قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن عشر

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن عشر

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن عشر

أبتسم عمار بحبور قبل أن يدلف خطوتان نحو الداخل بهدوء تام..
أشارت له نحو الأريكة بحرج دون أن تغلق الباب، ليراعي هو ذاك الحرج الفطرب وهو يهز رأسه نافيًا:
-لا تسلمي، أنا بس جبتلك الأكل عشان تحطيه عندك في التلاجة وماتضطريش تنزلي إلا للضرورة
اومأت وقد أنار وجهها شبح ابتسامة مُغتضبة:
-ربنا يخليك، تعبتك معايا
هز رأسها نافيًا ورد بعفوية:
-لا متقوليش كدة، إنتِ مهما كان بردو مرات أخويا.

رغمًا عنها تقلبت صفحة وجهها المجبرة على الأبتسام، وظهرت الحروف المتهالكة التي كانت تحاول إخفاءها!
وكان رداء الصمت قانون إجباري يُغطي ثناياها المُجرحة...
بينما أكمل عمار دون تردد بجدية لازمة:
-شهد أنا عارف إن اللي عمر عمله بردو مش سهل، لكن إنتِ لازم تحطي في بالك إنه أكيد عمل كدة لهدف معين وكان موجوع أكتر منك
إبتسامة دون مرح نتجت عن تعوج ثغرها الناعم دون روح...

ليتابع عمار كمحاولة لدسائس طيبة تُنقي السوداء الذي بدأ يحيط ذاك العشق المهدور:
-أنا مش بقولك كدة عشان انا صاحبه او بدافع عنه، أنا عارف ان الغلط راكبه من ساسه ل راسه، لكن بقولك كدة من عشرتي ب عمر ومعرفتي الطويلة بيه
اومأت شهد موافقة بهمس:
-عارفة
سمعت صوته الأجش يخبرها بثقة:
-مسيرك ترجعيله يا شهد
نظرت له بشرود، وكأنه ترجو تلك الثقة أن تحوي عبق رعبها من القادم فتخطو للأمام على خط الحياة دون تردد!

ثم قالت بعد فترة صمت:
-المهم أنا مش فاهمة انت لية لحد دلوقتي ماكلمتش عمر تقوله انك رجعت من سفرك لحد دلوقت؟!
تنهد بصوت عالي قبل أن يستطرد بابتسامة هادئة:
-عشان أنا عارفه بردو، لو روحت له في نفس اليوم اللي إنتِ سبتيه فيه كان هيطلع عيني ومش بعيد يشك إني عارف مكانك، لكن كدة هعمل نفسي لسة واصل ومش فاهم حاجة وهو يحكيلي بنفسه
اومأت موافقة، بينما قال وهو يغمز لها بابتسامة مرح:.

-بس ماتنكريش إن لولا ما شوفتك ساعتها وإنتِ بتفلسعي مكنتيش هتلاقي حد يجيبلك الشقة هه
حاولت مجاراته في طريق تُزاح فيه همومها ولو قليلاً مرددة:
-لا طبعا، اخويا حبيبي كان هيتصرف ويجبلي شقة، ده أنا كان ناقص ابوس رجله عشان اقنعه يرجع البلد ويشوف اشغاله
ضحك عمار بخفة ليستدير ملوحًا لها:
-طب هستأذن انا بقا هروح ل عمر واشوف اللي ورايا انا كمان
اومأت موافقة بفتور:
-تمام، شكرًا مرة تانية يا عمار، ويابختك عمر بيك.

عدل لياقه قميصه هاتفًا في صورة كوميدية:
-لا لا أنا كدة اتغريت، بس احسن لو فضلتي تقولي كدة مش هشووفك اصلاً من كتر الكبرياء
ابتسمت شهد على مظهره هامسة:
-حقك تتغر يا عم
بادلها الابتسامة ثم غادر هو بعد أن ودعها كالأطفال:
-خلي بالك من نفسك وماتفتحيش لحد الباب هه، يلا سلام
أغلقت الباب بهدوء وكادت تسير ولكن فجأة رأت الصورة امامها تهتز وتتشوش حتى كادت تسقط بين زوايا تلك الصورة!

ولكن إستندت على طرف الأريكة وهي تمسك برأسها، مرت الدقائق فانتصبت في وقفتها لتتجه بالهاتف الصغير الموصل ب حارس العمارة لتتصل منتظرة الرد، وبعد أن اتاها الرد اجابت بجدية:
-ايوة يا عم مسعد من فضلك عاوزاك تجيب أختبار حمل من اي صيدلية قريبة لو امكن
-حاضر يا هانم، حاجة تانية؟
-لا متشكرة، أبقى ابعته مع ابنك وانا هبعت معاه الفلوس
-تحت امرك يا مدام
-الامر لله، شكرا.

أغلقت وهي تبتلع ريقها بازدراء، تخشى ذاك التفكير كخشية شمعة ستُضيئ عتمة ولكنها ستترك اثرًا في دواخلها..
وتتمناها ك عاشق مراهق يتمنى محبوبة في الظلام كالأشياء التي لا تُنار!
تنهدت تنهيدة طويلة تحمل في طياتها الكثير والكثير هامسة:
-مش معقول اللي بفكر فيه يكون صح، للدرجة دي القدر بيعاندني؟!

أغلق عمر باب المكتب خلفه وهو يسلط نظراته على ذلك المسجي امامه بأريحية على الأريكة..
يغمض عيناه ويداه خلف رأسه يهز قدماه مستريحًا، هادئًا لا ينهشه الغيظ ك كلبًا مستعرًا يمزقه داخليًا!
فكر عمر في ذلك قبل أن يتنحنج بصوته الأجش قائلاً:
-حسين، عايز أتكلم معاك شوية
فتح حسين عيناه ببطئ، لينال عمر منه نظرة مستفسرة قبل أن يسمعه يسأله ببرود:
-امممم، قول يا عمر خير؟
إحتدت نبرة عمر وهو يزجره بغيظ:.

-طب قوم كدة كلمني زي ما بكلمك، ده من الأحترام يعني
وبالفعل امتثل لكلامه ولكنه لم يتخلى عن بروده وكأنه عامود حياته الخبيثة...
نهض جالسًا ثم وضع يده على فخذيه وهو يهتف ناظرًا ل عمر وقطرات غيظ تنحدر منه:
-اممم اديني قومت، أي اوامر تانية يا عمر بيه؟
هز عمر رأسه نفيًا، لجوار تنهيدته الحارة الطويلة:
-لأ، بجد عايزك في موضوع جادي يعني وحياتي متوقفة عليه
رفع حاجبه الأيسر يرد وقد لاحظ عمر تلك اللمحة من السخرية:.

-بجد؟ اية الموضوع المهم جدا ده، قولي يلا
هتف عمر دون مقدمات بوجوم:
-عايزك تطرد البت اللي أسمها چودي دي من الشركة
كانت نظرة حسين غامضة، سوداء تشمل عمل بأكمله، ثم سأله ببساطة:
-لية؟
أجابه عمر مندفعًا بغيظ:
-عشان مش عايزها قريبة مني
عاد يسألها بخشونة:
-لية؟ عملت لك إيه عشان تقول وتطلب كدة
عض بأسنانه البيضاء على شفاهه بقوة، بالكاد يمنع تلك الحروف المندفعة من التحرر فيخسر الكثير والكثير!

ثم عاد ينظر له وهو يخبره برزانة لطالما تحلى بها:
-مينفعش، غيرت رأيي واستحالة اتجوز جودي، نمط حياتها غيري خالص
رفع الاخر كتفيه يغمغم ببرود:
-أنت تقدر توقفها عند حدها، لكن أنا ماينفعش اطردها عشان السبب ده، ده سبب مش كافي لقطع عيش الناس
ولم يأبه عمر لأي شيئ وهو يصرخ بوجهه منفعلاً ؛
-أنت مجنون! بقولك هي جايه عشاني وانا مش عاوزها حمبي.

دب حسين على المقعد الجلدي بأصابعه الخشنة، دقيقة، اثنان، ثلاثة يتلاعب فيهم على أوتار أعصاب عمر بأصابع محترفة في التدمير..
ثم رفع رأسه ليرمقه بنظرة ذات مغزى قبل أن يقول:
-أنا هسيبك دلوقتي بس عشان أنت مش واعي للي أنت بتقوله
تأفف عمر بضيق متساءلاً:
-يعني إيه؟
-يعني انا مش هطرد چودي عشان مفيش امكانيات حد يمسك مكانها
سارع يبطل حجته الهشة بقوله:
-هننزل إعلان ونجيب حد مكانها يا حسين، مش مشكلة دي يعني!

هز رأسه نافيًا بتصميم:
-أسف يا عمر، كان الود ودي أساعدك لكن مش هينفع
بهت عمر للحظات من رفضه، يبحث عن رابط الصداقة ذاك...
ولكن يبدو انه ذاب بين بحور مصالحه الخاصة!
تحشرج صوته وهو يتابع بجدية:
-يبقى انا كمان اسف، انا مستقيل يا حسين
بدأ الغضب يفترش على ملامح حسين الذي نهض يواجهه محتدًا في نظراته الغامضة والسوداء، نظرة لو كانت فعلية لكان سقط عمر صريعًا!
ثم زمجر بوجهه غاضبًا:.

-أنت عارف أنت بتقول إيه يا عمر؟ أعقل احسن لك
اومأ عمر ببرود قبل أن يستدير مغادرًا:
-عارف أنا بقول إيه كويس، و اد كلمتي كمان!
غادر كالأعصار الذي هب على المكان ثم ترك خلفه نسمات واعدة بالدمار!
بينما حسين كان الغضب الأعمى يعصف برأسه دوامات تلف به بقوة لا تنتهي..
ظل يدور في الغرفة كأسد حبيس هائج يكاد يدمر كل من امامه...
ورغمًا عنه تذكر ما حدث مع چودي منذ فترة بعد قدومها للعمل بالشركة
فلاش باك ###...

تلقى إتصالاً هاتفيًا من چودي، تعجب قليلاً من موظفة تتصل به اثناء العمل!
ولكن بدله سريعًا بالاستفسار وهو يجيبها هاتفًا بجدية:
-الوو، چودي
-أيوة أنا، كنت بتصل عشان اعمل اتفاق بيننا
-أتفاق إيه ده بقا؟
-مش هينفع في التليفون يا استاذ حسين، لازم نتقابل ونتفق برواق
-تمام اما نشوف..

وإنتهى به المطاف لطريق مسدود، اخره الرغبة، والخيانة!
وصلت والدة عبدالرحمن إلى بناية ما، تحمل في يدها الطفلة الرضيعة إبنة رضوى، تتلفت كل حينٍ ومين خلفها وكأنها تخشى ان يراقبها شخصًا ما!
وصلت امام شقة ما فأخرجت المفاتيح من جيبها بهدوء لتفتح الباب وتدلف مغلقة الباب خلفها بهدوء وترقب...
ومن العدم ظهرت رضوى مخترقة تلك الظلمة الحالكة لتطل بهيئتها المرزية!

يدها المُكسرة التي تربطها بربطة المشفى حتى الان، ورأسها بالمثل، وبعد الخدوش الواضحة على وجهها ويداها!
ظلت تنظر لها تلك السيدة بشرود الى أن انتبهت لصوت رضوى المبحوح وهي ترجوها بضعف:
-هاتيها، عايزة اخدها في حضني أرجوكِ!
إقتربت منها رويدًا رويدًا لتعطيها الطفلة، إنتشلتها رضوى مسرعا متغاضية عن ألم يدها لتقبلها في كل جزء منها باشتياق قاتل...
بدأت تبكي بحزن مبكوت ومجزوم بالصمت وهي تحتضن إبنتها...

جلسوا جميعهم ورضوى لم تترك أبنتها من يدها ولو للحظة وكأنها تُملي تلك العين التي اشتاقت رؤيتها، وذاك القلب الذي إنقسم مُحطمًا من طعنات متتالية!
مر الوقت لتنظر لها قائلة بنبرة مهزوزة:
-حرام عليكِ أنتِ بتعملي معايا كدة لية؟! إنتِ إستحالة تكوني ام
هزت رأسها نافية بقوة قاسية:
-لا أنا ام زيك، إنتِ تعبانة كدة عشان ضناكي، وانا بردو بعمل كدة عشان مصلحة ابني مش اكتر
صرخت فيها بنفاذ صبر:.

-وهي مصلحة ابنك إنك تدمريه نفسيا كدة؟!
تأففت هي مجيبة:
-انا مش بدمره، مسيره ينساكِ خالص ويتعايش عادي
ظهرت إبتسامو قُتلت الف مرة داخل خواطرها وهي تسألها متهكمة:
-وياترى لما الشهر يخلص وتسبيني امشي وتديني بنتي هتقوليله بردو بنتك ماتت ولا هتشوفي كذبة جديدة؟!
زجرتها بحدة مغمغمة:
-حاجة ماتخصكيش، إنتِ تحمدي ربنا إني سبتك عايشة فعلاً
اومأت رضوى ساخرة:
-صدقيني مابقتش أستبعدها عليكِ ابدا.

حاولت أخذ الطفلة منها مردفة في حنق:
-طب يلا هاتي البت ارجعها عشان الهانم اختك هاتشك فيا كدة
هزت رأسها نافية، وبلحظة ضعف كانت مشاعر الامومة هي من تقود زمام امورها وهي تتوسلها:
-ابوس ايدك سبيها معايا، انا هموت من غيرها والله، اعملي كل اللي انتِ عايزاه بس سيبي بنتي معايا حرام عليكِ
هزت رأسها نافية لتسحب الطفلة بالقوة، وتضع حدًا لتردد كاد يتسحب بين بوادر تفكير...
ثم كادت تغادر ولكن التفتت تخبر رضوى بجمود:.

-صدقيني لو حاولتي تعملي اي حاجة هاطلعك واحدة مجنونة وزي ما اخدت بنتك من امك واختك مؤقتا ممكن اخدها خالص وساعتها ربك ياخد امانته بقا!
هزت رأسها نفيًا بسرعة هيتسرية:
-لا لا هقعد الشهر بس بنتي لااا، وهاتيهالي اشوفها ارجوكِ عشان خاطر ربنا
اومأت موافقة على مضض لتغادر وهي تغلق الباب خلفها بالمفتاح مرة اخرى..
بينما سقطت رضوى على الارض باكية بقهر، تُعطيها الظلمات خلفية سوداء لقمر طُفئت انواره رغمًا عنه...

ولم تُطل الشمس مُخاصمه جوًا لا يليق بلفحة حياة ناسمة!

بعد مرور اسبوعان...
كانت أسيل يوميًا تتلقى الإهانة مغلفة بكلمات تعرف مغزاها ومهمتها القاسية جيدًا من حياتها
إتسع مجال الحزن في محتوى حياتها التي لم تحوي يومًا حزنًا حقيقيًا بل كانت دائمًا تٌصدر فقط!
كادت تصبح على يقين أن هذا ما هو إلا عقاب قدر يندرج تحته العدل حول ما جنته في حياتها سابقًا...
هي الراجية الراحة وهي أقل من نالوها!

نفذ صبرها عند النقطة الحاسمة، كان جاسر في الخارج بينما هي في غرفتها كالعادة عندما يغادر...
ولكن تلك المرة ليست كسابقًا، بل هي في تلك المرة ستجتاز اول خطوة للأمام املاً في جذب رضا مسروق..
إرتدت احدى اقمصه النوم خاصتها، ووضعت مساحيق تجميل خفيفة جدا تبرز جمال بشرتها البيضاء...
طُرق الباب فتنهدت بقوة تحاول الاستعداد، ليفتح جاسر الباب ويدلف ثم اغلق الباب خلفه دون ان ينظر لها..

وما إن استدار ينظر لها حتى صُدم من هيئتها التي حبست انفاسه، لم يتوقع أن ترتدي كتلك وامامه وبأرادتها!
اقترب منها ببطئ وهو يتبلع ريقه بازدراء هامسًا:
-اية ده!؟ مالك
رفعت كتفيها بدلال ترد:
-مالي منا زي الفل، مش عاجبك ولا إيه؟
نظر في عينيها مباشرةً، يحاول الإنغماس وسط حقيقة تُعافر الاختباء خلف شجن احساسها حاليا...
ليسألها بخفوت:
-اسيل، إنتِ لابسة كدة اكيد مش عشان تسأليني عجبني ولا لا؟

اومأت متنهدة تنهيدة عميقة وهي تقول:
-جاسر، أنا مستعدة أكمل حياتي معاك، وعايزة أكون ام عيالك!
ظل يحدق بها لدقائق، إختلط عليه توتر سطور عيناها بأحساسه الذي أشعله الوهج المنير دومًا في عيناها...
وكأن الزمن توقف عند نقطة تعمقت الاقلام فيها وحل الصمت على قرارات أصدرها عقلاً دومًا كان في الكفة الراجحة!
اقترب منها ببطئ يملس على وجنتها بحنان هامسا:.

-متأكدة؟! عايزة تخلفي مني فعلاً وتكملي حياتك معايا بكامل ارادتك!؟
اومأت مؤكدة وهي تغمض عينيها مستمتعة بلمسته الحانية على قسمات وجهها، بينما اقترب هو منها ببطئ شديد حتى اصبحت شفتاه تلمس اذنها فهمس يشاكسها:
-بس بردو عايز أعرف إيه اللي غير رأيك فجأة كدة؟
حاولت الرد وإن خرجت حروفها متلعثمة بعض الشيئ:
-مفيش، أنا آآ أنا فكرت، وقررت خلال الشهر ده
ابتعد قليلاً يقول مشددًا على حروفه وكأنه يؤكد عليها:.

-اسيل؟ ممكن تاخدي وقتك عادي أنا آآ مش هقرب لك
أمسكت قميصه من الزر الذي يتركه مفتوح دومًا لتعبث بأصابعها عند الازرار قبل أن تبدأ بفتحها مرددة دون ان تنظر له:
-تؤ، أنا عايزاك!
لم ينتظر اكثر وهو لم يعطيها الفرصة لترفع رأسها فهجم على شفتاها يسحق رحيقهما الذي طال غيابه على روحًا تلتاع إشتياقًا له...

بينما يداه تضمها له، يجذبها له بكل قوته وكأنه يود ادخالها بين ضلوعه، بينما هي تتشبث برقبته وقد بادلته قبلاته الساخنة لاول مرة!
لاول مرة تستشعر الانغماس بين طيات مشاعر اكتسحتها دون مقدمات، لم يبتعد عنها ابدا بل ظل يقبلها بنهم، تكاثرت قبلاته على انحاء وجهها كله ليبتعد عنها لحظة يلتقط انفاسه اللاهثة، ثم خلع قميصه يرميه ارضا، ليحملها وهو يقبلها بتمهل وتوق قاتل كاد يُميته...

وضعها على الفراش وهو معها، لتتطاول قبلاته عند رقبتها وما بعدها..
لينغمسا معًا في عالمهما الخاص، عالم لا يحمل مشاكل يبثها واقعهم المرير!

كان عمر في منزله، كالعادة مُرهق جسديًا بعد البحث عن شهد ومرارة الفشل، ونفسيًا بعد الإنحطاط لمستوى العذاب النفسي في ذاك البُعد الاضطراري!
وضع يداه خلف رأسه يتنهد بقوة، حتى ذاك العمل لم يعد يذهب له كما كان...
امسك بقطعة ملابس تحمل عطرها تجاوىه منذ ان غادرت...
رفعها لأنفه يشمها وهو مغمض العينين يهمس بضياع:
-ياااه يا شهدي، اول مرة يجيلك قلب تبعدي عني كل ده!

ظل يملأ رئتيه برائحة عبقها التي اشتاقها حد الجنون، إلى أن وجد دموعه تهبط تلقائيًا على وجنته...
وصل به ألمه إلى عدم قدرته على الصراخ حتى!
ظل يضم قطعة الملابس وهو يغمغم وسط دموعه:
-انا اسف، اسف، اسف اوووي، وحشتيني اووي، وحشتيني لدرجة إني حياتي ضايعة من غيرك!
إنتشله صوت جرس الباب لينهض مسرعا وهو يمسح دموعه ثم يخبأ قطعة الملابس، اتجه نحو الباب يفتحه بهدوء ليجد عمار يندفع نحوه:
-عمر عمر!
سأله عمر بضعف:.

-في إيه يا عمار؟ اية اللي حصل جابك بليل كدة؟!
اجابه عمار لاهثًا:
-أنا عارف، عرفت مكان شهد، بس أنت لازم تلحقها، إلحقها هي وابنك قبل ما يضيعوا
سأله مصدومًا متجمدًا مكانه:
-وابني؟!
اومأ مؤكدًا وهو يشير له بحروف متقطعة:
-ايوة، شهد مراتك حامل، بس لازم تلحقها مفيش وقت!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة