ثم ضربت على فخذها بقبضتها وهي تردد بتوعد: - ماشي ياعلي، أما أشوف مين دي اللي فضلتها على مراتك وولادك.

أُضئ هاتفها ليعلن عن مكالمة هاتفية واردة من نرمين، ف حمحمت و: - أيوة يانيرو، عاملة إيه ونزار عامل إيه؟
فأجابتها نرمين بتذمر: - عمله أسود على دماغه، تصدقي مفكرش يصالحني ياچيهان! أكيد بطل يحبني!
فحاولت چيهان صنع خير لهما بقولها: - طب ما تصالحيه انتي يانرمين، مش كفاية قطعتي شهر العسل ونكدتي عليه بسبب الشك الفارغ بتاعك.

نظرت چيهان لساعة الحائط و: - أنا هقفل معاكي أشوف الكيكة استوت ولا لأ، عشان علي مش بيحبها ناشفة
وأغلقت معها الهاتف، بينما فكرت نرمين جيدًا، هي بالفعل أفسدت عطلة ما بعد الزواج بسبب غيرتها الزائدة وشكوكها المستمرة، وعليها حلّ الأمر هذه المرة، نهضت عن الفراش وراحت تستكشف ماذا يفعل زوجها، فوجدته يتابع مباراة لكرة القدم وقد انشغل بها بكل وجدانه، فعادت لغرفتها وهمست: - مفيش حل تاني!

فتحت خزانتها وراحت تنتقي ما يليق كي ترتديه أثناء سعيها لمصالحته، حتى وقعت عيناها على هذا القميص الباذنجاني الصارخ، ف اتسعت ابتسامتها و: - هو ده.

كانت تمارا تجوب الغرفة ذهابًا وإيابًا تفكر في حل هذه المعضلة، فقد ضاع اليوم الأول بدون أن تستمتع بأي شئ، بينما كانت فدوى تعبث بهاتفها و: - أقعدي بقى ياتمارا زهقتيني!
- ماانا لازم أخرج من هنا، أنا مش هتحبس عشان الباشا يرتاح
زفرت فدوى وتركت هاتفها وهي تقول: - يعني؟
ف جلست تمارا جوارها لتخطط معها: - ده أخد الأوضة اللي جنبنا على طول يعني هيفضل فوق دماغي.

سحبت شهيقًا عميقًا ثم تركته من صدرها و: - لازم تخرجيني من هنا النهاردة.

كان الحبور متجليًا على وجه رستم وهو يتابع الأنباء، لقد انتشرت صور ظافر برفقة أثير، بل أن بعض مستخدمي تطيبق الفيسبوك الإجتماعي قاموا بتلفيق الحكايا وكتابة عبارات رومانسية جميلة على صورهم، بجانب مقاطع فيديو تجمع الصور مع أضافة مقطوعة موسيقية رومانسية.
نتيجة ما سعى له كانت مبهرة بالنسبة له، خاصة بعد متابعة أعداد المشاهدات والمشاركات أيضًا.

اختفت تلك الإبتسامة المنتصرة عن ثغره مع صوت ظافر الذي سمعه من الخارج: - بابا..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة