قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل الحادي عشر

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل الحادي عشر

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل الحادي عشر

ابتلعت ريقها بتوتر وهي تتطلع لمحيطها فكل الانظار عليها مترقبة، لتنطق بأسمه وهي تشعر أن قلبها يهوي بين ضلوعها: الاستاذ، أكمل، الصرفي...
تصفيق حاد أخترق مسامعها وفي لمح البصر كان أمامها.

نظرت لخالتها تستنجد بها لترسل لها نظرة راجية تحثها على المتابعة تزامنًا مع صوت الموسيقى واقترابه منها كي يقودها الى الرقص، وحين وقف بها في المنتصف و وضع يده حول خصرها، أغمضت عيناها كي تشجع نفسها وتلتزم بثباتها المنعدم في حضرته، ليتمايل معها بخطوات مدروسة متقنة لعدة دقائق دون أن يحيد بنظره عنها ولكن هي كانت تتحاشى النظر له والجمود يحتل وجهها، لينزل لمستواها هامسًا بأذنها: ينفع تبقي مكشرة كده وانا اللي دافع دم قلبي علشان ارقص معاكِ.

ابتسمت ببرود وردت ساخرة: قولتلك ألف مرة اطلع من حياتي
ليه مصمم تحرج نفسك ولا انت حابب تتكرش من هنا كمان
اقترب أكثر منها وهسهس بأذنها بوقاحة غير عابئ بتوبيخها: الأحمر هياكل منك حتة ومخليكِ شبه الفراولة عايزة تتكلي أكل
شهقت بخجل من وقاحته ورفعت نظراتها الشرسة له توبخه: انت وقح وقليل الادب و
قاطعها هو بصدق وعينه تسير ببطء على وجهها: بس عمري ما بطلت احبك وهفضل لأخر نفس فيا أحاول علشان ترجعيلي.

هدر بجملته بنبرة أرجفت اوصالها واستشعرت مدى صدقها لتنظر له نظرة تحمل الكثير بطياتها وهمهمت بنبرة لائمة: لو بتحبني زي ما انت بتقول سبتني ليه؟
غامت عينه بنظرة متألمة واجابها: كان غصب عني بكرة تفهمي كل حاجة.

هزت رأسها بعدم رضا تحثه على الحديث لكنه لم ينطق و اكتفى بتأملها والتمعن في ملامحها الهادئة التي تبث به الطمأنينة فهي ملاذه الوحيد يقسم أنه أمامها ينسى كل شيء حقده، وانتقامه اللعين ويعود مثلما كان سابقاً على سجيته التي تنبض بعشقها، وعند تلك الفكرة تنهد بعمق ومال برأسه قليلاً لمستوى أُذنها وهمس بخفوت مثير كاد أن يفقدها اتزانها: بحبك يافدوتي.

تعالت دقات قلبها وزاغت نظراتها وهي تشعر أن قلبها سيخونها ويتأثر به لذلك حاولت الثبات و كادت أن تنهره من جديد لولآ أن منعها.

صوت تصفيق الحضور لهم فقد توقفت الموسيقى منذ دقائق وهم لم ينتبهوا، لتبتعد عنه بضع خطوات في حين انسحب هو بكل هدوء، وقبل أن يخرج من الساحة أقترب من الطفلة المحملة بوعاء الورق وقبلها من وجنتها بأمتنان وأعطاها لوح كبير من الشوكولاتة فهي من ساعدته في نجاح حيلته واستبدال كافة القصاصات بأسمه حتى يلوذ بقليل من قربها.

ليبحث بعدها بعينه عن نيرة و لم يجدها وإن هم بالانصراف تسمر مكانه من ذلك الغاضب الذي يحدجه بنظرات مشتعلة كفيلة بحرق الأخضر واليابس من خطورتها.

تظاهر أكمل بالتجاهل وهو يتخطاه إلا أن الآخير لم يدع الأمر يمر مرور الكرام فقد سحبه من ذراعه بعنف للخارج وهو يجز نواجزه بغضب ثم استوقفه بعدما ابتعدوا عن الانظار وقبض على مقدمة ملابسه وهدر من بين أسنانه: انت ايه اللي جابك هنا وازاي تسمح لنفسك تتعدي حدودك وتقرب منها.

اعتلت بسمة هازئة جانب فم أكمل وهو ينفض يده الممسكة به بقوة وقال بغل: اهدى لا يطقلك عرق ومتتحمقش أوي كده ده انا اللي رميتها لك بعد ما زهقت منها...
باغته صقر بلكمة قوية أطاحت به بعدما تفاقم غضبه وهدر من بين اسنانه بوعيد: قسم بالله لو فكرت تجيب سيرتها تاني لأكون معرفك مين هو صقر العزازي ويقدر يعمل فيك ايه.

تحسس أكمل جانب فمه ونهض وهو يرمقه بغيط وتحدث بنبرة متهكمة كي يستفزه: لأ جدع وشهم، وقولك كمان غلبتني، لكمة أخرى قوية نالت من وجهه وتلاها صراخ صقر: انت ايه يا اخي أرحم نفسك من الغل المالي قلبك انظف وابقى بني أدم
ليتعمد أكمل استفزازه أكثر بقوله: طول عمرك بتحب تاخد فضلت غيرك مش جديد عليك
زئر صقر بغضب وهو يضيق عينه بعدم فهم وهتف: تقصد ايه؟

ابتسم أكمل تلك البسمة المستفزة خاصته واجابه بنبرة غامضة أثارت فضول الأخر: بكره تفهم كل حاجة متستعجلش
ذلك أخر شيء نطق به قبل أن ينصرف و يتناول هاتفه بعدما أبتعد قليلًا وطلب رقم جاسم ليأتيه رده مطمئنًا فور أن انفتح الخط: كله تمام يا باشا أتفقت مع المصورين ركزوا بس على الحضور وقت الرقصة ومفيش كلمة هتتكتب عن حضرتك وعن الهانم متقلقش
براو عليك يا جاسم.

ليغلق هاتفه ويشرع في ركوب سيارته يقود بتهور خطير يشابه كثيرًا حالته.

بعد انقضاء الحفل ظل يعدو ذهاباً واياباً في ساحة القصر وهو يستشيط غضباً من ما حدث ليوجه حديثه لتلك التي تنتفض بذعر من هيئته: انتِ أزاي تسمحي لنفسك انه يرقص معاكِ من امتى بتتصرفي بغباء
تلعثمت هي: انا نفذت كلام خالتو ومكنتش أعرف أن اسمه هيطلعلي في الورقة صدقني يا صقر دي صدفة مش مقصودة
صرخ صقر بإنفعال: مفكرتيش في كلام الناس وشكلي قدامهم و مجاش في بالك أن الإعلام كان مالي الحفلة، انتِ غاوية فضايح.

ألتوي قلبها بين ضلوعها عند تفوهه بأخر جملة وتيقنت انه يرمي إلى تلك الفضيحة التي تسبب بها أكمل يوم زفافها، لتغيم عيناها ويرتعش فمها تقاوم رغبتها بالبكاد في حين نطقت هند بكل برود: محصلش حاجة يا صقر لكل ده.

ليعقب هو بغضب: امي متقوليش محصلش حاجة انا عارف انك بتستغلي سذاجتها وكل اللي همك هو نجاح الحفلة بتاعتك والناس تتكلم عن إنجازات هند العزازي قد ايه هي ست خيرة بس اللي حصل ده سحب منك الأضواء لأن بكرة الصبح هتلاقي صورة بنت اختك المصون في كل الجرايد والمجلات.

ردت هند بتبجح ترمي عليه كعادتها: انت طايح فينا ليه انت نسيت أن ده صاحبك وانت اللي اصريت عليا زمان علشان أقبل بيه مش ذنبنا انه طلع ندل لو في حد عليه لوم فهو أنت يا صقر
زفر أنفاسه بضيق فهي بكل مرة تسقط الأمر على عاتقه: امي انا مش هتكلم في اللي فات
وبعد حديث هند انسلت دمعات فدوة بغزارة ولم تستطيع كبتها وغمغمت من بينها: انا آسفة بس انت عارف اني مقدرش أعارض خالتو ولا ازعلها.

وهنا انفجر بها كي يفيقها: لغاية امتى هتفضلي كده مسلوبة الإرادة وسلبية دي حياتك انتِ محدش ليه يقرر غيرك...
لم تجيبه فدوة ونكست نظراتها وهي مستمرة في بكائها، ليلعن هو ذاته ويتسائل بعصبية مفرطة: بطلي عياط وفكري معايا هنتصرف ازاي
اجابته هند عوضًا عنها و بكل ثقة: انا عندي حل كويس
نظروا لها بأنتباه لتتحدث هي: نعمل الفرح في أقرب وقت وتظهرو بنفسكم للإعلام علشان يتأكدوا أن الماضي اتقفل.

تبادلوا النظرات الضائعة بينهم فكل منهم لديه افكاره الخاصة ورغباته الخاصة أيضًا التي تحيل بينهم وبين قرارها، فكان هو في خضم أفكاره يترأى أمام عينه صورتهم معًا أثناء رقصتهم، ليزفر حانقًا ويرمق فدوة بنظرة مطولة وكأنه يسبر بها أغوارها حين نطق: موافق...

برقت عين فدوة وشحب وجهها بينما هو تطلع لها بنظرة مبهمة وأنصرف لغرفته دون اضافة المزيد لتبتسم هند وتبارك لها دون أن تأخذ حتى رأيها ثم تركتها تقف تنظر لآثارهم تلعن ضعفها واستسلامها بسرها، فهي تشعر أنها كالدمية مسلوبة الارادة والجميع يحركها كيفما شاء دون أن يعيروا أي اهتمام لرغبتها هي.

كان يقود سيارته بعصبية مفرطة وهو يتذكر تهديد صقر له لعن بين أنفاسه ليتوعد بشر: ورحمة امل يا صقر اللي كنت السبب في موتها لهدفعك تمن كل حاجة وهخلي فدوة هي اللي تسيبك وترجعلي من نفسها
ليزيد من سرعته ويتوجه لمنزل فتون.

أما عند فتون ظلت تتذكر كل ما مرت به مع صقر وهي تشعر بإنسلات روحها لخسارته لاتنكر أن في بادئة الأمر كان هدفها تنفيذ مخطط أكمل ولكن عندما تقربت أكثر منه تأكدت أن لامفر من السقوط بعشقه، وخزها قلبها بشدة وهي تتذكر حديثه لها وتسائلت بينها وبين نفسها هل فعلاً سيتركها تترك العمل وينهي كل شيء، وهل حقًا ما حدث بينهما كان هفوة غير مقصودة منه، ظلت تتساءل وتتسائل حتى كادت افكارها تصيبها بالجنون، لتزفر بسأم وتنهض.

بعدما سمعت طرقات قوية على باب الشقة فقد فتحت الباب بتأفف وهي تعلم من الطارق حتما هو اتى ليطمأن على مخططه اللعين، وفور رؤيته يتمثل أمامها باغتته بسؤالها: حد يجي لحد في وقت متأخر كده
رمقها أكمل باشمئزاز ودفعها لتفسح له المجال كي يفوت ثم تخطاها وجلس على الأريكة التي تتوسط الصالة هادرًا: عملتي ايه؟
كتفت يدها على صدرها وردت بتهكم: انت عايزني اعمل ايه ابعدوا عن حبيبة قلبك مش كده؟

لتتابع ساخرة منه: إلا، كان اسمها ايه، اه افتكرت فدوتك، بس يا خسارة مطلعتش فدوتك لوحدك يا أكمل باشا
ثارت ثائرته و انقض عليها بغضب يجذب خصلات شعرها بغل لتشهق هي بألم في حين تحدث هو من بين اسنانه: بتتريقي عليا يا بنتوحياة امك لهوريكِ، آَنت متألمة وهو يشدد أكثر على خصلاتها ويضيف حاقدًا: اه بعتك ليه علشان تبعديه عنها علشان عمرها ما هتكون غير فدوتي انا وبس
ضربت يده بشراسة حتى يفلتها.

لكن دون جدوى لتهدر بشماتة لعلها تشفي غليلها منه: ريح نفسك صقر بيحبها وهو قالي كده بنفسه ومعندوش استعداد يسيبها، لا علشاني، ولا علشان غيري
نفضها عنه بقوة وصاح منفعل: محدش بيحبها قدي وهي اللي هترجعلي برجليها بعد ما انتقم منه
وخزها قلبها لمجرد أن من الممكن أن يتأذي صقر، لتتناول نفس مطول يشجعها كي تستدرجه بالحديث: أكيد هترجعلك لما تلاقيك بتحبها الحب الكبير ده، هو انتم سبتو بعض ليه؟

ابتسم أكمل بسمته المعتادة ولكن تلك المرة كانت محملة بالحزن حين استرسل: علشان غبي حبيت انتقم منه فيها بس طلعت بنتقم من نفسي، ليتنهد تنهيدة مثقلة ويضيف بنبرة يفيض الندم منها: انا سيبتها وهربت يوم الفرح
شهقت فتون بذهول واردفت: لدرجادي يا أكمل، صقر أذاك علشان تاخدها بذنبه.

توقفت الكلمات بحلقه وهو يستغرب كيف تمكنت من استدراجه للحديث لكنه شعر براحة لأنه بحاجة لأحد يستمع له فقط لايريد نصائح ولا حلول هو فقط يريد أحد يتفهمه ولا يتحامل عليه، لذلك اجابها: أذاني اكثر ما تتخيلي
وهنا اندفعت دون تفكير تدافع عنه: بس صقر ميعرفش يأذي ده مبيهونش عليه زعل حد وقلبه أبيض أزاي يأذيك
ابتسم هازئا واستأنف بتهكم: يظهر انك وقعتي ولا حد سمى عليكِ.

تصنعت فتون عدم الفهم بعدما أدركت أنها تسرعت بحديثها: تقصد ايه؟
غمز بعينه وتحدث بثقة: اقصد انك حبتيه بس مش دى مشكلتي المهم هو
تلعثمت هي وقالت بيأس: هو متلخبط وبيقولي ان وجودي معاه بيشتته
كويس أوي يبقى هو كمان وقع بس بيقاوح عايزك تزودي معاه العيار حبتين وتسويه على الأخر
ردت هي بتوتر وهي تفرك بيدها: انا قولتله اني هسيب الشغل معاه وهو وافق
براو عليكِ يعجبني ذكائك هو كده هتبان نواياه نحيتك.

بس انا مش، قاطعها بخشونة: بس ايه خليكِ بعقلك احسنلك يا بت العايق
ذكرها بسبب شقائها وكأنه اراد أن يكبح أي سبيل لها للتراجع لذلك انحصر الحديث بحلقها
بينما تسائل هو: عملتي ايه في المعلومات اللي قولتلك عليها
زاغت نظراتها وتناولت ورقة من اعلى الطاولة مدون عليها المعلومات التي طلبها: جبتلك المعلومات اللي طلبتها بس قولي هتعمل ايه بيها
ابتسم بخبث وقال وهو يتفقدها: مش شغلك متسأليش.

أغمضت هي عيناها تحمد ربها على تراجعها بعدما استشفت من نبرته الحاقدة نيته المسبقة، فكانت تنوي أن تستغل غفوة صقر اثناء مرضه كي تعبث بشنطته الملازمة له و تنفذ ما طلب منها ولكن مجرد فقط تفكيرها أن يصيب صقر سوءٍ جعلها تعدل عن الأمر...
ليهدر أكمل قبل أن يهم بالمغادرة: براو عليكِ تعجبيني.

وإن غادر ارتمت على الاريكة بخلفها وهي تدعو الله أن كذبتها وتلك المعلومات الواهية التي مَدته بها لا تجعله يتسبب في تنفيذ وعيده لها.

كانت منهمكة في العمل داخل مكتبها داخل المشفى إلى أن تناهى الى مسامعها صوت ضحكات تعرفها جيداً واشتاقت لها نهضت بلهفة وهي تعدل هيئتها وترتب خصلاتها وخرجت تتبع ضحكاته التي تراقصت دقات قلبها بصخب على أثرها
ولكن عندما وقع نظرها عليه تجمدت أوصالها وتعالت أنفاسها وكادت تشعر أن ساقيها لم تعد تحملها فكان هو ببشاشته ونظراته الحنونة التي تعودت عليها ولكن تلك المرة ليست حصريًا لها.

فكان يحتضن خصر فتاة شقراء تفوقها في الجمال ويتبادل معها الضحكات والهمهمات اثناء سيرهم في رواق المشفى
تقدمت هي بخطوات مهزوزة نحوهم وهي تجاهد أن تبدو ثابتة أمامه: حمد الله على السلامة يا دكتور ايه نسيت انك مسؤول عن المستشفى لتستأنف بتهكم وهي ترمق تلك الشقراء بإزدراء: ولا بقي عندك اهتمامات تانية
ابتسم هاشم على رد فعلها ورد بتهكم: مش تسلمي عليا الاول يا دكتورة مي وترحبي بضيوفي.

ابتسمت بأصفرار وهي ترمقهم وتمد يدها مصافحة: اهلًا، لتوجه حديثها له: مش تعرفني على الآنسة
ابتسم هو وأجابها بفخر: دي نيرة خطيبتي...
لو كانت الكلمات قاتلة لكانت سقطت لتوها طريحة بأرضها فقد تراجعت خطوة واحدة للخلف وهي تشعر بقلبها يتلوى بين ضلوعها، ورغم صدمتها وتلك الدماء التي فرت من وجهها حاولت أن تتمسك بكبريائها وهمست بنظرات زائغة وبنبرة صدرت منها مهزوزة متأثرة: مبروك...

مش كنت تعزمني ده انا قبل ما ابقى طليقتك كنت بنت عمك و افرحلك
استأنف بعدما حانت منه بسمة هازئة على رد فعلها الذي دائمًا يكون عكس توقعاته: تتعوض إن شاء الله في الفرح
أصله قريب وأكيد هتكوني اول المعزومين انتِ ومرات عمي
ابتلعت غصة بحلقها وجاهدت أن ترسم بسمة مجاملة على وجهها: ربنا يتمملك على خير يادكتور.

لتبتسم نيرة وتقول بصوت رفيع يطن بالأذان: مرسي ليكِ عقبالك، انا مش مصدقة اني وقفة معاكِ ده انا سمعت عنك كتير
اجابتها مي من طرف منخارها بكل غرور: ويا تري سمعتي ايه؟
لوت نيرة فمها بأمتعاض وهدرت قاصدة اغاظتها: بيقولوا عنك مغرورة وعلطول عصبية وبتتعاركِ مع دبان وشك.

تلجم لسانها وعجزت عن الرد بعدما زاغت نظراتها من جديد وهي تحدجه بخزي وظلت تتسأل هل هذا ايضًا رأيه بها؟ لكن هو بادل نظراتها بجمود تام وكأنه يوافقها الرأي وعندها شعرت انها ستنهار الآن لا محالة إلى ان قطع هاشم نظراتها وهو يحث نيرة على الصمت: خلاص بلاش كلام ملوش لازمة ويلا افرجك على المستشفى علشان اوصلك واشوف شغلي.

ردت نيرة بميوعة وهي تتعلق بذراعه: حاضر يا شومي بس متتأخرش هستناك نتغدى بره مع بعض زي ما اتفقنا
ليجيبها بثبات: حاضر مش هتأخر عليكِ.

هز رأسه ل مي بمجاملة وسحب نيرة وغادر من أمامها، لتبتسم هي ببهوت لآثارهم وتصنعت الصمود ثم توجهت إلى المرحاض وعندما دخلت أغلقت الباب وناظرت نفسها بالمرآة بسخط تأنب حالها: خطب، وهيتجوز، أرتحتي، أهو راح، شوفتي أن الدنيا ما وقفتش عليكِ كنت فاكراه هيرجع تحت رجلي يترجاني اسامحه علشان شكه فيا طلع هو ولا فارق معاه وهيتجوز، هيتجوز...

هدرت بكلماتها بتقطع ودمعاتها تنهمر دون وعي لتشهق بألم وهي تضع يدها على قلبها تحسه على الصمود وتستأنف بكبرياء ترفض التخلي عنه: انا هبقي قوية وهنساه انا مش بحبه أيوه، انا مش بحبه انا بس علشان كنت متعودة عليه اهدي يا مي انتِ قوية، لتتهدل معالم وجهها وتخور دفعاتها ومحاولات صمودها وتستأنف بضعف ونبرة مهزوزة وهي تشعر بالأنهيار: لأ انا بحبه وبحبه اوي كمان ومعرفتش ده غير لما بعد عني بس خلاص فات الآوان...

لتظل تنتحب عدة دقائق حتى خارت قواها وخبت أنفاسها لتنفض نفسها وتحاول ان تسترد ثباتها وهي تطالع إنعكاسها بالمرآة، وظلت تردد لنفسها من جديد بإصرار وبعزيمة انثى ترفض الخسارة: انا قوية ومفيش حاجة هتكسرني مهما حصل
هذا أخر ما تفوهت به قبل
خروجها من المرحاض بعدما ازالت آثار بكائها وعودتها لكبريائها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة