قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي عشر

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي عشر

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الحادي عشر

صباحًا كانت رضوى تقف بأرهاق في المطبخ، إرهاق نفسي وجسدي ينافس الراحة المنهزمة داخلها..
لجوار إرهاق الحمل الطبيعي، فتختلف الأنواع ويبقى الألم هو الشيئ الأساسي!
كانت تعد الإفطار لها ولزوجها الحبيب بنفس راضية، كل الألم يزول من مجرد لمسة حانية منه، وكأن عشقه ذاك ما هو إلا ماسة مخلوقة من ترياق لسموم الزمن!
سمعت همهمات عالية تأتي من غرفتهم وبالطبع كانت لعبدالرحمن..

فتركت ما بيدها مسرعة وسارت بخطوات شبه راكضة نحوه، لتجده كما هو على فراشه ولكن الوضع يختلف بشكل ميؤس منه!
حيث كان يتعرق بكثرة ويهذي بهيستيرية وكأنه يصارع شيئً ما موحش في منامه...
فركضت تجلس نحوه وهي تقترب منه لتحاول سماع ما يهذي به..
وتلقت أول صفعة لاسعة كادت تُميتها في لحظتها:
-أسييييل!
زوجها يهذي بأسم اخرى!؟

بل وتخطت مرحلة السيطرة فأصبحت في مرحلة الإحتلال الإجباري الذي يجعلها تتبختر في أحلامه فتزعج نومه هانئة!
عفوًا تزعج ماذا، الإزعاج لا يلازم التطلب اطلاقًا...
بل ليس هناك وجه شبه من الأساس!
كانت تنظر له مصدومة، لتجده يكمل وكأنه يتعمد صفعها حد فقدان الوعي للهروب من صدمات متتالية:
-أسيل، أسيل أنا عايزك، عايزك ومحتاجك أوي
وجدت نفسها تهزه وهي تهمس بصوت سُلبت الحياة منه:
-عبدالرحمن، عبدالرحمن قوم.

نجحت في إنتشاله من ذاك الحلم المفعم بالرغبة، ففتح عيناه يهمس بوهن:
-رضوى!
إستعاد نفسه سريعًا ليقول بهدوء يصاحب ابتسامة ناعمة:
-صباح النوور والجمال
سألته مقتضبة دون أن تنظر له:
-مين أسيل؟
فاجئه سؤالها، بل تلقاه ككهرباء سارت بجسده فجأة فجعلته يتشنج باضطراب..
وقد فاضت ساحة عقله من الأجوبة!
ولكنه جاهد لسانه ليسألها بتوتر:
-أسيل! وإنتِ مالك بأسيل وتعرفيها منين؟

سألته مرة اخرى وكأنها لا تستقبل سوى الاجابة التي تنتظرها:
-ميييين أسيل يا عبدالرحمن؟
حك طرف رأسه عدة مرات، صمت، صمت، صمت، وكأنه أفضل أجابة تهفو ب لا توجد حروف معبرة !
لا توجد حواس مستجيبة، لا يوجد عقل يبحث بين جدرانه!
صدمة غريبة شلت اطرافه، وفجأة قال بصوت أجش:
-أسيل، حبيبتي، اللي سيبتها!
رفعت عيناها اللامعة بالدموع، لتقابل صلابة حادة على قلبها الناعم، فهمست مبهوتة وكأنها لم تسمعه:
-حبيبتك؟!

اومأ مؤكدًا ليتابع بجمود:
-أيوة حبيبتي، الأولى والاخيرة حتى لو ميلت ليكِ
جهر القلب بأعتراض، وإنسحب العقل من معركة يبدو أنه لا مكان له فيها، ليكمل وكأنه لا يأبه بحروفه التي تقطع فيها:
-حبيبتي اللي هفضل فاكرها مهما شوفت واعجبت وميلت لحد تاني
صرخت فيه بحرقة:
-طب وأنا؟!
أجابها ببرود وكأنه شيئ بديهي:
-إنتِ مراتي..
ثم هبط بنظره لبطنها البارزة ليكمل بابتسامة لأول مرة تلعنها رضوى بكل جوارحها، ليهتف:.

-وأم ابني الجاي إن شاء الله
ظلت تشير بيدها وكأنها تحاول وصف شيئً ملموسًا جاد لا يمت لأرض الغرام بصلة، وتغمغم:
-طب وآآ، والحب! وآآ إني النور اللي سحبك من الضلمة، وح وحبنا! كل ده إيه كان كذب؟!
تقوس فمه بابتسامة ساخرة، وراح يشرح لها اسبابًا واهية هو من خلقها:
-واحدة وقفت جمبي، قبلت بيا بكل عيوبي، وعيشتني عيشة جميلة، هقولها لأ أنا بكرهك، أكيد لا، أنا بالفعل أعجبت بشخصيتك.

هبت منتصبة وقد فرغت طاقة الهدوء المصدوم لتغدقها حالة هيستيرية وهي تزمجر فيه بعصبية مفرطة:
-أنت اتجننت، أيوة أكيد أنت اتجننت خالص، انا مش خدامة عندك ولا أنا شخصية للأعجاب بس، فاااااهم انا مش مجرد واحدة شخصيتها عجبااااااك
في اللحظة التالية كان يسحبها ليسقطها عليه بقوة جعلتها تصرخ متألمة:
-آآآه، بطني!

ولكنه لم يأبه وهو يلصقها به عمدًا، لا يرى دموعها ولا يرى كسرتها، وكأنه أصبح حجرًا مهمته القضاء على قلوب ضعيفة به، ليهمس بصوت اشبه لفحيح الأفعى:
-إنتِ فعلاً مش كدة، إنتِ حاجة أحلى، إنتِ متعة مجانية
إتسعت حدقتاها بفزع، وصار قلبها ينبض بعنف وكأنه سيفر هاربًا من بين ضلوعها..
كلماته ضربتها في منتصف قلبها بقسوة، بسكينًا باردًا صنعته كلماته الحادة!
همست خلفه ببلاهه:
-متعة! انا مجرد متعة مجانية لك؟!

أومأ مؤكدًا ببساطة:
-أيوة، شوفتي طلعتي ليكِ فايدة أكبر من إنك للأعجاب
حاولت الإفلات منه لتضربه على صدره صارخة بجنون:
-لااااا أنا مكنتش كدة وعمري ما هكون كدة أنت كدااااب، حيوان خااااين
وببساطة وسلاسة صفعها!
نعم صفعها ولم يحصد تردد عما جناه حتى منذ ثواني ليبتره!..
بينما بقيت هي تطالعه بذهول حقيقي واضعة يدها على وجنتها..

و زاد الطين بلاً كما يقولون، ليخلع التيشرت الخاص به ويبقى عاري الصدر قائلاً بصوت غريب على اذنيها:
-أنا مش كداب، وهثبت لك ده حالاً
هزت رأسها نافية بسرعة مرتعدة:
-لا لا عبدالرحمن لأ أبنك!
سكن مكانه لبرهه يحدق بها وكأنه يتأكد أن بالفعل هناك حاجز قوي يود منعه..
لتقترب منه مربتة على خصلاته برجاء حار كاد ينجح في إختراق قسوته:
-بالله عليك بلاش، عشان خاطر أبنك لو مش عشاني.

ولكنه بعد دقيقة تقريبًا أكمل ما كاد يبدأه وإن كان رجاؤوها نجح في نيل هدوءه القليل..
وفي اللحظات التالية كان ينزع عنه ملابسه ليسحبها نحوه مكبلاً يداها وكاتمًا صرختها المعترضة بشفتاه الغليظة..
يقبلها بعنف وقسوة وكأنه يعاقبها على شيئ ما ويأخذ منها بالقوة الهادئة ما كان استخدامه دائمًا اللين والنعومة!
ليكمل مصطلح الجنون في روحها ايضًا عنه...

في غرفة عمر منذ ان رحل حسين كان يجلس ويضع رأسه بين يداه، ويهز قدماه بعصبية مفرطة..
خيوط هنا وهناك تتشابك حوله وتزداد تعمقاً في عدم إمكانية فكها!
عاد بظهره للخلف يستند على الكرسي الخشبي، لتلوح ذكرى ما حدث مع چودي رغمًا عنه في أفق ذاكرته المرهقة ليتذكر يومها..

دلف إلى منزل چودي مع حسين الذي كان يرافقه، والفرحة تكاد تشق عتمة عينيه الفطرية، والسبب مجهولاً خلف اسواراً حصينة من الخبث لا يستطع تخطيها!
بمجرد أن فتحت چودي الباب وما إن رأته حتى احتضنته بقوة غريبة تتشبث به وكأنها لم تراه هكذا من دهر..
أستغرق دقيقة تقريبا ليستوعب ما يتوجب عليه فعله امام هجوم تلك المشاعر العنيفة ليبادلها العناق ويغتصب ابتسامة هادئة ارتسمت على ثغره..

ظلت تقبل كل وجنتاه بحرارة لاهبة لا يعرف مبتغاها وهي تردد:
-عمر، حبيبي وحشتني فكرت إني مش هاشوفك تاني الا بعدين
أبعدها عنه برفق لينظر بطرف عينه لحسين الذي تظاهر بالأنشغال بمفتاحه، ليقول بحزم يليق به:
-چودي، احنا مش لوحدنا، لازم تراعي ده كويس!
اومأت موافقة بسرعة:
-أسفة، من لهفتي عليك ماخدتش بالي خالص
اومأ بلا تعبير واضح، ليسمع حسين الذي قال بجدية:
-طيب يلا ندخل بقا عشان نعرف نتكلم.

دلفوا جميعهم إلى الداخل وأغلقت چودي الباب بهدوء..
كادت تتجه إلى المطبخ ولكن عمر اوقفها متابعًا بقوة:
-خدي يا چودي رايحة فين؟!
اجابته بتردد:
-رايحة اعملكم حاجة تشربوها
هز رأسه نافيًا:
-لا اقعدي الاول عايز أفهم كل حاجة
وبالفعل أمتثلت لأوامره وراحت تجلس بجواره تكاد تكون ملتصقة به، وكأنها تضمن تأثيرها الذي ينقطع عليه ما إن أبتعدت عنه!
بدأ حسين ذاك الحوار وفقًا لمَ يريد، فاستطرد بصوته الأجش:.

-احكي له كل حاجة يا چودي، من البداية خالص
اومأت بهدوء، ثم بدت وكأنها تُرتب حروف مكلعكة داخل جوفيها، لتردف بحروف تقطر خبثًا دفينًا:.

-في البداية من ساعة ما كانت علاقتي بيك كويسة يا عمر، كنا تمام وكنا هانتخطب كمان اول ما ارجع من زيارة ماما بعد ما حكيت لها، لكن فجأة أنت قابلت بنت اسمها شهد وفضلت قاعدة معاك، انا في البداية قولت مجرد مساعدة انسانية، لكن اتفاجئت انكم اتجوزتوا في يوم وليلة ومن غير ما تعمل لي اي حساب، انا اتضايقت طبعا وانهارت ولما ضغطت عليك عشان تحكي لي، قولت لي إن آآ
سألها متلهفًا بخشونة:
-كملي يا چودي قولت لك إيه؟!

اكملت وهي تضع يدها على وجهها تصتنع دموع لم تعرف سبيلها لعينيها يومًا من أجله:
-قولتلي إن انت كنت بتصلح غلطتك، وإنك لازم تتجوزها لأنها حامل
هتف عمر مندهشًا:
-حامل! وغلط معاها كمان؟، كملي كملي
رفعت كتفيها كدلالة على قلة الحيلة، ثم تشدقت تكمل نصب خطوطها:.

-انقهرت طبعا بس ماكنش ادامي غير إني اوافق وأسلم بالأمر الواقع، أنت قولتلي أنك اول ما تخلص منهاهاتتجوزني انا، عدت فترة وانت كنت كارهها اووي لانها فرقت بينا، وهي ولدت، أنت كنت مخطط إنك اول ما تولد هتاخد الطفل وتمشي وتطلقها، لكن حصل اللي محدش يتوقعه، حسام أبنك مات
شهق هذه المرة تأثراً بعمق، شعر باهتزازة جسده من ضربة تلك الذكرى العنيفة، و بهواً داخل روحه تملأه شرارات الحقد رويدًا رويدًا!

بينما قالت چودي وكأنها متأثرة بما تؤلفه:.

-أنت كنت منهار تمامًا، وكنت هاتطلقها، لكن فجأة لاقيتك اتراجعت، بعدين عرفت إنها مضتك على وصلات امانة ب مليارات عشان ماتقدرش تطلقها، وأنت من غلبك كنت هاتمشي وتسيبها بقا وماترجعلهاش تاني، وانا كنت هحصلك عشان نتجوز، وبالفعل روحت مع حسين اللي كان بيوريك المنطقة اللي فيها الشقق، كانت منطقة مهجورة كدة لحد ما تظبط نفسك، دي اخر حاجة عرفتها لما اتصلت بيك من تليفون حسين.

كان عمر متبلد، مصدوم، لا يدري أحقيقة ذلك ام لا، ماذا يجب عليه فعله؟!
يشعر كما لو أنه ينغمس في موال التوهة أكثر فأكثر، أن حياته قاربت على إتمام ساحة المبعثرات!
أكمل حسين - الطين بلاً - كما يقولون وهو يستمر في أكاذيب جديدة:.

-ووقعت فقدت الذاكرة واما صحيت اتصدمت انك مش عارفني، واكيد بقا الست مراتك عملت نفسها طايرة من الفرحة لما رجعت بعد ما هجرتها، وخلي بالك انا عرفت من مصادري انها كانت هتبلغ البوليس على اساس انك مخطوف عشان تجبرك تظهر تاني
نهض يجر ساقيه بصعوبة، كاد يغادر ولكنه وقف فجأة يسألهم بجدية:
-وأنا إيه اللي هايخليني اصدقكم يعني؟
رد حسين برزانة:.

-بغض النظر عن إنك فاكر اني صاحبك من بدري وفاكر اني كنت مسافر بس كنت بكلمك كل فترة، وفاكر إنك كنت ناوي تخطب چودي وانكم مرتبطين، لكن انا معايا تسجيل ليك كنت بتتكلم معايا فيه، ده الحاجة الوحيدة اللي أقدر أأكدلك بيها وكمان لانه اتسجل بالغلط اصلا
أخرج من جيبه هاتفه النقال ليبدأ تشغيل التسجيل والذي بالفعل كان عمر يقر فيه بذلك:
-أنا زهقت من شهد دي يا حسين أنا هاجيلك زي ما اتفقنا، وهاكلمك اول ما اوصل.

ثم إنقطع، هذا صوته بالفعل!
صوته هو وليس شخصا اخر، ماذا يريد أكثر من تلك الدلائل التي دفنت الشك داخله في التو!؟
نهض مسرعًا دون أن يرد عليهم بكلمة ليغادر متجهًا لمنزله...

عاد من ذكرياته على ملمس اصابع يد شهد التي تخللت خصلات شعره السوداء، إنتفض وكأن ثعبان لدغه ليحدق بها بنظرات مغتاظة وشرارات ملتهبة، لو كانت تنضم لواقعنا لكانت سقطت صريعة بسببها!
كادت تنطق بهدوء:
-عمر أنا عا آآ...
إلا انه قاطعها صارخًا في وجهها وهو يدفعها بقوة حتى ترنجت للخلف:.

-إنتِ غبية مش قولت لك ماتظهريش ادامي ولا إنتِ بتحبي تجيبي التهزيق لنفسك، ولا اه هو ده جديد عليكِ ما إنتِ أكيد عملتي كدة برضه عشان تجريني للسكة دي وتخليني اقرب منك وتدبسيني عشان اتجوزك عشان اللي كان في بطنك!
كان كلامه أقوى من جرح سيفًا حادًا يغور في جرحًا يزداد إلتهابه دون ادنى شفقة أو رحمة...!
لمعت قهوة عينيها البنية ك وجهًا لقهوة إنتهت صلاحيتها تمامًا...

والدموع كانت متحجرة بأعينها رافضة الخضوع تحت خط الضعف والكسرة..
ولكن وجدت نفسها تسخر بصوت مبحوح مُشققة طبقاته:
-اه كمل وإيه كمان؟! حلوة التمثيلية دي اوي ناقص كمان تقول ان انا اللي موت ابننا!
اومأ مؤكداً بقسوة:
-ماهي دي الحقيقة يا خبيثة
شعرت بالدنيا تدور من حولها، تمامًا ك تلك الدوامة التي عصفت في حياتها فجأة!

ترنجت وكادت تسقط بالقرب منه ولكن ضغطت على نفسها تقاوم ذلك الدوار، اما هو فكان يراقبها دون أن يسمح لتعبيراته بالإفتراش على ملامحه الحادة..
إستقامت هي ممسكة برأسها لتسمعه يقول متهكمًا:
-كفاية تمثيل بقا عشان استحالة اتأثر بواحدة قذرة زيك
حاولت النطق بثبات:
-عمر بلاش جنان وبعدين مين قالك على الكلام الاهبل ده، كله كذب وتأليف
صرخ فيها منفعلاً:
-امال حسام فييين فعلا اما هو كذب؟!

ترقرقت دمعاتها التي تحررت من قبضة الصمود وهي تخبره:
-ربنا خد امانته، بس مش بسببي، والله ما بسببي هو كان ادام عيني في عربيته وهما اخدوووه وماشفتهمش والله
كور قبضته بغل وهو يقترب منها لتعود للخلف مسرعة تلتصق بالدولاب مغمضة عينيها تنتظر تلك القبضة..
ولكن فجأة وجدته يضرب الدولاب بقبضته بكامل قواه وهو ينظر لها صارخًا من أعماق روحه المنثورة:
-ااااااااه...
لم يعطيها الفرصة ليزمجر فيها غاضبًا:.

-امشيييي يا شهد، اطلعي برررررة
وبالفعل ركضت مسرعة من امامه تلهث، وتركت العنان لدموعها الملكومة تنهمر بغزارة وتمسك بقلبها وكأنما سيتوقف من كثرة سكاكين الإهانات المغورة!

دلف أحمد إلى الغرفة بهدوء، كان يعتقد أنها نائمة وطفلها بعدما حدث...
ولكن خاب رجاؤوه عندما وجدها وحدها وتجلس على الفراش وبالطبع تنتظره..
اتجه إلى دولابه يخرج ملابسه وبعد دقيقة تقريبا شعر بأصابعها الناعمة تتسلل لتحتضنه من الخلف..
تنهد بصوت عالي قبل أن يسألها بحبور:
-في إيه يا مها؟!
أستدار لها لتجيبه بهدوء مدلل:
-مفيش حاجة هو أنا عملت لك حاجة؟
هز رأسه نافيًا واكمل:
-لأ بس أكيد في حاجة ورا الحضن ده.

عضت على شفاهها السفلية بأسنانها اللؤلؤية، قبل أن تقول وهي تقترب منه:
-ابدا يا حبيبي، كل الحكاية إنك وحشتني بس
رفع حاجبه الأيسر شبه ساخرًا، بدأ يشعر أن العشق ذاك ما هو إلا وسيلة لتنفيذ رغبة متواريه خلف الصمت!
بينما قال قبل أن يتنهد بعمق:
-أنا تعبان جدا يا مها، نبقى نشوف الموضوع ده بعدين
كزت على أسنانها بغيظ مرددة:
-يعني بقولك وحشتني تقولي تعبان! لكن فاضي للست رودينا عادي.

في دقيقة كان يلفها نحوه لتصبح ظهرها عند الدولاب ووجهها أمامه تمامًا، نظر لعينيها التي توترت قليلاً، ليهمس امام شفتيها مباشرةً:
-لأ طبعًا، إنتِ عارفه إن مش كدة
سألته بغنج:
-امال إيه اللي أنت بتعمله ده؟!
أقترب اكثر حتى أصبح ملتصقًا بها، تحسس بشفتاه الغليظة ثغرها الناعم ببطئ، بطئ اثار جميع حواسها ومشاعرها المبكوتة..
شعرت بسخونة تتفجر بين خلاياها ودقاتها تضطرب بشكل واضح!

هبط بشفتاه عند رقبتها يلثمها بعمق قبل أن يهمس لها بحروف شبه متقطعة:
-عرفتي، بعمل إيه!
تاهت حروفها وسط ملتقاها الصادم به، وإنعقد لسانها بلجام هجومه الساخن عليها...
حاولت تحدي عقدة لسانها تخبره:
-أحمد آآ، يعني، ممكن تبعد
هز رأسه نافيًا، ليردف مشاكسًا:
-أبعد لية؟ قولي اللي كنتِ هتقوليه كملي يلا!؟
حاولت الأبتعاد عنه إلا أنه حصاره كان ضاري ومنغلق فقيد خصرها بيداه وراح يهتف مشددًا على كل حرف:.

-ميهوووو، ماتخليش أي حاجة تأثر فيكِ كدة
رمقته بنظرات ذات مغزى، وردت ب:
-امممم، أن شاء الله
سحبها معه نحو الفراش لتتمدد بتلقائية وكأن عيناه تكفلت بمهمة إخضاعها بهدوء تام...
وهج عينيه السوداء بين ظلال إرهاق غازي جعلها مجمدة تحت يداه!
اقترب منها ببطئ مطلاً عليها بهيئته الشامخة لتهمس معترضة بكوميدية:
-لا يا احمد لااا بلاش كدة
رفع حاجبه الأيسر يسألها:
-بلاش إيه؟
سارعت تقول ببلاهه:.

-بلاش تقرب مني غصب عني كُله إلا ده!
فغر فاهه ذاهلاً من مجرى حديثها!
ولكن لا مانع إن غاص معها في ذاك الوحل المُسكر..
فتابع بخبث:
-الله! مش من دقيقتين كنتِ بتقولي وحشتني وبتاع؟!
هزت رأسها نافية وقد راقت لها تلك - التمثيلية - وقالت:
-لأ، ما، ما أنت احرجتني ورجعت ف كلامي أبعد عني بقا
أقترب منها اكثر رويدًا رويدًا ثم همس بصوت يكاد يسمع:
-هو دخول الحمام زي خروجه ولا إيه!

أغمضت عينيها عن البريق الذي لمع بعينيه لتكمل متقمصة دور المرغمة:
-لااا يا احمد لااا، متاتبوظش كل حاجة حلوة بيننا
فجأة عدل أحمد الوسادة من أسفلها ليسحب هاتفه ببطئ ثم اعتدل وتمدد لجوارها..
ضيقت هي عينيها مرددة:
-إيه؟!
سألها بابتسامة سمجة:
- طب إيه؟
إعتدلت قليلاً لتهتف في شيئ من الحنق:
-إيه مش هتقولي لأ إنتِ ملكي وكدة؟!
قهقه بصوت عالي على مظهرها المضحك ليقول بعدها:
-يخربيت الأفلام اللي لحست دماغك.

لم يعطيها الفرصة للرد فربت على كتفها بحزم يهمس:
-نامي يا مها، نامي يا حبيبتي الله يهديكِ
هزت رأسها متأثرة بصورة درامية:
-حبيبتك إيه بقا ما أنت مابتحبنيش اصلاً، انا عارفة انك خلاص زهقت مني
أولاها ظهره يحاول النوم فيما ظلت تهتف هي:
-آآه يا حظك الأسود يا مها، يا نيلتك ف الدنيا يا مها، جوزك مابيحبكيش!
بينما هو إرتسمت على ثغره ابتسامة مشاكسة وهادئة وفي خلده يحمد الله أنها لم تسأله عن أي شيئ يخص رودينا..

ولو الان فقط!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة