قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية إلا أنت (نساء متمردات ج3) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع والثلاثون

رواية إلا أنت (نساء متمردات ج3) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع والثلاثون

رواية إلا أنت (نساء متمردات ج3) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع والثلاثون

دلف خارج غرفته بعد ان اغتسل في الحمام الخارجي الملحق بالجناح، بينما هناك حمام آخر ملحق بالغرفة الرئيسية حيث تنام زوجته مع ايقاف التنفيذ!

كان قد ارتدى ثيابه المكونة من بنطال قصير يصل الى الركبتين باللون البني وبلوزة قطنية محكمة على جذعه العلوي باللون الحليبي ورش عطره الخاص برائحة خشب الصندل، سار باتجاه غرفة منال والتي لم يرها منذ الأمس بعد تلك المواجهة التي كانت بينهما والتي وضع فيها النقاط على الحروف ليتركها بعدها ويعود الى الفرح وبعد رجوعه ثانية وجدها قد نامت او انها تتظاهر بالنوم لتبتعد عنه وتغلق على نفسها بابها، ولكن هذا لم يمنعه من أن يطرق الباب ثم يدلف اليها يناديها بخفوت قبل ان يقترب من الفراش حيث رقدت توليه ظهرها، فمال عليها يعدل من وضع الغطاء فوقها قبل ان يميل ليلثم وجنتها ويهمس في أذنها بخفوت:.

- تصبحي على خير.

وتمتم بكلمة لم تكد تسمعها ولاتدري لما اخبرها حدسها أنها حبيبتي تلك التي تمتم بها بصوت هامس يكاد لا يُسمع، الأمر الذي أنفاسها تتسارع ودقات قلبها تتعالى، وما ان اعتدل واقفا حتى حبست انفاسها تماما الى أن سمعت صوت اغلاق الباب خلفه لتخرج أنفاسها المحبوسة بينما وقف هشام خارجا يبتسم وقد صدق ظنّه. فزوجته المصون كانت مستيقظة ولكنها ادعت النوم لتهرب من مواجهته، ليقرر أن يترك لها فسحة لالتقاط أنفاسها قبل أن يعيد الكرّة ثانية، ولو ظنّت أنها بابتعادها عن طريقه سينسى قراره بشأنهما، فسيكون أكثر من سعيد في أن يثبت لها خطئها. تلك الجبانة العنيدة!

سمع صوتها الناعم الهادئ يرد عليه بعد طرقه الباب عليها بخفة، لتفتحه بعد ذلك وتقف أمامه بهدوئها المعهود حتى ان طرف شفته العليا قد ارتفع قليلا في ابتسامة وكأنه يعلم أنها قد بدأت بشحذ أسلحتها لمواجهته وأولها هو هدوئها هذا ولكنها لم تعلم أنه قادر على مواجهة جميع أسلحتها لكسب معركته في الفوز بقلبها، فهو لم يسبق له وأن خسر قضية يتولاها، وحتما لن يبدأ الآن خاصة اذا كانت تلك القضية تخص حياته بأكلمها!

جرت عينيه على طولها ليلاحظ أنها بكامل ثيابها بينما تضع بجانبها حقيبتها ذات العجلات، ليقطب قبل ان يستند بمرفقه على اطار الباب الخشبي ويقول بابتسامة وتساؤل:
- صباح الخير، ايه رايحة مكان؟ شايفك لابسة وجاهزة ومحضرة شنطتك!

مقرنا كلماته برفعه كتفيه علامة الاستفهام لتقول وهي تنظر بعينيها الى البعيد: - انت ناسي ولّا ايه؟ مش المفروض احنا جينا عشان نحضر الفرح؟ وخلاص الفرح كان امبارح وخلص. يبقى نرجع انهرده.

هشام وهو يبتسم ابتسامة عريضة وبغاية البساطة أجاب قائلا: - أيوة بس مين اللي قال اننا ماشيين انهرده؟
استطاع الاستحواذ على اهتمامها لتدير عينيه اليه تطالعه باستغراب قائلة في تساؤل وريبة:
- مش ماشيين؟ وهنقعد ليه؟
باغتها بأن مال ناحيتها حتى كادت أنفه تلامس وجهها وهو يقول بابتسامته العريضة مقلّدا سؤالها:
- ونمشي ليه؟

ما ان شعرت منال بالهواء الساخن الخارج من انفه يضرب صفحة وجهها حتى تراجعت تلقائيا خطوتين الى الخلف وهي تتكلم بتلعثم طفيف أرضى رجولته فمعنى هذا انها ليست محصنة أمامه تماما كما تدعي الأمر الذي لاقى قبولا في نفسه، فليس وحده من يعاني في قربها، وان كانت معاناته هو تعتبر مأساة في حد ذاتها ان قورنت بتلعثمها الطفيف هذا والذي لا يمكن وصفه بأكثر من ارتباك خفيف. ولكنه لا يمانع فهذا في حد ذاته تغيير في احساسها تجاهها، والتغيير يعني خطوة الى الامام، ليقسم بداخله انه سيجعلها تهرول ناحيته خطوات وليس خطوة واحدة فقط فيما هو يركض اليها بأقوى ما لديه!

قالت منال بارتباك: - لأنه. لأنه مافيش سبب اننا نفضل عشانه! يعني صاحبك واتجوز وحضرت فرحه خلاص، المفروض نرجع بقه، أنت تشوف شغلك وأنا عشان فريد ابني وعشان الشغل اللي في الدار.

هشام بصبر: - يومين كمان مش هيأثروا في حاجة، خصوصا واننا كل يوم بنكلم ماما وفريد وبنطمن عليهم، اما بالنسبة للدار فأعتقد انه لسه الشغل في الفيلا ما انتهاش، ومن ناحية شغلي. اطمني أنا أخدت اجازة اسبوع، فما فيش داعي لقلقك، واتفضلي دلوقتي دخلي شنطتك وتعالي عشان ننزل نفطر، أنا جعان أنتي ماجوعتيش؟ من عشا امبارح ما أكلناش!

وفي داخله يردف أنه هو من لم يستطع تناول لقمة واحدة من طبقه وعيناه تدوران هنا وهناك حولها، متربصا لأي عين متطفلة تنظر اليها، فيما هي جلست دون أن تلاحظ أي شيئا من هذا، بل وتابعت تناول عشائها دون أن تلتفت اليه!

هتفت منال بغيظ جعل ابتسامته تتوسع اكتر فها هي قشرتها الباردة تتصدع والبقية تتوالى:
- أظن أنه المفروض تاخد رأيي؟ يعني أنامش عاوزة آخد أجازات، عاوزة أرجع لاني ولشغلي ولحياتي الطبيعية تاني، لو انت عاوز آجازة مافيش مشكلة خالص، اتفضل خد الايام اللي انت عاوزها وانا أقدر أتصرف وأرجع لوحدي!

دمدم هشام بداخله في سخط: - حياتك الطبيعية اللي ماليش وجود فيها! أنا فاهمك كويس اوي، لكن أحب أبشرك أنه مافيش حاجة هترجع زي الاول وأول حاجة حياتك الطبيعية دي اللي أنا ناوي أشقلبهالك فوق. تحت!

نادته منال بنفاذ صبر واضح: - هشام. ايه روحت فين؟ أنا بكلّمك!
هشام ببرودة زائفة: - أنا معاكي يا منال. ودايما معاكي!
تأففت منال بصوت مسموع ثم قالت بتلعثم بسيط: - انا دلوقتي عاوزة أمشي، انت حابب تقعد براحتك، اظن ما فيش مشكلة؟
هشام باعتراض هادئ: - لا فيه أكبر مشكلة! طول ما انت بتتعاملي معايا على اساس اني أختك كريمة هتفضل فيه مشكلة!

نفخت منال بزهق وقالت بغير فهم واضح: - انت ايه حكاية كريمة دي معاك؟ اولا انا معنديش اخوات اسمهم كريمة، ثانيا.
قاطعها هشام بهدوء ينافي جذوة النار التي تشتعل في أعماق دخانيتيه: - ثانيا أنا أبقى جوووزك! ها؟ دا لو نسيتي يعني، مينفعش تروحي وتيجي لوحدك، لازم أكون معاكي، وبعدين أنتي ايه اللي مخوّفك اوي كدا انك تقعدي معايا؟

منال بتكشيرة معترضة: - نعم؟! وانا أخاف من ايه ان شاء الله؟ كل الحكاية أني ظروفي ما تسمحش، دا غير أني سايبة ابني لوحده و...

قاطعها باسطا راحته الضخمة امامها وهو يقول: - قبل ما تكملي أحب أعرّفك اني حريص على فريد زيّك ويمكن أكتر منك كمان، ولو حاسيت انه بعادنا عنه فيه اي مشكلة ليه صدقيني انا اول واحد هقطع الاجازة واقولك نرجع فورا.

منال بنزق: - انت مش ملاحظ انك بتجمع نفسك معايا انا وابني على طول؟ ابني دا مسئول مني انا بالدرجة الاولى.

عاجلها هشام بجدية قائلا: - غلط! ابنك. اللي هو ابن اخويا. شرعا وقانونا وصايته معايا أنا. عمه!
بُهتت منال فيما واصل هشام والذي نفخ بضيق فالحديث بينهما قد اتخذ مسارا بعيدا تماما عمّا خطط لينظر اليها بتركيز:.

- منال. اوعي تشكي ولو للحظة في حبي لفريد وخوفي عليه، فريد غير انه ابن اخويا يعني امانة في رقبتي، فهو ابني اللي ربنا ما كتبليش اني أجيبه، وصدقي أو لأ. أنا بعتبره ابني اللي من صلبي، كفاية انه دمنا واحد. فياريت بعد كدا ما تشكيش في حبي ليه أو تقلقي من دا!

عضت منال على باطن شفتها، لا تعلم لما شعرت بالذنب وهو يتكلم عن حرمانه من الاطفال، هي لم تقصد المعنى الذي وصله من انها تشك في مقدار حبه وخوفه على ابنه ولكنها تبقى أمه. ولا يوجد من هو أحرص وأحن على الأبناء أكثر من الأم، حتى ولو كان الأب ذاته.

زفرت بتعب قبل ان تقول بلهجة اعتذار حقيقية: - هشام أنا. أنا بعتذر لو كنت فهمت اني بشكك في حرصك عل فريد وحبك ليه، انا عارفة طبعا انك عمه وانه يهمك امره قبل اي حاجة بس.

ليقاطعها للمرة الثانية قائلا بصوت مُلِحّ: - من غير بس! انا هسيبك تدخلي حاجتك وهستناكي تحت في اللوبي عشان نفطر سوا، فيه كلام كتير لازم يتقال بيننا...

سكت منتظرا ردّها حيث صمتت بدورها لدقيقة او اكثر لتفكّر قبل ان تنظر اليه وتهز رأسها في صمت بالموافقة، فأشرقت أساريره ومنع نفسه بصعوبة من عناقها، ليهتف بحبور:
- هستناكي تحت. متتأخريش عليا!
وانصرف سريعا قبل ان يتراجع عن قراره ويعتصرها بين ذراعيه لينعم بأنفاسها الدافئة فلا يدعها قبل ان ترفع راية الاستسلام!

جالسة أمامه تتناول افطارها بكل هدوء بعد ان أعادت حقيبتها وقامت بتبديل ثيابها لأخرى أكثر راحة، فارتدت سروال واسع من القماش مخطط طوليا بالأبيض والأصفر والوردي وفوقه بلوزة من القطن الناعم باللون الوردي وسترت خصلاتها بوشاح أبيض مطبع بورود صفرا ووردية، وقد رفعت نظارتها الشمسية فوقه.

قال هشام وهو يحتسي قدح الشاي وقد وجد الفرصة سانحة لبدء حديثهم المؤجل منذ الامس، خاصة وهناك جو من الالفة يحيط بهما بعد تبادلهما بعض الاحاديث الخفيفة العامة:
- فكرتي في الكلام اللي قلناه امبارح؟
سكتت منال لتضع شوكتها جانبا ثم تمسح فمها بمحرمة المائدة القطنية قبل ان تقول بهدوء وهي تتناول كأس الماء لترتشف منه:
- قصدك الكلام اللي. أنت قلته!

لتعيد الكأس ثانية بعد احتسائها منه، بينما قال هشام بهدوء: - أوك. وهو كذلك. الكلام اللي انا قلته! فكرتي فيه؟
منال وهو تطالعه وبهدوء تام: - أفكّر لما الكلام يحتمل الرفض او الموافقة، لكن في حاجة بديهيا مرفوضة. يبقى مالوش لزوم التفكير!

هشام قاطبا: - وليه بديهيا مرفوضة؟
منال بشبه ابتسامة ساخرة: - دا سؤال؟! مش عارف ليه؟
هشام بصبر: - لا بصراحة، يا ريت تعرفيني.

منال وهو تميل على الطاولة التي تفصل بينهما وببرود: - أولا لأني مش بفكّر في الجواز، ثانيا لأني عندي ابني اللي لا يمكن أجيب له زوج أم، ثالثا أنا جربت حظي مرة ومش عاوزة بعد فريد حد تاني، يمكن احنا عشنا مع بعض فترة بسيطة لكن صدقني في الفترة دي أصبح هو ليا كل اهلي وعيلتي، فمش ممكن أستبدله بأي حد تاني، رابعا ودا الاهم. انت. أخوه!

وضغطت على كلمة اخوه قبل ان تتابع: - عارف يعني ايه اخوه؟ يعني صعب عليا جدا بل شبه مستحيل اني أبص لك على أنك زوج ليا، لأني وقتها هحس أني خاينة!

صمت تام ساد الأجواء حولهما بعد ادلائها بتصريحها هذا، ليقطع هو السكون الدائر قائلا بهدوء لا يشعر بأدنى ذرة منه ولكنه مجبر كي يستميلها:
- أسمحي لي أرد على كلامك.
ورفع يده يعدد على أصابعه الاسباب التي سبق وذكرتها: - اولا انتي لسه صغيرة، فحكاية مش بتفكري في الجواز دي صعبة شوية، لانه المسئولية كبيرة جدا عليكي لوحدك وأديكي شوفتي الناس مش بترحم ولا بتسيب حد لوحده!

قطبت بينما واصل رافعا اصبعه الثاني: - ثانيا أنا مش زوج أم لفريد أنا عمه قبل ما أكون جوزك، واظن فيه فرق شاسع بين الحالتين؟!

لم يدع لها المجال لتجيب سؤاله وواصل قائلا: - ثالثا أنا أرفض أني اكون بديل ل حد! وأكيد انتي مش هتستبدلي فريد ولا ذكرياته، لانه مهما مرت ايام فذكرياته عايشة جواكي وجوايا أنا كمان، متنسيش اننا اتنين اخوات بس. فريد مش كان بس اخويا لا. فريد كان اخويا وصاحبي وابني كمان مع انه الفرق بيننا مش كبير اوي، لكن كنت دايما بحس اني مسئول عنه كأنه ابني بالظبط وزاد الاحساس دا بعد وفاة والدنا الله يرحمه، وأنا أكيد هحترم ذكراه جواكي، وعمري ما هطلب انك تنسيه أبدا، وأبقى بكدب على نفسي لو فكرت انك ممكن تنسيه او أطلب منك اني آخد مكانه!

علم انه استطاع الاستحواذ على انتباهها بالكامل ليتابع بالضربة القاضية وبكل هدوء:
- آخر حاجة بقه ودا المهم، لو فيه خيانة فعلا يبقى مش لفريد!
قطبت اعمق في تفكير وريبة قبل ان تنفك عقدة جبينها وتشهق عاليا لتغطي فمها براحتها وقد توسعت حدقتيها بقوة، بينما ارتسم شبح ابتسامة تحمل نوعا من ا لحزن على وجهه قبل ان يردف:
- ايه. مستغربة؟

مد يده عبر الطاولة بينهما وفتح راحتها قائلا بابتسامة رجولية أخاذة: - ممكن تدّيني (تناوليني) ايدك؟
طالعته بعدم فهم لضحك ضحكة خشنة قصيرة دغدغت شيئا بداخلها لتعقد جبينها بتوجس وشعور غريب يكتنفها، في حين استرسل هو قائلا:
- ما انتي اصلك ايد حاطاها عل وشِّك والتانية منزلاها تحت، لو قودامي ما كنتش استأذنت صدقيني!

ليعيد سؤاله وهو يمد يده المفرودة كثر ناحيتها يحثها على قبول طلبه، وببطء شديد وتردد أشد كانت تمد يدها اليه بالمقابل، ليسارع هشام بالقبض عليها برفق فلم يكن ليجازف بان تتراجع الآن!

أمسك بيدها بين راحتيه ورفع عينيه اليها فيما جلست هي تراقبه بدهشة وحيرة وبعض من الريبة، ليقول بخفوت:.

- ممكن تنسي اني اخو فريد الله يرحمه، وتدينا فرصة نقرب من بعض؟ بلاش تحكمي على حاجة قبل ما تجربيها، موضوع اني اخوه انا مُقدِّره، بس اولا فترة معرفتنا ببعض تعتبر شيء لا يذكر، انا طول الوقت تقريبا كنت في اسيوط، مش بنزل الا قليل جدا، انك تتعاملي معايا على اساس اني اخو جوزك ما كانش كتير، مش زي مثلا لو كنتي بتشوفيني على طول وفي تعامل باستمرار بيننا، واعتقد دا شيء في صالحنا، الموضوع عندك نفسي أكتر، عشان كدا أنا بعرض عليكي الفرصة دي وأنا متأكد أني هقدر أوصلك، وانك هتقتنعي في الآخر انه جوازنا ممكن جدا ينجح.

منال وقد نست يدها بين كفيه او كأنه أمرا عادي: - طيب ممكن أنا بقه أسألك؟ ليه أنا؟ انت تقدر تتجوز واحدة أصغر مني وما اتجوزتش قبل كدا، ليه أنا؟

هشام بابتسامة: - عشان انتي منال! ومافيش منال غيرك!
قطبت بينما تابع: - انا عاوزك انتي تكوني مراتي، احنا فعلا متجوزين، يبقى ليه أدوّر على واحدة تانية خصوصا لو كانت مراتي حاليا أكتر من كافية بالنسبة لي بالعكس أنا مهما دوّرت مش هلاقي واحدة تملا مكانها!

تخضبت وجنتيها باللون الاحمر بينما أردف هشام بصوت أجش: - منال. أنا بأكد لك انه اصراري على الاستمرار في جوازنا مالوش علاقة لا بسبب جوازنا من الاساس ولا عشان فريد ابن اخويا، أنا عاوزك انتي مراتي، عاوز جوازنا يستمر ومصمم على أنه ينجح لأن أنتي وأنا نستحق فرصة تانية في الحياة، وأنا حاسس انه ربنا بعت لي الفرصة دي بجوازي منك، عشان كدا بطلب منك انك ما تقوليش قرارك النهائي دلوقتي، ادينا وقت ناخد فيه على بعض ونشوف الايام هتاخدنا لفين. ممكن؟!

طالعته منال في صمت للحظات بينما عقلها يدور يحلل ويفند كلماته، ليقرر هشام أن يخرج من مرحلة القول الى مرحلة الفعل حتى وان كان فعلا بسيطا. ليرفع يدها الى فمه مقبلا باطنها ببطء وبرقة وعذوبة، فصدرت عنها شهقة خافتة، لينظر اليها بعدها وعيناه تطالعانها بنظرات خاااااصة. ألجمتها، لتفاجأ بنفسها وهي تومأ برأسها في سكون تام الى الاسفل في موافقة صامتة منها على عرضه، فما كان منه الا ان افترشت ابتسامة واسعة وجهه بينما وجمت هي وقد داهمها هاجس أنه لن يسمح لها بالابتعاد عنه أن قررت في النهاية أنها لا تريد الاستمرار. فكأنها قد خطت بقدمها الى عرين الاسد ولن تخرج منه أبدا مهما فعلت!

زفر أدهم بضيق قبل أن ينظر الى راندا المنخرطة في البكاء وقال: - اهدي يا راندا عشان أفهم، انتي كنتي عند سهام زي ما قلتيلي ايه اللي ودّى (ذهب بها) ريما هناك؟ وايه اللي حصل بالظبط؟

راندا من بين شهقات بكائها الحار: - مع معرفش، أنا بعد ما مشيت من عندها، وانا راجعه لاقيت تاج بتكلمني بتقولي انها ريما عند مها، اخدت نفسي وجيت جري.

تقدمت تاج منها وقالت باستفهام: - سهام؟! انتي روحتي لسهام؟
راندا ببكاء: - روحت لزفتة ويا ريتني ما روحت! انا معرفش ريما سمعت ايه خلّاها بالشكل دا؟
مها بتنهيدة كبيرة: - ما تقلقيش يا راندا، الدكتور اللي جابه اسلام بيقول انها صدمة عصبية بسيطة وان شاء الله لما تفوق هتبقى احسن.

تقدم محمود وقال: - بس احنا لازم نعرف ايه اللي حصل، ما اتكلمتش معاكي في حاجة يا همس؟
تقدمت همس وهي تمسح وجهها بينما وقف مراد يحيط كتفيها بذراعه: - لا يا خالو، أخر مرة كلمتها كانت امبارح بالليل وقالت لي انها هتوزع كروت الفرح على زمايلها في الشركة انهرده.

شمس باستفهام: - ما جابتش سيرة معتز؟
همس بهزة بسيطة من رأسها: - يعني. قالت انها متقدرش متعزموش مع انها عارفة انه عصام يمكن يفتكرها بتتحداه، لكن هو مأذهاش في شيء، ولو حتى فيه من ناحيته مشاعر فهو مش بيفرضها عليها بالعكس دا بيحترمها جدا، وقالت لي أنها هتعمل الدعوة باسمه هو ومامته عشان تيجي معاه فعصام ما يبقالوش حجّة انه يزعل.

مهدي بسخط: - انا بردو مش فاهم ايه الحكاية بالظبط؟ ومين معتز دا اللي الكل بيسأل عنه؟
أدهم مفسرا: - معتز دا حكايته طويلة، لكن من الاخر تقدر تقول انه زميل لريما وعصام كان شاكك انه بيحمل شعور معين ليها، وطبعا طلب منها تبعد عنه، لكن ريما عشان طيبتها الزايدة كدبت عصام، واللي حصل على ما فهمته من كلام همس دلوقتي انه ريما عزمت معتز ومامته بس ايه اللي ودّاها.

وسكت أدهم لثانية هتف بعدها: - بس فهمت!
تاج وهي تدنو منه: - فهمت ايه يا ادهم؟
ادهم موضحا: - ريم راحت مع معتز لمامته، يبقى أكيد راحت تعزمها على فرحها، وهي هناك حصل حاجة او سمعت حاجة، لانك ما شوفتيهاش يا راندا انتي اتفاجئتي لما عرفتي انها هنا عند محمود، يبقى أذن هي سمعت حاجة بينك انت وسهام خليتها تنهار وتبقى بالصورة دي!

سكتت راندا بينما عينيها لم تكفّا عن البكاء الحار، ليزفر أدهم بضيق بينما تقدمت لبنى من حماتها تربت على كتفها، فيما أردف أدهم:
- يا راندا عياطك مامنوش فايدة دلوقتي، أنا عاوز أعرف ايه اللي حصل بينك انتي وسهام دي وصّل ريما للحالة دي؟

مسحت راندا وجهها وطالعت أدهم قبل ان تنقل نظراتها الى تاج التي قطبت قبل ان تعيد انتباهها الى ادهم ثانية وهي تقول بصوت غلبته بحّة البكاء:
- اتكلمنا في اللي فات كله!
قطب أدهم بغير فهم منه قبل ان يقول: - وايه هو اللي فات؟
تبادلت راندا النظر مع ريتاج قبل ان تنظر الاخيرة الى مها التي فغرت فاها في ذهول لمعنى كلمات راندا، تنحنحت ريتاج قبل ان تقول بهدوء ناظرة الى وجوه شباب العائلة:.

- لو سمحتم يا ولاد. سيبونا لوحدنا شوية.
اعترض مهدي قائلا: - بس دي اختي وانا يهمني أعرف مالها!
ريتاج بأمر: - ريما ما تهمكش لوحدك يا مهدي، ريما تهمنا كلنا، لكن حاليا احنا محتاجين نعرف ايه اللي وصّلها لكدا. دا لمصلحتها.

همّ مهدي بالاعتراض عندما ارتفع صوت أدهم بصلابة وحزم: - خلاص يا مهدي. سيبونا لو سمحتم دلوقتي، ويا ريت تكلم والدك، كان عنده اجتماع لما اتصلت بيه وانا جاي في السكة، قافل موبايله والسكرتيرة لما كلمته ع المكتب قالت انها هتبلغه، فكلّمه تاني عشان ييجي. لازم يكون موجود في الوقت دا.

انصاع مهدي على مضض لأمر خاله، لينصرف مع لبنى تبعه همس ومراد فشمس واسلام، بينما ظلّ محمود ومها، أما عصام فلا يزال مرابطا بجوار فراشه حيث ترقد ريما في انتظار لحظة استيقاظها.

قال أدهم بعد انصرف الجميع: - اتفضلي يا راندا. ياريت تحكي لنا بالتفصيل ايه اللي حصل، وبلاش ألغاز!

أنهت راندا سرد تفاصيل ما حدث بينها هي وسهام، ليعم الصمت للحظات كان أدهم هو أول من خرقه قائلا بذهول:
- انتي بتقولي ايه؟
نظرت اليه راندا وهي تجيبه بتعب: - اللي انت سمعته يا آبيه.
أدهم بصدمة: - نزار كان خاطب سهام وسابها عشانك؟
نفت راندا بقوة: - ما حصلش! نزار كان خاطبها هي عشان يبعد عني لكن.

قفز أدهم واقفا وهو يهتف بدهشة: - لكن ايه؟ أنا لما قلت لك تشوفي اللي اسمها سهام دي عشان معتز ابنها كل معلوماتي انها كانت خطيبته زمان وما حصلش نصيب، ودا منك انتي، فالموضوع عادي، زي اي اتنين بيتخطبوا وبعدين ميتوفقوش، وكل واحد يشوف طريقه بعد كدا، لكن أنكم تكونوا السبب في تشويه نفسية الست دي بالشكل دا. مش ممكن!

نهضت راندا تهتف قائلة باستنكار: - بردو بتدافع عنها؟ الست دي شيطان في صورة انسان، عاوزة تاخد بنتي سداد لدين ليها عندي، دين مالوش أي اساس، ومش بس كدا، لا دي بتكدب وبتدعي اني خطفت منها خطيبها، نزار عمره ما كان ليها، هو خطبها بس عشان يهرب من مشاعره ليا، لكن اتضح له انه ميقدرش يبعد عني، حبه ليّا خلّاه يتمسك بيا اكتر وياخد قرار انه يسيبها، ما رضيش يكمل مع واحدة وعقله وقلبه مع غيرها، كان هيظلم نفسه ويظلمها هي كمان، يعني لا انا ولا نزار غلطنا في حاجة وريما لازم تفهم دا كويس اوي!

ادهم ببرود: - لما واحد يدخل بيوت الناس ويخطب بنتهم، ويحط ايده في ايد راجل كبير، أمنه على بنته، وبعد كدا يكتشف انه مش بيحبها وهيظلمها مافيش مشكلة، بالعكس دا كدا بيراعي ربنا فيها، لكن لما من الاصل يكون رايح يخطب عشان يهرب من حبه لواحدة تانية، مهما كان الحب دا غلط في نظره، لكن هو كدا عمل جريمة، هو أذى واحدة كل ذنبها انها حبيت خطيبها ورسمت معه طريقهم سوا، حتى لو كان في الخيال بس، لكن هو كان الطرف التاني في الحلم دا. لو فعلا عاوز يبعد يبقى ما يضحكش على بنات الناس، فيه ألف حل وحل غير موضوع الخطوبة والجواز، يسافر مثلا، يغير مكان شغله، اي حاجة غير انه يلعب بمشاعر بنت مالهاش ذنب. دا مالوش عندي غير مسمّى واحد. ضعف وجُبن!

هتفت راندا باعتراض: - لا يا آبيه.
قاطعها أدهم صارما: - مالوش وصف تاني عندي، وصدقيني أنا لو أعرف الموضوع دا من الأول كنت رفضته وبدون نقاش!

ريتاج وهي تقترب من ادهم: - اهدى بس يا حبيبي، راندا.
قاطعها أدهم ناظرا اليها بسخرية: - وانتي كنتي عارفة يا تاج؟
سكتت تاج لتتبادل النظر لا اراديا مع مها ليردف أدهم باستخفاف: - ومَها. كمان؟!
نظر محمود عاقدا جبينه الى زوجته وقال بتساؤل: - انتي كنتي عارفة يا مها؟

مها بتلعثم بسيط: - عادي يا محمود، ما انتو عارفين اننا احنا التلاتة اصحاب، وبعدين أنا مش شايفة مشكلة، يمكن ادهم عنده حق في تسرّع نزار انه خطب سهام، لكن نزار ما كملش في الموضوع للآخر، لأنه كان هيسيبها بردو ولو عندها دستة عيال، لأنه مش بيحبها، لكن هو فضّل انهم ينفصلوا عشان ما يظلمهاش معه، وبشهادتها هي ربنا رزقها براجل حبّها وكان كريم معها، وبابن ملا عليها حياتها، هي اللي سابت نفسها للشيطان يوسوس لها ويملا قلبها كره وحقد، كانت النتيجة انها ما حاسيتش بنعمة ربنا عليها، وأصبح قلبها أسود، وضيعت عمرها كله وهي بتحلم بالانتقام عشان لا شيء!

نظر ادهم الى مها وقال بأسف: - للأسف يا مها. الشخصية المريضة اللي انتي اتكلمتي عليها دلوقتي كانت بفعل فاعل. حتى لو كان من غير قصد، فيه حاجة اسمها قتل خطأ. يعني ممكن تنهي حياة بني آدم من غير ما تقصدي! ودا اللي حصل لسهام، حياتها خربت واتحولت لمسخ، عاشت تحلم بالانتقام لكرامتها كأنثى في نظرها انه خطيبها سابها عشان واحدة تانية، طالبة عنده، يعني من الآخر شاغلته لغاية ما خليته يسيب خطيبته ويتجوزها هي، خصوصا انه دا حصل بعد ما فكوا الخطوبة على طول، مرت الايام ومع انها هي كمان اتجوزت في نفس التوقيت تقريبا لكن فضلت مستنية تسمع انه جواز نزار وراندا فشل، وتحلم باليوم اللي يرجع لها فيه نزار ندمان عشان هي اللي ترفضه ساعتها، لأنهم مهما قالوا قودام الناس انه هي اللي طلبت الانفصال لكن هي عارفة الحقيقة. نزار هو اللي رفضها، وأكيد لما تقولي لها – موجها كلامه لراندا – انه دا ما حصلش وانه كان بيحبك انتي من الاول مش هتصدق، مافيش دليل غير كلامك، بالعكس بقه. انتي كدا بتزودي المبلّة طين، لانه احسن لها تفضل على اعتقادها انك خطفتيه منها بدل ما تعرف انه من الاساس واخدها حاجز يتحامى فيها من مشاعره ناحيتك، لكن اكتشف انه الحاجز دا ضعيف جدا، من القش. مع أول نفحة هوا طيرته!

اندفع نزار الى الداخل وهو يهتف بقلق: - ايه اللي حصل لريما؟
تقدم أدهم منه حتى وقف أمامه تماما قبل أن يقول ببرود: - من 28 سنة لو كنت أعرف الحقيقة، كانت حاجات كتير اوي هتتغير. أولها جوازك من أختي!

قطب نزار وقال وهو ينظر الى راندا التي تسيل دموعها في صمت: - فيه ايه يا أدهم؟ ليه الكلام دا؟ ايه اللي حصل؟ – ليوجه كلماته الى راندا – ما تتكلمي يا راندا فيه ايه؟ ريما فين وايه اللي حصلها؟

نهضت راندا وبالكاد وقفت وهي تترنح، حتى اذا ما تمالكت نفسها قالت بصوت خافت من شدة البكاء:
- أنا. أنا كنت عند سهام انهرده!
ايه؟! .
هتف نزار في دهشة أردف بعدها: - روحتي لسهام؟ ليه؟
راندا بجمود: - كنت عاوزة أحط حد للي بيحصل، افتكرت اني هتكلم من أم لأم، ما كنتش أعرف أني هلاقي واحدة حقودة بالشكل دا!
نزار باستفهام: - هو ايه دا اللي بيحصل وعاوزة تحطي له حد؟ ما تتكلمي يا راندا من غير ألغاز!

نظرت راندا الى أدهم فمحمود ومها واقفان ومهما كان ريما ابنتها ولا تريد الحديث عن هذا الأمر في وجودهما، فهم أدهم نظرات استنجادها به ليزفر بضيق قال بعدها:.

- أيًّا كان السبب، النتيجة واحدة. حصلت مواجهة بينهم ريما بنتك سمعتها، والكلام اللي سمعته أظهر مامتها – وأشار الى راندا - قودامها أنها واحدة خطفت واحد من خطيبته، وأظهرت باباها – وأشار عليه متابعا – أنه مش بيهتم بالمشاعر اللي بيدوس عليها. يعني من الآخر ريما اتصدمت فيكم انتم الاتنين!

نزار بصدمة: - ايه اللي انت بتقوله دا يا ادهم؟ وايه اللي جاب سيرة الكلام دا؟
ثم نظر الى راندا هادرا بغضب: - انتي روحتي لها ليه بالظبط؟
ليجيبه أدهم بصوت مرتفع بدلا من راندا: - هو دا اللي هامّك يا نزار؟ ليه راندا راحت لها؟ عاوز تعرف بنتك فيها ايه؟

نظر اليه نزار باهتمام في حين تابع أدهم: - صدمة عصبية يا نزار. ارتحت؟! والسبب في اللي جرى لها مش الكلام اللي سمعته بين سهام وراندا، السبب. انت يا نزار!
نزار بصدمة: - أنا!

أدهم مؤكدا: - أيوة أنت! أنت اللي جرحت قلب ما أذاكش (لم يؤذيك) في شيء، قتلت آدامية بنت كل ذنبها انها حبيتك بكل مشاعرها اللي اختزنتها لزوج المستقبل، فكان المقابل لكدا طعن في كرامتها كأنثى. والنتيجة وحش الانتقام عاش جواها يتغذى على كرهها لراندا، ويكبر وهي ناقمة على كل حاجة، لغاية ما جالها الفرصة انها تدوّقكم من نفس الكاس حتى لو استخدمت ابنها في كدا. ولو اني أعتقد انه ابنها ميعرفش حاجة وامه استغليته من غير ما يعرف. لكن يبقى أنه الجاني الأول والأخير هو انت يا نزار!

دنت تاج منه وقالت تهدئه: - يا أدهم الأمور أبسط من كدا صدقني و...
نظر اليها أدهم نظرة مليئة بالأسف وقاطعها قائلا: - خبيبتي عليا ليه يا تاج؟
تاج بصبر: - كنت هقولك ايه يا أدهم؟ راندا مش اول واحدة تتجوز واحد كان خاطب قبلها!

أدهم ببرود: - طبعا، وأنا عرفت منه لما جه اتقدم انه كان خاطب وما حصلش نصيب، ولانه الموضوع كان مجرد خطوبة ما اهتمتش خصوصا انه في شغله ومكان اقامته الناس كلها كانت بتشيد بيه، وعلى أساس أنه أكيد حاجة زي دي لازم أعرفها. أبسط حاجة ما كنتش هقول لراندا على معتز وكنت هتصرّف أنا. كنت همنع المواجهة دي من الاساس، مع اني أشك أني كنت هوافق عليه كزوج لأختي!

نزار بجمود: - انا مش هقدر ألومك يا أدهم، أنا نفسي قعدت فترة طويلة أحس بتأنيب الضمير من ناحيتها، لكن عزائي كان أني رحمتها من حياة باردة كانت هتعيشها معايا وانا قلبي مع غيرها، غلطت بعترف ب كدا لكن مين فينا مش بيغلط، المهم اني ما استمرش في الغلط، ودا اللي حاولت أني أعمله أني أصلّح خطئي في الآخر!

أدهم وهو يتجه للخروج: - للأسف يا نزار، غلطتك ما كانتش بالسهولة اللي انت فاكرها، انت اتسببت في تدمير حياة انسانة، حتى لو كانت الانسانة دي شخصية مريضة بالكره والحقد لكن المرض دا انت ليك يد كبيرة اوي فيه!

لحقت تاج بأدهم وهي تقول: - رايح فين يا أدهم استنى بس.
أدهم وهو ينظر اليها بخيبة أمل واضحة: - رايح أحاول ألحق الولد. معتز زي ريما بالظبط مالوش ذنب أنه يدفع تمن الشر اللي ملأ قلب أمه، زي ما ريما مالهاش انها تكون ضحية ضعف وسلبية وبالتالي تنهار صورة الأب والأم المثاليين في نظرها، ولأني. كبير عيلة شمس الدين، حتى لو انتم نسيته دا في وقت من الاوقات!

وانصرف أدهم بينما دلف عصام في نفس اللحظة يقول: - ريما صحيت!
ارتمت ريما في حضن ريتاج ورفضت النظر الى والدها او والدتها، ليناديها نزار بحنان:
- ريما حبيبتي. بصّي لي.
رفعت ريما رأسها لتنقل نظراتها بينه وبين أمها الباكية في صمت والتي بدت وكأنها تخشى الاقتراب من ابنتها خاصة وهي تلمح نظرات الرفض في عينيها، قالت ريما بصوت ضعيف وان كان ثابت النبرات، ووجه شاحب:.

- بعد إذنكم كلكم. أنا ليا طلب يا عصام يا ريت توافق عليه؟
تقدم منها عصام ومال عليها قائلا: - اؤمريني!
ريما بثبات: - عاوزة فرحنا يكون في أقرب وقت، لو حتى بكرة مافيش مشكلة، مش فارقة معايا فرح أو لأ. المهم أني أخرج من هنا على بيتي أنا وأنت!

هتف نزار معترضا: - ريما، معقول اللي بتقوليه دا؟
راندا بذهول: - مش عاوزة فرح؟! ليه يا بنتي؟
بينما التزم عصام الصمت ليجيب في الأخير وهو يقف يطالعها بغموض بينما يكبت غضبه في داخله بصعوبة، ففي وسط هذه الفوضى لا يهمه سوى أمرا واحدا فقط وهو أنها قد ذهبت مع هذا ال معتز بمفردهما الى منزل الأخير. وبدون علمه، فهل هناك أي مبرر لفعلتها تلك؟ أن أنها تستحق عليها العقاب الرادع؟!

خرج عصام من شروده على صوت ريما وهي تناديه تسأله رأيه ليطالعها بتركيز قبل أن يجيب بهدوء:
- وأنا آسف يا ريما، مافيش فرح!
لتشهق ريما بقوة وقد فتحت عينيها عل وسعهما تطالعه بغير تصديق بينما وقف عصام يبادلها النظر وهو في قمة الثبات و، الغموض!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة