قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل التاسع عشر

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل التاسع عشر

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل التاسع عشر

استعد للذهاب الى عمله لعله يلهي ذهنه عن التفكير فيما حدث فرغم حطام قلبه إلا أنه أصر على التماسك حتى لا يثير سخرية من حوله وعندما انتهى من ارتداء ملابسه تناهى الى مسامعه طرقات خافتة على باب غرفته، وحين أذن للطارق بالدخول تقدمت فدوة منه وعلى ثغرها ابتسامة هادئة قائلة بنبرة مترقبة: صباح الخير يا صقر
ممكن اتكلم معاك؟

أومأ لها وهو يرتدي سترته ويهندم من هيئته أمام المرآة لتهمهم هي: انت احسن دلوقتي امبارح كانت حالتك صعبة اوي وخوفت عليك
اجابها بإقتضاب: انا كويس يا فدوة متقلقيش
لتتسأل بحذر: مش هتحكيلي كان مالك وايه اللي عصبك اوي كده وخرجك عن شعورك
تنهد بعمق وجلس بجانبها على الأريكة التي تتوسط الغرفة وقال في ضيق: كنت مضايق وخلاص.

رتبت هي على ساقه وقالت بخفة قاصدة التخفيف عنه: انا متأكدة ان اللي انت فيه ده وراه واحدة و واحدة زي القمر كمان بيتهيألي انا عارفاها
البنت اللي كانت في المكتب مش كده اللي كان اسمها فتون صح...
زفر بضيق بعدما شعر بأن خنجر مسموم انغرس بقلبه عند سماعه اسمها وقال يدعي الثبات: الحكاية خلصت قبل ما تبتدي يا فدوة اتغشيت فيها بس انتِ عارفاني مفيش حاجة هتأثر عليا.

رمشت عدة مرات بتفكير ثم قالت وهي تربت على يده: أزاي اتغشيت فيها يا صقر دي كان باين من نظراتها انها بتحبك انا فهمتها اول ماشوفتها صدقني، إحنا بنات ونفهم حركات بعض
وضح هو بعصبية: كل ده كان تمثيل علشان تلعب بيا
أنكمشت معالمها وتسألت من جديد: طب وايه مصلحتها بس
أجابها هو يشعر انه على حافة الجنون: مش عارف في شكوك كتير جوايا وخايف تطلع صح بس اللي اعرفه أن أكمل الصرفي عنده إجابة لكل اسئلتي.

انقبض قلبها حين ذكر أسمه لتردد بتلعثم وبعيون زائغة: أكمل، ايه علاقته؟
رد صقر بثقة نابعة من يقينه القوي: هو اللي بعتها ليا ومتسأليش عن السبب علشان انا وانتِ عارفين كويس
غامت عيناها وهمهمت وهي تشعر أن كل ما حولها يدور بها بعدما تفهمت الى ماذا يرمي بحديثه: قصدك انا السبب مش كده علشان يبعدك عني.

أومأ لها بضيق ثم نهض عازم الخروج ولكن قبل أن يلتفت يقول لها بنبرة صارمة غير قابلة للنقاش: عايزك تحطي في دماغك ان لو أكمل ده أخر راجل على وش الأرض مستحيل هتبقي ليه من تاني ليستأنف بتهكم تقصده: واظن ده رأيك كمان وده نفس الكلام اللي قولتهولي قبل كده ولا انتِ عندك رأي تاني
أومأت له بضعف نافية بعدما انسلتت دمعة خائنة من عيناها ولا تعلم سبب لها.

ليستأنف هو: انا سألت عن آسر واتأكدت من المعلومات اللي انتِ عطيتهالي عنه وعن دار الأزياء بتاعته اللي في باريس انا معنديش مانع تسافري في أقرب وقت وتشوفي مستقبلك وتبدأي من جديد الحياة اللي انتِ اخترتيها بإرادتك وإذا كان على امي انا هقنعها بنفسي
ردت هي بثبات زائف: شكراً يا صقر على احترامك لرغبتي أنا اصلًا كنت جاية اقولك ان آسر عايز يقابلك ويشرحلك كل اللي حابب تعرفه بس الحمد لله انك اقتنعت لوحدك.

أومأ لها بتفهم وإن كاد ان يخطو خارج الغرفة باغتته بسؤالها
الذي صدر منها دون ارادة ولا تفكير: انت ناوي تأذيه
التفت لها برأسه وقال بحزم: متسأليش ومبقاش يهمك وياريت تفكري في حياتك الجديدة وبس
أومأت له ببسمة باهتة اغتصبتها على ثغرها لينصرف هو وتركها خلفه تتمسك بالقلادة التي تحاوط عنقها بقوة وهي تشعر بأنقباض قلبها وان شيء سيء سيحدث.

أما عنها تلك التي اطاح بها كبريائها مر عليها الليل بصعوبة بالغة فهي ظلت تتذكر كل ما بدر منه بحقها فقد تمادى كثيرًا وبعد ما حدث بينهما ليلة أمس وأسفه الكارثي لها أدركت أنها خضعت له وقللت من شأنها فما فعلت هي لكل ذلك حتى يرفض إرجاعها لعصمته هي لم ترتكب أي ذنب بحقه نعم هي كانت ناقمة سابقًا لحبه لها واعترفت أنها كانت مخطئة لكنها لم تخن ثقته بها قط، تنهدت بضيق بعدما عزمت أمرها أن تسترد ولو قليلًا من كرامتها التي أهدرها لتتناول هاتفها وطلبت رقم ابن صديق والدها الراحل لمساعدتها.

ظل يلتهم سجائره بشراهة وهو يجلس على مقعده داخل شركته ويتطلع الى الواجهة الزجاجية بشرود تام بعدما استعاد جموده من جديد، فكان يأمل أن يجد ذلك اللعين ليقتص منه ولكن منذ ليلة أمس لم يعثر له على أي أثر.
قطع شروده إندفاع أكرم بقوة اليه وملامحه لاتفسر ليلقي ملف أمامه ويردف قائلاً: زي ما توقعت ياصقر
عقد حاجبيه باهتمام يحثه على الحديث: أتكلم في اخبار عن أكمل؟

هز أكرم رأسه بنفي واسترسل بضيق: لأ، بس جالي Fax من المستثمرين الأجانب بيقول اننا خسرنا Deal
وان فهد المجري هو اللي خده
ليستأنف أكرم بشك: انا متأكد ان الموضوع ده في تلاعب لأن طول عمرنا مخسرناش حاجة زي دي علشان عروضنا أقل من كل السوق وفي احتمال كبير يكون العرض اتسرب لفهد، أغمض عينيه بغضب جامح بعدما تأكدت ظنونه من أنها هي من سربت عرضه لأن لا أحد كان يرافقه غيرها ضم قبضته بقوة حتى نفرت عروق يده.

ليهدر أكرم بتسأل: مين غيري انا وانت كان عارف بالعرض اللي قدمته للمستثمرين
لاذ صقر بالصمت بعدما سكن الجحيم عيناه وشرد في الفراغ ولم يجيبه
ليكرر أكرم: رد عليا ياصقر مين يقدر يعمل كده من وراك
زئر بغضب وأخذ يمرر يده على ذقنه وقال بعصبية مفرطة: هي، فتون يا أكرم
استنتج اكرم: فتون، يعني د كان غرضها من الأول تأذيك في شغلك.

حانت منه بسمة هازئة وهو يتمتم بعدم اتزان وبعيون فارغة من كل شيء عدا الصدمة: تخيل انا كنت مغفل قد ايه وعرفت تضحك عليا
هز أكرم رأسه بعدم استيعاب وقال: انا مش فاهم حاجة لو أكمل هو اللي
زق فتون ايه علاقة فهد بالندل ده
اجابه صقر بِفطنة: لو أكمل قاصد يأذيني يبقى مش هيلاقي احسن من فهد المجري خصم ليا علشان يتفق معاه عليا.

تأفف اكرم وهتف بأنفعال: نفسي اعرف عمل كده ليه الندل ده و ازاي هانت عليه العِشرة ده انتم كنتم اكتر من اخوات قبل عملته السودا واللي مستغربه أزاي استغل فتون علشان تعمل كده
شعر صقر باندفاع الدماء برأسه وانه على وشك الاختناق من شدة الغضب ليحل رابطة عنقه بأهمال ويغمغم قائلًا: مش عارف بس اللي اعرفه اني لازم ألاقيها
متتعبش نفسك وتدور عليها، انا عارف مكانها
قاطعهم هو بشماتة.

ونبرة تشع بالحقد بعدما دخل غرفة مكتبه لتوه واستمع لحديثه مما جعل صقر يصرخ بأنفعال وهو يهب من مقعده: يا بجاحتك يا اخي جايلي برجليك ومش همك؟
ابتسم أكمل باستفزاز وجلس ببرود على المقعد وهو يرمقه بتشفي وهتف: وانت عايزني اخاف ليه وانا منتصر عليك انا نفذت اللي كنت بقالي سنين بخططله
انقض عليه صقر ورفعه لمستواه من حاشية ملابسه بقوة وناوله لكمة عاتية نزف على آثارها صارخًا به بغضب جامح:.

يا جبان عملت كده ليه أكيد مش علشان فدوة بس انت قصدت تخسرني شغلي؟
ليحيل أكرم بينهم يحاول تهدئة الأوضاع ويهتف: اهدي يا صقر خلينا نفهم منه
ليوجه سؤاله ل أكمل: ليه يا أكمل عايز تأذيه؟
نفض يده بقوة وهو يبتسم باستفزاز أثار غضب الآخر وخاصًة عندما قال بوعيد: هو انت لسه شوفت حاجة ده لسه التقيل قدام انا بس حبيت اجي ابشرك قبل ما البوليس يجي ويقبض عليك
عقد صقر حاجبيه ونكزه بقوة في صدره وهدر: تقصد ايه؟

حانت من أكمل بسمة ساخرة وهو يتمسك بصدره وأجابه بغل: يعني شُحنة المعدات اللي هتوصل النهاردة
متبلغ عنها أن جواها مخدرات و هيجو يقبضوا عليك في أي وقت بتهمة التهريب
تجهمت معالم صقر مستغربًا ما تفوه به وتسائل بصوت جهوري منفعل: شحنة ايه ومعدات ايه اللي هتوصل النهاردة اللي بتتكلم عنها
ليخمن أكرم وهو يحيل بينهم ويمنع قتالهم الوشيك: يمكن يقصد الشحنة اللي انا استلمتها من يومين وودتها المخازن.

ضحك صقر ضحكة ذات مغزى بعدما رمقه باستخفاف وعقب: معلوماتك مش مظبوطة يا أكمل يظهر في حد اشتغلك
جز أكمل نواجذه بقوة وهدر من بين اسنانه: يا بنت ال، وحياة ابوكِ ما هسيبك
ليبتسم باستفزاز ويستانف بغيظ: شكلها حبيبة قلبك مهانش عليها تأذيك وادتني معلومات غلط بس هتروح مني فين...
حين استمع لحديثه تلاشت تعابير وجهه وتهدجت انفاسه وعقله صرخ به يحاول أن يفسر حديث ذلك اللعين.

ليستأنف أكمل بعدما انتابه ضحكات هستيرية و تمتم هازئاً منه بعدما شاهد وقع حديثه عليه، فقد خطط لكل شيء وتجنب كل الاحتمالات الواردة بشأن فشل مخططه ويبدو أن مازال الكثير في جعبته: بس يا خسارة حبيبت القلب طلعت شمال وايه أقصى الشمال كمان جبتها ليك بعد ما شبعت منها ورملتها شوية فلوس وخليتها تلعب عليك، لكمة قوية آخرى صدرت من يد صقر بعدما تفاقم غضبه أطاحت بالآخر ارضًا ليهدر من بين اسنانه بغضب جامح وبصوت يرتعد له الأبدان بعدما اعتلاه وقبض على تلابيبه:.

كداب، كداب
رمقه أكمل بغل و رد و هو يحاول أن يلتقط انفاسه: لأ مش كداب انا قولتلك قبل كده انك بتحب تاخد فضلت غيرك بس انت غبي ومفهمتش وعلى العموم لو عايز تتأكد انا بعتلك عنوان على تليفونك هتلاقيها هناك دلوقتي
صرخ أكرم به يحاول كبحه وتخليص الآخر من براثنه: متخلهوش يستفزك يا صقر هتموته في ايدك سيبه ده ميستهلش، سيبه يا صقر
هز صقر رأسه بعدم اقتناع وأخذ.

يكيل له عدة لكمات آخري بقوة أكبر هادرًا بنبرة نارية: ليه، ليه رد عليا عملت كده ليه ده انا عمري ما اذيتك
جاهد أن يلتقط أنفاسه اثر لكمات الآخر له وقال بحرقة وهو يرفسه ويبعده عنه بعدما ناوله هو ايضًا لكمة عنيفة اطاحته: علشان أمل فاكرها ولا، لأ ليمسكه من حاشية ملابسه بقوة ويستأنف بحسرة: انت كنت سبب في كل اللي حصلها.

نفضه صقر عنه واعتدل بعصبيه هادرًا بقوة: انا مليش دعوة أمل كانت زى اختي وعمري ما فكرت أأذيها
ابتسم أكمل ساخراً بعدما تحامل على نفسه و نهض يطفر بأسبابه اللعينة: هي قالت أنها كانت بتحبك وقالت أن انت الوحيد اللي يقدر يستر عليها بعد ما غلطت وفرطت في نفسها وعلشان كده انتحرت، هي كتبت كده في مذكراتها أنها هتموت نفسها بسببك لو متصرفتش.

رد صقر بنبرة قوية هزت الأرجاء: انا عمر ما كان بيني وبينها أي حاجة واللي حصل مليش دخل بيه افهم متخليش الحقد اللي جواك يعميك عن الحقيقة
ظل يتناوب النظرات بينهم بضيق يحاول أن يكبحهم عن ثورتهم ولكن يكفي صمت الى هنا ليصيح أكرم موجه حديثه ل أكمل: أختك منتحرتش يا أكمل
قاطعه صقر بحزم: أخرس يا أكرم متفتحش في القديم.

رد أكرم بإصرار: لأ لازم يعرف انا عارف انك وعدت فايزة مامت أكمل إن سر أمل هيموت معاها لكن انا موعدتش حد ومش هسكت واستنى لما واحد فيكم يموت التاني
عقد أكمل حاجبيه بعد استيعاب وقال وهو يوجه حديثه ل أكرم: انت بتخرف تقول ايه؟

ليصرخ صقر بنبرة نارية مشتعلة تقطر بالوعيد: انا ميهمنيش كل ده ومش مضطر ابرأ نفسي قدامك بس اقسم بالله كل اللي عملته ما هعديهولك يا أكمل ولو طلعت بتكدب عليا لهموتك بأيدي ومش هيهمني حاجة لينسحب بخطوات غاضبة بعدما سحب هاتفه ومفاتيح سيارته.

تبادلوا النظرات بينهم بعد خروجه ليعاتبه أكرم: ارتحت لما كسرته ده محدش وقف جنب اختك زيه ليستأنف وهو يقذف بوجهه الحقيقة التي ستكون كفيلة تشعره بالذنب طيلة حياته: اختك اتلمت على شلة فاسدة وغلطت مع واحد فيهم وكانت بعد سفرك لوحدها محدش بيرعاها حتى امك كانت على طول مشغولة ومش فاضية ليها انت فهمت غلط هي حبت صقر زي اخوها لأنه كان بيحاول يعوضها عن غيبتك عنهاوحاول كتير يجبر أهل الولد اللي غلط معاها يجوزهاله بس الولد اهله سفروه بعد ما حسو ان صقر مش هيسكت، اختك الفترة دي كانت مكتئبة و مش مظبوطة لغاية ما صقر عرف بالصدفة انها بتاخد cocaine وحاول كتير يساعدها ده وصلت بيه انه خدها المصحة بعد ما كتفها بالغصب علشان يعالجها بس هي في كل مرة كانت بتهرب وهو كان بيرجعها لغاية المرة الأخيرة أخدت جرعة كبيرة وكانت هي السبب في موتها، امك اترجيته علشان ما يقولكش ويخفي السر علشان تحافظ على سمعتكم وشكلكم قدام الناس وهو قدر ده وعمره ما حاول يقولك، حتى لما كنت ندل وسبت فدوة عمره ما سألك ولا عتب عليك هو ميستهلش منك كل ده.

كان أكمل يستمع له وقلبه يعتصر من الندم فقد ارتمي على أقرب مقعد بتهاون وكأنه يحمل على كاهله أعباء العالم اجمع وتمتم بعدم اتزان وعيون غائمة: يعني انا كنت طول السنين دي
ظالمه، وكل الأذية اللي اذيتهاله كانت غباء مني، وفدوة، لينفي برأسه وكأن عقله مازال يرفض الاستيعاب: انا سيبت فدوة علشان اوجع قلبه زى ما وجعني يعني انا كنت غلطان انا مش قادر اصدق انا حاسس أن عقلي اتشل ومش قادر افكر ولا استوعب.

أجابه أكرم بثقة: انت عارف بعد اللي انت عملتة ده صقر ممكن يعمل فيك ايه صقر عمره ما هيغفرلك وإذا كان على فدوة بقى فيه ما بينكم سد منيع عمرك ما هتعرف تتخطاه
ليستأنف بحسرة قاصد إيلامه: يا خسارة يا أكمل كان نفسي نرجع زي زمان يا صاحبي بس انت هديت كل جسور الرجعة وطلعت قليل الأصل
ليرمقه بتخاذل وانصرف وهو يلعن غباء صديقه وحقده الذي اعمي عينه.

ليتطلع أكمل لآثاره وهو يشعر بالعار من نفسه لينهض بتهاون عازم مواجهة والدته ليتأكد من كل شيء.

أما عنها وصلت إلى وجهتها لذلك العنوان المذكور بالورقة التي أعطاها لها أكمل في الوقت المحدد تنهدت بعمق وهي تطرق على باب الشقة واستندت برأسها عليه بهوان فكانت شاحبة كالموتى وعيونها غائرة من كثرة البكاء أما عن قلبها فهي تشعر انه يعتصر من الألم ولكنها كانت تواسي نفسها أن تتماسك ظناً منها ان لم يتبقى الكثير للخلاص من تهديده والخنوع له.

تأففت وهي تطرق من جديد على باب الشقة وتنتظر فتحه لها لتهمهم بخفوت لنفسها: هو ايه لازمة اجي هنا مكان عطاهم ليا لما شوفته، قلبي مش مطمن ربنا يستر لتناجي ربها بتوسل: يارب خلصني من الكابوس ده على خير انا تعبت اوي ونفسي أرتاح ليقطع مناجتها
فتح الباب واستقبال الخادمة بترحاب لها ثم أجلستها وأخبرتها أن رب عملها سيوافيها بعد دقائق أومأت لها بتفهم وهي تجول المكان بتوجس وبعد مرور عدة دقائق.

اتسعت عيناها وأنتفضت بذعر بعدما طالعته يتقدم منها عاري الصدر وعلى محياه ابتسامة خبيثة ذات مغزى
لتهدر بتلعثم: انت بتعمل ايه هنا؟
ابتسم فهد بسماجة و رد متهكمًا: دة بيتي يا قطة وانتِ جيتي برجليكِ لعندي
زاغت نظراتها وهي تحاول ان تهدئ من روعها وتمتمت: يظهر اني غلطت في الشقة
وإن همت بالركض للخارج تمسك برسغها بقوة وهدر بغلظة: انتِ فاكرة دخول الحمام زي خروجه انتِ مغلطيش ده نفس العنوان اللي ادهولك أكمل الصرفي.

عقدت حاجبيها وهي تحاول التملص من يده وقالت بعدم تصديق: قصدك أن أكمل باعني ليك!
هز رأسه يؤيد حديثها وهو يشملها بوقاحة وبطريقة مقززة أثارت اشمئزازها
لتصرخ به وهو يشدد أكثر على ذراعها ويحاول التودد لها: ابعد عني احسنلك انا مش كده
رفع حاجبه بنزق وأضاف بسماجة وهو يسحب باليد الأخري الجريدة من على الطاولة القريبة منه هاتفًا: عليا انا اومال لو مكنش صورك انتِ والمحروس مالية الجرايد كنتِ عملتي ايه!

شهقت بصدمة وهو يرفع أمام عيناها الجريدة لتري صور لها مع صقر اثناء تواجدهم باليخت ويعلوها عنوان عريض
( فضيحة رجل الأعمال مع بائعة الهوى)
ليعقب فهد بلؤم بعدما شاهد صدمتها: بطلي يابت الشويتين دول مش عليا وبعدين هبسطك وهديكِ فلوس مكنتيش تحلمي بيها بس انتِ ريحيني واسمعي الكلام.

دفعته هي بقوة من منكبيه تحاول أن تتملص من قبضته لكن هو كسد منيع بالنسبة لها ظلت تقاوم بشراسة حتى أنها غرست أظافرها بوجهه واحدثت جروح نزف على آثارها، لعنها هو بغيظ و صفعها بقوة ثم أنحنى بظهره وحملها كالجعبه على كتفه وتوجه بها الى غرفة النوم خاصته لترفسه هي بكل قوتها وتضربه بيدها دون انقطاع وهي تتوسل له: بلاش، سيبني ابوس ايدك
بلاش معنديش غير شرفي.

ليهتف هو ساخراً وهو يشدد أكثر عليها: شرف ايه يا أم شرف عليا برضو لتصرخ هي بحرقة بعدما ألقاها على الفراش و تحاول أن تتملص من جديد ولكنه كان أدهى منها وقيد حركتها بعنف وقام بتمزيق بلوزتها وان كاد أن يستكمل دنائته تعالى صراخها واستجمعت كل قوتها ودفعته بعدما غرست أسنانها بقوة واخترقت لحم ذراعه.

تلوى من الألم وسبها بألفاظ نابية ولكنه لم يفلتها حتى يحقق ما سعى إليه لتزحف هي بصعوبة و تمد يدها لتلك الازة القريبة منها الموضوعة على الكومود وتخبطه بها على رأسه ليتأوه هو بقوة وتخور قواه لتزيحه عنها بصعوبة بالغة.

تزامنًا مع طرق صقر الباب بقوة لكن دون جدوى وإن كاد أن ينصرف استمع لصراخ يأتي من الداخل تأكل القلق قلبه ثم قام بدفع الباب بكتفه بقوة عاتية عدة مرات متتالية حتى قام بكسره ليركض يتبع الصراخ وإذا به يتسمر مشدوهاً مما وقعت عينه عليه.

حاولت هي أن تعتدل بتعب أثر مقاومة ذلك الدنيء وإن استقامت رأت صقر يقف أمامها، تجمدت اوصالها وتعالت انفاسها بذعر وهي تنظر لجحيم عينه وملامحه التي تشع بالغضب ولا تبشر بالخير حاولت جاهدة أن تخرج صوتها لتدافع عن ذاتها
لكن هو ظل ثابت يتناوب بينهم النظرات بصدمة عارمة وان همهمت هي بأسمه بتقطع: ص، ق، ر.

تفاقمت ثورته و اندفع الدماء برأسه لينقض عليها ويرفع يده ويصفعها عدة صفعات دون رحمة وكأن ستار أسود حالك يغمي عينه عن كل ما حوله عداها هي...
لتأن متألمة وتخبو أنفاسها ولكنه كان غير عابئ بها حتى انه لم يعطيها فرصة لتدافع عن ذاتها، في تلك الأثناء كان فهد تمالك نفسه وقام يحاول أن يكبحه عنها وهو يتعلق به هادرًا بلؤم: انت ازاي تتهجم على بيتي كده وازاي تمد ايدك على الحتة الشمال بتاعتي اوعى ايدك عنها.

دفعها بقوة على الفراش والتفت لذلك البغيض الذي أثار حديثة غضبه وبشدة: خايف عليها مش كده؟
أجابه فهد بمغزى وبنبرة متشفية: طبعًا لازم اخاف عليها اصلها بصراحة الوحيدة اللي بتكيفني.

أغمض عينيه بقوة وتعالت أنفاسه بغضب قاتل ثم كور قبضة يده حتى نفرت عروقه وقام بلكمة بقوة على فمه اللعين الذي تفوه بتلك الكلمات الطاعنة التي نخرت ضلوعه، سقط الآخر على الأرض ثم بصق الدماء من فمه ليركل صقر جسده عدة ركلات وهو يزئر بغضب قاتل رج الأجواء: كنت ملاحظ نظراتكم لبعض بس كدبت نفسي ياواطي كان لازم اعرف انكم كلكم ألعن من بعض بس وحياة امي لهدفعكم كلكم الثمن بس بطريقتي ولو فاكر الصفقة اللي خدتها دي تفرق معايا تبقى غلطان وإذا كان على الرخيصة دي فهي متلزمنيش.

لينهض عنه بعدما بصق عليه وتوجه لها ليجدها تنتفض وتحاوط رأسها و نحيبها يتعالى بدون انقطاع
حانت منه بسمة هازئة على انهيارها الواهي بالنسبة له
بعدما نزل لمستوى جلستها وقبض على خصلاتها بعنف قائلًا بغضب قاتل أمام وجهها: كان نفسي يطلع أكمل كداب بس للأسف طلعتي واحدة حقيرة ورخيصة.

نفضها عنه بتقزز واستقام بوقفته، لتصرخ هي و تهز رأسها بنفي ودموعها تنساب بغزارة بعدما انزلقت من على الفراش وتمسكت بساقه بنحيب وبنبرة تقطع نياط القلب راجية: لأ، لأ، اسمعني صقر، صقر، مظلومة واللهِ، صقر، مظلومة أكمل هو اللي، لم يدعها تستأنف رجائها بل رفسها بقوة.

وغادر دون أن يعير أهتمام لحرف واحد مما تفوهت به فلم يكترث لنحيبها وصراخها فقد أعماه غضبه لدرجة أنه يشعر ان بداخله نيران تتآكله وكفيلة بإحراق الاخضر واليابس لتركض هي خلفه بعدما ضمت بلوزتها تحاول أن تستر ما كشف منها
وهي تصرخ بأسمه وتركض خلفه لكن هو انطلق بسرعة البرق بسيارته ولم يكترث لها لتسقط على الأرض الاسفلتية ويتعالى نحيبها دون انقطاع.

وصل أكمل إلى منزل عائلته ثم ترجل من سيارته بخطوات سريعة إلى الداخل
ليقف بمنتصف الردهة وهو يصيح بصوت جهوري:
ماااااما انتِ فين يا فايزة هانم ياصرفي
تدلت فايزة من أعلى الدرج ووقفت امامه وتحدثت بنبرة حنونة: في ايه يا أكمل يا حبيبي بتزعق ليه؟
صرخ أكمل بنبرة هستيرية: هقولك بزعق ليه؟ علشان طلعت غبي وعشت سنين مفكر ان أختي اتضحك عليها وانتحرت.

زاغت نظراتها بتوتر بعدما ابتلعت ريقها لتجيبه مستنكرة: انت جبت الكلام ده منين
استأنف أكمل حديثه الهستيري المنفعل: مش مهم تعرفي المهم اني عرفت الحقيقة كدبتي عليا ليه حرام عليكِ كل اللي يهمك شكلك وسمعتك مفكرتيش فيا مفكرتيش اني وقفت حياتي من يومها حرام عليكِ.

لتجيب هي بحزن بعد ما أدركت أن لا يوجد سبيل للإنكار أكثر: علشان خوفت عليك قبل نفسي خوفت تدور على الولد وتقتله ومستقبلك يضيع والناس كانت مش هترحمنا انا عمري ما كنت أتخيل أن امل البنت الصغيرة اللي كانت بتنطط قدامي دي كبرت وقدرت تفرط في نفسها بالسهولة دي
بررأكمل بإنفعال: انتِ السبب انتِ اللي مكنش عندك وقت تفهميها الصح من الغلط.

هزت رأسها بضعف وهي تتوسله بعيناها: انا عارفة اني غلطانة وكل اللي وصلنا ليه بسببي بس والله من يوم موتها وانا اتغيرت وقطعت علقاتي كلها و كان نفسي ترجع تعيش معايا زي الأول.

لتنهار على أقرب مقعد وهي تنتحب بشدة و تقر بذنبها: انا بعترف اني قصرت في حقها وعمري ما قربت منها وحتى مخدتش بالي منها غير لما بان عليها أعراض الادمان بس والله ياحبيبي حاولت كتير انا وصقر علشان أعالجها وارجعها لعقلها بس كان بعد فوات الآوان.

كان يستمع لها بعيون تحجر الدمع بها فكان يشعر بضميره ينهشه بقوة حد الألم، فحديث أكرم كان صادقاً، تنهد بحسرة بعدما سقطت دمعاته النادمة على فعلته بصديقه وانتقامه الأعمى منه فهو المخطئ الوحيد الآن، تنهد تنهيدة حارقة وهو يشعر بأمه.

تسحب يده بين راحتها وترجوه بنبرة حزينة تقطع نياط القلب: سامحني يا ابني والله ندمت انا كل يوم بدعي ربنا يسامحني ويغفر لها ويهديك، علشان خاطر امك يا أكمل ارجع عيش معايا نفسي تبقى جنبي خايفه اموت وانا لوحدي
انخفض لمستواها وقبل رأسها وهمس بصوت مختنق بعبرات الندم: هرجع بس مش دلوقتي محتاج ابقى لوحدي
ليغادر بخطوات متخاذلة متجها إلى منزله تاركها تبكي وتؤنب ذاتها على ما أصاب ابنائها.

لملمت شتاتها وظلت تسير بإنهيار تام تحاول أن تمنع تلك الصرخات الموجعة بداخلها
ولكن الى متى فقد عزمت أمرها وتوجهت الى منزله قاصدة الاقتصاص العادل منه فهو سبب كل شيء.

بعد ساعة من السير على الاقدام وصلت إلى شقته التي احضرها إليها سابقًا بأول لقاء دقت الباب بقوه وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها، ليفتح لها وهو يطالع هيئتها بصدمة فكانت ملابسها ممزقة وشعرها متناثر بفوضوية أما عن وجهها فكان عليه اثار انامل طابعة على بشرتها بالأحمر القاني أثر أصابع أحدهم
تراجع عدة خطوات للخلف وأسقط نفسه على الاريكة بتأثر و وضع رأسه بين يديه دون أن ينبس ببنت شفه يشعر بالخزي من فداحة أفعاله.

لتعاتبه هي به بانهيار وبنبرة حزينة تقطع نياط القلب: عملت كده ليه حرام عليك ده انا اترجيتك وانت وعدتني، ليه يا أكمل كل الحقد ده ليه؟
ليهمهم هو بعد هطول عبراته المُخزية: كنت فاهم غلط و انه هو السبب في موت اختي يافتون.

رددت قوله بضياع وقهر من بين شهقاتها: أختك، طب هي ماتت واترحمت أن يبقى ليها اخ زيك حقود انا ذنبي ايه تدمرني وتذلني ده انا ركعت تحت رجلك وقولتلك متقولوش حقيقتي اترجيتك علشان متأذهوش تقوم تحرق قلبه وتظلمني حرام عليك عملتلك ايه علشان تبعني ل فهد انا قولتلك ألف مرة انا مش رخيصة يا أكمل والله مش رخيصة ليه، رد عليا ليه؟

زفر بضيق بعدما نهض وولاها ظهره فحديثها طعن بقلبه وادماه من شدة الندم ليلعن غبائه وانتقامه الواهي الذي اطاح بكل من حوله ويهمس بصوت مختنق بعدها: سامحيني يافتون انا كنت غبي ومش عارف هكفر عن اللي عملته أزاي بس اوعدك اني هعوضك
ردت بضياع وبعدم اتزان بعدما سحبت تلك السكين الموضوع بطبق الفاكهة بأيدي مرتجفة واقتربت منه وهو يوليها ظهره: انت فعلًا هتعوضني.

ألتفت ببديهية تزامنًا مع طعنتها التي استقرت بصدره وصراخها به بهستيرية: مفيش حاجة هتعوضني غير روحك، روحك يا أكمل
تناوب نظراته بينها وبين السكين المغروس بصدره ليشهق بألم حارق فاق تحمله ثم سقط بتهاون طريح لآثارها...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة