قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل السادس عشر

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل السادس عشر

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل السادس عشر

داخل الجراچ الخاص بشركة العزازي
صفت هي سيارتها وترجلت منها وهي تطالع ساعة يدها فقد تأخرت على دوامها بضع دقائق ليستوقفها نبرة رجولية تمقت صاحبها و تعرفه تمام المعرفة: والله ليكِ واحشة يا بت العايق
تسمرت بمكانها و شحب وجهها و نطقت بذهول وكل خلية بجسدها تنتفض: جمال...

ابتسم ساخراً وهو يقترب منها بخطوات هادئة ارجفتها اكثر حين قال: ايوة يا ست البنات كنتِ فاكراني مش هعرف اوصلك ولا ايه عيب عليكِ ده انا حبايبي فكل حتة ويتمنوا يخدموني
تسائلت هي بتلعثم: عرفت طريقي منين؟
ابتسم بخبث وهدر بثقة: قولتلك الف مين يتمنى يخدمني بس هريحك برضو
واحد من الصبيان بتوعي كان بيجرب عربية للزبون وشافك قدام الشركة ومن ساعتها وانا لابد هنا لغاية ماعرفت انك شغالة مع بيه عليوي اوي ومنغنغك.

ليستأنف بمغزى: بس مكنتش أعرف أن ليكِ في الشمال طب مش كنت انا اولى من الغريب
ردت فتون بشراسة رغم ذعرها: اخرس احسنلك انا اشرف منك
رد جمال بريبة: متتحمقيش اوي كدن امال ايه العبارة عايز افهم
تحمحمت هي بتوتر وأردفت: ده شغل، نصباية بعملها لبيه كبير وممكن يطير رقبينا كلنا لو شم خبر اني قولتلك
تسأل جمال بحدة: مش فاهم؟

أجابته هي كي ترهبه: اسمع مش لازم تفهم دلوقتي المهم انك تسكت ومتجليش هنا تاني لغاية ما الموضوع يتم
ابتسم بشر بعدما قبض على رسغها بقوة: مليش في الكلام ده مش هتضحكي عليا يابت العايق
تأوهت بقوة بعدما شعرت ان أصابعه تغرس بلحمها لتغمغم راجية: سيب ايدي ياجمال واقصر الشر
شدد جمال أكثر على ذراعها وقام بلويه هادرًا بوعيد: الشر هيحصل لو مجتيش معايا دلوقتي
لتهمس بنبرة متألمة: حرام عليك دراعي هيتكسر في ايدك.

عايزاني اسيبك علشان تهربي يا ست البنات ده ما صدقت لقيتك والعايق موصيني ارجعك
اغمضت عيناها بخوف وكل إنش بها يرتجف من مجرد سماعها لأسمه لتستجمع قواها و تجيبه بذكاء وبتلك الحيلة التي تعلم انها ستجدي معه: مش ههرب ياجمال وبكرة ابويا لما يعرف هيتبسط مني علشان هجبله فلوس كتير من البيه
التمعت عين جمال بالجشع وهدر بلؤم: هي العبارة كده طب فيها لا أخفيها لازم يبقى ليا نصيب ولازم تشتري سكوتي.

ردت فتون موافقة حتى تسايره: ماشي يا جمال هديك اللي انت عايزه بس امشي دلوقتي قبل محد يشوفك معايا
رد هو بخبث: برضو مش داخل عليا الكلام ومش همشي غير لما تفهميني بالتفصيل
اجابته هي بثبات مصطنع رغم ألم ذراعها حتى ترهبه: مش لازم تعرف تفاصيل اسمع الكلام احسنلك ولعلمك البيه اللي قولتلك عليه هو اللي رمى العايق في السجن ويقدر يخليك تحصله بسهولة.

زاغت نظراته وهدر بتراجع بعدما ترك ذراعها: خلاص همشي بس اللي هتقلبيه من النصباية بالنص
زفرت متألمة وهي تدلك ذراعها وهدرت: ماشي اتفقنا يلا امشي الله يخليك
أومأ لها بمكر وهو يهسهس: هنتقابل تاني يا ست البنات ومش هتكوني غير من نصيب العبد لله.

استندت هي على مقدمة السيارة بارتياح بعد أن تأكدت انه غادر ووضعت يدها على صدرها تحاول تهدئة روعها تعرف أنها إدعت أمر المال ولكن هذا كان سبيلها الوحيد ليتركها، وإن همت بالعدول في وقفتها ومتابعة سيرها تجمدت اوصالها وهي تطالعه يقف أمامها بهيبته وشموخه المعتاد
يرمقها بنظرات غامضة أثارت ريبتها، وخاصًة حين تسأل بنبرة قوية: مين ده اللي كنتِ واقفة تتكلمي معاه؟

ابتلعت ريقها بتوتر وهدرت متلعثمة: ده، ده، واحد كان بيسألني على باب الخروج
ضيق عينه وقال بنبرة مشككة: بس شكلكم كان مريب
تشوشت رؤيتها وكاد أن يصيبها الهلع من حديثه لكنها تماسكت وسايرته: مش انت سمعتنا يا صقر فين المريب في كلامنا
أجابها هو: انا مسمعتش حاجة انا لسه واصل.

أومأت له وتسلل الارتياح لقلبها فهي تأكدت انه لم يستمع لحديثهم لتراوغه قاصدة تغير سير الحديث: هو انت اتأخرت ليه النهاردة ياحبيبي مش عوايدك يعني
اجابها بحدة اجفلتها: متهيألي انا اللي مفروض احاسبك مش انتِ
أطرقت رأسها بالأرض وهمهمت بضيق: انت بتكلمني كده ليه يا صقر انت زعلان مني
هز رأسه وقال بإقتضاب: لأ، و يلا علشان عندنا شغل كتير متأخر.

ثم أضاف بصيغة أمر: هاتي الشنطة بتاعتي من عربيتي وحصليني ليخطوا كي يسبقها وإن تأكد من ابتعاده عنها مسافة كافية تناول هاتفه واجرى مكالمة عاجلة...
أما هي انصاعت له ظناً منها ان القدر ساعدها ككل مرة.

ذهبت هي تباشر عملها بالسنتر الخاص بها باكرًا
وحين كانت منهمكة بعملها فاجأها دخول آسر بهيئته المرحة لتقول هي بترحاب: أهلًا آسر ازيك
ابتسم هو بخفة ورد: تمام يا فدوة فينك من ساعة ما كنت هنا واستنيتك تردي عليا و تكلميني
تنهدت فدوة بخفوت وقالت وهي تفرك يدها بتوتر: كنت هكلمك والله بس حصل شوية مشاكل كده ومعرفتش
تسأل آسر بترقب: افهم من كده انك كنتِ هتوافقي على عرضي.

هزت رأسها بنعم وأضافت: انا معنديش مانع ونفسي اسافر بس بقى في شوية معارضين لقراري بس ان شاء الله خير انا متفائلة
ابتسم بخفة بعدما عبث بخصلاته الفوضوية وقال: يبقي لازم تحكيلي يمكن اقدر اساعدك أصل محسوبك مفيش مشكلة غير ويعرف يحلها ليقترح بترقب: تعالي نتغدا مع بعض في أي حتة ونتكلم ايه رأيك
تنهدت بعمق واجابته: معنديش مانع علشان كمان عايزة اعرف تفاصيل اكتر عن العرض.

أومأ لها بترحاب وأشار لها بشكل مسرحي أن تسبقه هزت رأسها وهي تبتسم وهمت بالخروج معه وإن وصلت لمكان صف سيارته توقفت تنظر حولها بارتياب تعلم أن رجاله يحاوطوها وتشعر بذعر من ردة فعله خصوصاً بعد فعلتها بالأمس.
أنتشلها صوت آسر: ايه يافدوة مالك تعالي اركبي معايا وهبقى ارجعك هنا تاني
هزت رأسها بنفي قاطع وقالت بتوتر: لأ انا هركب Taxi وامشي وراك أصل عربيتي مش عارفة فين.

رفع منكبيه بخفة وقال بعدما مط فمه: انتِ بتهرجي لأ طبعًا تعالي اركبي معايا
لتنصاع له بمضض، ليرتدي هو نظارته الشمسية ويشرعون في ركوب سيارته وينطلق بها.

تمدد على الأريكة الخاصة بمكتبه داخل شركته بوهن فهو لم ينال القسط الكافي من النوم بسبب تفكيره بها وعن ما تخفيه وبعد ما حدث بالچراح اليوم تأكد أن ما تخفيه سيغير مسار كل شيء
تنهد بعمق وهو يتناول هاتفه ويحدث أحد رجاله: عملت ايه؟
ليستمع إلى الطرف الأخر بانتباه إلى أن انتهى ليهدر بصرامة للطرف الآخر: مش عايز حد يلمسه لغاية ما أجيلك انت فاهم.

أغلق هاتفه وشرد في الفراغ لتحمحم هي بقلق بعدما دخلت مكتبه دون أن يشعر بها: مالك يا حبيبي شكلك مضايق ايه اللي حصل
أومأ لها وقال بنبرة ثابتة اتقنها: مليش يافتون انا بس في كذا حاجة شغلاني بخصوص الشغل
أومأت له بقلة حيلة فهي كلما عزمت أن تخبره يحدث شيء يمنعها أو ترى هي انه غير مستعد لذلك لكن بعد ظهور جمال من جديد تعلم أنها على المحاك وأنها على بعد خطوات من اكتشافه لذلك المخطط اللعين، وهنا لاحظ هو شرودها.

ليسحبها من ذراعها برفق يجلسها بجانبه لتأن هي بألم فذراعها مازال يؤلمها من قبضة ذلك المقيت
عقد حاجبيه باستفهام وهو يرفع كم بلوزتها ويعاينه وتسأل بقلق: مال دراعك بيوجعك من ايه؟
لتقع عينه على أصابع مرتسمه على جلدها و متصبغه بالزراق ليستأنف: من ايه ده يافتون؟
سحبت يدها بسرعة متناهية وهدلت كمها من جديد وقالت وهي تحاول ان تكون ثابتة: ده ولا حاجة اتخبط في الباب وعلشان كده بيوجعني.

هز رأسه بيأس بعدما شعر بكذبتها الواهية
ثم اعتدل بجلسته وشملها بنظراته لكن تلك المرة لم تكن بدفء كعادته بل كانت بأرتياب أرجف قلبها واشعرها انه يخترق روحها بنظراته ليهمهم قاصداً أن يحثها على الأعتراف له قبل معرفته بطريقته لعل اعترافها يخفف من غضبه وافكاره السوداوية تجاهها: فتون في حبة حاجات حابب اقولك عليها علشان تفهمي طبعي وتعرفي تتعاملي معايا.

أومأت له بتفهم وعلى ثغرها ابتسامة باهتة ليستأنف هو: انتِ عارفة اني مبحبش الغلط ومن وجهة نظري بشوف ان اللي اتبني على الكدب بيفضل طول عمره أساسه خايب واتعودت ديمًا ابقى صريح مكدبش مفيش حاجة في قاموسي اسمها مبررات أو أعذار
بس ده مش معناه اني مبسامحش لأ بسامح بس عمري ما بنسى وده بيبقى استثناء للناس العزاز عليا بس ويهموني.

تحمحمت هي بتوتر بعدما زاغت نظراتها وشعرت انه اكتشف امرها لا محالة: ايه لازمة الكلام ده دلوقتي ياصقر
أجابها وهو يشعل إحدى سجائره وينفث دخانها: يمكن اكون اتأخرت في اني اقولك وأعرفك قوانين صقر العزازي بس ده ميمنعش انك تلتزمي بيها وتفكري ألف مرة قبل ما تغلطي أو يهيأ لك عقلك تخبي علياحاجة
جف حلقها وشحب وجهها بعدما انتابتها رجفة من شدة ذعرها وحمحمت بخفوت: طب لو كان الغلط ده مش مقصود ياصقر.

هتف بحدة بعدما شعر بالخذلان من ردها: مفيش حاجة اسمها مش مقصود الغلط غلط مينفعش يتزوق ويتحط تحت مسميات تانية
حمحمت من جديد وهي تحاول كبح رغبتها بالبكاء: بس انت عارف اني بحبك ومعنديش استعداد اخسرك
أجابها بعدما نهض وولاها ظهره: يبقى تقوليلي مخبية ايه؟
وانا ساعتها اللي اقرر
هزت رأسها بنفي قاطع فهي كانت ستخبره عاجلاً ام اجلاً لكن بعد تلك التي أطلق عليها قوانينه تأكدت انها ستفقده الى الأبد.

لتنهمر دمعاتها دون انقطاع وهي تشعر بأنسلات روحها من جسدها تقسم أنها لم تقوى على مواجهته بعد ، فماذا ستخبره بماذا ستبرر فعلتها ليزداد نحيبها بقوة وهي تضع يدها على وجهها لعدة دقائق
وبعد أن يأس من حديثها زمجر وأطاح بأغراض مكتبه بقوة ارضًا وانصرف والغضب يتأكله بعد أن عزم انه سيكتشف بنفسه ما تخفيه تاركها غارقة في نوبة بكائها.

بعد وصولهم الى ذلك المطعم الهادئ الذي اختاره آسر ظلوا يتسامرون ويتبادلون أطراف الحديث للكثير من الوقت وأخبرها كل شيء بخصوص عرضه وقص لها عن نشأته وكيف بدأ من الصفر و طموحه وإصراره هو الشيء الوحيد الذي كان يمده بالقوة
تنهدت بخفوت ودون شعور و شردت بعدما راودتها ذكرى تلك القبلة الهوجاء خاصة الأمس وعند تذكرها شعرت بالخزي من نفسها
نفضت أفكارها سريعًا بعدما اتاها صوت آسر: سرحانة في ايه؟

أجابته فدوة ببسمة باهتة: هااا ولا حاجة
لا انتِ مش معايا خالص؟
لأ معاك
طب احكيلي بقى انا اتكلمت كتير النهاردة قوليلي مين معارض سفرك
تحمحمت هي بتوتر: خالتو وصقر و، ابتلعت غصة بحلقها وصمتت بعدها
شعر هو بتوترها البائن ليقول وهو يحاول أن يخفف عنها: مش هسألك متقلقيش قوليلي اللي انتِ حابة تحكيه يافدوة مش هضغط عليكِ
تلعثمت هي: خالتو عايزاني اتجوز صقر وعلشان كده مش هترضي اسافر
عقد حاجبيه بعدم رضا: وصقر ده بيحبك.

هزت رأسها بلا واستأنفت: انا وهو زي الأخوات وهو تفهم ده وأحترم رغبتي
ليزفر هو وارتسمت بسمة واسعة على ثغره لم يعلم سبب لها
لتحمحم هي بغيظ: انت بتضحك على ايه يا آسر
اجابها بعدما تدارك هيئته الغير مبررة: ابدًا بس مستغرب انتِ مش قاصر ومفروض انتِ اللي تقرري مش حد تاني.

أجابته هي آملة: بحاول اعمل كده عارف مقولة الكبت يولد الانفجار ده اللي حصل معايا استحملت كتير تحكماتها بس كنت فاكرة اني بعمل حاجة كويسة و برد الجميل علشان خالتو هي اللي ربتني بعد موت اهلي
تسأل هو بتوجس: يعني شعورك بالامتنان ليها هو اللي وصلك لكده
أومأت له بضيق واستأنفت: بس دلوقتي حاجات كتير اتغيرت واكتر حاجة باسطاني ان صقر في ظهري وهيدعمني.

ابتسم هو ورد بخفة وهو يمرر يده بخصلاته الفوضوية: وانا نسيتيني ولا ايه انا كمان مش هسيبك غير لما أقنعهم معاكِ ومش هسافر من هنا غير وانتِ معايا
هتفت هي بأمتنان: مرسي ليك يا آسر منكرش اول ما شوفتك استغربتك وقولت عليك مجنون بس انا ارتحتلك لدرجة اني حكيتلك كل حاجة
هتف هو بإصرار وبنبرة مرحة: احنا بقينا أصحاب خلاص وآسر المنياوي لم بيرتاح لحد يبقى ياويله وانتِ قولتي بنفسك مجنون.

ضحكت هي باتساع على خفته وروحه المرحة ليبادلها هو الضحكات بصخب لحين قطع ضحكاتهم تلك النبرة الساخرة التي تعلم صاحبها تمام المعرفة: تحبو اجبلكم اتنين لمون علشان القعدة تحلو
تعالت أنفاسها بعدما زاغت نظراتها بينهم وتمتمت بذهول: أكمل
لتشهق بقوة عندما سحب مقعد وجلس على طاولتهم
هادرًا بغضب من بين اسنانه وبملامح لا تبشر بالخير: ما أنتِ حلوة اهو وبتعرفي تضحكي...

هتف آسر بعصبية: مين حضرتك وازاي تقعد كده من غير ما نسمحلك
ضحك هو تلك الضحكة التي يتميز بها وهو يفرك وجهه يحاول أن يكبح رغبته الشديدة في لكمه
أما هي تنهدت بعمق ونهضت تحاول احتواء الموقف لأنها تعلم تلك الضحكة وتعلم ما سيحل بعدها: امشي من هنا يا أكمل
جذبها بقوة من ذراعها واجلسها من جديد أمرًا: اترزعي احسنلك
ليصيح به آسر بعدائية: انت اتجننت انت مين وبأي حق تعمل كده.

رفع جانب فمه هازئاً وكل خلية به تنبض بالغضب: أنا أكمل الصرفي يا فرفور تعرفني ولا تحب اعرفك بطريقتي
هدر آسر بعصبية وهو يشهر اصبعه بوجهه: ايه فرفور دي احترم نفسك
ثم أضاف بتهكم: و اه احب تعرفني مين حضرتك تكونش نجم اخبار الحوادث وانا معرفش استفزه حديثه للغايه ليزفر بقوة.

بعدما نهض وقبض على تلابيب الآخر وهدر بغضب قاتل من بين اسنانه: يبقى اعرفهولك يا فرفور وان قام برفع يده قاصد لكمه تعلقت هي بذراعه تحاول تمنعه وهي تهتف راجية: بلاش يا أكمل وامشي الله يخليك كفاية فضايح الناس بتتفرج علينا
زئر بقوة بعدما نفض يدها وقال بغيظ: مش همشي قبل ما أعرف مين البيه اللي قاعدة تتسايري معاه وتضحكي
هتفت هي تحاول ملاحقة الأمر: ده آسر، آسر المنياوي في مبينا شغل.

حاول آسر نفض يده وصرخ بها: انتِ بتبرري للهمجي ده ليه
ليبتسم الأخر باستفزاز ويهمهم من بين اسنانه بوعيد أمام وجهه: اخرس خالص وعارف يا فرفور لو طلع ليك يد في موضوع سفرها ده مش هرحمك لينفضه عنه بقوة يسقطه على المقعد الذي خلفه ويسحبها من يدها بعدما ناولها حقيبتها والقاها بوجهها وتوجه بها إلى الخارج تارك آسر ينظر لأثره مشدوهاً وان قام لملاحقته دفعه أحد رجال أكمل للجلوس مرة آخرى.

أما عنها بعد انتهاء دوامها توجهت إلى بيت والدتها وهي تشعر بأرهاق شديد دلفت الى غرفتها ثم ارتمت على الفراش بوهن وظلت كلمات والدة زين تتردد بأذنها هل ياترى مازال يكن لها المشاعر بعد كل ما حدث وهل فعلاً يغار عليها حتى وان يغار هل يجوز أن يغار من طفل صغير لم يتعدى الخمس سنوات نفضت أفكارها عندما دلفت اليها والدتها وتحدثت بقلق: مالك يا مي وشك اصفر زى الليمونة كده ليه؟

هزت رأسها واجابتها: مفيش يا ماما سلامتك بس مرهقة شوية
ردت هنية بحنان: أكيد من كتر التفكير يابنتي سلميها لله يامي و متتعبيش نفسك لو ليكِ نصيب هيرجعلك
غامت عيناها وارتمت بأحضان والدتها وقالت بضيق: البعد ده قراره هو ياماما، ده حتى مفكرش يسمع مني ولا يسبني ادافع عن نفسي
تنهدت هنية وسألتها بتوجس: يعني لو كان عطاكِ فرصة كنتِ هتفهميه ولا كان العند هيركب رأسك زي عوايدك.

أومأت لها بنفي قاطع واجابتها بنبرة صادقة نابعة من قلبها: لأ كنت هفهمه وهتمسك بيه لأخر نفس فيا انا محتجاه اوي يا ماما ومش عارفة اعيش من غيره واللي وجعني انه عرف يبعد عني ويبدلني بواحدة تانية بمنتهي السهولة وكأني كنت ولا حاجة بالنسبة له
لتواسيها هنية: لسه الأوان مفتش يامي تقدري تفهميه وتتمسكي بيه قوليله يا مي ودافعي عن نفسك وسيبي الخيار ليه
أجابتها بريبة: وافرضي مصدقنيش وقعد يجرح فيا.

ردت هنية بثقة: هاشم اللي أعرفه هيصدقك وحتى لو مصدقكيش كفاية انك هتحاولي
أومأت لها بهدوء ودثرت نفسها أكثر بأحضان والدتها بعدما عزمت امرها أن تغوي قلبه من جديد لها.

بعد خروجهم من ذلك المطعم ظل هو يجرها خلفه غير عابئ بتعسرها ولا أنفاسها المتقطعة ليتوقف بها أمام سيارته التي أمر رجاله بأحضارها من امام السنتر الخاص بها، فقد صفها في منطقة معزولة و فتح بابها بقوة وهدر بعصبية: اتفضلي يا هانم اركبي
هزت رأسها ب لا بعد أن نفضت يده واعترضت: مش هروح معاك في حتة يا أكمل.

ضرب بقبضته سطح سيارته وصرخ بقوة امام وجهها: اسمعي الكلام و متعصبنيش اكتر من كده انا العفاريت بتتنطط قدامي
قالت هي بأندفاع: مش شغلي قولتلك مش هركب معاك
ابتسم من بين اسنانه وهدر بتهكم والغيرة تنهش قلبه: ما أنتِ كنتِ راكبه جنب البيه وعمالة تتسايري اشمعنا انا لأ
صرخت هي بدفاع: قولتلك بينا شغل وكنا بنتفق على تفاصيله وبعدين انا ركبت معاه علشان معرفش انت وديت عربيتي فين.

أجابها ساخراً: لأ، بجد طب ايه اللي يمنع ركوبك معايا ولايكون بعد اللي حصل امبارح مش عارفة تحطي عينك في عيني بعد ما مشاعرك فضحتك
ابتلعت ريقها بتوتر وردت مستنكرة قوله وهي تدعي الثبات: مشاعر ايه؟ انا كنت بسايرك علشان اهرب منك، ميبقاش خيالك واسع يا أكمل.

اغمض عينيه بقوة وحاول جاهداً ان يكبح غضبه منها ومن تبريرها ليبتسم بمغزى وهو يقترب أكثر منها يحاصرها بينه وبين باب سيارته المفتوح قائلًا بثقة: مش هتعرفي تضحكي عليا وكفاية اني عدتلك اللى عملتيه أمبارح انا متأكد انك لسه بتحبيني بس بتعاندي
ليرفع يده يمررها بخصلاتها البنية المموجة بهدوء مثير ويضيف بهمس أمام وجهها: انتِ كنتي بتدوبي في أيدي مستحيل احساسي بيكي يكون خيال يافدوتي.

حانت منها بسمة هازئة واجابته بشراسة تخصه هو فقط بها: متقوليش زفتتي دي تاني وكل الكلام اللي بتقوله ده من نسج خيالك، انا ما كرهتش حد في حياتي قد ما كرهتك وانا قولتلك كنت بسايرك بس علشان اهرب منك
فرك وجهه بعنف بعدما ولاها ظهره يحاول يخفي تأثير كلماتها الطاعنة عليه ليرد بأنفاس مختنقة دون أن يلتفت لها: مش هيأس يافدوة ومتحاوليش تختبري طاقتي أكتر من كده.

ردت هي بسأم وهي تكتف يدها على صدرها: عايزة امشي ممكن؟
التفت إليها وقال بنبرة نارية متوعدة نابعة من تلك الغيرة التي تنهش قلبه: هسيبك تمشي بس لو عرفت انك قابلتي آسر زفت ده تاني او ان هو ليه يد ورا سفرك مش هرحمه
استجمعت شجاعتها وصرخت به محذرة: قسماً ب الله يا أكمل لو فكرت تأذيه ولا تلمس شعرة منه لهموت نفسي وارتاح منكم كلهم.

وهسافر يا أكمل غصب عنك ولو وصلت هقدم بلاغ ضدك وهقول انك كنت خاطفني وانك كمان بتهددني وبتطاردني وساعتها متلومش غير نفسك وإياك تتعرض ليا تاني وكفاية بقى، اخرج من حياتي انا بكرهك، بكرهك.

كانت تتحدث ودمعاتها تنهمر دون إرادة فحقاً هي اكتفت من كل شيء ولم يعد لديها القدرة على تحمل ضغوطات أكثر، ظل هو متسمر لم ينبت ببنت شفه وهو يتأمل انهيارها وحديثها الذي يبدو صادق وظل يتساءل أحقاً تلك فدوته تلك هي طفلته الودودة الهادئة، ألهذا الحد أوصلها، طال تفكيره ولم ينتبه إلا وهي تركض من أمامه بخطوات سريعة تستوقف سيارة أجرة كي تقلها فقد تركته يتطلع لآثارها وهو مشتت ضائع لا يعلم ما أصابه من كلماتها أحقاً كرهته ولن تغفر له، أحقاً يفقد الأمل في رجوعها إليه، استند على مقدمة سيارته بعدما غامت عينة وهو يشعر ان قلبه يعتصر من الألم فحقاً أخر شيء توقعه أن يخسر ويحيا دونها.

أما هي بعد أن تركها بمكتبه وانصرف حاولت جاهدة ان تستعيد ثباتها واقنعت نفسها أنها ستنتصر على ضعفها وعلى تلك الظروف اللعينة التي أرهقتها وسوف تضرب بمخطط أكمل عرض الحائط ليحدث ما يحدث لم تعد تهاب شيء بعد خسارته ولكن قبل ان ترحل ستخبره.

بما يريح ضميرها ستخبره بذلك المخطط ستخبره أنها كانت مجبرة ستخبره على ابتزاز ذلك اللعين لها وتخبره ايضًا انها أحبته بكل جوارحها هي لم تتصنع حبها له، لا يشهد الله انها احبته بصدق ووجدت به امانها وملاذها ولكن تعلم أنها لن تستحقه فأمثالها لا ينتمون إلى هنا...

سحبت ورقة بيضاء وأخذت تخط عليها كل ما يخص ذلك المخطط اللعين ولكن تجنبت ذكر أي شيء عن ماضيها الموثوم بالعار فيكفي ما سيظنه بها ثم تركتها على مكتبه وانصرفت وهي تجر قدميها بوهن عازمة ترك كل شيء خلفها.

أما عنه بعد أن تركها تنتحب داخل مكتبه توجه إلى قصره وخاصتاً داخل القبو
تقدم هو بخطوات هادئة الى الداخل ليقابله فضل رئيس الحرس خاصته قائلًا في أحترام: تحت امرك ياصقر بيه جبنا الولد زي ما أمرت بعد ما مشينا وراه وعرفنا مكانه.

وعندها تذكر عندما راوده الشك من هيئتهم في الجراچ وأمر أحد رجاله أن يتبعه، أشار له بعينه أن يتركه معه على انفراد لينصاع الآخر له وينصرف ليتقدم صقر و يهتف بنبرة صارمة لذلك المنكمش بالزاوية:
تعرفها منين ياجمال؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة