قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل السابع والعشرون

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل السابع والعشرون

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل السابع والعشرون

تنهدت بعمق وهي تصعد السلم المؤدي الى الجناح الخاص به بعدما أمرها هو برفق ان تسبقه وانه سيوافيها بعد دقائق
وعندما دلفت الى داخل غرفة النوم تمددت على الفراش وظلت تبتسم بسعادة مفرطة وهي تتطلع لنقطة وهمية بسقف الغرفة و تتذكر نظراته الحالمة لها
وحين كانت هي مستغرقة في شرودها باغتها صوت مقيت تعلم صاحبه تمام المعرفة: فكرك مش هعرف أوصلك يا ست البنات.

انتفضت هي بقوة وشحب وجهها بشكل ملفت ثم هدرت بذعر وهي تتراجع للوراء بخطوات مرتعشة
جمااااال
ليهدر هو بعيون تقدح بلشر: اه جمال اللي خد على قفاه واتخدتي منه بلعافية ولوي الدراع
هزت رأسها بقوة وهمهمت بذعر: انت ازاي دخلت هنا
ليجيبها هو بفخر أجرامي وبنبرة شيطانية: البيه بتاعك فاكر نفسه واعي اوي ومشغل عنده رجالة تسد عين الشمس ومتفوتش الدبانة بس على مين دة أنا جمال.

لتحين منه ضحكةساخرة وهو يتشدق: والله البيه بتاعك دة مغفل وانا قررت أكسر عينه و اعلم عليكي وانتقم منه على اللي عمله فيا ليغمز لها بمغزى تفهمت معناه من نظراته الجائعةليبتسم هو لها بإيحاء ويقترب بخطوات بطيئة ارعبتها
انا شايف ان مفيش حد مغفل هنا غيرك ياجمال
هدر صقر بها بثقة عارمةودهاء عندما ظهر من العدم امامه
لهتف جمال بغيظ وهو يشهر مديته: هو بتطلعلي منين عليا النعمة المرة دي لأجيب أجلك.

وإن كاد ان يخطو نحوه وفي لمح البصر كان رجال صقر يهجمو عليه و يحاوطوه من كل جهة
ليهدر جمال بغضب وهو يتلوي منهم: ابعدو عني مكتفني كدة ليه انا معملتش حاجة، سيبوني
ليهتف صقر بصرامته المعتادة وهو يضع يده بجيبه بكل ثقة ووقار: انت غبي يا جمال، انت لو فكرك ان انا معرفش انك بتحوم حولين القصر انت وواحد من رجالتك
تبقي غلطان انا من اول ما رجليك خطت عتبة بيتك وانا عندي علم.

حتي الأمن انا اللي أمرتهم و خلتهم يسهلو دخولك وكنت عارف انك هتيجي في التوقيت دة وتستغل الزحمة والدوشة اللي كانت تحت، والله ياجمال انا بشفق عليك ومش عارف بصراحة هيحكموك ازاي بكل الجرايم دي حيازة سلاح ابيض والتهجم على ممتلكات خاصة وكمان محاولة سرقة بلأكراه
ليهدر جمال بغيظ وهو يحاول ان يصل اليه ويتملص من رجاله: محصلش انا مسرقتش حاجة.

ليجيبه صقر ساخرآ بدهاء: هو دة يفوتني برضو أعتبر نفسك سرقت ليناوله أحد رجاله حقيبة صغيرة.

تحوي على بضع المال ومقتنيات خفيفة للغاية ويضعها حول رقبة جمال بعنف تحت مضضه وعند انتهائه رتب صقر على صدره بقوة وأخبره بمغزي وهو يتصنع البراءة: ربنا معاك، اه نسيت أقولك يا جمال ان أهالي المنطقة قدمو بلاغات ضدك وطبعآ دة بمساعدتي، وان كل واحد أفتريت عليه ولا نصبت عليه وخدت منه قرش مش من حقك القانون هيجبلو حقو منك تالت ومتلت شوف بقى لو جمعنا عقوبتك على كل الجرايم دي هتبقي كام سنة دة مش بعيد تبقي تأبيدة يا راجل.

وعند انتهاء أخر كلماته
أندفعو رجال الشرطة وتم تسليمه لهم وتم القبض عليه وعند وضع أحدهم الأصفاد الحديدية بيده تقدم منه بغيظ دفين ولكمه بقوة عاتيه بعينه جعلته يصرخ بعويل كلنساء على أثرها
وهدر صقر بتشفي بعدها: دي علشان بس بصتلها بصة مش كويسة ومعجبتنيش
ليسحبوه رجال الشرطة الى الخارج وهو يصرخ ويهتف بوعيد: مش هسيبك يا صقر يا عزازي مش جمال اللي تأكله الأونطة.

ليبتسم صقر ساخرآ من تهديده الواهي ويتشكر الظابط المسؤل ويخبره انه سيأتي بلصباح الباكر كي يستكمل أجراءات البلاغ.

وحين انصرفو جميعآ هرولت هي اليه وارتمت بين ذراعيه بأحتياج ليضمها هو الى صدره بقوة ويضع قبلة حنونة على مقدمة شعرها ويهمهم بنبرة مطمأنة: متخافيش من هنا ورايح محدش هيعرف يأذيكي وانا على وش الدنيا وكل اللي أذوكي وجم عليكي هخدلك حقك منهم ليشرد لوهلة ويضيف بشك يساوره ويخشى ان يتحول ليقين: حتي لو كانو أعز الناس عليا هجبلك حقك منهم.

تمتمت هي بخفوت مهلك وبنبرة صادقة نابعة من صميم قلبها وهي تمرغ وجهها بصدره: انا مش عايزة حاجة غير اني أفضل جنبك واتنفس نفس الهوا معاك، انت عوض ربنا ليا ياصقر وأكتفيت بيك عن الدنيا كلها
ابتلع هو ريقه ببطئ شديد يحاول جاهدآ ان يتمالك نفسه ويتحكم في ثوران مشاعره وتأثره بها ليتحمحم بتحشرج أثر ثورته كي يفض ذلك القرب المرهق له:
ممكن تروحي ترتاحي وتنامي علشان النهاردة أنتي تعبتي.

فصلت العناق بروية وأطرق عيناها في الأرض وردت بطاعة: حاضر، وشكرآ على كل حاجة عملتها علشاني انا هغير هدومي وانام تصبح على خير
امأ لها بتردد ولا يعلم ما أصابه لتنصرف هي وتتوجه لخزانتها كي تحضر منامة لها
ليشعر وهو يتطلع لأثرها ان كل خلية به تطالب بها حتى قلبه يقرع طبولآ محتاجآ على أبتعادها، نعم هو تعاطف معها وحاول جاهدآ حمايتها وأستشعر صدقها، لكن ماذا يفعل بعقله اللعين.

ليزفر بقوة عدة مرات متتالية وهو يحاول ان يهدء من ثوران أنفاسه وأشتعال جسده ويتوجه إلى غرفة الألعاب الرياضية خاصته كي يفرغ طاقة جسده.

بعد مشاجرته الحامية معها ودلوفه للغرفة وهو منفعل توجه الى الحمام ودثر نفسه تحت المياه الجارية لبعض الوقت وبعد ان شعر ان أعصابه هدئت قليلآ خرج من الحمام بعدما ارتدي فقط شورت قصير كعادته أثناء النوم، توجه الى الفراش وهو يفرك عينه من شدة النعاس ثم أستلقي على طرف الفراش وان كادت عينه تغلق ويستسلم للنوم فاجأه صراخها بقوة بجانب أذنه
وهي تهتف: انت بتعمل ايه في سريري قوممممممم.

انتفض هو بقوة بعدما فر النوم من عينه وأجابها بسذاجة: سريرك ازاي يعني انتي مجنونة
وقفت هي أعلى الفراش ووضعت يدها بخصرها بعدم رضا وهتفت: دة سريري وانا اللي هنام عليه لوحدي
اجابها هو بنفاذ صبر: تاني يا مي شغل القرود أنزلي وأقعدي زي الناس
لتباغته هي بعناد: لأ مش هقعد وأطلع برة.

ليرد هو بعناد مماثل: مي انا مقتول نوم ومعنديش أستعداد اناكف فيكي، وبعدين انا الأيام اللي فاتت تعبت من نومة الكنبة فلو سمحتي سبيني أنام
ليشتد عنادها وتهتف من جديد: مش هسيبك ومش هتنام
ليقف هو ايضآ أعلى الفراش ويسحبها من ذراعيها برفق وبنبرة حنونة بعدما يأس منها ومن عنادها: حبيبتي أستهدي بالله وأعقلي قوليلي أريحك ازاي.

اجابته هي بحياد بعدما أثرت عليها نبرته الحنونة: انا موافقة هقعد معاك هنا بس بشرط كل واحد مننا في أوضة
أمأ لها بموافقته لكن بداخله يمقت هذا الشرط كثيرآ ولا يرضي عنه ولكن قرر ان يسايرها ليس الا
لتشترط هي من جديد بثقة: وكمان هنزل شغلى زي الأول
ليتنهد هو بعمق ويخبرها بحنان وبنظرات متيمة: مي حبيبتي انا عايزك جنبي في كل حتة، وبعدين انا عمري ما أقدر أحبط طموحك ولا ألغي كيانك
موافق طبعآ طالما مش هتبعدي عني.

أبتسمت هي بهدوء فاهو كما عاهدته سابقآ مراعي لهاوحنون
لتهمهم بعدها تتسأل وهي تجول الغرفة بعيناها وتستغرب كيف أعاد كل شئ كما السابق بها: هو انت مش كنت غيرت أوضة النوم بتاعتنا وجبت واحدة جديدة، رجعتها تاني ليه.

مال عليها قليلآ ثم سحب يدها وأحتضنها بين يديه وأخبرها بعشق تام: انا غيرتها علشان مكنتش بعرف أتنفس جواها من غيرك كنت كل ما أدخل علشان انام فيها أشم ريحتك جواها وأقعد اتخيلك معايا ودةاللي كان مجنني، علشان كدة غيرتها، لكن أكتشفت بعد كدة اني مقدرش أفرط في اي حاجة منك ورجعتها
وخصوصآ ان أوضة النوم دي شهدت على ذكريات كتير جمعتني بيكي
حاصرت عيناها داخل عينه وهي تشعر بتراقص ضربات قلبها من شدة السعادة.

ليبتسم هو ببشاشة كعادته ويتحسس وجنتها بحنان ويخبرها بوله تام: انا بحبك يا مي، أعذري وانسي اللي فات علشان خاطر البيبي اللي جاي يتربى وسطينا ليضع يده الأخري بحذر على بروز بطنها البسيط و الغير واضح بحنان مبالغ به وكأنه يرسل رسالة حثيةلجنينها ويخبره ان يتشفع له عندها، وعندما لاحظ توردها وصمتها الذي يؤشر على بادئة أقتناعها أقترب وتمتم بخفوت امام وجهها: انا عارف ان قلبك طيب وهتسامحيني واوعدك لو دة حصل هكون أسعد راجل في الدنيا.

وقبل ان يدع لها فرصة للرد او حتى الاعتراض خطف قبلة عابرة من وجنتها وخرج من الغرفة قاصد النوم على تلك الأريكة وهو يتوعد لنفسه بسأم انه سيتخلص من تلك الأريكة الملعونة في القريب العاجل حتى لا ترغمه مرة أخري على النوم عليها.

اما هي بعد خروجه ظلت تفكر مليآ بشأنه فهي أستشعرت ندمه ومدى تمسكه بها، فنعم ستسامحه وتعذر طبيعته كراجل، لانها هي ايضآ بحاجته ولا تستطيع العيش دونه أكثر، لتبتسم بهدوء وهي تنوي ان في الغد ستصلح كل شئ ولكن ليس قبل ان وتخبره ان يخرج تلك النيرة التي تمقتها من حياته نهائيآ.

اما عنه بعد قضاء أزيد من ساعتين من ممارسته لكافة التمارين الرياضية التي يعرفها أخذ حمام بارد ثم توجه الى الفراش وعندما وجدها متسطحة على الأرض مثل سابقآومستغرقة بلنوم وهي ترتدي منامة وردية عارية وضيقة للغاية أفقدته صوابه، إن لم يكن هو من انتقى لها تلك الملابس كان ظن انها تتعمد إغرائه،.

زفر هو بضيق ثم مال بجزعه عليها وحملها بحذر وهو يطالع ملامحها الهادئة امامه وأستسلامها بتشتت وضياع، ابتلع ريقه ببطئ شديد ثم حاول جاهدآ طرد أفكاره العابثة نحوها وتوجه بها الى فراشه ومددها عليه بهدوء واستلقي بجانبها في الجهة الأخري للفراش وبعد عدة دقائق من فشله بلنوم تنهد بأستسلام ودون اي تفكير وكأنه مغيب، أقترب منها وأحتضنها من ظهرها بعدما حاوط خصرها بحنان مبالغ به ودفن رأسه بأستمتاع بخصلاتها الحريريةالتي يفوح منها عبق الياسمين الذي يفضله كثيرآ، ليستغرق بلنوم دون اي عناء وكأنه وجد ملاذه أخيرآ بقربها.

في صباح يوم جديد
تململت هي بتكاسل كعادتها كل صباح وحين داعبت انفها تلك الرائحة التي تعشقها حد الثمالة، ارغمت نفسها على فتح أهدابها وحين وقعت عيناها عليه يجلس بجانبها على الفراش ببشاشته المعتادة ونظراته الهائمة بها التي جعلتها تبتسم دون شعور
لتتسع ابتسامته أكثر ويهمهم بحنان: صباح الخير يا حبي اناعملتلك النسكافيه يلا قومي وبطلي كسل علشان نروح الشغل مع بعض.

امأت له ومازالت تلك البسمة الهادئة تعلو ثغرها ثم أعتدلت بجلستها وتناولت من يده كوب النسكافيه خاصتها وبتلهف شديد ارتشفت منه رشفة كبيرة بتلذذ وأستمتاع ليصدر منها تلك الاصوات المستمتعة التي تفقدة صوابه،
ليغمض هو عينه بنفاذ صبر ويخبرها وهو ينهض: انا أعصابي باظت على الصبح، انا هروح أحضر الفطار عقبال ما تجهزي
أبتسمت هي بأتساع بعدما تفهمت الى ماذا يقصد بحديثه وأمأت له بطاعة غير مسبوقة منها.

لينصرف هو ويتركها تستمتع بكوب النسكافيه، وهي تشعر انها حقآ أشتاقت له كثيرآ من صنع يده والي الأن لا تعلم كيف يعده ليكون بذلك المذاق الرائع.

اما هي رمشت بأهدابها عدة مرات متتاليه وهي تستغرب كم الراحة والدفئ التي تشعر به و لم تحظى به يوم وعندما فتحت اهدابها كادت يصيبها نوبة قلبية من شدة سعادتها، فاهو مالك قلبها وأمانها الوحيد بتلك الحياه بقربها ويغمرها بين يده، أبتسمت هي بسعادة بالغة وبعشق تام وهي تتمعن بملامحه الرجولية أثناء أستغراقه بلنوم ودون اي تردد مررت اناملها الرقيقة على وجهه وظلت تتحسس كافة ملامحه ببطئ، وبخفة شديدة.

وحين لامست شفاهه الغليظة بطرف اناملها أقتربت دون وعي ووضعت قبلة هادئة خاطفة على فمه، لتتعالى انفاسه ويشدد أكثر من أحتضانها لتدرك انه استيقظ من نومه لتغمض عيناها بحرج وتضع يدها تخفيها، وظلت تفكر ماذا سيظن هو بها الأن
ليتمتم هو بصوت أجش أثر نومه وهو مازال مغمض العين ومتشبث بها: صباح الخير
أخفضت يدها ببطئ ثم ردت بخجل وهي تضغط على طرف شفتيها بأسنانها: صباح النور هو انا ايه اللي نيمني هنا.

اجابها وهو يشملها بدفئ عيناه: انا شلتك ونيمتك جنبي
ليستأنف بنبرة صارمة لا تقبل التفاوض: أخر مرة تنامي على الأرض فاهمة.

أمأت له بضياع وهي تغوص في دفئ عيناه بعيون حالمة، وان طالت تشابك نظراتهم انتابته نفس الرغبة الملحة خاصة الأمس لكنه حاول جاهدآ تمالك نفسه، ليتحمحم بهدوء وهو يفك حصار يده من عليها وينهض: انا يظهر اتأخرت في النوم على غير العادة، لازم اخرج حالآ علشان أروح القسم واكمل بقيت الأجراءات بتاعت البلاغ، ياريت متخرجيش من الأوضة لغاية ما أرجع خليكي مرتاحة النهاردة وهخليهم يبعتولك الفطار.

أمأت له هي بتفهم وقالت بهدوء بعد ان أعتدلت بنومتها و نفضت الغطاء عنها: انت كمان مينفعش تنزل من غير فطار، ممكن تفطر معايا انا نفسي اوي أأكل معاك زي زمان
ليلعن هو بخفوت تحت انفاسه ويوليها ظهره عندما لفت نظره من جديد منامتها الوردية خاصة الأمس وهمهم بتحشرج كي يتهرب من تأثيرها عليه: أسف يافتون مينفعش اتأخر
ليتوجه بخطوات مشتعلة إلى المرحاض ليأخذ حمامآ باردآ لعله يطفئ تلك النيران المشتعلة بجسده.

تحضر هو اليوم لمغادرة المشفي
فقد تحسنت حالته كثيرآ عن السابق وسمح له الأطباء بذلك
وعند خروجه من غرفته ومروره بلمرر الذي يتواجد به مكتب هاشم نظر الى الباب نظرة مطولة يشوبها الضيق، فبعد مناقشتهم الحامية بشأن فعلته، وهاشم يتجنبه ويتحاشى الحديث معه
حتي انه لم يمر عليه للأطمئنان كعادته.

رتبت والدته على يده المسنودة عليها بحنان وقالت تخفف عنه: معلش يا حبيبي يمكن مشغول ولا حاجة وبعدين كتر خيره مسبناش من ساعة اللي حصل
حانت منه بسمة ضعيفة ساخرة من تبرير والدته، وعذرها فهي إلى الأن لا تعلم شئ عما أقترفه من أخطاء بسبب ظنونه الواهية،
ليهمهم لنفسه بخفوت واليأس يتملك منه: ماجتش عليك يا صاحبي ما كلكم كرهتوني وبعدتو عني لترتب امه من جديد على يده وتسحبه برفق ليغادرو المشفي.

كانت تتابع عملها داخل مكتبها
بشرود تام وبعدم تركيز وهي تتذكر كلماته الحنونة ومحاولاته الشتى لأرضائها لتبتسم بسعادة عندما تذكرت نظراته المتلهفة لها أثناء استقلاله لها بسيارته الى المشفي، فكان كل حين وأخر تسمعه يستغفر ربه بخفوت و كأنه يكبح شيطانه عنها ولا يلتهمها وهي تجلس بجانبه.

فاقت من شرودها على طرقات خافتة على باب مكتبها لتسمح للطارق بلدخول ومازالت تلك البسمة مرتسمة علي ثغرها وحين وقعت عيناها على تلك الشقراء اللعينة تلاشت ملامح السعادة من على وجهها وأحتل مكانه الضيق
لتهمهم نيرة بحرج بعدما لاحظت تغير ملامحها وهي تقترب منها: ممكن اتكلم معاكي شوية
تنهدت مي بسأم وردت بغيظ من بين اسنانها: ممكن اتفضلي.

همهمت نيرة بتلعثم ولا تعلم من اين تبدء الحديث فهي قد عزمت أمرها على الأعتراف ل مي بشأن ادعائهم لأمر خطبتهم: بصراحة انا جاية علشان أريح ضميري، وأقولك على كل حاجة، بس عيزاكي توعديني متتعصبيش وتسمعيني للأخر
زفرت مي بنفاذ صبر وهتفت: ياريت تتكلمي وتخلصيني من غير مقدمات.

همهمت نيرة بتردد: انا وهاشم مفيش حاجة تجمعنا غير صدقتنا ب أكمل، هاشم طلب مني مساعدة وانا مكنش ينفع ارفض وخصوصآ لما اترجاني وقالي انو عايز بس يثبتلك انو هيعرف يعيش من غيرك وانك مش فارقة معاه
عقدت مي حاجبيها بذهول وهي تحاول ان تستوعب الأمر لتصيح كعادتها بأندفاع: نعمممممممممم انتي بتقولي ايه يا مايعة انتي انا مش فاهمة حاجة
زاغت نظرات نيرة وكررت بتوجس من ردة فعلها: انا وهاشم كنا بنمثل عليكي،.

انا والله مكنتش هقبل غير لما أكمل قالي اوافق هاشم علشان تحسي بقيمته وانتي اللي تطلبي ترجعيله اي ي ي ي
صرخت هي بألم بعد تفوهها بأخر كلمة عندما هجمت مي عليها بأندفاع و بشراسة مطلقة و شدت بكل قوتها خصلاتها الشقراء وكادت ان تنزعهم من رأسها وهي تهتف بغيظ: بقي كنتي هتشليني وحرقتي دمي وكنت هموت من غيرتي وانا شيفاكي بتتمايعي عليه.

وفي الأخر تقوليلي كنا بنمثل عليكي، والله ما هسيبك غير لما أكون مموتاكي يا مايعة
لتصرخ نيرة بألم وهي تستعطفها: والله مليش ذنب هو اللى كان عايز كدة، سبيني يا مجنونة هتقطعي شعري
لتهتف مي بأنفعال: انا مجنونة. طب بقي انا هوريكي الجنان على أصوله لتنحني عليها وتعض بأسنانها ذراعها بقوةوبغل، لتصرخ نيره وتتلوي من شدة الألم،.

وان كادت ان تدفعها عنها أحال هو بينهم بعدما تناهى الى مسامعه صراخهم وهدر بقوة: في ايه انتي وهي اتجننتو لتحاول مي ازاحته وتمد يدها تريد ان تتعلق من جديد بشعر نيرة وهي تهتف بغيظ: سبني والله لموتها
ليمنعها هو بقوة وهو يتمسك بخصرها ويرفعها من على الأرض بعيد عن الأخري
لتصرخ هي من جديد وهي تتلوى بين يديه: سبني متمنعنيش سبني أفش غليلي منها المايعة دي.

ليهتف هاشم وهو يوجه حديثه ل نيرة المنكمشة بذعر: انتي عملتلها ايه عصبها كدة؟
تمتمت نيرة بنبرة متألمة وهي تدلك ذراعها مكان عضة تلك الشرسة: انا غلطانة كان قلبي عليها و كنت جاية أقولها الحقيقة واعرفها بلتمثلية اللي انت عملتهاعليها
بس دي مجنونة ربنا يكون في عونك بتحبها ازاي
لتصرخ مي وهي تحاول ان تتخلص من قبضته على خصرها وتلوح بلهواء: برضو بتقول عليا مجنونة والله ما هسيبهاااااا.

ليهدر هو بعصبية ينهرها: أهدي يا مي علشان خاطري المستشفي كلها سمعت بينا
ليوجه حديثه لنيرة بجدية: امشي انتي يا نيرة، ومتشكر اوي لخدماتك الحمد لله طيرتي الربع اللي كان فاضل في دماغها
لتخبرها نيرة بكيد أثار حنقه هو شخصيآ قبل انصرافها بخطوات سريعة: شفتي حتى شوميييي رأيه فيكي انك مجنونة
وحين انصرفت نيرة تركها هاشم واندفع الى الباب بسرعة متناهية و أوصده من الداخل حتى لا تلحق بها.

لتصرخ هي به بأنفعال: انت بتعمل ايه سبني هروح اجبها من شعرها دي لسة بتقولك شومييي وبتغظني
ليهتف هاشم بنبرة حنونة: أهدي يا مي علشان خاطر ربنا هي مشت خلاص، وهي ملهاش ذنب انا اللي طلبت منها دة وقتها
لتضيق عيناها بغيظ وتجز اسنانها وتقذفه بتلك المنفضة الكرستالية التي كانت تتوسط المكتب.

ليتفاداها هو بأحترافية وبخفة متقنة، فهو أعتاد على الأمر في الأونة الأخيرة وهتف: زعلانة علشان بتقولك يا مجنونة دة انتي مجنونة وستين مجنونة كمان، كنتي هتموتيني
لتهتف هي بغيظ وهي تقترب منه بخطوات غاضبة وتضربه بصدره عدة ضربات متتالية: انت ليه كدبت عليا الكدبة السخيفة دي كان ممكن تعاقبني بأي طريقة تانية الا اني أشوفك مع واحدة غيري، انت عارف انا كنت بحس بأيه، كنت بموت بلبطئ.

ليهمهم هو بأسف وهو يستقبل ضرباتها لصدره برحابة: انا أسف حقك عليا غيرتي وشكوكي كانو عاميني وكان نفسي تحسي بلنار اللي انا حسيت بيها واوجعك زي ما وجعتيني وجرحتي كرامتي
لتخبره هي بعيون غائمة بعبراتها وهي تصفق له: براو عليك مثلت دورك تمام وبصراحة هي كمان ممثلة في منتهى البراعة.

لتستأنف بنبرة صادقة نابعة من صميم قلبها وبدمعات فشلت بكبحها: بصراحة بهنيك على الدرس اللي انت اديتهولي انا فعلآ معرفتش قيمتك غير لما بعدت عني وحسيت انك هتبقي لغيري، وقتها حسيت بسكاكين بتقطع في قلبي وأكتشفت اني بحبك اوي ومش هقدر أعيش من غيرك، وقررت اني هبذل كل جهدي علشان أرجعك ليا، لكن لما رفضت تردني لعصمتك وقتها قررت أستسلم وأرضى بخسارتك والملم الفاضل من كرامتي وابعد، ويمكن اللي كان محسسني اني مخسرتش كل حاجة في بعدك، هو اني شيلة جوة مني حتة منك وهتفكرني بيك.

اه ه ه ه كانت تلك أخر كلمة تفوهت بها قبل ان يبتلع باقي حروفها بجوفه بعدما سحبها الى أحضانه و تناول شفاهها بلهفة شديدةورغبة ملحة فهو كان يستمع لها بملامح منكمشة متأثرة وقلبه يعتصر من الألم ولكن عندما صرحت له بحبها لم يشعر بنفسه الا وهو يندفع اليها ويغدقها بمشاعره الجياشة.

ظل هو يتناوب على شفاهها واحدة تلو الأخري بتلهف مبالغ به لا يستطيع السيطرة عليه، بادلته هي ايضآ بشغف ولم تبخل عليه بشئ ثم رفعت يدها وأخذت تعبث بخصلاته البنية القصيرة بحميمية مبالغ بها، وعندها لم يستطيع الصمود أمامها أكثر ورفعها من على الأرض برفق وتوجه بها إلى الأريكة التي في زاوية من زوايا غرفة مكتبها ومددها عليها ثم أعتلاها وباشر غمرها بلمزيد من قبلاته.

لتهمهم هي بضعف من بين قبلاته المحمومة وبأنفاس متقطعة: هاشم. م مش، هينفع احنا، في المستشفي، أستني
لما نروح البيت
هز رأسه برفض تام ودفن وجهه بثنايا عنقها يلثمه بوله وهو يهمس بشكل خطير أصابها بلقشعريرة: مش قادر أصبر أكتر من كدة، سامحيني
لتستسلم هي له وتبادله بشغف جموحه بها الذي أفتقدته كثيرآ.

أصر على والدته ان تسبقه الى المنزل وأخبرها انه سيلحق بها، ودون تردد وجد نفسه ينصاق الى قبر شقيقته الراحلة
وحين دلف إلى مدافنهم الخاصة وجد شاب ينتحب بقوة و يجلس بجانب القبر ويلامس اللافتة الرخامية بملامح ممزقة وهو يذرف دمعات حارقة ويتمتم ببعض الكلمات التي أثارت كافة شكوكه تجاهه ليقترب بخطوات حسيسة اليه دون ان يشعره ليستمع بوضوح أكثر الى همهمته الخافتة:.

وحشتيني يا أمل، وحشتني كل حاجة فيكي يارتني انا اللي كنت مكانك تحت التراب سامحيني انا السبب، انا مش ندل ومسبتكيش بمزاجي انا كان عندي أستعداد أواجه الدنيا بيكي وفعلآ روحت لابويا وقولتله اني بحبك وعايز اتجوزك رسمي لكن هو ما أقتنعش، وقعد يماطلني علشان نيجي ونطلبك من أمك، في الوقت دة ابويا غصب عليا اسافر معاه بحجة انو تعبان ولازم يعمل عملية ووعدني لما نرجع هينفذلي اللي انا عايزه، ولما سافرت أكتشفت انو ضحك عليا علشان يبعدني عنك و يجوزني بنت صاحبه علشان مصالح مشتركة مبينهم، بس انا عارضته وقولتله اني متجوزك انتي وبحبك ومش هعيش مع غيرك، ودة اللي أستفزه وخلاه خد مني الورقتين العرفي بتوع جوازنا وقطعهم قدام عيني ووصلت بيه انو حابسني وأخد مني باسبوري وكل ورقي علشان معرفش أرجع،.

وبعد ما صاحب أخوكي هدد أمي وقالها مش هسكت وشرحلها الحالة اللي انتي وصلتلها، أمي كلمتني من ورا ابويا وكانت متعاطفة معاكي وقالتلي لازم ارجع وأصلح غلطتتي،.

ليشهق بقوة ويستأنف من بين دمعاته بهذيان وهو يرتب على اللافتة الرخامية وكأنه يخاطب شخصها: انا عارف ان دي مش اول مرة أحكيلك اللي حصل بس معلش أستحمليني وسبيني اكمل للأخر، انا حاولت والله حاولت أهرب منه لكن وانا بجري من رجالته اللي كانت محاوطاني في كل حتة مخدش بالي غير وعربية خبطتاني بكل قوتها ووقعتني سايح في دمي، قعدت أسبوعين مش حاسس بلدنيا ولما فوقت عرفت ان أصابتي كانت بلعمود الفقري قعدت كتير بتعالج وعملت أكتر من عملية علشان بس أعرف أقف على رجلي وكنت في الوقت دة بحاول أعرف اي أخبار عنك من امي لكن كانت بتطمني وتقولي انك بتتعالجي في المصحة وانك بقيتي أحسن مكنتش أعرف انها بتكدب عليا وانك انتحرتي بسببي.

مش بسببك لوحدك
هدر بها أكمل بحزن وبنبرة منكسرة بعدما شعر بصدق حديث ذلك الشاب الذي يحتل الحزن ملامح وجهه وشعور الفقد يمزقه حزنآ على شقيقته
مسح فارس وجهه بكف يده ورفع نظراته اليه وتسأل بذهول بعدما أدرك انه أستمع لحديثه: مين حضرتك.

حانت من أكمل بسمة متألمة وغامت عينه وهو يخبره: انا الغبي اللي بعدت عنها ومكنتش جنبها في أكتر وقت محتجاني فيه، يمكن لو كنت جنبها مكنتش عملت كدة في نفسها وفيا، انا أكمل الصرفي أخوها.

ليبتسم فارس ببهوت ويخبره وهو يشرد في تلك اللافتة الرخمية التي تتزين بأسمها: كانت بتحبك اوي وعلطول بتحكيلي عليك، كان نفسي أقابلك في ظروف أحسن من دي وتبقي هي معانا بس يظهر ان القدر أستكترها عليا وحرمني منها زي ما حرمني من حاجات كتير في بعدها.

ليحاول فارس النهوض بصعوبة بالغة أثارت دهشة أكمل مما دفعه لمساعدته وبعد ان نهض انحنى قليلآ وتناول عكازه من جانب القبر وأتكأ عليه بهوان ثم أنسحب بهدوء وبخطوات متعثرة ضعيفة من امام أكمل دون ان يتفوه بأي كلمة أخري
ليؤشر أكمل إلى العامل بلمدفن الخاص بهم ان يقترب ليسأله بفضول: هو الشاب دة بيجي هنا كتير.

اجابه العامل بثقة: فارس بيه يووووه يا بيه دة كل يوم والتاني هنا وبيقعد يعيط على قبر الهانم ويكلم نفسه بلساعات أمأ له أكمل بضعف
ونظر لأثر فارس بملامح شاحبةوبدهشة كبيرة على مدى أخلاصه ووفائه لذكري شقيقته ليشعر حينها ان قلبه يتمزق من شدة الألم على فقدها هو ايضآ.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة