قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل الثاني عشر

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل الثاني عشر

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل الثاني عشر

وقد تجيد الادعاء أمام العالم بأكمله وقد ينخدع الجميع بذاك القناع الذي ترتديه محاولا رسم القوة لكن من احتل القلب وصار منك وانت منه محال أن يصدق ما تراه العين ويكذب ما يخبره به القلب
فكم من عاشق طلب الى شطره الرحيل بلسانه بينما قلبه يبكي مترجيا اياه الا يفعل
وقد احست هي به فوقفت أمامه قائلة بثبات:.

براحتك يا نوح، قول كل اللي يعجبك، حملني ذنب مش ذنبي، اضربني لو ده هيريحك، انا قدامك اهو، اقتلني، في الحالتين بعدك عني هيموتني..
اقتربت منه فخفض بصره وازداد القلب ارتجافا فابتسمت دون أن يراها وقبل أن يتحدث القت بنفسها بين أحضانه تمنعه عن قول المزيد تحاول الا تدع مجالا لموجة أخرى تسعى الى كسر شراعهما بلا رحمة..
حاول هو ابعادها بضعف وكأنه يدعوها الى البقاء بين يديه الى الأبد.

همست اليه: كفاية كده يا نوح، مبقاش في عمرنا سنين تانية نضيعها، انا بحبك وعارفة انك موجوع، مفيش حد بيحس بالنار غير اللي انحرق منها، وانا اترميت في وسطها سنين ومقدرتش انسى بشاعتها غير معاك وبين ايدك، يمكن انت واخوك مكنتوش تؤام زينا بس انا فاهمة علاقتكم كويس فاهمة يعني ايه تحب انسان وتفضله على نفسك وفجأة تتحرم منه
بس انت ملكش ذنب، وانا كمان مليش ذنب..

ضعف صوتها للغاية فلم يسمعه الصمت المحيط بهما لكن نوح استشعره وهي تقول:
لو بعدت المرة دي مستحيل هرجع، مش هقدر ارجعلك تاني صدقني
خليني جنبك اتقوي بيك وتتقوي بيا.

دموعه ورجفة جسده بين يديها وكأنه يشكو اليها ما أصابها جعلها تحتضنه بقوة فزاد تألمه وسمح لانكساره أن يعلو فوق تلك الأمواج التي تدعوه إلى الابتعاد، فكسرتها وساد السكون بينهما وعلم نوح أن وجودها جانبه ماهو الى حياة وسط دمار وعواصف تنتهي دائما بالموت...
نظر اليها بضعف لم يضعف هيبته بقلبها بل زاده قوة بأعينها، تحدث اليها بنبرة توسل لم تعهدها بصوته ولم يعهدها صوته من قبل قائلا:.

اوعاك تبعدي تاني مهما حوصل، اني تعبان جوي يا ميادة، الحمل زاد فوج ضهري لما كسره..
ميادة بحب: لا ياقلب ميادة، انت ربنا خلقك علشان تشيل المسؤولية ومهما حصل هترجع اقوي من الاول، صدقني انا واثقة فيك اكتر من نفسي
نوح مغمضا عينيه: رايد انام يا ميادة خديني في حضنك..

توجهت بخطوات بطيئة مصطحبة اياه جوارها إلى اراحته فوق فراشه وتمددت بجانبه محتضنه اياه وذهب هو في سبات عميق خلال لحظات لتتنهد بسعادة فها هو ينام بين احضانها بعدما كان مصرا على الفراق..
اقترب جاد من رباب التي لم تكف عن العويل تارة من اجل اخيها وتارة اخري من أجل والدتها التي لم تتحدث الى أحد مطلقا بل بدت كمن يصارع الموت في صمت...
تحدث اليها بلين وشئ من التحذير قائلا:.

حرام عليكي يا رباب، انتي اكده هتأذي نفسك وتأذي ولدي المسكين..
رباب: جلبي وچعني عل امي واخواتي يا چاد، اني خابرة انك مجدرش تحزن عليهم بس اني لاه دول حتة مني
جاد مستنكرا: ومهحزنش ليه حد جالك معنديش رحمة ولا اعرف ربنا، الموت حج علينا كبير وصغير؟
رباب: حجك علي مجصديش يا چاد بس
جاد: مزعلانش ياستي بس جومي يلا خلونا ناكلنا لجمة..
رباب باكية: مليش نفس، جوم انت اتعشى مع خالة نوارة.

جاد ممسكا يدها: لاه أمي جالتلي اوعاك تهملها يا چاد، يرضيكي نوارة تضربني من تحت راسك!
رباب مبتسمة: لاه ميردنيش، بس مجدراش
جاد: كلي على جد نفسك، همي يابت اني رايد ولدي يطلع شديد كيه ابوه
رباب: وااه وافرض مطلعش واد وجت بت
جاد: يبجى تطلع جمر كيه امها
رباب بصدق: لاه، خابر يا چاد نفسي لو جبت بت اسميها نوارة وتطلع جلبها ابيض كيه امك
نظر جاد اليها بحب وأومأ اليها قائلا:
كل عطية ربنا زينة، المهم تجومي بالسلامة.

نظر اليها يحاول ان يستشف ما تفكر به لكنها صارت عنيدة صعبة المراس وكأنها تتفنن في عقابه دون جهد يذكر
تحدث اليها بغيظ قائلا:
ممكن افهم كنتي فين لحد دلوقتي انا قاعد مع عمي بقالي اكتر من ساعتين
هيام ببرود: طيب كويس تصدق كنت قلقانه عليه وانا سيباه لوحده
مصطفي محاولا الهدوء: يا شيخة طيب كويس انا طلعت مفيد اهو
هيام: احيانا آه...
مصطفي بصوت غاضب: وبعدين معاكي يا هيام هتفضلي تعاقبيني كده كتير مش خلاص اتصالحنا.

هيام: لا، أنا قولت هديلك فرصة لكن مقولتش اتصالحنا وبعدين بتشخط فيا ليه؟
مصطفي مقتربا منه بشدة: يعني زعلانة مني، ممكن اصالحك عادي
نظرت اليه بخجل وبعض العتاب الباقي بقلبها فأمسك بيدها مقربا اياها من فمه مقبلا باطن يدها بحب واعتذار قائلا:
انا كلمت عمي واستأذنت منه نحدد انا وانتي معاد الفرح، ايه رأيك؟
هيام: مش عارفة يا مصطفي انا خايفة منك، خايفة تكسر قلبي وانا اضعف من اني اتحمل وكمل بعدها..

مصطفي: لو علة الخوف فانا خايف اكتر منك بكتير بس متأكد ان معاكي الصعب هيهون
هيام بتردد: خلاص يا مصطفي حدد المعاد وانا موافقة
مصطفي: أنا مش عاوز أجبرك على حاجة يا هيام بس صدقيني انا محتاجلك، محتاج تبقي معايا علطول مش قادر ابعد عنك وكل واحد في مكان كده، لكن لو انتي لسه مترددة او مش حابة تكملي انا هعذرك وهقدر خوفك
هيام بتأفف: استغفر الله العظيم وانا لو مش حابة اكمل هخاف منك مثلا ولا انت بتتلكك!؟

نظر اليها مصطفي مدهوشا من تحولها لتتحرك من امامها قائلة بغضب:
اخر الشهر معاد مناسب هكون خلصت الشغل المتراكم عندي وعلى فكرة انا هتحجب ومش عاوزة فرح، انا عاوزة نعمل حفلة بسيطة ونسافر نعمل عمرة، فهمت
توجهت إلى المطبخ تستعد لتحضير الطعام وتحرك هو باتجاه والدها الذي كان يستمع إلى مصطفي مبتسما على عناد ابنته التي تمتلك قلبا طيبا معطاء لكنه يتحول الى كتلة من العناد والمشاكسة اذا تعرضت للأذى من شخص أحبته.

انتهت صلاة الجماعة وبدأ المصلون في الخروج من المسجد، تحرك سلمان بخفة يود العودة سريعا ال البيت كي يواصل استذكار دروسه فقد تأثر هو الاخر بموت حماد بتلك الصورة وعزم على اصلاح نفسه واسلوب حياته؛ هو بالفعل قد بدأ بالتغير وخاصة بعد عودة ميادة واحتواء شقيقه جاد له الا أن النفس تهوى الممنوع وتمل من المباح لذا كان يستشعر حنينا ال التسكع برفقة اصدقاءه السابقين ولكن بموت حماد ماتت لديه الرغبة في مغامرة وقتيه يتوقف لديها الوقت طيلة الحياة هو لن يجازف بمستقبله ويدمر حياة من حوله من اجل سعادة لحظية وطيش سينتهي.

بينما هو يمشي عائدا استوقفه أحد اصحابه الذين يسعى لتركهم قائلا:
يا سلمان ياسياف، چري ايه ياخوي انت هربان ولا ايه!؟
سلمان بهدوء: وههرب من ايه يا باسم؟
باسم: مخابرش بس بجالك مدة مختفي وكل ما نتجابلوا تتهرب كيه ما يكون بينا عداوة لا سامح الله؟
سلمان: لاه، بس انت خابر ابن عمتي الله يرحمه اتوفي وجبلها چواز چاد اخوي
بسام: ماشي ياواد عمي، ايه رأيك؟
نتجابلوا بالليل مع باجي الشلة ونسهر سهرة ملوكي هتعچبك جوي.

سلمان: لاه، اني بطلت سهر وشرب، كانت ساعة شيطان وراحت لحالها
نظر بسام بحقد ال سلمان فبعض النفوس الخبيثة لا تكتفي بوقوعها داخل بئر الفساد والرذيلة بل تجتهد ايقاع من حولها كي يعم الباطل ويسيطر الظلام على الجميع...
ابتسم باصفرار قائلا:
اكده يا سلمان، كيفك اني بس حبيت اطمن عليك
تركه سلمان مبتعدا وزفر هو بكره فقد كان يرى بسلمان غنيمة سهل افتراسها والأن عليه ان يعيد حساباته كي يحصل على ما يريد.

في الصباح الباكر استيقظت ميادة تبحث عن نوح فوجدت الفراش بجانبها باردا ويبدو أن نوح قد غادره منذ فتره
أسرعت تبحث عنه خارج الغرفة بخوف ولهفة تخشى عليه من حزنه ويأسه إلى أن ساقتها قدماها إلى غرفة الطفل الصغير الذي كتب عليه ان يأتي الى الدنيا وحيدا ولا أحد يدري عنه شيئا سوى اسمه الذي نطقه حماد قبيل وفاته، رحيم
وجدت نوح يحمله بين يديه بحزن ويبكي متحدثا اليه دون ان ينتبه الى اقترابها.

وضعت يدها فوق كتفه فالتفت اليه قائلا:
شايفه صغير كيف، معجول هجدر أربيه واحافظ عليه..
ميادة بحب: هتقدر يا حبيبي، هتقدر متخافش
نوح بتردد: هنجدر..
ميادة: هنجدر يا جلبي، اطمن يا واد عمتي اني جاعدة اهنه على جلبك لحد ما أموت
احتضنها الى صدره وبينهما رحيم وبدأت أولى أمواج العشق في طريقها الى العودة...

بكى الطفل بينهما بضعف فنظر نوح الى ميادة ولا يدري ما عليه فعله بينما بادلته ميادة نظراته بتردد فهي لم تحمل من قبل بين يديها طفلا بهذا الحجم ولا ذاك العمر ولكن غريزتها الأمومية جعلتها تمد يديها رغما عنها فناولها نوح اياه بحرص لتضمه الى صدرها تستنشق رائحته المميزة واستشعر الرضيع دفئا حرم منه قبل أن يأتي الى الدنيا.

نظر نوح الى ميادة بحب وامتنان ورغبة في ان يحظى بطفل منها وتمنى لو ان يضمها اليه الأن فلا تتركه مطلقا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة