قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع عشر

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع عشر

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع عشر

الدنيا دائرة، دائرة كبيرة وواسعة تبتلع الكثير والكثير فيها، وأنت مجرد عنصر فيها قد تشوهك وقد تمحيك كاملاً...
صباحًا إنطلق عمر متجهًا ل تلك التي تدعى حنان ...
كانت أعصابه ك وترًا أصبح مشدودًا مطاطًا من كثرة الإرهاق والشد والجذب!
وصل الى المنزل فطرق الباب بقوة وكأنه يود اختراقه، إلى أن فتحت الباب فدفعها بقوة للداخل وأغلق الباب خلفه، نظرت له مصدومة من عصبيته تهتف في هدوء حانق:.

-في إيه يا عمر مالك داخل كدة لية؟
جذبها من يدها بقوة مزمجرًا في وجهها:
-إنتِ كلمتي شهد مراتي؟
إبتلعت ريقها متوجسة، يبدو أن تسرعها أسقطها في حفرة عميقة جدرانها من أشواك مسممة!
لتجيبه بما اشبه الهمس:
-انا اتصلت بالتليفون بتاع البيت بتاعك، لكن مكنتش أعرف إنها هي شهد مراتك والله العظيم
هزها بكل القوة السلبية التي تكمن بين ثنايا روحه الممتلأة بشجن ليصرخ فيها:.

-وهو حد قاااالك تتصلي اصلا، أنا مديكي التليفون ده عشان تتصلي وقت الضرورة مش عشان تتصلي وتكلميها وتعرفيها إنك الزفتة مراتي التانية!
حاولت إبعاده عنها متأففة بضيق:
-هو حصل إيه يعني ل ده يا كله يابن عمتي؟
جلس على الأريكة يهز رأسه بهيسترية مرددًا:
-حصل كل حاجة وحشة، حياتب كلها اتدمرت يا حنان!
سألته بقلق:
-هي عملت إيه بالظبط اما عرفت؟
همس بقهر:
-هربت، سابتني ومشيت وطلبت الطلااق!

شهقت مصدومة، مساعدته لها أصبحت عبئًا ثقيلاً على كتفيه اللذان كادا يسقطا بلا نهضة اخرى!
لم تتوقع أن تختم حياته بصك النهاية وبسببها هي...
بينما ظل يردد هو بهذيان:
-ياريتني ما رديت على خالي ولا ساعدتك ولا خبيت عنها، ياريتني ما عرفت حسين ولا حبيت أنتقم منه واسترد حقي، ياريتني كنت سبته يخليني مدمن اهون، على الاقل كانت هتبقى جمبي!

جلست بجواره مقتربة منه تربت على كتفه برفق، كادت تكون ملتصقة به فانتفض سريعا وكأنه تذكر ليوبخها:
-إنتِ من امتى وانتِ بتقربي كدة، ابعدي عني نهائيا
-عمر انا بردو مراتك
قالتها بضيق مهموم ومكتوم، ليقول بحدة:.

-مراتي مجرد مساعدة عشان ابوكِ اللي فضا يحايلني اتجوزك عشان ابن الكلب اللي اغتصبك، عشان عين خالي الصعيدي ماينفعش و ماتبقاش في الارض وتبقى بنته متجوزة صوري لوقت مؤقت بس ومستقبلها مايتدمرش، بس اهووو مستقبلي انا وحياتي كلها اللي اتدمرت، ملعون ابوه اتفاق مساعدة!
نكست رأسها خزيًا، مرارة تلفح سطح تظاهرها البارد والواهي...
بينما انتبه عمر فنهض مغمغمًا بضياع:.

-أنا اسف يا حنان، انا مش قصدي أذلك بس انا مضغوط جدا
هزت رأسها نافية:
-لا معاك حق، احنا اللي كنا برة حياتك من يوم وفاة عمتي ويوم ما دخلناها دمرناها
سألها عمر بجمود:
-إنتِ عرفتي منين إنك حامل؟
أجابت متلعثمة:
-كنت حاسه بأعراض الحمل وجبت تحليل من الصيدلية، مش عارفة اعمل اية انا مستقبلي ضاع خلاص، مش عارفة هقول لابني مين ابوه! ابوك اللي اغتصب امك وسابها وهرب؟
ظلت تسألها بنبرة مختنقة:.

-هعمل اية يا عمر؟ وهقول لأبوي اية ده ممكن يروح فيها!
أجابها عمر بعد فترة الصمت بصوت حازم وجاد غير واعي لنتائج قد تترتب بشكل يُذهله تماما:
-هتكملي حملك يابنت خالي وابنك هيتكتب بأسمي!
ثم نهض ليغادر دون كلمة اخرى، يكمل مهمة البحث عن معشوقة متمردة خرجت عن طوق الطاعة!..

الحياة مياه، مياه تنساب من منبع الظروف، تُشكلها بأصابعك كيفما شئت، ولكن إن إزداد عبثك بها، إزددت أنت غرقًا فيها!
وفي مكانًا اخر، تحديدًا أمام بناية كبيرة في منطقة شبه خالية من السكان، كانت چودي تقف وتفرك أصابعها بتوتر، قلبها يدق بعنف وخلاياها تصرخ بالقلق!
أجبرت ساقيها على التحرك نحو الأعلى، ووصلت امام - شقة - ما فاطرقت الباب بهدوء بطيئ..

فُتح الباب على مصرعيه ليظهر أمامها حسين بابتسامته اللزجة التي تمقتها لأكبر حد!
لعنت ذلك الوعد الذي يُجبرها على التفريط في أغلى ما تملك مقابل ضبابيات حياتية لا تلزم حينها...
جذبها حسين من يدها برفق وهو يردف:
-ما تخشي يا جوجو هو إنتِ محتاجة عزومة؟!
هزت رأسها نافية وهي تحاول نفض ذلك التوتر الذي شل أطرافها عن التصرف تحت ظل خططها، ثم أخبرته بابتسامة صفراء:.

-لا طبعا يا حسين، أنا جايه من غير عزومة، وهادخل من غير عزومة برضه
أغلق الباب خلفها وقد صدح صوته متابعًا:
-جايه من غير عزومة فعلاً، جايه بأتفاق زي السيف على رقبتك بتحاولي تفلسعي ( تهربي ) منه دايما
هزت رأسها بسرعة:
-لا لا انا بس مكنتش فاضية مش اكتر
ضيق عينيه وهو يلوي شفتاه:
-امممم وماله.

جلست على حافة الأريكة بهدوء، ثم جلس هو لجوارها حتى بات ملتصقًا لها، والسبب واضحًا كعينًا لشمس حارقة وصلت اشعتها الحمراء لكلاهما!
بدأ يتحسس جسدها بشهوة وهو يقترب منها اكثر في محاولة لتقبيلها، ولكنها أبتعدت قليلاً تحاول خلق أي حُجة ولو كانت مؤقتة:
-طب مش هتعمل اي حاجة نشربها ولا إيه؟!
مط شفتيه مغمغمًا بضيق جلي على قسمات وجهه الخشن:
-وده وقته ده؟!
غمزت له بطرف عينيها هامسة بصوت ذو بحة مثيرة:.

-عشان نتمزج في الليلة يا حسوووني
نهض وهو يتأفف:
-ماااشي، اما نشوف اخرتها معاكِ
غاب عن ناظريها لتضع يدها على قلبها الذي أعلن حالة - الحداد - على دقات حديثة العهد!
لا ترى سوى مستقبل أسود، بل حالك، وحلكهُ مخيفة مُلونة باسمرار شياطين يتكاثر وجدهم في حياتها...
عاد مرة اخرى بكوب من الخمر ليعطيه اياه فسارعت تسأله:
-اية ده انت مش هاتشرب ولا إيه؟
هز رأسه نافيًا، وقال بصوت لم تخفى نغمات الرغبة الملعونة منه:.

-تؤ تؤ، عشان أكون مركز لك أوي يا جميل، دي ليلة مُش هاتتكرر
شربت ذاك الكوب الذي نزل بين احشائها وكأنه سُم يُميت ببطئ!
بطئ كان أكبر وسيلة للتعذيب...
مر الوقت وكانت تُعتبر مغيبة تمامًا بين يداه، يضعها على الفراش برفق ويزيل عنها ملابسها، ثم يقبل كل جزء منها..
ومر كل شيئ كأي شيئ ولكنه أسرع، وأسوء وانتهى معه اهم شيئ!

بعد فترة كانت تتسطح بين أحضانه، ولكن عقلها مازال في وضع وقف التنفيذ!
كانت تضحك دون سبب مُحق..
احتضنها حسين وهو يهمس لها بخبث:
-بتضحكِ على إيه يا چودي
رفعت كتفيها تقول بوهن:
-بضحك على حالي الموكوس
ثم أطلقت ضحكة طويلة وعالية ومُدرجة من الألم في آنٍ واحد، لتقر بكل شيئ دون وعي:
-اصلي مديونة، وبقيت عاهرة، وهتسجن، بوووظت يعني
وسرعان ما كانت تهز رأسها لتكمل:
-تؤ تؤ بس انا قوية برضه، مهما حصل أنا سترووونج.

سألها مستفسرًا يحاول مجاراتها:
-كملي يا چودي مديونة لمين؟!
رفعت يدها تشير له:
-انت مش عارف يا عبيط؟ للست السودة اللي عملت سحر لعمر طبعا، ماتبقاش غبي امال هي هتعملي ببلاش!
إتسعت حدقتاه عينا بعدم تصديق!
لم يتوقع أن تنحدر لتلك النقطة، مهلاً، أن تنحدر للاشيئ...!
خسرت كله شيئ، كل شيئ دون استثناء واحد، ومازالت تُجاهد..!
ضربته على وجنته برفق متابعة بسخرية:.

-اوعى تكون فكرت انه ممكن يستسلم لي ويسبني ادخل بيته ويكلمني بسهولة كدة
عض الأخر على شفتاه السفلية متسع الحدقتين من الخبث الذي يسيل منها كالأمطار الغزيرة دون توقف، هامسًا لنفسه بصوت لا تسمعه وهي مستمرة في ذاك الضحك الهيستيري:
-يا بنت ال*!

كان كلاً من مها و رودينا و احمد في الغرفة التي تقطن بها رودينا بعد أن نقلها أحمد للمشفى..
كانت تبكي وصوت نشيجها يعلو شيئً فشيئ، من يراها يتيقن أن حياتها إنتهت وإنتهى معها كل شيئ!
بينما مها تقف بعيدا تفرك أصابعها بتوتر، حتى الان لا تدري كيف حدث الذي حدث؟!
هي حتى لم تدفعها لتسقط...!
بينما اشارت لها رودينا مغمغمة وسط بكاؤوها:.

-شوفت يا احمد قولتلك مش هتسكت غير لما تموت ابني واهي نجحت، وقعتني عشان تنتقم مني ف ابني اللي لسة ماشافش نور الدنيا
بينما كان أحمد يراقبها بصمت، صمت قاتل كان ك وعاء سقط فيه دون قصدًا منه بدفعة الصدمة...
لم يعرف لم تنقلب حياته هكذا فجأةً ودون اي تحذيرات واهية!
بينما اكملت رودينا:
-اااه يا حرقة قلبي على ابني، قدرك ونصيبك يا حبيبي
هنا هتفت مها بضيق منخفض:.

-بس انا مازقتكيش يا رودينا! إنتِ وقعتي لوحدك على فكرة
هنا صرخ أحمد فيها بقوة وصرامة لاذعة:
-أخرسي يا مها، هي هتموت ابنها بأيدها إنتِ مجنونة!
ظلت رودينا تهز رأسها بالنفي قبل أن تتشدق بالنقطة الفاصلة في حياة كلاهما بل وبداية جديدة للنهاية:
-بس لا انا مش هسكت، مش هسيب حق ابني ابدا
نظر لها احمد مستفسرًا بتنهيدة طويلة وحارة:
-عايزة تعملي إيه يا رودينا؟
قالت مسرعة:.

-هرفع قضية محاولة انها تعتدي عليا بالضرب وقتلت ابني!
شهقت مها مصدومة، وضعت يدها على فاهها وهي تحدق فيها بصدمة...
لم تتوقع أن تصل لتلك النقطة ابدًا، سجن جديد وخسارة جديدة!؟
ف هتفت بصوت مبحوح وبسرعة:
-لا لا كدابة والله انا ماقصدتش خالص
نظرت ل أحمد الذي كان ينظر ل رودينا بتدقيق وكأنه يقرر شيئً ما...
فقالت مها موجهة حديثها لأحمد:
-احمد انا محاولتش اعتدي على حد، صدقني هي كدابة.

رفع كتفيه مرددًا بجدية سقطت على روحها المهشمة ك الرصاص عليها تُخدرها بل وتُميتها ببطئ:
-أسف، ماقدرش أمنعها في الحته دي!

كانت رضوى تتسطح لجوار عبدالرحمن على فراشهم المتين، والذي بات مأوى لمراحل عشقهم المتكررة دون يأس...
شعرها الأسود المشعث ينفرد على صدره العاري، ويداه السمراء الصلبة تقيد كتفيها بقيدًا لطالما عشقت ملمسه عليها، فور رحيل صديقتها لم تنطق بكلمة، فقط غاصت معه في رحلة جديدة يعلمها فيها الأبجدية المُكررة في عشقهم الأبدي المتين...

لسانها لم ينطق بحرفًا واحدًا عما حدث، ولكن عيناها تولت تلك المهمة القاسية في وصف كم المشاعر التي تجتاحها الان
ملس عبدالرحمن على وجنتاها الناعمة التي تعكس ملمس أصابعه عليها، ليهمس بتروية:
-امممم، أفهم من كدة إنك بتحفظي الخصوصيات صح؟
في البداية بدت لها جملته غامضة، فسألته هادئة وهي تعقد حاجبيها:
-مش فاهمة؟ خصوصيات إيه!؟

اجابها دون تردد وهو يزجها داخل حضنه أكثر علها تجد ذاك الأحتواء فتفيض بسلبياته داخل جوفه:
-صحبتك واللي حكيتهولك خلاكِ متضايقة وساكتة كدة
عاجلاً ام أجلاً كانت ستقص عليه ما يدور بخلدها، ولكن بدلاً عن ذلك نظرت له تهتف مشاكسة:
-إيه ده وأنت عايز تعرف أخبار صحبتي؟ ثم ان البيت ده مفيهوش خصوصية خالص
اقترب بوجهه من وجهها ليداعب أنفها المرفوعة بكبرياء فطري، ثم همس ضاحكًا:.

-أيوة، أحنا ماعندناش حاجة أسمها خصوصية خالص، مالص
صمت برهه ثم أكمل بخبث يتلاعب على ذاك الوتر:
-اما بخصوص عايز أعرف أخبار صحبتك ف أنا أحبذ ان انا اعرف، دي غالية عندي بردو يمكن اقدر اساعدها
ضحكت برقة اذابت قلبه الذي لم يكف عن اشتياقه، ثم عادت تنظر لصدره وكأنها تخاطبه هو بدلاً عنه، ثم اكملت بجدية:
-متضايقة عشانها بفكر لو لقدر الله كنت أنا مكانها كان هيحصل إيه!
عقد ما بين حاجبيه بحيرة، ثم غمغم:.

-هي المشكلة عميقة للدرجة؟
إبتلعت ريقها بازدراء، لتجيب هامسة بتردد:
-بتقول جوزها بيخونها
أنتصب عبدالرحمن في جلسته مصدومًا!
يكاد يقسم لو كان شخصًا اخر يزعم له ذاك الخبر لكان كذبه ببساطة، ولكن رضوى شخصية تحمل حاجزًا بينها وبين الكذب، ورقة بيضاء لا تقبل الشك..
ظل محدقًا بها ثم همس ببلاهه:
-نعم! جوزها؟
اومأت مؤكدة بأسف:
-ايوة، قال إيه شافته كمان اللي يشوفهم اول الجواز ميصدقش
سألها مرة اخرى بهذيان مصدوم:.

-جوزها اللي احنا بنشوفه وعارفينه ده متأكدة؟
إنفلتت منها ضحكة على صدمته والتي كانت ك لعنة حلت عليها قبله، فقالت:
-ايوة والله هو بعينه، هي متجوزة غيره!؟
هز رأسه نفيًا ثم تسطح كما كان عل تأثير الصدمة يخف من عليه، فزفر مستطردًا بخشونة صادقة:
-لا بس الخيانة وجوزها ده ماينفعش يبقوا في جملة واحدة، كلنا عارفين جوزها واخلاقه واد إيه هو بيحبها
تنهدت بعمق ثم أكدت على كلامه الذي يشهد به كل فرظ فرد:.

-أيوة، نفس اللي أنا قولته لها من شوية
أمسك وجهها بين كفيه، ينظر لعيناها التي تأثره بسحرها الذي لا يزول، ثم سألها بخشونة:
-وإنتِ بتحطي نفسك مكانها وتفكري إيه اللي هيحصل لو خونتك زي ما المفروض حصل معاها؟
هزت رأسها برفق هامسة:
-حاجة زي كدة
-أموووووت...
نطقها مغمض العينين يقرب نفسه منها أكثر، يشعرها بحرارة كلمة الخيانة عليه، اضطرب نفسه قليلا قبل أن يكمل بصوته الأجش:.

-اموت لو حصل ده، لاني يوم ما اعملها مش هبقى بكامل قوايا العقلية
بينما هي في عالم اخر، كانت بين ثنايا خلاياها المشتعلة بمجرد أن اخترق الفكر عن الخيانة روحها، لا تتخيل ذاك اليوم ولا ترغب أن تتخيله حتى...
أي لعنة ذاك الشعور الذي يحتلك فيشل اجزائك ما إن تعتقد أن معشوقك لم يعد لك!
ربما لا يوجد شعور يُقسم القلب لنصفين متشتتين ومتنافرين سوى ذاك الشعور، الخيانة!

شعرت بشفتاه الذي تسللت بسخونة على رقبتها نزولاً بكتفيها المتعريين، أغمضت عينيها مستمتعة بذاك الشعور الذي يجعلها ترفرف بين أفق السعادة الأبدية...
وما إن وصلها نشيجة الذي بدأ ينحدر نحو الحدة حتى فتحت عينيها:
-اوعي تفكري في الموضوع ده تاني، إلا لو السما انطبقت على الارض
حاولت الابتسام مجاملة وهي تخبره شبه معتذرة:
-مش قصدي، مش قصدي أشكك فيك يعني، بس مجرد التفكير إنك ممكن تكون مع واح...

قاطع سيل كلماتها بشفتاه الأكثر من متلهفة، إبتلع باقي حروفها المسمومة بين جوفيه، يقتنص منها بتلك القبلة التي خرجت رقيقة وحانية رغمًا عنه...
ابتعد بعد دقيقتين تقريبًا يلتقط أنفاسه الهادرة، ثم هدر فيها بعنف:
-ماقدرش، لو أنا عملت كدة قلبي مش هيطاوعني، مشاعري اللي مابتخرجش إلا معاكِ مش هتطاوعني، جسمي اللي بيتلبش بكهربا لو لمس ست غيرك مش هيطاوعني
اغمضت عيناها بابتسامة هادئة تزين ثغرها الوردي..

يتغذى كبريائها الانثوي كلما سمعت تلك الكلمات التي تقطر صدقًا بين حروفها، وبتلقائية نهضت قليلا تقبل صدره العاري بشفتاها الوردية، فشعرت بتشنج جسده تحت شفتاها..
لتترك اثرًا على روحه الملتاعة اكثر من جسده، فنظرت له مرددة بعشق مُنع الملل منه:
-بحبك اوووي
أحتضنها اكثر فأكثر، يود ادخالها بين ضلوعه فيحتفظ بذلك العشق للأبد، ثم ازاح الغطاء عنها، لتلتهم شفتاه كل ما تطوله..

ويداه ترسم خطوطًا جديدة للعشق على مفاتن جسدها، ليهمس بين قبلاته الحارة قبل أن يغرقها معه في دوامة جديدة:
-وانا بعشق امك يا ام عسقلان.

هب عبدالرحمن منتصبًا من ذاك الحلم القصير الذي لا تجتمع فيه معه الا قليلا...
ذكرياتهم معًا تطارده حتى في احلامه فيزداد مقدار العذاب عليه!
شظايا العشق المهبوب تُذبح في روحه التي كادت تستكين صريعًا..
ظل يصرخ بهيسترية كالعادة منذ ان خرج من تلك المستشفى:
-اااااه يا رضووووى..
اقتربت منه والدته مسرعة تجلس جواره تربت على شعره بحنان وهي تقول:
-سلامتك من ال اه يا ضنايا، ادعيلها يا حبيبي.

اصبح يهز رأسه بهيسترية:
-مش قادر يا امي انا عايزها، عايز مراتي، انا وعدتها وخلفت وعدي وكنت هخونها بس مش بأرادتي والله ما بمزاجي!
ظل يهذي هكذا بحروفه التي اختلطت بالبكاء المرير..
نعم البكاء، وعندما يبكي الرجل على امرأة، حينها تعلم أن ذاك العشق ك عفريتًا تلبسه حتى الممات!
بينما همست والدته بشرود وضيق دفين:
-اسفة يا عبدالرحمن، اسفة يابني!

فقدان برغبتك، كمثل الذي من دون رغبتك، كلاهما فراق، وكلاهما عذاب!
عذاب وفقدان لغذاء روح لا تنمو إلا من هالة عشقها المعتادة...!

خرجت شهد من المطبخ على صوت طرقات الباب، كانت مرهقة بحق وازداد إرهاقها وكأنه تضامنًا مع إرهاق روحها النفسي، والسبب مجهول!
كانت تلك الليلة تقريبا اسوء ليلة تبيتها في حياتها...
ليلة مشؤمة لم تستند فيها لحضن حبيبها و زوجها كما كانت تفعل دومًا!
نظرت من - العين السحرية - لتراه، ابتسمت بهدوء قبل ان تفتح الباب وهي تعدل حجابها مرددة بهدوء تام:
-إتفضل يا عمار ادخل...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة