قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الخامس عشر

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الخامس عشر

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الخامس عشر

ودائما يخذلنا القلب بضعفه حتى وان أبينا القول، فمن يحب يكابر ولا يود الاعتراف ومن يكره يدعي العكس، وفي نهاية الأمر نواجه أنفسنا ولكن أسوأ ما في الأمر أن المواجهة تأتي غالبا متأخرة.

قضى نوح ليلته تلك هائما في عالم اعتاد العيش به وحيدا منذ سنوات الا أنها تحدته اليوم وشاركته تلك الوحدة رغما عنه يتقلب يمينا ويسارا ولا يرى سواها، لا يعلم احقا اوقعته احداهن أم ان ما يشعر به مجرد سراب، يرغب بالقرب ويخشى عليها من السواد الذي غلف حياته وسنواته الماضية بأكملها، فحياته بالفعل مليئة بالعتمة ليس الا.

أخذ يقلب بهاتفه ودون أن يدري كان يبحث عن صفحتها الشخصية ينظر إلى صور مختلفة تجمعها ببعض المعجبين والبعض الأخر لعائلتها، والديها وخالها، غيرة تملكت منه ولا يدري هل أصابته بسحر ما أم انه يهفو إلى روح حرم منها سابقا ووجدها بصورة أخرى فيسعى إلى امتلاكها.

اغلق صفحتها وكأنه يهرب من نظراتها الواثقة التي توتره وبدأ في قراءة بعض ابيات الشعر التي يهواها وخاصة ما يكتبه فاروق جويدة ليبتسم وكأنه يسخر من حاله عندما وقعت عينيه على تلك الكلمات التي تصفه بوضوح..
‏الشوق نحوك سر لست أحكيه
إلا إلى الليل إن الليل يخفيه
من أجل قلبك أخشى أن أعذبه
عاتبت قلبي حتى كدت أبكيه.

كعادته عندما يراها يتناسى ما حدث لا يتذكر شيئا سواها ينظر اليها باشتياق وتمني وكأنه لم يفارقها سنوات وكعادتها هي منذ تلك الليلة المشؤومة تطالعه بتيه لا تعلم اتكرهه حقا أم تشفق عليه هل أوشكت في وقت ما أن تسمح له بالقرب من قلبها بل انها بالفعل قد احبته لكنه أتي وبكل قوة ودهس ذاك الحب في مهده فاهلكه بابشع الطرق ولم يبقي منه سوى رماد...

اقتحم جاد غرفة والدته بعد ان عادت إلى البيت وعلم هو بمرضها المفاجئ لتزداد دهشته عندما وجد والده جالسا بجانبها
تحدث جاد بقسوة لم يعتادها احد منه من قبل هاتفا:
انت ايه اللي چابك اهنه، اكيد انت السبب في تعبها ووجوعها من طولها اكده؟
نظرت اليه نوارة بغضب قائلة:
چنيت انت التاني اياك ياواد نوارة بتعلي صوتك على ابوك يا جليل الحيا، رايدهم يجولوا مربتش رچالة، ولا مكتوب عليا اشوف بعيني خيبتي فيك انت واخوك؟

جاد بشك: سلمان ماله؟ هو اللي زعلك اياك!
نوارة بحزم: ملكش صالح مين مزعلني حب على يد ابوك واطلع برة
جاد محاولا الهدوء: حاضر، بس ارتاحي انتي
اقترب من والده مقبلا يده مثلما أمرته هي بينما فهد كانت نظراته معلقة بها...
غادر جاد ووقف فهد مستعدا للخروج لكنه التفت اليها قائلا:
مخابرش يا نوارة انتي هتكرهيني ولا لاه، بسي اني رايدك تطمني سلمان مهيكررش غلطه مرة تانية..

نوارة: ياريت يا فهد، ياريت ميكررش غلط بدايته سهلة ونهايته موت
لم يستوعب ما تقوله فاستكملت:
مريداش ولدي يبجى نسخة من حماد، حماد مكانش عفش انتوا اللي هملتوه لحاله واول ما افترى جتل بتي، مريداش سلمان يبجى ضحية لذنوبنا...
اكتفي بما قالته وغادر مبتسما بانكسار فرغم ضعفها مازالت قوية، وكلما مرت السنوات تزداد جمالا ويزداد حاله بؤسا بما فعل.

استمعت ميادة الى دقات مصطفي القوية ببابها قائلا بحدة: افتحي الباب يا ديدا بدل ما اكسره على دماغك
ميادة بصوت منهك: ارجوك تسيبني لوحدي
مصطفي: علشان خاطري افتحي الباب، سهيلة هتتجنن عليكي ويزيد مصمم يجي بكرة وانتي عارفه انه صعب ينزلوا فجأة كده
اقتربت بخطوات متباطئة ونظرت اليه قائلة:
انا تعبانه اوي
مسح على رأسها بحب قائلا:
عارف ياحبيبتي بس احنا لسه في البداية.

ميادة: تخيل لما هربت منهم لو كنت وقعت في ايد حد غيركم كان هيبقي مصيري ايه، كان ممكن ابقي بنت ليل او واقفة اشحت في الشوارع، في الوقت اللي نوح بيه بقي مليونير بفلوس ابويا، ليه، ليه عملوا فينا كل ده، ليه يدمرونا كده!
امسك بيدها واجلسها امامه وتحدث بهدوء قائلا:
علشان نلاقيكي احنا وترجعينا نعيش من تاني.

سهيلة كانت روح مدبوحة عايشة على أمل انها تموت وتقابل بنتها، ويزيد كان مستحيل يتجوزها برغم عشقه ليها لأنها كانت رافضة تديله فرصة
وانا، كنت هفضل عايش في دور المظلوم اللي اتخان من احب انسانه لقلبه، تعرفي اني بسببها بعدت عن كل اصحابي وقرايبي، حتى سهيلة لما حذرتني من الارتباط بيها بعدت عنها، قاطعت سهيلة لمدة سنتين، كنت معمي عن الدنيا بحالها ومبشوفش غيرها.

انتي انقذتينا كلنا يا ميادة صدقيني كل شئ في الدنيا له اسباب..
نظرت اليه بغضب قائلة:
البيه عاملي خصم، ابن شهيرة عاملي خصم من فلوسي وعاملي فيها جنتلمان وبيسلم عليا وهو لابس دبلتي طيب يعملي احترام
قهقه مصطفي بقوة قائلا: انتي غيرانه انه سلم عليكي، غيرانه من نفسك
ميادة: وهو يعرف اني ميادة؟ لا يبقي خاين وحقير
ازداد مصطفي تعجبا من رد فعلها ونظر اليها مطولا ليتحدث بهدوء:.

على فكرة الولد سمعته كويسة وملوش علاقات نهائي، بس واضح انك لفتي نظره وفي نفس الوقت واضح انه مش سهل وشخصية حذرة جدا فلازم تتعاملي معاه بهدوء اكتر من كده...
ميادة: انا بكررررهه، بكرهه ومش عاوزة اشوفه لما شفته كان نفسي اقتله، شكله متغيرش ابدا زي ماهو، طول عمري بحس ناحيته بمشاعر غريبة بخاف اقرب منه وبحب قربه..
مصطفي: طيب ممكن تهدي وتبطل تعيطي بقيتي شبه الطماطم.

ميادة: انا بجد مش قادرة اشرحلك اللي حاسة بيه موجوعه لدرجة صعب تتوصف
صمت قليلا واستجمعت هي بعض قوتها فما قاله مصطفي هو الصواب، تلك مجرد بداية ينبغي أن تصبح اقوى من ذلك
نظرت إلى مصطفي قائلة:
حضرتك مفروض تخف شوية على هيام، البنت شاطرة في شغلها جدا ومؤدبة ليه بتعاملها بالشكل ده!؟
مصطفي بغضب: اعاملها ازاي يعني اقوم اضربلها تعظيم سلام، دي مجرد موظفه عندك مديرة اعمال يعني لازم تفتح عنيها وتركز معاكي.

ميادة: وهي فعلا مركزة وشايفة شغلها وحضرتك عارف الكلام ده ياريت تدي نفسك فرصة ومتخدهاش بذنب غيرها، مش كل الناس شبه بعضها
مصطفي: انتي تقصدي ايه؟
ميادة0: اقصد انك لسه صغير وقمر ومفروض تعيش وتحب وتعوض اللي فاتك
مصطفي: قومي يابت اغسلي وشك وكلمي سهيلة وابعدي عني مش ناقصك انا..
ميادة: على فكرة انا بحبك اوي
مصطفي: وانا بحبك اكتر يا ديدا ونفسي اشوفك اسعد بنت في الدنيا كلها، وبلاش دموع تاني مفهوم.

ميادة: حاضر، هروح اكلم ماما وارجعلك تعيشيني برة، اوك
مصطفي: ماشي ياستي مقدرش اعترض سهيلة تدبحني
ابتسم جاد بوجهه الجذاب إلى تلك الجالسة بانتظاره، اقترل منها قائلا بود مصطنع:
اتوحشتك جوي يا رباب
رباب بخجل: وانا كمان اتوحشتك بسي انت خابر ان خروچي صعب لحالي
جاد: مهواش صعب ولا حاچة انت كلها كام اسبوع وتدخلي الچامعة ووجتها نتقابلوا بكيفنا
رباب: بس اني خايفة ان ابويا يعرف يا چاد.

جاد بثقة: حتى لو عرف اني جولتلك مستعد اروح دلوك اطلب يدك منه بس انتي خابرة ان امك مهترضاش واصل..
رباب بدموع: خابرة ومعرفاش السبب، يعني انت ممكن تزهج وتبعد عني؟
جاد: لاه طبعا، بس افرضي چوزوكي لحد غيري
رباب: لاه اني مستحيل اوافج
جاد: ولو غصبوكي يا رباب، هتهمليني بعد ما بجيتي حياتي وحلم عمري
نظرت اليه بعشق ولا تصدق ما يقوله لتهتف قائلة
مستحيل، اني مستحيل اكون لغيرك حتى لو اضطريت اهرب واتچوزك غصب عنهم.

ابتسم برضا لما قالته فتلك اولى خطواته لقهر شهيرة ونوح وفهد معهما...
استعدت ميادة لخطوتها القادمة، تجاهلت نوح ورؤيتها له، انشغلت بعملها بينما كان هو يتحرق لرؤيتها ولا يدري كيف الوصول اليها
كان مصطفي وهيام يجتهدان في تحقيق مزيد من الانتشار والشهرة لميادة ويسعيان لحضور نوح لواحدة من تلك الحفلات التي تحييها ميادة حتى يتم لقائهما مرة ثانية...

علم مصطفي من مصادرها الخاصة ان هناك حفل خاص برجال الاعمال ومن بين الحضور سيكون نوح السياف، فاقتنص تلك الفرصة واستطاع جعل ميادة هي نجم تلك الحفلة
تفاجأت ميادة بوجوده بين الحضور فهي لم تتوقع رؤيته الأن، استجمعت شتات نفسها سريعا واستكملت تأدية فقرتها الغنائية ببراعة كالمعتاد
لاحظت ميادة نظرات نوح المسلطة عليها فابتسمت اليه:
انتهى الحفل وتأهبت ميادة للمغادرة ولحق بها الحرس المسؤولين عن تأمينها.

انتظر نوح خارجا يبحث عن سبب يتحجج به كي يستوقفها..
وتوقفت هي عندما لمحته واقفا بانتظارها
اقترب منها فعلمت انه ينوي التحدث اليها
نوح: مساء الخير يا فنانة..
ميادة: مساء النور...
نوح: محتاج من حضرتك خدمة، ممكن
ميادة بتعجب: اتفضل اكيد لو بايدي مش هتأخر
نوح: كتب كتاب اختي كمان اسبوعين ونفسها تغنيلها في الحفلة، هي بنت خالتي بس بعتبرها أختي.

تغيرت ملامحها كليا وكانها بوسط محيط مظلم غارقة وسط امواجه القاسية تصارعها حتى تنجو بحياتها..
عادت اليها تلك الذكريات البائسة بكلمة منه، يريدها أن تغني بحفل لعائلته، هل اقتربت المواجهة بتلك السرعة.

تعجب نوح من هيأتها وكان على وشك الحديث الا انها شهقت بفزع عندما لاحظت شعاع من النور الأحمر مسلط فوق صدر نوح لتنظر ناحية ذاك الضوء فتجد أحد الرجال مصوبا سلاحه باتجاه نوح ودون تفكير منها احتضنته بجسدها لتتلقى بدلا منه تلك الرصاصة فهو لن يموت الآن مستحيل ان يتركها دون ان تأخذ بثأرها منه ومنهم جميعا وينظر هو اليها بصدمة كادت ان تجمده فقد أنقذته من موت محقق وافتدته بروحها...

حملها مسرعا وانطلقت سيارته ومن خلفها سيارة مصطفي والعديد من الصحافيين الذين أثارهم الفضول لمعرفة سر تلك الحادثة
تركها مرغما بعدما تولاها الفريق الطبي الذي اسرع إلى ادخالها لغرفة العمليات، وبعد قليل وصل مصطفي وهيام
اقترب مصطفي بغضب قاتل جاذبا نوح من ملابسه يسأله. بحدة:
جودي حصلها ايه، ومين اللي ضرب عليها نار وليه؟
نوح بخوف من فقدانها: انا اللي كنت مقصود مش هي، جودي فدتني بنفسها.

كان الواقفين يستمعون بفضول وكل منهما يتخيل اسبابا عدة تجعل فتاة في تلك السن وبهذه الشهرة تضحي بحياتها من اجل شخص أخر، لابد انها تحبه ويربطهما علاقة وطيدة، لم يدرك أحدهم ما يحدث سوى مصطفي الذي نظر إلى نوح بكره وتحذير قائلا:
لو حصلها حاجة هخلص عليك بنفسي، سامع؟
امسكت هيام بيد مصطفي وتحركت معه بعيدا عن نوح وتركاه مع افكار المتضاربة
في مساء اليوم التالي انتشر بين الجميع ما حدث.

وعلم فهد بتلك الحادثة فاسرع إلى الاطمئنان على ابن شقيقته لكنها أصرت على الذهاب معه..
بينما كانت سهيلة تكاد تجن ولا تطيق الانتظار حتى تهبط الطائرة، لا تصدق ما حدث هل جاءت ميادة تنتقم منه أم تقتل نفسها بدلا منه، لن تتركها بمصر مرة ثانية سوف تجبرها على العودة، هذا ما كان يشغلها، بينما كان يزيد صامتا يدعو الله ان تنتهي تلك الأزمة على خير.

احتضنت شهيرة نوح بقلق واخذت تتفحصه لتطمئن انه بخير وكذا فعل فهد، طمأنهما نوح بتعب قائلا:
اني زين يامه محصليش حاچة، چودي هي اللي تعبانه جوي
شهيرة باستنكار: وجودي تطلع ايه كمان؟
فهد: وطي صوتك الخلج ملمومين حوالينا
نوح: خد امي وروحوا يا خال، اني جدامك بخير اها، ومش هتحرك من اهنه غير لما اطمن عالبنت..
شهيرة: لاه انت تمشي معانا دلوك وبعدين ابجي ارچع اطمن عالمعدولة.

نوح بعصبية: جولتلك روحي دلوك اني مطيجش حالي، البنت كانت هتموت بسببي
شهيرة: تلاجيها ما صدجت..
نوح: يعني ايه؟
شهيرة: بترسم عليك لاچل ما تحبها، معلوم هما المغنواتيه دول سهلين اياك؟
اسمتعت سهيلة إلى ما تقوله شهيرة فاجابت بثقة وتهديد:
الست دي تخرج برة المستشفي حالا بدل ما اقفلكم المستشفي
شهيرة: وانتي مين ياختي اسمالله؟

سهيلة: انا سهيلة القاضي ياحيوانة، أم جودي اللي بتقولي بترسم على ابنك الجربوع ده، انتي تعرفي ايه عن بنتي، دي بنت يزيد القاضي تشتريكي انتي وابنك وبلدك بفلوسها
نوح: حضرتك ملهوش لزوم الغلط..
سهيلة: اخرص انت خالص كله بسببك
فهد: يامدام ميصحش اكده، الناس دايرة تصور بكفايا فضايح..
سهيلة بتصميم: اتفضلوا امشوا، انا وجوزي هناخد بنتي ونسافر برة مصر متشكرين اوي على خدماتكم..
نوح وقد أحس بتوقف قلبه عن النبض.

كيف يعني تسافروا؟
سهيلة بكره: نسافر زي الناس هتنمعنا ولا ايه؟
نوح: لاه مجصدش، بس حالتها متسمحش
سهيلة بخوف: الحقني يا مصطفي الولد ده بيقول ايه، يعني حالتها خطر وانت بتكدب عليا؟
مصطفي: تعالي بس معايا وانا هفهمك والله كل حاجة...
اصطحب نوح فهد ووالدته التي لم تكف عن سب سهيلة طوال الطريق، اوصلهما إلى مدخل الفيلا ولم ينتظر دخولهما بل استدار مغادرا بسيارته لا يعلم إلى اين يذهب والي من يشتكي.

بينما كانت سهيلة تستمع إلى ما يقوله الطبيب باهتمام يصاحبه دموعها التي تأبى التوقف..
احاطها يزيد بذراعيه قائلا:
ياحبيبتي اطمني خلاص الدكتور طمنا والاصابة الحمد لله بعيد عن قلبها
سهيلة: كانت هتموت يا يزيد كانت هتضيع نفسها علشان واحد زي ده، شفت امه المجنونة بتقول ايه؟
ابتسم يزيد قائلا: ما خلاص سهيلة هانم قامت معاها بالواجب
سهيلة: لأ، انا مفروض كنت ضربتها بس للاسف خوفي على بنتي منعني.

يزيد: اهدي بقي علشان ندخل نطمن عليها بلاش تشوفك منهارة كده
سهيلة موجهه نظراتها ناحية مصطفي:
وانت حسابك معايا بعدين، بقي كل ده يحصل واعرف من الاخبار وانت مش تقولي
مصطفي: الله يكرمك يا يزيد خد مراتك وابعدوا عني انا كنت هموت من القلق ومش ناقص
يزيد: خلاص يا درش، روح انت غير هدومك وارتاح شوية وتعالي
تحدثت سهيلة هي الأخري قائلة: حقك عليا يا حبيبي، روح غير هدومك واحنا معاها اهو.

مصطفي: هروح لاني تعبان جدا وساعتين وارجعلكم بأذن الله
توجه خارج المشفي فوجد هيام بانتظاره
مصطفي: انتي لسه هنا مروحتيش؟
هيام باجهاد: لأ طبعا هروح ازاي واسيبكم
ابتسم مصطفي على براءتها فتحدث اليها
بهدوء قائلا: اركبي خليني اوصلك عالبيت
استمعت إلى ما قاله بصمت فهي بالفعل متعبة وترغب بالعودة إلى بيتها مؤقتا.

ظل نوح مرابطا امام المشفي يود الاطمئنان عليها ويخشى الاقتراب فيصطدم بوالديها، ربما ان رأته سهيلة تصر على أخذها من المشفي وربما تسافر ولا يراها مرة أخرى
بدأت ميادة تفيق تدريجيا وتستعيد عافيتها قليلا لم تعاتبها سهيلة كثيرا فهل لم تزل متعبة...
لاحظ نوح خروج سهيلة ويزيد فأسرع مهرولا إلى داخل المشفي ومنها إلى غرفة ميادة..

وجدها نائمة، اقترب منها ونظر اليها باشتياق وكأنه حرم منها لسنوات لا لأيام معدودة، ابتسم عندما رأها تبتسم بغفوتها، لكنه عبس مرة ثانية عندما تخيل انها تبتسم لرجل غيره، أخذه تفكيره بعيدا فهو لا يعلم عن حياتها شيئا، هل هي مرتبطة بأخر، مخطوبة، متزوجة، نظر سريعا إلى يدها فلم يجد خاتم خطبة فاطمأن قليلا، أحس بالحرج عندما وجدها قد استيقظت وتنظر اليه بتعجب..
نوح: حمد الله على سلامتك، ليه عملتي كده!

ميادة بتعب: ماما فين، وانت هنا ليه؟
نوح: بطمن عليكي
ميادة: الحمد لله انا احسن من انبارح، بس هو ايه اللي حصل مين عمل كده..
نوح: التحقيقات قدرت تفرغ الكاميرات وطلع واحد كان شغال عندنا واختلس مبلغ كبير من الشركة، للأسف اكتفيت برفده ومحبتش اسجنه بس هو بقي مكتفاش كان عاوز يقتلني
نظرت اليه نظرات لم يترجمها عقله فتحدث اليها قائلا:
انا أسف، بسببي كان ممكن يحصلك حاجة
ميادة بمشاكسة: اممم، وكنت هتزعل علشاني.

نظراته اربكتها فهي توقعت ان يجيبها لكنه بعدما نظر اليها أحست بما يرفض الاعتراف به
نوح: انا همشي دلوقتي لان والدتك لو شافتني هتقتلني وهجيلك بكرة
ميادة: ماما طيبة جدا بس اكيد خافت عليا
نوح: لا، حصل سوء تفاهم بينها وبين امي الله يهديها والامور خرجت عن السيطرة
أحست ميادة بغضب لمجرد سماعها ذكر شهيرة لكنها استطاعت اخفاء توترها قائلة:
حصل خير، المهم انك كويس؟
نوح بصدق: دلوقتي بقيت كويس جدا، اشوفك على خير.

تركها وحيدة ولم يتركها طيفه الذي يلازمها منذ سنوات، كم تخيلت تلك اللحظات وذلك اللقاء لكنها لم تتخيل أن يساعدها القدر هكذا، لقد صار مديونا لها بحياته، اصبح قربه منها سهلا بل سيقترب هو، ولن تمانع بل ستجعله عاشقا لها حد الهلاك...

قضت ميادة مدة أخرى داخل المشفي إلى ان استقرت حالتها تماما وتم خروجها
كانت سهيلة تحيطها برعايتها ليل نهار لا تفارقها كانت تدللها كثيرا كما لو كنت طفلة صغيرة، وكذا يزيد الذي برغم هدوءه وكلامه القليل الا أن وجوده وتصرفاته هي كلمة السر لأمان من حوله...

بينما مصطفي كان يجاهد في استغلال ما حدث من اجل توطيد علاقة نوح بميادة، كانت وسائل الاعلام تتحدث ليل نهار عن العلاقة العاطفية الغامضة التي تربط جودي القاضي برجل الاعمال الشاب نوح السياف وتضحيتها بنفسها من اجله
وبين حين أخر كانت تتطور علاقة مصطفي قليلا بهيام التي تقتحم عزلته التي بناها منذ سنوات لكنها بدأت في اختراقها.

استعدت ميادة للقائه كما طلب منها، ارتدت ما يناسب ذلك اللقاء وتوجهت إلى سيارته الواقفة بانتظارها
هبط اليها مبتسما بهدوء، فتح اليها باب السيارة إلى ان استقرت بداخلها وانطلقا سويا
تناول معا الطعام، كان يتحدث عن اعماله ومشوار نجاحه وتستمع هي اليه باهتمام
نوح: انتي مش بتتكلمي ليه؟
ميادة: مش انت صعيدي؟
نوح: اكيد طبعا، أبا عن چد
ابتسمت قائلة: طيب ليه مش بتكلمني صعيدي؟

نوح: يعني، انا بكلم كل الناس بلهجتي الصعيدية وبفتخر بيها، بس يمكن حابب يكون كلامي معاكي مختلف عن كل الناس
اوقف نوح سيارته فجأة بعدما صرخت ميادة بسعادة طفولية قائلة:
بليز وقف العربية يانوح
نوح بعدما استجاب لمطلبها: خير، في حاجة؟
ميادة: yes في عربية تين شوكي ولازم أكل منه تخيل بقالي سنين كتير جدا ماكلتش منه
نوح: بتحبيه للدرجة دي!
ميادة: جدا
نوح: بس كله شوك.

ميادة: الفاكهة اللي كلها اشواك لما بتفتحها بتلاقيها ضعيفة جدا من جواها، الشوك ده مجرد خط دفاع
نوح: امم، وجهة نظر برده، والمطلوب ايه دلوقتي؟
ميادة: تنزل تجيبلي طبعا
نظر اليها نوح بشئ من الدهشة قائلا:
عاوزاني انزل اشتري تين شوكي
ميادة بدلال: وايه المانع؟
نوح: في موانع يا فنانة، اولها ان هيبتي هتضيع وسط المجتمع، التين ده ممنوعات وخطر جوي.

قهقة ميادة تلك المرة من قلبها ولمعة عينيها ببريق سلب نوح عقله لتتحدث من بين ضحكاته قائلة:
هو التين بقي ممنوعات، I am sorry but i will eat it even it was forrbiden
نوح باعجاب: يعني مهتخافيش
ميادة بجدية: من ايه، ومن مين؟
نوح: عادي كل انسان بيخاف من حاجة معينة او من شخص ما..
ميادة: وانت بتخاف من ايه؟
نوح بغموض: مش لازم لما أخاف من حاجة غيري يعرفها
ميادة: امم، تمام هتنزل بقي ولا انزل أنا.

نوح بغضب: هتنزلي وانا معاكي ليه مش مالي عينك اياك؟
ابتسمت ميادة مرة ثانية قائلة:
واضح انك لما بتتعصب بتتكلم صعيدي
نوح: مش متعصب بس ميصحش تشتري حاچة ومعاكي راچل
صمت كلاهما لتسأله:
انت حبيت قبل كده او ارتبطت يا نوح؟
تغيرت ملامحه كليا ليفاجئها بقوله:
كنت متجوز...
ميادة ورغم درايتها بما قاله الا انها بدت شاحبة وكأنها صدمت بما قال لتسأله وكأنها تبغي التأكد مما سمعته
كنت متجوز، وبعدين؟
نوح: هربت ليلة فرحنا..

ميادة: وعملت فيها ايه، معقول بتتكلم جد؟
نوح: لما الاجيها الاول هبجى أعمل، خليني انزل اجيبلك التين الراجل شكله مروح...
امسكت بيده قائلة: انت زعلت من سؤالي
نوح: انتي تقولي اللي يعجبك، صعب ازعل منك.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة