قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل السادس عشر

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل السادس عشر

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل السادس عشر

تثاءبت ميادة بكسل فهي لم تشعر بنفسها متى غفت وكيف انتهى بها الحال هكذا بين أحضانه لا تتذكر شئ ولا تود ان تتذكر سوى انها تعشقه ولم تعشق سواه وأنه لم يضعف أمام امرأة سواها؛ تذكرت بسعادة ليلتهما الماضية، اقتربت بحب من نوح تود ايقاظه هامسة اليه بدلال قائلة:
حبيبي، قوم بقى مفروض نسافر البلد
تحدث والنعاس يغالبه: خلينا كمان النهاردة وبكرة نرچع البلد.

ميادة: لأ مينفعش لازم نروح علشان رحيم لوحده مع الزفته اللي اسمها حياة
فتح نوح عينيه مبتسما:
متخافيش مهتجدرش تعمل حاچة امي تاكلها
ميادة بغيظ: ده على أساس ان امك مش متفقة معاها يطفشوني؟!
نوح بعتاب: لاه يا ميادة، امي اتغيرت جوي بعد موت حماد كان موته زاح الغشاوة اللي كانت على عنيها وعرفت ان الدنيا متستاهلش واصل اللي كانت هتعمله
ميادة: خلاص يا نوح، انا مبسوطة جداااا ومش عاوزة حاجة تدايقنا..

جذبها نوح اليه قائلا بمراوغة:
ويا ترى بجى مبسوطة ليه..؟!
ميادة بخجل: بعدين معاك، يلا قوم وبطل كسل وانا هجهز الفطار
اومأ اليها بحب وغادرت هي تعد الفطور تاركه نوح يفكر بهدوء فيما ينبغي عليه فعله كي يتخلص من تلك الورطة التي تسمى حياة...
وللبعاد طعم مذاقه كالعلقم مر ولا يتحمله سوى من اجبر عليه؛ يؤلم الأرواح ويصيبها بالعجز فتحيا بخريف لا ربيع له تنتظر انتهاء أيامها الباقية علها تنعم براحة لم تجدها...

تنهد فهد بحزن ويأس من العودة إلى النعيم الذي دفعه بعيدا عن نفسه بمحض ارادته؛ زوجة يعشقها وبيت كان عالمها بأكمله وأمانة كان سعيدا بحملها الى أن غلبه شيطان فوسوس اليه ليخرجه من تلك الجنة ويهبط الدي دنيا ملؤها حقد وغضب لم ينتهي إلى الآن.

عزم أمره على ترك نوارة الى الأبد سوف يبتعد ويترك البلدة بأكملها؛ سيهرب بعيدا عنها فهي تجذبه اليها رغما عنه تجعله مغيبا؛ يهرول اليها دون ارادته وهي عاجزة عن مسامحته ولن تفعل لذا سيترك روحه معها فقد تملكتها منذ سنوات وينأى بنفسه إلى النهاية.

وقف قبالة البيت الذي أسسه منذ سنوات يطل عليه من شرفته يبتسم بتعجب من حال الدنيا وأحوالها فكم سعى الى الانتقال الى ذلك البيت الجديد متأملا ان يجد بين أركانه حياة جديدة خالية من ذكريات الماضي لكنه وبلحظة تملك هوجاء قضى على عشق كان بإمكانه أن يتسرب إلى حنايا قلب نوارته ولكن لم يحدث واصبح البيت خاليا منه هو؛ تركه مرغما وعاد الى البيت الذي قضى به سنوات طفولته وشبابه هو وسلمان.

ورغم أن قلبها لم يعرف معني الكره من قبل الا أن كثرة المأسي والالام جعلته غير قادر أيضا على السماح والنسيان، لم تعد بتلك الطيبة المفرطة وذاك يؤلمها، فعندما يهبك الله قلبا نقيا لونه شديد البياض لا تشوبه شائبة ويأتي غيرك يلوثه بكل قسوة ويطعنه بخنجر نصله أسود اللون فتبكي بقهر راغبا في انقاذ قلبك من السواد ربما يبقي كما هو لكنك لا تستطيع، تحاول ولا تصل الى ما كان عليه سابقا فتقضي ما تبقي من عمرك تشعر بفقد وحنين إلى ذاتك القديمة وقلبك الذي تغير وأصابه شئ من العطب...

اقتربت رباب من نوارة التي تتجنب الحديث اليها منذ مواجهتها مع نوح، تغيرت نوارة كثيرا وكأنها ليست هي، صامتة شاردة تبدو بعالم آخر...
وكذلك الحال مع جاد، ورباب حائرة بالمنتصف تعلم أن لديهم الحق ولكنها عاجزة عن مساعدتهم فهي لا تمتلك من الأمر شئ
تحدثت رباب إلى نوارة قائلة:
أساعدك في حاچة يامه؟
تنهدت نوارة قائلة: لاه يابتي كتر خيرك
رباب بحزن: انتي هتفضلي زعلانة مني إكده؟

نوارة: يابتي همليني الله لا يسيئك، اني لا زعلانة منك ولا من غيرك
اقتربت منها رباب شاعرة بما تعانيه نوارة فالقهر البادي بملامحها يغني عن أي وصف
رباب: حجك عليا يامه والله اني ماليا يد في حاچة ولا حد هيسمعلي كلمة..
بكت رباب فرق قلب نوارة، وبعض القلوب هكذا خلقت لترق لضعف غيرها وترتقي بألالامها فوق أمواج الظلم والظلام..
تحدثت نوارة محاولة تغيير مجري الحوار قائلة:.

عملتي ايه انتي وچاد، جدملك في الچامع ولا لاه؟!
رباب: اه، جدملي وبكرة هروح الكلية وهو هيوصلني
نوارة: المهم تحرصي لنفسك ومتصاحبيش حد غريب يابتي ولو الحمل تاعبك لا تروحي ولا تاچي المهم صحتك
احتضنتها رباب بسعادة قائلة:
اني هحبك جوي يا خالة نوارة، انتي جلبك أبيض جوي
نوارة: حبتك العافية يابتي، الجلوب بيد اللي خالجها، خشي ريحي في شجتك ولما چاد يعاود انزلي نتغدي.

رباب: لاه، هجعد معاكي وهو جدامه نص ساعة ويرچع بالسلامة
نوارة: وسلمان فين..؟
رباب: صاحبه جاله من شوية وطلعوا سوا
نغزه حادة أصابت قلب نوارة لكنها استغفرت ربها قائلة:
ربنا يجعله خير، يارب.

عادا سويا بعدما قضيا لحظات حلوها لا يشوبه ما يمرره وجمالها لا يضاهيه شئ بالكون؛ يحتضن يدها بين كفه باحتواء جعلها تتهادي في مشيتها بدلال أنثى على يقين من تربعها فوق عرش قلبه وسعادة طفلة تمتلك بين يديها كل ما تهفو اليه نفسها
ولكن سرعان ما تحولت سعادتها الى ألم ودلالها إلى غيرة قاتلة بعدما أسرعت حياة باتجاه نوح قائلة:
واه، كنت فين يابشمهندس، رحيم أتوحشك جوي.

اشاح نوح بوجهه تجاه ميادة قائلا بهدوء: كنت مع حبيبتي..
ابتسمت ميادة بانتصار وتحدثت ا نوح قائلة
اطلع ياحبيبي اطمن على رحيم وارتاح شوية وانا هحصلك
نوح بترقب: لاه، تعالي معاي
ميادة: لا، انا هروح اطمن على ماما نوارة وهرجع بعد شوية
نوح: طب تعالي غيري هدومك وريحي چاري
ميادة: لأ، علشان خاطري خليني أروح بقى ماما وحشتني
نوح بحب: استني أوصلك؟!
ميادة ضاحكة: لو هتشيلني وتنزلني قدام البيت موافقة.

كانت حياة تناظرهما بغضب بين ولكن نوح تعمد تجاهلها قائلا:
يعني شيلك چوة جلبي وچوة عيني هيبجى صعب اشيلك بين ايديا اياك!
ابتعدت ميادة قليلا ناظرة اليه بحب قائلة بخجل:
ماشي، روح بقى وسبني اروح
صعد نوح درجات السلم المتبقية تاركا اياها وقلقه يزداد من نظرات حياة لميادة ومعرفته ان ميادة لن تتهاون في حقها...

توجهت ميادة الى بيت نوارة تطمأن عليها وتطمأنها فهي لن تترك والدتها تعاني وهي معتقدة أن نوح سيكرر ما فعله فهد من قبل..
وتوجه نوح الى غرفة والدته عله يجدها قد تحسنت قليلا:
تحدثت شهيرة الى نوح باشتياق قائلة:
بجالك يومين مجيتش يا نوح، عامل ايه ولدي؟
نوح: الحمد لله بخير، كيفك يامه صحتك بخير؟
شهيرة دون مقدمات: أوعاك تتچوز البت ديه يانوح أوعاك يابني
نوح بتعجب: ليه؟!

شهيرة بحزن: بكفيانا ظلم يا نوح، هتظلم بت خالك وتظلم روحك
نوح: ورحيم يامه، أسيبهم ياخدوه؟!
شهيرة باكية بقهر: لاه، هياخدوه مني كيف، بزيداني إكده مهجدرش يبعد عني كيه ابوه
نوح: وهما شارطين اتچوز بتهم لاچل الواد ما يفضل إهنه
شهيرة: ربك هيحلها ياولدي بس اوعاك تعمل عملة فهد وتفضل طول العمر ندمان، خدهم وسافر يا ابني، خد مرتك ورحيم وابعدوا عن البلد كلياتها
نوح بحزن: وأهملك لمين يامه؟!

شهيرة: متشغلش بالك بيا، خالك فهد إهنه ورباب مهتهملنيش
جثي نوح أمامها قائلا:
خالي ورباب على راسي من فوج بس انتي امي أني وحجك اني اراعيكي لحد ما أموت...
قبلت شهيرة رأسه قائلة بيأس:
سامحني يا بني وسامح أخوك ظلمناك ولساتك شايل همنا لحد دلوك.

قضت ميادة ما يقرب من الساعتين بصحبة والدتها التي عادت اليها الحياة بعدما أخبرتها ميادة بما فعله نوح ولم تغادر الا بعدما استعادت نوارة بسمتها التي تنير وجهها...
صعدت ميادة أعلى الدرج إلى أن وقفت حياة جوارها...
ناظرتها ميادة باشمئزاز مما جعل حياة تغضب منها قائلة:
هتبصيلي إكده ليه، معجباكيش اياك؟!
ميادة: تؤ، مش عجباني بصراحة
حياة بغضب: ليه أحلى مني يا بومة؟!
قهقهت ميادة قائلة: انا بومة يا لوكل.

حياة: وااه هتشتميني ومفكراني چاهلة يابت ده اني في كلية تچارة انچليزي...
ميادة ممسكة حياة من حجابها:
البت دي تتقال لواحدة في سنك ومستواها من مستواكي وانا أكبر منك في السن والمقام، وبالنسبة انك في كلية تجارة فده واضح جدااا والدليل اهو بتتجاري بنفسك وواخده ابن اختك حجة...

لم تدري حياة بنفسها الا بعدما دفعت ميادة بقسوة أطاحت بها فوق درجات السلم لتصرخ ميادة بفزع ويأتي نوح مسرعا ليشعر بالعجز وأمامه مشهد تكرر منذ سنوات عدة لنوارة عندما ألقت بها بثينة وكان هو شاهدا على ذلك.

كانت الوجوه المترقبة بغرفة الرعاية الطبية الموجود بداخلها ميادة مختلفة التعابير فكل منهما ينتظر الطبيب وبداخله خوف ورهبة من شيء مختلف
الا أن نوح كان شعوره مختلف، كان ضائعا بين أمواج الخوف التي لا تفارقه الا بين ابتسامة ميادة وصوتها الذي يختطفه من بين الجميع...
بعدما فحصها الطبيب خرج اليهم مبتسما قائلا:.

الحمد لله معجزة والله ان المدام بخير والجنين متأثرش يمكن لأن الحمل في البداية الموضوع عدى على خير..
نوح مصدوما وكذلك الجميع بما فيهم حياة التي كانت ترتعد خوفا
نوح: هي، هي مرتي حامل؟!
الطبيب ايوة يافندم، في الشهر الأول
أغمض نوح عينيه لا يدري ما يحدث هل ميادة ستصبح اما لطفله؛ هل أن الأوان لكي يحيا ما فاته وما تمناه أيام وسنوات
ترى هل ما يحدث الأن حقيقة أم خيال يصوره عقله له..

ابتسم نوح وكانت بسمته صافية خالية من الأوجاع بها أمل ورغبة في الحياة بها سعادة تكفي العالم بأكمله، حب واشتياق الى احتضان ميادة الأن، عليه اخذها بين أحضانه على دقات قلبه تهدأ قليلا فهي تركض دون هوادة كما لو كانت بسباق لا ينتهي
لكنه أحس بنيران تشتعل بخلايا جسده بعدما تذكر تلك الحية التي أوشكت على قتل ميادة، كانت تود اطفاء نجمته المتلألئة في تلك السموات المظلمة
نوح ناظرا تجاه حياة ووالدها:.

عاوز اعمل محضر يافندم لأن مراتي حد زجها وكان جاصد يأذيها
الطبيب بعملية: تمام حضرتك دي جريمة شروع في قتل والحمل كمان هيقوي موقفكم جدا...
بكت حياة مرتعبة بينما نظر والد حياة الى نوح يستجديه الرجوع عما قاله ليتحدث شقيقها بغضب قائلا
كيف يعني هتبلغ عن اختي يا نوح بيه، هتبلغ عن عروستك؟!
نوح: معلوم أبلغ عنها وعن اللي يتشددلها، اختك كانت جاصدة تأذي مرتي وابني.

سعد: غيرة حريم وانت سيد العارفين والحمد لله چت سليمة
أمسكه نوح من تلابيبه قائلا بغضب:
كيف يعني جت سليمة انت مچنون اياك..!
مرتي اللي يهوب ناحيتها أجتله بيدي واختك ديه لو آخر بت في الدنيا مهتچوزهاش
سعده دافعا نوح بقوة: كيف يعني كان لعب عيال اياك، انت جولت موافج تتچوز اختي يعني كلمتك سيف على رجبتك وبجولك ايه، اني ساكتلك لاچل خاطر المرحوم واحترام لأبوي بس لو زودتها الله في سماه أخلصلك عليها مرتك ديه..

لكمه نوح بقوة أطاحت به أرضا وجثى فوقه يكيل له الضربات يعاقبه على تطاوله على زوجته لكن سعد لم يكن ضعيفا هو الأخر فدفع نوح مشهرا بوجهه سلاحه قائلا:
اني بجى هخلص عليك ياواد السياف وأخليك تحصل أخوك الله يرحمه!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة