قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع عشر

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع عشر

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع عشر

في غرفةٍ ما، صغيرة يحطيها هالة من الهدوء الساكن الغريب، دلف أحدهم يغلق الباب خلفه وهو يلهث...
ولم يتحرك ذلك الجالس إنش واحد وهو يسأله باللكنة الصعيدية:
-مالك يا وِلد عما تچري كدِة لية؟
أجابه الاخر لاهثًا وهو يحاول تهدأة قلبه الذي كاد يتوقف:
-خوفت حد يشوفني وأنا چاي ويراجبني، ما صدجت آچي
اومأ الرجل بلا مبالاة:
-أحنا مابيهنماش ايتها حاچة ياض
اومأ مؤكدًا بثقة:
-طبعا يا آآ، يا باشا طبعا.

صمت برهه ثم سأله بتردد:
-ممكن أعرف إيه الخطوة الچاية يا باشا؟
حك طرف ذقنه، وبدا وكأنه يُنافس أسوء الشياطين وهو يخبره بنبرة يتساقط الخبث منها كسيلان الأمطار في ليلة عاصفة:
-دلوك انا كدة أثبت لها إني ماسبتهاش خالص، وإني مراجبها دايما، واهو استمتعت بالرعب اللي شوفته بعنيها رغم چوزها الجحش ده كان هايكشفني
اومأ الاخر يسأله بفضول:
-بس مفهمتش لية روحت لها بنفسك ياريس، كان ممكن أني اروح لها بدالك.

هز رأسه نافيًا، وراح يتشدق بأصرار ب:
-لااه، أني كنت هاكشف وشي جدامها، واعورها وامشي، لكن چوزها چه فالوجت الغلط!
سأله بهدوء جاد:
-والخطوة الچاية إيه بجى؟
ظهر شبح ابتسامة موحشة على ثغره الأسمر وهو يتابع:
-لا الخطوة الچاية دي هِنا وبس، المهم أنت عينك ماتغفلش عنها لحظة واحدة حتى!
قالها وهو يشير لعقله الخبيث، مقر نصب الخيوط السامة والخطط المُعذبة..
فرشاة رسم إنتقام وهمي سيكمله حتمًا على أكمل وجه!

تململ عمر في نومته، شعور غريب بالأرتياح يفرض هالاته حوله الان!
تفارق جفناه ببطئ لينظر حوله، فيجد شهد تتوسط صدره العاري...
ظل ينظر لها لدقيقة دون رد فعل واضح، يداه تحيط خصرها بتملك تلقائي، إلى أن إنتفض وهو يهز رأسه نافيًا ليبتعد عنها...
فتحت عيونها ببطئ لتجده ينهض ليرتدي ملابسه بسرعة متوترة..
العقل يرسم خطط المستقبل، والقلب يُخطط للمفاجأت الخفية المرغوبة!
سألته شهد بخفوت:
-مالك يا عمر؟

أجابها مقتضبًا بحدة:
-ملكيش دعوة بيا، سيبيني أتنيل بستين نيلة تاخدني
أمسكت ذراعه بلين توقفه، لتسأله والكسرة تأخذ منحناها بصوتها:
-أنت، أنت متضايق عشان آآ عشان قربت مني؟
لم يرد عليها، بل لا يمتلك تلك الأجابة التي تُرمم تلك الكسرة التي تسببت بها تصرفاته الهوجاء!
ليميل صوتها للبكاء وهي تشدد على حروفها وتهزه متسائلة:
-رد عليا يا عمر، أنت مش طايق نفسك عشان كدة؟! مكنتش تتمنى أن تحصل حاجة بينا؟

إلتفت لها يصرخ بنفاذ صبر:
-اه عشان كدة، مكنتش اتمنى يحصل كدة، مكنش ينفع يحصل كدة اصلا!
وصوت صرخاته يتردد صداها بين طيات روحها، شظايا الألم تُغطي صوت دقاتها التي انخفضت!
وأذنيها لا تستجيب ل نبذ كاذب...
بينما أكمل هو وكأنه يحادث نفسه بصوت مسموع:
-ماكنتش عاوز كدة، لا مكنش المفروض يحصل بينا أي حاجة
اومأت هي موافقة، لتصرخ فجأة بصوت غلب البكاء عليه:.

-خلااااص، قولتلك ماتقربليش وتيجي تهيني أنا بعدها! لوم نفسك ماتلومنيش، ماتصدقش ناس كذابة وبعدها تيجي تقربلي وترجع تفتكر كلامهم وتهيني، حرام عليك بقا أنا إنسانه!
قال بجمود:
-أنا ضعفت قدامك مش اكتر! أنا راجل بردو وبضعف
نهض متجهًا للمرحاض، بينما قالت هي بصوت صلب رغم الاهتزازة التي سارت فيه:
-متقلقش، اوعدك مش هخليك تمس شعرة مني حتى تاني!
همس ببرود:
-يستحسن برضه.

دلف إلى المرحاض، لينغمس أسفل المياة، علها تنجح في إنارة روحه التي تزداد ظلمتها يومًا بعد يوم!
بينما نهضت هي ممسكة بهاتفها، لتتصل ب أحدى - الصيدليات - القريبة فأتاها الرد بعد ثواني:
-ايوة
-صيدلية (، )
-معاكي يا فندم
-لو سمحتي عاوزة دواء منع الحمل
-تمام، العنوان يا فندم؟
املتها العنوان سريعا، وإنتهت ثم نهضت لترتدي ملابسها ببطئ، بطئ وتجمد تام كُتب عليها دومًا!

مر بعض الوقت ووصل لها ما طلبته، فأعطته المال ثم صعدت للأعلى...
لا تعلم ما تفعله صحيح ام خطأ، يُختم بالواقع الرزين ام لا..!
ولكنها تعلم أنها تفعل ما يمليه عليها قلبها، وهذا في حد ذاته خطأ يُحسب لها...
جلست على الفراش تمسك بالكوب في يدها التي ترتعش قليلا..
لتفتح الدواء وكادت تبتلعه، إلا أن صوت عمر الذي صدح بحدة:
-إنتِ بتعملي إيه؟
سقط الكوب من يدها من الأرتباك، وتلعثمت وهي تخبره:.

-آآ مش بعمل، باخد دواء، وبعدين انت مالك اصلاً؟ ملكش دعوة بيا
إقترب منها يمسك بذلك الدواء عنوة، بينما هي قلبها يرتجف بخوف من رد فعله!
والذي كان صفعة قوية هبطت على وجنتاها فأسقطتها على الفراش هزيلة..
نهضت مسرعة تقف أمامه، لتستدير وتغادر وما إن خرجت من الغرفة
حتى أمسكها من ذراعها مسرعا يسألها بحدة قاسية:
-مين سمح لك تاخدي منع الحمل!؟ هه مين سمح لك تحرميني من إبن تاني زي ما حرمتيني من الاولاني؟

أجابته مندفعة بصراخ:
-تصرفااااتك، عشان لو ضعفت وقربت لي مايحصلش حمل، عشان مش عايزة أطفال منك طول ما أنت كدة
جذبها من خصلاتها بقوة جعلتها تتأوه متألمة بصوت عالي...
ليكتم تأوهاتها بشفتاه، يقبلها بغلظة تناقض نعومة لمساته ليلة امس!
وهي لم تستجيب، حاولت إبعاده عنها ولكن فشلت وبجدارة...
رماها على الفراش ليلهث بقوة، قبل أن يقول بجمود:.

-مش بمزاجك، إنتِ ملكيش أي رأي في اي حاجة، إنتِ هنا بتقضي حق الفلوس اللي مضيت عليها، سلعة يعني! وأنا مش ف إمكانياتي إني اشتري واحدة تاني تجيب لي العيل ولو اني على عيني تكوني امه يعني!
استدار ببرود ليغادر، ولكن كلمتها القاتلة إخترقت اذنيه:
-صدقني يا عمر قربت توصلني إني أكررهك، ولو كرهتك، مش هاقدر ارجع زي ما كنت!
-أحسن بردو، ف داهية!
قالها ببرود بينما شيئ ما داخله يشعر بالنيران تنشب فيه...!

صباحًا، خرجت رضوى من المرحاض تسير ببطئ إلى حدًا ما، متجهة نحو غرفتها وطفلتها الوحيدة..
الرابطة التي جمعت قلوبًا كادت تتنافر مؤخرًا!
فتحت الباب بهدوء وكادت تدلف ولكن وكأنها اُصيبت بالصم وهي تسمع صوت عبدالرحمن يقول بحدة غريبة:
-أنتِ السبب، أنتِ السبب في المصايب اللي هتحصل وإني اتربط بيها للأبد!
أقترب منه أكثر والغل يتساقط من نبرته ملوحًا في الأفق:.

-لولاكِ كنت هقدر اخلص منها، لكن جيتِ أنتِ عشان تبوظي كل حاجة، أنتِ لازم تغوري من هنا
ثم هز رأسه بهيسترية متابعًا:
-لا تغوري من هنا إيه، ده أنتِ لازم تغوري من الدنيا كلها
كاد يقترب منها إلا أن صرخة رضوى التي صدحت تُشقق هالة جنونه التي احاطت ابنتها جمدته مكانه:
-بنتي لاااا أنت مجنوووون
إنتفض كالملسوع يحدق فيها وهي تحتضن أبنتها وتحيطها بيدها من كل جانب، تحميها منه!

من الذي من المفترض أن يكون منبع الحياة والحنان عندما تقسو الحياة..
صرخت فيه منفعلة بصوتًا عالٍ وحاد كسيفًا باردًا بعكس ما يفترض ان يكون:
-أنت إيه وصل بيك الحقد للدرجة؟! بتفكر تتخلص من بنتك!
كان متبلد صامت برغم أنقباضة عيناه المُخبئة خلف ستار النزاع النفسي...
لتجده يقول بنبرة لفحت فيها البرود الثلجي:
-إنتِ ماشوفتنيش بحاول أتخلص منها
صمت برهه ينظر لمعالمها التي حفرتها الصدمة بسكينها المُجعد ليكمل:.

-ثم إني إيش عرفني إنها بنتي فعلاً!
وهنا لم تحتمل، يمكن أن تُفتت أي إتهام عابر، إلا ذاك!
إلا نقطة النهاية التي إن صُكت لن يمسحها أي غفران طويل يُناجي الذكريات الواهية..
رفعت يدها لتصفعه إلا أنه كان الأسرع فأمسك بيدها قبل أن تصل له مغمغمًا بأسف مصطنع:
-تؤ تؤ، إنتِ للدرجة دي عيارك فلت! عاوزة تمدي إيدك على جوزك
زمجرت في وجهه كقطة مُخدشة بالألم:
-أنت مش جوزي أنت بني ادم حقير وواطي ماينفعش يكون جوزي أصلاً.

ولم تشعر سوى بالصفعة التي هبطت على وجنتها بقوة عاتية ألجمت حروفها الملتهبة فجعلتها تحدق به بصدمة جلية عليها!
وكأن الزمن توقف عند تلك النقطة، لا بل حياتهم سويًا هي التي توقف نموها بالصبر كما كانت مسبقًا بالتأكيد...!
سارت حاملة أبنتها معها لتضعها في الغرفة المجاورة وتغلق الباب عليها برفق، ثم اتجهت لدولابها لتبدأ في جمع ملابسها بهدوء وسرعة..
أقترب منها يمسك يدها التي تضع الملابس ليسألها بحدة:.

-إنتِ بتعملي إيه؟ أوعي تكوني مفكرة إني هاسمحلك تتحركِ خطوة واحدة من البيت حتى!
صرخت فيه بصوت أعلى:
-أبعد عني أصلاً مش بمزاجك يا أستاذ
هز رأسه نافيًا بصرامة لاذعة:
-لا ده حقي، كلمة مراتي تديني الحق ده دايمًا
ضغطت على يدها المكورة بين يداه لتهمس بصوت يكاد يكون مبحوح:
-أنت مابقاش ليك الحق ف أي حاجة يا عبدالرحمن!
تركها ببطئ ليجلس على الفراش ممسكًا برأسه التي تؤلمه إلى حدًا ما..

بينما إنتهت هي فجمعت حقيبتها واتجهت لتبدل ملابسها بأسرع ما يمكن، لتتجه تحمل أبنتها...
وتغادر صافعة الباب خلفها بقوة!
غادرت بلا نية في العودة لما كان دائمًا المقر الرئيسي..!
بينما هو ضائع بين مواقف حتمية يُزج فيها فجأة، دون إنذار أحمر سابق من العقل المُخدر!
وبدا كأنه يحاول إستعادة وعيه للتو..

سمعوا طرقات هادئة على الباب فتركها عمر ليهبط بهدوء للأسفل، فتح الباب ليجد محسن أمامه...
رسم إبتسامة هادئة على ثغره تعكس الصخب الذي يعلو بداخله، ليقول بخفوت:
-اهلاً وسهلاً أتفضل يا محسن
دلف محسن وهو يربت على كتفه مغمغمًا:
-كيفك يا ابن العم؟
على لسان حاله كاد يصرخ لستُ بخير، أنا سأموت مشتتًا!
ولكنه رد ببهوت بارد:
-بخير الحمدلله، أتفضل ادخل
سأله محسن مستفسرًا:
-امال فين شهد؟

كاد ينطق ولكن قاطعته شهد وهي تندفع تجاه أخيها تحتضنه، تتعلق بين ثنايا حنانه الخفية، وتلقائيًا كانت تذرف الدموع بغزارة!
تبكي دون توقف، بينما الأخر الدماء تفور بين أوردته، لا يعرف مصدر الغليان تحديدًا، ولكنه يكاد يشم رائحة الحريق الذي نشب بين احشاؤوه من تلك الرؤية!
كز على أسنانه غيظًا وهو يقول:
-طب إيه هنفضل واقفين على الباب كدة يعني؟
هز رأسه نافيًا وهو يهمس لشهد:
-شوشوو اهدي يا جلبي فيكِ إيه؟

لم ترد عليه، بدأت تلملم شظايا أنهيارها قبل أن ترد بوهن:
-لأ مفياش حاجة، أنا بس إفتكرت بابا الله يرحمه لما شوفتك كدة وحضنتك
ابتسم محسن بحنو:
-ربنا يرحمه يارب
جلسوا جميعهم يتبادلون أطراف الحديث، كانت شهد شاردة تمامًا، تتحدث معهم ولكن روحها مغيبة عن مجلسهم الهادئ!
بعد مرور بعض الوقت نهضت مرددة بجدية:
-هروح احضر الغداء وجاية على طول
ثم استدارت لتغادر متجهة للمطبخ، ومن ثم نهض عمر يقول بهدوء متردد:.

-هروح أجيب مياة بسرعة وجاي يا محسن ماشي؟
اومأ محسن موافقاً وهو يمنع ضحكاته من الظهور بصعوبة:
-تمام تمام خد راحتك
دلف مسرعا إلى المطبخ خلفها ليجدها تعطيه ظهرها وهي تمسح دموعها، كان صوت شهقاتها من أقسى عمليات الذبح البطيئ التي يمارسها المتشفي!
أقترب منها ببطئ حتى جذبها من يدها فشهقت عاليًا:
-أنت بتعمل إيه!
ظل يقترب منها ببطئ وهي تعود للخلف أكثر، حتى شعرت ببرودة الثلاجة من خلفها...

كانت طرقات قلبها أعلى من طبول في حربٍ يُعلن خسارتها!
فهمست متلعثمة:
-عمر، لو سمحت آآ ابعد شوية
رفع يداه يُحطيها بين ذراعيه، وعيناه مثبتة على قهوة عينيها اللامعة بسحرًا بات يكره مفعوله..
ثم صدح صوته يسألها مستنكرًا بقوة:
-إيه اللي حصل من شوية ده؟
رفعت كتفيها تبادله السؤال متعجبة:
-هو إيه اللي حصل؟ مش فاهمة قصدك بالظبط!

أقترب منها أكثر، حتى بات شبه ملتصقا بها، أنفاسه الحارة تلفح وجهها الذي تداولت الالوان فيه...
إلى أن قال بصوت تنشب نيران لم يتم الإقرار بها تمامًا:
-ازاي تترمي في حضنه كدة؟ لا وحضناه أووي ومش عايزة تبعدي!؟
مرت لحظة، إثنان، وثلاثة تحاول أستيعاب تلك الغيرة!
الإقرار المنتظر والرضا الغائب...
حتى تشدقت ب:
-ده أخويا! مش عايزني أحضن اخويا كمان ولا إيه؟
أقترب يحاوط خصرها ليقترب من أذنها هامسًا بشيئ من التملك:.

-مش من حق أي حد يحضنك غيري، حضنك ده ملك ليا أنا بس!
لو تلك الحروف ترتبت في مسقطها الصحيح، وتغيرت الأوقات وتبدل الشعور، لو كانت سمومه حُلم سخيف لا يرتبط بالواقع تحت مسمى - الواجب - لكانت عانقته تهليلاً!
ولكن لو تمنع الحدوث..!
دفعته عنها بضعف تخبره بنبرة كعاصفة عاتية هبت على مشاعره المتناقضة:
-أبعد عني، أنت مفيش أي حاجة ملكك، أنت مش بتملك حاجة اصلاً غير إهانة الناس بس
هز رأسه نافيًا بثقة:.

-تؤ تؤ، ماتنسيش أنا بملك قلبك كمان
كادت تصرخ مندفعة بغيظ من عشقًا صار ك ثوبًا لا يرتديه سوى المخطئون!:
-لاااا أنا اصلاً بكر...
ولكنه كان الأسرع ليمنع تدفق تلك الحروف التي خرجت في مسارًا معاكسًا لمبتغاه، فابتلع باقي حروفها بين شفتاه، فيما حاولت الإبتعاد وهي تعود للخلف فكان هو يتقدم نحوها أكثر دون أن يعطي لشفتاها طلبها بالإبتعاد...!

وصلت - للرخام - دفعها بجسده للخلف فاستندت بمرفقيها على الرخام وهو يميل عليها بالكاد يكون فوقها، لم تتخلى عن مقاومتها!
كلماته اقوى واعنف من أي شيئ ترن بأذنها فتُعلن حالة تمرد الروح...
كبل يداها برفق ليتعمق في قبلته اكثر، وكأن شفتاها مغناطيسًا قويًا يزيد الجوع الذي ينهش سابرًا اغواره تجاهها!
هبط لرقبتها يقبلها ببطئ لا يُصيبه سوى للوصل للاستسلام المتواري خلف شراستها..

واخيرا إستطاعت دفعه بعيدا عنها وهي تضع يدها على صدرها وتلهث من فرط أنفعال مشاعرها..
بينما هو ظل ينظر لها لاهثًا، يلاحظ أثار قبلاته على رقبتها وشفتاه مما يدفعه داخليا لأكمال ما بدأه، لأكل شفتاها التي لا تُمحى دعوتها!
بينما هتفت هي بحنق:
-مين سمحلك تقرب مني! مش كل حاجة بمزاجك
أقترب منها مرة اخرى ليصبح ملتصقا بها وهو يضع اصبعه على شفتاها المنتفخة هامسًا:.

-شفايفك اللي سمحت لي، وبعدين خليكِ مستعدة دايمًا، أصل أنا مُشتاق أووي لعيل من صلبي
قال كلمته الاخيرة وهو يغمز لها بطرف عينيه، قبل أن يستدير ويغادر هكذا وببساطة!

كانت أسيل في منزلها، وحيدة كما تركها جاسر كسلعة منبوذة مَلّ من محاولة تصليحها!
منذ ذاك الوقت الذي فرت فيه هاربة من بين براثن الإنتقام والأحراج وهي تحبس نفسها بين قوقعتها التي كانت دائمًا تحاول الفرار منها...
ولكن كفى، لن ولم ترد على أيًا من إتصالات تلك السيدة مرة اخرى!
سترضى بواقع القدر النهائي ولن تحاول بعث إستئناف فاشل قبل بدايته...

نهضت بهدوء مستجيبة لنداء معدتها بالطعام، ترتدي ملابسها سريعا لتشتري أي طعام من الأسفل..
إنتهت ففتحت باب المنزل وغادرت بسلام...
وبعد فترة كانت قد إنتهت من الشراء متجهة للمنزل، دلفت إلى مدخل البناية لتجد ذاك الحارس يجلس كما هو في مدخل البناية..
فابتلعت ريقها بازدراء وحاولت الإسراع، ولكن فجأة كادت تسقط على - السلم - صارخة بخوف:
-اااه إلحقووني!

أمسكها الحارس من خصرها بقوة يجذبها له في سرعة رهيبة وكأنها فرصة كان ينتظرها منذ آمدٍ طويل..
إنتفضت مسرعة تحاول أن تبعد يده عنها وهي تصيح فيه بحدة:
-أبعد إيدك يا أستاذ مسعد
رفع حاجبه الأيسر متمتمًا بخبث دفين:
-الله! مش بساعدك يا ست أسيل؟
هزت رأسها نافية بضيق:
-لا متشكرة
كاد يعترض ولكن فجأة شعر بمن يجذبه بالقوة ويلكمه بعنف جعل قواه تخور ويكاد يسقط ارضًا..

صُدمت أسيل من سرعة ما حدث فوضعت يدها على فاهها شاهقة بعنف:
-جااسر!
ظهوره المفاجئ الذي طَفي فجأة على سطح حياتها الذابلة بدونه جعل دقاتها تزداد بعنف..
وإهتزازه قوية أرجفت جسدها كله برغم القرب المتباعد بينهما!
تصارع مع ذاك الرجل وتفوق عليه بالطبع ليرميه ارضًا مزمجرًا فيه كزئير أسد شرس:
-ده أنا اخدك اداب فيها يابن الكلب، دي مراااتي!
إرتجف قلبها من نداءٍ طال غيابه لإيقاظ مشاعر كادت تخر صريعة نزاع العقل..

بينما قال الرجل ببرود رغم الدماء التي تنزف من وجهه كله:
-كنت بساعدها يا باشا بس
أمسكه جاسر من ياقة قميصه يخبره بصوت جليدي كمجرم على أتم إستعداد للقتل:
-قسمًا بالله لأوديك ورا الشمس، وتتشحطط في الاقسام يا زبالة، ومراتي أنا هعرف ازاي ماخليكش تهوب جمب الشارع اللي هي ماشية فيه حتى
تركه يلهث بقوة ليسحب أسيل من ذراعها دون أن يلقي نظرة عليها، فيكفيه ما قابلته عيناه ك مرآى لطبيعة حياتها بدونه!

وما إن دلفا إلى المنزل حتى صفع الباب بقوة وهو يقترب منها ببطئ..
تراجعت للخلف مسرعة وهي تبتلع ريقها مرددة بتوتر كوميدي:
-إيه؟ هتعمل إيه!؟ اوعى تتهور يا جاسر
كز على أسنانه غيظًا وهو يهتف فيها:
-إنتِ كنتي بتعملي إيه تحت وجمب البواب؟!
سارعت تهز رأسها نافية تلك التهمة اللاهبة عنها:
-اقسم بالله كنت بجيب أكل، وحاجة زحلقتني وهو لحقني بس
في لحظة كان ينقض عليها يمسك ذراعيها بقوة مؤلمة وهو ينهرها بعنف:.

-وهو لية يسندك اصلاً؟ وإزاي ماتنفضيش نفسك عنه في ثواني؟! هو في حد بيسند واحدة وبيحط ايده على وسطها؟
قال كلمته الأخيرة وهو يضغط على خصرها الذي احاطته يداه بقوة، وكأنه يُمثل لها شعوره الأجوف بالألم في تلك اللحظات!
أن الألم يجمعهما معًا، الألم حتى يجمع الجماد!
وهو ذو قلبًا ينبض، ينبض لها بلا توقف!
تأوهت بصوت عالٍ بصوت واهن:
- جاسر وجعتني!

رفع التيشرت قليلاً عن خصرها ليتحسسه بأصابعه هامسًا بصوت هادئ ولكنه حاد:
-وإنتِ بتعملي إيه ف حياتك غير إنك توجعيني
كانت هي مغمضة العينين، تحاول إنتشال نفسها من بين جدران ذاك التأثير السافر، بينما أكمل هو قبل أن يجذبها من شعرها أسفل حجابها الصغير بقسوة:
-أنا ممكن أستحمل أي حاجة منك، معاملتك الزفت او استهتارك او اي حاجة، لكن لا يمكن أستحمل إن حد غيري يلمسك! سامعة؟

بدأت دموعها تنهمر على وجنتاها وهي ترد مسرعة ب:
-سامعة، سامعة
هبطت يده ببطئ وقد استشعر ذلك الثقل الذي أصاب موازين قسوته المصطنعة، ليسألها بخشونة:
-بتعيطي لية دلوقتي؟
أردفت بصوت مبحوح أختلط ضعفه بالبكاء الرقيق فكونا سطورًا مُكسرة من الانجذاب:
-ايدك وجعاني اوي، و، شعري
إنتبه ليده التي مازالت تقبض على خصرها بقسوة، فأبعدها مسرعًا وكأنه فُوجئ بفعلة يداه!

وبالفعل كانت يداه قد تركت اثرًا واضحًا احمرًا على خصرها الأبيض متوسط النحافة...
غمغم بضيق حقيقي:
-أنا، آآ مش قصدي
ظلت تتحسس خصرها بهدوء ولا تنقطع وتيرة بكاؤوها وكأنها تبكي بجملة ما مرت به!
هبط هو ببطئ ليصبح في مستوى خصرها لينفخ امام ذاك الاحمرار برقة وهو يتحسسه بنعومة تتناسب الالم..
ولم يشعر بنفسه سوى وهو يقترب بشفتاه ليُقبل تلك المنطقة بخفوت ناعم، مُسلب لأي حركة دفاعية، ومُخدر ل رد فعل صادم...

إبتعدت عنه مسرعة وكأن كهرباء صُبت عليها من لمسة شفتاه!
ليمسكها من يدها متجهًا لغرفتهم بهدوء، إلى أن أغلق الباب ببطئ واستدار، ليجدها تحدق فيه بغرابة، ومن دون أي حرفًا يتقدم فعلتها التي ألجمته كانت تحتضنه، تدفن رأسها بين دفئ دقاته التي اضطربت تحت سيطرة قربًا مُكهربًا!
سحب نفسًا عميقًا، يشعر انه يتنفس عبقها الذي يُعزز مشاعره العميقة بدلاً من الأكسچين...
سمعها تقول بصوت هادئ:.

-ماتبعدش تاني، أنا بكون محتاجالك!
أجابها مقتضبًا:
-أنا غيبت تلات ايام بس!
شددت أحتضانها هامسة:
-بحس بوحدة رهيبة وأنت بعيد عني، وماتقوليش روحي لأمي او أمك لأنهم مش هيملوا مكانك!
ذهول، ذهول ذاك ما طبع خاصيته على الأجواء، وخاصةً على جاسر الذي نحتته الصدمة ببراعة!
اما هي، فكانت لا تدري كيف تنطق بذلك أو لمَ حتى...
لا تعلم لأي طريق تعبر وإلى أي مرحلة جديدة تنتقل، ولكن تعلم أنها تقر بما يحوم حول نبضاتها فحسب!

شعرت بيداه تحيطها بحنان، ورأسه تُدفن في مكانها المعتاد عند رقبتها، يستنشق عبيرها الفواح..
وتسللت يداه ليحملها برفق ويضعها على الفراش...
أغمضت عينيها مستسلمة تمامًا، ولكن خاب ظنها وهي تشعر به يبتعد عنها فهمست بضيق خفيف:
-جاسر!
أشار لها بهدوء:
-هششش متقلقيش، أنا اتعهدت لك إني مش هاقرب لك إلا بأرادتك
غاب عن مرمى عينيها للحظات ليأتي بعدها ممسكًا ب - مرهم - ليجلس بجوارها ويدهن لها بصمت تام..

إستسلمت للمساته البطيئة على خصرها العاري...
وبداخلها سؤالاً قويًا يتردد مطالبًا بالإجابة - لمَ تشعر بالانزعاج من ذلك الإبتعاد -؟!
غريبة أنتِ يا بنت حواء، تُطالبين بشيئ ثم تكرهي إستجابته!؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة