قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع والعشرون

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع والعشرون

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع والعشرون

إقترب منهم جداً حتى أصبح على بُعد خطوات قليلة منهم، فكانت جملة شهد الخبيثة التي سمعها كأنهاء لمحاولة تدخل نفسي واهية لإنهاء عصبيته المفرطة:
-خلاص روح أنت يا حزومه وأنا هابقى اتواصل معاك المرة الجاية
اومأ الاخر بابتسامة بلهاء:
-تمام جداً اتفقنا
ما لبس أن انهى جملته حتى وجد من يمسكه من لياقة قميصه ويزمجر فيه بحدة مخيفة:
-اتفقتوا على إيه ياخويا!؟

تربع الخوف على عرش قلبه وهو يشعر بقبضة عمر القوية، ولكنه جاهد لإظهار شجاعته وهو يحاول إبعاده مغمغمًا بغيظ:
-إيه يا أخ هو حد بيمسك حد كدة؟! أنت لو قابض عليا موديني أمن الدولة مش هاتعمل كدة!
رغمًا عنها إنفلتت ضحكات شهد على جملته، ليهمس لها بحنو صادق:
-تدوم يا شوشو
إتسعت عينا عمر مصدوماً وهو يسمع زوجته تُدلل من آخر!؟
ألهذه الدرجة أصبح وجوده في حياتها تماماً كعدمه...

إنحدرت علاقتهم لما بعد مرحلة الأعتبار فخسف بها رماد الارض!
لم يتردد وهو يلكمه بقوة هاتفاً في حنق:
-ودي بقا من جوز شوشو يا روح امك
سارعت شهد تقف حائل بينهما قبل أن يكمل عمر ما بدأه وهي تقول بجدية:
-اهدى يا عمر في إيه هو الواد عمل حاجة؟!
صرخ فيها متعجباً:
-نعم ياختي؟! لا ماعملش خالص، كان ناقص بس ياخدك بالحضن وساعتها يبقى عمل فعلًا!
أبتسمت دون مرح لتردف بسماجة:.

-تصدق صح، وفيها إيه!؟ بس احنا ف حته عامة بقا لما نبقى لوحدنا
وفجأة صرخ فيها بحدة جعلتها ترتعد:
-خشي جووووة يا شهد، لحظة كمان لو لقيتك لسة هنا هطلع عينك
إبتلعت ريقها بقلق ثم استدارت لتدلف ببطئ متعمد حتى تحرق اخر طرف للتماسك داخله كما يفعل هو دومًا!
بينما أمسك عمر بالاخر يسألها بسخرية حادة:
-ها بقا كنت بتقول إيه يا حبيبي؟
هز رأسه نافيًا بسرعة:.

-لا لا ده أنا كنت بقولها أنا هستأذن يا مدام شهد عشان جوز حضرتك لما ربنا يجيبه بالسلامة
ضربه عمر ببعض اللين مزمجراً بخشونة:
-اية ياروح امك هو حد قالك إني كنت بعمل حج وانا مش دريان؟
هز رأسه نافيًا بسرعة يحاول التملص من قبضته القوية:
-لا لا، عن اذنك انا يا باشا انا لسة مادخلتش دنيا
ثم ركض في ثوانٍ دون أن يعطيها فرصة للمزيد، فيما دلف عمر ل شهد التي وجدها تُراقب الموقف بعين الحظر..

وما إن تقدم منها حتى هتفت بحدة:
-خليك عندك يا عمر ملكش دعوة بيا
سألها بخشونة:
-مين ده وكان بيعمل إيه هنا؟
ترددت في إخباره ولكنه لم يكن امراً إختياري فأجابت بهدوء جاد:
-ده اخو واحدة بتاخد الكروشية اللي بعمله، بسلي نفسي بدل ماهموت من الوحدة كدة، وبعدين اهدى كدة ده يادوب 18 سنة يعني فرق شاسع بينا!
برغم أنها نجحت قليلاً في تهدأة النيران المستعرة بقلبه، إلا أنه قال مستنكراً:.

-وهو يقف ويضحك معاكِ لييية إن شاء الله؟! ده من ضمن البيعة بردو؟
عقدت ذراعيها متمتمة ببرود ظاهري:
-انا حره حاجة ماتخصكش ياريت تخليك ف حالك يعني!
حاول تهدأة نفسه، ترويض ذاك النمر الذي خلقه عالم من ضغوطاته النفسية والقهرية...
ليقول بجدية هادئة:
-أنا مابقتش عارف ده اسمه اية، بس مش شايفه إنك المفروض خلاص بقا ولا اسبوع مابنشوفش بعض فيه يعتبر ولسة ماكتفتيش!؟
صرخت مستنكرة:.

-اسبوووع! اسبوع كفاية لما اعرف أن جوزي كان بيشتغل في المخدرات بعد ما ساب القتل..
كادت الحروف تندفع من بين ظلمة جوفيه للنور الحارق، ولكنها منعته وهي تتابع بجمود:.

-هتقول هما اجبروني ومضوني على اوراق وكنت مغصوب، هقولك وانا فين من كل ده يا عمر؟! أنا اية ف حياتك اللي كلها ألغاز دي! انا ولا حاجة ف حياتك يا عمر، انا مجرد آلة للخلفة ولحقوقك الزوجية وخدمة البيت بس! فابالتالي عمري ما هخليك حاجة ف حياتي يا عمر، طاقتي على الاستحمال خلصت...
زفر بضيق حقيقي وهو يراها تغادر مسرعة للأعلى، ركض خلفها فأسرعت تركض لتغلق الباب قبل أن يمسكها..
طرق عمر الباب بعنف منادياً:.

-افتحي ام الباب يا شهد مش هاسيبك النهاردة
سمع صوتها المختنق يُناجيه السكون اليعيد عن مرمى العين:
-عمر ارجوك ماتضغطش عليا، انا فعلًا تعبانة
قال بتعجب حاد:
-كل ده وبضغط، منا بقالي اسبوع ماجتش جمبك، لكن كفاية كدة بقا
كُتم صوتها كما كُتمت روحها أسفل رداء الجمود الرقيق!
كم صعب عليها أن تنحرف علاقتهما نحو السكون من الطرفان، وحينها لن تُنتج حركة تشابكية بل نقطة وتنتهي تماماً...

ضرب الباب بقوة بقدميه قبل أن يغادر مرسلاً عاصفة الغضب خلفه...
وكعادته هو يغادر وهي تبكي بعنف حتى تغط في سبات عميق!

مر الوقت وأسيل تبكي كما هي، تبكي الخسارة التي كانت تهددها منذ فترة بأنوارها الحمراء القاتلة ولكنها لم تُعيرها اي انتباه!
تكاد تشعر أن الدنيا بأكملها تُعاندها وليس الحظ او القدر فقط..
كما لو أنها تسير نحو خط ما، والحياة بأكملها في الخط المعاكس تماماً!
ولكنها لن تخبره، لن تضحي بأحتمالية خسارة ذاك الطفل قبل ان يولد، ابداً!

واخيراً سمعت صوت الباب يُفتح ببطئ، ليدلف جاسر الذي لم يختفي الغضب من بين ثنايا الروح ولكن طغى عليها لوناً اخر من الكسرة والألم!
نظر لها شزرًا هاتفاً:
-إنتِ إيه اللي مقعدك كدة!؟
إنكمشت في نفسها خوفاً على طفلها من ضرباته قبل أن يكون على نفسها..
هي تستحق ذاك العقاب وبجدارة، ولكن نطفة لم تعي النور ليس من العدل أن تنطفئ هكذا...!
همست بصوت مبحوح وهي تهمس له:
-جاسر أنت لازم تسمعني؟
صرخ فيها بحدة:.

-قولتلك مش طاااايقك مش طاايقك يابني ادمه افهمي
عادت لبكاؤوها الحاد مرة اخرى يُلحن طعنات كلماته الغادرة!
فزمجر هو فيها بعصبية يحاول التحكم فيها:
-اسيل، قسماً بالله لو فضلتي ادامي كدة انا عارف إني مش هاسيبك الا اما اعمل فيكِ عاهة مستديمة! قومي...
ولكن فجأة توقف يقول بجمود:
-ولا اقولك، اشبعي بالبيت انا هغور في ستين داهية يمكن مارجعش اشرف لي!
صارت ترجوه بهمس:.

-جاسر عشان خاطر أي حاجة حلوة، بلاش تمشي وتسبني، افهمني الاول طب لو سمحت
لم يرد عليها وإنما استدار ليغادر مسرعاً نحو غرفته يعد..
وبالفعل خلال دقائق معدودة كان يخرج حاملاً حقيبته في يده، فأسرعت ترمي نفسها بحضنه مرددة بهيسترية:
-انا حيوانة وكلبة وزبالة بس والله من ساعة ما حبيتك لا شوفتك ولا اعرف عنه حاجة، سامحني يا حبيبي
تقوس فمه بابتسامة ساخرة قاسية وهو يبعدها عنه:.

-هشششش كفاية كذب بقا قرفت منك، وحتى لو كدة، إنتِ لو عندك ذرة احترام مش هتسمحي ل راجل تاني يقرب منك بالطريقة دي، بالطريقة اللي كنتي محرماها على جوزك، يا رخيصة!
كاد يغادر مغلقاً الباب خلفه، ولكنها اوقفته ملقية بأخر كارت تملكه:
-جاسر انا حامل، انا حامل ف ابنك!
-هأ! بليه واشربي مايته، لا عايزه ولا عايز زبالة زيك ف حياتي!
قالها وهو يغلق الباب مغادرًا دون كلمة اخرى...

دون كلمة اخرى تُرطب الشظايا التي تتحطم داخلها الان!

وصل كلاً من رضوى وعبدالرحمن وطفلتهم معهم بالطبع إلى عيادة الطبيب النفسي، نفس الطبيب الذي شكوا في امانته مع المريض!
جاء دورهم ف دلفوا إلى الطبيب ليجدوا طبيبًا اخر، نظر له عبدالرحمن مضيقاً عينيه وهو يهمس:
-مش هو ده!
ابتسم الطبيب بهدوء مصطنع وهو يرحب بهم:
-اتفضلوا الاول اقعدوا، إيه المشكلة؟
إندفع عبدالرحمن يخبره بحدة منفعلاً:.

-المشكلة إنكم نصابين، الدكتور صاحبك كنت مفروض بتعالج معاه من الشيزوفرينيا، والحالة ماكنتش بتظهر اعراضها، لكن فجأة لما ظهرت البنت اللي الشخصية التانية متعلقة بيها، تصرفاتي رجعت غريبة تاني!
تنهد الطبيب بقوة وهو يقول بحزم ضائق:.

-اسمع يا استاذ عبدالرحمن، اللي قبلي كان المساعد بتاعي مكاني لحد ما ارجع من السفر، بس إكتشفت إن مش حضرتك بس ده اكتر من حالة كذب عليهم بخصوص إنتهاء العلاج عشان يكثف الفلوس ويقلل الوقت
ضيق عبدالرحمن عيناه بعدم فهم، فبدأ يشرح له بخفوت:.

-بعض الحالات الشيزوفرينيا زي حضرتك كدة، بتكون متعلقة على سبيل المثال ب حبيبتك القديمة، اللي هي اثناء العلاج مش موجودة ف حياتك، هو قال إن كدة العلاج انتهى وماقالكش إن أنت عرضه لعودة المرض لو إختلطت بالبنت مرة تانية، وده نتيجة لعدم اكتمال فترة علاجك على اكمل وجه!
صمت بره يستشف تعبيراتهم المطبوعة بطابع الصدمة من الجشع الذي اخذ وضعه في حياة البشر...
ليكمل بنبرة اكثر اسفاً:.

-بعتذر لحضرتك وبأذن الله هنكمل العلاج سوا لو مكنش عندك مانع طبعًا وربنا يتم الشفا على خير
نظر كلاً من رضوى و عبدالرحمن لبعضهم وكأن كلاً منهم يسأل الاخر...
معًا نحو حياة جديدة، ببناء جديد ونواقي لازمة!؟
والأجابة كانت من عبدالرحمن الذي تنهد مجيباً بقوة للطبيب:
-تمام يا دكتور..!

كان يدور حول نفسه هنا وهناك، بالكاد يصدق أنه بالفعل وقع في الفخ بين براثن قدرًا مسنونًا على أتم استعداد للقضاء عليه تماماً!
هو الذي لم يتعرج ولو للحظة في سيره خطوات الضلال، الان هب النور، فكان إنتهاء عصر ظلمته وفساده...
نظر للرجل الذي يجاوره يهتف فيه بحدة:
-اتصرف يا طه، انا ماهخليش الشرطة تجبض عليّ ابداً
هتف الاخر في حيرة:.

-ماعارفش هنعمل اية يا باشا! ده حتى السفر ماهنعرفوش نسافروا، زي ما تجول البوليس كان بيخطط من بدري عشان يجبضوا على البيج بوص!
شعر بالأختناق يسيطر على خلاياه اكثر ف اكثر...
بل شعر ان جميع فجواته اُغلقت فكانت الموت صاحبه الوحيد!
اخرج هاتفه مسرعاً يتصل بشخصاً ما، فأجابه بعد دقيقة:
-ايوة يا باشا
-نفذ يا وِلد، نفذ النهاردة
-متأكد يا ريس، دي بت اخوك برضك!؟
صرخ فيه بعنف:.

-آني كدة كدة هاتدمر خلاص، بس على الاجل هابجى نچحت إني انتجم لأبني الوحيد!
-تحت امرك يا باشا
اغلق الهاتف ليسقط من يده فجأة وهو يصرخ واضعاً يده على قلبه الذي يأن المًا من كثرة الضغوطات:
-اااااه جلبي!
وسقط صريعاً في مكانه!
حتى في لحظات موته لم يسمح بالهزيمة أن تتخلل له، فأنهى نفسه بنفسه، او بمعنى اصح صُكت نهايته كما كان يتمنى دومًا!

صوت طلقات النيران هنا وهناك، عدد الهجوم اكثر من عساكر الدفاع التي تحيط منزل عمر!
الموتى ملقون هنا وهناك بعشوائية مُرعبة، وشهد تركض مع عمر باكية على الامل الخروج من تلك المجزرة الهجومية بسلام!
ولكن أعاق طريقهم طلقات النيران ليتفاداها عمر بصعوبة، إلتفت لشهد يصرخ فيها مسرعاً:
-وطي بسرعة وادحرجي لحد بره واطلعي اجري فورا
هزت رأسها نافية ببكاء حاد:
-لا لا انا مش هاسيبك انت هتموت لوحدك دول كتير اوي.

كاد يصرخ فيها منفعلاً ولكن أصابه الذعر وهو يرى احدهم يحاول أن يُصيب هدفه وبالطبع هو شهد
فأبعدها مسرعاً يرميها للجهة المقابلة، ليُرحب صدره بتلك الرصاصة فداءًا لتلك المعشوقة العنيدة..!
فشق الصراع صوت صراخ شهد الهيستيري وهي تراه يسقط ارضاً مغمضاً عيناه ببطئ واهن:
-لااااااااااااااااا عمممممممر!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة