قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثالث

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثالث

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل الثالث

كان رستم ينظر إليها من حين لآخر بنظرات حادة وهي تتناول طعامها بشكل بطئ، شعرت بعيناه التي تتحرك نحوها من حين لآخر، فكانت تبتلع الطعام بصعوبة بالغة..
تنفست بصوت مسموع وقد اختنقت من هذا الضغط الذي يمارسه عليها والدها، ف قال بزمجره: - متنفخيش بدل ما اقلب السفرة في وشك
- ماشي يابابا.

قالتها تمارا بسئم حينما أصدر هاتفها صوت رنين مزعج، ف أمسكته بسرعة لتكتم الصوت وفجأة صاحت بتحمس وهي تقفز من جلستها: - ظاظا!
ف هب رستم واقفًا من مكانه وهو يتسائل بتلهف: - ظافر!، هاتي ارد عليه بسرعة.

وهنا شعرت تمارا بخطئها حينما أفصحت عن هوية المتصل أمام والدها، حاولت أن تماطل معه ولكنه لم يوليها الفرصة لذلك وأوفض نحوها يجتذب الهاتف من يديها فجأة ويرد هو، وما أن قام بالرد على المكالمة حتى أتاه صوت ظافر: - عملتي إيه امبارح ياتوته!
ف أتاه صوت والده المميز وهو يرد عليه: - يعني عارف باللي عملته أختك امبارح كمان؟!
تفاجئ ظافر في البداية ولكنه تستر على شعوره ذاك و: - أزيك يابابا عامل إيه؟

انسحب رستم من المكان ليدخل إلى الغرفة التي تحوي مكتبه الشخصي لينفرد به قليلًا، بينما تبعته عيون تمارا وهي توبخ نفسها: - يعني كان لازم أنط فجأة وأقول مين بيتصل؟! صحيح غبية!
خرجت زينب من المطبخ وهي تحمل أكواب الشاي المُخمر وانتقلت نحو المائدة وهي تتسائل: - أبوكي فين ياتمارا؟
فقالت بفتور وهي تجلس على المائدة: - بيكلم ظافر جوا في أوضة المكتب
- إبني حبيبي.

وأسرعت نحو الغرفة لتلحق به فتسمع صوته وترضي شوقها وتلهفها إليه، بينما سحبت تمارا الأطباق لتبقى أمامها وراحت تأكل بنهم قبل أن يعود والدها، ملأت فمها بالطعام وأمسكت بفنجان الشاي ترتشف منه، ثم قالت: - مفيش أحلى من نعمة إنك تفطر لوحدك، ياااه
زفر رستم بنفاذ صبر وهو يردف ب: - يابني اللي بتعمله ده مفيش منه فايدة، لو كل واحد فشل في قصة حُب وهاجر بيته وأهله مكانش بقى في حد عايش في بلده!

ولجت زينب مهرولة وسحبت منه الهاتف على عجلة وقد أصبح صوتها مرتفعًا: - ظافر! وحشتني ياحبيبي هتيجي أمتى؟
- وانتي كمان ياماما وحشاني و...
فقاطعته و: - فرح اختك بعد 10 أيام ياضنايا مش معقول مش هتحضر!
- ياماما أنا آ...
فقاطعته مجددًا و: - أوعى تقول شغل وقرف، أبوك مستعد يرجعك بس انت ترضى
- ماما ممكن أتكلم!
ف صمتت زينب ليستطرد هو: - هاجي متقلقيش، هنزل أجازة بعد كام يوم وهحضر الفرح.

تنهدت زينب بحزن وجلست على الأريكة ببطء: - وأخرتها ياحبيبي، مش كفاية الشهور اللي فاتت؟
اختطف رستم الهاتف منها وقال بنبرة محتدمة: - أنا مستعد ابعد أي طريقة ممكن تخلي البنت دي توصلك ياظافر، بس ترجع، مش هخليك حتى تلمح ضلها.

نفخ ظافر ب انزعاج وهو ينفي وجود أي من تلك المخاوف: - مفيش حاجه من الكلام ده، بالعكس ده انا بنفسي هعزمها على الفرح لما ارجع، بس انا مرتاح هنا ومش عايز حد يتدخل في قراري من فضلكم.

حاول رستم مرة أخرى و: - يابني آ...
- بابا! متحاولش تضغط عليا عشان انا نازل بالعافية، يعني مش هستحمل ضغط، ومضطر أقفل عشان عندي طالعة دلوقتي، سلام.

أغلق ظافر الهاتف ثم فصل عنه الطاقة نهائيًا، دسه في حقيبة صغيرة ثم صعد تلك الدرجات التي تفصل بينه وبين الطائرة الحربية التي سيستقلها، نظر للوحات التحكم الكثيرة أمامه بتركيز فسأله مروان حيث كان يجلس بجواره مباشرة: - عرفتها إنك نازل أجازة؟
- كلهم عرفوا خلاص، ربنا يستر.

سحبت أثير البطاقة الشخصية من الماكينة وناولتها للعميل الواقف قبالتها برسمية جادة و: - أتفضل يافندم، عملت لحضرتك cheak out تسجيل خروج والحساب خلص
فسحب حقيبته خلفه و: - شكرًا.

اتجه نحو باب الخروج ف أسرع الموظف نحوه ليسحب الحقيبة عنه بينما ارتكزت عيناها على الحاسوب، وإذ بها ترى قالب من الشيكولاتة المحشوة بالمكسرات نصب عينيها فجأة، رفعت عيناها لتجد ياسر واقفًا أمامها ب ابتسامته العريضة وهيئته الرسمية المُنمقة وأردف ب: - الشيكولاتة اللي بتحبيها
ف ابتسمت بوداعة گعادتها و: - ميرسي أوي ياياسر، قولي مستر نزار أخد الأجازة ولا لسه!
- آه، النهاردة كان أول يوم فيها.

وبنظرة حانية تابع: - عقبال ما نحضر لفرح، ك، لفرحك
فردت بمجاملة: - ربنا يخليك يارب
وقفت شروق بجواره مباشرة ووضعت كفها على ذراعه وهي تسأله: - فين مستر نزار ياياسر؟
ف سحب ياسر ذراعه بلباقة ونظر للخلف مستعدًا للإنصراف و: - في أجازة ياشروق، عن أذنكم.

انصرف قبل أن يتورط معها في حديث أجباري طويل گعادتها، ف بقيت هي گالنار التي ستحرق من يلمسها، رمقت أثير بنظرات حاقدة ثم انصرفت مندفعة وهي تتهامس بخفوت: - تستاهل إنك تعرف حقيقة علاقتهم، يمكن ترجع عن عنادك!

خرجت عاملة تنظيف الغرف من أحد الغرف وهي تسحب عربة كبيرة، أمسكت هاتفها وهي تدفع العربة وقالت بضجر: - لولا المرتب الحلو اللي باخده من هنا كان زماني مرتاحة في بيتنا، دي عيشة تسد النفس والله.

فتحت الدردشة الجماعية لصديقاتها في الفندق لتجد قرابة الخمسمائة رسالة غير مقروءة، شهقت بذهول و: - هااا، كل ده رغي من غيري ياولاد ال.

حاولت أن تستشف الموضوع من بين سطور الرسائل، فوجدت أن الحديث عن شخصية ما من داخل الفندق، تنغض جبينها وهي تبحث وتبحث بين الرسائل، حتى وجدت صورة مبعوثة من إحداهن، حدقت فيها لتكتشف أن حديث جميعهن كان عن أثير وعلاقتها السرية ب ظافر، شهقت غير مصدقة وتوقفت عن السير و: - أثير! ياوقعة سودا؟ أخس عليكي ياريري بتخبي عننا!

ثم بدأت على الفور بتبادل النميمة معهن ب استفاضة، حيث قالت كل منهن ما يروق لها عن هذه الشائعة التي انتشرت بسرعة البرق، ولم يستغرق الأمر كثير من الوقت حتى أصبح نصف عاملين الفندق وأكثر يعلمون عن هذا الأمر الذي أُشيع فجأة.
حتى إنه تسرب لخارج الفندق أيضًا...!

كانت نرمين تُجهز حقيبتها الشخصية كي تخرج ل الإلتقاء ب إبن العم والخطيب والحبيب نزار لإنهاء بعض تجهيزات حفل الزفاف، وإذ بهاتفها يصدر صوت رسالة جديدة، ف التقطته ونظرت به لترى هذه الصورة الغير متوقعة، شهقت، وركضت لتغلق الباب عليها، ثم قامت بالإتصال على المُرسل للتأكد من صحة الخبر و: - ألو! إيه الصورة دي ياسميرة! متأكدة؟ ظافر! مش مصدقة!، أكيد السوسه الصغيرة تمارا تعرف! بس مقدرش أسألها عشان هتفتن على طول.

جابت المكان ذهابًا وإيابًا و: - يعني إيه؟ مين قالك إن اللي حصل كان بسببها؟
فكرت قليلًا و: - مش عارفه افكر! طب هو ظافر عرف ان الموضوع انتشر بالشكل ده؟
جلست على حافة الفراش و: - طب اقفلي بسرعة، مفيش خبر عدل يجيلي منك أبدًا!

قامت وعلى عجلة بإرسال الصورة إلى نزار تعاتبه على علمه بالأمر وعدم أخبارها، وعندما وصلته الصورة كان يقود سيارته نحو عقارها كي يصحبها للخارج، لم يعبأ برؤية الرسالة حيث إنه سيلقاها بعد قليل، ولكنه عندما وجد رسائل متتالية وإصرار عجيب منها لكي يحادثها قام بفتحها ليتفاحئ هو الآخر، صفّ السيارة جانِبًا وحدق في الصورة بعدم تصديق و: - أوب أوب أوب!

إيه ده ياعم ظافر! وعامل فيها زعلان وهربان؟ مش مصدق؟، أثير ياظافر!
فكر قليلًا و: - عمي رستم لازم يعرف، ماانا مقدرش اخبي عليه زي قبل كده ويلبسني الموضوع في وشي واتهزأ، هو انا المُهزأ بتاع العيلة دي ياربي!

ثم ترك الهاتف وبدأ يقود سيارته من جديد.

في حين أن أثير اهتمت بشدة بعملها كي لا تضطر للمكوث وقت أضافي، كانت نصف العاملات في الفندق قد نشرن الموضوع في الوسط، أصبح الجميع يختلس النظرات المريبة لها بدون أن تنتبه هي لذلك، رفعت بصرها نحو النزيل الذي كان يسألها شيئًا، وعندما انصرف بقيت نظراتها مصوبة للأمام حيث رأت اثنتان ينظران نحوها وكأنها موضوع الحديث بينهم، ضاقت عيناها ب استفهام ولكنها لم تعقب وتابعت عملها، وعندما وجدت رمزي زميلها بنفس المكان قد عاد لموضعه، نظرت إليه و: - أنا هروح التواليت 5 دقايق وراجعة يارمزي، ياريت تغطي مكاني.

كان ينظر إليها ببلاهه وكأنه شاردًا لم ينتبه لها، ف لوحت بيدها أمام وجهه و: - رمزي!
- هه!
- بقولك هروح التواليت غطي مكاني!
- ماشي
وتركته وهو بهذه الحالة، بينما ظلت نظراته المذهولة عليها حتى انصرفت، ثم نظر لحاسوبه وهو يردد: - بكرة أثير دي تبقى مديرة عليا! ماهي وصلت لظافر يبقى هتوصل لرضا أبوه!، مين كان يصدق ياجدعان تبقى دي السبب في كل ده!

خرجت أثير من دورة المياة ووقفت أمام الحوض تغسل يديها، ثم جففتها بجهاز التجفيف والتفتت لتنصرف، ولكنها توقفت لترى ماهية هذه النظرات التي تنظر لها بها تلك السيدة الكبيرة سنًا والتي تهتم بأعمال دورة المياة وسألتها: - في حاجه يافهيمة؟
فتلوت شفتي الأخيرة و: - مفيش يابنتي، ربنا يستر عليكي وعلى ولايانا.

لم تفهم مغزى عبارتها ولكنها أحست ب الإمتعاض، ف عادت لموضعها مضجرة مما تقابله اليوم من تصرفات غريبة ونظرات أغرب، حتى وإن أظهرت عدم اهتمامها ولكنها تضايقت بالفعل.
وقفت بمحلها وقبل أن تشرع في ممارسة أعمالها وجدت نزار يقف أمامها ويرمقها بغرابة، ف ابتسمت بمجاملة وهي تسأله: - أقدر أساعدك بحاجه يامستر نزار!؟
ف تنهد وهو ينظر إليها بضيق و: - صعبانة عليا أوي ياأثير، كنتي موظفة مجتهدة أوي.

عقدت حاجبيها بعدم فهم: - مش فاهمه حضرتك؟
ذمّ شفتيه وهو يعاتبها على فعلتها التي لم تتعرف عليها بعد و: - مكنش لازم تاخدي الخطوة دي دلوقتي، كنتي أجليها شوية حتى! أو متنشريش الخبر هنا بالذات؟
- خبر!
همّ ينصرف و: - مش لازم أوضح، عن أذنك
ثم تمتم وهو ينصرف: - خسارة! كانت موظفة كويسة!، زمان عمي بيحضر ورقها عشان يطيرها من هنا
نفخت أثير ب انزعاج وتركت القلم من يديها وهي تردف ب انزعاج: - هو في إيه!

التفتت لليمين لتجد رمزي مازال ينظر إليها بنفس النظرة، فصاحت به فجأة: - في إيه يارمزي؟ بتبصلي كده ليه؟
حضرت تغريد وهي تتنفس بصعوبة ووقفت أمامها، نظرت حولها بتوجس و: - أثير، أنتي اتجننتي؟ يعني بعد ما سكتي كل السنين دي تيجي تتكلمي دلوقتي وبالشكل ده!

ف دنت منها أثير و استندت على الحائل الخشبي أمامها وهي تتسائل بنفاذ صبر: - بتتكلمي عن إيه انتي كمان ياتغريد مش فهماكي؟
- إزاي تن...
- أثير!
نظرت أثير نحو رنا المسؤولة عن مكتب رستم لتجدها تتحدث ب حزم و: - رستم باشا عايزك ضروري، وفكري انتي عملتي إيه عشان تجهزي جواب مقنع تردي بيه بدل ما نلاقي بكرة مش موجودة معانا هنا!

تبادلت تغريد نظرات الخوف والقلق مع رفيقتها التي مازالت تجهل ما الذي يدور حولها تحديدًا، ولكنها تشعر بإنها على أعتاب مصيبة لا تعي مدى الحدّ الذي ستصل إليه، ارتعدت فرائصها وانقبض قلبها بتخوف، وهي تخطو أولى خطواتها نحو المصعد الذي سيؤدي بها لغرفة رُستم حربي ...

- أترك انطباعك عن العمل الجديد إبن رُستم ?? ??.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة