رواية إيفدوكيا للكاتبة إيمان عادل الفصل الثاني والخمسون
أعدكِ بيرت. قال نايل بإستسلام بينما تشتت ذهنه كثيراً بما قالته بيرت. تُرى هل حقاً سيحافظ على الوعد الذي قطعة قبل دقائق؟
لنذهب لقد تأخر الوقت. اردفت بيرت وهي تنظر في ساعة هاتفها فهي لديها عمل في اليوم التالي باكراً.
حسناً، سأعيدكِ عند الشركة لتأخذي سيارتكِ.
حسناً، اشكرك. بالفعل قام نايل بإيصالها إلى الشركة وعادت هي إلى المنزل.
مرحباً ايف لقد عدت.
مرحباً بعصفورة الحب قالت ايفدوكيا وهي تقهقه بلطف.
نحن. مجرد. أصدقاء. تحدثت بيرت بتقطع وهي تؤكد على كل كلمة تقولها.
إلهي بيرت هل وجنتكِ صُبغت باللون الأحمر أم أنني أعاني من ضعف النظر.
تُعانين من ضعف في الفهم سخرت منها وهي تخلع حذائها بعشوائية ثم ترتمي على الأريكة.
بيرت أود أن أخبركِ بشيء ما.
إلهي، أخشى تلك الجملة كثيراً.
لا، لا تخافي. انظري لقد حصلتُ على راتبي اليوم.
اوه حقاً؟ هذا جيد.
أجل ولقد أضاف أليكس مكافأة لأنه يرى بشكل ما انني قد أفدته كثيراً في تصميم المجموعة (Collection) الجديدة التي سيُعلن عنها تحدثت ايفدوكيا ببعض الدهشة وربما عدم التصديق.
إلهي هذا رائع، يمكنكِ منح تلك الأموال لوالديكِ
في الواقع سأمنحهم الراتب كاملاً وسأحتفظ أنا بالزيادة.
حسناً. لا تقلقِ أنا إلى جانبكِ وراتبِ هو خاصتكِ ايضاً يمكننا تقاسمه سوياً.
أُحبكِ بيرت، انتِ الأفضل. اردفت ايفدوكيا وهي تضم بيرت لتبتسم بيرت بفرحة شديدة لجملة ايفدوكيا تلك.
كيف تخططين لإرسال الأموال؟
سأذهب بنفسي.
لكن. ألن يكون ذلك مُرهقاً؟ سألت بيرت وهي تحك مُخرة رأسها.
لا بأس سأذهب في عطلة نهاية هذا الأسبوع.
حسناً إن كان يوم عطلة فسأذهب برفقتكِ.
لا بيرت شكراً، لا داعي لذلك انتِ تنتظرين عطلة نهاية الأسبوع لتحصلي على قسط من الراحة.
لا يمكنني ترككِ وحيدة وانتِ في هذه الحالة سنذهب معاً.
حسناً بير. قالت ايفدوكيا بلطف بينما أخذت هاتفها تعبث فيه وقد مرت أمامها بعض الصور لأليكس على تطبيق الإنستغرام وكان على ما يبدو في حفل أو ملهى ليلي فكانت الأضواء صارخة والخلفية مزدحمة بالكثير من الأجساد، أخذت تنظر إلى الصور بملل حتى لاحظت شيء ما. بل شخص ما!
شخص يُشبه ليو يقف بزاوية إلى جانب أليكس لكن معالم وجهه لا تظهر كثيراً لسوء الإضاءة وعدم نظره نحو اتجاه الكاميرا.
بير. هل هذا. ليو؟
ماذا؟ ليو؟ أين؟ سألت بيرت بفزع وهي تنظر حولها في كل مكان.
لا أعني هنا، انظري إلى تلك الصورة. نظرت بيرت مطولاً نحو الصورة قبل أن تُردف: إلهي عمن ابحث؟ انا لا اعرف كيف يبدو.
انتظري. غادرت ايفدوكيا مقعدها لتذهب وتُحضر صورة قديمة لها برفقة ليو.
هذا هو. أعني لقد تغير شكله قليلاً لكن مازال ليو على أي حال.
حسناً. ربما يكون هو. لكن أعني الصورة تلك ليست غاية الوضوح، ايف لا تشغلي بالكِ ألم تُخبريني في السابق انه وُضع في السجن؟
أجل لكن. ربما قد هرب أو استطاع الخروج بطريقة أو بآخرى.
وإن كان ذلك حدث بالفعل، لما سيكون برفقة أليكس؟ من أين يعرفه؟ سألتها بيرت وكان السؤال يُعتبر منطقي للغاية وكادت ان تقتنع ايف قبل أن تقفز فكرة آخرى إلى بالها فتعود شكوكها مرة آخرى.
لكن هو بالتأكيد يعرف أليكس فهو المنافس الأول لشركة ستايلز.
لا تشغلي بالكِ بذلك لو كان ليو في الخارج لكان هنا الآن.
لكنني أخبرتكِ أنني رأيته من قبل.
ايف عزيزتي ليو غير قادر على ان يتسبب لكِ في ضرر.
أتمنى أن تكوني محقة بيرت.
بينما يتحدث كلاهما دق هاتف ايفدوكيا وقد كان رقم مجهول، اضطربت معالم وجه ايفدوكيا فهي لا تُحبذ الإجابة على الأرقام المجهولة فالأمر لا ينتهي بنحو جيد في كل مرة.
مرحباً؟ لم يُجيب المتصل بل سمعت ايف صوت انفاسه.
من معي؟ سألت مجدداً وهي تنتظر الإجابة.
كيف. كيف حالكِ ايفا. قالت ماديسون بنبرة متقطعة، لتشعر ايفدوكيا بأن قلبها يكاد يقفز من محله. وقفت بسرعة غير مُبالية بآلم قدمها وتوجهت نحو الغرفة كي تستطيع التحدث براحة أكثر.
كيف حالكِ ماديسون؟ انا بخير.
كيف حال قدمكِ؟ سمعتُ انها قد كُسرت.
أجل لكنني بخير الآن.
جيد أنا فقط اردت الإطمئنان عليكِ. اردفت ماديسون ثم أغلقت الخط سريعاً دون أن تنتظر إجابة من ايفدوكيا. لقد كان الجفاء قد تمكن نسبياً من علاقتهم. لكن ذلك لم يمنع شعور السعادة الذي احتل كيان ايفدوكيا لسماع صوت شقيقتها.
في نهاية الأسبوع، كانت ايفدوكيا تستعد للرحيل لزيارة والديها وبيرت كذلك وقد كان عقل ايفدوكيا منشغلاً بأمر النقود وكيف ستدبر الأمر فهي تعلم إن والدها إن وافق على أخذ الأموال هذه المرة فهو لن يقبل في التالية فكبريائه لن يسمح له على الرغم من أن ايفدوكيا تشعر بانها مدينة له بكل الأموال والجهد والوقت الذي منحها اياهم فما تفعله هي لا يُمثل سوى نسبة ضئيلة مما كان يفعله والدها في السابق، أما عن بيرت فقد انشغل رأسها بشيء آخر تماماً وهو لماذا لم يأتِ هاري إليهم حتى الآن؟ لقد أخبرها انه سيتحدث إلى ايفدوكيا في القريب العاجل لكن مر أكثر من يومان ولا خبر.
فيما تُفكرين؟
ماذا؟ لا شيء انتفضت بيرت حينما وجهت إليها ايفدوكيا السؤال.
هل انتِ واثقة من ذلك؟ فكما ارى يبدو أن عقلكِ قد سافر بعيداً.
لا شيء فقط أُفكر في نايل. قالت بيرت ثم اتسعت عيناها بينما ابتسمت ايفدوكيا وهي تقفز في مكان وتُصفق قائلة:
واخيراً لقد قلتيها.
صفعت بيرت نفسها داخلياً هي كانت تقصد انها كانت تُفكر في هل قام نايل بالإلتزام بالوعد حقاً أم انه خلف به لكنها لم تستطيع البوح بأفكارها كاملة.
إنه شاب لطيف. وسيم، وذو ذوقاً رفيع ويُحب الطعام مثلي.
إلهي انتِ لطيفة للغاية وأنتِ تتحدثين بشأنه.
لنذهب كي لا نتأخر هيا. هربت بيرت من الحديث وهي تحمل الحقيبة وتتوجه نحو الخارج، لم يستغرق الطريق الكثير من الوقت لأنهم رحلوا في الصباح الباكر وكذلك حُسن قيادة بيرت قد جعلهم يصلوا بسلام إلى مدينتها.
وقفت ايفدوكيا أمام باب المنزل لثوانٍ قبل أن تأخذ الخطوة وتدق الباب، قلبها كانت يتسارع لا تُريد أن ترى الحزن في عين والدها وفي الوقت ذاته قد اشتاقت إليه، قامت والدتها بفتح باب المنزل لتتسع عيناها بصدمة ثم تضم ايفدوكيا بقوة.
لقد اشتقتُ إليكِ، إلهي. بادلتها ايفدوكيا العناق وهي تشعر بحرقة في عيناها لقد اجتمعت دموعها.
اوه مرحباً ابنتي اعتذر لقد بالغتُ في عناق ايفدوكيا. اردفت والدة ايفدوكيا وهي تضم بيرت كذلك.
لا بأس خالتي أعلم انكِ مُشتاقة إليها.
أين أبي؟ سألت ايفدوكيا وهي تبحث بعيناها داخل ارجاء المنزل.
أحقاً لا تعلمين؟ قالت والدتها بنبرة مزاح.
لا أمي لا أعلم، لكن الإبتسامة على وجهك قد ادخلت السرور على قلبي. تحدثت ايفدوكيا بينما ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها فهي لم ترى والدتها سعيدة ومشرقة بهذا الشكل منذ مدة طويلة.
ابتسامتي؟ انتظري حتى تري خاصة والدكِ حينما يعود.
سأذهب للأعلى برفقة بيرت لنرتاح قليلاً بينما انتظر قدومه.
حسناً وأنا سأقوم بإعداد الغداء.
اوه كم اشتقتُ لطعامكِ. اردفت ايفدوكيا ثم انحنت لتطبع قبل صغيرة على وجنة والدتها.
كادت ان تتوجه نحو الأعلى هي وبيرت لكنها سمعت صوت ضحك رجولي مألوف.
أبي لقد جاء. هرولت ايفدوكيا نحو الباب لتفتحه بسرعة وترتمي في أحضان والدها الدافئة.
صغيرتي لقد عدتِ.
لا يمكنني أن اصف كم اشتقتُ إليكَ أبي، وكم اشتقتُ لسماع صوت ضحكك. صدرت كلماتها مُغلفة بنبرة شوق حنونة.
أنا ايضاً اشتقتُ إليكِ، لقد توقعت قدومكِ ولكن ليس بتلك السرعة لكن حمداً لله لم اتكبد عناء طول الإنتظار.
مهلاً ماذا تعني؟ سألت ايفدوكيا بفضول وهي تبتسم.
ايفدوكيا لقد عرفتُ كل شيء بشأن المفاجأة التي قمتِ بتدبيرها لذا لا داعي للإدعاء. قال والدتها بنبرة مرحة وهو يبتسم ليحل محل ابتسامتها تعابير وجه متسائلة بينما وقفت بيرت إلى جوارها كالحائط تماماً لا تشارك في الحديث بل تراقب الوضع.
أبي تمهل قليلاً وأخبرني كل شيء بوضوح فلقد اختلطت على الأمور.
حسناً لقد ذهبتُ اليوم لإستلام المخبز الذي قمتِ بشراءه من أجلي، أنا حقاً لا ادري كيف اشكركِ ابنتي. اردف وهو يضمها بسعادة بينما وقفت ايفدوكيا كالجماد ولم تُبادله العناق فكان هناك خلل حدث في كل خلايا عقلها.
أنا. فعلت.؟ تسائلت بنبرة بطيئة بينما نظرت نحوها بيرت بنبرة متسائلة كذلك.
أجل، هل أصبتِ رأسكِ أم ماذا ايفدوكيا؟ صمتت ايفدوكيا لثوانٍ قبل أن تُردف:
أوه أجل لقد فعلت. أنا فقط مُشتته قليلاً من السعادة، هل يمكنكَ أن تُخبرني أبي كيف تمت عملية الشراء او دفع النقود؟
لقد جاء صديقكِ ذلك الشاب الوسيم الذي ارسلتيه بالأموال ولا أدري كيف فعل ذلك لكنه استطاع إقناع البائع بسعر مناسب وقام بإنهاء كل العقود على الفور.
صديقي؟ هل أخبرك انه صديقي؟
أجل، على أي حال سأقابله بالمساء لأن هناك بعض الأوراق التي لم استلمها بعد.
سأذهب برفقتك. لكي اقوم بشكره بنفسي. قالت بإبتسامة زائفة ليبتسم والدها كذلك ثم يتوجه نحو غرفتة.
صديقك؟ سألت بيرت وهي ترفع أحدى حاجبيه بينما وقفت ايفدوكيا بثغر مفتوح تُفكر فيما قاله والدها، هي لم تُرسل أحداً بالنقود ولم تُخبر احداً من الأساس بشأن والدها سوى بيرت. إذاً من يعلم غيرها.
من. أخبرتي. بيرت.؟ سألت ايفدوكيا من بين أسنانها لتشعر بيرت بالتوتر لكنها تُجيب بثبات.
لم أخبر أحد.
حينما سمعت ايفدوكيا كلمات والدها بشأن صديقها أول من خطر ببالها هو هاري. فمن سواه قد يفعل شيء نبيل كهذا؟ لكن من أين سيعرف هاري؟ واين هي من هاري؟ ولما سيفعل شيء كهذا في حين أن علاقتهم مُدمرة؟
لذا قفز إلى بالها أليكس، فهذا الإحتمال يبدو أكثر منطقية فهذا الأسلوب العبثي يخص أليكس هو يحاول دوماً أن يجد مدخلاً نحو ايفدوكيا عن طريق مشاعرها ولن يجد أحداً أهم من والديها.
هناك احتمالان لا ثالث لهما.
هاري أو؟
هاري أو ألكيس بيرت.
أليكس؟ بالتأكيد لا، لكن هاري أجل.
ولما هاري أجل بيرت؟ سألت ايفدوكيا بنبرة درامية وهي ترفع أحدى حاجبيها.
أنا سأذهب لمساعدة خالتي.
سأكشف الحقيقة بيرت، وسأجعلكِ تعترفين بنفسك. تحدثت ايفدوكيا بصوت مرتفع لكي تصل كلماتها إلى أذن بيرت التي تسللت نحو المطبخ.
انتظرت ايفدوكيا على أحر من جمر طوال الليل، وقفت تنظر إلى الشمس من الشرفة وتسألها متى ستغيب كي يُسمح لها بمعرفة المجهول الشاهم صاحب الأموال. عقلها على وشك الإنفجار قد انقسم كيانها إلى نصفين نصف يُخبرها بأنه أليكس من المستحيل أن يكون هاري والنصف الآخر يصرخ بحروف أسمه. التشتت هو أسوء شعور قد يشعر به المرء فقلبها وعقلها قد أخذت نيران العداوة بينهما تشتعل. ولا تدري هي الفوز من نصيب من.
ايفدوكيا الطعام جاهز.
همم ماذا؟ أعادت ايفدوكيا إلى أرض الواقع كلمات والدتها، لتتسأل بضياع.
أجل. لا، لا ادري معدتي تؤلمني قليلاً. إنه التفكير الزائد يا سادة والقلق كلاهما يتحوران من مجرد آلم نفسي إلى آلم جسدي على الفور، آلم في المعدة. شعور بالغثيان واخيراً آلم في الرأس.
لقد اعددتُ طعامكِ المُفضل، هيا. حثتها والدتها بلطف لتضعف ايفدوكيا أمام نبرتها الحنونة ورائحة الطعام الشهية.
أبي، متى سنذهب؟ كان هذا السؤال هو بداية الحديث أثناء تناولهم للطعام.
بعد أن ننتهي من تناول الطعام ولا بأس في كوباً من القهوة بعد ذلك.
حسناً، سأعد لكَ قدحاً من القهوة كما تُحبه. قالت ايفدوكيا وهي تُغادر مقعدها دون أن تُنهي طعامها فكيف ستفعل وهي تود أن تركض نحو الخارج لتُقابل أي من كان ذلك الشخص.
اشتقتُ لفنجان القهوة خاصتكِ. اردف بلطف لتبتسم بيرت ببعض الإنكسار. تمنت لو أن عائلتها لطيفة بهذا الشكل.
تفضل أبي، سأذهب لأبدل ثيابي. تحدثت بسرعة وهي تتوجه نحو الدور العلوي، تبحث وسط الثياب القليلة التي احضرتها عن ثوب مناسب لكن لا تجد شيء جيد. تنظر نحو خزانة ملابسها القديمة لتجد داخلها بعض الثياب والتي كان أغلبها ينتمي لصيحات أزياء قديمة، حتى وجدت أحدى فساتينها القديمة كان ذو تصميم بسيط ويمكن ارتدائه في أي وقت فلا يوجد به تصميم يُميز فترة معينة.
بدلت ثيابها لتنظر إلى انعكاسها في المرآة وهي ترتدي فستاناً ذو لون أحمر منطفئ وأكمام طويلة قد زُينت نهايتها بإسورة وحزام يتوسط منطقة الخصر، تركت خُصلات شعرها منسدلة عدا بعض الخصلات التي قامت برفعها على هيئة كعكة مبعثرة وترك الباقي منسدلاً.
أنا مستعدة. قالت وهي تتوجه نحو الدور السفلي لينظر ثلاثتهم إليها بإنبهار، يبدو وكأنها ذاهبه إلى موعد غرامي لا مُقابلة صديق.
تبدين رائعة كوالدتكِ تماماً تحدث والدها بلطف وهو يُغازل والدتها بطريقة غير مُباشرة ولم ينسى أن يغمز بأحدى عيونه في نهاية جملته.
اشكركَ أبي هذا لطفاً منك، لكن فضلاً قُم بمراعاة شعورنا فأنا وبيرت وحيدتين في الوقت الحالي.
حسناً سأنتبه في المرة القادمة، لنذهب.
انا خائفة. همست ايفدوكيا لبيرت بالقرب من أذنها.
لا تكونِ إنه فقط. هاري! قالت بيرت وهي ترفع كتفيها بلامبالاة.
ربما ليس هو!
هيا ايفا لنذهب.
حسناً أبي، وداعاً بيرت. تمني لي حظاً جيداً. تحدثت ايفدوكيا بصوتاً مرتفع ثم خفضت صوتها وهي تقول جملتها الأخيرة.
أين سنقابله؟
في مطعم قريب من هنا لكن سنركب الحافلة.
حسناً.
يمر الوقت بطيئاً بالرغم من انهم لم يستغرقوا أكثر من خمسة عشر دقيقة، لكن حينما ينهش المجهول خلايا عقولنا ويفعل فعلته في قلوبنا نشعر وكأن الوقت يمر ببطء سلحفاة تبلغ من العمر مئة عام أو أكثر!
لقد وصلنا، لقد أخبرني أنه سينتظر بالداخل لذا سيتوجب علينا البحث عنه.
لا بأس. أجابت بهدوء على عكس العاصفة داخلها.
ها هو ذا.
ذات الطول الشاهق والقامة العالية حتى اثناء جلوسه، الأمواج البُنية المتمثلة في خُصلات شعره التي سرقت من الشوكولاته لونها وعيناها الخضراء التي سرقت الجمال من كل ما هو حلو في هذا الكون، حاجبه المُنعقد وعيونه الشاردة، كان يعبث بإهامة في شفته السُفلي كما يفعل دوماً، اقتربت أكثر ليغمر أنفها رائحة عطراً أغرقتها في جمالها.
إنه هو. صاحب التأثير الأكبر عليها وذو المكانة التي لا مثيل لها داخل قلبها. هاري إدورد ستايلز.
مرحباً هاري. انتفض من مجلسه على الفور، ذابت مشاعره حينما سمع حروف اسمه تُنطق بصوتها، رائحتها عيناها. خصلات شعرها المُبعثرة وحتى سماعة أذنها سبب اللقاء الأول، كل شيء مميز بشأنها ولا يجد سبباً منطقياً لذلك.
ايفدوكيا!
مرحباً بعودتكَ هاري. اردفت بهدوء تام، يسحب هاري الكُرسي من أجلها فتشكره بأدب وتجلس ويجلس والدها إلى جانبها.
لقد انهيتُ كل الأوراق المطلوبة سيدي، ومن غداً يمكنك البدء في ممارسة عملكَ والقيام بكل ما يحلو لكَ في المخبز.
أبي هل معكَ قلم؟
لماذا؟
كُنت سأدون شيء ضروري تذكرته. لم يبدو على والدها الإقتناع، رفع احدى حاجبيه بشك لتُصلح هي حديثها على الفور:
لقد طلبت أمي شيء سأحضره من اجلها. اود أن اسجل ذلك كي لا انسى. اجابت وهي تهمس في أذن والدها ليمنحها قلماً كان في أحد جيوبه.
اشكرك أبي. بحثت في حقيبتها بتوتر على دفتر الملاحظات خاصتها ولحسن حظها وجدته حتى لا يبدو شكلها سخيفاً، دونت شيء سريعاً في دفتر الملاحظات ثم أعادته إلى حقيبتها لكن لم تُعيد القلم.
مرت بضع دقائق يتحدث فيها هاري ووالدها بشأن المخبز وما ينوي والدها فعله بينما لم تُشارك هي في الحديث بل أخذت تستمع إلى لكنته في انسجام شديد بينما تعبث في قائمة الطعام الموضوعة أمامها.
اشكرك مجدداً سيد هاري واشكركِ كثيراً ايف، هذا الأمر يعني لي الكثير.
إنه أمر بسيط في مقابل كل ما قدمته من أجلي أبي. اردفت بلطف بينما جاء النادل ليضع أمامهم العصير والقهوة قاموا بإنهائها سريعاً ثم وقف والدها وهي يشكر هاري مجدداً ويستأذنه في الرحيل، صافح هاري وفعلت ايفدوكيا المثل، التفت والدها ليذهب لتدفع ايفدوكيا بقائمة الطعام نحو هاري بخفة ثم ترحل، لم يفهم هاري الغرض من ذلك حتى وقعت عيناه على جملة كُتبت بخطاً صغير أسفل قائمة الطعام.
?قابلني غداً عند النهر ذاته?.