قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل الثامن

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل الثامن

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل الثامن

ظل داخل سيارته ينتظر قدومها فقد مر دقائق طويلة منذ مهاتفتها واخباره لها أنه تحت بنايتها تطلع على ساعة يده بتأفف ونفاذ صبر إلى أن لمحها تخطو إليه بطلتها المبهرة التي استرقت لُبه، فكانت ترتدي ثوب أبيض رقيق يزينه بعض النقوش الملونة وتركت العنان لخصلاتها العسلية أن تسقط على ظهرها بإنسيابية مهلكة، لتهمهم هي ما أن اقتربت والتقطت نظراته لها:
آسفة على التأخير يا مستر صقر.

نبرتها الأنثواية الهامسة اخرجته من شروده ليجيب بثبات: ولا يهمك يافتون يلا علشان معاد الطيارة
تحمحمت فرحة بِحرج بعدما شعرت انه لم ينتبه لها: نحن هنا هو انا شفافة ولا ايه؟
عقد حاجبيه فهو لم يلحظها فتلك الفاتنة خطفت كامل انتباهه
ليتحمحم بأسف: انا آسف مأخدش بالي انتِ اخت فتون مش كده؟
ردت فرحة: انا عارفة أنها احلى مني بس والنعمة انا اختها.

لترمقه فرحة بأعجاب وتمد يدها تصافحه وتقول في خفة: انا مبسوطة اوى اني قابلتك يا يوچين
عقد حاجبيه وتسائل مستغربًا: يوچين مين؟
نكزتها فتون في ذراعها وقالت بِعفوية ملاحقة الموقف: آسفة يا مستر صقر بس فرحة الكارتون واكل راسها وبتحب تهزر
أومأ لها بتفهم وقال بهدوء: اتشرفت بمعرفتك يا فرحة كان نفسي اقعد معاكِ اكتر بس للأسف مرتبط بمعاد طيارة.

لترد فرحة بتسرع: خلاص اوعدني الاجازة الجاية نقضي يوم مع بعض شهقت فتون ونكزتها مرة اخرى بحرج حتى تصمت لتهمهم فرحة متأففة: بتغمزيني ليه ده انا و صقر بقينا اصحاب مش كده يا صقصق
انعقد حاجبيه بنفور من نعتها له بذلك اللقب وتحمحم بمجاملة: اه، اكيد
إن شاء الله اوعدك نقضي يوم مع بعض
ضحكت فرحة بسعادة وقالت: واوعدني كمان انك تاخد بالك من تونة
ابتسم واجابها: حاضر تأمريني بحاجة تانية.

هزت فرحة رأسها بنفي وهي تسترق قبلة خاطفة من وجِنة شقيقتهاو تنظر اتجاه الحافلة الخاصة بمدرستها الذي تنتظرها هاتفة: اشوفك على خير الأتوبيس بتاع المدرسة وصل هكلمك في التليفون لما اخد اذن لتركض وهي تلوح بيدها مودعة شقيقتها
لتلوح لها فتون وتلقى لها قبلة في الهواء وعلى وجهها ابتسامة صافية نابعة من قلبها
ليهمهم هو بهدوء بعدما تأملها لبُرهة: هنتأخر على الطيارة.

هاااه اه يلا بينا انا اسفة يا مستر صقر بس هي كده مبتعرفش تسكت
لا ابدًا دي حتى دمها خفيف ربنا يخليكم لبعض شكلها بتخاف عليكِ جدًا أكدت له برأسها ومن بعدها
شرعوا بركوب السيارة سويًا وانطلق بها في طريقه للمطار.

زفر بأرتياح بعدما تأكد من وصولهم للمطار فهو كان على دراية بكل تحركاتهم بعدما أوكل لأحد رجاله أن يتتبعهم إلى هناك ليتناول هاتفه ويجري اتصال بمدير التسويق الخاص بشركة العزازي فهو من ساعده سابقًا بتوظيف فتون بالشركة ليأتيه الرد بعد ثواني
ليرد هو بثبات: ازيك يا حامد محتاجك في شغل جديد
تحت امرك يا أكمل بيه بس كله بتمنه
ابتسم اكمل بلؤم واجاب: هو انا ببخل عليك في حاجة ما انت اللي بتطلبه بتاخده.

انت عارف إن منصبي حساس وبعرض نفسي للخطر علشان انفذ اوامرك
رد أكمل ساخرًا: خطر ايه ده انت كل اللي عملته انك شغلت البت في الشركة
ومتنساش اني ظبطلها سي ي ميخرش الميا ولولآ اني رشحتها ليه بعد ما عرضت التقرير على مستر أكرم وفهمتوا ان ده شغلها وانها كفئ مكنش زمانها بقيت مساعدة صقر بيه العزازي
ماشي متشكرين لخدماتك بس المرة دي مختلفة واللي هطلبه منك مش سهل
مفيش حاجة صعبة قولي عايز ايه؟

عايز نسخة من العرض اللي هيقدمه صقر للمستثمرين الأجانب
ايوة بس الملف معاه اخده قبل سفره
اكيد في نسخة على الكمبيوتر بتاعه تتصرف ويكون عندي أخر النهار ومتقلقش هظبطك واللي هتطلبه هتاخدو
اتفقنا
وهنا أغلق الهاتف معه وعلى محياه ابتسامة ماكرة بعدما شعر انه على بعد خطوات من تحقيق غايته.

ظلت تتمتم بالدعاءبخفوت بعد ما استقلت برفقته الطائرة تناجي ربها بأن يمر الوقت سريعًا قبل أن يصيبها نوبة قلبية أثر ذعرها شهقت بِقوة عندما شعرت بتحرك الطائرة لتتعالي دقات قلبها وتتلاحق أنفاسها وهي تتمسك بذراعي مقعدها الثنائي الذي يشاركها إياه
رمقها هو بإستغراب فكانت شاحبة للغاية ويكاد يقسم انه يستمع لصوت دقات قلبها ليستطرد قائلًا بنبرة مطمئنة:
متخافيش يا فتون، اهدي.

هدرت تؤنبه: قولتلك بلاش كنت حصلتك إن شاء الله مشي، انا عمري ما ركبت طيارة قبل كده انا عايزة انزل، نزلني يا مستر صقر
فرك طرف انفه يحاول كبح ابتسامته والحفاظ على جديته وهو يسترسل بتروى: مكنتش اعرف انك جبانة اوي كده.

ردت فتون بتسرع: انا جبانة والنعمة جبانة بس بالله نزلني، كاد يرد عليها لولآ صراخها بذعر أثناء أقلاع الطائرة ودفنها لرأسها بِصدره وتشبثها بقميصه بقوة، اغمض عينه بعدما تسللت إليه رائحة الياسمين المنبعث من شعرها لتصيبه بحالة يصعب وصفها، فقد تهدجت أنفاسه وهو يجاهد كبح رغبته في ضمها ليتنحنح بخفوت وبنبرة متحشرجة بعدما جال محيطهم بعينه: مينفعش كده اهدي واقعدي على الكرسي كويس الناس بتتفرج علينا.

رفعت نظراتها المذعورة له بحرج وهي مازالت متشبثة بذراعيه وهمهمت: انا اسفة بس خوفت اوي...
تنهد بعمق وهو يزيح برأسه للجانب الآخر فرائحة انفاسها القريبة منه اصابته بقشعريرة واشعلت كافة حواسه، اطرقت رأسها وهي تعدل من جلستها واسترسلت بحرج:
انا حسيت أن روحي بتنسحب، هي كده طارت خلاص واحنا متعلقين في الهوا.

هز براسه بنعم وهو يفك رابطة عنقه بأهمال يشعر بالأحتراق لقربه منها إلى هذا الحد ثم هدر بثبات عكس نيرانه الموقدة: مش هتحسي بحاجة تاني هي أصعب حاجة الإقلاع متقلقيش ياريت تنامي لغاية مانوصل.

هزت رأسها ب لا وهي تبتسم بعفوية قائلة: لأ. مش هنام انا هتفرج من الازاز طول عمري نفسي اشوف الدنيا من فوق أومأ لها بهدوء وانتشل بعض الأوراق من حقيبة مستنداته المُلزمة له دائمًا واخذ يمرر عينه عليها دون تركيز فهي استرقت كامل انتباهه ليبتسم بهدوء وهو يتأملها خلسه وهي شاردة من النافذة ويرتسم على وجهها علامات الإنبهار فهي تبدو كا الاطفال في عفويتها وأقل شئ قد يثير أعجابها.

ليتنهد بخفوت بعدما طالت نظراته لها وحمد ربه أنها لم تلحظه وازاح بنظره من جديد على الورق الذي بيده قاصد الهاء نفسه عنها.

وقفت أمام المقود للمرة الثالثة على التوالي تحاول أن تصنع كوب النسكافيه خاصتها التي لاتستطيع أن تبدأ يومها من دونه تأففت بغضب وهي تتذوقه فهو ليس كما تعودت عليه ينقصه شئ ليس كا الذي يصنعه هو لتسكبه بالحوض وتعاود تحضير كوب آخر بإصرار وعناد أكبر
لتحدجها فدوة بأستغراب وتتحدث: والله انتِ مجنونة دي المرة التالتة اللي بتكبي فيها النسكافيه حرام عليكِ نعمة ربنا.

رمقتها مي بحزن واستمرت بأعداد كوبهاوكانها لم تستمع لها
لتلح فدوة: يا بنتي ردي عليا يعني انا غلطانة اني جيت ازورك ده انا مصدقت صقر سافر علشان اجيلك
لاذت مي بالصمت دون أن تعير حديث صديقتها أي انتباه مما جعل فدوة تزفر بنفاذ صبر وتقول: يا مي ردي عليا طيب احكيلي ايه اللي حصل؟

تنهدت مي بأرتياح بعد انتهائها ثم رفعت الكوب بترقب لفمها لينتابها نفس الشعور من جديد لتقذف الكوب بقوة على الأرض وتزيح بيدها محتويات الكونتور الخاص بالمطبخ صارخة بهستيرية وعدم اتزان: برضو مش زيي اللي كان بيعملهولي مش نفس الطعم ثم وضعت يدها على وجهها واجهشت بالبكاء بعدما جثت على الأرض بأنهيار تام.

هرولت فدوة لها وهي مشدوهة من فعلتها لتحتضنها وتربت على ظهرها وتقول بمواساه: ايه اللي حصل يا مي انا اول مرة اشوفك كده
همهمت مي من بين شهقاتها: طلقني يا فدوة
احتلت الصدمة ملامح فدوة وتمتمت بذهول: مش معقول ده هاشم بيموت فيكِ ازاي طلقك بالبساطة دي.

لتسترسل مي من بين عبراتها المنهمرة بلا انقطاع: لا صدقي، طلقني من غير حتى ما يديني فرصة ادافع عن نفسي، من غير ما يسمع كلمة مني، انا معملتش حاجة يا فدوة صدقيني انا مسمحتش لمازن يتعدا حدوده انا مش خاينة والله انا كنت بصده عارفة اني كنت بفكر فيه قبل كده بس لما رجع معرفتوش حسيته حد غريب عليا
واحترمت هاشم في غيبته انا مش خاينة يا فدوة والله صدقيني.

فرت دمعات فدوة بتأثر لأنهيار صديقتها لتشدد اكثر من احتضانها وهي تهدئها: مصدقاكِ يا مي بس اهدي علشان نعرف نفكر وهو اكيد لما يهدي هيسمعك ويعرف غلطه
هدرت مي بيأس: من ساعة اللي حصل و مش لقياه روحت البيت ملقيتهوش ولا في المستشفى حتى اكمل ميعرفش عنه حاجة انا زهقت من كل حاجة دي حتى امي من يوميها ما بتتكلمش معايا وعلطول في أوضتها كأني انا خاطية ووثمتها بالعار بطلاقي.

ردت فدوة مواسية: اهدي يا مي إن شاء الله هيرجع وكل حاجة هتتصلح واذا كان على مامتك اكيد زعلانة عليكِ مش منك اديها وقتها وهي هتروق وتكلمك
أومأت مي بعدما بعثت صديقتها بها الأمل وحمدت ربها أن بجانبها تلك الصديقة الحنونة التي تتفهمها دائمًا وتهون عنها.

ابتسمت بأتساع بعد وصولهم لمطار الغردقة فأخيرًا انتهي عناء سفرها
بتلك الطائرة فرغم ذعرها إلا ان وجوده بجانبها أشعرها بالأمان والحماية التي لم تحظي بهم قط
هتفضلي سرحانة كده كتير
هدر بجملته بنفاذ صبر بعدما لاحظ شرودها
لتهمهم هي بعفوية وببسمة هادئة: اصلي مش مصدقة نفسي ان اخيرًا وصلنا من غير ما الطيارة تقع بينا زي الافلام العربي.

تمتم بحده غير مبررة وهو يتخطاها الى الخارج: يظهر أن الافلام مأثرة على العيلة كلها
تنهدت بحرج واندثرت بسمتها واتبعته إلى سيارة الأجرة التي توجهت بهم الى المارينا الخاصة باليخوت، وعند وصولهم بعد عدة دقائق، تتبعته بحذر دون حديث الى أن توقف أمام يخت مبهر بلون طلائه الابيض الزاهي ونقش عليه من الجانب بخط بارز لقب عائلته العزازي.

هزت رأسها بلا بعدما شاهدته يصعد على متنه بخفة وغمغمت بذعر: ايه ده حضرتك متفقناش على كده؟
عقد حاجبيه بنفاذ صبر واردف بأنفعال بعد أدراكه لأعتراضها الزائد الغير مبرر: وبعدين بقى انا قربت اتخنق انتِ علطول معترضة كده دي وسيلة النقل الوحيدة المتاحة دلوقتي مواعيد الطيران للجونة كلها بليل وانا معنديش وقت اضيعه كفاية تأجيلي لمعاد السفر بسببك.

اطرقت برأسها بالأرض بحرج وهي تجاهد رغباتها بالبكاء وهمهمت بصوت مختنق: اللي حضرتك تشوفه وانا اسفة اني عطلتك ثم جاهدت لتتمالك نفسها وهي تتجه بخطوات مهزوزة على متن اليخت الى ان تخطته، اغمض عينه بحنق فهو ذاته لايعلم ما به ربما تلفت أعصابه بسبب قربها، استنكر عقله ذلك المبرر وحاول تجاهل الأمر واتجه إلى الغرفة الداخلية الخاصة به داخل اليخت بعدما أمر الربان بأن يبدأ رحلته، بعد دقائق من انطلاقهم صعد على متن اليخت بعدما غلبه شعور الندم على صياحه بها لتقع عينه عليها منكمشة وتحتضن جسدها بذراعيها وشاردة بزرقة البحر ابتسم بهدوء وهو يطالع خصلاتها العسلية المتمردةالتي تتراقص مع الهواء بخفة اطارت عقله اقترب بجانبها بعدما سحب شرشف من الداخل ووضعه عليها دون أن يتفوه بشيء.

لتنظر له بأمتنان وتزيح عيناها عنه واستمرت بتأمل ما حولها
جلس بجانبها وهو يحاول ان يصيغ الكلمات ويشرع بالحديث معها، أما هي لمحته بطرف عيناها ولكن لم تعيره أهتمام الى أن التمعت عيناها بأنبهار لفت نظره ليتابع مرمي بصرها ويردف بهدوء محاول أن يجذب اطراف الحديث معها: دي جزيرة خاصة اسمها زيتونة
همست هي بأنبهار: شكلها يجنن
لو تحبي ممكن اوديكِ هناك بعد الأجتماع.

شهقت هي واردفت بتسرع وببسمة واسعة: بجد ينفع توديني
أومأ لها بنعم وعينه لا تفارقها لتندثر بسمتها
وتهمهم بتراجع بعدما تذكرت حدته معها: لا ملوش لزوم انا مش عايزة اعطلك تاني
فرك ذقنه النامية بنفاذ صبر وهدر بنبرة صارمة غير مقصودةوهو يحاول صياغة الكلمات: مكنش قصدي اتعصب عليكِ
رغم نبرته الصارمة معها إلا أن حديثه أرجف قلبها واستشعرت منه ندمه.

ابتسمت بسمة عابرة وقالت كي تمرق الأمر: كنت زعلانة بس خلاص أصل أنت عندك حق انا اللي جبانة بزيادة
ابتسم بهدوء على اعترافها وهو يمرر يده على ذقنه برزانة لتعقب هي: بتضحك عليا مش كده الله يسامحك
أتسعت ابتسامته المهلكة لقلبها أكثر ليباغتها هو بقرص وجنتها برفق قائلًا: هو حد قالك قبل كده انك مشكلة.

هزت رأسها واجابت بمشاكسة: كتتتتتير، بس بذمتك مش مشكلة حلوة لترفع يدها وتتمسك بأنامله التي مازالت تقرص وجنتها ونظرت له بترقب لسماع أجابته لينزل كفه الملامس لها بتروى ويحتضنه بين راحتيه ويهمس بنبرة هادئة أرجفت قلبها:
احلى مشكلة قابلتها.

أبتسمت هي بخجل ورفعت لألأها له لتتشابك نظراتها مع عيناه المشتتة لبضع ثواني دون حديث، لحين قاطعهم حمحمت الربان بحرج: حمد الله على السلامة وصلنا يا صقر بيه انتفض بقوة و هو يستغرب فعلته التي صدرت منه بعفوية غير مقصودة ليؤشر للربان بالأنصراف ووثب من أمامها كا الملسوع يحاول أن يسترد ثباته
بينما عضت هي على طرف شفاهها بحرج وهي تتطلع لأثره بمشاعر لأول مرة تتعرف عليها معه.

أما في المساء وخاصًة في احد الشركات المنافسة لشركات العزازي التي يملكها فهد المجري خطى بخطى واثقة الى مكتبه بعد ما اخبره مدير اعمالة بأن يوجد شخص يريد مقابلته بأمر هام
ولج الى الداخل وهو يطالع ذلك القابع بكل غرور بأنتظاره تحمحم وهو يخطو خلف مكتبه بعملية دون حتى القاء التحية: قالولي انك عايزني خير؟

ابتسم اكمل ساخرًا من اسلوبه الفذ فهو معروف عنه انه سمج بعض الشيء ولا يتمتع بأي لباقة ولكن هذا لا يمنع انه زير نساء وسمعته ملطخة بالكثير، رمقه أكمل بغرور وثقة قائلًا:
انا أكمل الصرفي اكيد سمعت
عني
رفع فهد جانب فمه وهدر بتهكم: مين اكمل الصرفي علشان اسمع عنه، بقولك ايه بلاش نافخة كدابة و اخلص انا مش فاضي وورايا الف حاجة قبل ميعاد سفري.

نهض اكمل من مقعده وقال وهو يرمقه من طرف منخاره: خلاص يبقي اجيلك وقت تاني
لوح فهد بيده و رد بلامبالاه: يكون احسن شكلك جاي تهزر
ابتسم اكمل واستأنف بخبث: فعلًا، شكلي غلطت لما جيت علشان احط ايدي في ايدك ضد صقر العزازي
لمعت عين فهد بغل فذلك الصقر يشكل خصم منيع له: اقعد واتكلم على طول هدر بها فهد بعدما اثار الحديث اهتمامه.

جلس اكمل واستأنف بعملية: انا عارف أن انت وهو مرشحين للمستثمر الأجنبي علشان يتعاقد معاكم ويروج ليكم بره مصر بس ده طبعًا متوقف على العروض اللي هتقدموها وانا وانت عارفين صقر كويس شغله مفهوش غلطة وسمعته معلهاش غبار، وانت عارف سمعة شركتك كويس وهما طالما عندهم بديل اكيد فرصتك هتبقى ضعيفة قدامهم
ابتسم فهد بسماجةواردف ساخرًا: لا براو عليك تحليلك هايل. قولي عايز توصل لأيه وايه اللي يخليني اثق فيك.

استند أكمل على مقعده بأرياحية وهدر والشر يقطر من حديثه: هقولك هنعمل ايه ومتقلقش العرض بتاعه معايا ومتأكد انه هينفعك و عايزك تتأكد أن مصلحتنا واحدة
ابتسم فهد بسمة سامة متحمسة وتبادل مع الآخر النظرات اللئيمة ثم طلب منه أن يقص عليه مخططه الدنئ الذي سيُقع به خصمه.

بعد وصولهم للفندق واستراحتهم لبعض الوقت أخبرها صقر بتحضير كل الاوارق اللازمة للأجتماع ليعاينها في غرفته فقد
أخذ يتفحص الورق بأهتمام مبالغ به وبين حين وأخر يلقي تعليماته البسيطة بعملية شديدة عليها، تنهدت هي بسأم وهي تطالعه يسترجع جموده معها من جديد لتحاول جذب أطراف الحديث معه بحذر:
المكان هنا حلو اوي هو مين اللي اقترح ان الأجتماع يبقى هنا.

أجابها ببرود وهو مازال يتفحص الورق امامه: هما اللي اختاروا المكان انتِ عارفة الأجانب مبتضيعش وقت أهو منه شغل ومنه سياحة
هزت رأسها وتابعت بعفوية وهي تطالع الشرفة من جلستها: تعرف أن المنظر من التراس يجنن انا نفسي اشوف الشروق من هنا اوي رفع عينه من على الورق وهو يطالع لمعة عيناها بشغف ليهدر بهدوء:
انتِ غريبة اوي على فكرة وليكِ حاجات اغرب
رفعت حاجبها بأهتمام وتسائلت: ازاي يعني!

تنهد صقر وهو يضع ما بيده على الطاولة واسترسل دون ذرة تفكير واحدة: ساعات بحسك جبانة اوي من كل حاجة ومن غير مبرر وساعات احسك قوية لدرجة الشراسة يعني يوم الحفلة كان نفسي الف لسانك حوالين رقبتك واخنقك بيه.

ضحكت هي بتلقائية وهي تتذكر ذلك اليوم فهو محق فهي تمادت ذلك اليوم كثيرًا ليبادلها هو ببسمة هادئة ويردف ساخرًا: بتضحكي بقى بذمتك انا تقوليلي بتاع ولا الكلمة التانية دي اللي جنينتني مش عارف طلعت منك ازاي اصلًا
وضعت يدها على فمها بحرج وتحدثت من بين ضحكاتها: اصلك بصراحة غظتني وحسيتك مغرور اوي
رفع حاجبه بذهول من صراحتها وظل يردد: انا مغرور، طب أزاي يعني.

استرسلت هي بعدما هدأت ضحكاتها: خلاص بقى عديها وكمل كنت بتقول ايه قبل ماكنت عايز تخنقني
فرك ذقنه بشيء من التوتر وأستأنف: وساعات بتبقي شبه الاطفال بتشبطي في كل حاجة و اوقات تانية بتبقي رسمية اوي وساعات تانية بلاقيكِ عايزة تجري شكلي بأي كلام غريب ملوش منطق
ابتسمت وهمست وهي تطالع نظراته الغامضة التي تتمنى لو تستطيع أن تستشف منها شيء: انا لدرجة دي شغلاك وعمال تحلل تصرفاتي.

ابتلع ريقه بأرتباك من جرئتها في الحديث وعقب: انا مفيش حاجة تعرف تشغلني انتِ بس اللي شخصية متناقضة ومش عارف افهمها
ويهمك تفهمها ليه طالما مش شغلاك
هدرت بكلماتها قاصدة سبر اغواره لعله ينطق بشيء يريح قلبها ولكن هوكان ردة فعله أن صرخ بها قائلًا: فتون لاحظي انك بتتخطي حدودك معايا.

قال جملته بحدة أجفلتها وهو ينهض بعصبية ويتناول سجائره ويشعل احداهم وينفث بها انفاسه الحانقة، فهي محقة لمَ يهتم! لمَ تشوش افكاره! و تزعزع قناعته، فمنذ رؤيتها لايستطيع كبح أفكاره عنها.
تنهدت هي من عصبيته الغير مبررة وقالت: انا مش هعتذر زي كل مرة انا مغلطش انا بس كنت بناقشك
مبحبش المناقشات من غير هدف وانا غلطان اني اديتك فرصة تتمادي.

هدر بجملته بصياح وعصبية مفرطة أرعبتها لتدمدم وهي تحاول كبح رغبتها بالبكاء: اوعدك مش هتعدى حدودي بعد كده ولو خلصنا شغل اسمحلي ارجع أوضتي
أومأ لها وهدر بنبرة رسمية ثابتة: اتفضلي وبكرة تكوني جاهزة الاجتماع الساعة سابعة
أومأت بتفهم وبعيون غائمة همست قبل أن تهم بالأنصراف: تحت أمر حضرتك يامستر صقر عن اذنك.

دخلت الى غرفتها راكضة وجلست على طرف الفراش بقلة حيلة تفكر بما يحدث بتروي فهي كادت أن تنفذ طاقتها من ذلك المخطط اللعين، هي لاتعلم ماذا تفعل كي يهتم لأمرها تحاول جاهدة ولكن دون جدوى حقًا لم تعد تعلم أهي تهتم لأمر المخطط أم لرغبتها هي أن يبادلها شعورها.
تناولت هاتفها بسأم بعدما صدح صوت رنينه واجابت بأقتضاب بعدما علمت هوية المتصل: افندم؟
أتاها سؤال أكمل من الطرف الطرف الآخر: عملتي ايه في جديد؟

لا مفيش جديد ومش هيبقى فيه انا زهقت من ضغطك عليا
بت اتعدلي احسنلك انتِ نسيتي نفسك ولا ايه؟
تهدج صوتها و وهن وهي تجيب: ايوة نسيت نفسي و نسيت يا أكمل باشا انا ابقى مين وكنت ايه، لدرجة اني صدقت الكدبة وعشت فيها
لا ياروح امك تحبي افكرك وارجعك لعقلك معنديش مانع
انا مش عايزة اكمل ولو عايز تسجني اسجني مبقتش فارقة.

انتِ عارفة اني اقدر اعمل كده بس انا صعبان عليا اختك اللي هرميها في الشارع بعد ما أسجنك ليستأنف بنبرة متهكمة: والله انا خايف عليها من ولاد الحرام يؤذوها
انهمرت دمعاتها بغزارة وهدرت بنشيح: بتلوي دراعي بيها مش كده
بالظبط كده ولومتعدلتيش هكسرلك دراعك خالص
والمطلوب
براو عليكِ ارجعي لعقلك واسمعي الكلام في شُحنة معدات هيستوردها عايزك تجبيلي كل التفاصيل عنها وخصوصًا معاد وصولها
مش هعرف ده حاويط جدًا.

اتصرفي مليش فيه صقر ديمًا بيشيل الملفات المهمة دي في شنطته اللي علطول معاه وياريت تجبيلي اخبار جديدة
اغلقت معه وهي تلعنه وتلعن حظها العسر الذي اوقعها به لتنكمش في الفراش وتطلق العنان لعبراتها أن تنسل من جديد.

في صباح ثاني يوم استيقظت هي بنشاط عازمة أن تستكشف المكان لبعض الوقت قبل موعد الأجتماع ارتدت فستان أحمر بسيط يلامس ركبتيها بأكمام ومعه حذاء يناسبه وقبعة رأس دائرية اطلقت من تحتها العنان لخصلاتها، القت نظرة اخيرة مفعمةبالرضا بالمرآة ثم انطلقت بحماس للخارج، و بعد وقت قليل من سيرها وصلت أمام الشاطئ، ابتسمت بسعادة وهي تتوهم أنها طليقة حره لا يوجد حولها قيود فقد جلست على الرمال واخذت تشكل بها أشكال طفولية مبعثرة الى أن انتفضت بذعر من ذلك الصوت الوقح بجانبها: ممكن العب معاكِ بالرمل ونبني بيت استفرض بيكِ فيه.

طالعته بأحتقار وهتفت بشراسة: نعم احترم نفسك يا بتاع انت
وإن كادت أن تهم بالأنصراف امسك ذراعهاوابتسم بسماجة واسترسل: انا قولت حاجة يا قطة طب ايه رأيك بلاش بيت بالرمل تحبي اخدك الجناح بتاعي
ابتسمت بمكر وهي تنحني بجزعها والتقطت حفنة من الرمال وقذفتها بوجهه بقوة فاجأته وجعلته يلعنها و يتراجع يحمي وجهه كرد فعل لفعلتها.

لتقول بشراسة وبنبرة متشفية قبل أن تفر هاربة: شوفت القطة بتعمل إيه في اللي يعاكسها، تستاهل
وفي لمح البصر كانت اختفت من أمامه ليزئر بألم بعدما دخل بعض من الرمال بعينه ويتوعد لها...

وصلت لغرفتها راكضة وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة فنظرات ذلك السمج تعرفها جيدًا ونالت العديد منها سابقًا فهي نظرات رغبة مقززة تثير اشمئزازها تنهدت بأرتياح وهي تتوجه الى الفراش لتنال قسط بسيط من الراحةقبل موعد الأجتماع، لتتسع عيناها بذهول فهناك على فراشها فُستان غاية في الجمال والروعة يضاهي بلونه لون عيناها و مزين بلؤلؤ من نفس اللون ومعه الحذاء والحقيبة الخاصة به التي تلائمه كثيرًا شهقت بأنبهار وهي تتفقده وتنتشل تلك الورقة المرفقة معه بحذر وتمرر عيناها على الكلمات بعدم تصديق فهو من بعث به ويخبرها انه سينتظرها بالموعد وضعت يدها على فمها وعدم تصديق فهو رغم أنه لم يعتذر بكلماته إلا أنها استشعرت طريقته الغير مباشرة بأرضائها وحينها قفزت بسعادة وهي تحتضن الفُستان وتمني نفسها أنها اقتربت ولو قليلًا من هدفها.

تحضرت إلى الخروج لتباشر عملها فلا يوجد جدوى من تكاسلها وحزنها على فعلته بها فهي ليست من هؤلاء النساء التي تستسلم بسهولة، نعم هي تأثرت بعد نطقه بطلاقها لكن بعد أن بعث لها بورقة طلاقها استردت كبريائها وعنادها الذي دائمًا يتحكم بها واقسمت أنها سوف تشعره بفداحة خسارته وتسرعه
وإن كادت أن تفتح باب الشقة استوقفتها نبرة والدتها الصارمة: رايحة فين يا مي؟

تنهدت بسخرية فوالدتها لم تعيرها أي اهتمام منذ طلاقها لتجيبها بتهكم تقصدته: رايحة المستشفى في مانع اشوف شُغلي
مفيش خروج انتِ عايزة الناس تاكل وشنا وتقول ما صدقت تتطلق علشان تدخل وتخرج على راحتها، اغمضت مي عيناها بعصبية وتعالت انفاسها من رجعية تفكير والدتهاو تحاول جاهدة ان لا تندفع بالحديث وتغضبها:
انا ميهمنيش حد وبعدين انا رايحة شغلي مش رايحة اسهر ولا اتصرمح عن اذنك اتأخرت.

لتغادر دون أن تستمع لرد والدتها خرجت من بنايتها بخطوات ثابتة وهي تضع نظارتها القاتمة على عيناها كي تخفى ذبولهاثم توجهت إلى سيارتها
وعندما شرعت بقيادتها لفت نظرها تلك السيارة التي تقترب منها بسرعة فائقة وتعترض طريقها بعدما انحنت بمسارها لتواجهها لتكبح الفرامل بسرعة وتتفادي اصطدامهم الوشيك وتتوقف بجانب الطريق.

تعالت أنفاسها بذعر وهي تتوعد لسائق السيارة فتحت بابها بقوة واندفعت للخارج وهي تطلق اللعنات عليه لتتوقف الكلمات بحلقها بعدما هبط من سيارته بطلته العصرية ونظراته الثاقبة التي تخترقها لتهتف بذهول:
انت اكيد اتجننت انت عايز ايه؟ تقدم منها مازن بخطوات هادئة وتحدث وهو يخترق بثاقبتاه ملامحها المتعبة:.

انا كنت هتجنن علشان اطمن عليكِ انا بقالي يومين قاعد تحت بيتكم مستنيكِ تنزلي وحتى التليفون معرفش ماله مش بيجمع ليه
ردت هي بعصبية وبصوت منفعل: وتقلق ليه عليا! بصفتك ايه! واه انا دغدغت التليفون ميت حتة علشان متعرفش تكلمني
جز على نواجزه وهدر بقوة بعدما لاحظ التفات المارة لهم واستماعهم لصراخها: متعليش صوتك عليا
اعترضت هي بشراسة وبنظرات قاتلة: لأهعلي وهعمل اكتر من كده لو مبعدتش عني.

ليزمجر غاضبًا ويقول من بين اسنانه وهو يطرق بقبضته على جسم سيارتها عدة ضربات: مهما تعملي مش هبعد يا مي ومش هيأس
قالها قبل أن يستقل سيارته من جديد ويقود بسرعة جنونية تدل على عصبيته، بينما هي صعدت من جديد لسيارتها واستكملت طريقها الى عملها وهي تلعنه وتلعن غباء تفكيرها السابق بشأنه فإن لم يعد كانت ستظل في تلك الكذبة للأبد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة