قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل الثامن عشر

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل الثامن عشر

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل الثامن عشر

لطمت خديجة والدة حياة ابنتها بقسوة جعلتها تقع ارضا ولم تتركها بل أمسكت خصلات شعرها المتلألئة بين يديها جاذبه اياه بغضب قائلة:
مبسوطة دلوك يابت عتمان، ارتحتى لما واد اختك راح مني..؟
ياحرجة جلبي عليكي يابتي، ياحسرة عليكي وعلى شبابك
تحدث عثمان محاولا تهدئتها قائلا:
متخافيش يام سعد نوح جال وجت ما نحبوا نشوف رحيم الباب مفتوح ومهيمنعناش عنيه واصل..

خديجة: العيب مش عليهم، العيب عليك جبليهم جولتلك بلاها الچوازة السودة ديه جولتلي لاه الواد غني وهينغننا وياه..
أها طلع ناصح عنيكم وطلعنا من المولد بلا حمص، اني كنت رايدة واد بت وبس، منكم لله، منكم لله
حياة بغضب: خلاص اللي حوصل هنعملوا ايه يعني؟!
لطمتها خديجة مرة ثانية وانهالت عليها تعاقبها على عنادها وتبجحها قائلة:
وليكي عين تتحدتي يا بجحة يا أم عين جادرة، رايحة تزجي البت ورايده تسجطيها؟

حياة باستغاثة: الحجني يابوي
عثمان بتردد: همليها ياخديجة هتسمعي الخلج بينا
خديجة: يسمعوا خليهم يعرفوا ان بتي جليلة الحيا وبربيها من چديد
غيرة العاشق جنون بلا عقل ونيران تحرق الفؤاد تجعلك تلقي بعقلك أرضا ولا تدري ما تقول بل جل ما يشغلك أن أحدهم يود التقرب من روحك الساكنة بتلك المعشوقة فيعتريك الغضب والخوف والتملك ويصيبك موج هادر يسعى الى اغراق من تجرأ وحاول الاقتراب.

احتدت لهجة نوح وتبدلت طريقته في الحديث قائلا:
متشكرين جوي يا دكاترة تجدروا تتفضلوا، احنا كام ساعة وهنروحوا
الطبيب: حمد الله على سلامتك يا فنانة، بجد اتشرفنا بوجودك معانا
تنحنح أحد الاطباء بعدما لاحظ نظرات نوح المحتقنة ليتحدث بجدية قائلا:
الف سلامة يا نوح بيه المهم تلتزموا بالتعليمات والمدام تتابع مع دكتور كويس علشان الحمل...
اومأ نوح اليه وخرج الجميع بعدما أوشك نوح على الانفجار بوجوههم...

دنت ميادة من نوح بتعجب قائلة:
مالك يا نوح انت كويس ياحبيبي؟!
نوح بغضب: لاه ياست الكل، نوح مهواش كويس واصل
ميادة: هو حصل ايه؟
جذبها اليه بقسوة تليق بمقدار تألمه وما يعانيه قائلا:
اكتمي وچاوبي على سؤالي من غير مناهدة..
شيفاني جدامك راچل صوح ولا عيل بجرون؟!
قهقهة ميادة رغما عنها فقبلها نوح بتملك أرهقها قائلا:
هتضحكي جوي على كلامي ماهو عندك حج اني اللي دلعتك بزيادة، واضح انك محتاچة تتربي من چديد.

ميادة بحزن: ايه الاسلوب ده يانوح؟!
ضغط نوح بقسوة فوق معصمها فتأوهت دافعة اياه بخوف:
أوعي يا نوح ايدي وجعتني
أخذ نوح يضرب الحائط بقبضته مرات متتالية وغضبه يزداد، ليدفع بقدمه الطاولة الموضوعه أمامه بكل قوته مما جعل ميادة تصرخ مبتعدة عنه
نظر اليها فلاحظ خوفها الشديد منه فاستغفر في سره محاولا الثبات لكنه لم يستطع..
لاحظت ميادة غضبه وحزنه فساقتها قدماها للقرب منه قائلة بجدية:.

طيب ممكن تقولي على طول حصل ايه لأني مش بحب الطريقة دي..
نوح بجنون: هتسأليني حصل اييييه وانتي من شوية كنتي جاعدة تتسامري وتتمسخري مع الدكاترة وهما متچمعين حواليكي كيه مايكونوا في مولد وچايين يشوف الساحر...
ابتسمت ميادة بخفوت فهي من قبل لم ترى ذاك الجانب من شخصيته وربما ابتعادها سنوات جعلها تتناسى أن نوح بالأخير رجل من الصعيد يعشق بجنون وجنونه يزداد كلما زادت مشاعره...
وضعت يدها موضع قلبه قائلة:.

غيران عليا يا نوح؟
أبعد عينيه عن خاصتها بحزن فاستكملت:
طيب مش مفروض يبقي في ثقة ما بينا ولو زعلان من تصرف انا عملته تقولي بهدوء
نوح: كلامي يتسمع يا ميادة بلا هدوء بلا هباب انتي بعد إكده تتحدتي مع الناس ومتضحكيش ولا تطولي في الكلام، مفهوم ولا ولاه؟
ميادة: وايه تاني يا حبيبي، اتفضل قول التعليمات كلها مرة واحدة.

نوح بغضب: انتي بتاعتي لوحدي ملكي وحظي من الدنيا ممنوع حد يشوف الضحكة دي غيري يابت خالي، فاهمه؟!
أومأت رأسها بالموافقة وكيف لها أن ترفض عشقا ينساب من بين أحرفه التي ينطقها فكلماته تئن لها أن ترحمه من نيران غيرته ونظراته ترجوها ألا تتركه فريسة لتلك المشاعر القاسية، تبدلت لهجته كثيرا لينظر اليها عن قرب قائلا:.

انتي عيشتي عمر بحاله بعيد عني؛ كنت طول السنين ديه مراعي ربنا وبغض بصري عن اي ست لاچل ربنا ما يحفظك ليا لكن دلوك بعد ما بجيتي چاري مجدرش اتحمل حد يبصلك ويضحكلك، مرايدش حد يلمحك غيري...
أني مهغيرش من أي راچل مهما كان أني هغير عليكي انتي، مجربتش جبل اكده يعني ايه غيرة غير معاكي وعليكي انتي..
اقتربت منه فتحدث بصوت أشبه الى الصراخ قائلا:
خليكي بعيد عني دلوك، خايف أئذيكي.

ميادة: مستحيل يا نوح اني عمري ما حسيت لا دلوقتي ولا زمان انك ممكن تأذيني، انا بس مستغربة وخايفة من غيرتك، اول مرة أحس انك صعب كده
جلس نوح موليا ظهره اياها ووقفت هي تتأمله بتردد بين عقلها الذي اعتاد التصرف بحرية دون قيود سوى قيد الحلال والحرام، لقد رباها يزيد على القوة المحلاة بغطاء الطاعة لله، نعم لم تكن ملتزمة بالمعنى المتعارف عليها لكنها مطلقا لم تكسر قاعدة من الثوابت...

لم يتقرب اليها رجلا الا ووجد أمامها سدا فاصلا بينه وبينها ربما كان ذاك السد زواجها من نوح وربما كان ما قاله نوح، فدقة بدقة لقد صان الله فيها فصانها الله له...
وأغمض هو عينيه بحاول أن يتحكم بتلك العواصف التي تكاد أن تقتلعه من جذوره وتلقى به إلى جحيم حارق...
معها يختبر كل لحظة مشاعر وأحاسيس جديدة..
اقتربت منه كثيرا فابتعاده ولو خطوات معدودة صار يؤلمها تحدثت اليه برقة أطفأت نيران غيرته قائلة:.

أنا آسفة، وبعد كده مش هضحك خااالص غير لنوح وبس، كده كويس!؟
نظر اليها بتحذير قائلا: شكلك بتتريجي يا مدام؟
ميادة: لأ، انا بس بحب واحد غيور بزيااااادة وانا مقدرش على زعله..
ابتسم بعد قليل لتستكين هي بين يديه هامسة:
اطمن يانوح انت غير الكل وقبل الكل، انت سكني
تلقى فهد تلك الرسالة بذهول وشبح مخيف يحوم من حوله يخبره أن تلك مزحة سخيفة من احدهم
نظر مجددا الى الرسالة فوجد المرسل يقول:.

ابنك معاي، اني مستنيك يافهد بيه تچيلي لحالك في مكان هجولك عليه مفهوم...؟
أسرع فهد وقلبه ينتفض بداخله، توجه إلى بيت نوارة التي كانت تنتظر رجوع سلمان، نظر اليها فهد بترقب قائلا:
سلمان فين يا نوارة؟!
نوارة بخوف: خرچ من صباحية ربنا ومرچعش يافهد وتلفونه مجفول
لم تحمله قدماه فقد تأكد محتوى الرسالة، ولده قد اختطف، حياته معرضه للخطر...
لم ينتظر كثيرا فقد جاءه اتصال من رقم مجهول
تحدث بسام بغضب قائلا:.

بجولك ايه بزيداك رط وعچن على الفاضي، تچيلي وتسلمني نص مليون چنيه تاخد ابنك المحروس صاغ سليم تجل بأصلك معاي هجتله واكده ولا اكده اني ضايع
فهد بخوف: لاه هچيبلك الفلوس ولو طالب زيادة بس أوعاك تأذيه..
المتصل: متخافش اني كل اللي يهمني الفلوس واوعاك تبلغ الحكومة لحسن هزعل واني زعلي واعر جوي
التفت فهد الى نوارة الواجمة متحدثا بضعف قائلا:
الواد طالب نص مليون ويرچعلنا سلمان.

نوارة بتيه: ياخد الفلوس وياخد عمري لو رايده، الفلوس دي كانها لعنة وحطت على راسي من سنين
اني مليش ذنب يا فهد يعني لما ربنا ياخدلي حقي منك في موت بتي يبجى التمن ابني
طب سلمان ذنبه ايه...؟!
ذنبه انك أبوه ولا اني عملت ذنب كبير جوي ونسياه وربنا هيعاجبني كل السنين دية
فهد بحزن: متخافيش يا نوارة هرچعلك ابنك، هرچع ابننا ولو كان حياتي التمن هدفعها واني راضي..
هم بالذهاب لكنها أمسكت يده قائلة:
رچلي على رچلك.

فهد برفض: چنيتي اياك، اني رايح وهرچع وابني معاي..
نوارة صارخة بحدة: الله في سماه ما هتروح لحالك حرام عليييك اني هموت على ابني ولو ما خدتنيش هروح لحالي
فهد بيأس: يابنت الناس افهمي احنا مريحينش فسحة، الواد مستبيع وناوي عالشر أحب على يدك اجعدي اهنه واجفلي الباب لحد ما ارچعلك...
نظرت اليه نوارة بمهادنة قائلة:
ماشي يا فهد اللي تجول عليه هعمله.

غادر فهد مسرعا وهي في اعقابه تتواري عن انظاره تحاول اللحاق به والوصول الى ولدها مهما كلفها الأمر
انطلق فهد بسيارته لكنه لمح طيفها بمرآته تهرول بضياع خلفه وكأنها لا تعي أين هي، انشطر قلبه حزنا وخوفا عليها فعاد اليها فاتحا باب السيارة، ركبت جواره في صمت وابتلع كلماته بجوفه فلم يعد هناك ما يقال سيبحثان عن ولدهما سويا عله يصل اليه...

وحول البيت نطوف ونلقى اعباء السنين وهموم النفس ويخشانا الخوف ويفر هاربا وكيف يبقي بمكان هواءه أمان وسماؤه رحمة وارضه طاهرة لم تدنسها أحقادنا ولم يصل الى ثراها كره
وكأن ذاك المكان محاط بسور عالي تتحطم على اعتابه كافة الأمواج...

أخذت سهيلة تطوف وتبكي تدعو لابنتها بالرحمة وتشكر الخالق على نعمه تبكي بقوة ومع كل دمعة تهبط من عينيها يتسرب اليها أحساس لم تذقه من قبل علا نحيبها وازداد حد السماء عندما اهتزت الاركان بصوت الامام يرتل قائلا:
وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد.

تذكرت سهيلة تلك الرؤية التي ساقها الله اليها منذ سنوات بعدما ضاقت بها الأرض بما رحبت ولم يبق لها سوى اليأس والألم فأبدلها الله حياة ملؤها أمل وسعادة...
كان على الجانب الاخر كان يزيد ساجدا يصلي ويبكي بكاءا حلو يسعد القلب ويعيد اليه فطرته النقية بكاءا يمحو ما حل بالقلب من ألالام، يبكي كلما تذكر أن أحلامه التي كانت محالة أمست في لحظات حقيقة. سهيلة حلمه الأوحد وحب دنياه صارت ملكا له واكتمل بها العمر..

لم يخبرها مطلقا أن يوسف اختطفها منه، أخذها من بين يديه بعدما أخبره بمدى عشقه لها، لم يستطع أن يؤذيها بحقيقة ستؤلمها واحتفظ به لنفسه ليأتيه القصاص من علام الغيوب وأنهى يوسف بيديه قصته مع سهيلة وعادت اليه بمحض ارادتها، عوضته حرمان السنوات وعوضها خذلان أطاح بها...

كان مصطفي الأكثر هدوءا بين المعتمرين ربما لأنه حظى أخيرا بيقين جعله يدرك أن الحياة ليست عشق مؤقت لأمرأة فاتنة بل هي اختبارات متكررة وكلما استطعت النجاح بواحد من تلك الاختبارات أتاك اختبار أشد وأقوى يرفعك الى مرحلة أعلى من اليقين...

أتى الى مصر بعد غياب سنوات، سنوات قضاها بين بكاء على زوجة خائنة وسخط على قدره ليصاحب ميادة في رحلتها لنيل انتقامها ولم يكن يدر وقتها أن رحلتها تلك بداية لحياة جديدة له ولها وللجميع
كان انتقامها مفتاحا لدخول هيام إلى عالمه وكم كان وجودها معه دافعا لكي يجد نفسه من جديد..

أتت اليه وقد كان بنيانه متصدعا عبي وشك السقوط وكان هو مستسلم ينتظر الموت تحت انقاضه فقامت هي بترميمه وتلوين جدرانه بألوان زاهية طغت على ذاك اللون الأسود فأصبح بيته المخيف سكنا رائع المنظر محبب للعيش بداخله..

بينما كانت هيام تحلق بجناحي خلقهما ارتياح لم تذق لم طعما وسعادة لم تكتمل الا بدخولها الى عالمه، ذاك العالم الذي كان ينبض بقسوة زائفة استطاع قلبها العاشق أن يتبينها ويعلم ان حقيقة مصطفي وجوهره شئ ثمين قيمته لا يقدرها الا هي...
احتواها وأعطاها حياة تطمح الى استكمالها بجواره لم يكن لها شقيق او صديق فحل هو محلهما فصار حبيبا وصديقا وشقيقا وشقا لروحها لا غنى عنه.

واستمر الجميع في الطواف البعض يبكي فرحا والاخر يبكي ألما وانكسارا هناك من يبكي طمعا في المغفرة واخر يبكي حزنا على فراق حبيب، يدورون في حلقات لا تنتهي كما هي ذنوبنا التي لا تنتهي، يجمعهم أصل واحد فجميعنا من أدم وجميعنا خطاءون نؤذي انفسنا ونؤذي من نحب ومن نكره نخطئ دون توقف ولا نتوقف الا بعد انتهاء الرحلة...
فأمواجنا القاتلة لا تكتف مطلقا...

وصل فهد إلى المكان الذي حدده بسام بعد مدة طويلة فقد كان حريصا على تضليلهم خوفا من تعقب الشرطة لهما...
اقترب فهد من بسام ناظرا اليه بغضب قائلا:
ولدي فين ياخسيس ياخاين العيش والملح
بسام ببرود:
فوج متخافش اكده، الاول وريني الفلوس وهات موبايلك وموبايل الست...
نظر فهد اليه بتحذير قائلا:
بص جدامك بدل ما اجلعلك عنيك التنين واياك توچه كلام لمرتي
بسام: وااه غيران اياك ياعم فهد..!

عالعموم سلمني الفلوس والتلفونات اسلمك مفتاح الشجة اللي فيها سلمان...
نفذ فهد ما طلبه بسام بهدوء وصعد الى أعلى البناية التي اختارها بسام للاختباء بداخلها، بناية وسط أراضي زراعية تبعد كثيرا عن البلدة ولا يحيطها بنايات أخرى، كانت أشبه بمنطقة مهجورة منذ سنوات...
صرخت نوارة بفزع وجنون بعدما رأت سلمان ملقى بالأرض مقيد بالحبال موضوع فوق فمه شريط لاصق وهيأته يرثى لها.

لكم فهد بسام بقوة أب على وشك فقدان ولده فاندفع بسام للوراء..
بسام: چرى ايه ياراچل متخلنيش امد يدي عليك..
فهد بجنون: تمد يدك على مين ياواد الكلاب انت، ده اني هچيب خبرك يا نطع يا خسيس..
تبادل بسام اللكمات ورغم أن فهد ليس شابا فتيا الا أنه رجلا لا يستهان به...
في لحظة خاطفة أحس خلالها بسام أنه سينهزم دون شك اقترب من نوارة واضعا سكينا حادا فوق رقبتها قائلا، :.

بعد عني يافهد ياسياف وخليني أمشي ولا نفسك تشوف مرتك مدبوحة جدامك..
ابتلع فهد ريقه بتوتر قائلا: هملها يا كلب هتتحامي في حرمة يا جليل الأصل
بسام: جولتلك اني مستبيع ولو مبعدتش عن طريجي هموتها جدام عنيك
رفع فهد يديه الى أعلى معلنا استسلامه فدفع بسام بنوارة اليه..
لكنه لم يكتف ولن يفعل فأجرامه قد تمكن منه
استغل انشغال فهد بنوارة وطعنه بقسوة تأوه على أثرها فهد.

هرول بسام بعدما حمل بين يديه حقيبة الأموال، أغلق الباب من خلفه بالفتاح وابتسم بشر بعدما هبط الى أسفل محضرا زجاجة بها مادة قابلة للاشتعال
صعد بخفة وفتح غطاء الزجاجة ملقيا السائل الذي تحتويه فوق باب الشقة وحوله قائلا بجنون:
جولتلك يا سلمان لو مخدتش الفلوس بالزوج هاخد روحك ولا مفكرني مچنون وهسيبكم تطلعوا وتبلغوا الحكومة
أشعل عودا من الثقاب والقاه وابتعد مسرعا متمنيا ان يحترق الجميع..

نظر فهد ال نوارة بخوف من اصابتها بأذى لتهمس اليه أني بخير يافهد..
بكت بشدة وندم وخوف من فقده واضعه يدها فوق جرحه النازف
بينما هو يدعي القوة كي يبثها الأمان..
تحدث بهدوء رغم الالامه التي لا تحتمل قائلا:
اطمني على ابنك وشوفيه الاول
فعلت ما طلبه واقتربت من سلمان محاولة افاقته لكنها التفتت تجاه الباب الذي بدأت النيران في التهامه برعب، اقتربت محاولة فتح الباب لكن يدها لم تتحمل الحرارة الناتجة عن الحريق...

دارت بالمكان باحثة عن مخرج تنجو من خلاله بحياتها وحياتهم...
لم تجد أمامها سوى نوافذ لا يستطيع أحدهم الهبوط من خلالها حيا فالمسافة شاهقة الارتفاع..
أحس فهد بالعجز لكنه لم يستسلم..
تحامل على نفسه وهب واقفا طالبا من نوارة مساعدته على خلع جلبابه وشقه نصفين ثم بدأ في ربطه على شكل عقد متتالية تمكن من صنع ما يشبه الحبل، نظرت اليه نوارة وفهمت ما يود فعله فسألته بتوجس هنعمل ايه يا فهد؟

فهد: اني هربط سلمان وننزله من الشباك جبل ما الشجة تتحرج كلياتها
نوارة بخوف وبكاء خافت:
وافرض وجع ده شكله مداريش بحاچة واصل
فهد بجدية: متخافيش، ربنا معانا ان شاء الله مهيحصلوش حاچة...
حمل فهد سلمان بحذر وساعدته نوارة بعدما احكما عقد الرباط حول جسده...

تدلي سلمان من النافذة واخذ فهد يرخى الحبل شيئا فشيئا ورغم الألم القوي الذي أحس به أثر الثقل الزائد على معصمه لم يهدأ ولم يسترح الا بعدما وصل الى أسفل، قام فهد بقطع مسرعا واتجه الى نوارة قائلا
هاتي چلبيتك يا نوارة..
نظرت اليه بخجل فطري فابتسم هو الاخر قائلا:
مش وجته دلوك يابت عم ابراهيم، النار هتاكل الشجة..
نوارة بخوف: لاه مش هسيبك يا فهد.

فهد بعيون عاشقة: مفرجاش كتير يا نوارة سيباني سنين وعايش كيه الميت بعيد عنك، سامحيني انتي بس..
نوارة باكية: مسمحاك يافهد
ازدادت النيران غضبا من حولهما وكأنها تحذرهما من قسوتها القاتلة فجذب فهد نوارة اليه يحتضنها عله يشبع بداخله رغبه في قرب لم ينله وربما أراد أن يودعها
أمسكت نوارة بيده بعدما أصر ان تهبط للحاق بسلمان وكأنها ترجوه الا يتركها.

ابتسم اليها بارتياح فهو لم يطمع بسماع المزيد منها فالقلق البادي بعينيها الأن أزال سنوات من الجفاء والهجر، دفعها برفق رغما عنها لتبدأ بالهبوط الى أسفل، أمسك الرباط بكل قوته الباقية وكأن حياته معلقة بين السماء والأرض، لحقت نوارة بسلمان وعيناها وقلبها علقا مع فهد لا تدري أتترك سلمان وتصعد الى فهد تنقذه أم تبقي مع ولدها وتترك فهد..

بينما فهد لم يعد لديه ما يبقيه متماسكا فاستسلم لجرحه الغائر واعلن انسحابه أمام تلك الامواج المشتعلة من حوله واغلق عينيه...
لم تفكر نوارة مطولا بل هرولت الى داخل البيت، أحضرت وعاء فارغا وملئته بالتراب المحيط بالبيت، صعدت الى الشقة التي صارت لهيبا حارقا ودفعت الرمال بقوة وكأنها في حرب ضارية تخشى الهزيمة ولكن عاندتها النيران وازدادت اشتعالا وجثت نوارة أمامها منتحبة بيأس على ضعفها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة