قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن والعشرون

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن والعشرون

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن والعشرون

لن يذوق مرارة الصدمة إلا من كان هائمًا بين الورديات، ليسقط على جذور الواقع المرير!
إلتوت قدمها فسقطت متأوهه بصوت عالي لينتبه لها كلاهما، ركض عمر نحوها يساعدها على النهوض وخلايا الغضب الحمراء تفجرت على ملامحه الخشنة!
بينما أبعدت هي يده عنها لتتأوه ما إن خطت على قدمها:
-اااه رجلي لا مش قادرة
أسندها عمر برفق جامد في آنٍ واحد، يُحارب رغبته في صفعها لوقوعها أمام ذاك الرجل هكذا!

سحبها معه بهدوء هامسًا لها من بين اسنانه:
-امشي من سُكات دلوقتي احسنلك
رمقته بنظرات مغتاظة وهي تمسك بيده مجبرة، بينما يراقبهم ذاك بعين الحظر وصامت..
أشار له عمر بجدية:
-دقيقة وراجع يا حضرت الظابط
اومأ موافقاً:
-خد راحتك
وبالفعل غادروا ليختفوا من امام ناظريه، وفجأة رفعها عن الأرض عنوة ليُلصقها به، فشهقت متلعثمة تنهره بصوت يكاد يسمع:
-أوعى يا عمر سيبني، أنا بمثل أبعد عني بقا
هز رأسه نفيًا ليزمجر فيها بحدة:.

-تقعي ادام واحد غريب، لأ ومش قادرة تنفضي نفسك بسرعة كمان! ده اسمه إيه؟!
شدد قبضته على خصرها، وأنفاسه اللاهثة تلفح صفحة وجهها المتوردة لا يعلم من الألم ام الخجل...
تختلف الاسباب وتبقى القاعدة راسخة هي حانقة عليه !
سار بها نحو الأعلى ولم يفك قيده عنها، لتهز هي قدمها متأففة:
-أبعد عني يا عمر
-لأ
قالها قبل أن يقاطع إعتراضاتها السخيفة بشفتاه التي قبضت على شفتاها تحتلها بنعومة، وإبتلع شهقتها في جوفيه...

كان يقبلها بنهم جائع ومُشتاق، مغمض العينين يأكل شفتاها الحمراء!
كان إحتلال من نوعٍ اخر، إحتلال كيان قبل أن يكون إحتلال جسد مُشتاق!
عصفت بها مشاعر متخبطة جعلت القشعريرة تسير على طول عامودها...
صعد بها حتى أصبح امام غرفته فدفع الباب بقدميه، رفعت يدها تحاول إبعاده وهي تدفعه بضعف كاره:
-عمر
أقترب أكثر وهذه المرة كانت قوة الغرق في هوج مشاعره أكبر..

أخذ يشبعها تقبيلاً بجوعه الذي لا يُسد، جوعه القارص الذي لغى مهمة عقله الفاصل تمامًا، عقله الذي ترن أجراس انذاراته بقوة ولكنه لا يبالي..
حاولت دفعه عنه ولكنه اقوى بالطبع..
بينما يداه ترسم جسدها النحيف بمهارة، شعرت ببرودة الحائط من خلفها، وسخونة مشاعره امامها يحاصرها، وما أحب ذلك الحصار، المرفوض حالياً!
أبتعد عنها بعد لحظة ينظر في عينيها هامسًا بأنفاس لاهثة:
-عايزة إيه يا شهد؟!

لم تشعر بنفسها سوى وهي تقترب منه بتحدٍ لتبادله ذاك الهمس المجنون:
-عايزاك، تبعد عني انا مابقتش طايقاك ابدا!
ضيق عيناه على تلك العنيدة، لا مشاعر ولا تطرف في القوانين ولا حتى رغبة قاتلة إستباحت خضوعها!
ف زفر بقوة قبل أن يستدير مغمغمًا بضيق:
-براحتك يا شهد
فاستدارت هي الاخرى تدلف الى الغرفة لتعصف بها نوبة بكاء حادة وهي تمسك قدمها...

مر أسبوع سريعاً على الجميع كرياحٍ عاتية تُبدل أزمنة قاسية او حتى مريحة هادئة...
وصل كلاً من أسيل وجاسر إلى منزلهم بعدما قضوا اسبوعاً حُفر بين جدران ذاكرتهم، بوعد المدى الطويل!
بمجرد أن دلفوا حتى ركضت أسيل نحو المرحاض تمسك ببطنها تخرج كل ما بداخلها، فركض جاسر خلفها يمسك بيدها ليغسل وجهها برفق بعد أن إنتهت هامساً بحنو:
-مالك يا حبيبتي، تعبانة ولا إيه!؟
تنهدت بهدوء قبل أن ترد:.

-مش عارفه بس قرفانه من أي ريحة
مسح على شعرها ببطئ وهو يسألها:
-أتصل بالدكتور ولا نروح له احنا شوية كدة؟
هزت رأسها نفيًا قبل أن تستند على كتفه مكملة بعمق:
-لا لا، خليك جمبي بس، أنا كويسة
ساروا سويًا متجهين نحو الفراش، ليجعلها تتمدد وهو لجوارها يربت على شعرها بحنان إلى أن سلبها منه النوم..
نهض برفق ليغادر نحو عمله بهدف العودة قبل أن تستيقظ...
بعد ساعتان تقريباً...

وصل إلى مكتب عمله، جلس على الكرسي ليفتح الدرج بهدوء بحثًا عن ذاك الظرف..
وبالفعل وجده فمد يده يفتحه والفضول يتآكله كالصدئ في الحديد، واخيراً اخرج تلك الصور لتكن له الصدمة التي جعلته كالأموات!
تسرقه من بين بحور السعادة لأنهار الصدمة السوداء بعمق كاحل...
تقريباً كان لا يصدق عيناه، صور أسيل وهي بين أحضان عبدالرحمن في المستشفى يوم ولادة رضوى!

قرأ الرسالة المدونة على الظرف من الداخل بيد شبه مرتعشة الصور دي حقيقية يا حضرت الظابط، وبعد جوازكوا كمان، بس الظاهر المدام ماقدرتش تبعد عن حبيبها!
مبررات...
هدف..
او حتى تكذيب!
جميعهم تخبروا خلال إرتكاز تلك الصورة بين أسوار الخيانة، لتبقى النتيجة الوحيدة التي لم تتغير...
هي لا تستحقه!
نهض مسرعاً يكاد يركض وهو يترجل سيارته عائداً نحو المنزل وهو يكاد يطير بالسيارة...

واخيراً خلال ساعة كان قد وصل إلى المنزل يدلف الى الغرفة يصرخ بصوت عالي:
-اسييييييل
جاءت أسيل من الغرفة سريعاً وجهها يشع نوراً ذو بريق خاص، لمعان وسحر غريب رُسمت بها ملامحها، إلا أنها مُحيت تماماً وهي ترى شعلات الغضب المرتكزة بين جانبي عيناه...
إبتلعت ريقها متوجسة تسأله:
-مالك يا جاسر؟
أقترب منها في لحظة أصبح امامها ليصفعها بكل قوته حتى سقطت ارضاً وكادت شفتاها تنزف الدماء..

كانت على وشك البكاء وهي تسأله بخفوت مرتعد:
-جاسر مالك؟ ممكن تعرفني أنا عملت إيه؟
ألقى تلك الصور في وجهها بقوة مزمجراً بصوت زلزل ارجاء المكان:
-ملي عينك وشوفي وسا*ك يا مدام يا محترمة
جذبها من شعرها بعنف مكملاً صراخه بحدة مفرطة:
-إنتِ دي اللي في حضنه وبيبوسك ولا لا؟!
كادت تنطق مدافعة عن نفسها بحجج واهية امام براكين غضبه فتابع يهزها بقوة وهو ممسك بشعرها حتى صرخت:
-ردي إنتِ ولا لا!

لم يكن بحاجة للأجابة، هو يعلمها سابقاً، فقد رآها بنفس الملابس يوم أتته متأخرة!
اومأت موافقة وهي تشهق بالبكاء، ثم حاولت النطق:
-ايوة بس آآ...
قاطعها وهو يصفعها عدة صفعات متتالية يزجرها بهيسترية حادة:
-ليييية، وانا كنت عملت لك ايييية عشان تكوني على زمتي وتخلي واحد و*خ زيك يقرب منك بالمنظر ده هه، إنت ايييية فا*رة، إنتِ ماتستاهليش اي حاجة عدلة
تركها بعد دقائق وشفتاها تنزف من كثرة الصفعات المتتالية...

كان يلهث من الإنفعال وهو يوليها ظهره يحاول إغماس نفسه بين واقع لا ينتمي لخيوط حُلم بشع بصلة!
نهضت وهي تبكي تحاول امساك ذراعه هامسة بضعف:
-جاسر اسمعني بس انا...
ولكنه نفضها عنه سريعاً يدفعها بقوة حتى اصطدمت بالحائط خلفها بقوة جعلتها تتأوه بصوت عالي وهي تمسك بطنها بحركة تلقائية...
وصدح صوته وهو يقول بقسوة:
-غوري في داهية مش عايز اشوف خلقتك اوعي تقربي مني
حاولت اللحاق به:
-جاسر ارجوك.

أشار لها بأصبعه دون أن ينظر لها، ليردف بجمود حاد:
-اخرسي حتى صوتك مابقتش طايقه، أنا مابقتش عايزك كله، ومايشرفنيش إنك تكوني مراتي، ارجع الاقيكِ غورتي في ستين داهية تاخدك!
وبالفعل خلال ثواني سمعت صفعة الباب بقوة فأخذت تشهق باكية وهي تمسك بطنها مغمغمة بألم:
-جاسر، أنا حامل يا جاسر! اديني فرصة عشان خاطر ابننا..!

دلفت مها من باب المنزل بهدوء مبتسمة، لم تخرج مع صديقاتها منذ فترة طويلة!
واخيراً إستعادت الجزء الأكبر من حياتها الطبيعية، وإن كانت تأخرت قليلاً!
وجدت أحمد يجلس على الأريكة يضع قدم فوق الاخرى ويهزها بعصبية، وما إن رأها حتى نهض يسألها بحدة:
-كنتي فين يا مها!
اجابته بخفوت متعجبة:
-كنت في النادي يا أحمد ما أنت عارف؟
هز رأسه نافيًا وهو يشيح بيده منفعلًا:.

-لا حضرتك مكنتش عارف، كان المفروض جنابك تتصلي بيا وتعرفيني
حسدت نفسها هي ام ماذا؟!
اخذت تتساءل في خلدها عن هبوب تلك العاصفة المفاجأة على صفو حياتهم التي حصلت على هدنة قصيرة بعد مدة طويلة...
رفعت كتفيها تتابع مبررة:
-إتصلت بيك لاقيت تليفونك مغلق وصحابي كانوا نازلين خلاص، وأنت كنت عارف من يومين!
وجد مقتطفات الماضي تُنعش شك ولو صغير جداً قُتل منذ فترة طويلة ولكنه كالسراب تماماً لا يستطع دفنه!

فقال بجدية صلبة:
-يبقى ماكنش مفروض تروحي اصلًا طالما انا لسة معرفتش، وابنك ده رمياه كدة؟ اية هترجع ريما لعاداتها القديمة!
هزت رأسها نافية ببطئ متعجب:
-أنا روحت النادي بس يا احمد، هو انا عملت إيه يعني ل ده كله؟
صرخ بصوت عالي:
-وانا ايش عرفني إنك كدة فعلًا!؟
شهقت مها مصدومة من أعماقها، الان فقط تجسدت امامها قدرة الماضي على وعك عجين حياتها بثوانٍ معدودة!

أحمد لم ولن ينسى الماضي ابداً مهما حاول سيظل يشعر بنعرة نقطة تفسد عليه مخططاته المستقبلية في تعدي خط الماضي بحسم...
إبتلعت ريقها قبل أن تردف بصوت يكاد يسمع:
-سيف كان معايا يا أحمد بس هو سبقني عشان كان عاوز ينام وانا بشتري حاجة من السوبر ماركت
ومن دون كلمة اخرى كانت تستدير لتغادر، فظل احمد يمسح على رأسه عدة مرات متمتمًا:
-اوووف، اوووف بقا
و هي اخطأت..
اجرمت..
ظلمت، وتجبرت!

ولكنها بشر، بشر كأي بشر يُخطئ فهي لم تُخلق من طينة اخرى نقية!
كُلنا لها، كُلنا نخطئ، ولكن ليس كلنا نملك تلك القدرة على النسيان...!

طرق عبدالرحمن باب شقة ما صغيرة جداً تقريباً عبارة عن غرفة وصالة!
زادت طرقاته برفق لتفتح له والدته الباب بعد دقائق هاتفة بشيئ من اللهفة التي تراقصت بين نبرتها:
-عبدالرحمن، وحشتني يا حبيبي
ثم إندفعت تود إحتضانه ولكنه ابعدها عنه يقول بجمود:
-انا جاي اجبلك فلوسك، مؤخرك من بابا، اتفضلي يا مدام فريدة
نظرت ليده الممدودة نحوه بصلابة منعتها من إختراقها بحدة!
فنظرت له تحاول إستعاطفه بحزن:.

-كدة يا عبدالرحمن من ساعة ما جبتني الشقة المعفنة دي ماتسألش عني سايبني بين اربع حيطان لما هاتجنن، ده أنت توديني دار مسنين ارحم لي!
تقوس فاهه بابتسامة ساخرة قاسية:
-معلش اصلي ملقتش حجز في فندق الخمس نجوم للمدام مدبرة الخطط الخبيثة!
نكست رأسها ارضاً بخزي حقيقي هذه المرة، فيما ألقى هو الأموال ارضاً عند قدميها ليدفعها برفق للداخل ويغلق الباب غير عابئاً بنداءاتها...

ليغادر دون أن يلتفت خلفه ولو لثانية حتى!

عاد عمر من عمله الجديد اخيراً مع صديقه الوحيد عمار
لم يصدق اذنيه والضابط يخبره أنهم إستطاعوا حصار الرئيس لتلك العصابة واخيراً، يشعر أن حينها فقط ستتبخر مشاكله جميعها بفعل نيران الرغبة في الهدوء كما تتبخر المياة بفعل النيران الحمراء تماماً!
دلف من الباب الرئيسي لينتبه من شروده على المنظر الذي جمده مكانه...
كانت شهد تقف امام باب المنزل مع رجلاً ما وتعطيه شيئ ثم يتضاحكون سوياً بمرح مرتاح!

شعر بالدماء تفور بين عروقه ليسرع بخطوات شبه راكضة نحوهم وهو يتوعد لها بأشد العقاب والعذاب و...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة