قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي والعشرون

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي والعشرون

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي والعشرون

اقترب منها عمر ببطئ حتى اصبح امامها تماما، نظرت له ودموعها تنهمر على وجنتاها مغمغمة:
-عمر، أنت بعيد لية؟ قرب، أنا محتاجالك اوي يا عمر
جلس على طرف الفراش لجوارها، كان كما لو أنه متجمد تماماً، يشعر أن شيئً ما يكتفه حتى كاد يمنعه عن التنفس حتى!
أمسكت شهد بيديه لتهمس بصوت ذو بحة منكسرة:
-عمر، أنا تعبانة، تعبانة جدا وحاسه إن في حاجة جوايا إتكسرت!
تنفس بصوت عالٍ قبل أن يقول بخشونة:.

-الدكتور طمنا على الجنين، وقال انه خلاص مفيش خطورة
حاولت النهوض متأوهه بصوت مكتوم ليسرع هو يسندها بهدوء هامسًا:
-إتحركِ واحدة واحدة عشان ماتتعبيش
أقتربت منه ببطئ وقد عاودتها نوبة البكاء مرة اخرى وكأنه السبيل الوحيد الذي تجري فيه بلا هوادة!
لتحتضنه متابعة باختناق:
-ناديت كتير، وصرخت كتير لحد ما حسيت إن صوتي راح، كنت حاسه إن في حاجة جوايا بتموت ببطئ، أنا م آآ
قاطعها عمر بحدة:
-بس، اسكتِ مش عايز أسمع.

أمسكت يده تضعها على بطنها برفق وهي تقول بنبرة إختلط فيها البكاء:
-كنت خايفة عليه، كنت خايفة عليه أكتر من أي حاجة، لأنه منك أنت...!
أبعد يده عنها بهدوء يشيح بوجهه للجهة المقابلة..
هو حتى لا يستطيع أن يواجه عينيها!
أن يُجمد خزيه من نفسه امام ضعف لؤلؤتيها الساحرتين...
هو كُسر تماما فلا يقوي على النهوض!
إلتفت لها عندما سمعها تردف بحروف متقطعة:
-عمر أنت بعيد لية؟ قرب مني.

لم يرد عليها فأكملت وهي تمسك وجهه بين يديها بحرقه:
-أنا مابقتش ناقصة يا عمر، هو قرب مني غصب عني مش بمزاجي، اخد حاجة مش من حقه من غير ارادتي، أنا كنت بموت، صدقني مكنش بمزاجي، بس مقدرتش أقاومه، مقدرتش أمنعه، كان قوي اوي، وانا كنت ضعيفة اوي، اوي!
وإنهارت عند كلمتها الأخيرة وهي تشهق باكية، إن كانت خلافاتها السابقة كسرت ثباتها النفسي...
فما حدث هذا ذبحها والحياة لم تُخفى كاملة منها!
شهقت وهي تسأله باكية:.

-عمر أنت مش بتبصلي لية!؟
حينها نظر لها يردد بضعف متألم:
-مش قادر أتخيل إن في راجل غيري لمسك، إن في حد شاركني فيكِ، إنك مابقتيش ليا لوحدي! إن راجل غيري اخد صلاحيات كانت ليا لوحدي، ومش قادر أبص فيكِ، حاسس أني اضعف مما كنت متخيل!
هزت رأسها نافية وهي تحتضنه مستطردة:
-أنا عمري ما هبقى لحد غيرك، ولا حد كان او هيكون ابو ولادي غيرك.

لم يتحمل فأحتضنها بقوة يمنع نفسه من الصراخ بصعوبة، يدفن وجهه عند رقبتها وكأنه يود الاختباء من الخزي الذي يلاحقه...
بينما إرتجفت هي في البداية، ولكن ظلت تُطمئن نفسها...
هو حبيبها، ملجأها وملاذها الوحيد، لم يكن بأخر!
أبتعد عنها ببطئ، فهزت هي رأسها بهيسترية مرددة:
-عمر بوسني!
نظر لها متخشبًا مكانه متعجبًا من حالتها تلك! فهمس:
-اية!؟
اعادت كلمتها باختناق ظهر بوضوح بين ثنايا كلماتها:.

-قرب مني، أنا عايزاك، عايزة أحس إن أنت لسة بتحبني، إنك مابقتش مش طايقني ومصدق إن كنت مُجبرة وضعيفة!
نظر في عينيها يحاول أن يستعيد الجو الطبيعي لقهوة عينيها التي تلونت بحمرة مُشققة..
أستغرق دقيقة تقريبا ليهجم عليها بشفتاه يقبلها بعنف، يكتسح رحيق شفتاها التي اشتاقها حد الجنون...
اقترابه منها كشف عن شوقه الماضي المُغطى بخزي الحاضر!
هو ايضا يود أن يثبت لنفسه أنها ستظل له وحده فقط، سيحاول أن يفعل!

بينما يداه تضمها له بقوة، وقبلاته تلين شيئ فشيئ، وهي تتجاوب معه، بل هي تتمنى أن تنغمس معه...
ولكن مقتطفات ماضية مرت خلال ذاكرتها اللعينة مما حدث منذ قليل، عندما شعرت بشفتاه تنتقل لوجهها كله ويداه تتحسسها ببطئ...
لم تمر دقيقة حتى إنتفض مبتعداً عنها، لا يستطع إرغام نفسه اكثر..
لا يستطيع اقترابها، لا يستطيع أن يُعطيها ذاك الاثبات الثقيل عليه!

كان ينظر لها لاهثًا من فرط إنفعال مشاعره، وفي اللحظات التالية كان ينهض مبتعداً، فسمع صوتها تقول بضعف:
-عمر ماتبعدش عني..
أغمض عينيه يبادلها الهمس المختنق:
-ماقدرش ابعد عنك...!

كانت أسيل في غرفتها، تبكي منذ أن حدث ما حدث، ولكن مهلاً، لمَ تبكي من الأساس؟!
لمَ تحترق داخليًا امعاؤوها من فكرة عابرة شعارها أن اخرى ستُشاركها فيه!؟
أن اخرى ستنال دلاله بل وتستقبله على وتيرة ناعمة ونغمة مؤثرة!
سمعت صوت الزغاريد الذي يأتي من الأسفل، وتقريبا تلك كانت كالصريخ داخلها يصدح على عاشق سيقتلوا العشق بداخله عما قريب!..

عدلت من حجابها مسرعة، لتنهض متجهة للأسفل ببطئ وخطوات واهنة، إلى أن رأت والدة جاسر و عنود ووالدتها، وجميع افراد اسرتهم، واخيرًا معذب القلب جاسر ..
اقتربت منهم ببطئ لتجد الجميع ينظر لها، فهتفت مسرعة بصوت لمعت به لفحة بكاء:
-زي مانتوا، خدوا راحكتم!
بينما جاسر لم ينظر لها اطلاقا، يكفيه صوتها الذي أيقظ عطفه وحنانه كمغناطيس لها!
صدح صوت والدته قائلة بفرح:.

-ألف مبرووك يا ولاد الخطوبة، عقبال الجواز بقا عشان نفرح!
أبتسمت عنود تتصنع الحياء، بينما قال والد جاسر بجدية:
-هتكوني جاهزة امتى يا مدام عنود عشان نجهز كل حاجة
صدح صوت جاسر معلنًا إنتهاء امال كادت تُبنى على جسرًا واهيًا:
-مفيش أي حاجة هتتعمل، كتب الكتاب الجمعه الجاية، هتيجي بشنطة هدومك واهلا وسهلا بيكِ
هنا ركضت أسيل للخارج تشهق باكية!

بينما نظر له والدة نظرة ذات مغزى وكأنه يقول له ألم اسألك وأنت أصريت على محو سعادة في منتصف الطريق؟!
بينما قالت عنود ببرود غلفته بالهدوء الخجول:
-وأنا معاك ف اللي تقوله يا جاسر
رماهت بابتسامة ساخرة، ثم غادر مسرعا نحو المكان الذي ركضت له اسيل...
فأردفت والدته تحاول إخفاء ذاك الموقف المحرج:
-معلش بقاا أنتم عارفين إنه مابيحبش المناسبات اصلا
اومأت والدة عنود بحرج:
-اه منا خدت بالي.

بدأوا يتبادلون أطراف الحديث، بينما نهض والد جاسر ليغادر بهدوء معترضا على كل ما يجري الان!
وفي الخارج كان جاسر يلهث من ركضه خلف تلك التي خرجت خارج المنزل كاملا...
حتى إستطاع امساكها اخيراً، فصاحت فيه بحدة باكية:
-ابعد عني سبني روح لها جاي ورايا لية؟!
زمجر بوجهها بحدة مفرطة:
-إنت هبلة! إزاي تخرجي وتجري كدة ومين سمح لك تخرجي اصلا؟

رفعت إصبعها وكادت تنطق وهي تنظر لعيناه التي اطلقت شرارات الغيظ مختلطة بشعلات الإجبار القهري لتجد نفسها تحتضنه بقوة مرددة وسط دموعها:
-جاسر ماتتجوزش، عشان خاطري ماتتجوزش! مش هقدر اشوفك متجوز واحدة تانية، وحياة اغلى حاجة عندك؟!
آآهٍ لو تعلم أنها أغلى شيئ يمتلكه في هذه الدنيا...
أنها ذهبًا هي دفنته داخلها رافضة أي محاولات لتنقيته..
أنها أثمن شيئ قدم مقابله كرامته التي ترجوه العودة!

واحتضنها هو الاخر، مستمتعًا بذاك القرب الذي قد يكون اللحن الاخير في اعزوفة ضعيفة ومنتهية من البداية...!
ليقول بصوت خفيض:
-أسيل لازم نرجع، أحنا في الشارع
هزت رأسها نافية وهي تمسك طرف ملابسه - كالمخبرين - هامسه:
-هتسيب البت الباردة ومش هتتجوزها صح؟
شدد على حروفه قائلاً:
-أسيييل، أحنا في الشارع!

أبتعدت قليلاً، لتنظر رغما عنها ل سلسلة صغيرة معلقة في رقبته، ف مدت اصابعها ببطئ تلتقطها لتفتحها، فصُدمت من تواجد صورتها داخلها...
ألهذه الدرجة هو يعشقها وهي عمياء عن ضوءًا لا يُسلط حول الكثير كهذا؟!
ضربته على صدره برفق متابعة بحروف مختنقة داخلها:
-انا أسفة يا جاسر، سامحني!

تنهد بقوة مغمض العينين، وفجأة رأى سيارة سريعة وكبيرة سوداء تقترب منهم بسرعة رهيبة، ورجلاً يخرج منها وبيده زجاجة صغيرة وما إن أقترب منهم حتى فتحها ليلقيها قاصدا أسيل التي صرخت بفزع و...!

توترت والدة عبدالرحمن كثيراً بل كادت تسقط فاقدة الوعي من تحالف القدر ضدها، لم تتوقع أن يخرج من غرفته، وخاصةً أنه لم يغادرها منذ ما حدث..
لمَ الان تحديدا قرر مغادرتها؟!
بينما كرر عبدالرحمن سؤاله بحدة:
-ردي عليا يا امي كنتي بتتكلمي عن جثة إيه المشوهه وحطتيها بدال مين؟
إبتلعت ريقها بازداء وهي تحاول نصب خيوطا يمكن أن تكون اجابة مقنعة لترد بعد صمت دقائق:.

-دي آآ دي يعني آآ جثة، جثة بنت آآ بنت صحبتي ف آآ...!
وصمتت لم تنجح في نسج كذبة جديدة بينما كان عبدالرحمن يحدق فيها مفكراً، وبداخله تناقض شعوري حول ما تقوله وتوترها ذاك!؟
وفجأة أنتبه أن والدته لم تحضر أي مناسبة سوى ل، رضوى!
فسألها مسرعا:
-وهو الدكتور هياخد فلوس منك عشان يجبلك جثة مشوهه بدل بنت صحبتك يا امي؟!
هزت رأسها نافية ولم تجد ما تقوله وكأن الحروف سُرقت منها...
فاقترب عبدالرحمن يقول بحدة غاضبة:.

-إنتِ كدابة يا امي، أنا اسف بس إنتِ فعلا كدابة، الموضوع ليه علاقة بمراتي صح؟
هزت رأسها نافية بسرعة:
-مراتك اية وانا هبدل جثة مراتك لية يعني!؟
كز على أسنانه مستطردًا بغيظ متعجب:
-بس أنا مقولتش تبدلي جثث خالص على فكرة؟!
أشاحت وجهها متأففة بضيق مصطنع يخفي خلفه اميالاً من التوتر:
-يووه، أنت من امتى بتحقق مع امك يا عبدالرحمن؟
تنهد بعمق ليسألها بخفوت:
-فين بنتي؟!
أشارت نحو الاريكة مغمغمة:
-اهي عندك ع الكنبة.

اتجه نحو ابنته يحملها برفق، كاد يبكي وهو يرى قطعة من معشوقته الراحلة!
قطعة ستغمس داخله حبها دومًا...
لاحظت يد الطفلة التي تقبض على شيئ ما، فتح يدها برفق ليجد ورقة صغيرة بالكاد ترى..
فتحها مسرعا متعجباً من كونها مع طفلته، ليجد فيها إشارات يعلمها جيدا، بل ويحفظها عن ظهر قلب!
اشارات كانت وكأنما أحيت الحياة بداخله مرة اخرى...
فصرخ بعلو صوته وكأنه يحاول التصديق:
-رضوى عاااايشة! رضوى ماماتتش!

وصل كلاً من عمر وشهد ومحسن إلى منزله، كان يحمل شهد التي كانت تستند برأسها على صدره الحنون دومًا...
أغلق محسن الباب ليقول عمر بجدية:
-هاطلع شهد ونازلك يا محسن
اومأ موافقا بتنهيدة:
-تمام خد راحتك
وبالفعل وصل بها إلى غرفتهم فدفع الباب بهدوء ليضعها على الفراش برفق..
كاد يبتعد ولكنها لم تبعد يدها عنه وعندما لاحظت عبوسه همست بألم:
-عمر خليك جنبي، ماتبعدش عني أنا محتاجاك؟
اجاب بجدية:.

-شهد أنا لازم أروح اشوف حاجة
صرخت فيه بنفاذ صبر وهي على وشك معاودة البكاء:
-ماتتهربش مني، أنسى اللي حصل أنت مفروض تداويني مش تجرحني اكتر!
صرخ فيها هو بالمقابل:
-مش قاااادر، مش قااادر كل ما ببصلك بفتكر منظرك ونص جسمك باين وواحد تاني لمساته باينه علي جسمك!
ظلت تصرخ بهيسترية وهي تضرب نفسها بقوة:.

-ربنا ياخدني، ربنا ياااااخدني قبل ما اشوف النظرة دي في عنيك و تكون مش طايق تقرب مني او حد ياريتني كنت مُت قبل ما يلمسني!
لم يتحمل فاقترب منها مسرعاً يحتضنها وهو يردد بحرقه:
-أسف، انا أسف، بس مش قادر اتحمل، والله ما قادر!
قطع وصلتهم المُقطعة صوت رنين هاتفه الذي اخرجه مسرعا وهو يرد بصوت أجش:
-نعم يا عمار؟
اتاه صوته الملهوف يردد بنبرة كادت تكون مبتسمة:.

-عمر، شهد ماحصلهاش اي حاجة، مراتك محدش لمسها غيرك، الحيوان ماقربش منها نهائي!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة