قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والعشرون

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والعشرون

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والعشرون

سكون، صمت وعجز، وحروف فشلت في الخروج للنور الذي يتصدرها!
كانت السعادة ممثلة على هيئة كهرباء لاذعة إخترقت جسده عنوة مؤلمة، ولكنها بيضاء مُنيرة تخترق أشعة مترابطة سوداء بناها خوفًا جديدًا عليه، واخيرًا خرجت حروفه منغمسه بالبطئ المصدوم:
-نعم! أنت إزاي عرفت بالموضوع ده أصلًا، ومين قالك الكلام ده؟
أجابه على الفور:.

-أصل احنا وقاعدين عادي لقيت موبايل البت اللي أسمها چودي دي بيرن، ف أنا بصيت ولقتها مسجلاه حسين ف خليتها ترد كأنها طبيعية وهددتها بالسكينة طبعا، المهم إنها ردت واتكلمت عادي ف بعد ما سألها إنتِ فين قالها أنا جايلك أصل أنا متعكنن عايز اظبط مزاج حتى لما كنت هظبط نفسي بالبت شهد جه الحيوان منعني، أنا فهمت إن الحيوان ده صاحبه منعه ومشاه من هناك معاه وكانت شهد مغمى عليها، متهيألي كل حاجة بقت واضحة خلاص؟

تنهد بقوة يستعيد إتزان مبتور قبل أن يرد مهللاً بسعادة إخترقت هالة الصدمة السميكة التي كانت تحطيه:
-ايوة طبعا، الله يعمر بيتك يا شيخ
ضحك عمار بمرح:
-ماشي يا برنس، أسيبك أنا، إنچوي بقا
أغلق مسرعًا لينظر أمامه هامسًا بتوعد كسيفًا على رقبته:
-وديني لأوريك النجوم في عز الضهر يا حسين الككككلب
إنتبه لصوت شهد الذي سقط على أذنيه كموسيقى تهليلية:
-في إيه يا عمر؟

رغم بحة الضعف التي توسطت حروفها إلا أن مؤثرات ومؤشرات نفسية شكلت بناءًا غير الطبيعي من صنع السعادة..
اولاها ظهره وهو يقول بسرعة:
-مفيش حاجة
نهضت خلفه بسرعة منتفضة وهي تناديه بوهن:
-يا عمررر
إستدار لها يلتقطها بين أحضانه قبل أن تسقط من شدة الإعياء، ليحيط خصرها برفق هامسًا برومانسية:
-قلب عمر، وعيون عمر، وعقل عمرر
دق قلبها بعنف، وإنتبهت جميع حواسها للتغير المفاجئ الذي طرق على عمر...

اضطربت انفاسها من إقترابه الذي سكر روحها الملكومة، لتسأله بخفوت:
-عمر، ممكن أفهم حصل إيه؟
حررها ببطئ من بين قبضتيه اللتان تأسراها بأسر متين لا يقبل الفرار، فتابع بهدوء تام:
-هنزل ضروري وهرجع على طول يا شهدي متقلقيش
اومأت مأخذوة بسحر عيناه الذي كشف عنه فجأةً..!
وبالفعل غادر مسرعا لينزل ل محسن الذي ما إن رأه حتى قال بصوت عالي تتناثر منه السعادة هنا وهناك:
-منوورني والله يا ابو النسب، يا وش السعد.

ضيق محسن ما بين حاجبيه مغمغمًا بدهشة:
-أنت شارب حاجة ولا إيه يا عمر؟ ولا لتكونش شهد لحست مخك ب خضتها واللي حصل؟
ضحك عمر بمرح رغم الغصة التي إحتلت حلقه كون ذاك إستطاع لمسها، ولكنه أردف بخبث مفكرًا:
-لا أصل الموضوع يعتبر اتحل، وخلال ساعات هجيب حسين من تحت الارض، واصلا خلاص اتدبس في صفقة مشبوهه مش بعيد تجيله جلطة بسببها
سأله محسن بلهفة:
-صحيح يا عمر؟
اومأ مؤكدا بثقة:.

-ايوة طبعا، أنا اصلاً كنت مجهزله الصفقة دي من بدري اوي عشان تقطم ضهره، وجه وقتها وزمان البوليش بيدور عليه، عشان يتلقح جمب اخواته في السجن لحد ما يعفن، وده بقا سنكوح يعني مش بيج بوص ليه معاونين بره، ده غير إني هجبره يخليني اشوف الراس الكبيرة، وساعتها هقلب عليها واطيها!
أبتسم محسن غير مصدقا، في حين تابع عمر بخبث ماج بين حروفه:
-أنا بقول تروح تريح بقا يابو النسب أنت تعبت معانا.

كاد محسن يبتسم وهو يستشعر أن عمر - يوزعه - فتنحنح مرددًا بخبث مماثل:
-تمام، أنا هروح اشوف احوالي كدة واجي نشوف هيحصل إيه تاني لو حصل جديد يعني
اومأ عمر مؤكدا بلهفة:
-ايوة طبعا طبعا
ربت محسن على كتفه بخفة ثم استدار ليغادر، فيما إتجه عمر للأعلى بخطوات شبه راكضة ليدلف الى الغرفة مغلقا الباب خلفه..

إنتصبت شهد جالسة فاقترب عمر ببطئ إلى أن أصبح أمامها تماما فأغرقها في عناق محموم يحمل في طياته أشتياق حار يحرق احشاؤوه...
بادلته هي العناق وقد اغرورقت عيناها بالدموع، فهمست بصوت مبحوح:
-أنا بحبك اوي يا عمر
أمسك وجهها بين يديه مسلطًا انظاره المحاصرة على دعوة شفتاها الصريحة المنفرجة، وقال بهمس متبادل:
-وأنا بعشقك يا قلب عمر
مسح دموعها بطرف أصبعه مغمغمًا بحزم لين:.

-من النهاردة مفيش دموع، لان مفيش حاجة تخليكِ تبكي اصلاً!
ضيقت عيناها متساءلة باختناق:
-أزاي يعني يا عمر؟
-زي الناس، الكلب اللي اسمه حسين ماقربلكيش لما اغمى عليكِ، يعني إنتِ زي ما إنتِ ملكي أنا بس
قالها قبل أن يبدأ في تقبيلها بنهم بشفتاه المتعطشة لرحيق شفتاها الذي يدغدغ مشاعره المحظورة، فيما حاولت هي الابتعاد وهي تردد غير مصدقة:
-إيه؟ ازاي! مش فاهمة.

عاد يقبل رقبتها البيضاء وهو يميل عليها يكاد يكون ملتصقاً بها ليهمس:
-بعديين بعديين
هزت رأسها نافية وهي تحاول ألا تسلم لأعصار مشاعره الهوجاء:
-لا دلوقتي، فهمني حصل إيه بالظبط
سحبها من يدها برفق مرددا:
-مش وقته، دلوقتي أنا عايزك تلبسي ده
قالها وهو يخرج أحد الأقمصة التي يفضلها، فيما فغرت هي فاهها مردفة بحنق:
-لا مش هلبس حاجة، قولي الاول
أغلق الدولاب ليسحبها معه للفراش وهو يقول بخبث:.

-مش مهم، انا اصلا غيرت رأيي، كدة كدة كان هيتقطع خسارة اصل انا مشتااااق مشتاااق اوي
فتحت فاهها وكادت تنطق معترضة ولكنه أسكتها بقبلة نارية قتلت ما تبقى من صمود لأحتلال مرغوب...
رفعت يدها تحيط عنقه وتبادله قبلاته الثائرة برقة، بينما يداه تتحسس مفاتن جسدها برغبة وشوق حارق...

لينتهي بها الحال على فراشهم وهو فوقها يكاد يأكل شفتاها جوعاً، ليهبط بشفتاه لرقبتها التي لم تسلم من قبلاته، حتى صار يقبل كل جزء من جسدها...!
ليغرقا معا في بحورا لا تنتهي من العشق اللانهائي!

وقلبًا إلتاع من هجومًا إضطراري كان يحاول الفرار من بين براثنه، ولكنه كان كالظلام في الشتاء تجده في كل مكان وأي وقت!
إنخفض جاسر مسرعا وهو يعطي ظهره لهم ليقعا على الأرض سوياً وبأقل من لحظات كانت أسيل ترتكز بين أحضانه باكية برعب...
والسيارة إختفت بسرعة من امامهم، نهض جاسر عنها يمسك وجهها متساءلاً بلهفة مرتعدة:
-حصل لك حاجة؟ إنتِ كويسة!؟
هزت رأسها نافية بنبرة باكية:.

-أنا كويس بس مين دول وكانوا عاوزين يرشوا إيه؟
نهض وهو يسحبها معه قبل أن يتنهد بقوة وعمق قائلاً بغموض:
-معرفش يا أسيل معرفش
ظلت تهزه بسرعة وهي تسأله بأصرار:
-لا انت عارف ومش عايز تقولي، وبعدين انا خايفة يلا نرجع القاهرة
تقوس فمه بابتسامة ساخرة، إكتشف أن الهرب ما هو إلا وسيلة مؤقتة لأمتداد طريق نهايته محتومة!
فقال بحدة:.

-لا طبعا، امشي وإنتِ ساكتة خلينا نوصل بقا، ما كله بسبب غبائك خلتيني خرجت من غير سلاحي حتى
شهقت مصدومة وهي تشير لنفسها:
-دلوقتي بقيت انا السبب؟ إما أنك نصاب بتحب تلزق المصيبة ف غيرك اواااااام!
أمسكها من يدها يضغط عليها بكل ذرة غيظ تتمحور داخله حتى تأوهت بصوت عالي وهي تزمجر فيه:
-حرام عليك دراعي ده مش معمول عشان أنت تدوس عليه وتكسرهولي بس!؟

وصلا الى المنزل فدلف جاسر دون أن ينطق بكلمة، تتبعه اسيل التي أيقنت أن الوحش يستعد للهجوم في محرابه!
أغلق جاسر باب الغرفة عليه بوجهها، فتأففت بغيظ قبل أن تفتح الباب وتدلف مغمغمة بضيق:
-اه، هو طبعك ولا هتشتريه، ما حقك تعمل كدة واكتر مش انا اللي قعدت اتحايل عليك؟!
شهقت وتحولت قسمات وجهها ل لوحة شاحبه من الخزف الذي تعفن مسبقا!
عندما رأت اجزاء قد تكون صغيرة من ظهر جاسر الذي كشفه لتوه مُحترقة...

وبالطبع لم يكن صعب عليها أن تدرك أن السائل الذي ارادوا سكبه عليها ما هو إلا - مياة نار -!
إقتربت منه مسرعة، لتضع أصبعها برقه على ظهره فصرخ منفعلاً فيها:
-اطلعي برة يا أسيل
هزت رأسها نافية بصلابة:
-لا طبعا، لازم الحرق ده يتحط له حاجة
لم تعطيه فرصة مناقشتها التي ستخرج منها منهزمة هزيمة ساحقة بالطبع فاستدارت تغادر تجاه المرحاض لتجلب منه - المرهم - الذي تجلبه معها في أي مكان...

وقفت امام جاسر تقول بصوت آمر:
-نام على السرير
تنهد بقوة مرددًا بهدوء ساكن:
-أسيل لو سمحتي روحي دلوقتي من ادامي
جلس على طرف الفراش بوهن، فيما جلست لجواره لتمتد اصابعها الناعمة تتحسس مكان الحرق وهي تبدأ بدعك المرهم له...
أغمض عيناه بقوة يحاول أن يجعل من مشاعره تلك ثلوجًا لا تقوده سوى للهلاك!
قلبه غابة، وهجوم تأثيرها الوحش المسيطر على جميع اجزائها...
إنتهت اخيرا لتمسكه برفق هامسه تحاول مداراة خجلها:.

-يلا بقا ممكن تنام؟
هز رأسه نافيًا وهو ينهض مرتديًا التيشرت بسرعة:
-لا لازم أروح
كادت تعترض ولكنه قاطعها صارخا بوجهها:
-خلصنااااا يا أسيل إنتِ مش هاتمشيني على مزاجك
إبتلعت زعزعة خوفها عليه، وتجمدت المشاعر الثائرة التي لا تعرف متى أستيقظت ولا كيف تغوص داخلها؟!
لتومئ بصوت خفيض على وشك البكاء:
-صح، انا اسفة!
فتح الباب ليغادر صافعًا الباب خلفه، فيما حسرت هي شعورها المتمايل نحو البكاء...

فيما وقف جاسر في الحديقة، يتنفس بصوت عالي إخترق السكون المخيم على ارجاء المكان...
ليهمس وكأنه يحدث نفسه:
-لا، مش هينفع اورطها معايا، المرة دي يا سابت يا خابت، لكن محدش يعرف هيحصل إيه بعد كدة؟!
وخلال دقائق معدودة كاد يخرج الهاتف ليجري إتصالا، ولكن وجد أسيل تقترب منه ببرود، إلى أن اصبحت امامه فهتفت بضيق بارد:
-مش من حقك تزعقلي وتسيبني وتمشي كدة على فكرة!
رفع جاسر حاجبه الأيسر متمتمًا بغيظ:.

-إنتِ مجنونة يابت؟ ما إنتِ قولتي فوق ماشي وكنتي هتعيطي وسكتي!؟
تأففت وهي تتآكل غيظا، لتُصلب مكانها وهي تسمعه يكمل بجمود:
-عموما انا خلاص اصلا لا عدت هزعق لك ولا هاجي جمبك حتى!
سألته متوجسة:
-قصدك إيه؟
اجابها مباشرةً بصلابة قاسية:
-قصدي إن انا وإنتِ بمجرد ما نرجع القاهرة هنتطلق من سُكات يا أسيل!
شهقت مصدومة:
-نعم!؟
اومأ مؤكدا ببرود حاول خلقه من توتر كاد يفترش على ملامحه الخشنة:.

-ايوة، وده قرار نهائي في مصلحتنا احنا الاتنين!
ثم غادر يوليها ظهره مسرعاً قبل أن تخونه تعبيراته المختزنة...

وصلت رودينا إلى المنزل الذي تقيم فيه والدتها، كانت في حالة يرثى لها!
مُلقاة هي ك مارد فرض عليهم سحره الاسود وعندما إنتهى مفعوله كانوا قد استفاقوا من غيبوبتهم قصيرة الامد...
إنتهى حلمها ب حياة وردية مع احمد فما يُبنى على وهن لا يكتمل في مراحل متعددة القوى!
طرقت الباب عدة مرات ولكن ما من مجيب، سمعت صوت السيدة الذي اتاها من الأعلى تخبرها ببرود:
-يا مدام رودينا، والدتك مش هنا
سألتها قاطبة جبينها:.

-نعم امال فين؟
رفعت الاخرى كتفيها تبرم شفتيها بعدم معرفة:
-معرفش وحياتك، بس هي ماجتش من السفر من ساعتها
إبتلعت رودينا ريقها بقلق هامسه:
-ازاي بس دي قالتلي إنها هاتوصل النهاردة تحديدا!؟
اخرجت هاتفها بسرعة لتتصل بوالدتها الني اجابتها بعد دقيقة تقريبا بصوت ناعس:
-ايوة يا رودينا؟
-إيه ده يا ماما إنتِ نايمة ولا إيه انت عمالة اخبط على الباب
-مهو، آآ أصل انا لسة في باريس يا رودينا
-نعمممم! ازاي يعني.

-اصل كامل جوزي بعد ما كنت نازلة قالي لا مش هتنزلي مصر تاني، وانا مش عايزه ازعله مني!
ظلت تردد بهيسترية مصعوقة:
-طب وانا! و آآ، والشقة دي؟
-أنا عرضتها للإيجار النهاردة الصبح، وإنتِ بقالك بيتك وجوزك يا حبيبتي، وانا مرتاحة مع جوزي هنا
-لا يا ماما لا، انا محتاجاكِ اوي!
-طب معلش يا حبيبتي انا لازم أقفل دلوقتي يلا باي باي.

ثم أغلقت الخط بوجهها، سقط الهاتف من بين أصابعها، وكأن القدر يُغلق كل بابًا تفكر فيه على الفور!
وما أصعب عقاب ذاك القدر القاسي، كل شخص زجها نحو وحل الخطأ خرج هو منه مسرعا، لتغرق هي وحدها، هي فقط لا سواها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة