قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية إلا أنت (نساء متمردات ج3) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع

رواية إلا أنت (نساء متمردات ج3) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع

رواية إلا أنت (نساء متمردات ج3) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع

رفعت يدها تشير للها لتقع عينيها عليها فابتسمت سريعا قبل أن تتوجه إليها، وقفت ترحب بها وتقبلها فيما الأخرى تقول معتذرة:
- اتأخرت عليكِ يا هموس معلهش...
همس بهزة نافية من رأسها بينما تتخذان أماكنهما حول الطاولة في المقهى: - ولا يهمك يا حبيبتي...
ثم استندت بذراعيها الى الطاولة مردفة وهي تشير الى النادل: - ها. تشربي إيه بقه؟ أنا ما رضيتش أطلب إلا لما تيجي.

يارا بابتسامة موجهة كلامها إلى النادل: - ماشي ممكن عصير لمون فريش.
في حين طلبت همس قدحا من الشاي، وانصرف النادل يلبي طلباتهما، فقالت همس بابتسامة:
- ها يا ستي. أخبارك إيه؟

يارا بحماس: - الحملة الاعلامية اللي عملناها عشان أدهم بيه ناجحة جدا، متتصوريش الناس متعاطفة معه ازاي وكتير اوي متضايقين من اللي حصل له ومش مصدقين، بيقولوا أنه رجل سمعته لا غبار عليها وراجل خيّر فعلا، وبيأكدوا أنه بريء وأنه التهمة دي متلفقة له وأكيد ربنا هيظهر الحق.

همس بايماءة موافقة وعينيها تلمعان بفرحة: - فعلا يا يارا، متتصوريش فرحتي أد إيه وأنا بقرا رسايل ال SMS اللي بتجيلنا والتليفونات اللي بتعمل مداخلات على البرنامج. كلهم ناس بتأكد أنه مؤمنين ببراءته.

يارا بفخر: - عشان تعرفي أنه أسامة كان عنده حق لما اقترح علينا فكرة البرنامج دا. الحقيقة، وهو فعلا بيظهر الحقيقة، ومش عوزين نوقفه يا همس، البرنامج دا ابتدا بخالك وهيستمر بعد ما ربنا يظهر براءته إن شاء الله، فيه ناس كتير للسف بتتُهم في قضايا بيكونوا ابرياء منها، وللاسف فيه اعلاميين بتوع بروباجندا، كل اللي يهمهم الشو الاعلامي وانه ييجي اكبر عدد من الاعلانات في الحلقة بتاعته، من غير ما يهتم أنه يكشف الحقيقة للناس، عشان كدا. الحقيقة. مش هيقف وهيكمل بأمر الله.

سكتت عندما عاد النادل محمّل بالطلبات والتي ما أن وضعها حتى هز برأسه بتحية احترام قبل أن ينصرف، قالت همس براحة:
- ان شاء الله يا يارا، بس قوليلي بقه. – نظرت اليها يارا باهتمام في حين اردفت همس بابتسامة – مالك؟ فيكي إيه؟ حاسة والله أعلم أنه طلبك أننا نتقابل انهرده مش عشان نتكلم على نجاح البرنامج بتاعنا. لا. فيه حاجة وحاجة جامدة كمان. ايه هي بقه؟

أنهت سؤالها ورفعت قدحها لتحسي بعض الشاي عندما سمعت ريما وهي تقول بقنوط: - أسامة هيتجوز!
كادت همس تغص بشرابها فسارعت بابعاد القدح عن فمها وهي تهتف في ذهول: - إيه؟!
نظرت اليها يارا بعينين دامعتين وهي تجيب: - زي ما قلت لك يا همس، أسامة هيتجوز عليّا يا همس!..
لترتجف شفتيها تعلن عن موجة بكاء قادمة فسارعت همس بالتربيت على يدها وهي تقول بلهفة:.

- ما تعيطيش يا يارا، أنا متأكدة أنه مش ممكن يعملها، بعدين إيه اللي يخليه يقول لك حاجة زي كدا؟ ما أنت سبق وطلبت منه أنه يتجوز عشان موضوع الأولاد وكان رافض، إيه اللي جد وخلاه يهددك بحاجة زي كدا؟

رمقتها يارا بنظرة سريعة قبل أن تقول ودمعة حارة تسيل تلسع حرير بشرتها: - هقولك!..
وطفقت تسرد على مسامع همس ما حدث من حماتها وأدى الى قرار أسامة بالزواج من أخرى!

بعد أن أنهت حكايتها صمتت همس تماما واكتفت بالنظر اليها بجمود، قالت يارا بضعف: - عرفتي ي همس ليه قالي أنه هيتجوز؟ أسامة استسلم يا همس...
قاطعتها همس ببرود قائلة: - أكيد لازم يستسلم، إذا كنت أنتِ أول واحدة بتضغط عليه من زمان عشان يستسلم!

حدقت يارا فيها واسعا وهتفت بدهشة مشيرة الى نفسها: - أنا يا همس؟!، أنا لو كنت بضغط عليه زي ما بتقولي فأنا بموّت نفسي، بقتل روحي بإيدي في كل مرة بطلب فيها منه أنه يتجوز.

همس وهي لا تريد أن تظهر لها أي تعاطف فلا بد ليارا أن تخرج من حالة الرثاء للنفس التي تلبستها:.

- وايه اللي غصبك على كدا؟ جوزك وبيحبك، والدكاترة قالوا أنه المسألة مسألة وقت أن شاء الله، وفي الاول والآخر الاولاد دول رزق من عند ربنا، دا غير أنه أسامة أثبت لك بدل المرة ألف أنه عاوزك أنت، ووقف قودام الكل وأولهم حماتك. مامته، أنت بقه يا ترى أثبتي له أنك عاوزاه ومتمسكة بيه زي ما هو بيعمل ولا أسهل حاجة تعيطي وتقولي له يتجوز؟

يارا وهي مذهولة من هجوم همس: - أنا مش متمسكة بيه يا همس؟، أسامة دا كل عيلتي مش جوزي وبس، لكن أنا مش أنانية أنا.

همس بقوة وهي تميل على الطاولة الفاصلة بينهما: - للأسف يا يارا. إلى بتعملي دا قمة في الانانية، أنت عجبك تمسك أسامة بيك، بتفرحي وكل مرة تقولي له يتجوز وهو يرفض، بتنبسطي أكتر، لكن هو كمان لازم يحس أنه غالي عندك أوي ومش ممكن تسيبيه لغيرك مهما كان. مش مبرر على فكرة موضوع الاولاد دا، حتى بعد ما وقف قودام مامته آخر مرة بردو مصرّة أنك تعذبيه وتعذبي نفسك، أنا مش فاهمه مش أنت اللي عاوزاه يتجوز؟ زعلانه ليه بقه ما هو هينفذ لك رغبتك أهو؟

تمتمت يارا بتلعثم: - أيوة. بس. بس...

هنا ابتسمت همس بشفقة وقالت: - عارفة يا يارا أنتي عاملة زي مين؟ – نظرت الاخيرة اليها بتساؤل فيما تابعت همس – عاملة زي الست اللي كل شوية تطلب من جوزها الطلاق وهو يرفض ويقولها لأ أنا متمسك بيكي، ولما يزهق ويطلقها فعلا ما هو كمان عنده مشاعر وكرامة ومش هيفضل شاري واحدة بايعاه، تزعل وتعيط وتصرخ وتقول طلقني الندل الجبان قليل الأصل، طب يا ستي ما أنتي اللي طلبتي وزنيتي وعملتي عمايل ما تتعملش، لكن تقولي لمين. بردو بالنسبة لها خاين وندل وجبان!

يارا بحزن: - أنا كدا يا همس؟ أنا ممكن أفرط في أسامة معقول؟ بس أنا مش هاين عليا أشوفه كدا، كل ما بشوفه مع طفل أو أسمع كلام مامته ونفسها تشوف ابنه أو بنته، أحس أني ظلماه معايا...

همس بجدية: - أنت اللي ظلماه وظالمة نفسك كمان، يارا. اوعي تفرطي في انسان زي أسامة، صدقيني قليل أوي لما تلاقي راجل يتمسك بمراته بالشكل دا ويفضلها عن الأولاد، معظمهم بيستخجموا حقهم الشرعي ومعهم عذرهم، لكن أسامة بيحبك بجد فحافظي عليه.

يارا بقلق: - بس يا همس من ساعة ما قالي أنه هيختار واحدة وياخد رأيي فيها وهو فعلا زي ما يكون الموضوع جد مش هزار!

همس باستفهام: - إزاي؟

يارا بضيق: - زميلاته في الشغل، قرايبه البنات، بيضحك ويتكلم، ما كانش كدا الاول، كان فيه حد بينه وبينهم، وأكتر حاجة قلقاني هي منال جارتنا، أنا مقدرش أقول عليها حاجة، بالعكس هي محترمة وأخلاق وكانت بتحب جوزها الله يرحمه جدا، بس أسامة متعلق بابنها أوي، والولد كمان، دا غير أنها شابة وصغيرة وحلوة، وشقتها جنب شقتنا، يعني بيشوفها على طول، الاول كان بيحساب أنه مش يتكلم معها خصوصا في وجودي عشان شايفني بتضايق، لكن من وقتها وعادي جدا، أقربها من يومين شافها رايحه الشغل واحنا نازلين ومعها ابنها فريد هتوديه الحضانة صمم انه يوصّلهم، ولما قالت له أنه شغلها بعيد قال لها انه مش وراه حاجة مستعجلة، مع أنه يومها كان فيه تصوير وهو بيحب يروح بدري عشان يطمن على كل حاجة!

ضحكت همس وقالت: - تستاهلي، والله أسامة جدع، عشان تبقي تنفخي صدرك أوي وتقولي له روح اتجوز، تفضلي زي ما زئتيه (دفعتيه) على الجواز خليه يرجع تاني عنه!
يارا بحيرة: - إزاي بس؟
همس بابتسامة: - انك تخليه يحس بأهميته عندك، وانك مش ممكن تتخلي عنه لوحدة تانية حتى لو هو عاوز كدا، ناغشيه، جنِّينينه. خلّيه مجنون يارا، أكتر ما هو مجنون يا ست يارا!

ابتسامة ناعمة ارتسمت على وجه يارا وهي تقول غامزة بمكر: - تصدقي فكرة؟ أهو احنا الاتنين نبقى مجانين بعض...
بادلتها همس الضحك الذي قطعه صوت هاتفها الشخصي فتلقت المكالمة لتجدها شمس التي أرادت رؤيتها فأعلمتها بمكانها لتخبرها شمس انها بالقرب منها ولن يستغرقها الوصول سوى بضعة دقائق لتوافيها حيث هي...

كانتا منخرطتان في الكلام عندما حضرت شمس والتي بعد أن تبادلت التحية معهما جلست لتقول لهمس:
- الاول وقبل أي كلام ما تتصوريش البرنامج بتاعكم عامل ضجة إزاي، مش هتتصوري زمايلي في شركة السياحة كم واحد منهم كلمني بعد أول حلقة بس!

همس بسعادة: - الحمد لله. وان شاء الله خالي هيطلع قريب أوي، على كلام مراد أننا نطمن قريب جدا هيحطوا ايديهم على المجرم الحقيقي، بس مش عاوز يفهمني أكتر من كدا، بيقول لي لما يتأكدوا الأول.

يارا بحماس: - باباكي انسان عظيم يا شمس، وراجل الكل يشهد له، بيحب الخير وعمره ما رد حد وقف على بابه أبدا، أنا وأنا بجمع مواد البرنمج سمعت كمية حاجات سواء من اللي بيشتغلوا في الشركة أو في القصر، والجيران وكل اللي يعرفوكم قالوا أنه أدهم شمس الدين آخر الرجال المحترمين بجد...

شمس بفخر: - وأنا متأكدة أنه بابا هيطلع قريب فعلا، ومش هيسيب حقه أبدا.
همس بتساؤل: - إنما حاجة إيه دي اللي عاوزاني فيها ضروري يا شموس؟
شمس بلهفة: - صحيح. فاكرة مستر ناجي صاحب شركة السياحة؟
همس بابتسامة بدأت بالاختفاء ورفعة حاجب في ريبة: - ماله؟..

شمس بحماس شديد: - كلمني من كم يوم وقالي انه يعرف ناس مهمين جدا، ويقدر يحرك القضية، وبابا يطلع من السجن بضمان حالته الصحية، يعني هيخرج من المستشفى على البيت يا همس!

همس بابتسامة صفراء: - والله؟ وهو خالي يعني اللي ميعرفش حد مهم في البلد؟ دول معارفه كلهم وزراء ورجال أعمال من الكبار ورجال سياسة كمان، وكلهم كلمونا أول ما اللي حصل حصل وطمنونا أنه أكيد فيه حاجة مش مظبوطة وأنه هيخرج قريب، يعني مستر ناجي باشا مش هيعمل معجزة!

شمس باعتراض: - ازاي يعني يا همس؟ عارفة يعني إيه أنه يقدر بعلاقاته يخليهم يخرجوا بابا من المستشفى وما يرجعش المكان المخيف دا تاني؟ اللي بتقولي عليهم دول محدش فيهم قال انه يقدر يعملها. لكن مستر ناجي.

قاطعتها يارا واليت لاحظت بدء احتداد الوضع بين همس وشمس قائلة بابتسامة هادئة: - تمام يا شمس، بس مستر ناجي إيه مصلحته في كدا!

نظرت اليها همس باعجاب فها هي يارا الغريبة قد استطاعت فهم أي خبيث هو ذاك الذي لم تطمئن اليه أبدا منذ أن كانت تذهب الى شمس أثناء عملها لديه، نظراته الماكرة وابتسامته اللزجة كانت تثير اشمئزازها، خاصة وهي تراه يخص ابنة خالها بهما، لتعقّب على قول يارا مستفهمة بسخرية لم تنتبه لها شمس:
- صح. زي ما يارا قالت، ناجي باشا عاوز ايه مقابل الخدمة العظيمة دي؟

حركت شمس كتفيها علامة الجهل وقالت ببساطة: - ما اعتقدش عاوز حاجة، هو قالي انه مؤمن ببراءة بابا، عموما هعرف لما أشوفه!
همس باستنكار: - ت. إيه؟ تشوفيه!
شمس بغير فهم: - أيوة يا همس، طلب مني أروح له الشركة عشان يعرفني قدر يوصل لأيه.
همس بريبة: - هتروحي له امتى؟
شمس بحماس: - هو كلمني انهرده الصبح وقالي فيه اخبار هتفرحني جدا عشان بابا، وهروح له كمان شوية مكتبه في الشركة.

يارا بحيرة: - طيب ما قالش ليه الأخبار دي في التليفون؟
سأمت شمس من أسئلتهما المتلاحقة فقالت بنزق: - انتم بتسألوا الاسئلة الكتير دي ليه؟ كلها شوية وهعرف كل حاجة.
همس بجدية: - قلتي لاسلام؟
هزت شمس كتفيها قائلة: - لا، لما كلمني ما رضيتش أقول لحد عشان لو مقدرش يعمل حاجة مش نزعل، لكن هقوله اكيد بعد ما أرجع...

قاطعتها همس بحزم: - قبل!
نظرت اليها شمس بحيرة فأردفت بجدية: - تقولي له قبل ما تروحي مش بعد ما ترجعي يا شمس.
شمس ببساطة: - مافيش مشكلة، بس ياللا بقه عشان منتأخرش!
قطبت همس مستفهمة: - ياللا! أنت عاوزاني أروح معاكي؟
شمس بتأكيد: - طبعا!

ابتسمت همس وقالت ببراءة زائفة: - لا أنا شايفه أنك حال تكلمي إسلام وتقولي له، أولا هيفرح أوي، تاني حاجة عشان يفهم من ناجي باشا بالظبط إيه الخطوات اللي هتتاخد. ولا إيه رأيك؟

شمس بتساؤل: - تفتكري؟
همس بثقة: - أكيد!
هتفت شمس بحبور: - لا يبقى أن هفوت عليه في الشركة، ونروح سوا، ميرسي أوي يا هموس.
ونهضت مستأذنة بالانصراف، لتراقباها أحدهما بضيق من شدة براءة ابنة خالها، والأخرى بحيرة وهي تقول:
- مش ممكن يا همس، بنت خالك دي بريئة أوي!

همس مؤكدة على كلام يارا: - فعلا يا يارا، عشان كدا أنا عاذرة إسلام في خوفه عليها وغيرته، أنت اللي ما شوفتيش اللي اسمه ناجي د قبل كدا ومن كلمتين اتقالوا قودمك قلقتي منه، ما بالك بيها بقه؟ شافت واتعاملت ولا حاسة بحاجة خالص!

يارا بابتسامة: - بس عارفة يا همس. انا بيتهيالي أنه براءتها دي هي اللي خطفت قلب جوزها، ولو سألتيه تبقى واعية ولا تفضل بريئة أؤكد لك أنه هيختار أنها تفضل ببراءتها كدا على طول.

همس بضحكة صغيرة: - مجنون شمس!
تعالى رنين هاتفها فلمحت اسم مراد لتتلقى المخابرة الهاتفية، وبعد عدة كلمات اعتذرت من يارا أنه يتوجب عليها الانصراف فزوجها في انتظارها، لتنصرف فراقبتها يارا وهي تقول بابتسامة:
- مجنون همس!
ثم همست بمشاغبة لنفسها وهي تتناول حقيبتها اليدوية وتستعد للنهوض: - ألحق أنا بقه أروح لمجنون. يارا!

يا منال يا بنتي عشان خاطري، أنا مش هقدر أسيبك هنا لوحدك وأروح مع هشام، وهو منشّف دماغه ومش عاوز يسيبني ومصمم نروح نعيش كلنا في بيتنا في جاردن سيتي، وخلاص العمال تقريبا خلصوا الشغل اللي كان فيه، أسبوع وأنا بينك وبينه لما تعبت!

أنهت أنعام كلماتها بتعب لتقترب منها منال وتجلس بجانبها قائلة بطيبتها: - يا ماما أرجوك ما تزعليش مني، بس حضرتك عارفة أني عاوزة فريد يتربى في بيت باباه، مش هقدر أحرمه من الحاجة الوحيدة اللي فاضلا له، ريحة أبوه اللي في البيت دا وذكرياتي معه.

أنعام وهي تربت بدورها على يدها وتنظر اليها بحنان: - أنت فاهمه أني مش عارفة أنك مش عاوزة تسيبي البيت داع شانك انت قبل فريد!

نظرت اليها منال بغرابة لتردف أنعام بابتسامة حنون: - أيوة يا حبيبتي، أنتي بنتي يا منال اللي أنا مخلفتهاش، بفهمك من نظرة واحدة، احنا مش عشرة يوم يا بنتي، بس عشان خاطري اسمعي كلامي، حبيبتي والله ما بقول كدا عشان هشام ابني بس فعلا مينفعش تقعدي لوحدك، حبيبتي كلام الناس مش بيرحم، ولو على بيت فريد فهناك كمان بيته، يمكن هو قعد فيه اكتر مما قعد هنا، وليكي عليا يا ستي يقعد فريد الصغير يقعد في أوضة فريد الكبير...

تنهدت منال بتعب وقالت: - شوفي يا ماما، حضرتك عارفة غلاوتك عندي أد إيه، لو خايفة على كلام الناس فأنا عمره ما بيهمني طالما واثقة في نفسي ومش بعمل حاجة غلط، الناس عمرها ما بتسكت، تاني حاجة انا فعلا مش هكون مرتاحة ألا هنا. في بيتي أنا وفريد، حضرتك بتقولي انه فريد عاش هناك اكتر من هنا تمام، بس انا ما عشتش مع فريد الا هنا. أرجوك يا ماما تفهميني ومش تزعلي مني.

أنعام وهي تحتويها بين ذراعيها: - أنا مش ممكن أزعل منك أبدا يا منال، عموما سيبي لي الموضوع دا وانا هحاول مع هشام كمان مرة وربنا يهديه، حاكم أنا عارفة ابني دماغه أنشف من الحديد المسلّح!

رفعت منال رأسها هاتفة بلهفة: - وأنا عشان خاطرك هبقى آجي أزورك كل شوية، ونقضي أجازة آخر الاسبوع معاكي هناك كمان، وأكيد حضرتك ممكن تيجي تقعدي معانا يومين، يعني الموضوع مش صعب.

تنهدت أنعام بعمق وقالت: - ماشي يا حبيبتي، ربنا يسهل.
تصاعد رنين هاتف منال ليطالعها رقم الدار فتلقت المكالمة بتقطيبة حيرة وريبة سرعان ما تحولت الى شهقة هلع وهي تهتف بذعر فيما قفزت واقفة:
- إيه؟ انتي بتقولي إيه يا شادية؟ طيب والمدام فين؟ مش بترد؟ طيب طيب كلمي الدكتور مؤنس وأنا مسافة السكة جاية لكم.

وأغلقت الهاتف لتسألها أنعام بقلق: - خير يا بنتي؟
منال بلهفة وقلق: - نزيلة من دار المسنين جات لها حالة هياج ومش عارفين يوصلوا لمدام سهام مديرة الدار، قلت لشادية المشرفة المقيمة معهم تكلم دكتور مؤنس الخاص بالدار وانا هروح لها.

وهمّت بالسير لتمسك أنعام بساعدها قائلة بغير رضا: - تروحي إزاي بس يا بنتي؟ الساعة دخلت على 8 بالليل!
منال وهي تسحب ذراعها من يد حماتها: - مش هنيفع يا ماما، الحاجة روحية ست طيبة جدا، وهزعل بجد لو جرى لها حاجة، وبعدين النزلاء دول أمانة، وأنا لازم أروح لها.

وانصرفت لتحضير نفسها لذهاب الى الدار وسط تنهيدة أنعام القلقة وهي تدعو الله أن تعود قبل موعد رجوع هشام وإلا فليرحمهما الله من أتون غضبه، فيكفي حيرتها في كيفية اقناعه بترك منال وابنها بمفردهما!

فتح له عسكري الحراسة الباب ليدلف بخطى قوية، متجها للسلام على عمه الراقد فوق فراش المرض، وما أن أغلق العسكري الباب حتى سحب عصام كرسيا وضعه بجوار سرير عمه وجلس، لينظر اليه أدهم بتركيز قائلا:
- عملت اللي قلت لك عليه؟
أخرج عصام ذاكرة الكترونية صغيرة من جيب سترته ورفعه أمام عمه قائلا بظفر: - تمام يا بوس، أدِّينا (أعطينا) أنت الاشارة!
أدهم بهدوء: - قولي سريعا كدا المعلومات اللي اتوصلتوا لها.

عصام بجدية: - زي ما توقعنا، فيه طرف تالت كان هو اللينك بين سعيد وشريف، الطرف دا هو سماح! واضح كدا أنه كان فيه علاقة بينها وبين سعيد.

أدهم ساخرا بإقرار أكثر منه سؤال: - عرفي بردو؟
عصام بسخرية مماثلة: - آه.
أدهم بهزة من رأسه قائلا: - البنت دي تخصص! ها. المهم.
عصام ببساطة: - المهم أنه الايميل بتاعك اتهكر، ومش بس كدا، جالك من فترة ايميل من البنك بيطلب فيه تحديث بياناتك، وللأسف أنت قمت باللي طلبه منك.

قطب أدهم قائلا: - وللأسف ليه؟
عصام بصبر: - لأنه الايميل اللي جالك مش ايميل البنك، الايميل دا ايميل مزيف، وعلى فكرة كان شبه مستحيل انك تعرفه حتى لو حافظ الايميل بالنقطة والحرف!

أدهم بتساؤل: - ليه؟

عصام بنصف ابتسامة: - حرف واحد متغيّر مش ممكن هتنتبه له، ال O في الايميل بدلها 0 . مش ممكن كنت هتنتبه لها، طبعا احنا عرفنا لما اكشفنا انه الايميل اتهكر وراجعت كل ايميلاتك في الفترة الاخيرة، وكنت مهتم جدا برسايل البنك، قارنتها بالقديمة واكتشفت الخدعه بتاعتهم، لو حد تاني مش كان هينتبه ليها، لكن لأني عندي شك وكبير جدا أنه أكيد اللي هكر الايميل عمل حاجة بحيث ياخد بياناتك في البنك كنت بدقق في ايميل البنك حرف حرف...

أدهم بجدية: - بس بردو أنا مش فاهم، البنك المفروض فيه تحويلات بمبالغ شبه ثابتة من حسابي عندهم، ومع أشعاراتهم اللي بيبعتوها على الايميل عندي كمان بيبعتوا اخطار ورقي من البنك، يعني اللي هكر الايميل كان بيمسح الرسايل تمام، لكن فين جوابات البنك؟

عصام بابتسامة ظفر: - هي دي بقه أم المفاجآت يا بوس...
اعتدل أدهم يطالعه بتركيز فيما مال عصام ناحيته متابعا: - سعيد كان بيطبع خطابات البنك اللي بتجيلك على طابعة عنده في البيت، بنفس شكل ورق البنك، والموضوع بعد كدا سهل وبسيط، بياخدها معه وتتبعت لك عن طريق البنك بكل سهولة!
أدهم بدهشة: - وأنت عرفت كل دا منين يا عصام؟

عصام باستهزاء: - واحد نجس زيّه وبتاع ستات، سهل أوي أننا نوقعه، لا ومش بس كدا، الطابعة والاسكانر والكمبيوتر بتاعه نفسه قدرنا نوصل له، واتأكدت من كل دا، البيه كان بيحكي بكل فخر لسماح هانم، أزاي هو ذكي وقدر يوقع صاحب امبراطورية شمس الدين، وكان بيساومها أنها تكلم له الباشا يزوّد حصته شوية!
أدهم بتقطيبة: - طيب في المكالمات اللي بينهم اتذكر شريف؟

زفر عصام بضيق قائلا: - للأسف لأ، كل المكالمات الباشا، وهي ترد عليه وتقول له هوصيِّ عليك الباشا...
أدهم بتفكير: - لازم شريف يقع يا عصام، شريف هو اللي حفر الحفرة دي.
قاطعه عصام قائلا: - للأسف يا خالي المخطط الاجرامي دا كله من تفكير سماح. واستغلت أنه شريف عاوز يبعدك عن طريقه وأقنعته أنه يموّلها بالفلوس عشان تقدر تبعدك عن سكّته!

كاد أدهم يسب من بين شفتيه ولكن أحجم في آخر لحظة وقال: - ماشي. العقربة دي لازم تقع. هتعمل ايه الخطوة الجاية؟
عصام بهدوء: - الموبايل بتاعه زي ما اخدناه ونقلنا المعلومات اللي عاوزينها رجع له من غير يحس أنه اتاخد منه أصلا، تليفون صغير للشرطة من فاعل خير وهما هيقوموا بالواجب، بس مستنيين الاشارة منك، المهم الظابط صقر دا حصل معه إيه؟

أدهم بثقة: - سحبوا منه القضية وادوها لظابط تاني، جالي هنا من كم يوم بيحقق معايا من أول وجديد في القضية، بس بصراحة شتّان بينهم، دا تحسّه أنه عاوز يوصل للحقيقة بجد، مش أنه يثبت عليا التهمة، غير اللي اسمه صقر دا اللي أكيد كان حد زقّه عليا.

عصام بإيماءة بسيطة: - شريف باشا، ما هو قريبه!
ابتسم أدهم بسخرية وقال: - يا أخي أنا كان بيتهيالي انه الحاجات دي بتحصل في الافلام وبس، المهم. فيه حاجة تانية عاوزة أعرفها منك.

سأل عصام ببساطة: - أؤمر يا بوس. عاوز تعرف ايه؟
أدهم وهو يسلط نظراته عليه: - إيه علاقتك بالمافيا يا عصام؟
بهت عصام وقال: - أيه؟

أدهم بهدوء: - ما تحاولش تنكر، محمود وهو مسافر المرة دي طارق جوز أختك وقع بلسانه قودامه أنك مريت بتجربة قاسية، وأنك خلصت بأعجوبة من المافيا، ممكن أعرف الحكاية إيه؟ للأسف اللي حصل لي أجّل أنه محمود يفاتحك في الموضوع، لكن أنا لازم أعرف لأنه ممكن يكون المافيا سبب في اللي انا فيه دا!

تنهد عصام بتعب وقال باستسلام: - هقولك يا بوس، عشان أرتاح، لأني فعلا تعبان...

استند بظهره بعدها الى الوراء في مقعده ونظر الى البعيد حيث رجع بذهنه الى الخلف وتحديدا منذ أكثر من عامين ونصف، وقت أن حط رحاله في روما عاصمة الفن والجمال، وكيف أنه قد نال اعجاب أساتذته في ذلك المعهد، وعرض عليه أحد زملائه أن يشترك في معرض رسومات مقام هناك للهواة، وكان أن اختار فكرة لوحته هو الجمال الايطالي. فشرع يبحث عن فتاة تجمع بين الجمال الملائكي والشموخ الذي تمتاز به حضارة روما، وبعد عدة مقابلات لفتيات استقر رأيه عليها ما أن وقعت عينيه عليها، فقد جذبه وجهها بجماله البريء وهالة من الكبرياء تحيط بها، ومع توالي جلسات الرسم ربط بينهما نوع من الصداقة، واشترك بلوحته التي رسمها لها في المعرض وفاز بالجائزة الاولى، وعرض عليه الراعي الرسمي للمعرض وكان أحد رجال الاعمال المعروفين ومن محبي الفن أن يتبناه فنيا، فهو على حد قوله له مكسب فني ومادي. فقد أقسم له أن لوحاته ستباع بثمن باهظ فهو يمتلك ريشة فنان ساحر، وما أن علمت. أنجيلا. وهذا كان اسمها بعرض ذاك الرجل حتى تحمست له وحاولت اقناعه ولكنه أخبرها أن رحلته لايطاليا على وشك الانتهاء ولن يؤجل عودته الى مصر لأي سبب، لتنهار بين ذراعيه تفاجئه باعترافها بحبه، وبأنها لا تستطيع فراقه...

زفر عصام بقوة وتحامل على نفسه وأكمل في ظل صمت أدهم التام: - حاولت أنها ت. – وسكت لا يعلم كيف يقولها ليضغط على نفسه ويكمل – تقيم معايا علاقة، وطبعا صدتها جامد، قلت لها لا ديني ولا أخلاقي تسمح لي بكدا، لاقيتها بتعتذر لي وقالت لي أنها اتصرفت بطبيعتها وهي بتحترم رفضي دا، بعدها بكم يوم كنت حجزت عشان أرجع مصر، قابلتها وقلت لها أني ناوي أعملها لكم مفاجأة، عزمتني على العشا وقالت لي عشان تكون ذكرى حلوة بيننا، وافقت، وبعد ما اتعشينا، خدتها روّحتها، طلبت مني أدخل عشان فيه هدية عاوزة تديهالي كتذكار، ولما رفضت اتحايلت عليا وقالت لي ثواني هاجيبها. كل اللي انا فاكره أني كنت بشرب القهوة معها، بعدها معرفش ايه اللي حصل، قمت من النوم اتفاجئت بنفسي نايم في سرير وهي جنبي واحنا...

وسكت مشيحا بوجهه ليمتقع وجه أدهم ويسأله بصدمة: - معقول يا عصام؟
هتف عصام بحرقة: - ما تظلمنيش يا عمي، أنا تربية محمود وأدهم شمس الدين، عارف يعني ايه حلال وحرام ويعني أيه رجولة وما استغلش ضعف بنت مهما كان.

تنهد أدهم قائلا وهو يرتاح بظهره الى الوراء: - كمّل يا عصام.
أبتلع عصام ريقه ومسح وجهه بكفيه وقال: - طبعا لما صحيت ولاقيت كدا ثُرت جدا. هي قامت على صراخي، وفهمتني أنه اللي حصل عادي بين أي اتنين بيحبوا بعض، وأني أنا صارحتها بمشاعري، كدبتها، بس هي قالت لي طبيعي ما أكونش فاكر بعد اللي شربته امبارح!

نظر الى أدهم مردفا بمرارة: - أقسم بالله ما كنت أعرف حاجة، قلت لها كل اللي شربته قهوة، قالت لي انها حطيت في القهوة خمرة مركزة عشان مش أدرى بنفسي، وكل حاجة حصلت بعد كدا وهي بتحبني ومقدرتش تقاومني!، كل اللي حصل بعد كدا بيمر في بالي زي الحلم، لغيت رحلتي لمصر، هرجع إزاي بعد اللي حصل، خصوصا أني لما واجهتها أنها قاصدة تعمل كدا عشان تجبرني ما ارجعش مصر. صارحتني انها قصدت تعمل كدا عشان تاخد ذكرى مني. الذكرى دي، طفل مني، وأنه التوقيت اللي حصل فيه العلاقة هو التوقيت المثالي لحصول الحمل عندها!

أغمض أدهم عينيه وهو يكوّر يديه في غضب ثم فتحهما ناظرا اليه قائلا بغضب مكتوم لما مر به ابن أخيه:
- وبعدين يا عصام؟
عصام بتعب: - اضطريت أستنى أشوف فعلا هيحصل حمل ولا لأ، وما قلتش حاجة لكم، هقولكم إيه؟ أنا أضحك عليّا من واحدة طليانية وسقيتني حاجة أصفرا؟! وفي يوم لاقيتها جاية تقولي انها حامل ومعها نتيجة التحليل، وطبع اتجوزتها، كتبنا في السفارة وطارق كان الشاهد بتاعي!

أدهم باستفهام: - طيب وما بلغتناش ليه يا عصام؟..
احتار عصام ماذا يخبره؟ أيقول له أنه كان قد قرر العقد عليها وجلبها معه الى مصر حتى تضع ليأخذ مولوده وبعدها يطلقها، حتى يستطيع الاقتران بمن اكتشف مشاعره الحقيقية لها؟ أم يخبره أنه ما أن علم بأمر خطبتها حتى أصبح كالُمُساق لا يهتم لما يحدث له ولهذا نزع فكرة العودة من عقله فهو لن يستطيع رؤية ريما مع آخر!

ولكنه أجاب قائلا: - عشان أكون صريح معاك يا عمي، أنا كنت ناوي أننا مش هنكمل مع بعض، هاخد الطفل منها وأرجع مصر، لكن اللي حصل بعد كد خلاني كرهتها أكتر...

أدهم باستفهام: - هو إيه اللي حصل؟
عصام بمرارة: - بعد ما اتجوزنا حاولت اننا نعيش حياتنا كأي زوجين طبيعيين لكن أنا رفضت، قلت لها اني اتجوزتها عشان ابني اللي في بطنها بس واني مش هنسى مؤامرتها الدنيئة اللي عملتها عشان اتجوزها، بس كان اللي مجننيني اني مش فاكر لمحة واحدة من الليلة إياها. لغاية ما في يوم.

وتاه بفكره الى البعيد الى ذلك اليوم الذي حدّث فيه إسلام لتبلغه شمس بمرحها أنه قد تحدد موعد زفاف ريما بعد الانتهاء من امتحاناتها النهائية وتطلب منه النزول لحضور الزفاف علّه يجد عروس يعجب بها وينضم لركب لمتزوجين!..

لحظتها شعر بنصل سكين حاد يُغرز في أعمق أعماق قلبه، لينهي المكالمة وينطلق الى الخارج، يهيم على وجهه، ولم يرجع يومها الا قرابة الفجر، لتستقبله الأخرى بحضن حنون دافئ تعاتبه على القلق الذي تسبب لها به، ولم يدري بنفسه إلا وهو يقضي معه ليلة زوجية، كان كأنه ينفث عن غضبه فيها، وهي علمت. وصمتت. وتحملت!..

وما أن أتى الصباح حتى وجدها ترقد كالقطيطة في أحضانه، لتعترف له بما يقض مضجعها، وبأنها تحبه بالفعل، وتعلم أن ةهناك أخرى تشغل تفكيره، وأنها اثباتا لمحبتها الشديدة له ستعترف له بما قد يجعله يتركها الى غير رجعة، لتفاجئه بأنه تلك اليلة لم يقترب منها، وأن القهوة كانت تحتوي على نوع من الدواء التي تسبب هلاوس بصرية يسهل معها أن يجعلك أحدهم تقتنع بما يقوله، وعندما سألها أنه لا يتذكر أي شيء من تلك الليلة ولهذا كان كثيرا ما يرتاب في الامر، قالت أنه يسبب تشوش في الذاكرة، فلا تتذكر ولكنك تصدق ما يخبرك به الآخر!

استدرك عصام قائلا لأدهم دون أن يذكر كيف جعلها زوجته الحقيقية وما هي الاسباب التي أدت لذلك:
- اعترفت لي أنها كدبت عليا وأني ما لمستهاش، وطبعا. أول رد فعل ليا كان. قلم!

أدهم وكلمات عصام تتساقط عليه كالمطر فهو لم يكن يعتقد أن ابن أخيه قد مر بكل هذا الأسى:
- وما طلقتهاش ليه؟
عصام بابتسامة محملة بالأسف: - لأنها حبتني بجد، وكنت خلاص مضيت عقد مع رجل الأعمال، مينفعش أسيب ايطاليا وأرجع وإلا هدفع شرط جزائي مش بسيط، اترجتني أني أديه فرصة، عشان أكتشف بعدها أنه مش دي المفاجأة الوحيدة اللي كانت مخبياها أنجيلا عليا.

أدهم بتساؤل: - كان فيه مفاجأة تاني؟
عصام ناظرا اليه مجيبا بسخرية: - قمة المفاجآت يا بوس، حرمنا المصون كانت بتشتغل مع المافيا، ديلر!
هتف أدهم بدهشة: - ديلر؟

أومأ عصام قائلا: - أنا اتصدمت زيّك كدا تمام، هي المفروض كانت عارضة أزياء وبتشغل كمان موديل رسم، وسفرياتها كتير، في مرة لمحتها وهي بتحضر شنطتها، الشنطة اللي كنت بستغرب أنها عمرها ما حضرتها قودامي أبدا، واكتشفت الالماظ اللي بتخبيه في الجيب السري، واجهتها واعترفت، صممت انها تسيبهم، قالت لي لو سابتهم يبقى كدا بتحكم على نفسها بالموت، وانه في عرفهم مافيش حد بيشتغل معهم ويسيبوه لو حب يتقاعد من الشغل معهم، لكن أنا صممت، أنها مش بس تسيبهم لا وتبلغ البوليس على الناس اللي بتشتغل معهم بشكل مباشر!

أدهم باهتمام: - وبعدين؟

عصام وعينيه تغشاهما نظرة حزن: - سافرت وهي بتوعدني أنها هتكون آخر مرة. وطبعا ما كانتش آخر مرة، سيبت لها البيت وبئيت بنام في الاتيليه بتاعي، لغاية ما جات لي في يوم وقالت لي انها حامل، طبعا ما صدقتهاش، روحت معها ل 3 دكاترة والكل أكد حملها، يومها مش هنسى فرحتها وهي بتقول لي انها هتعمل اللي انا عاوزه عشان تحس انها جديرة انها تكون أم، وفعلا بلغنا البوليس، وحط لها حراسة خاصة، كانت حامل في الخامس لما رجعت يوم من بره لاقيت...

وسكت وقد لمعت عيناه بدموع حزن وغضب مكتوم تابع بعدها بصعوبة: - لاقيتها مدبوحة زي الفرخة، هي وابني ماتوا. وحلفت مش هنزل إلا لما آخد بتارهم، حاولت أوصل للناس اللي كانت بتتعامل معهم كتير، طلقوا عليا كلابهم في يوم وانا راجع بالليل وخناقة عصابات الشوارع بالجنازير الحديد، وطبعا الكترة تغلب الشجاعة، لولا صوت سرينة بوليس معدية (مارة) وقتها فسابوني ومشيوا.

تنهد بعمق وتابع: - الضابط اللي كان متولي القضية من الأول علاقتي بيه كويسة، كان بيوافيني بالاخبار أول بأول، لغاية ما عرفت معاد اللي هيداهموا فيه وكر العصابة، عرفت العنوان وروحت، وهناك لمحته، اللي قتل مراتي وابني، المجرم دايما بيسيب دليل جريمته وراه، سلسلة اتقطعت من رقبته وانجيل بتقاومه، كان عليها اسمه، الضابط يومها وراني صورته عندهم، ما هو راجل من رجالة المافيا، شوفته ليلتها وهو بيحاول يهرب، ووقفت قودامه راجل لراجل. وأخدت بإيدي تار عيلتي اللي قتلها بدم بارد.

أدهم بترقب: - عملت إيه؟
عصام بلمعة ظفر وابتسامة شرسة: - قتلته بدم برد، وزي ما سابها مرمية تحت رجليه لغاية ما دمها تصفى، أنا كمان رميته لكن من فوق سطوح عمارة عشرين دور، ودمه اتصفى زيّها تمام بعد ما دماغه اتقسمت نصين بالظبط!

همس أدهم بغير تصديق: - أنا مش مصدق أنه كل دا يجرالك وانت ما تحكيش! طيب ايه اللي خلّاك بعد ما رجعت مصر ما قلتش؟

عصام بتعب: - هقول إيه يا عمي؟ هحزنكم على اللي جرى لي؟ ما خلاص اللي حصل حصل و.
قاطعه أدهم بجدية: - لا يا عصام، اوعى توهمني أنك عادي، اللي حصل مأثر عليك وجامد كمان. ولما أخلص من المحنة اللي انا فيها دي على خير هيكون لنا كلام كتير سوا.

عصام بغموض: - أنا منتظر اليوم اللي تطلع لنا فيه بالسلامة يا بوس، لأني خلاص عرفت هرجّع عصام بتاع زمان إزاي، ومحتاج مساعدتك!
نظر اليه أدهم بتساؤل ليهز عصم برأسه الى الاسفل في ابتسامة مؤكدة!

فتح الباب بابتسامة حيث كان يخاطب جدته لتغيب تلك الابتسامة ما ان طالعه وجهها الذي طالما حلم به في صحوه ومنامه، لتكون هي أول من خرق الصمت قائلة بهمس وعينان متأملتان:
- فواز
ابتعد عن الباب لتدلف دون ان يكلف نفسه عناء مخاطبتها وبدلا من ذلك تحدث موجها كلامه الى الجدة التي وقفت ما ان رأت ضيفتها الغير منتظرة:
- عن اذنك يا جدتي، أنا نازل عاوزة حاجة؟

. كاد أن يخطو بعيدا لتعوق هي خط سيره وهي تقف أمامه تهمس باسمه بطريقتها التي طالما أذابت دواخله:
- فواز...
قبض على يده في قبضة قوية بينما قالت الجدة بهدوء: - أهلا يا سماح، عاش مين شافك.
ثم أردفت موجهة حديثها الا فواز قائلة: - انزل انت يا فواز يا بني. ما تأخرش نفسك.
اقتربت سماح من جدتها لتسلم عليها وتطبع قبلة على وجنتيها المغضنتين بينما طالعتها جدتها بعتاب ولوم، همست سماح:.

- مش عاوزاني؟ أمشي! وسرعان ما ذاب جمود الجدة الزائف لتتلقاها بين ذراعيها وهي تهتف بها:
- بقه كدا يا بنت ابني، أهون عليكي، كل المدة دي ما تجيش تشوفيني سماح وهي تحاول التماسك: - معلهش يا تيتة، ظروفي و.

قاطعها فواز بتهكم وسخرية: - ظروفك ولا، ظروف البيه اللي انتي متجوزاه؟ طالعته سماح بذهول ليردف بابتسامة ساخرة ومرارة تقطر من أحرف كلماته:
- إيه؟ فاكرة أننا مش هنعرف أن ربة الصون والعفاف فضّلت ترمي نفسها بورقة في حضن ابن المسيري؟ كل دا عشان الفلوس؟ ويا ترى قدّر البضاعة ولا أداكي أقل من تمنها؟ أنا سمعت أنه كريم أوي بصراحة وبيقدر بضاعته تمام!

صاحت سماح بغضب: - كفاية يا فواز أنا ما أسمحكلش. لتبتر عبارتها عندما قبض على معصمه بقوة آلمته هامسا بغضب وحشي بين سنانه المطبقة: - ومين أنيت عشان تسمحي ولا ما تسمحيش؟ اللي تبيع نفسها عشان الفلوس تبقي رخيصة اوي يا بنت خالي، رخيصة على نفسها وعلى اللي حواليها!

حاولت سماح سحب يدها من قبضته ليتركها فجأة تماما كما أمسكها فجأة وهي تهدر بغضب: - صدقني هتندم يا فواز على كل كلمة قلتها.
مال عليها مجيبا بدون تعبير: - من ناحية الندم فأنا ندمت فعلا يا، مدام!
وابتعد عنها منصرفا وما أن همّ بالخروج حتى كاد يرتطم في جسد ضئيل لتهتف صاحبته بفرحة ما أن أبصرته:
- فواز. مش معقول، جيت أمتى؟

فواز بابتسامة صغيرة: - أهلا تسنيم، لسه من شوية. انتي كنت فين؟ دلفت تسنيم وهي تجيبه ببساطة: - في الشغل.
قطب متسائلا بغير رضا: - شغل؟ شغل إيه دا؟ تسنيم بحماس: - بشتغل في الحضانة اللي على أول الشارع. صوت بارد قاطعها بسخرية شديدة: - ويا ترى بتشتغلي ايه بقه؟ دادة بتغيري البامبرز للعيال؟

فغابت البسمة عن الوجه الملائكي واعتلت عينيها نظرة حزن وقد انتبهت لوجود سماح لتقول محاولة رسم ابتسامة على وجهها وهي تتجه اليها لتصافحها:
- اهلا سماح ازيك؟ نظرت سماح ليدها الممدودة قبل ان ترفع يدها بدورها تسلم عليها بأطراف أناملها وهي ترد التحية ببرود تام: - أهلا، الجدة بجدية: - ادخلي يا تسنيم يا بنتي غيري هدومك انتي طول اليوم واقفة على رجليكي سماح بخبث:.

- خدي شاور يا تسنيم، ريحة العيال بردو والبامبرز و...
هدرت الجدة غاضبة: - سماح!
في حين هتف فواز بصرامة قائلا: - ولا كلمة زيادة بعد كدا، عاوزة تقعدي يبقى بأدبك. يا كدا يا تتفضلي من غير مطرود!

لم يعلم فواز كيف نزلت كلماته تسقي قلبها المتيم العطشان له، لتمحو عبارته أي وجع شعرت به من جراء سخرية سماح والتي اتجهت بخطوات غاضبة الى الخارج دون سلام ليستدير هو اليها ويرفع اصبعه مهددا بحزم شديد:
- من بكرة ما فيش مرواح للحضانة دي، أظن واضح!
قالت تسنيم بترجي وهي تضم أناملها الرقيقة أمامها: - طيب نتفاهم يا فواز.

فواز برفض قاطع: - ما فيش تفاهم يا تسنيم، أنا قلت لك بدال المرة ألف. ما فيش شغل، شغلك الوحيد المطلوب منك أنك تنجحي في الثانوية اللي انتي منتسبة لها، انتي اخدتي اول ثانوي وتانية بتفوق، مش معقولة هتدلعي السنة دي اللي هي أهم سنة.

تسنيم برجاء: - أنا بزهق يا فواز، وبعدين نا بحب الاطفال جدا، دا غير أنه الشغل قريب مش بعيد، وبعدين أنت عارف أني مش بهمل في مذاكرتي اللي انت أصرِّيت عليا أني اكملها وأنا كنت جاية هنا معايا الاعدادية، وكملت ثانوي وأنا أكبر من اللي معايا بتلات سنين، صدقني مش هقصّر في حاجة و...

مال عليها فواز زارعا عينيه السوداء في بركتي العسل الذائب في عينيها وهو يقول بإصرار تام:
- بردو. لأ!
وخرج وهو يلقي السلام على جدته التي ردتها له، بينما وقفت تسنيم تنفخ كالأطفال وهي تقول:
- ابن بنتك دا صعب أوي يا جدتي.
ربتت الجدة على المكان الخالي بجوارها فوق تلك الاريكة الخشبية وقالت بينما جلست تسنيم حيث أشارت:
- فواز راجل من يومه.

تسنيم بيأس: - بس يا جدتي أنا مش ههمل مذاكرتي، صدقيني أنا كل ما أفتكر أنه هو اللي أصر أني أكمل بعد ما جيت معاكي هنا من البلد بعد وفاة جدتي زكية الله يرحمها وكانت موصياكي عليا لو جرالها حاجة لأني مقطوعة من شجرة، لا أب ولا أم، الاتنين ماتوا ورا بعض، ابويا تعب ومات ووراه أمي بشهور من الزعل عليه وستِّي زكية أم أبويا اللي ربتني.

الجدة بحنان: - وستّك وصيتني عليكي، أنا قريبتها الوحيدة، ومن يوم ما جيتي وأنت ماليتي عليا البيت، خصوصا وأنه سماح مش معايا هنا، سابتني من زمان. وفواز اعتبرك مسئولة منه، وقدّم لك ثانوية من منازلهم، وبقه كل يوم وهو طالع شقته فوقينا يفوت عليكي يذاكر معاكي ويشوفك محتاجة حاجة، عشان كد فواز لما بيرفض حاجة فدا لمصلحتك.

تسنيم وهي تومئ بالايجاب: - عارفة يا جدتي.
ثم رفعت رأسها تطالع جدتها مردفة بعزم: - لكن أنا بردو مش هسيب الشغل، وهقدر أقنعه.
ثم نهضت مغادرة لتنظر الجدة في أعقابها وهي تتفكر: - يا ترى يا بنتي لو جرالي حاجة. هسيبك لمين؟

توقفت السيارة أمام باب القصر المهيب، نظرت الى جوارها لتطالعها الأخرى بابتسامة مشجعة وهي تقول:
- هستناكي. ما تخافيش، وخليكي قوية...
ترجلت لبنى من السيارة وهي تقبض على يد صغيرها أحمد، وتوجهت بخطى بدت مضطربة بعض الشيء لتقف لثوان تسحب فيهم نفسا عميقا وتشد من نفسها وتتابع طريقها بخطوات أكثر ثقة بينما ريتاج في السيارة التي أقلتها بها تنظر اليها وهي تهمس بقوة:.

- لو مديت إيدك بس عليها يا ابن المسيري أنا اللي هقف لك!

كان شريف وزوجته ووالدته يتناولون طعام الغذاء عندما أبلغته الخادمة أن هناك سيدة مصرة على مقابلته، وأن أمن البوابة يرفض إدخالها، ليأمرها شريف بالسماح لها بالدخول ليعلم من هي فهي كما أخبتره الخادمة تطلب مقابلته في أمر حيوي للغاية!

انتظر الجميع في غرفة استقبال الضيوف وما هي إلا دقائق حتى كان شريف ينهض بالحركة البطيئة غير مصدقا لعينيه يهتف بذهول:
- لبنى!
نظرت اليه لبنى بسخرية وأشارت الى أحمد ليتقدم وهي تقول: - تعالى يا حبيبي.
نظر أسامة حيث ابنه الذي وقف أمامه يبادله النظرات بأخرى متسائلة عن كنه هذا الرجل، قطعت لبنى الصمت بقولها:
- طبعا أنت مش عارف دا مين يا أحمد؟

ونظرت الى شريف قائلة بتشفٍّ: - مش عارفك يا شريف بيه، ودا الطبيعي، طفل طول عمره ما يعرفش أبوه ولا عمره شافه أكيد لما يشوفه ميعرفوش! الأب اللي سابه يموت من غير ما يطرف له جفن. تفتكر يستاهل أنه حتى يسمع كلمة بابا؟!

نهضت دولت تشير لها بترفع: - انتي جاية تشتمينا في بيتنا؟ انما هقول إيه ما انتي تربية.
صيحة شريف أسكتتها وهو يرفع يده قائلا: - ماما...
ثم نظر الى لبنى وقال: - أفندم يا لبنى، جاية ليه؟ خلاص. سلّمت وعرفتي ان الله حق.
لبنى بقوة: - لا وانت الصادق. جاية أقولك أنه في دين في رقبتك ولازم توفيه.
شريف بتقطيبة: - دين؟ لمين ان شاء الله؟

لبنى بمرارة: - للراجل اللي أنقذ حياة أبنك وانت دلوقتي اللي بتعرض حياته للخطر، الراجل اللي وقف جنبي وكان سبب بعد ربنا أني ما اتحرمش من ابني في الوقت اللي انت وعيلتك الكريمة اتنكرتوا لي ورفضتوا تساعدوني. الراجل دا يبقى. أدهم شمس الدين يا شريف بيه!
! قطب شريف صائحا باستنكار: - انت بتخرفي تقولي إيه؟ أدهم مين دا اللي عالج ابني؟

لبنى بمرارة تقطر من أحرف كلماتها: - هتنكر اني يوم ما جيت هنا ووقعت في عرضكم عشان تساعدوني أعمل العملية لابني رفضتوا؟ يومها أهلك اتهموني أني كدابة. جبت لهم الورق قالوا لي تزوير، مشيت من هنا والدنيا ضلمة قودام عيني، مهدي وخاله أدهم هما اللي وقفوا جنبي، روحت لأدهم بيه صاحب الشغل وأنا موظفة صغيرة عنده، ما استناش. وفي ظرف أيام ابني كان بيعمل العملية. ويرجع لي من تاني. عرفت بقه الدين للي في رقبتك إيه ولمين؟

نظر شريف الى أمه مصعوقا في حين نقلت شهرت نظراتها بينه وبين أمه وهي تشعر بالاشفاق عليه فهو قد حكى لها ما صار في مرة من المرات النادرة التي جمعت بينهما كزوجين عاديين يتبادلان الحديث وليسا شريف المسيري وحرمه شهرت الرازي!

قال شريف متسائل في ذهول تام: - الكلام دا صحيح يا ماما؟ أنتو مش وقتها قلتوا لي أنكم هتتأكدوا أنها مش بتكدب، ولما اتأكدت أنا بطريقتي طلبتوا مني أني أبعد عن طريقها خالص قودام انكم تدفعوا لها مصاريف عملية ابني؟

دولت بملل: - يوه يا شريف. انته تصدق دي واحدة كدابة.
هدر شريف بعنف: - لا مش بتكدب. هتستفيد إيه من كدبها؟
قاطعتهما لبنى وهي تفتح حقيبتها وتخرج بعض الأوراق تمدها إليه وهي تقول: - دي فواتير المستشفى، كلها طالعه باسم شركة أدهم شمس الدين. سبحان الله حاجة قالت لي أحتفظ بيها ما أقطعهاش، وكأني كنت حاسة أني هحتاجها في يوم زي دا.

نظر شريف الى الاوراق التي تناولها منها لتجحظ عيناه بدهشة ثم التفت إلى أمه صارخا:
- أد كدا وصل بيكم الغرور والعنجهية الفارغة أنكم تسيبوا ابني يموت؟ وأنا اللي افتكرت أني ما سيبتش أبني.

نظر الى لبنى متابعا: - أنا روحت لك البيت وعرفت من الجيران انه احمد عمل العملية وانك نقلتي انتي والست احلام وابنك، لكن معرفتش فين. أخباركم انقطعت من المكان.

ثم أعاد انتابهه الى أمه وهو يقول بسخرية قوية: - للأسف يا دولت هانم، ربنا حرمك من اللي اتنكرتي له زمان، حرمك من حفيد ليكي من عيلة استقراطية زي ما كنت بتحلمي، أد كدا الاسم والسمعة مهمين عندكم أكتر من ابني؟

دولت برجاء: - يا شريف اسمعني.
صاح في شراسة: - مش عاوز أسمع أي كلام...
لبنى برود: - معلهش أنا مش هقضي اليوم بطوله أحضر خلافات ماليش فيها، قُصر الكلام يا شريف بيه، أدهم شمس الدين له دين في رقبتك ولازم توفيه!

شريف بتقطيبة: - يعني إيه؟
لبنى ببساطة: - كلن عارفين انه التهمة بتاعته دي متلفقة، وانت عرف كويس مين اللي عمل كدا. فأظن الحل واضح.

شريف باستفهام: - عاوزاني أطلع أدهم من السجن؟! بس معنى كدا...
سكت لتكمل هي بابتسامة مؤكدة: - معنى كدا انك تقول مين هو المجرم الحقيقي...
شريف بغير استيعاب: - يعني هشيل حبل المشنقة من حوالين رقبته و...
لبنى بتأكيد: - وتلفّه حوالين رقبة المجرم الحقيقي!

لتشهق شهرت وهي تكتم شهقتها بأطراف أناملها فيما شحبت دولت وهي تطالع ابنها بذعر لترتسم ابتسامة عزم على فم شريف وقد لمعت عيناه. فقد اتخذ قراره. وانتهى الأمر!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة