قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل السابع

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل السابع

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل السابع

تغيرت نظرتها للحياة كليا صارت امرأة ناضجة بعدما كانت ترى الحياة لهوا وسفرا وسهرات لا تنتهي مع اصدقاء ظهرت حقيقتهم بعد وفاة طفلتها وانفصالها عن زوجها ابتعد عنها الجميع بعدما انتهت مصالحهم معها ولم يبق سوى القليلين ولكنها وللعجب ليست نادمة او حزينة لفقدهم بل مثلما ابتلاها الله بقوة؛ رزقها صبرا وثباتا يضاهيه قوة، ايقنت أن ما يصيبنا ما كان ليخطأنا..

أخذت سهيلة قرارها وانتهت صفحتها مع يوسف فهو قد حزم أمره منذ البداية، نفسه أولا وتأتي سهيلة في المرتبة الثانية اذا فلتفعل مثله فلتكن سهيلة أولوية لنفسها قبل الجميع، تتمنى له السعادة ولكن سعادتها لن تكن بجانبه..
قامت بتوقيع عقد شراء تلك الأرض الجديدة التي ستجعلها دارا متكاملة لرعاية الفتيات اليتامى في صعيد مصر حيث أخبرها المختصون أن الصعيد يفتقر الى تلك الخدمات المجتمعية...

ازدادت شهيرة حقدا على نوارة بعدما تزوجت هي من نعمان فطريقته الفجة واسلوبه القاسي جعلها تتساءل لما لم تتزوج شخصا يحبها ويدللها مثل سلمان، لم لا تر بعيني نعمان اعجابا كالذي تراه بعيني فهد، فهد الذي يتفنن في ارضاء نوارة رغم رفضها للزواج منه، مازالت شهيرة تسخر منه كلما رأته قائلة:
تستاهل يا فهد، رايد تتچوز بت بهية كيه المرحوم اخوك، عدمت البنته من النچع ومبجيش غير واحدة خرچ بيت.

فهد: وانتي ايه دخلك، خرچ بيت بس عچباني مرايدش غيرها وهتچوزها عالجليل بنات خوكي ميتربوش يتامة ولا انتي معندكيش دم واصل وغلك منيها عاميكي
شهيرة: اغير منيها على ايه دي بومة اخوك الله يرحمه مات وملهوش واد يشيل اسمه
فهد: وانتي لما عزيز مات الله يرحمه كنت سبب موته عاد ولا جضى ربنا!

شهيرة: وااه هتعايرني يا فهد، عالعموم كيفك، بس حطها حلجة بودنك ست الحسن عشجانة لسلمان وحتى لو اتچوزتها هتفضل طول العمر فكراه، اللي هيحب عمره ما ينسى يا خوي...

توجه جاد الى بيت ابراهيم والد نوارة وقد حزم أمره على اتمام زواج فهد من نوارة فهي ومنذ انتهاء شهور عدتها لا يمر يوم الا ويأتيها أحدهم راغبا في زواجها ولم لا وهي جميلة مسالمة بأعين البعض لقمة صائغة تمتلك اموال طائلة هي وابنتيها...
ابراهيم: ياحچ چاد امها كلمتها وجالت انها مهتتچوزش بعد المرحوم ولا هتدخل راچل غريب على بناتها.

جاد: وااه وهو فهد غريب اياك، فهد عمهم وكيه ابوهم، هي بتك غاوية تعب جلب عالفاضي، اني لو عشت النهاردة بكرة ربنا ياخد امانته ورايد جبل ما اموت اطمن على بنات سلمان، بتك لساتها صغيرة ومطمع يا ابراهيم وفهد هو اللي طلبها بنفسه محدش غصبه عليها يبجى توافج وتستهدي بالله
ابراهيم: حاضر ياحچ هكلمها واللي ربنا كاتبه هيكون...

تبكي كعادتها تحدث نفسها بخفوت وكأنه واقفا امامها تسأله عن حاله وتشكو اليه حالها، هي ليست رافضه لفهد بل هي رافضة للحياة من دون بهجتها، وبهجة الدنيا كانت متمثلة بقرب سلمان، فكيف يطلبون اليها أن تسمح لأخر بأخذ مكانته
واشتاق الى رؤياك إلى لقياك إلى كلمة وهمس شفاهك الخافت يخبرني باني قد ملكت الروح
واشتاقك ويؤلمني حنيني اليك وصمت الليل بات قاسيا فظا يعذبني فهلا رحمتني قدري والحقتني الأن بحبيب الروح...

جلس نوح ممسكا بكتابه يستذكر بعض الدروس وينأى بنفسه بعيدا عن والدته التي تزوجت ومع ذلك تأتي يوميا تسعى الى معرفة ما يدور داخل البيت وما يحدث بين نوارة وفهد وكأنها لا يشغلها شاغل سواهما
استمع الى بكاء ميادة وصوت حماد الحاد يوبخها قائلا:
هجطع خبرك النهاردة
ميادة صارخة: يامه، ياعم فهد الحجوني
ابعده عنها نوح قائلا:
ملكش صالح بيها يا حماد عمك فهد لو شافك يومك مهيعديش على خير.

حماد: لاه لازمن اضربها مجصوفة الرجبة ديه
نوح: عملتلك ايه يا مخبل، دي عيلة صغيرة
حماد: شافتني بدخن وراحت فتنت وجالت لچدك وبسببها منع عني المصروف...
ميادة: اني رايدة امي
نوح: همي يابت روحي عند امك ومتجفيش جدامه دلوك
هرولت ميادة من امامه مسرعة ونظر نوح اليه مبتسما بشماته قائلا:
عفارم عليها والله البت ديه جدعة ووجعتك في شر اعمالك
حماد: شمتان فيا اياك!
نوح: لاه، مهما حوصل انت اخوي وميرضنيش زعلك.

حماد: يعني ايه هتكلم چدك؟
نوح بجدية: مهكلمش حد، احنا الاتنين مهنفرجش معاهم كتير، مصروفي هجسمه معاك بس لو عرفت انك بتشرب بيه سچاير وجتها مهتاخدش مني ولا ميلم.

حماد بهدوء: وانت هتستفيد ايه؟
نوح: ما جولتلك لو خابر اننا مهمين عند امك ولا چدك مكنتش هعبرك بس زي ما تجول اكده ملناش غير بعض فمضطر اساعدك، جولت ايه؟
حماد: هجول ايه، مجدميش غيرك وعموما انت واد چدع
نظر اليه نوح دون رد وابتعد حماد يفكر بما قاله شقيقه فهما مثلما قال لا يعنيا لمن حولهما شيئا اذا فليكونا سندا لبعضهما...

حاول فهد جاهدا ان يبتعد عن دربها وان يتجاهلها مثلما تفعل هي لكنه لم يستطع، يريدها ويرغبها ولا يعلم إلى تركها سبيلا، هي رافضة له وهو يرغب دائما بالممنوع...
رأها قادمة باتجاهه فاسرع مستوقفا اياها قائلا:
رفضاني ليه يانوارة، كرهاني؟
نوارة: لاه اني مستحيل اكره حد من اهل سلمان الله يرحمه
فهد: مانتي جولتي اها، الله يرحمه واني رايدك في الحلال مهواش عيب ولا حرام..
يعني انت هتحبني يا فهد؟

فهد بصدق: بعشجك يا نوارة ومخابرش كيف محساش بحبي وعشجي ليكي...
نوارة: ليه؟
فهد: غصب عني مهواش بيدي
نوارة: ولما انت بتحبني غصب عنك ليه مجادرش تفهم انه غصب عني، مجدراش انسى ولا احب تاني، جلوبنا مهياش بايدينا، انا لما فتحت عنيا عالدنيا لجيتني بحبه..

كنت عيلة بنت سبع سنين وكنت اجف جدام الباب لاچل ألمحه يوم الجمعة وهو رايح عالچامع، كان جلبي بيرجص من الفرحة أول ما اشوفه، فاهم يعني ايه عيلة صغيرة تحب شاب وعارفة انه مستحيل يبصلها، فضلت اكده لحد ما چه يوم سفره ووجتها كان عمري 14 سنة، لجيته بيضحكلي وبيجولي، اني مسافر وهغيب كتير بس عمري ما هنساكي، لو تجدري استنيني يا نوارة واني هرچعلك.

فضلت ايام مفكرة اني بحلم ولا عجلي شت، بس جلبي كان بيجولي انه هيحبني كيه ما بحبه، 5 سنين مستنياه، ياما جالي عرسان وكنت برفض، برفض عشانه، مهوش بيدي يا فهد، سلمان حبه بيجري في دمي، وروحي معرفتش الراحة غير وياه...

فهد بغيرة وغضب: يعني ايه هتترهبني اياك؟
نوارة: يا فهد افهمني انا معوزاش اظلمك انت لسه صغير وبنات النچع كلياتهم يتمنوا منيك كلمة ومسبجلكش چواز هملني لحالي اربي بناتي ومتخافش لا هتچوز دلوك ولا بعدين..
فهد: جولي الكلام ديه لابوي ولو هو وافج خلاص اني مهغصبش عليكي.

لم تيأس والدة نوارة من محاولة اقناعها فهي تري بفهد فرصة لن تعوض، من بيت اصيل وشاب فتي لن يسئ اليها ولن يوجد احد اقرب إلى بنتيها منه
ظلت نوارة تستمع اليها دون رد لتكمل والدتها قائلة:.

يابتي احنا كبرنا وهنفوتك لحالك وبناتك لساتهم صغار وفهد لو انتي مرضياش تتچوزيه هيتچوز غيرك واي ست هتدخل الدار هتشيلك فوج راسها وتزعج وبالأخص لو عرفت ان فهد كان رايد يتچوزك، وبعد ما كنتي انتي وبناتك الكل في الكل هتبجوا ملطشة، لكن ياجلب امك لو اتچوزتي فهد هتبجي مرته والكل هيعملك الف حساب وبالخصوص اللي ما تتسمي شهيرة دي وجفالك على غلطة...

بكت نوارة بقهر فاحتضنتها والدتها قائلة:
اللي في الجلب خليه في الجلب ملهوش لزوم حد يدري بيه، عيشي يابتي وحاچي على بناتك وارمي همك على اللي خلجك
تزوجت نوارة بفهد مثلما تمنى الجميع الا انها لم تتجاوز ما تشعر به من مرارة عالقة بقلبها تشعر انها قد خانت العهد، تحاول جاهدة ان تعطي فهد حقه وما له عليها الا أن قلبها يأبي العدل ويرفض الخضوع.

لاحظت شهيرة نظرات فهد التي تنطق بعشقه لنوارة فأرادت ان تعكر صفو حياتهما سويا، انتظرت قليلا تفكر في شئ ما ثم تحدثت إلى نوارة قائلة:.

ما شاء الله وشك منور يا نوارة شكلك حبلى
نوارة بهدوء: لاه ياعمة، لسه ربنا مأذنش
شهيرة: وااه، ده انتوا بجالكم سنة متچوزين، ده انتي حبلتي من سلمان طوالي، ولا انتي مريداش تربطي فهد كيه سلمان
نوارة بحزن: الله يرحمه ويطول بعمر فهد كل شي نصيب
شهيرة: ربنا يرزجكم ياحبيبتي اني بس ممصدجاش انك نسيتي سلمان بسرعة اكده، ولا البعيد عن العين زي ما بيجولوا.

نوارة بدموع وانكسار: البعيد عن العين محفور جوة الجلب بس الدنيا لازمن تمشي
اقترب فهد منهما بعدما استمع الى اخر كلماتها وابتسمت شهيرة ناظرة اليه وكأنها تخبره انه لن يحل محل سلمان مهما فعل..

استطاع فهد بذكائه الفطري ان يتوسع في اعماله بقوة، بدأ بالعمل خارج اطار القرية والقرى المجاورة وبدأ في الوصول الى العواصم الكبرى يتاجر في العقارات يشتري ويبيع، يحاول الهاء نفسه بعيدا عن جنون عشقه لتلك العنيدة التي نالت منه مثلما لم تفعل أخرى، يريدها له وحده.
يود ان تنسى العالم بأثره ولا تتذكر سواه، اشترى قطعة أرض مجاورة لبيت والده وشيد فوقها بيتا لم يشهد أهل النجع مثله من قبل..

سألته والدته بتعجب قائلة:
هتعيش لحالك يا فهد هتهملنا يا ولدي
فهد: ههملكم كيف، الباب جدام الباب يامه بس من حجي يبجى لي بيت بعيد عن اللي فات، رايد احس نفسي متچوز..

جميلة بحزن: يا ولدي هتغير من اللي مات
فهد: لساته عايش چواها وشكلها مهتنساش واصل..
احست جميلة بالندم كونها أصرت على زواج فهد من نوارة وتعاطفت مع نوارة لدرايتها بحبها لسلمان واشفقت على حالة ولدها ولكن ليس بمقدورها ان تفعل شيئا.

نظرت اليه بحب قائلة: ربنا يسعدك ويريح جلبك، طول بالك على مرتك يابني ومتجساش عليها
فهد: حاضر يامه، خليني اطلع اشوف البنات بجالي كتير مجعدتش معاهم الشغل فوج راسي ليل نهار.

جميلة: يعينك ويحفظك من كل شر، اطلع يا جلبي
دلف الى غرفة ميادة وحليمة فوجد نوارة بجانبها تساعدهما على متابعة دروسهما
فهد بحب: وااه، جاعدين لحالكم واني مفكركم نايمين
نوارة: حمد الله بالسلامة، وجعت ميتا
فهد بحب: من شوي، بس جعدت مع امي كانت واخدة على خاطرها عشان البيت الجديد
نوارة: عندها حج، مخبراش لزمته ايه! معجول هتهمل امك وابوك وتعيش بدار تانية
نظر اليها بتيه قائلا:
يمكن لما نبعد تجربي مني.

توترت وتلون وجهها خجلا من كلماته فابتسم هو ناظرا الى طفلتي شقيقه قائلا:
مين فيكم اشطر من التانية لاچل تاخد الحاجات الحلوة اللي چبتها من المركز
اسرعت اليه ميادة قائلة:
حليمة اشطر مني بس اني حبيبتك، صوح؟
فهد مقهقها: صوح انتي حبيبتي بس حليمة كمان حبيبتي وچبتلكم حاچات كتيرة جوي.

جلس بصحبتهم قليلا وتوجه الى غرفته ينتظر قدوم نوارة وقد اشتاقها بشدة، تذكر بعض الاوراق الهامة التي تخص ممتلكاتهم فأخذ في البحث عنها ليصدم بعد قليل من بحثه بوجود بعض الخطابات والتسجيلات التي كان يرسلها سلمان لنوارة والتي كان يتسلمها هو بنفسه ويعطيها لها، قرأ بعض الكلمات التي تقطر عشقا واشتياقا من شقيقه اليها ليشعر بشئ يجسم فوق صدره.

لحقت نوارة به بعد قليل لتجد ملامحه حادة قاسية لتقترب منه قائلة:
مالك يافهد، انت زين؟
ألقى اليها بواحد من تلك الخطابات قائلا:
بيعملوا ايه الچوابات ديه اهنه، مجدراش تعيشي من غيره
لم تجبه بل اكتفت ببكائها ليهمس اليها بوعيد قائلا:
هتندمي يا نوارة، هندمك وبكرة هتشوفي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة