قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل الثامن عشر

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل الثامن عشر

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل الثامن عشر

تململت هي بانزعاج بعدما استمعت لصياح امها وهي تحثها على الاستيقاظ فلا تعلم ما أصابها فهي اصبحت عاشقة للنوم في الآونة الأخيرة وبكثرة. اعتدلت بتكاسل داخل فراشها وهي تشاهد والدتها تزيح الستائر عن الشرفة، لتهمهم بنعاس وهي تحجب الضوء عن عيناه بيدها: حرام عليكِ يا ماما النهاردة الجمعة يعني يوم اجازتي سيبيني أنام شوية كمان.

تنهدت هنية وقالت بصرامة: قومي يا مي وبطلي كسل انا مش عارفة هو انتِ مش بتشبعي نوم ولا ايه ده احنا بقينا العصر ويلا علشان عايزاكِ تساعديني وتعملي صنية بسبوسة حلوة كده ناكلها مع الشاي
أجابتها مي بتأفف: بسبوسة ايه بس يا ماما ورحمة بابا ما قادرة اصلب طولي و هموت وانام تاني
حايلتها هنية: يابنتي الله يهديكِ قومي علشان جيلنا ضيف ولازم نرحب بيه.

هزت رأسها بلا مبالاة وسحبت وسادتها من جديد ووضعتها على رأسها بعدما قالت بسأم: مليش فيه انا عايزة انام وبعدين هيكون مين اللي جاي يعني
هاشم
قالتها هنية وهي تنظر لها بترقب
لترمش هي بأهدابها بعدم تصديق ثم نهضت بسرعة متناهية من على الفراش وهي تهتف بتلهف بعدما مسكت كفوف والدتها: بجد يا ماما هاشم جاي النهاردة هو اللي قالك جاي يصالحني مش كده.

هزت هنية رأسها وقالت بأمل: لأ يا بنتي انا اللي عزمته و قولت تاخدو وتدو مع بعض في الكلام يمكن ربنا يهديكم وتريحو بالي
أطرقت مي رأسها بإحباط وهمهمت: ما إحنا بنشوف بعض في المستشفى وعلى طول بيتقصد يجرح فيا يعني ايه اللي هيتغير
حاولت هنية مواستها: معلش يا حبيبتي مسيره يرجع بس هو محتاج وقت يداوي كرامته اللي انتِ مرمطي بيها الأرض
ابتسمت مي وهمست بأمل: يارب ياماما.

لتشجعها هنية: طب يلا علشان تعمليلي البسبوسة اللي بيحبها و تلحقي تجهزي عايزاكِ تتشيكي على الأخر
أومأت لها مي وقبلتها من وجنتها وانطلقت الى المطبخ تعد الحلوى خاصته التي يعشقها.

عند وصول اكرم إلى قصر العزازي استقبلته هند وقصت عليه ما بدر من ابنها وبعد حديث مطول منها انسحب اكرم الى غرفة صديقه طرق عدة طرقات متتالية وعندما يأس من فتحه للباب هتف بنبرة جهورية: ياصقر افتح حصل مصايب في الشغل ولازم يكون عندك علم بيها، طب مش عايز المعلومات اللي طلبتها مني انا جبتلك الملف بتاعها زي ما قولتلي.

وحين تفوه بتلك الكلمات فتح صقر الباب بقوة وسحب من يده الملفات وظل يتفحصها ليهمهم أكرم متسأل بحذر بعدما شاهد الحطام الذي حل على الغرفة: نهار ابيض، انت دغدغت الجناح بتاعك يا مفتري ايه اللي حصل لكل ده
عاد صقر الى الداخل من جديد وجلس على طرف الفراش ليتبعه أكرم ويجلس بجانبه ويهمهم بقلق:
مالك يا صاحبي اول مرة اشوفك كده ايه اللي حصل يا صقر اتكلم.

التفت له وملامحه خالية من أي شئ سوى الحزن وهمهم بضيق: طلعت بتشتغلني يا أكرم وفي حد هو اللي بعتهالي تضحك عليا وزي ما اتوقعت تماماً الملف بتاعها متفبرك و حتى اسم ابوها مختلف يظهر أن اللي خطط لها خططلها صح
عقب أكرم بثقة: انا متأكد ان حامد رئيس قسم التسويق كان عنده علم لأن مستحيل حاجة زي دي تعدي من تحت ايده.

وخصوصاً بعد ما اكتشفنا أن ذمته واسعة ومختلس من الميزانيات بتاعة الترويج، انا كلفت مدير الحسابات هيتصرف ولما يتحقق معاه اكيد هيقول كل حاجة
زفر صقر بقوة بعدما نهض وولاه ظهره وهدر: لأ انا هعرف بطريقة تانية اسهل بكتير
ليتناول هاتفه ويطلب رقم المحامي الخاص به وعندما أتاه الرد تسائل بحزم: عملت ايه؟
عرفت لحضرتك كل المعلومات اللازمة اللي قدم بلاغ ضد عزت هو أكمل الصرفي.

عند تفوه المحامي الخاص به اسم أكمل شعر بوخز في صدره وظل يتسأل لمَ وما مصلحته ولكن عندما خطر بباله الماضي وقتها تيقن لغرضه ابتسم بعدم اتزان بعدما اغلق الخط وهو يلعن تحت انفاسه الغاضبة وسحب مفاتيحه وظل يخطو الى الخارج بخطوات قاسية غير مبالي بأن أكرم يتبعه وهو يهتف ويرجوه بالتمهل
يا صقر استنى قولي المحامي قالك ايه بلاش تتهور علشان خاطر ربنا اهدى.

لكن الآخر لم يلتفت له حتى واستمر في خطاه نحو سيارته وحين شرع بركوبها اندفع أكرم وجلس بجانبه هاتفًا: مش هسيبك لوحدك وانت كده
لينطلق صقر بسرعة فائقة نحو منزل ذلك اللعين وهو يتوعد له بالكثير.

انتهت هي من إعداد حلواه المفضلة واستعدت لاستقبال فقد ارتدت فستان زيتوني يشابه لون عيناها ورفعت خصلاتها على هيئة ذيل حصان بعدما تركت خصلاتان متمردين على وجهها مما زاد من جاذبيتها فقد أكتفت فقط بأحمر الشفاه الوردي الذي يروقه عليها...
تنفست بعمق بعدما أتاها رنين جرس الباب لتركض متلهفة وإن كادت أن تهم بفتحه استوقفتها والدتها
وأشارت لها أنها هي من ستستقبله لتقف مي خلف والدتها وتقوم هنية.

بفتحه بتريث ليقع نظر مي عليه
ببشاشته و نظراته الحنونة التي تركزت عليها حاملًا بيده باقة من الورود الرائعة، فظلت نظراتهم متشابكة لعدة ثواني حين أبتلع هو ريقه ببطء مميت بعدما رأى هيئتها التي تخطف الأنفاس وذلك الفستان الذي يقسم منحنياتها بشكل مهلك أثار اعصابه
لتهتف هنية مرحبة بعدما ألتقطت نظراتهم: اتفضل يا حبيبي البيت بيتك هو انت غريب.

تحمحم هو بعدما استعاد ثباته: هتفضل يا مرات عمي أكيد بس اصل، قاطعه صوتها وهي تهتف بميوعة: شوووومي كده تسبقني وتسبني اركن العربية لوحدي
اغمض عينيه بقوة من نبرتها الرفيعة الغير مستحبة بالنسبة له وهمهم قاصد تبرير الأمر: معلش يا مرات عمي بس نيرة صممت تيجي معايا علشان تتعرف عليكِ وخصوصاً النهاردة يوم اجازتي وكنت واعدها اتغدا معاها.

تنهدت هنية بضيق وأضافت بنبرة مجاملة باردة وهي تقيم نيرة بنظراتها: وماله يا أبني ده بيتك وضيوفك على راسي اتفضلوا
لتقول نيرة بنبرة مستفزة وهي تضغط على حروفها: ميرسي يا طنط.

أومأت هنية لها بوجه متهجم وإن التفتت وجدت مي متجمدة مكانها و تناظره بصدمة عارمة فهل إلى ذلك الحد لم يعد يهتم لمشاعرها ليجلبها معه قطع نظراتها هنية وهي تربت على ذراعها بحنان وتحثها بنظراتها أن تتماسك لتدفعها برفق أمامها وحين التفتت و ولته ظهرها لعن هو تحت أنفاسه بعدما شاهد فتحة فستانها الذي يكشف عن مساحة كبيرة من ظهرها فظل يدلك رقبته ببطء قاصد الهاء عقله عن افكاره العابثة التي انتشله منها صوت نيرة التي لاحظت توتره البائن: مالك يا شومي.

أومأ لها انه بخير ثم دفعها برفق لتسير معه إلى مائدة الطعام
وبعد عدة دقائق من جلوسهم تحاشت هي النظر له وظلت تعبث بطبقها بشرود دون أن تمسسه وان ساد الصمت
قالت هنية: يارب الأكل يعجبك يا حبيبي انا عملتلك كل الأكل اللي انت بتحبه ومي عملتلك صنية بسبوسة ملي قلبك يحبها
رد هاشم بامتنان: شكراً يا مرات عمي الأكل حلو اوي يسلم ايدك لينظر ل مي ويقول ببرود اتقنه: مكنش ليه لزوم تتعبي نفسك يا دكتورة.

ردت هي من بين أسنانها: مفيش تعب يا دكتور لو أي ضيف غيرك كنت هرحب بيه برضو أومأ لها ببرود وهو يصك أسنانه
لتنطق هنية وهي توجه حديثها ل نيرة قاصدة الهائهم عن المناقرة: مش بتاكلي ليه انتِ مدقوتيش غير السلطة اوعي يكون اكلي مش عاجبك
لتبرر نيرة بنبرة اثارت اشمئزاز مي التي كانت تطلق شرار من عيناها: Sorry.

يا طنط اصل انا عاملة Diet علشان انا مش بحب التخن خالص وشومي حبيبي كمان بيحبني سمبتيك وبعدين اكلك كله Calories كتير صعب أكل منه
زفرت مي بنفاذ صبر وهي تشعر أنها على وشك أن تنقض على تلك الشقراء اللعينة التي تتقصد غيظها وتفتك بها، ولكنها تماسكت بثبات مهترئ تتستر به على أوجاعها: سيبيها يا ماما براحتها اهم حاجة أنها تبقى سمبتيك وتعجب البيه إحنا برضو يهمنا مصلحته، اومال، مش ابن عمي الدكتور.

أومأت لها هنية بقلة حيلة فهي تعلم أن ابنتها تتدعي الثبات أمامه ولكن بداخلها تتمزق ارباً من رؤيته مع آخرى فياليتها لم تدعوه من الأساس.
لتعقب نيرة بميوعة وهي تتمسك بذراعه: ميرسي يا مي على تفهمك وروحك الرياضية بس شومي بيموت فيا من غير حاجة لترفع اناملها وتداعب وجنته بجرأة وتتسائل: مش كده يا شومي
ازاح يدها بعصبية وهدر وهو ينهض: انا شبعت عن اذنكم اغسل ايدي.

نظرت مي لآثاره بغيظ لتقول هنية موجهة حديثها ل نيرة قاصدة الهائها قليلًا: تعالي معايا نعمل الشاي ووريني شطارتك يا نيرة.

أومأت لها واتبعتها الى المطبخ بحماس أما عنها اندفعت بعصبية نحو المرحاض وهدرت بوجهه بغيظ: انت ايه البجاحة دي جايبها وجاي هنا ولا همك حد انت ايه معندكش احساس، اغلق الباب بسرعة حتى لا يستمع لهم أحد وقال بنبرة هادئة مبررًا: مكنش قصدي حاجة وبعدين هي اللي شبططت فيا ولو سمحتي وطي صوتك شوية
ابتسمت هي ساخرة وردت بشراسة متهكمة: اوطي صوتي ليه خايف منها؟

زفر بنفاذ صبر وعقب على صراخها: مي بلاش تعصبيني اسكتي احسنلك
لم تعير تحذيره أهمية واستأنفت متحدية: ولو مسكتش هتعمل ايه يا دكتور هاا
مع كل حرف كانت تنطق به كان يتتبعه بعيناه التي انحصرت عند شفاهها المطلية بلونه المفضل ليبتلع ريقه ببطء شديد يحاول جاهداً أن لا ينساق إلى أفكاره العابثة نحوها.

لتثور هي بلا إنقطاع كالقطر في إندفاعه: لأ والمفروض اصدق انك مظلوم وان هي يا حرام اللي شبططت فيك وانت بقى قولت وماله ميضرش لما احرق دم مي مش كده، اه ه ه ابتلع باقي حروفها بجوفه بعدما شعر انه كاد أن يفقد صوابه إن لم يفعلها فقد اقتنص فمها بقبلة هوجاء عوض بها حرمانه منها وبث بها اشتياقه لرحيقها فتلك هي الوسيلة الوحيدة الذي يستطيع أن يسكتها بها وغالباً تأتي نفعاً معها كما السابق و أما هي فكانت مثله الحنين والاشتياق قد غلبها فلم تقاوم بل تجاوبت معه ومدت يدها تخلل اناملها بين خصلاته، حين حاوط خصرها و رفعها برفق من الأرض لتعانق هي رقبته وتتعلق بها وهي مازالت تبادله بشغف ليسندها على المغسلة ويرفع ساقيها تحاوط خصره ثم نزل بتلثيماته الحارة على كافة عنقها ببطء شديد اهلكها وحين صدرت منها تلك الأنات الخافتة التي تدل على استمتاعها.

زئر هو برغبة جامحة وتناول فمها من جديد بنهم شديد وهو يشعر أنه بالنعيم ويحلق بها بعيدًا عن كل شيء أما عنها شعرت بأن روحها ردت لها من جديد وادركت أن رغبتها به تفوق قدرتها عن التحمل لتهمهم بتحشرج وأنفاس متقطعة من بين قبلاته المحمومة المأججة: ارجعلي، يا ها، شم، ردني، ردني، لعصمتك.

وعند تفوهها بتلك الكلمات جمد جسده ونظراته معًا ثم انتفض كالملسوع بعدما انزلها محمحمًا بتحشرج وبأنفاس متلاحقة: انا آسف معرفش عملت كده أزاي
اعتدلت ببطء ونظرت له بصدمة عارمة فقد فاجأها كثيرًا بردة فعله ألهذه الدرجة يأسف لتلامسهم من جديد ولا يقبل رجوعه لها لتهمس هي بتلعثم و بنبرة مرتعشة: يعني ايه آسف، اللي حصل ده مش معناه غير انك لسه بتحبني.

هدر هو بتسرع وبنبرة غاضبة من نفسه ومن تلك المشاعر التي اضعفت عزيمته نحوها: ايوة بحبك ومأنكرتش ده بس مش هينفع نرجع انا مش عارف انسى جرحك لكرامتي ولا اهانتك لرجولتي ده كفاية علاقتك مع الكلب اللي اسمه مازن واستغفالك ليا احمدي ربنا اني مقتلتكيش وقتها
همهمت هي بقهر ودمعاتها متحجرة: محصلش انا عمري ما استغفلتك انا طول عمري بحترمك وعمري ما سمحت لحد يتعدى حدوده معايا انا مش خاينة يا هاشم مش، خاينة صدقني.

حديثها لامس أوتار قلبه واستشعر صدقها لكن عقله اللعين أَبى أن ينصاع له فقد هز رأسه بعدم اقتناع وفتح صنبور المياه وغمر وجهه بالمياه الباردة لعلها تطفئ نيرانه وتساعده على رباط جأشه من جديد ثم فتح الباب بقوة واندفع إلى الخارج بعدما سحب نيرة من المطبخ وخرج بها خارج المنزل
لتنظر هي لآثارهم بقهر وتنتحب بقوة وهي تلعن غبائها الذي أوصلها الى هنا.

أما عنها تلك التي اضنتها الحياة ظلت ملازمة تلك الغرفة الصغيرة التي استأجرها لها داخل أحد الفنادق المغمورة بالبلد.

لم تفعل شيء قط سوى النحيب والتحسر على حياتها البأساء وظلت تتسأل هل ياتري وجد رسالتها هل ألتمس لها العذر هل ياترى لو كانت أخبرته عن قسوة طفولتها وعن استغلال ابيها لها بتلك الطرق المشينة كان تعاطف معها وتدارك الأمر، هزت رأسها بقوة مستنكرة أفكارها فهي تعلم أنها خسرته الى الأبد ف صقر الذي تعرفه لن يتهاون ابدًا ولكن ما أراح ضميرها قليلًا أنها أخبرته بشأن المخطط اللعين واخبرته ايضًا انها لن تستطيع ايذائه بخصوص العمل فكل المعلومات التي أعطتها لذلك اللعين أكمل كانت كاذبة فهي تعمدت تضليله لبعض الوقت، هي لم تتردد لثانية واحدة بفعل ذلك حتى أنها لم تخشى من عقاب أكمل فحبها ل صقر كان أكبر من مخاوفها فلم يهن عليها أن تضر من ملك قلبها وأمانها الوحيد بالحياة، و بالرغم من كل شيء كان لديها يقين قوي يخبرها أنها ستخسره لذلك أرادت أن لا يذكرها بسوء فيكفي انها ستحرم منه للأبد.

فقد اخبرته برسالتها وأقسمت له أنها لم تدعي حبها له ويشهد الله انها حقًا احبته بكل صدق. كفكفت دمعاتها بيدها وسحبت سترته من حقيبة ملابسها وظلت تستنشقها بلهفة قاصدة الشعور ببعض الأمان التي حرمت منه ولكن ما أثار حنقها هو أن رائحته ليست بتلك القوة كالسابق فعبيرها الفحاح قد استرقه الهواء ولن يتبقى منه شيء لتنتحب بقوة ويتعالى عويلها وهي تحتضنها و ينتابها تلك الرجفة المعتادة التي تنخر عظامها ولم تكن من الصقيع لا بل من.

دوافعها النفسية التي اكتسبتها في سنين شقائها.

ظل يبحث عن ذلك اللعين طوال اليوم دون جدوى، بحث عنه بكل مكان من الممكن تواجده به لكن لم يجد له أثر وعندما يأس وضع رجاله بكل مكان قد يمكن أن يذهب إليه.
تنهد بعمق بعدما توقف بسيارته أمام ذلك المكان الذي كان يعشقه سابقًا ويذكره بها وعندما جلس على مقعده المعتاد اتبعه أكرم الذي كان برفقته طوال رحلة بحثه ليهمهم أكرم: مش هتروح ترتاح يا صقر شكلك تعبان جداً انت حتى ما اكلتش ولا نمت من امبارح.

رمقه صقر بملامح فارغة خالية من كل شيء وظل يراقب تلاطم الأمواج العاتية شاردًا
ليستأنف أكرم: مكنتش اعرف انك حبيتها اوي كده
ابتسم هو ببهوت وقال بضيق من بين أنفاسه المختنقة: شايف الجزيرة الصغيرة دي يا أكرم
أومأ له أكرم بنعم حين نظر لمرمى عينه ليستأنف صقر: شايف الموج بيخبط فيها ازاي من كل ناحية بيحاول يغرقها بس هي ثابتة وعمرها ما اتهزت ومفيش حاجة قدرت تأثر فيها.

أهو أنا شبهها مفيش حاجة هتغرقني ولا تهد فيا وهفضل زي ما أنا صقر العزازي ليصمت لبرهة ثم يستكمل بنبرة مهزومة تقطر بالألم مخالفة لكل ما تفوه به وهو يتطلع لذلك الخاتم بيده التي اهدته اياه: بس ده ميمنعش اني مش هبطل افكر فيها ومش هبطل اتخيلها حوليا فكل مكان انا اللي مش قادر استوعبه هي أزاي مثلت عليا الحب كل ده علشان الفلوس للدرجادي استهونت بيا وبمشاعري ده انا كنت هتحدى الدنيا علشانها انا مترددتش ثانية أطلبها للجواز علشان مديش لنفسي مجال اتعدي حدودي معاها انا كنت هتجوزها يا أكرم علشان عمري ما حسيت اني مبسوط وبضحك من قلبي غير معاها.

كنت بحس بيها وهي بتنتفض فأيدي لما بلمسها ازاي عايزني أصدق أنها، هز رأسه بعدما استيعاب وهو يشعر أنه على حافة الجنون ثم هدر بهستيرية بعدما عجز عن التفوه بتلك الكلمة البذيئة: انا لازم ألاقيها يا أكرم مستحيل تنتهي كل حاجة بالسهولة دي مش انا اللي واحدة تضحك عليا وتلعب بيا هلاقيها ووقتها هحاسبها بطريقتي وأنا متأكد أن أكمل الزفت ده هو الوحيد اللي يعرف مكانها.

ربت أكرم على ساقه بمواساة قائلًا: إن شاء الله هتلاقيها يا صقر و متتسرعش بالحكم عليها يمكن كانت مضطرة
حانت منه بسمة هازئة وهدر بثقة: مفيش حاجة اسمها مضطرة
وحتى لو كانت كان المفروض تواجهني وأنا كنت هحميها وكنت هحاول ألتمس ليها الأعذار
همهم أكرم يحاول التخفيف عن صديقه: يمكن كانت خايفة منك يا صقر ما انت عارف طباعك صعبة.

هز رأسه بعدم اقتناع وهدر: متحاولش يا أكرم تواسيني وانت عارف طبعي ومش هغيره وهفضل اقولك بدل المرة الف مبحبش المبررات والأعذار الواهية
مط أكرم فمه وهتف: انا بس اللي هيجنني ومطير البرج اللي فاضل من دماغي هو ايه مصلحة أكمل من كده
استطرد صقر بثقة وهو يزفر انفاسه دفعة واحدة: انا عارف ليه، علشان يبعدني عن فدوة انا متأكد انه لسه بيحبها الغبي.

ليتسأل أكرم مستغربًا: معقول لسه بيحبها طب سابها ليه يوم الفرح؟ وبعد السنين دي كلها راجع يصلح الغلط بغلط اكبر منه طب ليه ايه اللي جد، ده أكيد مجنون
هز صقر رأسه بيأس وقال: الوحيد اللي يقدر يجاوبك هو أكمل نفسه
أومأ له أكرم بتفهم وظل صامت بجواره أما صقر شرد بحزن من جديد بكل ما حدث.

أما في ذلك المخزن المتطرف ذاته
ظل يصرخ مازن باستغاثة وهو يتلقى الضربات الموجعة من رجال أكمل الذي كان يجلس بالزاوية وعلى وجهه ابتسامة متشفيه يتذكر ما مر بينه وبين صديقه.
flash back
دلف إلى شقته بسأم وهو يطالع الظلام الدامس من حوله، مد يده على المكبس الخاص بالإنارة وهو يهدر بصياح في ذلك القابع في ركن الغرفة ويضع رأسه بين يده: هو انت هتفضل كده كتير قوم يا أخي احلق دقنك وخد دش وتعالى نخرج.

هز هاشم رأسه بلا ولم ينبس بشيء ليرجوه أكمل: طب على الاقل قوم كُل لقمة ده انت بقالك كذا يوم على الوضع الزفت ده
اجابه هاشم بضيق شديد: سيبني لوحدي
رد اكمل بإصرار: مش هسيبك غير لما ترجع هاشم اللي اعرفه
ليصرخ به هاشم: يظهر اني غلطت لما جيتلك كان مفروض بعد اللي حصل في الحفلة أقطع علاقتي بيك للأبد بس اعمل ايه مليش غيرك وطول عمرك اقرب حد ليا ولو كنت لوحدي كان زماني اتجننت أو موتت نفسي وخلصت.

حانت منه بسمة ساخرة ورد: باين عليك اتجننت تموت نفسك ليه علشانها دي متستهلكش
عقب هاشم بيأس وبصوت هستيري منفعل: عارف بس غصب عني، بحبها يا أكمل ونفسي اعرف عملت فيا ليه كده؟، فيه ايه هو احسن مني؟ رد عليا يا أكمل قولي هو احسن مني في ايه علشان تخوني معاه؟ هدر بجملته ودموعه منسابة بقلة حيلة وخزي من مشاعره.

اقترب منه أكمل وهو يربت على ذراعه بمواساة قائلًا: معتقدش انها خانتك مي بنت ناس ومتربية مستحيل تعمل كده هو تلقيهم كانوا بيتكلموا بس والزفت اللي اسمه مازن ده انا كنت عارف من فدوة زمان انه اتقدملها كذا مرة قبليك بس ابوها مرضاش علشان حس انه وصولي وطماع
ابتسم هاشم بعدم اتزان وعقب على حديث صديقه: يعني انت كمان كنت عارف أنها كانت تعرفه
حاول أكمل أن يجعله يغض الطرف عن أفكاره: هاشم فوق الكلام ده قديم صدقني.

نفى هاشم برأسه بعدم اقتناع و برر بنبرة متألمة: بقولك سمعته بيكلمها كان فاكرني هي وبيقولها انا بحبك وهستناكِ تخلصي من هاشم، وكمان اتفضل
ليرفع هاتفه أمام ناظريه: بيجيلي رسايل وصور ليهم من رقم برايت مش بيظهر.

قبض أكمل على منكبيه وهو يحسه على الصمود أكثر: اسمع قسم بالله لو مرجعتش لعقلك لأكون نازل فيك ضرب، انت هترجع لشغلك وهتثبتلها انك مش ضعيف من غيرها ولازم تحس انها مش فارقة معاك وانا عندي فكرة هتجيب مناخيرها الأرض أما بقى مازن ده انا متأكد ان كل ده من تخطيطه، انا هجبلك تاريخ حياته بس انت أصبر عليا اصل الشويتين دول يدخلو عليك انت علشان طيب لكن انا لأ، نكزه هاشم بذراعه وعقب: رغم انك جِبلة وعديم الإحساس بس صاحب جدع وانا ماليش غيرك.

ضحك أكمل بعبث وشاكسه: ايوة كده ارجع الحنين اللي اعرفه
رد هاشم معترض: تاني حنين طب غور بقى من وشي يا جبلة ليضربه هاشم بكتفه ويرد له أكمل الضربة مشاكسًا و بسمة ودودة صافية تنم عن محبة خالصة لصديقه تتراقص على فمه.
End flashback
افاق من شروده على صرخة آخرى ولكن اشد قد أصابته بطنين إذنه
ليهدر ساخراً بعد أن أشعل سيجاره: بتصرخي ليه يا بيضة شبه الحريم ليؤشر لرجاله أن يكفوا عن ضربه.

ويثبتوه بقوة من منكبيه بالأرض
رفع مازن عينه ل أكمل وقال بنبرة متألمة: انتم مين وعايزين ايه مني انا بقالي كتير محبوس هنا ومش فاهم حاجة
ضحك أكمل باستفزاز وهدر بحدة: انت اللي جيت لقضاك
صرخ مازن بهستيرية: انا هوديكم في داهية هي البلد سايبة ولا ايه انتم خطفني
عقب أكمل ساخرًا وهو يدهس سيجارته المشتعلة بكعب حذائه: يابيضة بتعرفي تودي في داهية ولا اعلمك، لأ اعلمك احسن.

ليجثو مقابل له ببسمته المعتادة ويقول متهكمًا أمام وجهه المدمي: رغم شغلك المشبوه بره وتعاونك مع مافيا تجارة الاعضاء والمخاطر اللي بتتعرض ليها إلا انك هتموت علشان سبب تافه جدًا ليضحك بعلو صوته ويضيف باستهزاء مستفز للغاية: تخيل تموت علشان بتحاول تشقط واحدة متجوزة
تسأل مازن بذهول وقد خبت انفاسه من شدة رهبته: انت جبت الكلام ده منين؟

رد أكمل بكل ثقة: انا عرفت عنك كل حاجة من يوم متولدت وكنت بلبوص ونصيحة مني بلاش تتعبني وتلف وتدور ولا تحب نقول لمراتك الأمريكية وبنتك على و
ابتلع مازن ريقه بخوف وقال بنبرة مرتجفة: والمطلوب ايه؟
دنى منه أكمل أكثر وهو يربت على وجنته بقوة هادرًا: تعجبني، عايزك تحكيلي من ساعة ما رجعت عن مطاردتك ل مي الجارحي.

أومأ له بالموافقة ليخرج أكمل هاتفه ويقوم بإعطائه لأحد رجاله ليسجل اعترافه وبعد وقت قليل وبعد أنتهاء تسجيله تناول هاتفه ووضعه بجيب سترته وقال بتهكم: طلعت مش سهل انت يعني كنت بتراقب بيتها وكنت عارف ان هاشم عندها لما اتكلمت في التليفون وكنت متأكد أنه هو مش هي اللي هيرد عليك لأ صايع وكمان كنت انت اللي بتبعتله الصور والرسايل بعد ما تفبركها.

أقر مازن بحقد: اه عملت كل ده وكان عندي استعداد اعمل اكتر بس اخرب بيتها واكسر مناخيرها اللي في السما
توعد أكمل له بغيظ: ايه البجاحة دي يا بيضة طب وحياة امك لتتنفخي علشان الكلمتين دول
هدر مازن بذعر وهو يتلوى يحاول التملص من قبضتهم: متقدرش، سيبني امشي
ضحك أكمل ساخراً و أضاف بمكر: لا يابيضة انتِ هتفضلي منورانا لغاية يوم سفرك ورجالتي بنفسهم هيوصلوك للمطار ليؤشر لرجاله بأستئناف ضربهم.

ليأتيه صيحاته المتألمة من جديد
ليبتسم بأنتصار بعدما ألتفت ليغادر ويقول متشفيًا: كمان يا بيضة صرخي زي الحريم علشان مسمعتش
وإن خطى بضع خطوات للخارج تناول هاتفه الذي لم يكف عن الرنين منذ وقت طويل و أجاب بسأم لأحد رجاله: في ايه يا جاسم مبتفصلش ليه ايه اللي حصل؟
آسف يا أكمل بيه بس صقر العزازي بيدور عليك وشكله مش ناوي على خير ده حتى سايب رجالته في كل مكان علشان يبلغوه بوصولك.

ابتسم أكمل بمكر وهدر: وماله خليه يلف حولين نفسه لغاية بكرة وساعتها انا هروحله برجلي لغاية عنده علشان أبشره
ليغلق الخط ويعتلي ثغره بسمة متشفية كونه على بعد خطوات من تحقيق غايته التي كان الدافع الأوحد لها هو شيطانه الارعن الذي اغشى على بصيرته.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة