رواية إيفدوكيا للكاتبة إيمان عادل الفصل الثالث والثلاثون
ماديسون. ماذا حدث؟ سألت ايفدوكيا بدهشه فور رؤيتها لوجه ماديسون الغضب.
انتِ مجرد كاذبة مخادعة! لقد تشاجرتِ انتِ وهاري؟ هل هذا يبدو كشجار أم عشاء رومانسي؟ بأعين وكاد تشتعل من الغضب صرخت بها ماديسون لكن على عكس المرات السابقة لم تحتد ملامح ايفدوكيا ولم تشعر كذلك بالحزن بل نظرت إليها ببرود تام وقالت: لم أقل قط أننا تشاجرنا لقد قولت أنه بعض المشاكل قد حدثت في العمل حتى انني لم اسرد تفاصيل. لا شأن لي بما تحلمين به وتتمنين حدوثه مادي!
لقد سئمت من كذبك
و انا سئمت من هذه المعاملة ولن أقبل بها بعد الآن! اردفت ايفدوكيا بنفاذ صبر فلقد تحملت الكثير من السخافات في الفترة الماضية، ومنذ ظهور هاري أصبحث ماديسون تعامل ايفدوكيا معاملة سيئة تعادل معاملاتها السيئة على مدار السنوات الماضية.
انتِ إلى ماذا تسعين ها؟ الزواج به؟ هاري ليس الشخص الذي ينوي الزواج وإن كان يفعل فسوف يختار من لم تتزوج من قبل!
أجل ماديسون أرغب في الزواج به واتحداكِ ماديسون أن الأختيار سيقع على تلك المُطلقة التي تتحدثين عنها بثقة شديدة بصقت ايفدوكيا حديثها لتظهر تكسو تعابير الصدمة ملامح ماديسون أعين متسعة. وفم فارغ، عدلت ماديسون خصلات شعرها بغضب وأخذت حقيبتها وتوجهت إلى خارج المنزل وللمرة الاولى لم تحاول ايفدوكيا اللحاق بها.
جلست ايفدوكيا على أرضية المنزل الباردة. تشعر بالصدمة ذاتها. هي لم تتوقع أن تقول مثل هذه الكلمات قط! هي لم تُفكر من قبل في أمر الزواج من هاري بل لم يخطر على بالها أن تكون بينهما أي علاقة! لكن في النهاية حديث ماديسون قد استفز مشاعرها وأجبرها أن تتفوه بمثل هذه الكلمات كي تصمت وتكف الحديث حول هاري.
بعد مده قصيرة استقامت من مقعدها، كانت تشعر بفراغ فلا عمل اليوم ولا الغد ربما تستطيع زيارة والديها غداً وبالرغم من أن ذلك سيكون مرهق بالنسبة إليها حيث أنها ستقضي اليوم ثم سيتحتم عليها العودة كل تلك المسافة بسبب العمل لكن لا بأس، أما عن اليوم فقد قررت الذهاب للتسوق فهي بحاجة إلى ثياب جديدة كما أنه بعض المحلات قد وضعت بعض الخصومات على الملابس الصيفية من الموسم الماضي نظراً لأنهم الآن في فصل الشتاء والذي أوشك على الإنتهاء لكن بالرغم من ذلك مازال الطقس بارداً.
في خلال ثلاثة ساعات كانت قد ذهبت نحو مجمع المحلات التجارية وقد انهت تسوقها بالفعل، ذهبت لتجلس في أحدى المقاهي وفور دخولها قد غزت رائحة القهوة أنفها وزادت من حاجتها إلى الكافيين طلبت من النادل إحضار قهوة. كان كل شيء جيد للغاية حتى الآن لكن بينما كانت ترتشف من قهوتها صدح صوت هاتفها الجديد في المكان. نظرت نحو الشاشة لتجد أنه رقم خاص ابتسمت على سذاجة هاري هل فعل ذلك لكِ لا تعلم أنه هو المتصل؟
مرحباً.
ألم تشتاقِ لي؟ صمتت قليل بينما ابتلعت بتوتر، هذا ليس صوت هاري.
من تكون؟
هل نسيتِ من أكون بهذه السرعة؟ لم يمر ثلاثة أشهر بعد فتحت عيناها على مصرعيها فو، سماعها لتلك الكلمات.
ليو؟ سألت بإستنكار ليقهقه في الجانب الآخر قائلاً:
أجل عزيزتي لقد اشتقت إلى سماع اسمي من شفتيكِ.
أنتَ. من أين حصلت على هاتف؟
لدي دائماً وسائل خاصة قال بثقة لتشعر هي بالعالم يدور من حولها، تُمسك برأسها الذي شعرت انها على وشك الإنفجار.
يبدو أنكِ مازلتِ أسفل تأثير الصدمة، على أي حال سنلتقي قريباً كانت هذه الجملة الأخيرة قبل أن ينقطع الخط.
تجمعت الدموع في عيناها، تشعر بقلق فليو قد فقد عقله على ما يبدو كما أنها لا تدري كيف حصل على هاتف؟ وماذا سيحدث إذا حقاً تمكن من الهرب أو شيء كهذا. لم تجد شيئاً يهدئ من روعها سوى الإتصال بهاري وهذا الذي قامت به بالفعل، لم تُخبره أي شيء سوى أنها لا تشعر بأنها بخير وكذلك اسم مجمع المحلات التجارية التي تجلس داخله.
وبالفعل في خلال نصف ساعه كان هاري واقفاً أمام المقهى، يبحث عنها بعيناه ليجد رأسها مستنده على الطاولة وفور ملاحظتها له هرولت نحوه في ذعر وفور وقوفها أمامه تماماً اختل توازنها لتسقط أرضاً.
ايفدوكيا، فليساعدني احد قال هاري بإنفعال وهو يحملها بين ذراعيه ويتوجه نحو المقهى التي كانت تجلس داخله، اقترب من احدى الآرائك التي توجد داخل المقهى ليضعها عليه.
فليحضر احدكم عطر صاح هاري بينما ساد التوتر في الأجواء حتى اقتربت احدى الفتيات وبحوزتها زجاجة عطر، يأخذها هاري ويقوم برش القليل على يده ويقربه من أنف ايفدوكيا حتى تستنشق بعضاً منه لعل ذلك يساعدها على الإفاقة.
فتحت عيناها ببطء شديد لتنظر حولها وتبدأ في استيعاب ما يحدث.
ايفدوكيا هل انتِ بخير ماذا حل بكِ؟ نظرت نحوه بصمت قبل أن يُصبغ وجهها باللون الأحمر وتنهمر دموعها.
إلهي ماذا حدث؟ هل فعل أحدهم شيء لكِ؟ ازداد قلق هاري وهو ينظر نحوها بينما أخذت هي وقتاً لتستجمع قواها وتستطيع التحدث.
ليو.
واللعنه ما خطبه؟ سأل هاري بنفاذ صبر.
لقد هاتفني اليوم.
ماذا؟ من أين حصل على الهاتف.
لا ادري. لكنني أشعر بالذعر من وقتها. لقد. لقد أخبرني أننا سنلتقي قريباً. تلعثمت وهي تتحدث بينما امتعض وجه هاري وهو يضم قبضته قبل أن يضربها بقوة في الطاولة امامهم ليلتفت الجميع إليهم.
واللعنه كيف يجرؤ على فعل هذا وقول هذا! قال هاري بإنفعال لكنه سرعان ما هدأ قليلاً فور رؤيته لتعابير الخوف على وجه ايفدوكيا، فهو يعلم انه يبدو مخيفاً بعض الشيء في وقت غضبه فهو يعقد حاجبيه. تصبح عيناه الخضراء داكنه ويمتعض وجهه وعادة ما يفعل أشياء متهوره كالذي فعله منذ دقيقة.
اهدئ ايف هو لا يستطيع فعل أي شيء! أنا إلى جانبكِ لا تقلقِ حاول طمئنتها قليلاً لكن ذلك لم يُفيد كثيراً.
انظري من الصعب أن يستطيع الخروج من السجن وحتى وإن فعل فلن يجرؤ علر الإقتراب منكِ، حسناً؟ قالت لتومئ وقد بدأت تهدأ قليلاً. طلب هاري من النادل إحضار عصير ليمون كي يساعدها على استعادة نشاطها قليلاً.
أنا اسفة على إخافتك بتلك الطريقة لكن. امم.
ماذا؟ قولي ما تودين قوله.
لا أشعر بالأمان سوى بوجودك انزلق الحديث من فمها لا تدري لما قالت هذا لكن شعرها برغبتها في ذلك.
أما عنه هو فبات يتسأل أين ذهب هواء ذلك المكان؟ فقد احتبس داخل رئتيه من كان يدري ان كلماتِ بسيطة تتفوه بها قد تفعل كل هذا به؟ وقد عُرف الرجال بإخفاء مشاعرهم وجمودتها إذاً ماذا دهاه؟ وإن فعلت كلمة الأمان كل هذه البعثرة داخله فماذا عن كلمة أحبك؟ هل ستهدم كيانه كاملاً أما ماذا؟
إلى أين تقوده تلك الفتاة التي قابلها في موقف يُشبه الأفلام الرومانسية اللطيفة عدا انه لم يكن نبيلاً كما يظهر البطل في الأفلام بل علق بتعلسق سخيف وهو غاضب وكم مرة يندم على ذلك. لكن أليس هذا السبب في تعارفهم من الأساس؟ لذا لا بأس في ذلك...
هاري. إلى أين شردت؟ حممت ثم قالت اسمه بإحراج لينتبه هو لها ويعتذر، لقد تسبب في احراجها فهو لم يذكر اي تعليق بشأن جملتها تلك.
سأرى ما يمكنني فعله بشأن ليو تفوه وهو يُخرج علبة السجائر من جيبه الخلفي ويخرج كذلك القداحة خاصته. يشعل لفافة التبغ وينفث الدخان بتوتر وهو يهز أحدى قدميه.
مثل ماذا؟
لدى چيما صديق. قديم يعمل في الشرطة سأطلب منه إخباري إن كان هناك أي جديد بشأنه.
حسناً سيكون هذا جيد اردفت وهي تلوح يدها في الهواء لتُبعد الدخان وانتهى بها الحال وهي تسحب لفافة التبغ بعصبيه من يد هاري لتُطفئها.
لما فعلت هذاِ؟ سأل وهو عاقد حاجبيه بغضب طفولي لتنظر نحوه وهي تحاول كتم ضحكاتها.
هذا أفضل ولقد تحدثنا سابقاً بشأن السجائر قلب عيناه بينما استكملت حديثها قائلة:
أنتَ بالفعل مصاب بالربو لا داعي لإهدار صحتك.
حسناً حسناً تفوه لإنهاء الحديث صمت كلاهما لدقيقتين قبل أن يقطع الصمت صوت رنين هاتفها.
إنه أبي.
مرحباً أبي. ماذا؟ متى حدث هذا؟ اردفت بذعر بينما اتسعت عيناها، تأخذ حقيبتها وتستقيم وتتوجه نحو الخارج بسرعه بينما يتبعها هاري دون أن يعلم ماذا يحدث.
ايفدوكيا توقفي عن الركض وأخبريني ماذا حدث؟ بنفاذ صبر قال كلماته وهو يجذب ذراعها لكن برفق نوعاً ما، لتقابله أعينها الباكية.
لا ادري ماذا حدث فقط أبي يقول أن أمي في المستشفى.
هل الوضع خطير؟
لا أعلم هو طلب مني عدم الذهاب إلى هناك لكني لا اهتم أخبرته سريعاً وواصلت السير نحو الخارج ليلحق بها مجدداً.
حسناً انتظري سنذهب سوياً أبلغها بقراره وهي لم تفكر كثيراً فكل ما يشغل بالها هو الاطمئنان على صحة والدتها، كانت تدعو طوال الطريق أن يكون الأمر بسيطاً فهي لا تقدر على رؤية والدتها مريضة.
إلى من تتحدثين؟ سألها عندما وجد الهاتف بالقرب من آذنها.
ماديسون.
لا اظن انها ستسطيع القدوم.
ولما لا؟
العمل ايفدوكيا.
فليحترق العمل حين يتعلق الأمر بالعائلة صدرت كلماتها بغضب ربما كلمات هاري كانت استفزازية بعض الشيء لكنها لم تكن لتجعلها تغضب إلى هذه الدرجة، كثير ما ينتابه الفضول حول غرابه علاقة ايفدوكيا ومايسون فهما لا تبدوان كشقيقتين اطلاقاً وإن كان ذلك ظاهراً من جانب ماديسون أكثر بالطبع.
واللعنه إنها لا تجيب! لا يهم سأترك لها رسالة.
وبعد مرور ما يقرب من ثلاثة ساعات ونصف توقف هاري أمام منزلهم بعد أن أخبرهم والد ايفدوكيا انه استطاع اخذ والدتها إلى المنزل بعد أن سمح الطبيب بذلك.
تغادر ايفدوكيا السيارة وتتوجه نحو باب المنزل، تبحث في حقيبتها عن مفتاح المنزل وبالفعل تقوم بفتحه.
أليس من المفترض ان نطرق الباب؟ سأل هاري بإحراج لتنظر له بنظرة هل أنت مغفل؟
إنه منزلي هاري قالت وهي تدفع الباب وتتوجه إلى الداخل، حمحم هاري وهو يسير خجلاً.
أبي. كيف حال. صمتت قليلاً قبل أن تركض بلهفه.
أمي قالت وهي تضم تلك السيدة ذات الملامح الطيبة. كانت تبدو بشرتها شاحباً قليلاً بالاضافة إلى قدمها التي وُضِعت أمامها أعلى ذلك الكرسي والتي كانت مُلتفه بتلك المادة البيضاء التي تُفيد في إلتئام كسور العظام.
ماذا حدث؟ سألت بلهفه متناسية تماماً وجود هاري والذي وقف كشجرة في منتصف المنزل بينما وجه والد ايفدوكيا نظرات نارية نحوه وهذا منطقي فهناك شاب برفقة فتاتة وهو لا يدري من يكون.
كنت اتسوق من أجل المنزل وأختل توازني وفقدت الوعي لكن لسوء الحظ قد سقطت بقوة على حجر في الأرض لذا تسبب في كسر.
إلهي. انا اسفة لأنني لم اكن إلى جوارك بنبرة باكية، تضمها والدتها بحنان ثم تنتبه لوجود هاري فتقول:
أرثر هذا هاري ستايلز. إنه مدير ايفدوكيا في العمل ويعتبر صديق لها.
مرحباً بك اردف والدها وهو يصافح هاري الذي بدا متوتراً وكأن متوجه إلى اختبار نهاية العام دون أن استذكار حرفاً واحداً.
وأنتَ هاري ما هو عملك؟
اعمل في. أعني لدي عدة شركات في. امم مجال الأزياء تعثر لسانه في نطق الكلمات فابالرغم من كون والد ايفدوكيا لطيف في العادة إلى أن الوضع لم يكن لطيفاً لذا كان وجهه ممتعضاً.
اوه هذا مذهل كونك صغير السن، لكن اتمنى ألا تكون كأولئك الفتيه الذين جاءوا إلى الحياة وداخل أفواههم ملاعق من الذهب.
صفعت ايفدوكيا نفسها داخلياً، بينما نظرت لوالدتها التي تقهقه أما عن هاري فقد أخذ ثانيتين ليستوعب معنى حديثه.
اوه لا سيدي. في الواقع كان لأبي شركة لها ثلاثة أفرع وعندما ورثت أنا تلك الشركات عملت جاهداً حتى استطعت افتتاح المزيد من الفروع للشركة في مختلف الدول. قال وهو يحك مؤخرة عنقه.
سيدتي لقد جئت للإطمئنان عليكِ. اتمنى لكِ الشفاء العاجل اردف هاري وهو يتوجه نحو والدة ايفدوكيا كي يهرب من الحرج الذي يشعر به.
اسفة لأنني احضرتكم إلى هنا سريعاً واسفة كذلك على إخافتكم.
سيدتي لا داعي لقول هذا فأيفدوكيا ابنتكِ إن لم تكن هي أول شخص يجلس أسفل قدمك في مرضك فمن سيفعل؟
هذا كلام لطيف حقاً. وإن كان حديثك صحيحاً فيمكنني فهم سبب تواجد ايفدوكيا لكن انتَ لا ذنب لكَ لأن تترك مشاغلك وتأتي إلى هنا.
اوه. سيدتي ألستُ أنا ايضاً في مقام ابنكِ؟
أجل بالطبع.
كانت تصب ايفدوكيا تركيزها على لطافة هاري فكلماته تدل حقاً على كونه يملك قلباً أبيض اللون نقي تماماً كأنه طفل حديث الولادة.
ايفدوكيا.
همم امي هل تتحدثين إلي؟
أجل لكن عقلكِ في مكان آخر على الأغلب سخرت والدتها وهي تنظر نحو هاري قبل ان تستئنف حديثها.
كنت أقول يمكننا تدبير مكان هنا لينام به هاري.
اوه لا سيدتي لا داعي لذلك أنا سأتدبر أمري هناك فندق قريب من هنا اردف لينظر إلى ايفدوكيا ويقهقه كلاهما ففي ذلك الفندق قد اتفق كلاهما على عقد العمل سابقاً.
هاري يمكنك الرحيل إذا اردت لا داعي لأن تبقى هنا.
هل تقومين بطردي من منزلك؟ سأل هاري لتقهقه ايفدوكيا على تعابير وجهه.
لا اقصد المنزل يا هذا! بل اقصد يمكنك العودة إلى باريس حتى لا يتعطل العمل.
لا بأس سأعود حينما يحتاجون إلى أم انكِ تحاولين التخلص مني؟
لا بالطبع لا قالت ايفدوكيا وهي تُمسك ذراعها بآلم بعد أن قرصتها والدتها لقلة ذوقها في الحديث.
بالمناسبة سأرحل الآن وسأعود غداً صباحاً كي أرى أن كنتم في حاجة إلى أي شيء هذا بالطبع إذا سمح لي السيد آرثر بذلك عرض هاري بلطف ونظرت نحوه ايفدوكيا بتعجب إذا كان لطيف إلى هذه الدرجة مع الغرباء ومع من يكبرونه سناً إذاً لماذا كان يعامل والدته بأسلوب بشع؟
سيكون هذا لطفاً وكرماً منك سيد هاري.
لا سيد آرثر نادني هاري اردف ليبتسم جميعهم قبل أن يستكمل هاري:
إذا سمحتم لي بالرحيل الآن.
لا انتظر. صدر صوتها مندفعاً بعض الشيء لينظروا جميعاً لها ثم تُكمل: سأعد الكعك والعصير ابقى قليلاً.
اصرت ايفدوكيا على دعوتها وقد قبل هاري بالفعل وقضى معهم أمسية لطيفة يتحدثون تارة وتارة آخرى يشاهدون التلفاز على الشاشة متوسطة الحجم خاصتهم بينما يتناولون بعض التسالي، وحينما شعر هاري بأن الوقت قد تأخر قليلاً قد استئذن في الرحيل.
مر أسبوع وتكررت زيارات هاري إلى منزلهم حيث كان يساعد ايفدوكيا في شراء بعض الأغراض.
ايف. يتحتم على الرحيل من هنا يجب على العودة إلى باريس. اردف هاري بحزن فهو يشعر بالراحة في ذلك المكان فبيتهم دافئ للغاية. ليس دفء حرارة بل مشاعر فهو كان يفتقد شعور الأسرة الطبيعية منذ رحيل والده.
ماذا عنكِ؟ خرج من شروده ليسألها عن ما تنوي فعله.
لا يمكنني العودة قبل شهر من الآن.
ماذا؟ هذا كثير. بعبوس قال كلماته لكنه يعلم أنها مضطرة نظراً للظروف القائمة كما هو مضطر تماماً أن يرحل.
أعلم. لكنني لا استطيع لن يقدر أبي على مراعتها واحده.
حسناً.
يمكنك فصلي من العمل اذا اردت قالت وهي تعبث في خصلات شعرها بتوتر.
ماذا؟ بالطبع لا. ربما سأضطر إلى تعيين شخص إضافي لكن لا بأس بذلك ستجدين عملكِ كما هو حينما تعودي.
هذا حقاً نبل منك لا ادري ماذا اقول بسعادة كبيرة صدرت كلماتها.
بل أنا من يتوجب على شكرك ايفدوكيا.
وما المناسبة؟ سألت بتعجب وهي تبتسم.
أمي. لم تكن للتتحسن علاقتنا لولا وجودكِ.
بربك هاري أنا جعلت علاقتكما اسوء سخرت لظنها انه يسخر كذلك لكن نبرته ونظرته بدت جدية تماماً.
على العكس تماماً لقد كان يسود علاقتي أنا و والدتي الجفاء، لقد كنا نتشاجر كثيراً وقد كنت كثير الغضب لكنكِ هذبتِ تلك الخصلة.
أنا حقاً سعيدة بسماع ذلك على الرغم من أن السيدة آن لا تُحبني اردفت ايفدوكيا وهي تقهقه.
هي فقط تغار.
مِن مَن؟
من في رأيك يا صاحبة الذكاء العالي؟ سخر منها لتقلب عيناها.
أنا؟ لماذا؟
هي تظن انكِ تملكين مخططات للإقاع بي.
ماذا؟ ادعت البلاهه وهي تضحك ثم استكملت:
غلطتك انك لم توضح لها أننا لسنا سوا أصدقاء.
نعم. أصدقاء. أجل اردف وهو يحك عنقه.
على اي حال سعيدة بأنكَ علاقتك قد تحسنت بها كما تقول. قالت بإبتسامة واسعة.
اشكركِ. امم سأرحل الآن، وداعاً.
وداعاً هاري. اراك على خير اردفت وهي تُلوح له ليلوح لها بالمقابل ويبتسم.
هاري مهلاً لا تقُد بسرعة.
حسناً لا تقلقِ قال وهو يتوجه نحو سيارته، بدأت تتحرك السيارة بينما ظلت هي تراقبها حتى اختفت من أمام عيناها.
يرحل هو وأثناء قيادته يأتيه صوت إشعار من هاتفه ينظر سريعاً إلى الهاتف ثم يعاود النظر إلى الطريق حتى لا يتسبب في حادث، كانت رسالة من چيما شقيقته وكانت تحوي رقم ريان ذلك الشرطي رفيق چيما فهو قد طلب رقم هاتفه سابقاً لعله يدله على أخبار جديدة بشأن ليو.
توقف هاري بالقرب من البنزية وتوجه إلى المقهى الصغير بداخلها ليطلب فنجان قهوة دون سكر ثم حاول الإتصال بريان الذي لم يُجيب لكن في خلال دقيقتين اتصل هو.
مرحباً، لقد هاتفني هذا الرقم.
أجل. أنا هاري. هاري ستايلز.
اوه مرحباً بكَ سيد هاري، كيف يمكنني مساعدتك؟ سأل بنبرة مهذبه.
اهلا بكَ، في الواقع أنا احتاج إلى خدمة صغيرة.
بالطبع تفضل.
هناك سجين. لقد تم أخذه إلى السجن منذ شهران تقريباً. مهلاً أنتَ كنت هناك بالفعل انتبه هاري أن ذلك الموقف كان سبب معرفته به وتذكره لچيما.
اتعني ذلك الشاب الذي أخذته من منزلك؟
أجل ليو. لا اذكر اسم عائلته.
لا تقلق لقد تذكرته، خيراً هل هناك شيء يخصه مجدداً؟
في الواقع لقد اتصل من السجن ولا ادري كيف حدث ذلك لكن على أي حال. لقد قام بالإتصال بزوجته السابقة وقام بتهديدها.
اوه سأتحرى في ذلك الأمر لنرى من يساعد ذلك الوغد.
في الواقع هذا ما اتصلت من اجله اود ان اعرف هل ينوي الخروج بشكلاً ما. هل يساعده احد داخل السجن.
سأحضر لكَ كل تلك المعلومات في وقت قصير لا تشغل بالك.
حسناً اشكرك على خدمتك واتمنى أن اراك قريباً.
لا شكر على واجب سيد هاري، أنا ايضاً. بالمناسبة كي لا أفعل شيء بدون علمك. لقد قمت بدعوة چيما لتناول العشاء في احدى المطاعم غداً. اردف بحرج شديد وهو يحمحم، لقد كان موقف مُريب إلى درجة كبيرة لكن في النهاية هو اراد إخباره.
اشكركَ على إخباري، لا تدعها تتأخر وفي المرة القادمة أنوي الذهاب معكم.
بالطبع. سأحرص على أن تعود إلى المنزل باكراً سالمه قال ليودع كلاهما الآخر ويُغلق هاري الهاتف. يحك شفته السُفليه وهو يُفكر بعنق فموضوع ليو ذلك قد شغله كثيراً وهو لا يُريد إظهار ذلك أمام ايفدوكيا حتى لا تقلق.
في مساء اليوم التالي وتحديداً في السادسة والنصف مساءاً وقفت چيما أمام المرآة وهي تُبدل ثيابها للمرة الرابعة لا تدري اي ثوب يُناسبها أكثر، فهذه المرة الأولى التي يأخذها ريان فيها إلى موعد أو دعوة عشاء بمعنى آخر.
انتهى بها الحال ترتدي فستان أبيض اللون طويل ذو تطريز رقيق ثم قامت بإرتداء معطف قصير من الچينز، وضعت بعض مساحيق التجميل وتركت خصلات شعرها الطويلة منسدلة.
جيد حدثت نفسها في المرآة. ثم انتفضت فور رؤيتها لإنعكاس هاري في المرآة.
من أين تظهر أنتَ.
تبدين رائعة.
اشكرك هاري اردفت هي تضمه.
اعتني بنفسكِ جيداً. لا مشروبات كحولية. لا أحضان وبالطبع لا قبلات. تفوه هاري بكلماته بنبرة صارمه ومحذرة في الوقت ذاته لتنظر نحوه ثم تقلب عيناها.
لن افعل هاري لا تقلق. بالطبع لا داعي لأن اذكرك بكوني شقيقتك الكبرى.
لا داعي بالفعل. اردف هاري فما قاله ليس من باب التحكم أو أي شيء بل القلق، الخوف والغيرة بالفعل
كما انه يفعل بعضاً من تلك الأشياء وهو يعلم انها ليست بالأمر الجيد لذا لا يريد من شقيقته تكرار أخطاءه كشرب الكحوليات مثلاً.
ودعت هاري وتوجهت إلى الخارج حيث كان ينتظرها ريان بالسيارة أمام المنزل، لوح لهاري قبل أن يرحل كلاهما.
أخذها إلى مطعم فاخر نوعاً ذو إطلاله ساحرة حيث كان يطل على النهر مباشرةً.
لقد مضى وقتاً طويل منذ أن قضينا وقتاً معاً.
أجل. سعيدة لأننا استطعنا تكرار ما كنا نفعله في السابق. أعني قضاء الوقت اردفت وهي تُحرك يدها بصورة عشوائية من كثرة التوتر.
بالمناسبة اتمنى ألا يكون هاري قد ازعجك أو شيء من هذا القبيل حينما تحدثتم. إنه شقيقي وتعلم إنه يشعر بالغيرة. أعني لا يوجد شيء يستدعي الغيرة لكن. اممم. توترت كثيرة في حديثها ليبتسم هو في هدوء تام ويقول.
چيما هاري شخص جيد للغاية وليس لوقح ولم يكن حديثنا يدور حولك. أعني حولنا، كان يطلب شيء.
ما الشيء الذي قد يطلبه هاري منك؟
شيء صغير لا تشغلي بالكِ.
بعد مرور نصف ساعة كان الطعام قد وضع أمامهم بالفعل وبدأو تناوله، أحاديث قصيرة عشوائية بينما ينظر هو إلى داخل عيناها وتتحاشى هي نظراته خجلاً. كان كل شيء جيد قبل أن يقاطعهما صوت رنين هاتفه.
اعتذر سأنهي المكالمة سريعاً استأذن بأدب لينهض ليتحدث في خارج المكان وفي خلال دقيقتين عاد إلى مقعده لكن تعابير وجهه لم تُبشر بالخير بالنسبة لچيما، قد بدا مشغول البال وعلى وجهه نظرات غضب ربما ضيق.
ماذا هناك؟ سألت چيما بهدوء.
ليو. ذلك الشاب الذي جعلني هاري احصل على بعض المعلومات بشأنه.
ماذا عنه؟
لا شيء خطير. بل مبهم، هناك أحد يقابله ويقدم له الدعم. شخص مهم للغاية وذو نفوذ كبير إنه،
اتسعت عيناها فور سماع الإسم.