قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل السابع عشر

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل السابع عشر

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل السابع عشر

بعد أن تركها تنتحب داخل مكتبه توجه إلى قصره وخاصةً داخل القبو،.

تقدم هو بخطوات هادئة الى الداخل ليقابله فضل رئيس الحرس خاصته قائلًا بأحترام: تحت امرك ياصقر بيه جبنا الولد زي ما أمرت بعد ما مشينا وراه وعرفنا مكانه وعندها تذكر عندما راوده الشك من هيئتهم في الجراچ وأمر أحد رجاله أن يتبعه أشار له بعينه أن يتركه معه على إنفراد لينصاع الآخر له وينصرف ليتقدم صقر ويهتف بنبرة صارمة لذلك المنكمش بالزاوية:
تعرفها منين ياجمال؟

انتفض جمال من نبرته ليجيب بخوف و بنبرة مهزوزة: مين دي يا باشا انا معرفش انت بتتكلم على ايه؟
هز صقر رأسه بعدم رضا وقال بحدة وهو على وشك نفاذ صبره: متلفش وتدور عليا ياجمال علشان متندمش، انت عارف انا قصدي ايه؟
أجابه جمال بذعر: يا باشا وحياة المرسي أبو العباس مش فاهم حاجة
صرخ صقر به بنبرة جهورية نافذة رجت الأجواء بعدما فقد صبره: تعرف فتون منين ياجمال؟
زاغت نظرات جمال لثوانِ واستأنف بلؤم: معرفهاش.

تسأل صقر من جديد بصيغة آخرى أكثر حدة: اومال كنت بتتكلم معاها ليه في الجراچ بتاع الشركة
رد جمال بتلعثم: ياباشا ده، كنت...
زفر صقر بنفاذ صبر وألتقط أحد سجائره وأشعلها ثم سحب مقعد من جانبه وجلس عليه بالمعكوس ليستأنف بثقة وثبات لم يضاهيه أحد به: اسمع يا جمال انا مبحبش استخدم العنف مع اللي زيك رجالتي مستنين اشارة مني و يعدموك العافية بس انا مش هعمل كده وبقولك اتكلم احسنلك يا أما مش هتخرج من هنا.

نبرته الواثقة أكدت له أنه يستطيع ايذائه لا محالة ليهمهم جمال بنبرة متوجسة يشوبها الخوف:
هتكلم ياباشا بس اضمن منين اني اخرج من هنا
اعتلى جانب فمه ببسمة ممزقة متألمة وهو يشعر أنه على بعد خطوات من خسارتها ليجيبه بحزم: كلمتي وعد وانا عمري ما خلفت وعدي اتكلم...

هز جمال رأسه واسترسل قائلًا بلؤم وهو ينوي أن لا يخبره بكل ما في جعبته: دي فتون بنت العايق واحنا جيران في الحتة ولما قابلتها في جراچ الشركة كنت بقولها ان ابوها بيسأل عليها
بس هي قالتلي انها بتعمل مصلحة لباشا كبير نصباية يعني وهتطلع منه بفلوس كتير
تجمدت معالم وجهه و تهدجت أنفاسه من الغضب ليهدر بعدم تصديق: انت متأكد من الكلام ده
أجابه وهو يهز رأسه مؤكدًا: ايوة يا باشا والله هي بلسانها قالت كده.

نهض عن مقعده وظل يعدو ذهابًا وايابًا بغضب جامح كاليث جريح يعاند الموت ثم هدر بصوت جهوري بعدما قبض على حاشية ملابس الآخر: انطق مين اللي قالها تعمل كده مين اللي زقها انطق
ارتجف جمال بزعر من هيئته وتلعثم: معرفش اسمه، بس اللي اعرفه ان هو اللي دخل العايق السجن
جز صقر نواجذه وصاح بنبرة جهورية يشع منها الغضب: اسم ابوها ايه بالكامل
رد جمال بذعر: هقولك يا باشا.

وبعدما أخبره انصرف وهو يطوى الارض تحت اقدامه بخطوات غاضبة وتوجه الى داخل قصره بعدما أمر رجاله أن يتركوا ذلك اللعين يرحل.

بعد ان وصلت الى شقتها ظلت تلملم أغراضها بسرعة متناهية قاصدة الفرار وإن همت بالمغادرة تفاجأت به يستند على إطار الباب وهو يكتف ذراعيه وينظر لها بنظرات مشتعلة ارجفتها
لتهمهم هي بتقطع وهي تتراجع للخلف بذعر: أك، مل...
هتف هو بنبرة حادة وهو يتقدم نحوها: هتهربى مش كده.

اغمضت عيناها بقوة تحاول أن تكبح ذعرها منه واستجمعت كافة شجاعتها وهدرت بإصرار: اه ههرب علشان تعبت ومش قادرة اكمل اعمل فيا اللي يريح ضميرك انا بعد خسارتي ل صقر يأست من حياتي وإذا كان على اختي دي اخر سنة ليها في المدرسة وتقدر تعتمد على نفسها وطول ما ابويا في السجن بعيد عنها مش هقلق عليها انها تبقى نسخة مني.

هز رأسه ساخراً من سذاجتها وهتف بحدة بعدما اختصر المسافة بينهم وقبض على خصلاتها: وانتِ فاكرة ان الموضوع هيخلص بالبساطة دي ومين قالك اني هخلي ابوكِ في السجن انا هخرجه وابعتك مكانه
هتفت هي بألم بعدما تعلقت بيده تحاول تخفيف قبضته التي كادت تقتلع خصلاتها: حرام عليك، انت عايز ايه تاني كان غرضك توقعه فيا علشان يسيب فدوة وده اللي حصل انا نفذت أوامرك بالحرف.

ابتسم باستخفاف وهدر بعدما نفضها بقوة اوقعتها و جلس على المقعد بكل عنجهية: وانتِ فاكرة ده كان غرضي بس انا لازم اعرفه انتِ كنتِ ايه علشان اقطع أي خيوط ليكم مع بعض ما انا مش بالغباء ده علشان اسيبه يتهنى معاكِ وانا يتكتب عليا افضل احارب علشانها واتحرم منها بسببه
ليستأنف بغيظ والشيطان يغشي على بصيرته: هو مش أحسن مني ولازم اوجعه زي ما اتوجعت.

هزت فتون رأسها بقوة مستنكرة قوله و زحفت بركبتيها على الأرض وجثت مقابل له قاصدة استعطافه بعدما انسابت دمعاتها بقهر: ابوس رجلك يا أكمل بلاش تقوله انا كنت ايه مش هتحمل كفاية اني هموت من غيره ده هو النفس اللي انا باخده ارحمني يا أكمل أنا نفذت المطلوب مني بحذافيره وهو خلاص ساب فدوة.

رفسها أكمل بقوة وهو يهتف: مش كفاية لازم احرق قلبه زي ما حرق قلبي، وحكايتكم لغاية هنا خلصت وللأبد واياكِ تفكري تشوفيه تاني ولا تفتحي بؤك
حاولت جاهدة ألتقاط انفاسها من بين شهقاتها وقالت بنبرة حزينة تقطع نياط القلب: موتني واوجع قلبه عليا بس متأذهوش ومتقولوش انا كنت ايه صقر مش هيستوعب واكيد هيفهم غلط
ابتسم ببرود وقال بمغزى: وده المطلوب انه يفهم غلط
انا هحرق قلبه عليكِ وانتِ عايشة و قصاد عينه.

أضافت هي بهستيرية وهي تتوسل له من جديد: علشان خاطر ربنا بلاش تأذيه اعمل فيا اللي انت عايزه بس بلاش هو
زفر أكمل بضيق بعدما تسلل بعض التردد بداخله: اخرسي بقى
وخلصيني علشان هوديكِ مكان تاني لازم تداري عن العين لغاية ما أقولك وبعد كده ترجعي مكان ما جبتك.

ليتناول علبة سجائره ويشعل إحداهما ويستأنف وهو ينفث دخانها: اختك انا دفعت لها مصاريف مدرستها وابوكِ كفاية عليه كده هخرجهولك بس مسأله وقت واظن كده عملت اللي اتفقنا عليه
همست بيأس وهي تطرق رأسها بالأرض: يعني كده خلاص؟
أجابها وهو يجاهد ذلك الشعور القاتل بداخله: اه خلاص.

ليزفر انفاسه ويستعيد عزيمته كي ينهي ما بدأه، ويمد يده بجيب سترته ويخرج قلمه ويدون على تلك الصحيفة التي على الطاولة بعض الكلمات وناولها لها ويستأنف وهو يتحاشى النظر لها كي لا يتراجع: خدي ده عنوان بيتي بعد بكرة الساعة 5 بالدقيقة تكوني عندي هديكِ وصلات الأمانة بتاعتك وكده انا خلاص استغنيت عن خدماتك، بس لو فكرتي بس تعدي من قدام صقر تاني هتلاقيني فوق رأسك فاهمة.

هزت رأسها عدت مرات بتفهم ليستأنف هو بعدما تناول تلك الورقة المطوية من سترته: وده شيك تقدري تصرفيه في أي وقت
أزاحت يده الممدودة برفض قاطع وهي تستطرد قائلة بنبرة حزينة منكسرة: انا مش عايزة حاجة ده مكنش اتفاقنا اهم حاجة عندي تبعد عني وتديني الوصلات اللي انت
ذلتني بيهم
تنهد تنهيدة عميقة ونظر لها نظرة مطولة لم تستشف المغزى منهاثم هدر: ماشي يابنت العايق
لتضيف هي بضعف: اوعدني انك مش هتأذيه.

أومأ لها ومازال يغزو الغموض ملامحه
أما هي حاولت ان تتغاضى عن صرخات قلبها واقنعت ذاتها إنها ستبتعد من أجله فيكفي انه سيكون بخير لتقوم تتحضر للمغادرة برفقته وإن ولته ظهرها ليزفر أنفاسه ويلعن ذلك الشعور الذي كاد أن يجعله يحيد عن غايته ويهمس من بين أسنانه: موعدكيش.

أما عنه ظل يعدو كاليث الجريح يقطع غرفته ذهاباً واياباً وكل ما مر به معها يمر أمامه عينه كشريط مسجل ليتناول هاتفه ويطلب رقم المحامي الخاص بعائلته ويدعى صفوت وحين اتاه الرد بعد عدة دقائق هدر هو:
اسف يامتر انا عارف الوقت متأخر بس في موضوع ضروري ومحتاج مساعدتك
أأمرني ياصقر بيه انا تحت امرك
هبعتلك رسالة بأسم واحد وعايز اعرف مين اللي مقدم البلاغ ضده
تحت امرك بكرة بأذن الله هديك كل التفاصيل.

أغلق معه الخط وأخذ يفرك ذقنه بعصبية ولم يستطيع ان يكبح رغبته في مواجهتها ليخرج بخطوات متعجلة تأكلها الغضب ويتوجه الى منزلها وبعد وصوله ظل يطرق على الباب بقوة عدة مرات متتالية دون جدوى ونظراً لتأخر الوقت تأففت السكان الآخرون الذين خرجوا وظلوا يتهامسون من أمام أبوابهم ليزفر هو بقوة ويتوجه الى حارس البناية الذي كان يجلس على دكته دون أن يعير الضجيج الذي أحدثه أي اهتمام.

الساكنة اللي في شقة 3 ما تعرفش فين خبطت كتير ومفتحتش
أجابه الحارس بنفور: استغفر الله العظيم وبعدين پجى في الناس اللى معندهاش خشة ولا حيا دي
عقد حاجبيه بعدم رضا وهدر بقوة: انت بتقول ايه ياراجل انت؟
رد الحارس: بچول يا پيه إن الحمد لله العمارة نضفت منيها وغارت بعد ما پيه غيرك جه وخدها بشنطتها
نفرت عروقه و اشتعلت عيناه وتسأل بعصبية: بيه مين متعرفش؟

أجابه الحارس: لع معرفش بس اللي زي الهانم ما يغلبش ده كل يوم مع راچل شكل وكلهم ميتخيروش عنك بهوات و راكبين عربيات تسد عين الشمس
رفض عقله استيعاب الأمر فقد جاء بذهنه الكثير من التوقعات لكن ليس ببشاعة ذلك الفعل المشين ليزئر بغضب وهو يقبض على حاشية ملابسه ويهدر بقوة: انت بتقول ايه ياراجل انت انت اكيد مجنون
رد الحارس بثقة وبكل إصرار: لع يا پيه وانا هكدب ليه وايه مصلحتي.

نفضه صقر بقوة وتوجه من جديد الى سيارته وهو يلعنها بعدما أقسم أنه سيذيقها ويلات خداعها له.

في صباح يوم جديد داخل مشفى الجارحي
كان يجلس بمكتبه منشغل بأمور العمل إلى أن فاجأه اندفاع الباب بهمجية ودخولها وهي تستشيط غضباً، رفع عينه لها بلا مبالاه ثم استمر بتفحص الأوراق التي بيده
ليأتيه صراخها: والله عال يا دكتور انت بأي حق تاخد قرارات من غير ما ترجعلي
تجاهل حديثها ولم يعيرها أهتمام واستمر بمعاينة الورق.

تأففت هي بغيظ وهي تطرق على مكتبه وهدرت بعصبية بعدما شعرت انه يتقصد ان يتجاهلها في كل شيء حتى في قرارات العمل: رد عليا وبطل تستفزني انا بكلمك
ابتسم ببرود وهو يضع الورق جانباً
ونظر لها باستخفاف قائلًا: لما تتكلمي بأحترام هبقى ارد عليكِ
هتفت هي بغيظ وهي تشهر سبابتها بوجه: انا محترمة غصب عنك مسمحلكش
رد هو بتهكم: محترمة جداً، على يدي يظهر انك نسيتي
صرخت هي بإندفاع: افهم اللي تفهمه ما يهمنيش.

ابتسم ببرود وقال قاصداً أثارت غضبها: فعلاً يمكن زمان كان نفسي أفهم لكن دلوقتي مبقاش يفرق معايا علشان الحمد لله ربنا عوضني وبكرة يبقي عندي قرطة عيال منها ومش هيبقي عندي وقت حتى افتكر اللي فات
كلماته طعنت بقلبها لكنها ألتزمت بكبريائها حتى لا تثير سخريته
وردت قاصدة غيظه ايضًا: أنا كمان ربنا عوضني بخلاصي منك.

وإن ولته ظهرها و همت بالخروج اختصر المسافة بينهم بخطوتان و جذبها بقوة من رسغها وأغلق باب مكتبه واسندها عليه واستند بكفيه عليه يحاصرها هادرًا من بين اسنانه بحدة: بتسمي بعدي عنك خلاص يا مي للدرجادي كنت تقيل على قلبك علشان تبرري لنفسك خيانتك معاه
اجابته هي بشراسة وغابات الزيتون خاصتها مشتعلة بالغضب: انا ماخنتكش وانت عارف ومتأكد من ده علشان اخلاقي متسمحليش بكده وربنا يعلم انه طول عمري بحترم غيبتك.

نظر لها نظرة عتاب طويلة بعدما استشعر صدق حديثها ولكن عقله اللعين لم يقتنع بعد ليتحدث أمام وجهها بعدما اقترب أكثر منها: انا استنيتك تدافعي عن نفسك و تثبتي ده بس انتِ كبريائك عاميكِ وانا اكتفيت ومبقاش عندي طاقة اتحمل.

لم تنتبه لحديثه بسبب انفاسه القريبة منها التي أصابتها بالقشعريرة وأرجفت قلبها فقد ايقنت أنها افتقدت قربه بشدة لترفع عيناها له وهي تجاهد كي تخفي تأثيره عليها وردت بنبرة خافتة: استنتني قد ايه؟، تفتكر مرور أيام على طلاقنا كان وقت كافي علشان تيأس مني وتبعتلي ورقتي، ويكون عندك الحق تخطب وتفكر تتجوز
رد هو بنبرة هامسة يشوبها الألم احزنتها: كان لازم اعمل كده علشان انسى جرحك ليا ولكرامتي.

زاغت نظراتها الغائمة لعينه وشعور الندم ينهش بها لتهمهم بضيق بعدما احتضنت وجهه بكفيها وقد رق قلبها: انا مكنش قصدي اجرحك وحاولت يومها افهمك انك ظلمتني بس انت معطتنيش فرصة واختفيت ولما رجعت فجأتني بموضوع جوازك من واحدة تانية حسيت وقتها اني ولا حاجة بالنسبالك وتقدر تستغنى عني بكل سهولة
كانت تتحدث بتقطع ودمعاتها المعاتبة تنساب بغزارة على وجنتها لتستأنف وهي تحاول ان تتمالك نفسها: بس انا مش هلومك.

رؤية دمعاتها قطع نياط قلبه وأسترسالها معه اشعره انها ليس ذاتها تلك المتعجرفة التي يتحكم كبريائها بها تلك مختلفة فهو يقسم ان طوال سنين زواجه منها لم يستشعر قط نبرتها تلك حتى نظراتها اليه اختلفت كثيرًا عما سبق وهنا تنهد بعمق ثم رفع ابهامه يمسح دمعاتها بحنان.

وظل يتمعن بها بطريقة جعلت القشعريرة تنتابها من جديد لتخبره بعيناها ما عجز لسانها عن التفوه به وبعد عدة دقائق من اشتباك نظراتهم العاشقة احتضن كفيها الذي تحاوط وجهه وانزلهم ببطئ شديد خلف ظهرها يقيد حركتها ثم مال برأسه عليها واخذ يمرر شفتيه على عنقها دون أن يلثمها بطريقة مثيرة للغاية أهلكتها، أغمض عينيه بتأثر حين دفن وجهه بخصلاتها يستنشق اريچها الأخاذ بإنتشاء وهمس بخفوت مهلك لقلبها: ريحتك لسه زي ماهية متغيرتش.

ابتلعت ريقها ببطئ شديد بعدما تعالت أنفاسها من تأثيره عليها وحمحت بتقطع: قولي انك منستنيش، ولسه بتحبني زي الأول
اجابها هو بصوت متحشرج بعدما ترك يدها و قبض على خصرها بتملك ويدفس وجهه أكثر بحنايا عنقها: عمري ماحبيت غيرك يا مي.

ابتسمت هي بسعادة مطلقة وهي تشعر أن دقات قلبها تتراقص لترفع يدها من جديد وتحتضن وجهه لترى عيناه وتقول بنبرة راجية: يبقي علشان خاطري لو لسه بتحبني بلاش موضوع جوازك ده انا مش هتحمل اشوف واحدة غيري معاك.

عند تفوهها بتلك الكلمات الراجية شعر هو بتسرعه وتماديه معها ولكن أصر على ملاحقة الموقف لصالحه ليتحدث بثقة بعدما سحب يدها من على وجهه وانزلها: مش معنى اني كنت بحبك يبقى اوقف حياتي عليكِ انا معنديش استعداد اتخلى عن نيرة علشان واحدة زيك عمرها ما عرفت يعني ايه حب ولا إخلاص
غامت عيناها من جديد ولكنها تمالكت نفسها ولم تشعره بتأثير كلماته القاسية عليها لتدفعه بكل ما أوتيت من قوة بعيد عنها.

وهدرت بتهكم وهي تكتف يدها على صدرها بعدما جففت وجهها و استردت كبريائها: انت عندك حق يا دكتور الحب مش كل حاجة مفروض بعد كلامك ده اسقف لجنابك واقولك شابوه ليك علشان عرفت تتخطاني مش كده
ابتسم ببرود مميت ورد بكل ثقة: انتِ اللي سمحتيلي اعمل كده...

هتفت هي بغيظ بعدما شعرت بتقصده جرحها من جديد: يبقى تسبني أخرج ميصحش كده وبعدين لازم تحترم غيبة زوجتك المستقبلية يا دكتور اللي اكيد هتكون مثالية في نظرك وتستحق الشرف العظيم ده لتستأنف بتهكم: سبني اخرج يا هاشم ولا تحب اقولك لتغير نبرة صوتها بميوعة قاصدة تقليد تلك الشقراء: يا شوووووومي...

جاهد بأن يخفي بسمته من غيرتها الواضحة وتصنع البرود وهو يبتعد عدة خطوات عن الباب بعدما قام بفتحه لها لتنصرف بعصبية من أمامه وتتركه يهيم بأفكاره وهو ينظر لآثارها.

بعد استيقاظها من النوم أرادت حقاً أن تعتذر له بعد ما حدث يوم أمس لتتناول هاتفها وتطلب رقمه وبعد عدة ثوانِ فتح الخط لتهمهم هي بحرج: الو
اجابها هو بنبرته المرحة المعتادة: معقول انا مش مصدق ان اخيرًا رقمك ظهر على شاشة تليفوني
معقول فدوة فضالي بنفسها بتكلمني
عقدت حاجبيها باستغراب من ردة فعله الغير متوقعة فهي ظنت أنه غاضب منها حتى كانت تراهن ذاتها انه لن يجيب على إتصالها.

وعندما طال صمتها هتف هو من جديد: روحتي فين يافدوة ياكسفتي شكلك طلبتي رقمي بالغلط ولا ايه؟
هااا انا معاك، لأ انا كنت...
عايزة، اعتذر لك عن...
قاطعها هو بجدية عكس طباعه وبنبرة مريحة: متقوليش حاجة يافدوة انا مش عايز اضغط عليكِ انا بعد ما سبتكم إمبارح عملت Search عن اسمه وعرفت الحكاية ويمكن ترجمت حاجات كتير كنت مستغربها وأولها كسرتك وضعفك اللي ملهمش مبرر.

أجابته هي بحسرة: بس الحكاية خلصت يا آسر ومن زمان بس هو مش قادر يستوعب ده انا مش ضعيفة يا آسر انا بس يأست بعد ماهو كسرني و ضيع فرحتي واقنعت نفسي أن ده سوء اختياري وكان لازم اتحمل توابعه
صدقيني يا فدوة الحياه مش بتوقف على حد انتِ لازم تستقلي بحياتك والبني ادم ده لازم توقفيه عند حده طالما انتِ بتقولي حكايته خلصت بالنسبالك
قالت فدوة بامتنان لدعمه لها: انت صديق جدع اوي يا آسر.

اي خدمة انتٍ تأمري ليضحكوا الاثنان معًا ويقول هو بإصرار: انا لازم اقابل صقر علشان اطمنه واشرح له كل حاجة بخصوص السفر
ياريت يا آسر انا هرتب مع صقر وأقولك
تمام خلي بالك من نفسك
حاضر مع السلامة
أغلقت معه وهي تشعر براحة غريبة فرغم طباع آسر المرحة والغير مبالية للعديد من الأمور إلا أنه يتمتع بطرق مبسطة ومختصرة لتشجيعها فهو محق بحديثه ربما آن الأوان أن تستقل بحياتها وتوقف ذلك النذل عند حده.

اما عنه لم يغمض عينيه لبرهة منذ ماحدث ظل طوال الليل يلتهم سجائره ويفكر في كافة الإحتمالات الواردة بشأن فعلتها وظل يتسأل من دفعها لذلك وحين اعتصر عقله
لم يحضر بذهنه أحد فهو ليس لديه أي خصوم ولكن مهلاً من المؤكد أن المحامي الخاص به سيعطيه المعلومات الكافية عن ذلك الدنيء.

و عندما جال بخاطره كلام حارس البناية الخاص بها رفض عقله بشدة ان يصدق انها بهذا السوء وعندما يأس من التفكير ظل يكسر ويطيح بكل شيء بغرفته بغضب جامح، إقتربت والدته باندفاع شديد إلى غرفته بعدما تناهى إلى مسامعها
الضجيج الذي يحدثه لتهدر بقوة وهي تطرق على الباب: ايه اللي بيحصل يا صقر افتح الباب
لعدة دقائق ظلت تناجيه لكن دون اجابة لتأتي فدوة ايضًا والقلق يغزو ملامحها وتتسائل: في ايه يا خالتو صقر ماله؟

نظرت لها هند شذراً واجابتها بتهكم: بطلي تعملي نفسك البريئة الى معملتش حاجة أكيد متعصب بعد ما اتكلمتي معاه كلامك البايخ لتستأنف بحنية لم تليق بها: اكيد يا حبيبي زعلان علشان كان فاكر انك هتصوني الجميل وعمرك ما هتخلفي قراراتي.

ظلت تفرك يدها بتوتر وهي تستمع لكلماتها القاسية ولكنها قد عزمت أمرها سابقًا ولن تدع لخالتها المجال مرة أخرى لرضخها لتهتف بشجاعة لأول مرة تتحلى بها: مستقبلي مش كلام بايخ يا خالتو وإذا كان على صقر انتِ عارفة ومتأكدة اني زي اخته ومكنش عنده اعتراض ابدًا على انفصالي عنه.

هدرت هند بعجرفة: انتِ فاكرة نفسك ايه فكراه بعد ما قولتيله مش عايزة اتجوزك يعمل ايه! يركع تحت رجلك ما أكيد لازم يوافق انا ابني راجل وعنده كرامة
لتستأنف باشمئزاز وهي تشملها من رأسها لأخمص قدميها: ياخسارة تربيتي فيكِ يا بنت اختي.

هزت فدوة رأسها بيأس من عدم تفهم خالتها لها ولا اتخاذها اعتبار لمشاعرها فهي تعلم ان خالتها ليست بذلك الخصم الهين لتطرق هند من جديد على باب الغرفة ولكن تلك المرة كانت بقوة أكبر وهي تصيح بنفاذ صبر: افتح الباب يا صقر وبلاش شغل المراهقين ده
أما عنه قد بلغ الغضب اقسى مراحله لدرجة انه يشعر ان برأسه بركان ثائر.

وحممه كفيلة بإحراق العالم أجمع ليصيح بصوت جهوري بعدما شعر بالحنق من طرقاتهم المتتالية: مش عايز اشوف حد سيبوني لوحدي
وحين وصل الى مسامعهم صياحه هتفت فدوة بهدوء: سيبيه يا خالتو يمكن محتاج يبقى لوحده هو شوية كده و هيروق ويطلع يحكلنا كان ماله
لتهدر هند بغيظ: ابني اخر مرة شوفته كده كان يوم موت ابوه انا متأكدة انك انتِ السبب اللي وصل ابني لكده.

قاطعهم فتح الباب بقوة وصوته الذي صدر بعصبية مفرطة بعدما ألتقط حديث والدته: كفايه بقى سيبيها في حالها هي مش سبب لحاجة بطلي ترمي كل حاجة عليها وتستغلي سذاجتها.

ظلت فدوة متسمرة بمكانها تطالعه بأمتنان فبالرغم من ذلك الغضب الذي يحتل ملامحه وحالته المزرية إلا انه أصر ان يدافع عنها ويكون سند لها مثلما يفعل دائمًا أما عن هند فهي شهقت بتفاجئ عند صراخه بها وعقبت على حديثه: انت بتتعصب عليا بسببها ما ده اللي ناقص كمان تخليك تعارض امك وتقف قصادها.

ليهتف هو بنفاذ صبر وهو يضم قبضة يده ويضربها بالحائط بجانبه بقوة أدمتها: امي متخرجنيش عن شعوري هي ملهاش علاقة بحاجة سيبيها في حالها وكفاية السنين اللي فرضتي عليها تحكماتك
لتهمهم هند بعدم رضا: انا مش هحاسبك دلوقتي علشان يظهر انك مش في واعيك
لتنصرف بخطوات غاضبة من امامه بينما هي اقتربت منه بحذر وهمهمت بقلق وهي تضع يدها على ذراعه: مالك ياصقر عامل في نفسك كده ليه؟

لم يعير حديثها أهمية ودلف من جديد لغرفته وارتمى على الفراش لتتبعه هي بخطوات حذرة بسبب الحطام الذي أحدثه وتجلس على طرف الفراش وهي تحاول ان تواسيه: صقر علشان خاطري قولي مالك متقلقنيش عليك هو انا السبب فعلاً زي ما قالت خالتو
هز رأسه بنفي وأضاف بعدما وضع ذراعه على عينه يخفيها: ملكيش علاقة يا فدوة وياريت تسيبيني لوحدي مش عايز اتكلم.

نهضت هي قاصدة أن تحترم رغبته وتتركه لحاله فهي تعلم انه لا يحب المراوغات لتهمهم قبل خروجها: لو احتاجت تتكلم انا موجودة زي زمان وهسمعك عن اذنك ياصقر
نظر هو لآثارها بضيق وحمحم بخفوت لم تلتقطه هي: ياريت كل حاجة ترجع زي زمان ومكنتش قابلتها ولا سمحتلها تلعب بيا كده.

في شركة العزازي وخاصةً في مكتب اكرم الذي اجتمع مع مدير الحسابات الخاص بالشركة وهو يحاول أن ينفذ أوامر صديقه بدقة متناهية عن البحث خلف المدعو حامد رئيس قسم التسويق الخاص بشركتهم قاصداً معرفة الدافع وراء تعينها وترشيحها للعمل مع صقر.

وبعد عدة ساعات من العمل الدقيق وضح مدير الحسابات بأسف: للأسف يا فندم في تلاعب كبير في الميزانيات والمشكلة ان كلها بطريقة غير مباشرة استاذ حامد اختلس مبالغ كبيرة جدًا وصعب التغاضي عنه أحنا لازم نبلغ وبأقصى سرعة.

أومأ له أكرم وقال بإصرار: اكيد هنبلغ اعمل انت اللازم خد الأجراء مع الشؤون القانونية وبلغ بالمستندات اللي معاك وقبل ما تعمل كده تسحب منه اللاب توب بتاعه أكيد هيفيدنا وهتلاقي عليه معلومات بس خلي بالك مش عايزه يشك في حاجة قبل ما تبلغ علشان ميحولش يهرب انا هروح لصقر مكتبه افهمه الوضع.

عقد مدير الحسابات حاجبيه واخبره: بس مستر صقر مجاش النهاردة وسمعت عم محمود الساعي بيقول أن المكتب بتاعه كان متبهدل الصبح والورق في كل حتة
شعر أكرم أن القلق غزى قلبه على صديقه ليستطرد قائلاً: انا هتصرف هروحله القصر ده مش عوايده ميجيش أكيد حاجة كبيرة حصلت
أومأ له الآخر لينسحب أكرم بتعجل قاصد الاطمئنان على صديقه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة