قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل السابع

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل السابع

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل السابع

هرولت نوارة بفزع ناحية غرفة جاد ورباب التي ارتفع نحيبها بينما كان صوت جاد حادا غاضبا بصورة افزعت والدته
ظلت نوارة تقرع الباب بقوة الى أن استجاب لها فاتحا الباب على مصراعيها قائلا بخيبة أمل
بجى هي ديه اللي هتحامي عنها ليل نهار، تعالي وشوفي بت نعمان عملت ايه يامه؟
نوارة بتعجب: خبر ايه ياچاد، مالك ياولدي ومرتك عملت ايه؟
جاد: اتفجت مع امها ونشروا صور ميادة، كانت رايدة تطفشها من البلد.

رباب: سامحيني يا خالة نوارة، والله اني ماكنت في وعيي ولا كنت اجصد كل ديه يحصل..
نوارة بعدم تصديق: ليه يابتي..
عملتلك ايه ميادة دي مفيش أغلب منيها، ليه اكده؟
رباب بنظرات خائفة من جاد: صدجيني والله العظيم اني ندمانة والا مكنتش هجولكم حاچة.

نوارة برفض: واعمل ايه اني بندمك دلوك، ايه مفيش في جلوبكم رحمة، مستكترين اعيش يومين وبتي في حضني، بتي اللي غابت عني 16 سنة كانت في حضن ناس غيري بيربوها واني اهنه بنكوي بنار الجهر والخوف عليها، هجول ايه حسبي الله ونعم الوكيل، فوضت الأمر اليك يارب
امسك جاد بيد رباب قائلا:
يلا همي على دار ابوكي مبجاش ليكي عيشة اهنه تاني
نوارة برفض: اللي حوصل حوصل وانتهى، مرتك مهتطلعش من دارها.

جاد بغضب: تاني، هتدافعي وتحامي؟!
نوارة: ابوها ميهرحماش يا چاد، وانت راچل والراچل ميتخلاش عن مرته حتى لو غلطت..
غادرت نوارة بقلب لم يعد به متسع للمزيد من الحزن فقد أخذ ما يكفيه وزيادة ونظرت رباب الى جاد قائلة:
بطلب منك فرصة تانية يا چاد، الله يخليك اني غلطت وانت غلطت جبل مني، نبدأ من چديد ولو عملت حاچة تاني ابجى طلجني واعمل ما بدالك
نظر اليها ولم يعقب بل هرول ما أمامها...

ولا تتساقط وريقات الشجر وتجرفها رياح الخريف القاسية الا بعدما يجافيها غصنها ويتركها تحتضر ظمأ فلا تجد أمامها حضن يحتويها سوى الهلاك
اخطأت هي ولكن يبقى الاعتراف بالخطأ فضيلة لا يقدر عليها سوى من احتفظ بأدميته، منذ ان اعترفت رباب بما حدث وجاد يجافيها، يتجاهل وجودها ورغم اعتذارها المتكرر الا أنه أبى الاستماع وربما يخشى قلبه التصديق فيجرح مرة ثانية منها لذا أثر البقاء بعيدا.

توجهت الى بيت العائلة ترغب في لقاء نوح الذي عاقبها هو الأخر برفضه الاستماع اليها لكنها تصر على اصلاح ما فعلت
توجهت ناحيته قبل ان يغادر مسرعا كعادته عندما يراها، استوقفته بترجي وبكاؤها يغلبها قائلة:
احب على يدك تسمعني يا خوي، معجول هونت عليك اكده؟
نوح بخيبة أمل: عمرك ما هونتي يا رباب، كنت عاملك بنتي البكرية..

طلباتك كانت أوامر وانتي خابرة زين والنتيجة كانت ايه؟ هربتي من ورا ضهري وكسرتيني وصغرتيني جدام الكل وفي الاخر جولت عيلة صغيرة وغلطت وحاولت اسامحك لكن تضربيني في ضهري تاني، تساعدي امك وتخربي حياتي اللي مخروبة بجالها سنين، ايه مصعبش عليكي حالي وانا اكده بدور في ساجية بجالي سنين بدفع تمن غلط امك واخوكي..
التفت اليها حزينا منكسرا يؤلمه قلبه من غدرها:.

ده انتي الوحيدة اللي خابرة اني بحبها تجومي تبعديها عني تاني ويا عالم هترچعلي ولا هتنسى وتخاف تعاود اهنه تاني
رباب باكية: اني اسفة، امك فضلت تعيط وتجولي ان ميادة راچعة تنتجم منك ومنيها وسرجت فلوسك وضحكت عليك وهتكايد امي كل اما تشوفها
امسكها نوح يهزها بعنف صارخا بوجهها:.

دي فلوسها، فلوس خالك سلمان الله يرحمه احنا ابويا مات وهملنا على فيض الكريم، اني سمعت اها رايدة ايه تاني مش عملتي اللي في راسك انتي وامك، يلا غووري
رباب: والله يا نوح اني ما كان جصدي، اني بس كنت ريداها تبعد عنك، انتي من وجت ماهي رچعت نسيتني ومفكرتش تسأل عني..
بكت رباب بغيرة تشوبها طفولة لم تنتهي بعد قائلة:
حتى چاد من وجت ما اخته رچعت مبجاش يسأل فيا وكلكم هملتوني لحالي..

نوح مصدوما منها: يعني كنت جاصدة تساعدي امك لاچل ما ميادة تبعد
رباب بحزن: اني غلطت والله العظيم مخبراش عملت اكده كيف، امك لما روحت ازورها كانت هتبكي جلبي وجعني عشانها ووجتها جالتلي انها طلبت من جمر بنت حامد افندي تساعدها بس البت خافت ابوها يشم خبر ولا حد يجوله انها عملت اكده فرفضت
نوح بذهول: كمان!

وصلت انكم تتفجوا مع جمر علي يا رباب، تصدجي اني ندمان اني فكرت اسامحك، انتي طالعة لامك ملكيش خير في حد والحجد عاميكي، ذنبها ايه خالة نوارة تتحرم من بتها تاني، ذنبه ايه چوزك اللي بتجولي انشغل بأخته ونساكي، مفكرتيش ان اخته ديه انحرم منيها عمره كله، بس ميادة كان كلامها صوح لما جالت اننا تربية شهيرة..
هستني منك ايه يا رباب غير وچع الجلب كيه امك اللي كاسره جلبي وجاسمة ضهري نصين طول عمرها...

اقتربت منه فأشار اليها بالابتعاد وتحدث بهدوء قائلا:
ارچعي لچوزك وخليكي في حالك يا رباب اللي هيمشي ورا امك هيخسر دنيا وأخرة
رباب: وانت يا نوح، مهتسامحنيش؟!
نوح: ربنا يسامح الكل
تحرك مغادرا وقلبه يؤنبه أنه لم يحتضنها مطمئنا الا انه اواد معاقبتها كي لا تكرر فعلتها مرة ثانية...
بينما ظلت هي تشهق بقوة نادمة على اغضابها لشقيقها وابعاده عن زوجته رغم درايتها بما يكنه لها من حب اخفاه عن الجميع...

ظل مصطفي مرابطا أمام مسكن هيام يحاول لقياها فرغم اعتذاره المتكرر بدت وكأنها شخص أخر تنظر اليه ساخرة من تبريره فمن يحب كيف يجرح بتلك القوة ام أن الحب يشبه اصحابه لكل منهم صورة تختلف عن الأخر فأحدهم هادئ يشعرك بالأمان وأخر قاسي تهابه والبعض معتدل في هيئته والكثيرون يجيدون الادعاء والتلون حسب أهوائهم ومنافعهم
اصبحت تخشاه الا أنها مازالت ترغب وجوده وذاك التناقض يؤرق الروح ويتعبها.

دق جرس الباب منتظرا رؤيتها امامه، تفاجأ بخروج أحد الشباب أمامه يسأله بتعجب: تحت امر حضرتك..
مصطفي بحدة: انت مين وبتعمل ايه هنا؟
الشاب بتهكم: حضرتك جايلنا البيت تخبط وبتسألني انا مين، انا صاحب البيت
مصطفي بغضب: صاحب البيت ازاي مش ده بيت الاستاذ رضوان!
الشاب بهدوء: حضرتك تعرف عمي رضوان، بعتذر منك اتفضل انا سمير ابن اخوه
مصطفي محاولا الهدوء: وانا مصطفي القاضي جوز هيام.

هيام من خلف سمير: اهلا يا استاذ مصطفي اتفضل
مصطفي معاتبا اياها بنظراته: شكلي جيت في وقت مش مناسب
هيام ببرود: لأ ابدا اتفضل عمي موجود جوة لأن بابا تعبان شوية ودكتور سمير لما عرف جه يطمن عليه
مصطفي بغيرة: حضرتك دكتور؟
سمير مبتسما: اه دكتور اطفال بس بفهم برده
ابتسم مصطفي هو الاخر: اكيد طبعا، اي حد من طرف هيام اكيد مميز وبيفهم
ابتسمت رغما عنها لتهتف: اتفضل لو حابب تشوف بابا. تحب تشرب ايه؟

مصطفي: ولا اي حاجة، انا هطمن على عمي وامشي علطول
هيام: اللي يريحك، عن اذنكم هدخل لمرات عمي..
نظر سمير في اثرها ثم تحدث الى مصطفي قائلا:
واضح ان حضرتك مزعلها جداااا دي هيام نسمة ومستحيل تزعل من حد
مصطفي بغيرة: وحضرتك بقي عارف عنها كل حاجة اوي كده..
سمير موضحا: اكيد طبعا هيام زي اختي بالظبط وهي وهدير مرات اصدقاء من سنين
مصطفي بارتياح: يعني انت متجوز؟

قهقه سمير قائلا: لا دي الحكاية كبيرة، تعالى نشوف عمي وبعدها تحكيلي يمكن اقدر اساعدك
اسرع فهد باتجاه شقيقته التي ما ان علم بفعلتها..
وجن جنونه ودار بعقله ما فعلته سابقا حتى الأن
نظرت اليه شهيرة متسائلة:
خبر ايه يافهد، مالك داخل اكده كيه الجطر؟
فهد بغضب: جطر لما يدهسك ويريحنا من شرك
شهيرة بانفعال: وااه هتدعي عليا ليه انشالله؟

فهد: مخبراش ليه، ولا مفكرة ان عملتك السودة هتعدي كيه كل مرة، اهي بتك طلعت انضف منك وضميرها وچعها وجالت لچوزها واخوها عن عملتكم المهببة
شهيرة ببرود: تجول اللي تجوله واللي عندك اعمله يافهد، جولتلك بت نوارة متجدرش توجف جصادي
فهد بتعجب: انتي ايه شيطان، بت نوارة وبت اخوكي الله يرحمه
شهيرة: انت رايد ايه دلوك..؟
اهي غارت وريحتنا...

فهد متهكما: عمرك ماهترتاحي واصل، انتي اللي زيك هيفضل يچري والدنيا تچري جدامه لحد ما روحه تطلع، عالعموم اني سايبلك الدار كلياتها اشبعي ياشهيرة ونوح كمان كلها كام يوم وينجل شغله عالبندر وانتي خليكي اكده كيه العمل الرضي يمكن تفهمي انك بتضيعي ولادك وبتدمريهم، اها حماد بجاله سنين هربان ونوح داخل عالاربعين ولساته عازب حتى البت اللي حيلتك مسلمتش من أذاكي.

شهيرة: خليك في حالك ياخوي، اللي يسمعك يجول ملاك، اشحال ان ماكنت رامي ولادك لمرتك تربيهم ورمياك بجالها سنين لا منك متچوز ولا منك عازب
فهد: حجها بعد ما اتسبب في موت ضناها بس نجول ايه انتي عمرك ما هتحسي ولا تفهمي كان جلبك مكانه حجر اسود لا هيحس ولا يسمع.

تركها وحيدة وللمرة الأولى تخشى الوحدة وتستشعر قلقا من مصير اختارته هي منذ سنوات كان أساسه حقدا وكرها للجميع انتهى بوجودها وحيدة الا أن الندم دون نية للتوبة أشبه باللعب على حبال واهية قد لا تتحمل ثقل صاحبها...
مرت ايام تليها أخرى يحاول خلالها نوح أن يثبت نفسه جدارته ويساعده صديقه وشريكه بكل قوته وساعدهما ما لنوح من سمعة طيبة بين رجال الاعمال ومعارف لا بأس بها فتحت أمامهما الكثير من الابواب..

أوكلت ميادة الى جاد ادارة ما اخذته من نوح ووفر لها يزيد بعض المساعدين الثقة الذين سيساعدون جاد على الالمام بما ينبغي عليه معرفته، قامت بسحب مبلغ كبير من المال وقررت عمل مجمع خيري صدقة على روح والدها الذي لم ينل من امواله التي قضى عمره في تحصيلها شيئا فأرادت ان تجعل له نصيبا في أخرته.

واصلت العمل مع يزيد بشركاته وتجاهلت نداء قلب المتكرر علها تنسى واستمرت في محادثة نوارة يوميا محاولة تعويضها عن غيابها واكتفت نوارة بذاك الوصال فمن حرم من النوم أيام قد يدفع عمره بأكمله ان وهبته غفوة بسيطة تريحه ولو قليلا
استعدت رباب لدخول الجامعة ورغم غضب نوارة في البداية الا أنها بدأت تلين وترفق بحالها رويدا رويدا وتأثر جاد بمحاولة رباب الدائمة مساعدة والدته والتقرب منها..

عمل جاد على التقرب من شقيقه الوحيد وبدأ في اصطحابه إلى العمل كي يبتعد عن اصدقاء السوء ولا يجد وقتا لهم واستجاب سلمان بسعادة فالبذرة الصالحة نبتها صالح وان تأذي بسبب سوء المكان من حوله
عاد جاد من عمله مجهدا للغاية دلف إلى غرفته وجد رباب امامه تتابع أحد برامج التلفاز، نظر اليها باشتياق حاول اخفاءه الا أنها نظرت اليه تعاتبه على تجاهله لها فأشاح بوجهه يحاول التماسك أمامها
اقتربت منه قائلة بهمس:.

وبعدهالك يا چاد، مكنتش خابرة ان جلبك جاسي اكده؟!
جاد بهدوء: اني راچع تعبان ورايد انام مرايدش اتحدت
رباب بحزن: يعني مفيش فايدة خلاص، هتفضل كارهني اكده!
جاد: انتي السبب
رباب: خابرة واتأسفت ياما حتى خاله نوارة سامحتني اشمعنى انت؟
جاد: امي هتسامح الدنيا بحالها
رباب: چاد، انت لسه بتحبني ولا من الاول مكنتش هتحبني وكان غرضك تنتجم وبس؟

ابتلع ريقه بتوتر اراد معاقبتها واخبارها انه لم يحبها مطلقا ولكن بعض القلوب تعلن العصيان وترفض الكذب فتعترف رغما عنك بما تشعر به ليهمس اليها محتضنا شفتيها بحب قائلا:
بحبك جوي يا رباب، بحبك وجلبي مرضيش يكرهك ولا يزعل منك
رباب بحب وخجل: واني بحبك يا چاد وعمري ما هزعلك تاني.

تواصلت قلوبهما وهدما تلك الحواجز التي وضعها من حولهما ولم يبق بينهما سوى شغف واحتياج وحب في مهده يبحث عن مأوى يحميه من عواصف الدهر فوجد ضالته بين قلب جاد المحب بقوة لن تضعفه وقلب رباب الذي بداخله براءة وطيب كانا يحتاجان ال البعد عن والدتها واحقادها كي يبقيا
ظل يقبلها برغبة محب واستقبلت هي مشاعره تلك بسعادة ولين جعله يتمادى إلى ان صارت ملكا له وصار هو مليك قلبها الأول والأخير...

وامتلأ بيت نوارة للمرة الاولي بعد سنوات من عذاب وقهر بأولى الخطوات ناحية حب وحياة جديدة أسسها عاشقين جدد في بداية الطريق.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة