قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية إلا أنت (نساء متمردات ج3) للكاتبة منى لطفي الفصل السادس والثلاثون

رواية إلا أنت (نساء متمردات ج3) للكاتبة منى لطفي الفصل السادس والثلاثون

رواية إلا أنت (نساء متمردات ج3) للكاتبة منى لطفي الفصل السادس والثلاثون

خاطرة الفصل من الغالية. Libyan Voice Almaghrabi
(من طارق الى هَنا)
لما وجدتك صار الحلم ملك يدي
و صرت أمشي عزيزا فوق آهاتي
كأن أمي دعت لي فأستجيب لها
أني بغيرك لا ألقى مسراتي.

يعني انتي مبسوطة يا هنو؟ ...
أجابت هنا سؤال لبنى وكانت تتحدث معها عبر إحدى برامج التواصل الاجتماعي عن طريق الانترنت:
- الحمد لله يا لبنى، الموضوع اكيد مش سهل، لكن أنا عنيدة جدا، وطارق لازم يتعلم الدرس كويس اوي، لأني مش هسامح لو اتكرر اللي حصل منه تاني، دي فرصة اخيرة لينا احنا الاتنين سوا وعلشان شهد قبل ما يكون عشان اي حاجة تانية.

لبنى بتفهّم: - فاهماكي يا حبيبتي، بس متنكريش انك انتي عاوزة ترجعي له عشانك انت كمان، انت بتحبيه يا هنا وعشان كدا وافقت انك تسامحي وتدّي فرصة تانية، يمكن اللي حصل دا على أد ما هو كان تجربة قاسية بالنسبة لك لكن درس لكم انتم الاتنين عشان تعرفوا غلاوة بعض، هو يعرف انه ميقدرش يعيش من غيرك ومن غير بنته وانتي تعرفي انه حبيبك وجوزك قبل ما يكون ابو بنتك، احيانا العلاقة لما تكون ثابتة لفترة بين الازواج بيكونوا من المسلّمات بالنسبة لبعض، لازم حاجة تحصل تحرك المياه الراكدة زي ما بيقولوا عشان كل واحد فيهم يعرف قيمة التاني ويقدّر قيما الحياة اللي عايشينها سوا واللي في وقت من الاوقات بيشتكي منها انها طوق بتحد حريته!

هنا موافقة: - فعلا يا لبنى عندك حق، اللي حصل وكلام طنط تاج فوقّني، انا نسيت هنا خالص، مع ان طارق لما حب أحب هنا اللي تاهت مني، عشان كدا هو لاقى نفسه فجأة مش عارف الشخصية اللي هي عايشة معه دي، مش ببرر له الخيانة أبدا لأنه الخيانة مالهاش أي مبرر، لكن أنا بحاول أوصل للأسباب اللي دفعته لكدا حتى ولو عشان يخليني أغير عليه، عشان متتكررش الاسباب دي تاني وإلا أكون متعلمتش الدرس من اللي حصل لي.

لبنى بصدق: - ربنا يهديكم لبعض يا حبيبتي.
هنا معقبة: - اللهم آمين.
ثم استدركت قائلة: - وانتي اخبارك ايه مع مهدي صحيح؟
لبنى وقد ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها ما أن سمعت باسم حبيبها وزوجها: - الحمد لله، تماااااااام!
ضحكت هنا وقالت: - شكل نفذتي درس طنط تاج بالكلمة والحرف؟!
لبنى بسعادة ظهرت بوضوح في نبرات صوتها: - لأ. آه!
هنا باستغراب: - نعم؟ فزورة دي ان شاء الله؟

ضحكت لبنى وقالت مفسرة: - ولا فزورة ولا حاجة، كل الموضوع أني استوعبت كلام طنط تاج كويس اوي، لكن التطبيق بنفذّه بس حسب طبيعة مهدي، هي مش حرب واحد فينا لازم اللي يفوز. لأ! أنما كل إلى أنا عاوزاه أنه مهدي يعرف أني ند ليه، انه الحب والاهتمام بس هو ضمانه ليا، بس كمان لازم يعرف أنه الشيء لو زاد عن حده بيتقلب لضده، وأنه الحرص الزايد والحب الزيادة بيتحول لحب تملك يخنق، لازم يتعلم يثق فيا وفي حبي ليه، وأنا فعلا بدأت، مواجهتي معه واني عاوزة يبقى ليا كيان خاص بيا، صحيح أنه خاصمني فيها اسبوع تقريبا، لكن أنا قدرت أصالحه، لأنه مهدي واحد لازم الواحدة تعمل المستحيل عشان متخسروش، لو كنت بتضايق أحيانا من تحكماته لكن في عقلي الباطن بحبها، دا دليل انه بيحبني اوي، خوفه عليا وحرصه عليا، قلقه لما بغيب عنه، حبه الشديد لأحمد ابني وخوفه عليه يمكن أكتر مني أنا أمه، حنانه على نهاوند بنتنا، الابتسامة والسعادة اللي بشوفها على وشّهما بيعمل حاجة ويلاقيها فرحتني، كل دا يخليني أحارب عشان سعادتي معه، وأهو أنا دلوقتي الحمد لله قدرت أصالحه منكرش انه كل شوية كدا فيه شوية مناوشات لكن بئيت أبص لها على انها دي البهارات بتاعت الجواز، بالعكسى بقه بئيت بستفيد منها أكتر كمان!

هنا بتساؤل: - بتستفيدي منها ازاي؟
لبنى بضحكة ناعمة: - طبعا، أتدلع عليه وأعمل مقموص أفندي أناغشه، أشد وأرخي زي ما طنط تاج قالت لنا، أبص ألاقيه هو اللي عمّال يلف حواليا عشان يصالحني، ويا سلام بقه يا هنّو على المصالحة دي. ليها طعم تااااااني خاااالص. ما أقولكيش!

لتضحك هنا بدورها وهي تعلق قائلة: - آه يا قليلة الأدب، وأنا اللي فاكرِك مؤدّبة!
لبنى بصوت مشاغب: - الا بالحق يا هنو لسه بردو روح الاخوة اللي بينكم دي موجودة؟ ما رضيتيش عنه؟

هنا تنهرها في جدية زائفة: - هششش، عيب يا بنت! لا لا لا أنتي حالتك صعب، أنا عارفة ابن عمتي تايه عنك فين، مع اني عارفة انه ميتوصاش وقايم بالواجب وزايدة شوية!

لبنى بضحك: - لا يا ختي اطمني على ابن عمتك من الناحية دي، وأبشّرك لو استمر على المستوى دا يبقى هنخاوي نهاوند قريب بإذن الله.

استمر حديثهم المرح لبعض الوقت قبل ان ينتهي الاتصال، لتقول لبنى قبل ان تنهي المحادثة:
- هنا. وازني الامور، وخلي بالك الشيء لما بيزيد بيتقلب للعكس، وطارق بيحبك، وزيّه زي أي راجل مش هيقدر يصبر على بعاد مراته وهو شايفها قودامه كتير، انت طبعا عارفة عني، لكن أنا قصدي الموضوع مش يحلى في عينك وتسوئي فيها. شد وارخي. تمام حبيبتي؟

وافقتها هنا وأغلقت الاتصال، لتنهض متجهة الى غرفة ابنتها حيث تجلس مع مربيتها، قامت باللعب معها بعد ان صرفت المربية، وأطعمتها ثم حممتها، وتركتها بعدها وقد غرقت في نوم عميق، قبل أن تتجه الى غرفتهما، لتقوم بالاغتسال وتبديل ثيابها، ما أن دلفت حتى رأت طارق وهو يبدل ثيابه، ولم يكن قد ارتدى سوى سروالا قماشيا وقميصا تركه مفتوحا، ليلتفت اليها يقول بابتسامة:
- سمعت صوتك وانت بتغني لشهد في الحمام، نامت؟

تقدمت هنا الى داخل الغرفة وأجابت وهي تعقد بين حاجبيها: - آه...
ثم أردفت بتساؤل: - أنت خارج؟
طارق وهو يقوم بوضع قميصه أسفل بنطاله: - أيوة، فيه معاد مهم ولازم اكون موجود مع سعادة السفير، عموما مش هتأخر. ساعتين بالكتير ان شاء الله.

وابتعد ليتناول رباط العنق من فوق الفراش لتدنو هي منه تسحبه من يده، وتقوم بغلق أزرار قميصه بينما يغمض هو عينيه وأنفه تنهل من عبير رائحتها، أسبوعان منذ عودتهما الى باريس وهي تنأى بنفسها عنه، ينامان على ذات الفراش ولكن كلا منهما ملتزما بجانبه بناءا على شرطها لقبولها عودتها وابنتهما معه، ومع أنه لم يلتزم بهذا الشرط بحذافيره ما ان تغرق في النوم فكان يزحف الى جانبها من الفراش يحتويها بين ذراعيه بحنان فيما تندس هي بين أحضانه تتنعم بدفئهما كالقطة تتمسح بصاحبها، فيهرب النوم من عينيه ويمنع نفسه بصعوبة عنها، حتى تسدل أهدابه رغما عنه فيسقط في نوم متقطع لساعتين اثنين، يصحو بعدها وهو يشعر بصداع شديد يضرب رأسه كالمطرقة، فلا يجدى أمامه سبيل الا الدخول أسفل مرشة الماء للاغتسال بمياه باردة علّها تهدأ من النيران التي تشتعل فيه طيلة الليل، لينتهي بعدها وقد قرر أنه لا بد وأن يضع حدّا لهذا الشرط التعسفي ولكن ما أن يرى ابتسامتها الصباحية حتى تطير قراراته الصارمة ادراج الرياح، ويهتف بداخله أنها تستحق أن يصطلي بنيرانه كل لحظة عسى تلك النيران أن تمحو ذنبه الذي لم يتجاوزه الى الان في حقها!

نعم، فهو وأن كان يبرر لنفسه أمامها سبب علاقته مع مشاعل ولكنه بداخله يقر ويعترف بذنبه، وأنه مذنب وذنبه كبير في حقّها وحق حبهما، وقبلها حق ربه، فكلما نظر الى شهد ابنته جاؤه هاتف يسأل. ترى ماذا سيكون رد فعله أن مرت شهد بذات تجربة والدتها؟ . أو السؤال الذي يقض مضجعه ليلا ونهارا. ترى. ماذا سيفعل أن تسلل أحد الى زوجته تماما كما فعل هو حتى وان كانت مشاعل البادئة في علاقتهما ولكنه وافق بل وسايرها ضاربا بعرض الحائط أمر خطوبتها لان عمها والتي أخبرته بها قريبتها، فما المانع أن يشرب من نفس الكأس الذي أذاقها لغيره؟ حتى وأن كان مبرره هو انعاش زواجه، فهذا المبرر أصبح امامه الآن واهن ضعيف، بل وكمزحة سخيفة، ليتردد في ذهنه مقولة كان قد سبق له وأن سمعها أو قرأها في مكان ما. من يتلصص على حائط غيره. جاء من يتلصص بل ويقفز على حائطه هو شخصياً!

ولهذا فهو صابر، ولم يكل إلى الآن، ولكنه يريد أن يشعر ولو ببصيص أمل أنها قد سامحته بالفعل، فهو يوميا وقبل خروجه يخالجه احساس أنه قد يعود ولا يجدهما كما حدث سابقا، وما أن يرجع ويراها وابنته حتى يشعر بأن روحه قد عادت الى جسده ثانية، ذلك التوتر الذي يحياه هو ما يخافه، فهو يخشى أنه وأن طال الأمر دون أية اشارة منها أن يفقد آخر ذرة صبر لديه، ولكنه يقاوم هذا الاحساس بقوة، ولكن السؤال الآن، الى متى سيقاوم؟..

قالت هنا بعد أن أنتهت من عقد رباط العنق وهي تتراجع الى الخلف: - تمام. خلصت!
وقبل ان تخطو ثانية كان ذراعه يعتقل خصرها ليميل عليها بينما تحاول هي ازاحة ذراعه ويهمس بمشاغبة:
- تسلم ايديكي، تستاهلي أشكرك فعلا.
هنا وهي تحاول ازاحة ذراعه دون طائل بينما تميل بوجهها بعيدا عنه: - لا شكر على واجب يا سيدي، اتفضل عشان هتتأخر كدا!

ولكن طارق كان قد تسلل بذراعه الآخر يحيط بخصرها قبل أن يميل على أذنها هامسا وهو يسحبها بقوة اليه بين أحضانه:
- لا ازاي؟ دا لازم شكر وشكر كبير أوي كمان!
و، شكرها! وبالغ في الشكر، حتى أنه كاد يزهق أنفاسها شكراً! وبعد دقائق طويلة رفع رأسه عنها وهو يلتقط أنفاسه بينما شفتيها فتحملان علامة شُكره لها واضحة كوضوح الشمس، لترمقه بنظرة زاجرة حانقة فضحك طارق وهمس أمام وجهها بعبث:.

- ايه؟ الشكر مش كفاية؟ مافيش مشكلة خالص يا حبيبتي، أشكرك تاني وتالت ورابع، هو انتى متعرفيش أني من كفر شُكر ولّا إيه؟ دول أجدع ناس بيشكروا! (يتبع مركز ومدينة كفر شكر محافظة. ويقع على بعد 60 كم إلى الشمال الشرقي من. ).

هتفت هنا وهي تبتعد بوجهها عنه بينما يديها الصغيرتين تحاولان دفعه بعيدا عنها عن طريق الضغط على صدره العضلي القوي:
- لا شكرا، كفاية شكر لغاية كدا، كُتر الشكر يقل المعرفة!
طارق مازحا: - قصدك كتر السلام يقل المعرفة يا هنايا!

وصمت وهو يرى ابتسامة شاردة تعتلي ثغرها الناعم، ليعلم أنها تذكرت لقبها التحببي الذي كان يناديها به في الماضي، ليهمس قائلا وعيناه تتمهلان على كل زاوية من وجهها والصدق يقطر من صوته:
- هنايا ومُنايا وكل أحلامي أنك تفضلي معايا منورة حياتي أنتي وبنتنا، والابتسامة الحلوة دي ما تفارقش وشّك أبدا.

هنا ولا تعلم لما هذه الرغبة المفاجئة التي داهمتها في البكاء لتجيبه بصوت مبحوح:
- بئالك كتيير اوي ما قلتهاش يا طارق!
طارق باخلاص كمن يدلي بقسم عظيم: - ومش هبطّل أقولها تاني أبدا. يا هنايا وأحلى أيامي اللي راحت واللي جاية.

ل. تنفجر في البكاء، بكت ما صار منه، وكأنها تشكو منه إليه، بكت وذرفت دموعا غزيرة، وهو اكتفى بأن احتواها بين ذراعيه، وتركها حتى تفرغ ما في جعبتها من دموع وهو يقسم أنها ستكون آخر دموع يكون هو السبب في ذرفها عن عمد منه، علّ بكائها هذا يكون نهاية تلك المرحلة البائسة الحزينة في علاقتهما، ليستأنفا بعدها حياتهما وقد انقشعت غموم الحزن والشك.

رفعت رأسها وقالت وهي تمسح براحتيها عينيها بصوت خافت متقطع: - أنا. أنا آسفة، معرفش. ليه.
طارق بتفهم كامل لحالتها: - هشش. مش محتاجة تبرري يا حبيبتي، أنا عارف ومقدر حجم الضغط اللي كنت بتعاني منه الفترة اللي فاتت دي كلها...

تنهد بعمق وأكمل واحساس رهيب بالذنب يكتنفه من أنه السبب فيما تعانيه حبيبته الآن:.

- وأنا السبب في كل الفوضى دي، سامحيني يا هنايا، أنا آسف، لو قعدت كل دقيقة من عمري أتأسف لك عن اللي عملته مش هقدر أوفِّي حقك عليّا. سامحيني يا حبيبتي، وأوعدك أني عمري ما هعمل حاجة تهدد الحب اللي بيننا. دي اول مرة أعترف لك بيها، أنت يمكن رجعتي، لكن أنا عاوز حبك اللي يرجع لي، عاوزك انتي ترجعي لي تاني يا هنايا. عاوزك معايا بقلبك وعقلك قبل جسمك، عاوز حبيبتي ترجع تملى حياتي بهجة وفرح، وضحكتها ترجع تنوّر أيامي من تاني. ممكن يا هنايا؟ مش هضغط عليكي وأقولك دلوقتي (حالا) لكن اديني أمل ولو بسيط انه أمنيتي برجوع حبيبتي هتتحقق!

نظرت اليه هنا بصمت للحظات قالت بعدها بخفوت: - انت عارف اللي حصل ما كانش عليا بالساهل.
أغمض عينيه زافرا بألم بينما تابعت هي بتردد بسيط: - لكن. لكن أنا كمان عاوزة.
ففتح عينيه يراقبها فيما تكمل هي بشفاه ترتجف: - عاوزة طارق قلبي يرجع لي من تاني. وحشني اووي، ووحشني حبه ودفا حضنه!
لم يمهلها المتابعة ليحتويها في حضن قوي، بل يعتصرها على وجه الدقة بين أحضانه وهو يهتف عاليا:.

- يااااااااااااااه يا هنايا، طارق قلبك مافيش في قلبه غيرك، ولا عاوز من دنيته إلا أنتِ. أنتي حبيبتي ومهجتي وفرحة أيامي، أنتِ هنايا. يا هنايا!

وكان لا بد من أن يمهر اعترافه هذا بأكثر الطرق رومانسية بين العشّاق، ليحتويها في عناق عذب محاولا أن يمحي به كل ما صار وكان، وهو يعلم أن الطريق الى الحصول على عفوها ونسيان كلما مرا به سيكون طويلا، وأن تلك هي البداية فقط، ولكن يكفيه تلك البداية، لينطلق منها للفوز بقلب حبيبته صافيا كما كان، لا يشوبه شائبة، عهد وقطعه على نفسه، كما أنها هنائه هو، سيكون هو. طارق السعادة والحب والذي لن يفارقها أبدا!

يا بنتي هو أنا جايالك عشان كل شوية تقومي تيجيبي حاجة؟ أنا مش ضيفة يانونا أنا صاحبة بيت...

أجابت نجوان صديقتها وهي تضع صينية تحمل صحون البسكويت المحلّى بالشيكولاتة وفناجين الشاي فوق الطاولة الزجاجية الصغيرة قبل ان تنضم اليها لتجلس بجوارها على الصوفا العريضة:
- طبعا يا بنتي صاحبة بيت، وبعدين أنا عملت ايه يعني، هو هيجيني أعز منك؟
ريما بابتسامة: - ميرسي يا نونا. تسلميلي يارب، بس اتفضلي اقعدي، عاوزة أعرف أتكلم معاكي شوية قبل ما المستر بتاعك ييجي.

ضحكت نجوان وقالت وهي تمد يدها بقدح الشاي لريما: - المستر بتاعي!
لترتشف نجوان بعضا من شايها قبل ان تقول وهي تمسك بقدحها مبتسمة بفخر: - اسمه زوما حبيبي، حضرتك!
ضحكت ريما وقلدتها قائلة: - زوما حبيبك! طيب يا ستي ربنا يهنيكم ببعض!
نجوان وهي تضع قدحها أمامها وترفع يديها داعية: - يارب يا ريما يارب، وعقبالك انتي كمان، خلاص باقي من الزمن أسبوعين صح؟

ريما وقد اعتلت وجهه التكشيرة: - ماتفكرنيش يا نجوان، انا مش عارفة الايام بتجري كدا ليه، واساسا لسّه قودامي حاجات كتير، ولما أقوله كدا بيتغاظ مني ويقولي أيام ايه اللي بتجري؟ دي بتمشي زي السلحفاة! .

ضحكت نجوان وقالت: - بيحبك ياريما، واللي بيحب بيكون عاوز اللي بيحبه معه في كل لحظة وطول الوقت.
ريما بدهشة: - الله الله، دا زوما ليه تأثير كبير اوي وانا معرفش، وايه كمان يا جوليت، اشجيني!

كشرت نجوان وهتفت بحنق زائف: - اتريقي، اتريقي، بس كلها اسبوعين وعصام هيعرف يخليكي تعترفي بحبه اللي مالي قلبك وبينط من عينيكي أول ما تشوفيه!

ريما باعتراض هاتفة: - ايه! مين دي اللي القلوب بتنط من عينيها؟ شوفي نفسك قبل ما تتكلمي قلوب وفراشات وناقص تغني كمان!

نجوان وهي تحرك كتفيها بلا مبالاة: - وأنا ما أنكرتش!، أنا بحب زوما حبيبي وهو بيحبني فيه أحسن من كدا في الدنيا؟

لا بصراحة دي أحسن حاجة في الدنيا!
شهقت نجوان بقوة بينما كتمت ريما ضحكتها وهي ترى حمزة وقد وقف أمام الباب ينظر الى نجوان بابتسامة عابثة بعد عبارته التي ألقى بها على مسامعهما، قالت ريما والتي كانت أول من خرق الصمت وهي تنهض:
- طيب أستئذن أنا بقه.

حمزة وهو يتقدم الى الداخل للترحيب بها فيما عيناه لم تفارقا وجه حبيبته: - معلهش لو كنت فاجئتكم كدا، بس باب الصالون كان مفتوح وبعدين سمعت أحلى كلام ممكن يتقال، ابقي تعالي لنا كتير يا ريما طالما وجودك هو اللي بيحلّ عقدة لسان صاحبتك!

نظرت اليه نجوان بذهول وهتفت: - بقه كدا؟ أنا لساني معقود؟
اقترب منها حمزة وهو ييجيبها بينما احاط خصرها بيديه ما ان وصل اليها: - دا سكر معقود!
ليميل عليها لاثما وجنتها وهو يهمس لها: - وحشتيني!
نجوان بخجل وهي تزجره بينما عيناها تسترقان النظر الى ريما التي اشاحت بوجهها بعيدا في اضطراب وخجل:
- حمزة. عيب كدا، ريما واقفة!
حمزة بهمس مماثل: - أعملك ايه، انت وحشتيني اوي، وبعدين مراتي وحقي!

نجوان بدهشة: - حقك!
قاطع جدالهما الهامس صوت ريما وهي تقول: - طيب أنا همشي بقه، وما تنسيش يا نجوان تدّي (تعطي) كروت الدعوة لبابا وماما مستنياهم اكيد، وانت بعد اذن حمزة هاخدك منه شوية الايام الجاية عشان ورايا حاجات كتير اوي.

حمزة وقد احاط خصر نجوان بذراعه: - يا سلام، طبعا يا ريما، نجوان اختك، وألف مبروك وربنا يتمم بخير.
انصرفت ريما بعدها وقد رافقتها نجوان حتى الباب وما أن أغلقت خلف صديقتها حتى فاجئها حمزة بحملها بين ذراعيه هاتفا بصيحة الفوز:
- أيواااااااا. عاوزك بقه تحكي لي وبالتفصيل الممل عن القلوب والفراشات واللاذي منه!

هتفت نجوان معترضة وهي تحاول النزول عن ذراعيه: - يوووه يا حمزة، مش وقته دلوقتي!
حمزة وهو يتجه بها الى غرفتهما: - بقه بعد يووه دي وعاوزاني أسكت!
نجوان بدلال: - زوما اللاه!
حمزة وقد دلف الى غرفتهما صافقا الباب بقدمه متجها بحمله الثمين ناحية الفراش: - وكمان زوما! لالالا انتي ناوياها انهرده!
ووضعها وسط أغطية الفراش الناعمة وهو يميل فوقها يسند يديه الى جانبي رأسها فقالت بابتسامة ناعمة:.

- ايه هي اللي ناوياها؟
حمزة وهو يدنو بوجهه منها: - كل خير، كل النوايا الطيبة يا، طيبة!
حم، ززز، ة...
همست نجوان باسمه متقطعا وهو يقطف من ثغرها عدة قبلات رقيقة قبل ان يتعمق بها لتحيط عنقه بذراعيها وترحل معه الى عالم من العشق الخالص الخاص ب حمزها وحده!

بعد ان عادا من رحلة عشقهما المجنون، وضعت رأسها على صدره العاري، بينما أحاط كتفيها بذراعه، همست تسأله:
- عارف يا حمزة.
حمزة بهمهمة: - اممممم.
نجوان صوت منخفض: - احيانا بيجيلي احساس اني بحلم، معقول حكايتك مع مايا تطلع كدبة وانا حبيبتك من الاول؟ ازاي انا ما حاسيتش بحبك ليا حتى وانت بتدعي قصة حب لواحدة تانية؟ أد كدا أنا كنت غبية!

حمزة بابتسامة: - من ناحية غبية فانتي كنتي أكبر غبية!
رفعت رأسها تطالعه بحنق هاتفة باستنكار: - حمزة!

ضحك حمزة وقال: - يا روح حمزة! بس من غير زعل، يعني معقول ما حاسيتيش خالص بغيرتي عليكي؟ اومال انا ليه اخترعت حكاية حب بيني وبين مايا؟ عشان تطمني لي خالص، وزي ما بحكي لك تحكي لي انتي كمان، فأقدر ساعتها أبعد عنك أي حد يفكر يقرب منك، ما تفكرنيش بالايام اللي عيشتها وانتي بتحكي لي عن زميلك اللي مقضيها نظرات ليكي، ولّا المعيد اللي كان لو غبتي سيكشن واحد لازم يطمن ليه وعشان ايه؟ كل دا وانا الغيرة هتموتني وانتي تحكي لي وانت بتضحكي وقلقانه وخجلانة واللي زاد وغطى تسأليني أنا. مين فيهم جدِّي أكتر من ناحيتك! كنت هشليني بجد!

ضحكت نجوان برقة وقالت: - بعد الشر عليك اخص عليك ما تقولش كدا.
حمزة وهو يدنو بوجهه منها حتى امتزجت أنفاسهما: - خايفة عليا؟
نجوان بصدق لمسه في نبرات صوتها وهي تحيط عنقه بيديها: - لو مش هخاف عليك هخاف على مين؟ انت جوزي وحبيبي وكل اهلي!
رفع حمزة رأسه وهتف عاليا: - يا بركة دعاكي يا أمّه!..
ثم نظر اليها مردفا بابتسامة واسعة: - احنا ليلتنا طويلة انهرده، شكلي كدا هاخد بكرة أجازة عارضة!

نجوان باعتراض: - يا زوما مينفعش، انت مخلص كل اجازاتك تقريبا، عارضاتك كترت اوي!
حمزة وهو يميل على صدغها يلثمه بقبلات خفيفة قبل ان يمرر شفتيه على طول وجنتها: - يبقى. مرضي!
نجوان متسائلة وقد بدأت تذوب من لمساته الساحرة وقبلاته الملتهبة: - مرضي!
حمزة وهو لا يكف عن تقبيلها: - أيوة. ولازم لي راحة في السرير!
نجوان بضحكة شقية وهي تبعد وجهها عنه: - طيب نام بقه وارتاح، انت مش بتقول تعبان ولازم لك راحة؟

حمزة وهو يرفع رأسه يطالعها قائل بغمزة ماكرة: - في السريييير. كملي الجملة لآخرها! وبعدين فيه اكتر من كدا راحة؟ عموما سيبي لي نفسك خااالص وأنا هريحنا احنا الاتنين!

شرعت نجوان بالكلام عندما أسكتها حمزة عن، الكلام المباح، وحتى لاح نور الصباح!

قبعت داخل سيارتها تنظر الى تلك الفيلا المحاطة بسور حديدي، وهي تتذكر حديث شقيقها لها عن. معتز، ووالدته، الخطيبة السابقة لزوجها، وقد صرّح لها بتوجسه عمّاهية شعور ذلك الشاب، خاصة وأنه قد قام بزيارة مفاجئة لريما في مقر عملها ورأى نظراته اليها ليتأكد أن عصام لم يكن يبالغ في قلقه وغضبه من ذلك الشاب، فهو يخشى أن يكون ممدوح آخر، فيكفي ما حدث في المرة الأولى، كما أن عصام متهوّر وهو لا يضمن ماذا سيفعل أن حاول معتز تجاوز مرحلة الحب في صمت الى مرحلة التصريح بهذا الحب الذي تصرخ به نظراته التي تلاحقها في كل مكان ما أن يتواجدا سوية!

عرفت راندا أنه لا بد لها من تلك المواجهة، لا بد أن تضع النقاط على الحروف مع تلك السيدة وتجعلها تبعد ابنها عن ابنتها، فحدسها كأم يخبرها أن سهام مرحبة بتلك العلاقة الغريبة، خاصة وقد شرحت لها ريما حالة عصام كما أخبرتها والدته، لتزفر راندا بضيق، لكم كانت تود الموافقة على اقتراح أدهم بأن تصحبها ريتاج في هذا المشوار ولكنها رفضت، فهي تريد أن تقوم بنفسها بهذا الأمر وفي خفية عن نزار.

اقتربت راندا بسيارتها التي قادتها بنفسها واطلقت الزمور ليفتح حارس الامن لها بعد أن علم هويتها، واستأذن من جهاز الاتصال الداخلي لها بالدخول، فدلفت لتلتف حول نافورة مياه كبيرة على هيئة عروس البحر يخرج من فمها شلال من المياه، لتقف بها أمام الباب الداخلي حيث ترجلت وقرعت الجرس وثوان وكانت الخادمة تفتح لها لتدخلها ثم تقودها حيث تجلس سيدتها في انتظارها.

دلفت راندا الى غرفة جلوس واسعة مليئة بالنوافذ الزجاجية المفتوحة، بينما رائحة الزهور التي تملأ الحديقة تنفذ الى الداخل لتملأ الجو بعبيرها المنعش، نهضت سهام من مكانها وتقدمت مرحبة براندا التي طالعتها من أخمص قدميها في الحذاء المتوسط الكعب مروروا ببنطالها الأزرق الحريري، ثم بلوزتها الصفراء الحريرية اللون، وحتى شعرها الذي عكصته على شكل كعكة دائرية أسفل عنقها. لتكتشف أن سهام لم تزدها السنون الا جمالا راقيا، وان خانتها بعض التجاعيد حول زوايا عينيها وفمها.

قالت سهام بعد أن صافحتها وهي تشير اليها: - أهلا اهلا، فرصة سعيدة. اتفضلي ارتاحي.
بعد جلوسهما سألتها عما تفضّل احتسائه فرفضت راندا ولكن سهام رفعت سماعة الهاتف الداخلي وطلبت فنجانين من القهوة التركي المضبوط، قالت بعدها لراندا بابتسامة صغيرة:
- انا معرفش قهوتك ايه، بس انا بشربها مظبوط.
راندا بهدوء: - مظبوط أوكي، ميرسي.
سهام وهي تضع ساقا فوق ساق: - الدنيا صغيرة اوي فعلا يا، راندا!

سكتت للحظة تتبين رد فعلها على نطقها لاسمها مجردا قبل ان تقول بمرح زائف: - اوه سوري، اعذريني، مدام راندا؟ – تساءلت قبل ان تردف – بس مش معقولة هقولك مدام وانتي كنت تلميذة عندي أنا و، – سكت لثانية تابعت بعدها بنظرة مسلطة على وجه راندا – نزار!

هبّت راندا واقفة ما ان سمعت سهام تنطق باسم نزار مجردا، وعلمت ان سهام قد أعلنت الحرب سريعا، فقالت ببرود:
- أنا مش هلف وأدور. عاوزة ايه من بنتي يا...
نظرت اليها بينما الاخرى لا تزال قابعة فوق كرسيها: - دكتوووورة سهام!
نهضت سهام فهي لم تحب جلوسها في حين وقفت راندا تشرف عليها، لتقول باستغراب مصطنع:
- بنتك! غريبة! وهعوز من ريما ايه؟

راندا بقوة: - والله أنا اللي بسأل! انت عارفة انها مخطوبة لابن محمود اخويا، وجوازهم بعد أقل من اسبوعين، ممكن أعرف ابنك عاوز منها ايه؟ بيشاغلها ليه؟..

في نفس الاثناء أمام الفيلا
وقفت أمام معتز تقول بينما يهم هو بفتح الباب: - انا مش فاهمه يا معتز ليه اصرارك اني أقدم الدعوة بنفسي لمامتك؟
معتز وهو يفسح لها الطريق لتتقدمه بالدخول: - انت عارفة انها نفسها من زمان في الزيارة دي، فلاقيتها فرصة، ولّا انتي مش عاوزة تتعرفي عليها؟

ريما باعتراض: - لا طبعا مين قال كدا؟
معتز وهو يشير اليها بالتقدم: - خلاص، اديكي يا ستي هتشوفيها ونشرب الشاي وتقدمي لها كارت الفرح وبعدين تمشي، الموضوع مش هياخد أكتر من ساعة زمن!

ريما بزفرة مستسلمة: - اوكي، انا بس خايفة عشان ما قلناش ليها، ممكن تكون مشغولة ولا حاجة.
معتز وقد اقتربا من غرفة الجلوس حيث أشارت الخادمة بوجود والدته: - ماما مشغولة؟ ماما معندهاش حد شاغلها الا انا!

وفي داخله يهمس بأنه هو شغلها الشاغل، هو وحبه المحكوم عليه بأن يدفن بداخله ولا يرى النور! لن ينسى وجه والدته تلك الليلة عندما ارتمى بين ذراعيها بعد أن علم بتحديد موعد زفاف ريما وعصام، يومها انتحب تماما كالفتيات، ولأول مرة منذ ما يزيد عن العام يحكي لأمه عن مكنونات صدره، وكيف أن ريما استطاعت الوصول اليه بطيبتها وابتسامتها العذبة، فهي الوحيدة التي لم تتعامل معه على أساس أنه حالة مرضية يجب الرأفة بها، بل كانت تتعامل معه الند للند، مما أكسبه ثقة في نفسه كان قد فقدها بالفعل بعد تجربته المريرة الاولى، ومنذ ان اعترف لنفسه بحبها وهو يحاول جاهدا كبت هذا الحب، ولكن اليوم وهي تقف تخبر الجميع بمرحها المعهود ان يقوم بشراء ما يلزم لحضور حفل زفافها شعر بطعنة قوية في قلبه مباشرة، وكأن هناك قبضة قوية قد امتدت تنتزع روحه من بين جوانحه.

ليلتها واسته أمه كثيرا، وأخبرته أنه سيجد من تقدّر هذا الحب، ولكنه أدمى قلبها بتصريحه أنه لا يوجد من تستحقه ك ريما!

واليوم وريما تقوم بتوزيع دعوات الفرح، وبعد أن أعطته دعوة له ولأمه، طرأت بباله فكرة أن يأتي بريما اليها، علّها عندما تشاهده وهو يضحك ومتقبلا للأمر ببساطة – يصطنعها بل ويجيد تمثيلها – يزول قلقها عليه منذ تلك الليلة.

وقفا أمام الباب وما أن همّ معتز بالدخول وكان الباب مواربا حتى نظرت اليه ريما مقطبة قبل ان تقول هامسة كمن يكلّم نفسه:
- ماما؟!
فقد وصل صوت راندا الى سمعها، ليطالعها معتز بتقطيبة مماثلة، لم تلبث وأن انفكت وارتفع حاجبيه الى الاعلى واعتلى وجهه الشحوب وهو يسمع الكلمات التي تتدافع من فم والدته لتصبح كالقنابل الثقيلة التي سقطت على رأسه!

عودة الى راندا وسهام
ضحكت سهام ساخرة ثم قالت: - بيشاغلها؟..
ثم هدأت ضحكاتها قبل ان تطالع راندا بغموض قائلة: - معقول يشاغلها وهي مخطوبة؟ ولّا يمكن قصدك انه بيشاغلها زي ما انت كنتي بتشاغلي باباها وخليتيه يسيب خطيبته!

(وفي الخارج كانت ريما تقف تحدق بذهول وصدمة الى معتز الذي لم يقل عنها دهشة وذهولا بينما تابعا الانصات لما يقال بالداخل).

ذهلت راندا من كلمات سهام الوقحة لتقول هاتفة بحدة: - ايه؟ انتي بتقولي ايه؟ انا ما اسمحلكيش...
قاطعتها سهام بقوة: - افندم! ما تسمحليش؟ ما تسمحيش بإيه بالظبط؟ أني أدافع عن ابني وأنا شايفاكي بتتهميه بحاجة انتي بنفسك عملتيها زمان؟ لكن اطمني ابني متربي كويس ويعرف الاصول وعمره ما هيفكر يوقع بين بنتك وخطيبها!

راندا باستنكار: - قصدك اني وقعت بينك وبين نزار وشاغلته وأخدته منك؟
سهام بسخرية: - برافو عليكي، وفهمتيها لوحدك؟!
راندا هاتفة بصلابة: - وأنا بأؤكد لك انى لا شاغلته ولا أنا السبب في فسخ خطوبتكم، نزار اختارني أنا.
قاطعتها سهام بحدة: - اختارني قبلك.
راندا بثقة: - بس حبّني أنا...
سهام بحقد يقطر من حروف كلماتها: - انتي السبب. انتي اللي خليتيه يبعد عني انتي اللي...

قاطعتها راندا بدهشة: - انا اللي ايه؟ اللي خاليتيه يحبني؟ الحب اختيار مش اجبار، ونزار اختارني أنا، قلبه شاور عليا واختارني، ومن قبل ما يخطبك كمان!

سهام هاتفة: - كدب. كدب!

راندا بقوة: - لا مش كدب! لعمك خطوبته ليكي كانت عشان يهرب مني ومن حبي اللي ملا قلبه غصب عنه، كان بيحاربه في كل وقت، خايف من فرق السن اللي بيننا، لكن لحظة ما حس أني ممكن أروح من ايده، واجه نفسه، وعرف انه عاوزني معه، وفي نفس الوقت مش عاوز يظلمك بجوازك من واحد مش حاسس ولا عمره هيحس بيكي، وانتي كنتي عارفة كدا قلتي له لما فاتحك في موضوع فسخ الخطوبة، بترجعي القديم ليه؟ عاوزة تنتقمي مني زمان في بنتي دلوقتي؟

سهام ببرود: - أنا مش برجّع حاجة، للاسف التاريخ هو اللي بيعيد نفسه، انتي بتقولي انه سابني عشانك. جميل، لكن لو انت ما كنتيش قودامه، لو ما لمحتيش له بمشاعرك، كان هيكمل معايا، وأنا كنت هعرف أسعده ازاي، لأني حبيته بجد، نزار ما كانش مجرد عريس وكل واحد مننا راح لحاله. لأ! نزار كان فارس احلامي، اللي سابني عشان واحدة تانية أصغر ويمكن أحلى، ودا اللي خلاني أوافق على أول عريس اتقدم لي بعد كدا، وللأسف مقدرتش أحبه زي ما كنت بحب نزار، ما أنكرش أنه والد معتز كان طيب وكريم وحنون معايا، وجوايا ليه مشاعر خاصة، لكن مش الحب اللي كنت بحبه لنزار، الحب اللي حرمتيني منه زمان. ولو انت حقانية فعلا، لازم تسيبي بنتك تكفّر عن غلطتك في حقي!

راندا بريبة: - يعني ايه؟
سهام بقوة وصلابة: - يعني ديني اللي في رقبتك تسده بنتك، وزي ما دوقت زمان فراق الحبيب، هي تدوقه دلوقتي، ما هو مش ممكن تكوني انتي وهي سبب في تعاستي انا وابني؟ ودا دين في رقبتك ليا. ولازم توفّيه!

راندا بذهول شديد: - انتي مش طبيعية. أكيد مش طبيعية!

لتطالعها بعدم رضا وشفقة قائلة: - انا ماشية، للأسف أنا غلطت لما جيت هنا، افتكرت اني هتكلم مع واحدة يهمها مصلحة ابنها، انا لما عرفت حالته من ريما خفت عليه، بنتي مش هيجرالها حاجة، هتتجوز ابن خالها ومهما حصل عصام مش هيسيبها، لكن انا كان خوفي على معتز ابنك، جيت لك بقلب الام عشان تحاولي تبعديه عنها، يمكن خفت من مشاكل لريما لكن عشان عارفة انه عصام عصبي مش بيتفاهم لو حاجة مست ريما، انما غير كدا انا كنت حريصة على معتز، اللي اتضح انه حتة شطرنج ف ايدك بتحركيه عشان يفوز في لعبة انتقام مجنونة ورخيصة! انا حقيقي مش لاقية وصف أوصفك بيه، نصيحة مني تفوقي قبل ابنك ما يعرف بالجنان اللي قلتيه دا، ساعتها فعلا هتبقي خسرتيه بجد. عن اذنك!

واتجهت الى الباب وما ان دفعته حتى شهقت متفاجئة من وجود ريما ومعتز، لتهمس بدهشة:
- ريما!
طالعتها ريما بوجه شاحب وهي تحرك رأسها يسارا ويمينا في رفض لما سمعته أذناها، فليست أمها من تسببت في خطف حبيب غيرها لتهمس بهستيرية خافتة:
- لا. مش ممكن، مش ممكن.

ولم تستطع المتابعة لتنطلق تعدو سريعا خارجة من هذا المنزل بينما تلحق بها راندا وهي تناديها، لتتقدم سهام وقد شحب وجهها وهي ترى نظرات الاتهام التي يرشقها بها وحيدها وما ان وصلت اليه حتى رفعت يدا ترتجف وهي تقول بهمس مرتبك:
- مع معتز. انا هش هشرح لك كل حاج.
ولكن معتز ضرب يدها بقوة ليبعدها عنه وهو يصرخ كالحيوان الجريح: - خاااااااينة!

وانطلق يركض من امامها وصوتها وهي تعترف بحبها لآخر غير والده الحبيب يتردد في أذنيه، واعترافها بأنها أبدا، لم تحب والده كحبها لِ. نزار!

في ثوان كان قد وصل لسيارته ليصعد اليها وفي اقل من لحظة كان ينطلق بسرعة جنونية الى الخارج، بينما في الداخل صرخت سهام تناديه قبل ان تسقط مغشيا علها لتهرع اليها الخادمة على صوتها فتفاجأ بسيدتها ملقاة على الارض، لتصرخ منادية أخرى وقد أُسقط في أيديهما، فسيدتهما ترقد كالورقة الذابلة امامهما بينما سيدهما قد انطلق وكأن الشياطين تجري في أعقابه لمكان لا يعلمه الا الله!

طيب اقفل بقه، انت هتتسلى عليا؟ . فين شمس بس سايباك ليه؟
صوت رنين هستيري لجرس الباب جعله ينهي اتصاله الهاتفي مع توأمه اسلام، لينزل الى الاسفل يستطلع من يكون ذلك الطارق المتعجل، ولم يكد يصل الى الطابق السفلي حتى سمع صوت أمه مها وهي تهتف بقلق:
- ريما حبيبتي.
قطب وهو يقترب سريعا من الباب ولكن ليس بالسرعة الكافية اذ سرعان ما وصله نداء والدته مستنجدة:
- ريما! الحق خطيبتك يا عصام!

ليصل اليها عصام في ذات اللحظة فيحمي جسد ريما من الارتطام بالارض، وكانت أخر كلمة نطقتها هي اسمه:
- عصام!
قبل ان تغلق جفنيها ويشحب وجهها تماما وتغدو كقطعة من الرخام البارد بين يديه، فاقدة لأي معنى من معاني الحياة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة