قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث عشر

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث عشر

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث عشر

تتقازفها دوائر الخوف بل الرعب التي تكونت أثر ما حدث منذ قليل جدًا..
قلبها يلتوي بين أضلعها، وشيىً ما يهتف بذعر إنه هو، جاء لقتلك !
والعقل يضاهيه معاكسًا بقوانينه الطبيعية
هو ضمن الأموات لا وجود له
وهي بين ذلك وذاك ترتعش ووصلة البكاء لم يقطعها سوى عمر الذي جاء راكضًا يلهث بعنف وهو يسبه:
-ملحقتوووش إبن الكلب هرررب
سألته بصوت مبحوح يكاد يسمع:
-أنت شوفته؟
هز رأسه نافيًا، ليخبرها بأسفٍ حقيقي:.

-لا، اول ما البتاع وقع طلع يجري ملحقتش أشوفه حتى
ظلت تهتف بهيسترية تدعو للشفقة على الخوف الذي إحتواها بين احضانه السوداء:
-أنا متأكدة إنه مصطفى، هو مصطفى والله أنا قولتلك وأنت ماصدقتنيش
صمت قليلاً ليسألها مضيقًا عيناه:
-مصطفى ايه ده كمان؟!
حاولت كتم شهقاتها التي كانت تُقطع خروج حروفها بانتظام وأردفت:
-مصطفى ابن عمي، اللي مكنتش بتطيقه اصلاً يا عمر
سحبها من يدها للداخل، ثم أغلق الباب خلفه..

جلسا على الأريكة بهدوء، ليقترب عمر منها، فابتعدت بتلقائية للخلف..
تفاقم جمود عيناه، وتثاقلت دقات قلبه الصاخبة أمام رفضها الضعيف..
ف اُعلنت حرب الشعور!
مسك أصابعها برفق هامسًا وكأنه يستعيد غزارة مكانته الحنونه والتي ردمها هو مسبقًا!، : -
-شهد، أنا عمر، مش معقول قلقانة مني؟!
هزت رأسها نافية بهدوء حمل شيئً من لذعة السخرية:
-لأ بس عشان ماتحتاجش تزقني فجأة وتقولي أبعدي عني.

حاولت التقدم على تلك الغصة المريرة التي ألمت حلقه أسير حروف عشقها المتيم، فتابع بأسف:
-إنتِ عارفة إنه مش بمزاجي
نظرت لعيناه مباشرةً وكأنها تستجديها تلك الروح التي عانقتها يومًا بوعود الإكتمال، ف هتفت بنبرة مهتزة تسبق عاصفة بكاء قوية:
-بس أنا تعبت! تعبت من كتر الإهانات ومع ذلك بقول مش بمزاجه ومش بأديه
جذبها لأحضانه يُسكنها مقرها المحفوظ وإن كان الإقرار بذلك مدفون..

يُقربها منه اكثر حتى باتت جسدها كله ملتصق به يحتويها بين ذراعيه الضاممتين بحنو لا يملك اختيار فقدانه او محوه!
يُقبل خصلاتها المتمردة التي كشفها بيده بتثاقل هامسًا بصوت بدا لها غريبًا عن طبيعته المؤخرة:
-هششش إهدي، إهدي يا شهدي
دق قلبها بعنف وهاجت دقاته بصخب غير مصدق!
لقد نطقها؟!
نطق صك ملكيته المعروف!
لم تستطع السؤال حيث نهض وهي مازالت بين احضانه متجهًا نحو الاعلى، لتعترض بهدوء:
-عمر أنت..!

قاطعها يضع أصبعه على شفتاها:
-هششش، متقوليش أي حاجة دلوقتي
اومأت بطاعة غريبة:
-طيب
دلفا إلى غرفته ليغلق الباب خلفه، توترت رغمًا عنها من إهانة بعيدة تُهددها بالأقتراب..
جعلها تتمدد على الفراش برفق ليستقيم وهو يخلع التيشرت الخاص به...
فهمست له متلعثمة:
-أنت، أنت بتعمل إيه؟!
اقترب منها ثم تمدد لجوارها تمامًا دون السماح بالمسافة أن تكمن بينهم، ليضع يداه على خصرها يبادلها الهمس:
-هنام يا شهد!

اومأت مسرعة وهي تغمض عينيها، تحاول السيطرة على مشاعر تفور من إقتراب طال غيابه بهذه الحرارة!
ولم تشعر أن وضعت يدها على صدره العاري، ومن ثم وضعت رأسها لتشعر بنبضاته التي قابلت نبضاتها المتعثرة في لقاءٍ شاق...
وبتلقائية كانت ترفع رأسها لتلثم صدره العاري بعمق كما كانت تفعل دومًا قبل أن تعود لأحضانه مرة اخرى غير مبالية بتجمده من قبلتها تلك!

ويدها تتحس صدره بطرف أصابعها برفق، ضغط على يدها بقوة مغمض العينين..
كادت تبتعد عنه تمامًا ولكن على العكس قربها منه اكثر، ليفتح عينيه وهو يشرف عليها بقامته العريضة...
هبط ببطئ لشفتاها يقبلها يأكلها بجوعٍ ينهش قلب عاشق ملكوم!
دفعته عنها برفق وهي تبتعد متأوهه بأسمه:
-عمررر
فانزلقت شفتاه تقبل رقبتها وما أسفلها قبل ان يتابع بحرارة:
-مش قادر أبعد عنك اكتر من كدة.

ظل يقبلها بنهم ويداه تتحس منحنيات جسدها، ثم همس وهو يعض طرف اذنها:
-إنتِ بتعملي فيا إيه! مابقتش عارف
هزت رأسها نافية بصوت منخفض:
-لأ بلاش!
شعرت بشفتاه تقتل الإعتراض الذي لم تكتمل ولادته على طرف شفتيها، ليبتلع تلك الحروف في عناق محموم...
ويداه تعبث في أطراف ذاك الجلباب الذي ترتديه، لينزعه عنها ببطئ ويداه تغوص بين خصلاتها يجذبها له أكثر..

خارت المقاومة ورفرف العشق، واعلنت الروح حالة الإستسلام وهي تستشعر الحرارة في جسدها كله من لمساته الرقيقة!
لينتهي بها المطاف خاسرة في مقاومة فشل العقل في تزعمها متذبذبًا من دسائس قلبٍ مُشتاق...
أحاطته بذراعيه، لتسمعه يقول بصوت ذو مغزى:
-تؤ تؤ، مفيش حاجة أسمها لأ او بلاش، إنتِ بتاعتي!
وإنهار كل إعتراض، ليغوصا معًا في رحلةٍ جديدة كانت بعيدة جدا عن مرمى أعينهم الهزيلة!

نهضت رضوى من الفراش متململة تشعر بالكسل تمتد اطرافه لأنحاء جسدها كله، تحسست الفراش بجوارها كعادتها عندما تستيقظ فوجدته فارغ بالطبع..
تنهدت بقوة قبل أن تمد يدها تمسك بهاتفها الموضوع على الكمودين بجوارها، قضبت جبينها وهي تهمس متأففة:
-تؤ، مها كلمتني 5 مرات! شكلهم لاقوا سيف!
أبعدت الغطاء عنها وما إن تحركت حتى شعرت بشيئ لزج أسفلها..

نظرت اسفلها بعدما نهضت لتشهق مصدومة وهي ترى الفراش اكثر من نصفه مبلل:
-يا نهار أسود!
أطلقت صرخة عالية شقت السكون من حولها، لتستمر في وصلة صراخها الهيستيري:
-يا خرااااشي أنا شكلي بوووولد
أمسكت هاتفها مسرعة لتتصل ب عبدالرحمن، ولكن ما من مجيب!
كادت تبكِ وهي تسبه بقهر:
-الله يخربيتك يا عبدالرحمن هولد على نفسي
وخلال دقيقتين تقريبًا كان يرد عليها بهدوء:
-ايوة يا رضوى
-إلحقني، إلحقني يا عبدالرحمن بسرعة.

-مالك في إيه؟!
-بووولد إلحقني أنت لسة هتستفسر
-ماشي ماشي مسافة السكة هبقى عندك
-بسررررعة بسرررررعة وبالله عليك مش عايزة اولد هناااااا لااا
-خلي بالك من نفسك وانا جاي على طول اهوو
-طيب، طيب
ظلت تجوب الغرفة ذهابًا وإيابًا ثم اتجهت لتبدل ملابسها سريعًا وتجهز الحقيبة التي جهزتها مسبقًا لطفلها لأحتمال ولادتها وخاصةً بعدما حدث بينهم ليلة امس...

دقائق مرت عليها وقد بدأت تتعرق، حتى شعرت بدخول عبدالرحمن الذي ركض نحوها يسندها متجهين نحو الاسفل...
ضربته على ظهره مرددة بصوت شبه باكِ:
-اتصل ب مامااااا انا عايزة ماما نبييييلة يلااا دلوقتي
اومأ مسرعًا بتأكيد:
-ورب الكعبة اتصلت بيهم وانا ف الطريق، اهدي بقا عشان وترتيني اكتر منا متوتر
عضت على يده التي تسندها بغل، لتصيح فيه بحدة هيستيرية:
-ااااه ما انت مش حاسس بيا وانت هتوتر نفسك لية؟!

إلتزم الصمت التي اطبق على لسانه بخلفية الواجب المرير، ليجدها تكمل دون وعي:
-ااااه هاتروح من ربنا فيييين، الله يخربيتك يا عبدالرحمن، مسيرك تجرب اللي انا فيه!
نظر لها مضيقًا عيناه في حنق:
-لا ده إنتِ الولادة لحست عقلك، هاجرب ازاي يابنت المجنونة!
ظلت تضرب الأرض بقدمها من الألم الذي عصف بجسدها، لتزمجر فيه بغضب اعمى:
-ماعرررررفش وده وقته!

حاول تمالك نفسه قليلاً حتى تنتهي تلك الولادة، فقط حتى تنتهي ويصب حنقه بالكامل عليها!

إلتف الجميع في غرفة المشفى التي تقطن بها رضوى بعدما أنجبت مولودها الأول لهذه الدنيا بسلام..
وتحديدا كان عبدالرحمن يقف لجوارها يدها اليمين ينظر لطفلها في حضنها بحنان ودفئ فطري يتدفق منه..
قطعت مها الصمت بقولها المرح:
-ألف ألف مبروووك يا رودي، اخيرا بقاا دخلتي الدايرة يا ام البت
ضحكت رضوى بشحوب هامسة:
-الله يبارك فيكِ يا مها
تابع احمد بعدها بابتسامة:
-مبرووووك يا رضوى تتربى في عزكوا إن شاء الله.

بادلته الإبتسامة:
-الله يبارك فيك يا احمد تسلم
توالت عليها المباركات من جميعهم، فيما أقترب عبدالرحمن منها اكثر يقبل جبينها بحنان استشعرته في لمسته الناعمة، ليهمس لها بجوار اذنها:
-ألف مبروووك يا أم سندس، قومي بقا شدي حيلك عشان نخاويها بسرعة
زحفت الحمرة تخصب وجنتها البيضاء من غزله الذي لطالما كان يُنبت شعورًا جديدًا ومختلفا في كل مرة من عشقهم المُترب!

نظرت حولها تتأكد أن الجميع منشغل، لتعود تبادله الهمس الحازم:
-أنسى خاااالص
تنحنح أحمد بصوت عالٍ، ثم قال مشاكسًا:
-امممم في إيه يا عبدالرحمن انت كويس؟!
ابتعد عبدالرحمن يتنحنح بحرج:
-ااه اه كويس جدا
رن هاتف عبدالرحمن في نفس اللحظة ليخرجه من جيب بنطاله، وما إن رأى اسم المتصل حتى تلون وجهه تلقائياً للون المصاحب للتوتر الاصفر !
تنحنح بخفوت يقول:
-بعد اذنكم يا جماعة، تليفون مهم وراجع على طول.

اومأ الجميع له بهدوء:
-اتفضل اتفضل
خرج من الغرفة فإتسعت الابتسامة على وجه والدته، ابتسامة ماكرة وكأنها مرسومة بجلد ثعبانًا سام!
وسرعان ما كانت الذكرى تموج متلطمة بين جدران عقلها المجعد بالخبث...

اخرجت هاتفها سريعًا بمجرد دلوف رضوى لغرفة العمليات، لتتصل ب أسيل التي اجابت بعد دقيقة تقريبًا بصوت واهن:
-الوو
-ايه ياست أسيل هاتفضلي تتدلعي كتير
-مش بدلع، جوزي كان قاعد في البيت مكنتش عارفة اكلمك او اقابلك
-امممم هحاول اصدقك، بس المهم دلوقتي
-خير اللهم اجعله خير؟!
-خير ياختي، وخير اوي كمان، إنتِ تيجي دلوقتي على مستشفى ،
سألتها مستفسرة والحيرة تكاد تتأكلها في محاولة لفهم تلك السيدة ولو لمرة:.

-اجي لية في ايه؟!
-عبدالرحمن في المستشفى دي، وهايقدر يشوفك لوحده كمان لأن مراته هتبقى لسة والدة مش هاتقوم، دي فرصتك بقا استغليها
-حاضر
-معاكِ ساعة ولا حاجة بالكتير
-ماشي خلاااص
-سلام
-باي
أغلقت الهاتف تتنهد بارتياح، أدت دورها وصكت ختمها على أول سطرًا في حياة ترغب في تشكيلها...!

عادت من إنتشال ذكرياتها على صوت رضوى تسأل بوهن:
-هو عبدالرحمن راح فين؟ اتأخر!
أبتسم أحمد ابتسامة حملت ذبذبات واضحة من الخبث وهو يشاكسها:
-اتأخر إيه يا رضوى ده مكملش 10 دقايق، هي الولادة بتخلي الست تحب جوزها بزيادة ولا ايه؟!
ضحكت رضوى بحرج هامسة:
-لا بس اتهيئ لي انه بقاله شوية يعني
اومأ احمد بهدوء في حين كان الاخرى تراقبها بعين تكاد تأكلها حية!

بينما في الخارج كان عبدالرحمن يسير متجهًا لأحدى الطوابق الفارغة، ينظر هنا وهناك وكأنه لصًا ما يخشى الفضيحة!
وصل للطابق المتفق عليه ليجد أسيل تعطي له ظهرها وتعقد ذراعيها بهدوء رأه من مرماه برود قاتل...
ركض لها يجذبها من ذراعها مزمجرًا في وجهها بحدة منخفضة:
-إنتِ إيه اللي جابك هنا إنتِ مجنونة!
اومأت موافقة لترد وهي تقترب منه تأسره بنظراتها:
-عبدالرحمن، وحشتني اووي!

كان مُخشبًا يحدق بها، ترددت تلك الكلمة بأذنيه اكثر من مرة، شعر أنه ينغمس تحت رداءًا قاتل من الأستجابة!
تشنج جسده بأكمله وهو يضع يداه على اذنها مرددًا بهيسترية:
-لاااا، رضوى، وإنتِ وحشتيني!
تجمدت هي الاخرى مصدومة مما يحدث له، لا تدري ما الذي اصابه فجأة..
إن كانت كلمتها مرطبًا لجروح الماضي ام سقم جديد يُنكسه بلا تردد!

ولكنها أمسكت به تحتضنه برفق وكأنها والدته ورأسه تستند على صدرها والتشنجات لم تغادر جسده بعد!..
فهمست له متوجسة:
-عبدالرحمن، مالك؟
مرت دقيقتان تقريبا ليبدأ جسده بالأستكانة تدريجيًا، سكنت معه مطارادات عكسية تُحاك داخله...
ورد عليها بهدوء تام متبلد:
-وإنتِ، أنتِ وحشتيني!
لا تكاد تٌصدق عينيها، إنتزعت منه اعتراف لصالحها يُضئ لها العتمة التي صنعها مسبقًا امامها واخيرًا...
ولكنه أكمل ووجهه يتلوى:.

-بس آآ لا، رضوى، أنا آآ!
وفجأة شعرت بيداه تحتضنها أكثر يضمها له بكامل قواه، ويدس رأسه عند رقبتها يلثمها ببطئ شديد ومثير..
تخدرت كل حواسها الخبيثة وهي تشعر بملمس شفتاه يغزو كل جزءًا ظاهر منها ويداه تغوص بين خصلات شعرها الأسود...
أغمضت عينيها تحاول قتل ذاك الشعور الذي يؤنبها بعنجهية!
ف زجها هو للخلف بجسده وهو يميل لها يشبع شفتاها تقبيلاً، ويداه تقبض على خصرها بقوة...
ولكن تلك القبلات كانت ميتة شعوريًا!

خالية من أي ازدهار لمشاعر مرهفة محتمل أن تُيقظ عشق مسموم بأشواك الطمع...
وفجأة أبتعد عنها كالملسوع وكأنه أستعاد سيطرته على مقاليده الواهية..
ينظر لها لاهثًا وكأنه ثلج مُجمد غير مدرك!
وبأقل من اللحظة كانا يسمعا صوت أحمد الذي صدح غير مصدقًا:
-عبدالرحمن!
ثم نظر لأسيل التي كانت حالتها لا تُشكل فرقًا كبيرًا عن حالته المرزية ليهتف:
-وإنتِ! إنتِ مين وبتعملي إيه هنا؟!

هزت رأسها نافية تحاول ٱجبار تلك الحروف على الخروج في مسارها المراد:
-أنا آآ أنا...
ولكن ركضت من امامه مسرعة، هي ستفشل، بل هي فاشلة من الأساس في إحاكة قصة بطلتها نفسها مذبذبة بضعف تجهل مصدره!
أمسك احمد عبدالرحمن من كتفيه يهزه وهو يقول مذهولاً:
-ايه ده هه؟ رد عليا ايه اللي انا شوفته ده!
هز رأسه نافيًا يهمس ببلاهه:
-انا آآ، مش آآ مش عارف إيه اللي حصل! أنا كنت حاسس إني مُجبر!، مش بعمل كدة بمزاجي..!

زمجر فيه احمد بعصبية:
-ازاي يعني كنت مجبر! كان حد ضربك على إيدك وقالك قرب من الزبالة دي بالغصب!؟
حك رأسه مغمض العينين وقد بدا وكأنه يُصارع شيئ داخله..
يشعر أن ما حدث مشوش داخل ذاكرته، بل ربما لا يذكر نصفه!
نظر لأحمد قائلاً بصوت مبحوح:
-أنا مش عارف، صدقني مش عارف ولا فاهم في ايه؟!
تشدق أحمد بحزم ب:.

-بس انا عارف، عارف إنك طالما مراتك مش مكفية متطلباتك يبقى تتجوز واهو تبقى حلالك أفضل من ما تكون زي اللي بيسرق لذة تدخله جهنم!
صار يهز رأسه نافيًا بسرعة:
-لا لا يا أحمد، أنا بحب رضوى صدقني وهي مكفية كل متطلباتي، بس اقسم بالله اني مش عارف ازاي حصل اللي حصل
سأله احمد مباشرةً:
-مين البت دي؟
واجاب هو الاخر بنفس الحسم:
-أسيل، دي أسيل
شدد على حروفه مستفسرًا بغيظ:
-مين أسيل دي يعني وازاي جات هنا اصلاً يعني؟!

هز رأسه نافيًا بحيرة:
-دي آآ اللي كانت خطيبتي، بس صدقني مش عارف، أنا لقيتها بتتصل بيا وبتقولي انها هنا واني لازم اقابلها وإلا هي هتدخل جوة!
تنهد أحمد بقوة عله يُزيح ذاك الثقل عن عقله فتتم مهمة تفكيره الناضج..
ثم قال بجدية صارمة:.

-اسمع يا عبدالرحمن، رضوى مش مجرد اخت مراتي، انا بأعتبرها أختي الصغيرة، وأنا مش هاسمح لحد يأذي اختي الصغيرة مين ما كان، بس أنا هاسكت واديك فرصة اخيرة لإني حاسس إنك صادق، لكن لو رضوى اشتكت منك او عرفت إنك شوفت البت دي تاني يبقى أنت بتقضي على حياتك بأيدك!
اومأ عبدالرحمن مؤكدًا، ليتركه أحمد وينصرف عائدًا للغرفة مرة اخرى..
فيما ظل عبدالرحمن ينظر لنفسه متحسرًا ببهوت لما آل إليه حاله!

صباح اليوم التالي، كان أحمد امام المرآة يهندم ملابسه استعدادًا لعمله..
كان يوم امس شاق، وحمدالله أن رضوى ستغادر المستشفى اليوم لأن ولادتها كانت - طبيعية -
بينما كانت مها في الخارج تعد فطورًا لكلاهما بعد أن اطمأنت على سيف في الغرفة الاخرى..
خرجت من المطبخ تحمل الصينية التي عليها كوبان من الشاي المغلي...
وكانت رودينا تجلس على الأريكة ببرود، كوحشًا كاسرًا منتظرًا الفرصة التي سيغتنمها بأفضل شكل!

كادت مها تمر من جوارها، ولكن رودينا وضعت قدمها فجأة امامها فكادت مها تسقط، فانقلب الكوبان على رودينا، وقليلاً على مها التي صرخت من الفزع:
-يا خبر ابيييض! مش تحاسبي يا رودينا
وكانت الاخرى تصرخ من الألم، ولكن الألم الذي أصدرت له اصواتًا مذبوحة لتُلائم خطتها الخبيثة..
فظلت تزمجر في مها:
-اااه حرام عليكِ يا مها عايزة تسلخيني، ومن غير ما أكلمك كمان!

إتسعت حدقتا مها في صدمة من تلك التي لا تدري أين ومتى تُنظم تلك الكذبات بشكل يجعلك تنغمس بينهما دون شك..
لتردف حانقة وهي تمسك يدها التي طالتها الأكواب:
-لا بقا ده إنتِ اللي مجنونة على الصبح، هو انا كلمتك ولا إنتِ اللي حطيتي رجلك ادامي فجأة قصدًا!
إتسعت عينا رودينا في دائرة واهية من الصدمة، ثم سرعان ما كانت تبكي وهي تمسك بقدمها ويدها من الألم الذي صنعته هي لتنال شيئً اخر:.

-ايدي مش قااادرة حرام عليكِ والله يا مها، إتقي الله شوية بقا
سألها أحمد بجدية لا تخلو من نقاط شك:
-في إيه يا رودينا؟! مالك ومالك إنتِ كمان يا مها
كادت مها ترد ولكن قاطعتها شهقات رودينا التي سارعت تتشدق بحرقة:
-دلقت عليا الشاي يا احمد، دلقت عليا الشاي من غير ما أعملها أي حاجة تخيل؟
تقوس فمه بابتسامة ساخرة تقدمت كلمته المتهكمة:
-فعلاً؟
اومأت مؤكدة لتتابع:
-ايوة انا عارفة إنها مش طيقاني من ساعتها.

اغمض احمد عيناه مغمغمًا بقوة علها تتوقف عن ثرثرتها المتلاحقة التي ستسحقهم جميعا!:
-رووودينااا، بس!
ولكنها لم تتوقف بل أطلقت العنان لتلك الحروف التي تكاد تحرق جوفيها للأنطلاق وإعلان النصر بشكل ابدي!
فاستطردت:
-رودينا اية، أنت مفكرني هاسكتلها، أنا عارفة إنها عاوزة تموتني من ساعة ما عرفت إني حامل!
شهقت مها مصدومة، حامل!
تحمل طفلاً آخر من صلبه حتمًا سيُرمم ما هُدم بفعل تغيرات الزمن..

تحمل نبتة اخرى ستُزيد من حقها في تلك الحياة التي زجت نفسها بها!؟
بينما صرخ احمد فيها بعنف:
-مها ماتعرفش إنك حامل اصلاً يا استاذة
-مستحيل!
همست بها وقد تباطئت حماستها في إشعال المزيد والمزيد، حتى إنطفأت وهي ترى الصدمة التي إحتلت قسمات مها..
لتبتلع ريقها بازدراء وبداخلها ألف صوتًا وصوت يسب غبائها وتسرعها!
إنكمشت داخل قوقعة الخوف من رد فعل أحمد، بينما قالت مها بنبرة باردة تُعاكس شعورها المُفحم بالقهر:.

-امممم حامل، عشان كدة مامشتيش بقا؟!
رفعت كتفيها بخبث متوتر:
-أنا آآ أنا فكرتك عارفة يعني توقعت احمد مش هيخبي عنك حاجة زي دي!
إزدادت القبضة الفولاذية تعتصر روحها المُرهقة حرفيًا..
قبل أن ترد ساخرة على حالها المنتكس:
-لا مهو أحمد مابقاش يحكي حاجة خلاص
صمت برهه ثم اكملت بابتسامة ساخرة بلهاء:
-بس فيها إيه يعني لو كنتم قولتوا، كنت هاقول ماشي خليها تقعد لحد الولادة ولا خايفين من الحسد لاسمح الله؟!

كز أحمد على أسنانه بغيظ قبل أن يقول بصلابة:
-لأ رودينا مش قاعدة عشان الحمل بس، رودينا ده بيتها زي ماهو بيتك وأكيد مُش هاتسيبه
همست مصعوقة:
-بعد اللي عملته؟!
أولاها ظهره يعدل قميصه ثم صدح صوته كالسوط على كرامتها كأنثى وأم:
-متهيألي إنها مش هي اللي خطفته، الموضوع عدا خلاص، لازم تنسيه زي ما كلنا هاننساه يا مها
ثم إنصرف دون أن يعطيها مساحة لأي إجابة!

فاتسعت ابتسامة رودينا التي وضعت يدها على بطنها تتحسسها بصمت يدفن أسفله الكثير والكثير...
بينما شعرت مها أن هناك شيئ قد تحطم داخلها..
شيئ تدوي أصوات شظاياه التي لن تعود كما كانت، ابدًا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة