قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل العاشر

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل العاشر

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل العاشر

استقلوا اليخت الخاص به وبرفقتهم ستيف ومارك، فمنذ بداية اليوم لم تعيره أي اهتمام وصبت كامل انتباهها إلى الطبيعة الخلابة من حولها وهي تقنع ذاتها أنها لن تكون بهذا السوء لتسترق رجل من امرأة أخرى،
فبعد تصريحه لها قد اصابتها خيبة الأمل ولكن قلبها اللعين يصرخ بين ضلوعها ويحثها بأن تضرب بكل شيء عرض الحائط.

فكان طوال رحلتهم لم يخلو الأمر من بعض الابتسامات المجاملة والردود المقتضبة التي تخصه بها عندما يوجه لها حديث.
فكانت تعبث بخصلات شعرها بشرود إلى أن تناهى إلى مسامعها نباح غريب أفزعها صرخت بقوة ونهضت وقفت أعلى مقعدها.

وهي تصيح بعدما شاهدت كلب ضخم بالقرب منها: لأ لااااا ايه ده كلب بجد لا انا اكيد بيتهيألي ايه اللي هيجيب كلب هنا إلحقوني، كان هو بالجهة الآخرى يتسامر مع ضيوفه ويستعدون للغطس إلى أن ألتقط صياحها ليستأذن منهم بلباقة ويعدو إليها وإن وصل إليها كبت ضحكاته بصعوبة على هيئتها فكانت تلوح بيدها وتقفز فوق المقعد بطريقة بهلوانية وكأنها فقدت صوابها ليهمهم وهو يفرك ارنبة أنفه كي يتستر على بسمته المنفلتة: انتِ جبانه ليه كده ده ليو، حد يخاف من، ليو...

رمشت بعدم فهم ثم صرخت بهستيرية: مين ليو انت عايز تجنني ده كلب، كلب وبدل ما انت واقف ابعده عني احسن هنط في الميا واجيبلك مصيبة.

طب اهدي، قالها وهو يقترب خطوات حذرة نحوه يأخذ طوقه بيده ثم مرر بيده الآخرى على رأسه بحنان و تحدث بعدها بنبرة هادئة: ده كلب الكابتن اللي سايق اليخت انا اصلًا كل ما أجي هنا لازم اخليه يجيبه معاه أنا بحب الكلاب جدًا علشان مخلصين ليستبدل نبرته لنبرة آخرى تبدو أكثر مكرًا حين تسأل: تدفعي كام وادخله جوة.

هدأ روعها قليلًا بعدما شعرت بوجوده الطاغي الذي يشعرها بالأمان ولكن عندما تفوه بجملته الأخيرة بنبرة غريبة عليها ولم تعتادها منه رفرفت بأهدابها بعدم استيعاب وتمتمت: يعني ايه مش فاهمة؟
ابتسم بهدوء غريب وتحدث بذات النبرة وهو يرفع حاجبه: يعني لازم مقابل علشان مسبهوش
شهقت بذعر وهي تلوح بيدها بلا عندما رأته يحل يده من طوقه بتباطئ وهتفت: اللي انت عايزه هعمله والله بس مشيه من هنا
اعتبر ده وعد!

صاحت بنفاذ صبر وبعفوية مطلقة: ايوة وعد واللي يرجع فكلامه يبقي عيل خلاص ماشيه بقى
أومأ لها وهو يسحبه الى الداخل لتزفر بأرتياح وتجلس من جديد ليأتيها هو بعد دقائق بعدما بدل ملابسه إلى شورت قصير خاص بالسباحة
متيجي تغطسي معانا مهو مينفعش تبقي هنا وتقعدي القاعدة دي
وضحت أسبابها بكل عفوية وبملامح بائسة: أنا كان نفسي بصراحة بس بخاف جدًا و مبعرفش اعوم.

همهم صقر يشاكسها كي يكسر ذلك الحيز اللعين وتجنبها له الذي يفقده صوابه منذ ما حدث بالأمس: خلاص خليكِ قاعدة هجيب ليو يقعد معاكِ يونسك
هزت رأسها بقوة وهتفت بذعر: لا لا لا الله يخليك يا مستر صقر
ابتسم بهدوء وقال بعدما جلس بجانبها: انتِ وعدتيني تنفذي اللي اقولك عليه
هزت رأسها بعدما زاغت نظراتها بترقب لحديثه ليستأنف هو: عايزك تواجهي خوفك وتنتصري عليه
ردت بعدم فهم: يعني عايزني اعمل ايه!
تنزلي الميا.

هزت رأسها رافضة: لأ بخاف مقدرش
عقد حاجبيه بدهشة من ردة فعلها و حاول أن يسايرها: انتِ ليه جبانة كده وفي حاجات كتير بتخافي منها
غامت نظراتها وقالت بنبرة ظهر الألم بها جليًا: يمكن علشان عمري ما حسيت بالأمان وعلطول كل حاجة ببقى فاكرة أنها بتقويني بتهد فيا وتضعفني.

نبرتها أصابت أوتار قلبه و اجتاحه رغبة قوية بعناقها وضرب كل شيء عرض الحائط لكن أكتفى بسحب كفها بين راحتيه بحنو وقال بضع كلمات لايعلم كيف خرجت منه بالأساس: انا معاكِ متخافيش
تنهدت بخفوت و نظرت له وبداخلها تتسائل كيف بجانبي وأنت ملكية خاصة لغيري وعند تلك الفكرة حانت منها بسمة ساخرة وسحبت يدها من خاصته تمسح بها تلك الدمعة الهاربة من مقلتيها بظهر يدها، وقالت مغيرة مجرى الحديث: بس انا عمري ماجربت أعوم.

ارتبك حين سحبت يدها ولعن ذاته فلا يعلم ما يصيبه بقربها وكأن عقله يتوقف عن العمل و تلك ليست طبيعته بالمرة، ليتحمحم يجلي صوته ويجيبها: انا هعلمك خلي عندك ثقة فيا
هزت رأسهاوهمهمت بحرج
وهي تؤشر على ستيف ومارك المنشغلين بمعدات الغطس: خايفة يضحكوا عليا وانا بضبش.

ابتسم بهدوء على تلك الكلمات العفوية التي تستخدمها ورد بأصرار كي يبث بها الطمأنينة: قولتلك انا معاكِ متخافيش وبعدين هما هيعملوا Diving اول ما اليخت يوقف ومش هيركزوا معانا
أومأت له بتفهم
بعدما شعرت بتوقف اليخت بالمارينا الخاصة بالجزيرة وفور أن نظرت حولها ألتمعت عيناها وشهقت بسعادة وصفقت بيدها هاتفة: انا مش مصدقة انت جبتني هنا بجد.
ابتسم هو على عفويتها وقال بنبرة هادئة: انا وعدتك وأنا عمري ما أخلف وعد.

لتضحك هي بسعادة وتهتف بأمتنان: انا مبسوطة أوي شكرًا بجد يا مستر صقر
تنهد بعمق فهو يكاد أن يفقد قدرته على الأحتمال أكثر ليحثها بيده أن تتبعه نحو مؤخرة اليخت
لتستوقفه هي معترضة: هنزل البحر كده بهدومي لازم أغير
هز رأسه برفض قاطع وقال بإصرار: لأ كده حِشمة وانا مفيش حاجة في قاموسي اسمها مايوه
رددت هي بذهول: حِشمة ايه، بس يا مستر صقر استنى، لم يعيرها أي أهتمام وجذبها خلفه.

شهقت بقوة بعدما سحبها داخل المياه تعلقت بذراعه و ظلت تدفش بالمياه بذعر إلى أن افلت ذراعه من قبضتها وتمسك بخصرها كي يدعمها وبملامح مرتبكة متوترة من ملامسته لجسدها حاول طمئنتها: متخافيش وسيبي نفسك للميا ولازم يبقى عندك ثقة أنها هتشيلك وترفعك
أومأت له وهي تتلوى بين يديه وقالت بشجاعة واهية: انا مش خايفة وبعدين انت قافش فيا ليه كده اوعي ايدك.

هز رأسه بلا فائدة من كلماتها الغريبة التي تستخدمها، وبرر بملامح مازالت متوترة: لو سيبتك هتغرقي و تغرقيني معاكِ، وأيه قافش دي انتِ عليكِ مصطلحات غريبة
مطت فمها وقالت بحرج وهي تهدل اهدابها: واللهِ الكلام بيطلع لوحده مش ببقى قاصدة
هز رأسه وأردف بهدوء بعدما تلاشى التوتر من ملامحه تدريجيًا: احسن حاجة تبقي تلقائية وتتكلمي من غير تفكير وعلى فكرة بتبقي عفوية شبه الاطفال.

رفعت نظراتها له وردت كي تتستر على حرجها: طب بقولك ايه متجبلي عوامة اتشعلق فيها بالله عليك
هز رأسه بيأس وقال مشككًا: تبقي لسه خايفة؟
لتجيبه بثقة زائفة وهي تتهرب بنظراتها كي لا يكتشف كذبها: انا مبخفش بس يعني الاحتياط واجب
هز رأسه وهو ينظر خلفها بنظرات ثاقبة تحمل من الشك ما يكفي لأرهابها: هو ايه اللي بيتحرك هناك ده، صرخت هي بقوة وقامت بمحاوطة عنقه بذعر وصرخت راجية: متسبنيش يا صقر انا خايفة.

عند نطقها بأسمه دون ألقاب سرت قشعريرة بجسده ألهبت كافة حواسه وما زاد الأمر عليه سوءاً هو تشبثها به بقوة
وألتصاقها بجسده بشكل مهلك بالنسبة له ليتمتم بتحشرج وبحلق جاف: متخافيش كنت بهزر لتبتعد عنه وهي مازالت متشبثة بذراعيه كي تدعم جسدها وتهمس معاتبة: حرام عليك قلبي كان هيقف من الخوف
حاول تمالك ذاته وتسائل ببسمة مرتبكة باهتة: شوفتي بقى انك لسه خايفة.

هزت رأسها ب لا وتابعت بنبرة صادقة صدرت منها دون ذرة تفكير واحدة: انا مبقتش اخاف وانت معايا بحس اني مطمنة بيك، والغريبة إني عمري ما حسيت كده مع اي حد
ابتلع ريقه ببطء مميت تأثراً بحديثها، ورفع يده لا ارادياً يزيح خصلاتها التي تعوق رؤيته لتلك اللألئ الفضية التي أسرت قلبه وعندما تشابكت نظراتهم ساد الصمت لثوانِ وتحاكت عيناهم بالكثير لتحمحم هي بخجل: مش هتعلمني بقى.

سعل بخفة بعدما تدارك أن الأمر يتعدى قوة احتماله وهدر بتحجج حتى يفض هذا القرب المرهق له: هااا لأ خليها مرة تانية علشان منتأخرش عليهم زمانهم مستنينا
أومأت له ببسمة عابرة ليسبح بها ويصعد من جديد على متن اليخت غافلين عن تلك المركب الشراعية القريبة وذلك الوميض المنبعث منها.

بعدما ابدلو ملابسهم أصرت عليه أن يصطحبها داخل الجزيرة، فكانت في قمة سعادتها وهي برفقته تناست كل شيء وظلت تركض تارة وتضحك تارة آخرى فكل شيء غريب عليها وهي لم تعتادوا أما عنه ظل يسايرها وهو يتأمل سعادتها البادية عليها بقلب يرتجف وعيون غائمة بالمشاعر وهو يجاهد كي يظل ثابتًا وحين أتي موعد الغداء كان يضع الطعام بصحنها ويؤشر لها بعينه أن تتذوقه ويكتفي فقط ببسمته الدافئة لها دون حديث وعند انتهاء رحلتهم ودعوا ستيف ومارك وذهبوا للفندق لتكسر هي ذلك الصمت وهم يسيرو في الرواق المؤدي لغرفهم: انا اتبسطت أوي النهاردة.

أومأ لها ولم يعقب لتستأنف من جديد: معاد الطيارة امتى بكرة
اجابها بإقتضاب: الساعة 6
هزت فتون رأسها بتفهم وقالت بنبرة هادئة: تصبح على خير يا مستر صقر
ظل على لثباته وهو يرد: وانتِ من اهله
تنهدت بإحباط شديد من حالته المتغيرة معها ونطقت تشاكسه خوفًا أن يكون فعلت شيء اغضبه كعادتها دون قصد، غافلة كونه يعاني من صراع مميت بداخله و لا يقوى على مجابهته: هو أنا عملت حاجة غلط.

هز رأسه نافيًا دون أن يستخدم كلمات، لتزفر هي وتتحدث بضيق: طب ليه مش بترد عليا ومبوز
هز رأسه بيأس من كلماتها التي تنتقيها بحرفة كي تذهله ولاحت بسمة دامت ثوانِ تزين وجهه لتبادله هي الابتسامة ودون وعي هامت به وكأنه اغلى شيء على قلبها فكانت نظراتها له.

كفيلة أن تفقده ماتبقى من ثباته فقد سحبها بقوة دون وعي بعدما فتح باب غرفته واسندها بزاوية الغرفة وحاوطها بذراعيه وهمس أمام وجهها بنفاذ صبر ونبرة ملتاعة متلهفة لم يتدخل عقله بها: انا مش قادر يافتون سامحيني وإن همت بتذمر ودفعه بصدره جذبها اليه بقوة من مؤخرة رأسها وابتلع كلماتها المتذمرة بجوفه بعدما تناول شفتيها بنهم شديد وكأنه يتدهور جوعاً، فقد بث بقبلته شغفه الناري لها غير عابئ بضرباتها الضعيفة على صدره ولا محاولة أنفلاتها منه وإن وجد جسدها ينزلق منه رفعها من خصرها وحاول تثبيتها كي يهدئ من حركاتها الزائدة والمهلكة لجسده وهي بين يديه ليتعمق بقبلته أكثر بحميمية مبالغ بها وعندها شعرت ان مقاومتها ستنعدم لذلك سلتت شفاهها بصعوبة بالغة من شفاهه المسيطرة و همهمت بأنفاس ضعيفة شبه منقطعة: ص ق ر، أبعد الله يخليك.

همهمتها بأسمه انتشلته من ثورته
وكانت كفيلة بفقدان صوابه لكنه أغمض عينه بقوة وحاول أن يكبح رغبته وأن لا يتمادى أكثر فقد أزاح وجهه بمضض شديد وابتعد عنها قليلاً، لتحاول هي ألتقاط انفاسها المسلوبة وإن استطاعت تنظيمها صرخت بوجهه ودفعته لأكثر من مرة بصدره مما جعله يرتد على آثارها: انت اتجننت! ازاي تعمل كده ابعد عني.

تمسك بيدها التي تدفعه بها وضم خصرها له ثم وضع جبهته على منحدر أنفها وتحدث بتحشرج وبنبرة متهدجة: شششششششش اهدي يا فتون انا فعلاً مجنون ومعرفش عملت كده أزاي، ومش فاهم انتِ بتعملي فيا ايه، ثم رفع عينه الغائمة بالمشاعر لها وتحدث بنبرة ضائعة مشتتة: انا حاسس أن عقلي بيتشل و ببقى حد تاني معرفوش وانا معاكِ
لتهدر هي بشراسة بعدما دفعته عنها بكل قوتها: انت فاكرني ايه؟ مش انا اللي تفكر تتسلي بيها.

أجابها بنبرة صادقة نابعة من قلبه: انا عمري ماعملت كده مع حد غيرك و انا مش كده انا مش من الرجالة الحقيرة دي بس غصب عني سامحيني أنا بشر وقربك مني تعدي حدود مقاومتي واحتمالي
تراقصت دقات قلبها وكادت تصرح له بمشاعرها ولكن تذكرت تواجد امرأة اخرى بحياته لتباغته بسؤلها: طب وخطيبتك؟
عقد حاجيه وتقلصت معالمه لتستأنف هي: بتحبها.

تحمحم وتلجلج بعدما أبتلع ريقه بتوتر يحاول صياغة الكلمات المناسبة لكن عجز لسانه عن الرد وعندما طال صمته تنهدت هي بعمق وهدرت واليأس يتملك منها: سكوتك ده مش معناه غير حاجة واحدة
اطرق رأسه وتحاشى النظر لها، لتدب الأرض تحتها ثم تغادر بعدها تاركته يلوم نفسه و يغرق من جديد في حرب أفكاره الضارية.

في اليوم التالي ظل كل منهم ملزم غرفته إلى أن حان موعد عودتهم وحين استقلوا الطائرة وحان وقت الإقلاع تمسك هو بيدها ليطمئنها دون حديث؛ فلم تعترض فهي بحاجة لدعمه لتتغلب على خوفها فكان كل منهم يلتزم الصمت ويتحاشى النظر للآخر وإذا اضطروا للحديث تكون ردودهم مقتضبة بشدة.
تمت رحلتهم وكان في طريقه لإيصالها إلى منزلها بسيارته التي تركها سابقًا بالمطار.

فكان من حين لآخر يتبادلون النظرات الخاطفة بينهم وقبل وصولهم بقليل أتتها رسالة من أكمل يخبرها أن تأخره قليلاً عن موعد الحفل الخيري التي تقيمه والدة صقر، لتزفر حانقة وتحمحمت بعد توقفه بالسيارة أمام بنايتها: شكرًا علشان وصلتني
أومأ لها ببرود وهو يشعل إحدى سجائره لتقول كي تستهلك بعد الوقت كما أمرها أكمل: مش عايز تقول حاجة؟
لم يعيرها انتباه والتزم بجموده.

زفرت بقوة وهي تشعر بالأختناق وقامت بسحب تلك السيجارة المشتعلة من فمه وألقتها من نافذته هادرة: كفاية سجاير انا هتخنق وده كمان غلط عليك
مرر يده على ذقنه وقال بنفاذ صبر فهي بالنسبة له تعدت حدودها كثيرًا: اتفضلي انزلي علشان متأخر
وخزها قلبها وتمتمت بخيبة أمل: خايف أوي تتأخر عليها مش كده على العموم إجابة سؤالي خلاص وصلتني
ابتلع ريقه وهو يستمع لنبرتها الحزينة التي أرجفت قلبه.

وإن همت تغادر السيارة امسك رسغها يستوقفها هادرًا: بحترمها، وبقدرها وعمري ما هكسر قلبها وعلشان كده وجودك جنبي بيشوش تفكيري و يلخبطني ومعرفش ليه متسألنيش لأني معنديش إجابة واضحة، ليتحمحم ويضيف بنبرة ألتقطت ندمه الواضح بها: واللي حصل امبارح ده كان غصب عني.

كلماته اعتصرت قلبها فما كان منها غير أن تقول دون تفكير: لو وجودي مضايقك كده انا ممكن اسيب الشغل ومش هتشوف وشي تاني ليستوقفها هو بنفاذ صبر ودون أي منطقية يجيبها: فتون قولتلك مش هتسيبي الشغل
أصرت هي: بس انا هبقى مرتاحة لما اسيبه لو سمحت متعارضتش
فرك ذقنه وهو يفكر يريد صياغة الأمر لعقله لكن عقله يأبي الإنصياع والرضخ لرغبات قلبه.

وحقًا ذلك ما كان يقتله لذلك حاول أن يماطل لعله يجد حل يجدي وقتها: خلاص بس بعد ما تخلصي الشغل اللي اتعطل بسبب السفر
أومأت له بضيق وخرجت من سيارته وهي تستشعر أنها فقدت آخر أمل لها معه لينطلق بسيارته بسرعة فائقة احزنتها و ترجمتها هي دليل على لفهته للآخرى.

أما في ذلك الحفل الصاخب الذي يضم العديد من رجال الأعمال وغيرهم من الشخصيات المرموقة والصحافة والعديد من المصورين الذين ينتظرو ذلك الحدث العظيم ليتهافتوا على الأخبار الحصرية.

وقفت هي بطلتها المبالغ بها كعادتها ترحب بهم وبرفقتها ابنة شقيقتها التي أصرت عليها بارتداء ذلك الفستان ذو اللون الأحمر الملفت، فقد زفرت فدوة بسأم من تلك الأجواء وبكل ثانية تمر عليها تتطلع لساعة يدها تنتظر قدومه الى أن مالت عليها خالتها وتحدثت من بين ابتسامتها المجاملة للجميع: هو فين صقر الناس زهقت وهتمشي
مش عارفة ياخالتو انا كلمته تليفونه مقفول زمانه جاي.

في هذه الأثناء دخل أكمل وبرفقته صديقة له وتدعي نيرة
إلى الحفل لتسقط عينه عليها تقف بزاوية وتتحدث مع خالتها لتتسارع دقات قلبه وهو يطالعها بذلك الثوب الذي افقده أخر ذرة تعقل به لتبادر نيرة قاطعة نظراته الهائمة لمالكة قلبه: ايه ده يا أكمل انت قولتلي هتخدني حفلة قولت هنسهر في Nightclub ونرقص للصبح جايبني حفلة خيرية وبتاعة عواجيز
بقولك ايه مش إحنا صحاب ولازم نقف جنب بعض
أكيد.

يبقى الله يخليكِ اسكتِ وكلها ساعة بالظبط ونمشي وهوديك Nightclub اللي تختاريه بعدها اتفقنا
اتفقنا بعد لو زهقت قبل الساعة همشي
أومأ لها وهو يرمق تلك الواقفة بالزاوية بفستانها الصارخ بنظرات تفيض فيض بعشقه لها ولكن هي لم تنتبه له بتاتًا وذلك ما جعله يصمم أن يفعل المستحيل ليلوذ ببعض الوقت بجانبها.

بينما على الجانب الآخر زفرت هند بنفاذ صبر فقد بدأ المدعون بالإنسحاب لتوجه حديثها لفدوة: اتصرفي اعملي أي حاجة الإعلام في كل حتة و هنتفضح
يا خالتو اعمل ايه؟
اطلعي قولي كلمتين عقبال ما يجي وهخليهم يشغلوا موسيقى ويستعدو
إنصاعت لها بمضض وهي تصعد تتحدث بالميك بتوتر: مساء الخير يا جماعة شرفتونا.

ساد الصمت بين الجميع وانتبهوا لها يترقبوا باقي حديثها التي استأنفته: ممكن نبتدي هنختار اسم واحد من اكتر حد ساهم معانا خلال السنة وهرقص معاه.

ليصفق الجميع بترحيب وتلك الطفلة الصغيرة التي تحمل الوعاء الذي به قصاصات بها الأسماء تتقدم نحوها لتسحب فدوة ورقة واحدة وتشكرها ثم تقوم بفتحها لينتابها صدمة عارمة من محتواها، فقد ابتلعت ريقها بتوتر وهي تتطلع لمحيطها فكل الأنظار عليها مترقبة لتنطق بأسمه وهي تشعر بقلبها يهوي بين ضلوعها:
الاستاذ، أكمل، الصرفي...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة