قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل الأول

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل الأول

رواية أمواج قاتلة الجزء الثاني للكاتبة نداء علي الفصل الأول

كانت نوارة واقفه تعد الطعام بهمة وسعادة افتقدتهما لسنوات طوال، تبتسم برضا وهدوء جعل سلمان ينظر اليها متسائلا:
خير يا ست الكل؛ چايلنا ضيوف إياك
نوارة: لاه؛ بس بعملكم الوكل اللي هتحبوه
سلمان: بس ماشاء الله الله اكبر وشك منور كيه البدر ومزاچك رايج
نوارة: الحمد لله؛ حاسة روحي هادية وساكنة جوي، يمكن ربنا يجرب البعيد.

لم يفهم سلمان مقصدها واكتفي بالابتسام اليها وعادت هي لاعداد الطعام متمنية أن تكن مشاعرها حقيقة وليست سرابا؛ ولكنه عاد ليها مرة ثانيه متحدثا برجاء قائلا:
يعني بما ان مزاچك رايج اكده وراضية عن الكل ايه رأيك اكلم ابوي وياچي يتغدى ويانا
نوارة بهدوء: رايده ياكل معاك يا سلمان
سلمان بصدق: ياريت؛ اني خابر انك مجدراش تسامحيه بس اني بحبه جوي ومجدرش أكرهه.

اقتربت نوارة من ولدها قائلة بجدية: اوعاك تكره مخلوج ياولدي؛ مفيش حاچة ضيعتني اني وخواتك غير الكره والحجد؛ وابوك واچب عليك تحبه مهما عمل
قبل سلمان يد والدته وأسرع باتجاه بيت والده مهرولا وكأنه يخشى ان تتراجع والدته عن موافقتها وترفض دخول فهد إلى بيتها...
دق سلمان الباب بمرح عدة مرات ولم يحظ بإجابة
ليلتفت مغادرا الا أن قدوم فهد باتجاهه جعله يتوقف قائلا:
حماتك كانت هتحبك كتير يابو چاد.

ابتسم فهد ساخرا: والله كانت تحبني جوي بس بتها لاه
سلمان: طيب ايه جولك بتها بعتاني لاچل تعزمك عالغدا معانا
فهد متعجبا: چد الحديت ده ولا هتتمسخر عاد!

سلمان: والله العظيم چد؛ دي عاملة وليمة
فهد بحب: نوارة وكلها ميعلاش عليه واصل
سلمان: زين جوي يلا بينا..
فهد: خش چوة هغير خلچاتي ونروحوا سوا
سلمان: ما بلاش اني عمتي هتتكهرب لما تلمحني..
فهد ضاحكا: هتخاف إياك!
سلمان بثقة: لاه اني مخفش من مخلوج بس امي جالت لازمن احترمها دي مهما كان عمتي
فهد: هم جدامي وملكش صالح بيها...
توجه فهد إلى الداخل وخطى خطوتين ليفزع بعدها بمنظر شهيرة الملقاة أرضا فاقدة للوعي.

قضت سهيلة ليلتها تشعر بانقباض بصدرها وقلق يمنعها من النوم ولا تدري السبب؛ احس يزيد بتوترها فاحتضنها قائلا:
مالك يا حبيبتي؛ قلقانة ليه؟
سهيلة: مفروض ميادة كانت ترجع يا يزيد؛ خلاص هي اخدت الفلوس وخلصنا ايه يخليها قاعدة مع الولد ده
يزيد: متقلقيش هي فاهمة بتعمل ايه..؟ واللي مطمني انه في الأول والأخر جوزها
سهيلة بخوف: يعني ايه الكلام ده؛ تفتكر ممكن يحصل بينهم حاجة؟

يزيد ضاحكا: دماغك راحت فين انا مقصدش يتمم جوازه منها مع انه حقه؛ بس ديدا وعدتني انه مش هيحصل وهتتحجج انها عاوزة فرح وان احنا نوافق
سهيلة بحزن: البنت دي اتعذبت اوي يا يزيد؛ ومش عارفة بعد ما الحكاية دي تنتهي هتنسي وترتاح ولا هتفضل طول حياتها كده انا نفسي تنسي وتحاول ترتبط وتتجوز وتخلف؛ نفسي افرح بيها وبولادها.

يزيد: الكلام ده سابق لأوانه متنسيش انها دلوقتي مرات نوح رسمي واعتقد انه مش هيطلقها بسهولة لو عرف أنها أخدت منه كل حاجة، مع اني متأكد انه بيحبها
سهيلة: بيحب ايه بس هو ده يعرف الحب
يزيد بهدوء: بيحبها جدا يا سهيلة اسأليني أنا
سهيلة: انت هتقارن نفسك بيه!؟

يزيد: انتي بتحكمي عليه من وجهة نظر ميادة والظلم اللي شافته لكن انا لو مكانه مكنتش هعمل حاجة اكتر من اللي عملها؛ لو اي راجل غيره كان اتجوز وعاش حياته لكن الولد فضل منتظر رجوعها
سهيلة بغيظ: اول مرة نختلف على حاجة
يزيد: زي ما قولتلك أنا اكتر حد حاسس بيه لأني اتألمت في بعدك كتير يا سهيلة
صمتت قليلا لتنظر اليه بندم قائلة:
للأسف أنا اخترت غلط وبسبب اختياري عذبتك معايا سنين؛ سامحني.

يزيد: كل شئ نصيب ومقدر والمهم انك رجعتيلي، ومتقلقيش ديدا لو مرجعتش الصبح هروحلها انا ومصطفي ونحاول نفض الموضوع ده ونسافر تاني
سهيلة: طيب رن عليها يا يزيد انا بجد خايفة وقلبي وجعني
يزيد بقلق هو الأخر: حاضر انتي كده قلقتيني
انتظر نوح أمام غرفة الكشف متعبا يتمنى أن يخرج اليه أحد الاطباء كي يطمأن عليها، مرت دقائق اخرى وأتاه الطبيب قائلا:
متقلقش يا نوح بيه المدام بخير بس اتعرضت لصدمة عصبية قوية.

نوح بهدوء: يعني اجدر اطمن عليها
الطبيب: اه طبعا بس ياريت تفضل في المستشفي يوم ولا اتنين نطمن عليها اكتر
نوح بتردد: هشوف رأيها الأول وربنا يسهل
دلف إلى غرفتها وجدها مستكينة مغمضة العينين تنهد بعمق محاولا الا ينفعل فيكفيه ما حدث بينهما؛ أدارت رأسها ببطئ باتجاهه وفتحت عينيها بخوف من رؤيته، اقترب منها قائلا بجدية:
عاملة ايه دلوك؛ زينة ولا لاه؟!
ميادة بتردد وصوت مختنق: انت كنت بتتكلم بجد يانوح ولا بتكدب؟

نوح بهدوء: جولتلك اني مهكدبش وبعدين مليش مصلحة اني اكدب عليكي يابت خالي..
اقترب منها بشدة وانحني برأسه مقتربا من وجهها قائلا:
بت خالي ومرتي الغالية؛ تعرفي بجالي كام سنه بستناكي
أغمضت عينيها لتنهمر دموعها بقوة أوجعته هو لتجيبه بتألم.

اكتر من 16 سنة يانوح؛ قضيتهم في غربة في بلاد الناس وغربة بيني وبين نفسي؛ مفيش يوم مر عليا من غير ما أخد مهدئ أو منوم كان أخر حاجة بسمعها قبل ما أنام صوت حليمة وهي بتصرخ وصورتها وهما بيدفنوها
نظرت اليه بعينين قتلهما الانتظار مستطردة
خدني لأمي يا نوح؛ ارجوك انا تعبانة اوي اعتبر ان ده اخر طلب هطلبه منك
نوح: بكرة هوديكي
ميادة بإصرار: لو مش هتاخدني حالا هروح لحالي.

نوح بغضب: جولتلك بكرة الدكتور جال انك تعبانه ومحتاچة راحة؛ ايه مهتسمعيش الكلام واصل جولتلك نطمنوا عليكي وبعدين نسافروا ولا رايده تموتي نفسك واشيل ذنبك
ميادة: نوووووووح
قالتها بضعف وترجي جعل فؤاده يضطرب ويهتز عن حدته فاستكملت طالبة منه مرة ثانية:
علشان خاطر ربنا خدني لأمي هموت يا نوح بجد مش هقدر اتحمل للصبح.

أومأ اليها برأسه واغمضت عينيها بارتياح مؤقت فهي للأن لا تصدق أن نوارة على قيد الحياة ولكنها يجب ان تتأكد؛ فتحت عينيها مرة ثانية شاهقة بفزع جعل نوح يقترب منها بقلق وخوف قائلا:
مالك يا حبيبتي؛ حاسة بإيه؟
ميادة: انا مش هقدر اروح معاك؛ مش هقدر اسيب ماما سهيلة ابدا؛ مش هتقدر تتحمل بعدي عنها
تعجب نوح ولم يدرك ما تقوله لتنهار هي باكية بحدة قائلة:.

ماما سهيلة هتفكر اني هنساها وهرجع لأمي وانا مقدرش ازعلها ولا اكسر قلبها..
بكت بقوة اكثر ومازالت تنظر إليه وكأنها تستغيثه..
احتضنها نوح محاولا تهدئتها لكنها دفعته عنها بحدة قائلا:
كل ده حصل بسببكم؛ انتوا السبب دلوقتي اعمل ايه؛ قولي كده اعمل ايه؛ انا لازم اشوف امي؛ ومش هقدر اسيب امي اللي ربتني
نوح بتفهم: نروح الاول لخاله نواره حجها تطمن عليكي وبعدين نشوف حل لموضوع سهيلة دي.

ميادة بغضب: ايه سهيلة دي؛ اسمها مدام سهيلة أمي وسندي بعد ربنا
نوح بغيظ: مجصدش يا مدام؛ بس اكيد كانت خابرة عمايلك من الاول وعارفة انك راچعة تنتجمي
ميادة بثقة: ماما ملهاش علاقة باللي حصل. آه كانت عارفة بس حاولت تمنعني وانا صممت
نوح بحزن: تمام؛ وارتحتي دلوك
ميادة بتوتر: اعتقد ان راحتي مش هتفرق معاك كتير انا اللي يهمني حقي وحق اختي وامي.

نوح: هروح اچيب الداكتور ونشوف لو وافج على خروچك تجهزي ونتوكل على الله واه نسيت اجولك ان اخوكي المحترم هو التاني جرر ينتجم مننا فضحك على اختي رباب وهرب وياها واتچوزوا من ورانا
ابتسمت ميادة بسعادة قائلة
اخويا مين فيهم؟!
نوح بتعجب: ومالك سعيدة اكده ليه؛ والله مش بعيد تكوني متفجة وياه!

ميادة: يارتني أعرفهم؛ ياريت كنت اتكلمت مع حد فيهم عالأقل كنت عرفت ان امي لسه عايشة بس أكيد ده جاد لأنه كبير عن سلمان؛ صح!؟
نوح: اه بجى راچل اسمالله عليه وبيخطط وبيهدد..
ميادة: قولي يا نوح شكلهم ايه؟
نوح برفض: بجولك ايه اني مصدع ومش ناجص كلها كام ساعة ولو في نصيب هتشوفيهم واعرفي بنفسك جال شكلهم ايه؛ هوصفلك چمال طلعتهم واتغزلك فيهم إياك..
ميادة بتكبر: احسن برده مش عاوزة اكلمك اصلا.

اسرع سلمان لإحضار الطبيب كما امره والده وهو يتمتم بغيظ:
أباي عليكي يا عمة شهيرة كانك حالفه يمين طلاج ما تهملينا نتهنوا؛ العزومة إكده ضاعت علينا وابوي المسكين ما صدج امي تسمحله ياكل معانا بس نجول ايه طول عمرك فجر...

بعد ما يقرب من الساعة نظر فهد بحزن إلى شقيقته وما ألت إليه حالتها ولم يصدق ما قاله الطبيب بعدما فحصها وأخبره انها قد اصيب بجلطة قوية بالمخ أثرت بمركز الحركة والنطق لديها أي انه قد اصابها شلل نصفي مؤقت..
نظر فهد إلى سلمان قائلا:
روح الدار طمن امك عليك يا سلمان زمانها دلوك جلجانة
سلمان برفض: كلمتها وجولتلها اللي حوصل وجالتلي خليك چار أبوك
فهد: طيب؛ هروح أسوي كوبايتين شاي وراچع.

سلمان: خليك اني بعرف أعمل..
فهد بترقب: هتعرف صوح ولا كلام؟
سلمان بثقة: دلوك هتشوف
غادر سلمان وجلس فهد واضعا رأسه بين كفيه يحاول سبر أغوار شقيقته التي تنام بجواره دون حراك يتساءل لم هي دائما شرسة وناقمة على الجميع وما الذي جنته الأن؛ ترقد بفراشها وحيدة ضعيفة؛ تبسم ساخرا منها ومن نفسه فحالهما سواء فمن سيكون بجواره هو الآخر ان أصابه مكروه؛ هل سيشفق أبنيه على حاله أم سيتركونه وحيدا يدفع ضريبة أفعاله.

اقترب الطريق من نهايته وازداد خوفها حد الهلاك زادت هواجسها وعادت أشباح الماضي تطارها وكأنها لم تبتعد عن تلك البلدة الظالمة المظلمة بأحقادها انكمشت داخل مقعدها تحتضن جسدها بفزع تتذكر ما عانته من قبل أثناء هروبها كم تلفتت خلفها خوفا من لحاقهم بها وها هي الأن عائدة اليهم بمليء ارادتها ومع من تركته وفرت بعيدا عنه..

نظرت إليه للحظات تتأمل تلك الشعيرات البيضاء برأسه والتي لا تتناسب مع عمره ولا مع أفعاله السوداء كسواد الليل الحالك لتسأله ساخرة:
بيقولوا ان اللي شعره بيبقي أبيض بدري قلبه رهيف وبيخاف
نوح: ها وبعدين؟
ميادة بتسلية: يعني انتوا ما شاء الله مفروض متعرفوش الخوف ولا ايه؟
نوح: مفيش حد مبيخافش
ميادة عن قصد: لو قاتل اكيد مبيخفش ولو خاف يبقي من العقاب
نوح بغضب: اسكتي ونامي جربنا نوصلوا.

ميادة بنبرة منكسرة: انا بردانة أوي يا نوح
نوح بتعجب: الجو حار نار
ميادة بتأكيد: لأ انا هموت من البرد
نظر اليها ولا يعلم ما بها فهي تتغير في اللحظة من النقيض اللي النقيض وكأنها ما زالت طفلة صغيرة؛ خلع عنه سترته؛ ومازال ممسكا مقود السيارة بيده الأخرى مد اليها المعطف قائلا:
البسيه وفي عندك في الكرسي الأخير چاكيت تاني ألبسيه لو لسه بردانة.

وضعت المعطف في صمت فوق كتفيها واراحت رأسها إلى الوراء ولم تتحدث بل اغمضت عينيها محاولة الثبات كي لا تطلب اليه الرجوع إلى القاهرة مرة أخرى خوفا من تلك المواجهة وذاك المكان الذي فقدت بين أركانه روحها وسنوات مضت وأتيه...

ازدادت سهيلة توترا بعدما مر الكثير من الوقت ولم تتصل ميادة حاول يزيد ومصطفي محادثتها دون فائدة فنظرت سهيلة باتجاه مصطفي قائلة:
كلم نوح وشوف هما فين انا حاسه ان ديدا تعبانه يا مصطفي؛ صدقني والله
مصطفي بتردد: يا سهيلة الوقت متأخر وبعدين عادي انها تتأخر
سهيلة بغضب: يعني مفيش فايدة
مصطفي: حاضر يا ستي عارف انك مش هتسكتي.

بعد قليل نظر نوح إلى هاتفه الذي أعلن عن اتصال من مصطفي تجاهله في البداية لكن تكرار الاتصال جعله يجيبه قائلا:
مرحب مصطفي بيه
مصطفي بحذر: اخباركم ايه يا نوح أسف لو أزعجتك بس سهيلة قلقانه على ديدا
نوح: طمنها وجولها نوح السياف مستحيل يأذي مرته وبت خاله
ابتلع مصطفي ريقه بتوتر ولم يعقب خوفا من ردة فعل سهيلة بل حاول الابتسام قائلا:
اكيد طبعا أد القول يا باشمهندس بس ممكن اكلم ديدا.

نوح بغيظ: حاضر؛ دجيجه وهتصل عليك
أنهى الاتصال بحنق لينظر إلى ميادة بحنق أشد مناديا اياها قائلا: إصحي يا فنانة
ميادة بترقب: ايه وصلنا خلاص!
نوح: لاه لسه كلمي خالك المحترم؛ الراچل مفكرني هخطف عيال صغيرين
ميادة بقلق: انت قولتله ايه؟
نوح: مجولتش؛ بس فهم اني عرفت الحجيجة؛ خلصي وكلميهم جبل ما نوصل
اتصلت ميادة بمصطفي الذي أجابها متلهفا متسائلا بتوتر:
ديدا انتي بخير؛ حصل حاجة؟
ميادة: انت حد سامعك ولا بعيد؟

مصطفي: بعيد بس سهيلة قلقانه وحاسة انك تعبانة..
قصت ميادة ما حدث بينها وبين نوح ليصعق مصطفي ويصمت كليا عاجزا عن التفكير لتقاطعه مياده قائلة:
اوعي ماما سهيلة تعرف حاجة انا هتأكد من كلام نوح الاول وبعدين ارجع لماما وافهمها كل حاجة
مصطفي: ولو فعلا والدتك عايشة
ميادة: هاخدها معايا واسافر معتقدش ان في حاجة تربطها بالبلد دي غير القهر والظلم والموت.

مصطفي محاولا تهدئتها: بلاش نسبق الأحداث انا هخليكي تكلمي سهيلة تطمنيها وتقوليلها اي حجة تتأخري بسببها
فعلت ميادة ما قاله وطمأنت سهيلة واطمأنت هي واستعادت بعض قوتها مستمدة الأمان من صوت تلك المرأة التي ربما لم تنجبها من رحمها ولكنها كانت رحمه أرسلها الله اليها بعدما اشتد الكرب وعظم الخطب والبلاء.

اقتربت نوارة بقلب متأرجح بين الحقيقة والخيال والصحوة والمنام بعدما استمعت إلى صوت نوح يطلب اليها الأذن بدخوله..
كانت خطواتها رافضه للحركة وكأنها بين موج غاضب يهددها بالاقتراب وفؤادها يدفعها دفعا إلى فتح ذاك الباب فخلفه يوجد الشاطئ الآمن
تخشى ان تفتح فيفاجئها نوح بما تخشاه منذ سنوات ويخبرها أن ميادة لن تعود ويخبرها يقين الأم ان ميادة واقفة تنتظر.

أسرعت متباطئة وفتحت بابها لتنظر إلى وجه نوح فترى بداخله ما كانت تبحث عنها سنوات ونظرت إلى وجه ميادة فعلمت على الفور أن الله ارادته فوق الجميع..
صرخاتها المتألمة لم تكن هينة بل كانت كجبال تهتز بقسوة أخذت تستنشق عبير طفلتها الذي حرمت منه سنوات وتصرخ بأهآت لو استمع اليها القاتل لما قتل وان راها الظالم ما ظلم وما قسى...

لم تتحرك ميادة ولم تبد فعلا بل أحست بدفيء طغي على برودة سنوات البعاد حياة عادت بعد موت ونعيم أتى بعد جحيم مستعر..
ابتعدت ميادة عن قلب والدتها النابض باسمها ناظرة إلى عينيها بحب واشتياق قائلة:
انتي حقيقة يا أي صح!
يعني انا معاكي وشيفاكي بجد!
انتي عايشة وواقفة قدامي مش خيال زي كل يوم؟!
ها؛ ردي عليا وقولي انك معايا ومش هبقي لوحدي تاني..!

قبلت نوارة وجهها بتمهل وكأنها ترتوي منها لتبتسم من بين انهارها الباكية قائلة:
عايشة دلوك بس يا جلب أمك
جبل اكده كنت ميته؛ بتنفس حلاوة روح
اتوحشتك يا ضي عيني اندبحت بموت اختك وروحي فضلت متعلجة بين السما والارض بغيابك عني.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة