رواية إيفدوكيا للكاتبة إيمان عادل الفصل الرابع والثلاثون
لا شيء خطير. بل مبهم، هناك أحد يقابله ويقدم له الدعم. شخص مهم للغاية وذو نفوذ كبير إنه أليكس كولين.
اتسعت عيناها فور سماع الإسم، وظهرت ملامح الدهشة على وجهها بشدة.
هل تعرفيه معرفة شخصية؟
لا بل هاري يفعل
إنه ذو نفوذ كبير ورجل أعمال مهم مؤكد أن هاري يعرفه معرفة شخصية ربما جمعهم حفل على سبيل المثال.
لا ادري لكن سيرة ذلك الشخص تؤرق بالي. اردفت وهي تعبث بشوكتها في الطبق الموضوع أمامها.
أجل هو ليس بشخص جيد على أي حال.
هل يجب أن أخبر هاري بشأن ذلك؟
أنا سأخبره لا تقلقِ بشأن ذلك اردف لترتسم ابتسامة صغيرة على ثغرها وتتنهد براحة.
هيا لنُكمل طعامنا
حسناً.
علي الجانب الآخر وقفت ايفدوكيا في شرفة منزلها تبتسم مستقبلة نسمات الهواء الباردة بصدر رحب، بغض النظر عن ما تسببه لها من قشعريرة لكن ذلك الشعور بالبرد الخفيف يمنحها السعادة. ودت الإتصال للإطمئنان على هاري لكنها ازاحت الفكرة عن رأسها ربما سترسل له رسالة فيما بعد، لكنها كانت تملك خطة بديلة على أي حال عوضاً عن الإتصال به.
مرحباً بيرت كيف حالكِ؟
بخير يا خائنة، أين انتِ يا فتاة طوال هذه المدة ولا تجيبين على هاتفكِ ايضاً
ماذا عساي أن اقول؟ لقد كانت أمي مريضة ولم يكن عندي وقت للإمساك بهاتفي سوا في آخر الليل.
اوه اسفة بشأن ذلك، اتمنى لها الشفاء العاجل
اشكركِ، بيرت هل في خدمة؟
بالطبع تتصلين من أجل خدمة اردفت بيرت بنبرة جديدة لتشعر ايفدوكيا بغصه في حلقها. وكأن الهواء قد سُحب من المكان.
أنا حقاً لا اقصد. أعني.
بربك يا فتاة أنا امزح قالت وهي تضحك لتزفر ايفدوكيا براحة.
أريد معرفة أي جديد يحدث بشأن السيد هاري وكذلك أمور المكتب خاصتنا.
بالطبع، أنتِ تعلمين أنا ثرثارة على أي حال تفوهت لتقهقه كلتاهما.
هذه الخصلة جيدة في هذا التوقيت فقط سخرت منها ايفدوكيا لتؤكد بيرت على كلامها.
بعد مدة ليست طويلة أغلقت ايفدوكيا الهاتف، أرسلت رسالة لهاري تحوي الآتي: لقد أردت أن اتأكد من وصولك وأنكَ بخير، اشكرك على عونك لي في الأيام الماضية. وبشكل عام.
ايفدوكيا.
بعثت الرسالة وهي تعض على شفتها بتوتر، لم يمر سوى خمسة ثوان وقد بدأت تشعر بالندم بالفعل. ربما لم يكن عليها فعل ذلك، مهلاً ماذا إذا وصلت تلك الرسالة أثناء قيادته وتشتت وتسببت هي في حدوث حادث! أصبحت درامية بشكل كبير هي تعلم ذلك وهي ليست هكذا في العادة لكن حينما يتعلق الأمر بهاري تعمل مخيلتها الخصبة على تصوير الكثير من الأشياء والتي لا تحدث سوى في الأفلام ذات اللونين الأبيض والأسود.
لقد وصلت منذ مدة اشكركِ على اهتمامكِ، لا داعي للشكر لقد تخطينا هذه المرحلة منذ مدة. لكن اسمحِ لي أن ابدي دهشتي وسعادتي في الوقت ذاته برسالة الإطمئنان تلك.
هاري.
ابتسامة واسعة ارتسمت على ثغرها حتى وصلت ابتسامتها من الأذن للأذن قفزت في مكانها من الحماس. ادركت ما تفعله لتحمحم وتنظر نحو انعكاسها في المرآة بتعابير وجه هادئة، لا تدري ماذا أصابها! ما سبب ذلك الحماس المفرط؟ لم تكن سوى رسالة شكر صغيرة لا تستحق كل ذلك.
حمد لله على سلامتك، إنها شيء بسيط لا داعي للشكر فلقد قلت سابقاً لقد تخطينا مرحلة الشكر تلك، طابت ليلتك.
ايفدوكيا.
انهت الحديث بتلك الرسالة فهي تريد التوقف عن التصرف كمراهقة ومحادثتهم عن طريق الرسائل تلك تمنحها شعور حماسي كفتاة في السادسة عشر حدثها فتى الثانوية الشهير ذو العضلات الكبيرة، عدا أنها في أول العشرينات وهاري في آخرها وهو مديرها وليس فتاة كرة السلة الوسيم.
حاولت طرد جميع الأفكار إلى مؤخرة رأسها فهي تُريد النوم حتى تستعيد طاقتها لبدء يوم جديد مرهق.
في عصر اليوم التالي كانت تقف ايفدوكيا وسط السوق الذي يعتبر شعبي قليلاً وماذا افضل من بضاعة متوسطة الجودة ورخيصة الثمن؟
بالرغم من أن ضوضاء البائعين والمشترين كادت أن تدمر جزء من خلايا عقلها وأنها تسببت في صداع نصفي والفضل يعود لوجود السماعة الطبية إلا انه لا يوجد أمامها خيار آخر، حملت ثلاثة حقائب في يد واحدة بينما وقفت لشراء بعض الفاكهة من أجل والدتها المسكينة وبينما كان يقوم البائع بتعبئة الأغراض صرخ صوت هاتفها لتحاول إخراجه بصعوبة بالغه وكأنها جراح يقوم بعملية خطرة فهي لا تُريد أن تضحى بالهاتف ولا بالمشتروات.
لم تستطع رؤية اسم المتصل والفضل يعود لضوء الشمس لذا هي أجابت دون تفكير.
مرحباً؟
مرحباً ايفا أنا بيرت.
اوه مرحباً كيف الحال؟
بخير! إلهي احمل لكِ اخبار كثيرة!
ارى بهجه في صوتكِ يبدو أنها اخبار جيدة!
في الواقع لا.
ماذا؟ اذاً لما حماسكِ قد قفز من عندكِ لعندي؟ استخدمت عبارة ساخرة بينما كان القلق ينتابها من الداخل.
في الواقع لقد جاءت اليوم واحدة من أشهر عارضات الأزياء في مجال الموضة وعلى ما يبدو انها ستمضي عقد مع الشركة او شيء من هذا القبيل.
حسناً كل هذا جيد، أين الجانب السيء من الأمر؟
السيد هاري.
ماذا به؟ سألت ببعض اللهفه.
إنه يتعامل مع تلك الفتاة. لا ادري كيف أقول ذلك. بحميمة زائدة. اردفت كلمتها الأخيرة بصوت منخفض حتى استطاعت بالكاد ايفدوكيا سماعها لم يصدر منها أي كلمة سوى حروف تعبر عن الدهشه.
اوه ساد الصمت لثوانٍ قبل أن تستجمع ايفدوكيا نفسها لتقول:
لما قد يكون ذلك جانب سيء. أعني ما شأنِ بذلك؟
ايفدوكيا هل تمزحين؟
ماذا؟ لستُ امزح أنا حقاً متعجبة من حديثك!
من تخدعين يا فتاة؟ حسناً لا يهم الآن استمري في التظاهر لكن لن تستطيعِ اخفاء تعابير وجهك عند رؤيتهم سوياً سألت بيرت ثم تفوهت بنبرة لعوب فهي لا يمكنها التوقف عن الظن أن هناك شيء بين هاري و ايفدوكيا. ربما يكون الأمر من جانب واحد لكنها واثقة من أن الأمر يتخطى كونه مديرها في العمل.
لا حاجة لي بإخفاء أي شيء بي، والآن يتوجب على الذهاب أمي بحاجتي تحججت ايفدوكيا بمرض والدتها لتتهرب من حديث بيرت.
حسناً وداعاً.
اغلقت الخط ووقفت لثوانٍ تنظر نحو انعكاسها في المرآة وتفكر. هل هناك اي شيء مشترك من حيث الهيئة بينها وبين عارضة الأزياء تلك؟ مؤكد لا ففتاة كتلك تشبه دُمية باربي ذات الشعر الحريري وبالطبع لامع كالذهب. جسد منحوت وابتسامة بيضاء لامعه كالنجوم ليلاً، تماماً كماديسون!
مرت ثلاثة أيام بالفعل ولم تُخبرها بيرت بأي شيء جديد يخص عارضة الأزياء تلك وباتت ايفدوكيا لا تعرف هل حقاً لا توجد أخبار جديدة؟ أم ان بيرت تُخفي بعض الأمور متعمدة لإغاظتها. ربما هي تعرف أن فضول ايفدوكيا سيغلبها وستتصل هي لتسأل ماذا حدث بشأن تلك الفتاة!
وقفت ايفدوكيا تُغني بصوت منخفض أغنية تحوي بعض مشاعر الحب بينما تطهو الحساء، لم يكن صوتها جيد للغاية في الغناء لكنها كانت تفعل على أي حال فذلك كان يجعلها سعيدة ويعمل على تسليتها كذلك وهي تطهو.
ايفدوكيا هاتفكِ احدهم يتصل.
من أمي؟
إنه هاري اردفت والدتها لتخلع المريلة التي كانت ترتديها وتهرول نحو الخارج، تلتقط الهاتف وتتوجه نحو الخارج لتتحدث براحة.
مرحباً هاري.
اوه مرحباً هل كنتِ تركضين أم ماذا؟
ماذا؟ لا لقد كنت اطهو الطعام. انا نوعاً ما كثيرة الحركة.
والديكِ محظوظين لتناول الطعام الذي يتم طهيه بواسطتكِ.
هذا لطف منكَ لكنكَ تبالغ حقاً، انتَ لم تتذوق طعامي من قبل حينما كنت برفقتنا هنا كنت تُحضر طعام من الخارج دائماً.
هذا صحيح، انا مغفل بحق اردف بنبرة درامية لتضحك هي بصوت مرتفع قليلاً ويبتسم هو لا ارداياً على الجانب الآخر.
إلهي الطعام الذي اعده لا يستحق أن تسُب نفسك من أجله.
اترين؟ إنه مميز.
اشكركَ. سأدعوك على الغداء قريباً لا تقلق، بالمناسبة كيف يسير العمل هل من جديد؟ قامت برمي الكرة في ملعبه لا تريد أن تسأل بشكل مباشرة عن تلك الفتاة ربما سيتحدث هو من تلقاء نفسه.
على ما يرام لا يوجد جديد.
أواثق من ذلك؟
هل هناك شيء معين تريدين سماعه؟ هل كشفها بالفعل؟ هل كان فضولها بارزاً لتلك الدرجة؟ ربما.
ماذا؟ لا بالطبع ما أدراني.
بالمناسبة لقد اتصلت لأخبركِ بأمر مهم. ربما ليس بالنسبة لكِ لكن بالنسبة لي اردف بنبرة خجوله قليلاً يشوبها بعض التوتر.
إلهي اخبرني بالطبع، لا داعي لتلك المقدمات تحمست لكونه يتصل ليُخبرها بأمور تتعلق به. ارتسمت ابتسامة بلهاء على شفتيها وهي تتحدث.
حسناً من المفترض أن أقابل روبرت غداً.
من يكون روبرت؟
ذلك الرجل الذي يود الزواج من والدتي.
مهلاً من روبرت؟ إنه يُدعى روبن سأل هاري نفسه ثم عقد حاجبيه وهو يتحدث إلى نفسه بصوتاً مرتفع قبل أن يُعدل اسم زوج والدته لتقهقه هي على لطافته بينما ضحك هو بخجل لقد بدا مُضحكاً.
أنا حقاً منبهره أنكَ ستفعل! إلهي أنا فخورة بكَ اتش.
من اتش؟ سأل هاري وهو يتوقع إجابة ويتمنى أن تكون صحيحة.
حسناً هذا الحرف الأول من اسمك وهكذا يُنطق بالإنجليزية.
اوه حسناً. اتقصدين أنكِ تستخدمينه للتدليل؟ اردف بإبتسامة متسعة أما عنها هي فقد صمتت لثوانٍ تتمنى لو أن الأرض تنشق وتبتلعها في جوفها.
حسناً هل أنتَ متحمس لهذه المقابلة أم تشعر بالضيق؟
صدقاً لا أعلم، سابقاً كنت رافض الأمر تماماً حتى تحدثنا سوياً وتمكنتِ من إقناعي لكن الآن قد رضيت نسبياً عن الأمر.
أرى شعور مختلط هنا، صدقني أن واثقة من أنه سيكون شخص جيد والأهم هنا أن يُسعد قلب السيدة آن أليس كذلك؟ اردفت بنبرة لطيفة وهي تحاول جعله ينظر إلى الجانب الإيجابية فسعادة والدته هو أمر مهم للغاية.
بالطبع. اوه بالمناسبة كيف حال والدتك؟
إنها تتحسن شكراً لكَ.
اوه سعيد لسماع ذلك، بالمناسبة. قال هاري بسعادة قبل أن يقاطع حديثه صوتاً قادماً من جانبه بالكاد استطاعت ايفدوكيا سماعه لكن ما هي واثقة منه انه كان صوت فتاة.
اعتذر ايف سأتحدث إليكِ لاحقاً حسناً؟
حسناً وداعاً أغلقت الهاتف بغضب، تضم كلتا يديها إلى صدرها بضيق وهي تتأفف، أخذت هاتفها وتوجهت نحو الداخل. صراع داخلي لا تدري لما غضبت لكن في النهاية هي فعلت. ربما لأن لا احد يُحب أن يشاركه أحد أصدقائه أليس كذلك؟
كيف حاله؟
إنه بخير أمي. يُرسل إليكِ تحياته.
ياله من شخص لطيف أليس كذلك؟
أجل بالطبع. اختصرت حديثها فهي تشعر بإرهاق شديد ولنقول أن الضغط نفسي عِندها يفوق الجسدي بمراحل.
في مساء اليوم التالي وقف هاري أمام المرآة الطويلة الموضوعة في حجرته والتي تسمح له برؤية جسده كاملاً، كان يريد أن يرتدي بذلة رسمية كما يفعل عادة لكن استطاعت چيما اقناعه بإرتدتء ملابس شبابيه عادية ساخرة منه قائلة:
إنها سهره عائلية وليست مقابلة عمل نفذ ما قالته شقيقته ليتجنب صداع الرأس، لكن بالرغم من ذلك لم يتخلى عن أناقته فقد ارتدى بنطال أسود اللون وتي شرت باللون الرمادي ومعطف باللون الأسود.
أين انتم اردف فور توجهه للأسفل عندما لم يجد أحد، جلس على الأريكة دقيقتين قبل أن تأتي چيما برفقة والدته.
اوه أمي تبدين جميلة اردف وهو ينهض ليضمها.
اشكرك هاري على منحي تلك الفرصة.
بل أنا من يتوجب على شكرك. لأنكِ فضلتِ منح وقتكِ وصحتكِ لنا طوال تلك السنوات بدلاً من الإلتفات إلى نفسكِ قال لتدمع عين آن. يُقبل هاري رأسها بهدوء.
إلهي يا رفاق سأبكي تفوهت چيما بنبرة درامية لتقطع تأثرهم، ينظر هاري نحوها بإشمئزاز.
ألا يمكنكِ عدم إفساد أي لحظة مؤثرة؟
اسفة لكن لا استطيع.
كان يقود هاري السيارة ويُحرك الهواء خصلات شعره المجعد لا تخفى عن عينه صورتها. تمنى لو كانت برفقته الآن كان ستعطيه دفعه قوية للأمام كان سيشعر بالإطمئنان لأنه واثق أنها الوحيدة التي لن تُصدر أحكام عليه مهما حدث.
هاري. هاري توقف هنا إلى أين شردت؟
أنا حقاً اعتذر قال هاري وهو يضغط على المكبح ويستوعب أن المطعم قد مر بالفعل، يعود إلى الخلف ببطء باحثاً عن وضعيه جيده لكي يوقف السيارة.
يتوجه إلى الداخل ليجد رجل يبدو في آخر عقده الرابع يجلس، بشرة بيضاء يكسوها بعض الحمره ذو لحية يشوبها بعض البياض ويرتدي نظارات طبية، كان يبدو عليه اللطف وكأن ملامحه تشع بمشاعر الأبوة.
مرحباً سيد روبرت قال هاري وهو يصافحه لتدعس چيما على قدمه ليحمحم بإحراج وقد ارتسمت على ثغؤة ابتسامة مزيفة.
اعتذر، أعني سيد روبن صحح هاري ليصافحه روبن بود قائلاً:
لا داعي للإعتذار بني تفضل بالجلوس جلس ثلاثتهما وساد الهدوء لوهله قبل ان يُشير روبن إلى النادل لكي يحضر ويأخذ الطلبات خاصتهم.
أنا سعيد للغاية برؤيتك هاري، لقد حدثتني آن عنك كثيراً بالإضافة لمعرفتي بكَ في سوق العمل.
اشكرك سيدي اردف هاري بلطف شاكراً لكونه لطيف.
انظر هاري أنا لا ولن أحاول أن احل محل والدك لذا أرجو ألا تكون هناك حساسية بيننا. كان يتحدث ببعض الحرج وكان هاري يشعر بعدم راحة لكن في داخله كان يقدر حديث روبن وتفهمه لمشاعره.
اشكرك حقاً على كلماتك اللطيفة تلك سيد روبن أنا حقاً اقدر ذلك تفوه هاري بكلماته قبل أن يجذب أنتباهه صوت وصول إشعار على هاتفه.
كيف تسير المقابلة؟ اتمنى لك حظاً جيداً.
ايفدوكيا.
كل شيء على ما يرام حتى الآن، سأوافيكِ بكافة التفاصيل حينما اعود للمنزل.
هاري.
سأنتظرك اذاً.
ايفدوكيا.
مر الوقت سريعاً عكس توقعات هاري، قضوا ليلتهم سوياً ليعود هاري إلى منزله بتعب وبالرغم من أن عيناه كانت نصف مغلقة لكنه كان يقاوم رغبته في النوم لكي يرسل رسالة لايفدوكيا وحقاً اصبح يروقه أمر المراسله ذلك فهو يبقيهم على تواصل دون وجود أي حرج او خجل.
اعتذر على التأخير بالطبع لم انساكِ لكننا فقط عدنا في وقت متأخر. كان اليوم لطيف ولم نتشاجر قط وبشكل ما يعود الفضل في ذلك إليكِ، تجاهلي الأخطاء الاملائية فأنا نصف مستيقظ الآن. ليلة سعيدة ايف
هاري.
نظرت إلى الهاتف. ارتسمت ابتسامة كبيرة على وجهها، لم تُجيب فقد غلبه النعاس بالطبع لكنها ستتصل به في الغد هذا ما كانت تنويه.
استيقظت باكراً على صوت والدتها تناديها لتركض نحو الخارج سريعاً لتساعدها في النهوض، ذهبت ايفدوكيا لتعد الفطور لتتناوله مع والديها قبل أن يذهب والدها إلى العمل.
هل تحدثتِ إلى هاري اليوم؟ سألت والدتها لتنظر نحوها ايفدوكيا بشك.
لا لم افعل. لما؟
لا شيء. هو فقط شاب لطيف.
أجل شاب لطيف وصديق جيد قلت وأنا اضغط على احرف كلمة صديق.
أجل صديق وهل قلت شيء عكس ذلك؟
لا لم تفعلي، أنا اؤكد على تلك المعلومة فقط. تحاذقت ايفدوكيا ثم قبلت والدتها قبل أن تأخذ الهاتف وتقف بالقرب من الشرفة لتهاتف هاري لكن لسوء الحظ كان هاتفه مغلق. عبس وجهها ثم زفرت بضيق عندما كررت المحاولة والنتيجة نفسها.
ذهبت الشمس لمضجعها تاركه أكبر وأعظم لوحة في الكون. الشمس تغيب ويُغلفها مزيج من الألوان. البرتقالي بعض الأشعة الصفراء وبعض الحُمره، وقفت هي تراقب ذلك المشهد حتى غربت الشمس بالفعل ومازالت تقف في محاولة للإتصال بهاري لكن النتيجة ذاتها.
حل الليل ولم تصل إليه لذلك توجهت إلى سريرها لتنام باكراً لشعورها بالملل فهي تفعل الأشياء ذاتها منذ عدة أيام.
في الثانية والنصف صباحاً صوت شيء ما يصطدم بشرفتها، تتقلب في سريرها محاولة أن تبقى نائمة وألا تتأثر بذلك الصوت، يصمت ثوانٍ ثم يعود صوت أشياء تصطدم بالشرفة.
زمجرت بضيق كحيوان مفترس قبل أن تتوجه بغضب لترى ما اللعنه التي ايقظتها في هذا الوقت وجعلها تترك مضجعها الدافئ لتذهب نحو الشرفة الباردة، تنظر من الخارج باحثه عن طفل شقي تغافل والديه عن تربيته ليتركوه في الشارع في مثل هذا الوقت ليزعج الجيران.
ايها ال. كادت أن تسب اياً يكن من يقف أمامها لكن عيناه الخضراء اللامعه في ذلك الضوء الخافت كانت كفيلة بإخراسها تماماً.
أنتَ؟ كانت كل ما صدرت منها ثم زينت ابتسامة واسعة وجهها.
أجل أنا.
هل فقدت عقلكَ هاري؟ ماذا إن رأك أحد هنا؟ كانت تسأل بينما تضحك بصدمة مازال عقلها لا يستوعب كونه هنا الآن! لا تدري كيف حضر ومتى؟ لقد كان يتحدث إليها بالأمس واختفى تماماً اليوم وها هو ذا يقف أسفل شرفتها في هذا الوقت المتأخر من اليوم.
بدلي ثيابك سريعاً سأنتظرك هنا قال بثبات بينما يُخرج علبه السجائر من جيب معطفه ومعها قداحة صغيرة، تراقبه بينما ينفث الدخان بعد إشعالها قبل أن تُغلق الشرفة والستائر لتُبدل ثيابها. ترتدي ثياب ثقيلة فالجو يبدو بارد جداً في الخارج، أخذت الشمسية خاصتها وسارت بخطى بطء كحرامي يتسلل في محاولة لعدم إيقاظ والديها.
فتحت الباب بهدوء وتوجهت إلى الجهه الآخرى من المنزل حيث يقف هو.
ماذا تفعل هنا؟ هل فقدت عقلك؟
لا لم أفعل بعد ولكننا سنفعل بعد قليل اردف لتقهقه وظهرت على وجهها الكثير من التساؤلات.
أين سيارتك؟
ليست هنا.
كيف اتيت إذاً؟ سألت ليبتسم قبل أن يُشير نحو الدراجة النارية الموجودة خلفه.
هل تمزح معي؟ سألت بإنبهار وهي تضحك.
لا لستُ أمزح وبالمناسبة لقد أحضرت خوذة إضافية فأنا أخاف على رأسكِ الثمين هذا كما أنكِ لن تتذكريني في تلك الحالة. سخر منها هاري بعد أن كان يتحدث بنبرة جدية بينما وقفت هي في صدمة تحاول استيعاب ما يقوله.
هاري إلى أين سنذهب بهذه الدراجة البخارية في مثل هذا الوقت؟
لنفقد عقلنا قليلاً ايفدوكيا توقفِ عن التعامل كإمرأة ناضجة فأنتِ لا تزالين شابه وبدلاً من التمتع بحياتك قد قمتِ بدفن نفسكِ داخل علاقة سامة.
هل كانت كلماته لاذعه قليلاً؟ أجل لأنها تحتوي على الحقيقة وكلنا نتهرب من مواجهه الحقائق. لكنها لم تحزن من كلماته بل فرحت لأنه يحاول تعويضها عن ما مر وكذلك يحاول أن يُخرجها من قوقعتها التي سُحبت داخلها منذ بداية علاقتها بليو والتي كان يريد فيها أن تكون ايفدوكيا ملكه بالمعنى الحرفي. حتى أن علاقتها بأصدقائها القدماء قد تدمرت والفضل يعود له وبالطبع لكونها شخصية سلبية أو كانت كذلك!
لنفعل هاري. فأنا لا أريد أن أموت دون أن احظى ببعض المرح اردفت بحماس وسخرية قبل أن يوبخها هاري لإستخدامها لكلمة الموت لكن لا بأس.
جلس هاري على دراجته استعداداً للقيادة بينما جلست هي خلفه بعد معاناة فهي لم تركب دراجة نارية من قبل وشعرت انها ستفقد توازنها في أي لاحظه لولا أنها تشبثت بهاري بقوة. قد شعرت بالخجل الشديد لفعلها هذا وكانت توبخ نفسها داخلياً لكنها في الوقت ذاته لن تخاطر بسلامتها.
ابتسم هو فور فعلها لذلك، مع خطوته الأولى تصدر صرخى مرعوبة منها بينما يقهقه هو بصوت مرتفع.
إلهي أنا فقط خطوت خطوة للأمام ماذا حدث؟ سأل وهو يقهقه قبل أن يزيد من سرعته وفي الوقت ذاته يشعر انه فقد حاسه السمع نتيجة لصراخ ايف داخل أذنه.
تتطاير خصلات شعرها ضد الهواء لتبدأ هي في الإبتسام تبدو المدينة غاية في الجمال في مثل هذا الوقت، شوارع هادئة والسماء صافية سامحه للنجوم بأن تشع وتتلألأ.
لقد وصلنا صدرت هذه الجملة من هاري في اللحظة ذاتها التي شعرت أن نسمات الهواء الباردة تداعبها بقوة، ترتجف قليلاً. تنظر إلى يمينها لتجد مصدر هذا الهواء. بالطبع! إنهما يقفان بالقرب من البحر وتلك المغفلة كانت تسأل نفسها عن سبب تواجد تلك الرائحة المنعشة التي دبت السعادة داخلها.
إلهي الشاطئ صرخت بحماس لم يكن يعرف أنها تحب البحر لهذه الدرجة! لو كان يعلم لكان جلبها إلى هنا في وقت سابق فقط ليرى حماسها الطفولي هذا!
أجل، اتعلمين ماذا سنفعل الآن؟
لا لكنني متحمسه على أي حال قالت ليضحك كاشفاً عن تلك الحفرة في وجنتيه لتبتسم هي في المقابل.
لن أخبركِ لتري بنفسكِ.
تفوه بها وهي ركض نحو الداخل ليتلطخ حذاءه بالرمال وتفعل هي المثل، تركض وهي تضحك بصوت عالي وبالرغم من كون الجو بارد للغاية خاصة وانهم اصبحوا امام البحر تماماً لكن الركض والحماس لم يمنحوها فرصة الشعور بالبرودة.
توقف هاري أمام خيمة صغيرة ملونة، تحوي من الداخل على لحاف ثقيل وبطانية كذلك. واكياس مُعبئة بالحلوى على ما يبدو.
إلهي هاري هل سنخيم على المحيط أسفل ضوء القمر؟
أجل سنفعل قال لتقفز هي كطفل في الخامسة من عمره قد حصل على لعبة جديدة.
إلهي أنت الأفضل اردفت وكانت نبرتها صادقة ليقف مبتسماً دون أن يُجيب فقط اكتفى بتأمل تعبيرات وجهها.
حسناً لنُشغل بعض الأغاني على هاتفي الجديد.
حسناً لنفعل. اتعلمين أخشى دائماً الإستماع إلى موسيقى مع أحدهم ومشاركته اغنيتي المفضلة.
ولما؟
لأنه قد يرحل عني. وستبقى تذكرني تلك الأغنية به طوال حياتي.
أجل ما تقوله صحيح. لكن لا بأس في ذلك الآن إلا لو كنت تنوي هجري اردفت بنبرة درامية ثم انهتها بمزاح لأنها تتحدث كما لو انهم عاشقين لكنهم فقط أصدقاء. أليس كذلك؟
كيف للوقت أن يمضي بهذه السرعة؟ كان هذا السؤال يجول في خاطرها فور رؤيتها لشعاع الشمس الأول والتي ودت لو أخبرته بأن ينتظر قليلاً حتى لا تنتهي هذه الليلة. لكن لكل شيء جميل نهاية.
حسناً إليكِ ما سنفعله الآن، اولاً سنشاهد الشروق وعندما ننتهي من ذلك سنقود السيارة إلى أحدى المقاهي الباريسية الفاخرة لتناول وجبة الفطور ونستمر في الدردشة قليلاً قبل أن اقوم بإعادتكِ إلى المنزل قبل أن يستيقظ والدكِ فأنا لا اريد ان تكون والدتكِ بحاجة إلى شيء وأنتِ لستِ إلى جانبها.
اردف وودت أن تضمه لمشاعره النبيلة تلك وايضاً لتشكره على تلك الأمسية الرائعة لكنها تستحي من فعل ذلك.
هاري أنا حقاً شاكرة. أنا حتى لا استطيع أن اجد كلمات مناسبة لوصف ما أشعر به الآن. لكنني حقاً سعيدة بكل هذا ولا ادري كيف احضرت هذه الخيمة وتلك الأغراض إلى هنا وكيف حضرت سيارتك إلى هنا ايضاً من تلقاء نفسها، لكن كل هذا لا يشغل بالي الآن فأنا لا أريد تضيع هذه اللحظات السعيدة في التفكير الزائد.
للمرة المليون وواحد لا داعي للشكر، أنا سعيد لأنكِ تقولين هذا فأنا لا أريد منكِ التفكير في أي شيء غير الإستمتاع.
قال قبل أن يسير كلاهما للخارج نحو السيارة تاركين الخيمة وكل شيء خلفهم ف بالطبع قد أمر هاري أحدهم أن يُزيلها كما فعل بشأن إحضار السيارة إلى هنا وأخذ الدراجة النارية.
كان الفطور لذيذ للغاية وقد انتهى كلاهما منه سريعاً، اوصلها هاري من حيث أخذها باكراً ذلك اليوم.
هاري أنا.
صه صمتاً ايف ان كنتِ ستتحدثين عن الشكر ومثل هذه الأشياء. بنبرة حازمة قال جملته وقبل أن تقهقه هي بلطف ثم تُردف:
فقط قُدْ بحذر.
حسناً سأفعل، اشكركِ على وجودك تفوه بها قبل ان تبتسم له وتُغادر السيارة، تلوح له وتنتظر أن يرحل لكن يُشير إليها بأن تدخل المنزل اولاً.
تفتح الباب ببطء شديد ومازال الهدوء يخيم على المكان كما تركته تماماً فالوقت لا يزال باكراً للغاية.
تسير بهدوء وتتوجه نحو الأعلى لتتأكد أن والديها نائمين وأن والدتها ليست بحاجة إلى أي شيء وبالفعل كانوا كذلك اذا عادت أدراجها للأسفل لتتوجه نحو المطبخ لتشرب الماء حيث شعرت بجفاف رهيب قد اجتاح حلقها وبينما تفعل سمعت أذنها صوت خطوات أقدام في الخارج. لكنها تأكدت للتو من أن والديها نائمين.
اذاً من في الخارج؟
أمسكت بإحدى السكاكين بهدوء في محاولة لعدم إصدار أي صوت وبينما تسير نحو الخارج صرخت فور رؤيتها ل...