قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية إلا أنت (نساء متمردات ج3) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس والثلاثون

رواية إلا أنت (نساء متمردات ج3) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس والثلاثون

رواية إلا أنت (نساء متمردات ج3) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس والثلاثون

هشام مكررا باصرار غريب وعيناه تلمعان بعزم: - بقولك اقلعي!
لتلمع عيناها بغضب ناري بالمقابل وتقف امامه تشمخ برأسها وهي تهتف بقوة وغضب بصوت لم ترتفع نبراته:
- في احلامك!
ابتسم ابتسامة غريبة قبل ان يجيبها باستخفاف: - لا. في اوضة النوم!

قطبت بارتياب في حين تابع مفسرا: - الفستان دا تغيريه وفي ظرف عشر دقايق بالظبط تكوني جاهزة عشان ننزل نكمل الفرح، لأننا مشينا من غير ما نستأذن، ولولا انه فيه قيادات كبيرة انا ما كنتش خليتك تعتبيه تاني!

طالعته بذهول. دهشة. وتوجس قالت بعده بريبة وعدم تصديق: - انت قصدك أغيّر الفستان؟
هشام وهو يميل بوجهه عليها يهمس في اذنها بسخرية: - اومال كنت فاكراني اقصد ايه؟ للاسف يا منال اخلاقك شكلها، باااااظت!
لتنتبه من شرودها في رائحة عطره المميز وتصيح بذهول وغضب: - نعم!
ليبتعد عنها ويقول ببساطة وهو يشير الى ساعة معصمه: - ياللا. فات دقيقتين من العشرة!

هتفت منال رافضة بتعنت: - بس أنا مش عاوز ة أغيّر الفستان، عجبني بصراحة، ثم أنت مالك بهدومي، ألبس اللي ألبسه، طالما محترم ومناسب يبقى خلاص!

مال عليها فاضطرت للتراجع لتفاجأ بالحائط خلفها، في حين استند براحتيه على الجدار على جانبي رأسها ليدنو بوجهه منها ويقول بأمر لا يقبل الجدل:
- منال طاوعيني. أنا عنيد ومش هتتحركي خطوة واحدة من هنا الا لما تنفذي اللي قلت لك عليه، ولو على الفستان أنا ما قلتش أنه مش محترم ولا أنه مش مناسب، بالعكس بقه دا مناسب زيادة عن اللزوم، ودا اللي مخليه بالنسبة لي أنا. مش مناسب!

قطبت منال وقالت بغير فهم وتكشيرة تعتلي ملامحها الناعمة: - هي فزورة؟! هو ايه اللي مناسب ومش مناسب دي؟
ورفعت يدها اليسرى وهي تتحدث تشيح بها في وجهه فهمّ بالاجابة عندما فاجئها بأن أمسك برسغها وأشار اليه قائلا في دهشة مقطبا:
- ايه دا؟
منال بزفرة ضيق وهي تحاول افلات يدها من قبضته: - ايه اللي ايه؟
هشام رافعا يدها أمامهما: - انتي مش لابسة دبلة!

منال وهي تسحب يدها بقوة فأفلتها: - وألبسها ليه ان شاء الله؟
هشام بقهر وقد انتفخت أوداجه غيظا وبلهجة ساخرة: - لا أبدا. حاجة بسيطة، لأنك متجوزة على ما أظن؟ وعلى ما أظن بردو اللي متجوزاه دا يبقى العبد لله اللي واقف قودامك دا؟!

منال ببرود وهي تفرك معصمها الذي زحف اللون الاحمر اليه من أثر قبضته القوية: - بس احنا مش متجوزين، مش بالمعنى المفهوم يعني!
هشام وقد رأى أنه قد آن الأوان كي يبدأ في تنفيذ أولى خطواته أن يجعلها تعي أن ارتباطهما دائم وحقيقي وليس كما تظن:
- الجواز مافيهوش معنى مفهوم ومعنى مش مفهوم، هو مفهوم واحد. جواز بمعنى زوج وزوجة وحياة أسرية مشتركة، وأبسط علامة تدل على أنه الشخص دا مرتبط أو لأ هو خاتم الجواز!

قطبت منال وقالت بتوجس: - قصدك ايه؟
هشام ببساطة: - قصدي أنه أول حاجة هعملها أنك هتلبسي دبلتي في صباعك، وأنا كمان، لازم. عشان محدش يبص لحضرتك تاني ويشوف فيكي عروسة مناسبة، وتيجي حضرتِك تحكي لي زي ما تكوني بتحكي لحماتك أنعام!

لتنحل تقطيبة منال وترتفع حاجبيها الى الاعللى وتقول بدهشة وهي لا تريد تصديق المعنى من كلماته الصادمة بالنسبة لها:
- نعم!
هشام وهو يبتسم متابعا بنفس البساطة والتلقائية وكأن ما يقوله هو أمر مفروغ منه تماما:
- دا بالنسبة ل أولا!
منال بشكّ وريبة: - وهو لسّه فيه ثانيا؟

هشام بثقة مطلقة: - طبعا! ثانيا وثالثا وعاشرا والى مالا نهاية زي الارقام كدا، – رسم ابتسامة بريئة على وجهه متابعا – احنا جوازنا، أبدي!

منال بصدمة: - مين؟! أبدكْ! يعني ايه أبَدَكْ دا؟
هشام ببديهية: - أَبَدي هو أَبَدِكْ يا منال! بمعنى. أنه جوازنا أمر واقع لازم تتقبليه، لأنه مافيش واقع غيره!

منال بصوت متقطع مصدوم مشيرة اليه بسبابتها: - انت قص قصدك تقول أنه أنا وأنت جواز. جوازنا...
هشام بشفقة زائفة: - ايه يا منال بس، هي فزورة؟ أنا وأنتي مكتوب كتابنا وقودام الناس متجوزين، يعني ارتباطنا ببعض أمر واقع أنا مش عاوز أغيّره، بالعكس أنا هحافظ عليه بكل قوّتي. لأني مش ناوي أخسره!

منال بتأتأة وقد جف ريقها: - أيوة بس. بس أنت قلت لي أنه مافيش حاجة هتتغير، وأنه علا. علاقتنا هتفضل زي ما هي، وحياتنا هتمشي عادي؟!

هشام ببساطة: - فعلا، أنا قلت لك كدا، مافيش حاجة هتتغير، يعني هنفضل متجوزين، ودا اللي حاصل فعلا، علاقتنا هتفضل زي ما هي؟! امممم لوقت معين، لغاية ما تتعودي على العلاقة الجديدة اللي بتربطنا ببعض وهي اني أبقى جوزك، مش عم ابنك وبس! أما بالنسبة لحياتنا فأكيد هتمشي عادي، أنا عمري ما هفرض عليكي أسلوب معين في حياتك ولو اتدخلت هيبقى عشان مصلحتك انتي، قبل أي حاجة تانية!

منال وقد بدأ جمودها بالانحسار ليحل بدلا منه نيران غضب ملتهبة تستعر داخل صدرها: - يعني كنت بتضحك عليا؟
هشام بصوت معترض من فمه: - تؤ تؤ تؤ. ايه بضحك عليكي دي يا منال، أنا كنت واضح وبسيط جدا معاكي، وما كدبتش في حرفن وأظن أني شرحت لك حالا أنا قصدت إيه بكلامي معاكي قبل كدا.

منال بتحد: - بس أنا مش موافقة!
هشام وهو يتراجع الى الخلف خطوتين محركا كتفيه ببساطة: - حقك! زي ما أنا حقي أني أرفض رفضك دا!
هتفت منال بيأس: - انت عاوز منّي ايه يا هشام، أنا تعبت؟!
هشام بتلقائية: - عاوز أحافظ على مراتي يا منال، أظن مش غلط!
حركت رأسها بنفي وقالت: - مراتك؟! مش هيحصل يا هشام، أنا عاوزة أت...

في أقل من طرفة عين كان هشام يقطع الخطوات التي تفصلها ليسارع الى تكميم فمها براحته ويدفعها الى الجدار خلفها لتتسع حدقتيها واسعا بينما يهمس هو بقوة وصلابة:
- أوعي. أوعي أسمعك تنطقيها تاني، أنا هعتبر المرة دي من صدمتك بكلامي، لكن مرة تانية صدقيني رد فعلي مش هيعجبك!

أزاح يده بعد ذلك ببطء وبينما كانت تراقبه بعينين متسعتين في تساؤل وذهول مال بوجهه عليها حتى ضربت أنفاسه الدافئة بشرة وجهها الحليبية وهمس بخشونة قائلا فيما عيناه تلتهمان صفحة وجهها القشدية:
- منال. أنا فعلا متمسك بيكي وبجوازنا، خدي الوقت اللي تحتاجيه، أنا مش هستعجلك، وصدقيني مهما كان الطريق لموافقتك طويل أنا نفسي أطول، وهتلاقيني مستنيكي في الآخر وأنا مادد لك ايدي، عشان نكمّل طريقنا سوا...

سكتت تطالعه في حيرة وعدم تصديق، وأمام براءة نظراتها لم يستطع تمالك نفسه فمال على وجهها يقبّلها فأتت قبلته على طرف فمها، كانت قبلة سريعة، خاطفة، لم تكد تشعر بها، ولكن أثرها كان قويا على مشاعرها وخاصة دقات قلبها التي تعالت حتى أنها شكّت أنه يستطيع سماع صوتها، فقد غدت مرتفعة تماما. كقرع الطبول!

ابتعد هشام الى الخلف متراجها بظهره وابتسامة غريبة تظلل وجهه حتى وصل الى باب الغرفة ليقول وهو يقف أمامه:
- أنا هنزل خمسة وبعدين هستأذن وأطلع، أنتي خليكي. بعد ما فكرت تاني لاقيت أنه المشكلة في الفستان. تؤ، المشكلة في اللي جوّة الفستان! عشان كدا لازم خاتمي يبقى في صباعك بأسرع وقت عشان يفقع عين كل واحد يفكّر أنه يبص لك!..

واختفى خلف الباب ليغلقه خلفه دون أن يصدر صوت بينما راقبت منال ذهابه وما أن اختفة عن ناظريها حتى همست بذهول ووجل:
- أنا مش مصدقة! مش ممكن! أنا و، هو!..

يارا. يارا!
تعالى نداء زياد ليارا التي كانت تسير في رواق استوديو التصوير، فوقفت مكانها حتى وصل اليها ليلقي عليها التحية فأجابتها في هدوء قال بعدها وتوتر خفيف يظهر في حركة يديه وصوته:
- متعرفيش صحيح أخبار هنا قريبة همس ايه؟ بئالها مدة كبيرة مختفية و...
يارا التي علمت كل شيء من همس والتي أوصتها أن سأل عليها زياد أن تجيبه بما يجعله يفقد الأمل كلية فيها:.

- هنا سافرت مع جوزها تاني عشان شغله، هي مقدرتش تخليه يسافر من غيرها!
زياد بدهشة فائقة: - ايه؟ سافرت!
ليعاود النظر اليه وهو يردف بتساؤل وعدم تصديق: - بس. بس ازاي؟ يعني أبسط حاجة أنا بشتغل معها معرفش أنها سافرت، معنى كدا أنه البرنامج اتوقف، بس دا مش اللي وصلني، اللي عرفته أنها في أجازة والبرنامج هيرجع بس قودام شوية.

يارا بهدوء: - فعلا البرنامج هيرجع ما اتلغاش، بس هيرجع بمقدِّم برامج جديد.
زياد بتعثر واضح في كلماته: - أيوة بس. بس ازاي؟ دي كانت ابتدت تنجح كمذيعة والبرنامج ابتدى يشتهر ازاي تتخلى عن كل دا وتسافر معه و...

قاطعته يارا قائلة بهدوء ونظرة عين فاحصة له: - زياد. بلاش!
قطب زياد متسائلا: - بلاش؟!
ثم وبارتباك كمن فهم إلى ما ترمي: - بلاش ايه؟

يارا بصبر: - بلاش تركّز مع هنا، وكفاية أوي اللي حصل! شيل هنا من دماغك خالص يا زياد، هَنا اختارت بيتها وجوزها، ولو فيه أي شيء بينهم ف دا ميهمش حد غيرهم همّا، فياريت تحترم حريتها الشخصية وما تحاولش تتبع أخبارها، لأنه دي مش أول مرة تحاول تعرف حاجة عنها، قبل كدا كانت همس، ودلوقتي أنا، همس ما جاوبتش عليك ومن الآخر علاقتكم كزملاء ببعض متوترة جدا، خصوصا بعد اللي حصل، عشان كدا أنا جاوبتك!

زياد بانفعال مكتوم: - هو ايه خصوصا بعد اللي حصل؟ هو ايه اللي حصل اساسا؟
نظرت اليه يارا في سكون للحظة قالت بعدها بتساؤل ونظرة خاصة ترميه بها من زمردتيها:
- يعني مش عارف اللي حصل يا زياد؟ عموما لو مش عارفه تقدر تسأل أي حد في الاستوديو وهو يقولك! لأنه للأسف الحاجات دي بتتنشر بسرعة الصوت، والعلامات اللي في وشّك خدت لها وقت طوييل اوي على ما خفّت!

زياد معترضا: - يارا لو سمحت...
تعالى صوت قوي آمر قاطعهما: - يارا!
التفتت يارا الى الصوت الأثير لديها لتقول: - أسامة.
تقدم منهما اسامة ووقف أمام زياد لثوان دون أن يرفع يده لمصافحته فقام الأخير بالمبادرة فما كان من أسامة الا أن تناول يده في راحته الضخمة، بينما طوّق ذراع يارا بيده الحرة وهو يقول ليارا:
- خلصتي شغلك انهرده؟
يارا بايماءة موافقة: - آه، خلاص.

أسامة وهو يدفعها برفق: - طيب روحي هاتي حاجتك وتعالي عشان نروّح سوا.
فانصرفت يارا من فورها لتجمع حاجياتها بينما وقف أسامة أمام زياد واضعا يديه في جيبي بنطاله الجينز الأزرق الداكن يطالعه بعينين غامضتين قبل أن يقول بصوت منخفض ولكنه واثق، جديّ، حازم:
- وقفتك مع يارا بالطريقة دي. يا ريت متتكررش تاني!
بُهت زياد وقال بدهشة: - ايه؟

أسامة بصلابة: - انت سمعتني كويس، انتو آه زمايل في الشغل، لكن مش معنى كدا انك تقف معها بالطريقة دي وتتكلموا بالصورة دي زي ما يكون فيه بينكم أسرار، وأنت عارف الناس ليها الظاهر، وأنا مسؤول أحافظ على صورة مراتي وسمعتها بين الناس، خصوصا لو كان اللي واقفة معه واحد ما راعاش حرمة زميلة ليه قبل كدا وخلّا جوزها اتصرف معه بأسلوب رجل الكهف، لكن أحيانا الأسلوب دا هو اللي ينفع لبعض الناس!

طالعه زياد بذهول للحظات وكأنه قد ابتلع لسانه قبل أن يفيق من صدمته بكلمات أسامة ويقول في اعتراض وسخط:
- انت ازاي تكلمني بالاسلوب دا؟ أنا ما أسمحلكش...
قاطعه أسامة وهو ينقض عليه قابضا على مرفقه يدفعه الى ركن مخفي عن الأعين وهو يهمس بشراسة مخيفة من بين أسنانه المطبقة بينما يرفع قبضة يده اليمنى أمامه فيما اليسرى فتشتد قبضتها على ذراع زياد:.

- أنا اللي ما اسمحلكش أنك تقرب من مراتي تاني، المرة اللي فاتت محدش عرف مين اللي خرشم لك وشّك (أدمى وجهك). لكن تأكد المرة الجاية مش وشّك بس اللي هيتخرشم. لأ، أنا مش هخلي حتة واحدة فيك سليمة، وقسما بالله يا زياد لو قربت من يارا خطوة واحدة بس لأنسفك من على وش الأرض!

حبيبي أنا جاهزة!
نفض أسامة ذراع زياد من قبضته ورماه بنظرة مزدرية قبل أن يجيب يارا وعيناه مسلطتان على وجه زياد الشاحب:
- ياللا حبيبتي...
وتراجع الى الخلف قبل ان يستدير ويلحق بها تاركا زياد ينظر الى أثرهما وهو في حالة ذهول، والتي تراجعت ببطء ليظهر غضبه المكتوم وحقده في نظراته السوداء وهو يهمس بكره:.

- ما يستهلهاش، ليه الجوهرة اللي زيها تبقى من نصيب واحد خاين وكداب زيّه، والمخلص الوفي. يبقى نصيبه مع واحدة خاينة غدارة، ما صانتش اسمه اللي ائتمنها عليه ولا عرضه وشرفه؟! ظلم ولا مش ظلم؟

لتومض عيناه ببريق قوي ويهمس مرددا بعزم لا يلين: - لازم تعرف يا طارق أنه دي آخر فرصة ليك، يا أما تقدر تنسيها اللي عملته وتكمل معاك، أو تفشل انك ترجعها ليك، وساعتها تأكد أني مش هسيبهالك. وهعمل المستحيل عشان أوصلها. لأنها ماسة نادرة اوي. المحظوظ اللي تبقى من نصيبه. وأنا ناويت أكون منهم!

طوال طريق العودة الى المنزل لم يتفوّه بحرف واحد، حاولت مرارا الحديث اليه ولكن في كل مرة كان يجيب بكلمات مقتضبة فكفّت عن المحاولة ولو أن داخلها كان متسائل ومندهش، فهو كان على خير ما يرام حتى تركته مع زياد وانصرفت لجمع أشيائها، ترى. ما الذي حدّث وعكّر مزاجه على هذا النحو؟..

آثرت الانتظار الى أن يصلوا منزلهم حتى تستطيع أن تفهم منه سبب حالة الصمت الغريبة التي تحوطه.

دلف الى المنزل وهي خلفه، واتجه رأسا الى غرفة النوم ويارا تتبعه، وما أن دخل حتى لحقت به فوجدته وقد جلس يخلع نعليه فوقفت أمامه تقول:
- مالك يا أسامة؟ فيه حاجة حصلت ضايقتك؟
رفع نظره اليها قبل أن ينهض واقفا وقد بدأ بفك أزرار قميصه: - حاجة زي ايه مثلا؟
يارا وهي تراه وهو ينزع قميصه عن كتفيه السمراوين فيلقي به جانبا وبكل براءة تجيبه:
- معرفش، عشان كدا بسألك!

وقف أمامها بجذعه الاسمر العار واضعا يديه في منتصف خصره قبل أن يقول متهكما: - اممم. حاجة زي وقوفك مع زياد في ركن لوحدكم تتوشوشوا!
قطبت يارا وقالت باستهجان: - ايه؟، يعني ايه وقوفي معه في ركن دا ونتوشوش؟ انت بتقول ايه يا أسامة؟

اقترب منها أسامة وقبض على مرفقها قائلا بغضب حاد: - بقول اللي سمعته يا هانم وأنا بدوّر عليكي، واحدة بتقول لزميلتها أنها شافتكم اقفين لوحدكم بعيد عن الباقيين وبتتكلموا بصوت واطي زي ما تكونوا خايفين حد يسمعكم!

يارا وهي تحاول جذب ساعدها من قبضته بينما تهتف في قوة: - انت بتقول ايه يا أسامة؟ ازاي تسمع حد بيجيب في سيرة مراتك وتقف ساكت؟

أسامة بسخرية: - ومين اللي قالك اني سكت؟ لكن مش كل مرة هكون موجود وأدافع عنك وأخلي أي حد يبلع لسانه، المفروض يا هانم يا محترمة ما تحطيش نفسك محل شكّ وريبة، مهما كان شغلنا منفتح لكن يبفضل انه مجتمع فيه ناس زي اي مكان تاني، ناس بتتكلم وبتشوف وبتصدق الوحش قبل الحلو مهما كان، دا غير انه اللي اسمه زياد دا انا وانتي عارفين كويس اوي انه أي كلام يطلع عليه فهو مش من فراغ، فأي حد يتعامل معه المفروض يبقى في اطار العمل وياخد باله كويس اوي، لأنه واحد حقير زي دا ممكن يكون السبب انه الناس تتكلم في حقك بالباطل!

يارا بحدة: - قطع لسان اللي يجيب سيرتي بكلمة واحدة، وزياد محدش يعرف عنه حاجة، احنا بس اللي عرفنا عشان قريبين منهم، دا غير أنه ما اتجاوزش معايا وأنا ما كنتش هسمح له انه يتجاوز لا بالكلام ولا التصرفات.

ضغط أسامة على يدها فتأوهت لا اراديا قبل ان يقول بصلابة: - وأنا مش هفضل واقف مستني أشوفه هيتجاوز ولا لأ!
يارا بتقطيبة: - يعني ايه؟
أسامة بحزم: - يعني أنا هتصرف، ومن بكرة زياد مش هيكون معاكي في نفس المكان!

يارا بذهول: - ليه كل دا؟ أنا معاك انه غلط في موضوع هنا لكن احنا كلنا عارفين انه زياد عمره ما كان كدا، خيانة مراته ليه والظروف اللي مرّ بيها هي اللي خليته فاقد القدرة على التفكير الصح والتمييز بين الصح والغلط.

أسامة بقوة: - لا وانتي الصادقة خلّيته انسان حقود غيور، بيبص لكل زميل وزميلة ليه، بيحسد أي حد سعيد في حياته، وبيتمنى حاجة غيره تبقى ليه، أي اتنين متجوزين معنا شوفي نظراته ليهم ايه وخصوصا لما يكون معروف عنهم انهم بيحبوا بعض، تلاقيه مركز معهم، وبيحاول يتقرب من زميلته دي اوي بصرف النظر انه جوزها يبقى زميل ليه، انسان زي دا مريض، ولازم نبعد عنه!

يارا باصرار: - وأنا معملتش حاجة تخليك تثور عليا بالشكل دا، أما زياد فعشان هو مريض زي ما بتقول يبقى لازم الرحمة معه، المريض لازم يتعالج مش نسيبه لما مرضه يتفاقم ويبقى أصعب!

أسامة بلهجة تحذيرية: - يارا. ابعدي عنه خالص أحسن لك، وعموما من بكرة هيكون في مكان بعيد عنك، لكن لو صادف وشوفتيه في أي وقت تتجاهليه تماما، ماذا وإلا هيكون لي تصرف مش هيعجبك صدقيني.

يارا بحنق: - يا سلام! تصرف ايه دا بقه ان شاء الله؟
أسامة ببساطة: - تقعدي في البيت يا حبيبتي. تاخدي بالك من بيتك وجوزك يا مدام!
يارا وهي تحاول الافلات بقوة: - لااااا. انت مش طبيعي، وأصلا مين اللي هيسمح لك انك تعمل اللي بتقول عليه؟ أنا بيتي واخدة بالي منه كويس اوي، وشغلي خط أحمر مش مسموح لأي حد مهما كان صفته أنه يقرب منه!

أسامة وكلمة واحدة فقط لم ينطق بغيرها: - غلط!
لم يتثنى لها التعقيب فقد سارع بالقبض على خصرها معتصرا اياها بقوة بين ذراعيه بينما يميل عليها ليلفحها لهيب نيرانه الذي ينفثه من أنفه وفمه وهو يقول بتحذير مهددا:
- أنك تقفي قودامي تقولي اني ماليش دعوة بشغلك. يبقى غلط! انك تزعلي عشان بصون كرامتك وكرامتي كزوج أكبر غلط، وأنك تدافعي عن حقير زي دا، يبقى ذنب كبير مش غلط وبس!

يارا بصدمة: - أنا يا أسامة! أنا مش بصون اسمك وكرامتك كزوج ليا؟
لتنفعل وتصيح وهي تحاول الافلات منه بطريقة هستيرية قائلة: - سيبني يا أسامة، ابعد عني، ولو انت شايف أني مش براعيك وأحافظ عليك، سهل أوي تحلها، طلقني يا أسامة!

وسكتت وهي تلهث، وكأنها أدركت فداحة الكلمة التي نطقتها، بينما توسعت حدقتاه هو في ذهول أول الأمر لم يلبث أن تحول الى غضب عنيف، ليقول بصوت منخفض خرج محملا بحمم بركانية من بركان غضبه المستعر:
- أطقلك؟! وبسهولة كدا قلتيها؟ لكن لا، بعد انهرده صدقيني أنك مش هتقدري حتى تفكري فيها!

قطبت في ريبة من كلماته ولم يمهلها الفرصة للحديث لينقض على فمها يعاقبه على نطقه بتلك الكلمة التي شعرها كطلقة الرصاص، بينما اعتصرتها يداه تضمانها اليه، لترتفع إحداهما يغرز أنامله بين طيات خصلاتها المنفلتة من ربطتها، فيحررها، ليغرز أنامله بداخله، وفي حين كانت هي تحاول جاهدة الابتعاد عن مرمى فمه الثائر المُعاقِب، لم يعطها هو هذه الفرصة للافلا منه، وكأن مقاومتها حطب يزيد من اشعال نيران غضبه، ليحملها الى فراشهما، وخلال الساعات اللاحقة كان يثبت لها مرة بعد أخرى أنها زوجته أبد الدهر، وأن لا مناص لها منه، واستسلم جسدها الخائن لمداعبات صاحبه، وكأنه يملك ارادة خاصة به وحده، ولكن، ومع انحسار موجة الغضب التي جرفتهما بداخلها، كانت هي تبكي في صمت تذرف الدموع الغزيرة، ليسحبها ناحيته، يضمها بذراعه، داحضا مقاومتها، لينظر اليها بعدها ويمسح دموعها براحته القوية صامتا لثوان قال بعدها بهمس خشن:.

- أنا بغيِر يا يارا، سمعاني. بغيِييير! غيرتي وحش لو فلت من مكانه مش هتقدري تقفي في وشّه!

يارا من بين غصات بكائها: - دي مش. مش غيرة، دا ش شك.

قاطعها سريعا: - اوعي تكملي، لو شكيت في نفسي ساعتها أبقى أشك فيكي، وأنتي نفسي يا يارا، لكن الغيرة دي مش بإيدي وخصوصا لو كان واحد زي الانسان دا، مقدرش أنسى اللي عمله مع هنا وطارق، ولأول مرة أقولك أني فكرت كتير أنقله لكن قلت بلاش أتسرّع عشان محدش يسأل ليه ومش ليه، انما انهرده ولما شوفت وقفتكم سوا. قررت أنه جِه الوقت اللي لازم يدفع فيه تمن كل اللي عمله، واني مش ممكن هقف ساكت وأنا شايفه بيقرّب منك بالطريقة دي.

يارا معترضة: - كان بيسألني عن هنا، يعني هي كل اهتمامه، مش أنا خالص!

اسامة بنصف ابتسامة: - مش بقولك طيبة! المرة دي هنا، المرة الجاية عاوز يطمن عليها، مرة فمرة هتلاقيه عادي انه يتكلم معاكي، ويبتدي يتقرب منك، عاوز كل الستات تكون نسخة من مراته، ودا سبب غضبه من رجوع هنا لطارق مش عشان غيران انه واحدة بالاخلاص دا جوزها يعمل فيها كدا على قد ما كان عاوز يشوفها وهي بتسيبه، وتقبل بتودده هو ليها ولو حتى عشان ترد على خيانة جوزها وتشربه من نفس الكاس، لكن اتفاجئ بغير كدا خالص، عشان كدا بقولك أبعدي عنه، لسانك ما يخاطبش لسانه. فاهماني يا حبيبتي؟

يارا وهي تفرك عينيها اللتين حرقتاها من شدة البكاء: - فا. فاهمة بس انت كنت قاسي عليا اوي يا أسامة.
أسامة وهو يشرف عليها بهمس حان: - آسف يا روح أسامة.
لثم عينها اليمنى بقبلة خفيفة، ثم أردف: - يا قلب أسامة.
ليطبع قبلة خاطفة على عينها الاخرى، ثم يقول: - يا عقل أسامة...
قبل ان يهوى مقتنصا فمها في قبلة حارة قوية ليرتفع رأسه بعدها ويقول بلهاث حاد: - يا كل أسامة!

ولم تكن لتستطيع الصمود أمام طوفان مشاعره الهادرة التي اجتاحتها تماما كالسيل الذي يجرف ما أمامه، ولا سبيل للنجاة من قوته الهادرة!

تقف في المطبخ تضع اللمسات الأخيرة على أطباق الطعام، وهي ترتدي شورتا قصيرا للغاية (هوت شورت) يصل الى أعلى الفخذين باللون الاحمر، وبلوزة قطنية محكمة على جذعها العلوي بحمالات رفيعة بيضاء بنقاط حمراء، وقد رفعت شعرها الى الاعلى وتركت بضع خصلات تنسدل على جانبي وجها لتكسبه رقة ونعومة، بينما قدميها تختفيان داخل خفّ منزلي أحمر اللون.

شردت في نصيحة جدتها التي همست لها بها ليلة الزفاف، أنها تستطيع الفوز بقلب زوجها، بذكاء الانثى، وعندما أخبرتها أن لا خبرة لها قالت لها أن تدع قلبها هو من سيوجهها الى الطريقة الأمثل، فقلبها هو بوصلتها اليه، لتزداد ثقتها في نفسها، وتتقن دورها جيدا، وهي تصطنع البرود وعدم الاهتمام بينما بداخلها تحترق خجلا من ارتدائها تلك الثياب ولكن تلك هي أسلحتها، جمالها وبراءتها وقبلهما حبها اللامشروط له، لتنجح في أول خطوة من خطتها لامتلاك قلبه، فها هو يرمقها بنظرات متسائلة ولكنه لا يستطيع البوح بكلمة واحدة، ماذا يقول؟ لما أخبرت الجدة أن كل شيء على ما يرام وهو لم يحدث شيئا من الاساس؟ ...

كتمت ضحكتها وهي تتذكر وجهه المذهول يومها، ولم تكن جدتها تهمس لها بما أوحت اليه به، بل كانت توصيها بألا تنسى ما اتفقا عليه، فقد علمت دون سؤال أن زوجها لم يقربها، وعندما سألتها تسنيم عن ذلك أخبرتها الجدة بابتسامة أنها لم ترى اللون الاحمر الذي يكسو وجنتي العروس صبيحة عرسها، ولا تلك العينين اللامعتين، أما هو فقد غابت ابتسامة النشوة من على شفتيه، فعلمت ما أن رأتهما أن الوضع لا يزال كما هو عليه!

وها هي الآن تقوم بتنفيذ الخطوة الثانية في خطة الوصول الى قلبه، وهو بأن يتشرب حبها قطرة قطرة، رويدا رويدا، حتى تتشبع به خلاياه، فإذا ما منعته عنها جُنّ. فقد اعتاده واعتاد مذاقه، فالانسان لا يتشبث بأمر إلا بعد أن يختبره، وتلك كانت نصيحة جدتها إذ قالت لها. اجعليه يختبر حبك له، يتذوقه، حتى إذا ما منعتيه عنه يشعر بما خسره، فيعمل على عدم فقده نهائيا!

صوت فواز يناديها أخرجها من تأملاتها لتجيبه قائلة: - أيوة يا فواز أنا هنا.
دلف فواز وهو يحمل كيس مشتريات وقال ولم يكن قد شاهدها بعد: - جبت الطلبات الناقصة من المطبخ، هحطها.
وسكت! تنبهت تسنيم لصمته فاستدارت اليه، لتتوسع عيناه لما يراه أمامه، في حين تقدمت منه تسنيم بخفة وتناولت منه الكيس وهي تقول برقة:
- تسلم ايدك يا فواز، عنّك انت، أنا هرصّها مكانها، ادخل انت اغسل ايديك عشان نتغدى.

فغادر فواز دون حرفا واحدا، وما ان دلف الى المرحاض حتى فتح صنبور المياه وأنزل رأسه أسفله، لتغمره المياه الباردة، رفع رأسه بعد هنيهة يطالع وجهه في المرآة ولكنه لا يرى سوى صورة تسنيم وهي بتلك الثياب اللا ثياب! ليعود بوضع رأسه تحت مياه الصنبور ثانية، مكررا تلك العملية أكثر من خمس مرات، ولم يكف الا بعد أن نادته تسنيم تستفسر عن سبب تأخيره في الحمام!

جلس أمامها على طاولة الطعام التي تتسع لأربعة أفراد، فهو لم يغيّر سوى أثاث غرفة النوم فقط بناءا على طلب الجدة في حين رفضت هي تغيير أي شيء في الاثاث، ولكنها انصاعت لقرار الجدة بتغيير غرفة النوم.

كانت تحتسي حسائها، عندما قالت باهتمام: - مالك يا فواز؟ مش بتاكل ليه؟ الاكل مش عجبك؟
فواز وهو يقلب الحساء أمامه بالملعقة ويرفع بعضه ليرتشفه: - لا ما أنا باكل أهو.
لينظر اليها بعدها ويقول كمن لم يستطع الصمت أكثر من هذا: - انتى مش خايفة تاخدي برد بهدومك دي؟
طالعته تسنيم باستغراب قالت بعدها: - برد! برد ايه يا فواز واحنا في شهر 8؟!

فواز باصرار: - ولو! لفحة هوا من المروحة او شباك مفتوح، الأمر ما يسلمش!
تسنيم كمن يهادن طفلا صغيرا: - المروحة في السقف يا فواز يعني مش متوجة عليا، ومش هفتح شباك أكيد وأنا لابسة كدا، حد يلمحني من الجيران أعمل انا ايه ساعتها؟

ترك فواز ملعقته بقوة أصدرت رنينا في صحنه قبل أن يهتف بحنق: - لا أنا اللي هعمل وقتها! خلي حد بس يبص لك بصة واحدة وهو ينسى عينيه دي خالص!

ضحكة ناعمة صدرت عنها قالت بعدها وهي ترفع قطعة لحم بشوكتها تقربها من فمه: - طيب دوق كباب الحلة دا وقولي رايك ايه؟
تناول فواز قطعة اللحم ومضغها بينما عيناه لا تبارحان وجهها، فسألته بصوت منخفض رقيق:
- هممم. عجبتك!
فواز باستغراق تام: - اووي!
كتمت ابتسامتها وتابعت ببراءة مصطنعة: - يعني أكلي حلو؟ .

فواز وعيناه تلتهمان وجهها الخالي من الزينة، بينما نظراتها الناعسة البريئة وتورد وجنتيها وتبسم ثغرها الضاحك بالنسبة اليه أشد جمالا من أية زينة:
- حلو اوي اوي!
قاطع حديثهما الهامس صوت رنين الباب، لينقشع السحر من حولهما، وفي حين نهض فواز ليستطلع القادم كانت تسنيم تشعر بالحرارة وهي تلهب وجنتيها لتخفيهما براحتها وهي تقول بصوت منخفض بينما لا تدري اتضحك ام تبكي:.

- يارب ساعدني، دا جوزي حلالي، وأنا مش طالبة غير قلبه يحس بيا ويحبني زي ما بحبه، أنا مش عارفة أفرح عشان عينيه اللي ما اتشالتش من عليا، ولا أبكي من خجلي، أنا عمري ما لبست كدا ولا اتكلمت كدا، بس أعمل ايه، استنى عليا يا فواز، قلبك يبقى بين ايديا ووقتها هاخد حقي منك بجد!

وقف فواز أما زائره الغير منتظر يطالع في انشداه، ليتكلم ذلك الضيف قائلا ببشاشة: - جرى ايه يا ابو الفوز، مش هتقولي اتفضل يا عريس؟
أفسح له فواز الطريق وهو يقول له بصوت متحشرج مكتوم: - آه طبعا اتفضل.
وأدخله الى غرفة استقبال الضيوف يمين باب الشقة، ليتركه ويذهب الى تسنيم في المطبخ يشدد عليها أن تذهب الى غرفتها وألا تخرج إلا إذا ناداها، ليعود سريعا الى ضيفه الغير متوقّع!

جلس فواز بعد أن أشار لضيفه بالجلوس، ليقول الاخير بابتسامة واسعة: - ألف مبروك يا فوز، بس أنا زعلان منك، مش كنت عزمتني؟
فواز بشبح ابتسامة: - معلهش الموضوع جِه بسرعة، وبعدين ما كنتش أعرف انك هتبقى موجود.
الضيف ببساطة: - أنا خرجت من فترة، لكن كان ورايا شوية حاجات لازم تخلص قبل ما آجي لك.
فواز باستفهام: - لكن غريبة، الدكتور ما قاليش لما كلمته من يومين أطمن عليك؟

ممدوح بابتسامة هادئة: - أنا اللي طلبت منهم في المصحة محدش يعرف، كنت عاوز أفاجئك بنفسي.
فواز بتساؤل: - بس انت ازاي جيت لي؟ مش خايف من البوليس؟
ممدوح بعينين تتألقان نصرا: - لا ما خلاص، عشان كدا أنا كنت مختفي الفترة اللي فاتت دي، القضايا كلها اتقفلت!

قطب فواز قائلا: - اتقفلت؟ يعني ايه؟ مش فاهم؟

ممدوح ببساطة: - المحامي اللي كنت جايبهولي قدم أوراق علاجي في المصحة للمحكمة، وأخدت سنة مع ايقاف التنفيذ لأني ما كنتش وقت اللي حصل بكامل قوايا العقلية بناءا على تقرير الدكتور. وأديني أهو قودامك بروح وبآجي وبتحرك من غير قيود، هو السفر بس اللي ممنوع منه، لكن مش مشكلة مصر مليانه أماكن كتيرة أوي تنفع شهر عسل، مش لازم نسافر برة مصر، عموما مش مشكلة السنة تفوت هوا ونروح أي مكان نفسها فيه!

فواز بتوجس وريبة: - هي مين دي؟
ممدوح بتعجب لسؤاله: - ريما حبيبتي. هو فيه غيرها؟!
فواز بذهول: - ايه؟
ممدوح ببساطة: - أنا عارف انها زعلانه من اللي حصلها مني، لكن أنا ما كنتش في وعيي، وأكيد لما تعرف أني خلاص خفيت واتعالجت هتسامحني، وترجع لي تاني، خصوصا لما تعرف أنا بحبها أد ايه وحبها جوايا بيزيد كل يوم عن اللي قبله مش بيقل!

فواز بتردد: - أيوة بس دي.
ممدوح بصرامة وعيناه تلمعان ببريق مخيف أيقن معه فواز أن صديقه أبدا لن يبرأ من جنون حبه لريما:
- مش عاوز أسمعك تربط بينها وبين أي حد تاني يا فواز، ريما ليا أنا وبس، وأنا عارف هقنعها ازاي!

وسكت فيما فكّر فواز أنه لابد له بتحذير ريما فمن يجلس أمامه الآن هو مختل عقليا بالكامل فقدْ فقدَ عقله بالكامل في حبّ ريما حتى وأن أثبتت تقارير الأطباء خلاف ذلك، فهم لا يعلمون أن هناك أمرا واحدا متفردا لا يمكن أن يبرأ منه صديقه أبدا. ذلك هو. عشقه الجنوني ليستحق بالفعل لقب. مجنون ريما!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة