قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الحادي عشر

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الحادي عشر

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الحادي عشر

مستوحاة من احداث حقيقيه
ايلاف النعم يهلكها ويبعدها وايلاف الألم والمحن يميتنا فنصبح ارواحا معلقة بالمنتصف يتساوى لدينا الحزن والفرح، نعتاد الألم ويعتادنا، نصاحبه ويصادقنا ويصبح وجوده أساسيا.

اعتادت هي أن تكن فرحتها ناقصه واعتادت ان تحرم ممن تحب، لذا عندما فقدت حليمة لم تبد ردة فعل بل اختارت الهروب وعندما علمت بهروب ميادة كان هدوئها هو الجواب الوحيد لديها، ظلت صامته صامدة تنظر الى الفراغ وكأنها تبحث عن راحة قد سلبت منها وقد تأتيها مرة أخرى...
بينما كان فهد يهفو الى صراخها الى انهيارها ينبغي عليها ان تعاتبه تخاطبه تلومه والأفضل ان تقتله بيدها فتريحه من عذابه وتريح قلبها.

اقترب منها فنظرت اليه بعيون غارقة وسط أمواج الغدر وكأنها تسأله كيف تذبح بيديك من تدعي حبه، كان يرجوها بعينيه ان ترحمه من صمتها الذي يجلده لكنها أبت ان تعطيه رحمة لا يستحقها، استدار هاربا لكنها تحدثت بثبات قائلة
هتجول ايه لسلمان يافهد، هتجوله ايه عن أمانته..؟
تعرف اني مزعلناش على ميادة، هيصيبها ايه اكتر من اللي صاب اختها، هيجتلوها كيه حليمة يمكن الموت هيكون أهون لما ياچي على يد الغريب...

لاحظت الممرضة التي دلفت إلى الغرفة ملامح نوارة المتألمة فاقتربت منها بحذر لتهتف قائلة، دي شكلها ولادة اتفضل يا استاذ اخرج واحنا هنتصرف.

بعض الذنوب لا يغفرها البشر مهما طالت السنوات ومهما تغيرت النفوس وفهد كان على يقين ان نوارة لم ولن تسامحه، علم انها وضعت ولدا أخر واسمته سلمان ولم يعترض بل اعتبره نوع من العقاب سيظل اسم سلمان مقترنا باسمه يذكره بخيانته لذكرى شقيقه يذكره انه قد نسى وسط الزحام ابنتيه اللتان دفعتا حياتهما ثمنا لجموحه وتملكه الأعمى، سيبقى اسم سلمان ليذكره أن القلب لا يسمح بالدخول الا لمن يستحق ومن المؤكد ان قلب نوارة كان على يقين بذلك...

تذكر بثينه، أحس بالندم من أجلها ربما تلك اللعنة التي أصابته كانت بسبب ظلمه لها، أخذ عهدا على نفسه أن يعوضها علها تسامحه سوف يذهب اليها معتذرا سيخيرها بين البقاء او اطلاق سراحها
لم يتردد كثيرا بل أسرع اليها عله يفعل خيرا بعد تلك الفوضى التي سببها للجميع
تجمدت قدماه أمام باب غرفتها عندما استمع اليها تعاتب شقيقتها وتلومها قائلة:.

لو خابرة ان فهد بعد اللي عملته هيفضل يحبها لا كنت سحرتلها ولا عملت حاچة واصل
اني كان جصدي بس يهملها ويحبني كيه ما بحبه، دلوك لا هيحبني ولا هيحب حد واصل بعد ما اتسبب في موت بت سلمان، واني حاسه بالذنب جوي نوارة مهتتحملش اللي حوصل لبناتها
رضا: وااه واحنا عملنا ايه؟

بثينه: يا رضا فهد ماعملش اكده غير لما لجى نوارة كرهاه ومطيجاش تشوفه وكله من تحت راسك جولتلك اعمل لفهد بالمحبة جولتي لاه نعملوا العمل لنوارة بالكره...
ورغم انه احس بالندم يتوغل إلى قلبه اكثر واكثر الا انه احس بسعادة طفل صغير تاه عن دربه وسط الظلام ثم عاد إلى النور ووجد ضالته مجددا..

نوارة لم تكن كارهه له لم تنفر من قربه لم تكن تدعى الحب بل بدأت بالفعل تتقبله وتحبه وهو لم يصبر لم يقدر بل اتخذ قراره بإعدامها ونفذ قراره بعنجهية وتكبر، وآن الأوان ان يدفع الثمن..
فتح باب الغرفة فأصاب بثينه الهلع وكذا شقيقتها، كانت نظراته اليها كارهه حاقدة، لكنه لم يتحدث سوى بكلمة واحدة..

طالج، طلقها الى الأبد اراحها واراح نفسه من علاقة طفيلية بدأت بنوارة وانتهت بها، تزوجها كي يقهر نوارة فقهرته هي وانتهت المعركة بخسارة الجميع...
تناولت سهيلة طعامها وهي تتمتم بكلمات مبهمة تعبر عن غيظها من مصطفي ويزيد اللذان توقفا عن تناول الطعام واكتفيا بالضحك بصخب على ملامح سهيلة الغاضبة
نظرت سهيلة الى مصطفى قائلة:
انت اصلا غلس ومش هخرج معاكم تاني
يزيد بحب: طب وانا ذنبي ايه.

سهيلة: ذنبك انك بتضحك عليا معاه
يزيد بصدق: انا بقالي سنين محروم من الضحك، من الفرحة محروم من اي حاجة تحببني في الدنيا. بس زي ما كنتي سبب في حرماني من شغفي بالحياة وجودك رجعلي كل اللي فات...
احمرت وجنتاها خجلا واعترض قلبها رفضا لما يقول وتحدث عقلها اليها محذرا لكنك عندما تجد من يعشقك دون شروط ودون أسباب تتناسي ما يقوله عقلك وما يطالب به قلبك بل تصبح مسلوب الارادة راغبا بسماع المزيد.

تحدث مصطفي بدلا منها قائلا:
لم نفسك يابني قاعد معاك انا خيال مآته ولا ايه؟
يزيد: وانت هتعترض على ايه، ده انت عارف اني بحبها من قبل ما أعرف انا...
مصطفي بابتسامه كسيرة على حاله وحال سهيلة:
عارف وكل شئ نصيب، المهم دلوقتي هتسافري معانا ونصفي كل حاجة هنا ولا هتفضلي منتظرة الروح الشريرة اللي ربطاكي بالصعيد؟
لم تجبه سهيلة بعدما استوقفها رنين هاتفها.

استمعت بهدوء إلى ما يقوله الطرف الأخر بينما نظر اليها يزيد ومصطفي بترقب
سهيلة: انا لازم اسافر الصعيد دلوقتي
مصطفي: بلاش تهريج يا سهيلة واسمعي الكلام خلينا نسافر ونبعد عن هنا
نظرت اليه بعيون دامعه وتحدثت برجاء اليهما:
علشان خاطري نسافر دلوقتي وبعد كده هعمل اللي يعجبكم
توجهت جميلة بخطوات خجلة متخاذلة نحو بيت ابراهيم والد نوارة تسعى إلى رؤية نوارة وحفيديها لكنها تعلم ان المواجهة لن تكن هينه.

استقبلتها بهية بحزن واشاح ابراهيم بوجهه بعيدا عنها
تحدثت هي:
مرايدش تشوفني يا حاچ ابراهيم، ابخاطرك، وعذراك ياخوي بس اني مكنش بيدي حاچة اعملها..
ابراهيم: لاه كان بيدك كتير يام سلمان كان بيدك تهملي بتي تربي بناتها وتعيش بعيد عن حجدكم وكرهكم بس نجول ايه؟ اني كمان غصبتها لاچل الناس متجولش عايشة عازبه واها ضيعت بناتها التنين وبتي هتضيع هي التانية..
جميلة: ربنا عالم بحالي وعالم ان نيتي كانت خير.

بهية: اجعدي يام سلمان شكلك تعبانه
جميلة: بستسمحك اطل على نوارة وسلمان
ابتسمت بهية بحزن:
نوارة نايمة ومرضياش تجوم واصل كان اللي راحوا هيرچعوا في المنام وسلمان في جاعتي اني وچده بينام چارنا يمكن نجدروا نحميه من الدنيا وغدرها..
التفت ثلاثتهم على خطوات فهد الذي بدا وكأنه عائد من حرب ضارية، ملابسه وهيأته مهلهلة، نظرات ضائعة يبحث عنها ولم يجدها.

نظرت اليه والدته وكأنه تسأله كيف يجرؤ إلى القدوم إلى هنا بينما ضربت بهية فوق صدرها بخوف قائلة:
چاي ليه اهنيه يافهد، رايد ايه تاني؟
فهد: رايد مرتي، كيف تخرج من المستشفي من غير ما اعرف؟
ابراهيم: ملكش صالح ببتي تاني يابن السياف، ولا رايد تخلص عليها كيه بناتها
ابتلع فهد ريقه بخجل وندم قائلا:.

اني عارف اني ظلمتها وظلمت بنات خوي بس غصب عني، بثينه عملت سحر لنوارة تكرهها فيا واني متحملتش، مجدرتش اتحمل والله ما كان في نيتي ولا عمري أذيت حليمة وميادة، اني كنت بخاف عليهم من الهوا بس..
ابراهيم: بس ايه، كنت بتنتجم من بتي بتأدبها، رايد تكسر ضهرها، منك لله، منك لله ده انت لو غريب مكانش هيهون عليك تعمل اكده..!
فهد بانكسار: بزياداك ياعم ابراهيم اني خابر زين اني غلطان.

اجابته نواره بهدوء اصابهم جميعا بالصدمة:
لاه انت جاتل يافهد، جاتل
جتلتني وضيعت بناتي، حرمتني من ريحة سلمان، في الاول بعدتني عن البيت اللي اتچوزته فيه وجولت حجك راچل وغيران، كنت هتلومني على حبي ليه واني صدجتك وجولت اكيد اني غلطانه ومحجوجة لچوزي ومهما كان ميصوحش اخونك وافكر في اللي راح، كنت مفكراك هتحبني اتاريك بتحب حالك ورايد سلمان يختفي..

كيف سلمان يتحب وانت لاه، كيف نوارة تعيش وفيه لحبيبها وترفضك لازمن تحبك ولو بالغصب لازمن تخلص من حليمة بت ابوها بصحيح، عفريته اللي كان بيطاردك ولازمن تبعده صح ولا لاه!
مرتك سحرتلي لاچل اكرهك، كيف واني كرهاك من الاول، كرهاك يافهد وعمري ما حبيت ولا هحب غير سلمان وبس، خابر ليه؟
لأنه كان راچل، راچل صعب واحد زيك ياخد مكانه.

فهد: نوارة اني خابر انك كرهاني دلوك بس والله العظيم كلامك ديه مهواش حجيجه اني كنت بعند معاكي و...
نوارة: طلجني واطلع من اهنه مريداش اشوفك تاني
فهد: لاه، طلاج لاه، اني طلجت بثينه وزعطتها على دارهم
نوارة: واني الموت عندي اهون من چوازي منك
فهد: اني هعملك كل اللي تطلبيه الا الطلاج
نوارة وكأنها استعدت مسبقا لرفضه.

بشوجك، بس لو مطلجتنيش هعيش اهنه في دار ابوي مع ولادي وملكش صالح بينا واصل لو جربت مني او من ولادي هروح المحكمة وارفع عليك جضية وافضحك في النچع كلياتها ياولد السياف...
فهد بترجي: خليكي اهنه بس متحرمنيش من ولادي
نوارة: كيه ما حرمتني من بناتي هحرمك منيهم..

ابتعد فهد وكأن كلماتها أمر واجب النفاذ لم يتحدث ولم يعترض بل سيتقبل عقابها، ربما هي محقة فيما قالته ان كان حقا يحبها لما أذاها وربما هي مخطئة فهو لم يحبها مطلقا بل صار مهووسا متيما أنانيا ارادها له وحده فأضاعها وضيع ارواح عدة..

حماد لم يكن القاتل لحليمة بل كان مجرد أداة استخدمها هو لتنفيذ المهمه، شهيرة ليست مخطئة بل هو المخطئ الأساسي، كان يعلم مسبقا ان غيرتها وحقدها على نوارة ماهي إلى رمال ناعمة بأسفلها بحور من نيران حارقة ومع ذلك القى بنفسه اليها فاحترق قلبه قبل الجميع
لن يقرب نوارة مرة ثانيه، لن تسامحه مهما فعل، ستحرمه منها إلى الأبد وسيحرم من ولديه..
عليه الأن ان يبحث عن ميادة مهما كلفه الأمر، ينبغي ان يجد حماد..

كان نعمان واقفا امام شقيقته لا يصدق ما تقول، رفع يده عاليا وصفعها بقسوة قائلا:
خربت بيتك يا ملكومة، فهد من تحت راسك خسر مرته وولاده وبنات سلمان الله يرحمه كمان..
الله ينتجم منك ياشيخه حريم عاوزة الحرج بصحيح
وجهه نظراته إلى شهيرة قائلا:.

جومي انتي التانيه، لمي خلچاتك وعلى دار ابوكي اني خلاص مرايدش اشوف خلجتك اهنه الله يجطعك كانت چوازتك شوم من الاول وانتي اللي لعبتي في راسي وجولتيلي نچوزوا بثينه لفهد، بس اني مهستناش لامن تخربي الدار اهنه كمان..
شهيرة بغضب: وااه، هتطردني من الچنة اياك، فيتهالك مخضرة بس هاخد بتي معاي
نعمان: خدك عزرائيل، بتي مهتطلعش من داري
شهيرة: ومين هيربيها مرتك الحرباية اياك.

نعمان: اهي ارحم منك ومن جلبك الاسود يلا غوري من اهنه متخلنيش اكسر دماغك جبل ما تطلعي...

لم تهتم شهيرة لما قاله بل نظرت بكره وتوعد ناحية ضرتها واقتربت منها تنوي الفتك بها الا ان نعمان باغتها بعدة صفعات تعبر عن ضيقه منها ومن حقدها ولم يتركها بل امسكها من خصلات شعرها ملقيا بها امام المنزل مغلقا خلفها الباب متمنيا لو تغلق من حياته تلك الصفحة نهائيا فيبدو أن تجبره على زوجاته اللاتي سبقن شهيرة لم يذهب هباءا بل رزقه الله بها لكي تكفر سيئاته وتجعله يندم على ما فعل من قبل.

بخطوات راكضة دلفت سهيلة إلى تلك الغرفة التي وضعت بها ميادة بعدما وصلت إلى مقر الدار وما ان دقت على الباب بيدها الصغيرة المتعبة حتى وقعت مغشيا عليها، حمل المسؤول عن ادارة المكان وفحصها الطبيب لكن احدا لم يستطع التحدث اليها فهي منذ أن افاقت لم تتوقف عن البكاء، بكاءا قويا ينفطر له القلب ويجعلك تبكى معها وعليها، لم يجد فهمي، ذلك الرجل الستيني الذي تثق به سهيلة إلى حد بعيد حلا سوى الاتصال بها واخبارها بما حدث..

نظرت سهيلة الى وجه ميادة بسعادة تشبه الجنون، تشعر ان ما عاشته بالسنوات الماضية كان كابوسا مرعبا وآن أوانه أن ينتهي، فها هي ترى أمامها ابنتها المتوفاة بهيئتها الجميلة، لم يتغير بها شيئا سوى ملابسها، نظرت اليها مرة وأخرى ثم هتفت بصوت يملؤه اليقين قائلة. :
كنت عارفة ياقلب مامي انك عايشة، كنت عارفه انك هترجعيلي.

نظرت اليها ميادة ولا تدري عما تتحدث تلك السيدة الواقفة أمامها وقبل أن تتحدث كانت سهيلة تختطفها بأحضانها المشتاقة اليها تقبلها بحب ورعب من فقدها ثانية..
بينما مصطفي يبكي خوفا على سهيلة فالشبه بين تلك الفتاة وجودي ابنة سهيلة لا يمكن تصديقه، فصور جودي التي تحتفظ بها سهيلة بكل مكان في بيتها ماهي الا تطابق لتلك الواقفة امامهم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة