قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الأول

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الأول

رواية أمواج قاتلة الجزء الأول للكاتبة نداء علي الفصل الأول

تدور احداث قصتنا في صعيد مصر قبل ثلاثين عاماً مضت تقريباً؛ وصعيدنا يتميز بأصالته وشموخه برجاله الأقوياء وعاداته العتيدة؛ جوده ووفاء أهله جزء أصيل من تكوينه
مناخه القاسي يشبه إلى حد بعيد بعض البشر الذين نشأوا على ارضه، وهيبته اكتسبها الجميع.

ولا تخلو دنيانا من الحلو الذي يعكر صفوه بعض المر، بها الخير والكثير من الشر، لذا فقصتنا بها الكثير من الشخصيات والاحداث المتباينه..

استمعت نوارة إلى صوت زغاريد تتعالى بالجوار
تثاءبت بكسل ناظرة حولها محاولة معرفة مصدر الصوت لكنها غفت مرة ثانية لتقفز واقفه عندما اقتربت والدتها قائلة
جومي يابت يانوارة جومي يا حزينة، بوكي سبجك عالغيط ومستنيكي بالوكل
نوارة بتأفف: يامه حرام عليكي أني منمتش طول الليل من الحر..
بهية: عارفة ياجلب امك بس هنعمل ايه عاد، بوكي ميجدرش يرچع يتغدى ويعاود عالأرض، ومفيش غيرك انتي ياحبيبتي.

نَوارة: ولا يهمك أني هروح اها
بهية: لاه تعالي اشربيلك كوباية شاي وحبايتين فايش تغيري ريجك بيهم
قبلت نوارة يد والدتها قائلة: تسلميلي يامه، حاضر
حملت فوق رأسها ما جهزته والدتها من طعام لوالدها وتوجهت قاصده وجهتها تراقبها عيون الشباب باعجاب وتتمنى الفتيات لو حظينا بحظها من الجمال والقبول.

وكعادتها تسرع بخطواتها كما رباها والدها، فهي ابنته الوحيدة رباها مدلله ولكن خوفه عليها جعله يبالغ في حمايتها فلم يسمح لها أن تختلط مع أحد تقدم لها الكثيرين ولكنها ترفض ورغم رغبة والديها في تزويجها الا أنهما تركا لها حرية الاختيار على عكس الكثير من فتيات قريتها اللائي يزوجن دون أخذ رأيهن...

توقفت نوارة عندما استعمت إلى صوت الحاجة جميلة ( جارتها وسيدة ذات سيط واسع بين الجميع فهي ابنة أصول وحسب ونسب لا يخفى على أحد؛ الا أن الدنيا قد دارت بها قليلا فنالها الفقر بعد ان فقدت مالها بسبب بذخها الشديد الا أنها لم تفقد رونقها واعتزازها بنفسها، مازالت شديدة الجمال كما هي لا يضاهيها أخري في البهاء سوى قليلات ومن بينهن نوارة).

جميلة: صباخ الخير يا بت يانوارة، رايحة على فين؟
نوارة بخجل: رايحة الغيط لبوي يا خالة جميلة
جميلة: أمك في الدار
نوارة: أه ياخالة
جميلة: طيب، همي روحي لابوكي واني هروح لامك رايداها في كلمتين
تحركت نوارة خطوتان لكنها نظرت خلفها بفضول عند سماعها لصوت الزغاريد مرة أخري
ابتسمت جميلة قائلة: بتبصي على ايه يانوارة؟
نوارة: مين بيزغرط؟
جميلة: ده ولدي رجع من السفر وخواته البنات فرحانين بشوفته.

نوارة: حمدالله بسلامته ياخاله، انشالله الفرح دايماً بداركم
جميلةبنظرات ماكرة: انشالله ياچلبي وعن جريب
ابتعدت نوارة تسترجع برأسها هيأته التي كانت تخطف انفاسها؛ يا الله مضت خمس سنوات منذ ان سافر سلمان لم يعد خلالها إلى بلدته بل ظل بغربته، تعلم انه اضطر للسفر كي يؤمن له ولأهله شيئاً من عزهم الماضي، ترى هل مازال يتذكرها ويذكر حبه لها أم أن سفره قد غيره وربما تسللت أخرى إلى قلبه.

نهرت نوارة نفسها فهي لن تفكر به ثانية لقد تركها سنوات طوال كانت وقتها بالرابعة عشر من عمرها الا أن قلبها لم يمل مطلقاً لسواه...

عادت جميلة إلى داخل البيت فقابلها سلمان بلهفة قائلاً
ها يامه، جالتلك ايه وافچوا؟
جميلة ضاحكاً: چتك هنا يا سلمان، البت سحرالك اياك، واه
اجابت شهيرة بحقد قائلة: معلوم سحراله كيه ماهي ساحرة لرچالة النچع بالنفر كان مفيش غيرها حلوة عاد.

سلمان بضيق: ولازمته ايه الحديت الماسخ عالصبح ده عاد، ولا انتي لسه حطاها براسك اكمن عزيز كان رايد يتچوزها جبل ما يتچوزك.

شهيرة بغضب: مين اللي جلك كده؛ ده كدب
جميلة: لاه، خوكي مهيكدبش وعزيز الله يرحمه هو اللي چال وكمان چال انه كان مفكرها وچتها كبيرة ولما عرف انها لسه يدوب عشر سنين حس انها صغيرة چوي وجه اتچدملك.

شهيرة بحزن: الله يرحمه؛ اهو مات وسابني اني وعياله ملطشة للكل
احتضنها سلمان قائلاً بحنان
ماعاش ولا كان اللي يزعلك يا شهيرة، انتي وعيالك في عنيا واني مجصدش ازعلك بس اني رايد نوارة بالحلال بس لو انتي مرضياش بلاها الچوازة دي وهسافر تاني من الصبح ولا تضايجي حالك.

شهيرة مرغمة: اللي تشوفه اعمله ياسلمان ربنا يسعدك متزعلش مني الواد حماد هينجطني طالع براوي وكاره نفسه ومهيبطلش ضرب في اخوه.

سلمان: طولي بالك عليه الواد لسه صغير وأبوه الله يرحمه كان مچلعه بزيادة عاد
شهيرة: عندك حج، عزيز الله يرحمه مكانش بيجوله على حاچة لاه واصل ودلوجيت اني اللي شايله الهم لحالي.

جميلة: خلاص يابت منجصينش نكد عالصبح يا بومة، فزي جومي عاد، جبر يلمك حضري الفطور جبل بوكي ما يجوم.

شهيرة بتأفف: حاضر، يابوي عليكي يامه دايما جارشة ملحتي كاني بت چوزك
بحثت جميلة حولها عن شئ تقذفها به الا أن شهيرة هرولت مسرعة من امامها
ابتسم سلمان قائلاً
معلهش يامه، سيبيها تهون عن نفسها بكلمتين كفاية اللي هي فيه
جميلة: سيبك منيها هي طول عمرها لسانها كيه العجربة طالعها لستك الله يرحمها...
جولي يا ضي عيني بأذن الله رايد نحددوا الفرح جبل ولا بعد العيد
سلمان بخجل: جبل العيد لو وافچوا يامه يبقي زين چوي.

جميلة: تتهنى وتتسعد يابن بطني، بوك كلم عمك فواز ياخد مشورته وچاله انها زينة البنات وابوها راچل طول عمره في حاله وبعيد عن المشاكل.

سلمان: يامه انتي يعني تايهه عن نوارة دي متربية جدامنا وعارفين اهلها زين
جميلة: عارفه وابوك عارف بس لازمن نمشوا بالاصول وانت خابر ان عمك فواز هو الكبير وكلمته تمشي عالكل ولا سفرك هينسيك عوايدنا اياك.

سلمان: مجصدش يامه بس خوفت ميرداش بنوارة اكمن حالهم على كدهم
جميلة: انشف شوية يابن السياف ومتخافش جولتلك هچوزهالك يبجى خلاص
قبل سلمان يد والدته قائلاً: منحرمش منك واصل ياست الكل بس متتأخريش وطمني جلبي
جميلة: هجوم اها اني خابره انك مستعجل يا عريس.

اتكأت نوارة على جذع شجرة اتخذتها ملاذاً من حرارة الشمس الحارقة واغمضت عينيها تحاول تهدأت افكارها التي تهاجمها منذ أن علمت برجوعه
بحث عنها والدها بلهفة اقترب منها قائلاَ
نوارة، بت يانوارة انتي نعستي يابتي
نوارة: لاه يابوي بس الشمس ضربت نافوخي جولت اجعد في الضلة
ابراهيم: طب جومي خلينا نروح
نوارة: خلص شغلك واني جاعدة اها متخافش..
ابراهيم: خلصت اكده والشمس النهاردة حامية چوي مجدرش اتحملها أني كمان.

قامت نوارة بخفة وحملت عن والدها ما بيده ثم مدت يدها الاخري اليه قائلة
اتسند على يابوي
وضع ابراهيم يده بيدها داعياً لها الله بالستر والسعادة.

نظر فهد من نافذة القطار إلى اللافته التي تعلن عن قرب الوصول إلى المحطة التي يبتغيها، حمل على ظهره المخلة واستعد للنزول
تنفس بقوة وكأنه كان محروماً من الهواء منذ زمن وابتسم برضا فقد انتهت سنوات خدمته الشاقةبالعسكرية.

خطى فهد خارج محطة القطار لينظر حوله وما لبث ان ابتسم بسعادة وشئ من الدهشة عندما وجد شقيقه الغائب منذ سنوات بانتظاره
احتضنه سلمان بينما فهد مازال لم يفق من صدمته ليتحدث اليه سلمان مشاغباً اياه قائلة
وااه كانك نسيتني يا چطة انت
نظر اليه فهد قائلاً: اخيراً رچعت يا خوي، اتوحشتك چوي ياعريس الغبرة
قهقه سلمان قائلاً: كيفك يافهد، شكلك اتغير ياما ياولد أبوي.

فهد: الجيش ده كانه عالم تاني يا سلمان حاچة صعبة چوي، بس الحمد لله خلص على خير وليا نصيب احضر فرحك يا شجيج
سلمان: الحاچة چميلة محضرالك وليمة كبيرة هتعچبك
فهد: حلو الكلام، انت متعرفش احنا كنا بناكلوا ايه..
سلمان: عارف ياخوي انت نسيت اني سبجتك ولا ايه؟
فهد: لا منسيش، بس انت معاك تعليم عالي ودخلت ظابط يعني روجان عالاخر، لكن اني مسكين هبدوني 3 سنين بحالهم
سلمان: هنجول ايه انت اللي مرديتش تكمل علامك.

فهد مغيراً مجري الحديث: هم انت بس لحسن اني واجع من الچوع.

تعجبت نوارة كثيراً فمنذ أن دلفت هي ووالدها إلى البيت ووالدتها تجلس بعيداً هي ووالدها يتحدثان سوياً بأمر ما ويبدو أنه شيئاً هاماً
استمعت إلى والدها يقول بصوته الحنون
نوارة، لساتك صاحية ولا نعستي
نوارة: صاحية يا بوي
ابراهيم: تعالي يابتي رايد اتحدت وياكي اني وامك
اسرعت نوارة إلى والدها قائلة: نعم يامه، خير
صديقة بسعادة: خير وهنا انشالله
ابراهيم: جايلك عريس زين چوي..
نوارة: عريس..

بهية: وااه شوف البت يا ابراهيم بجت لون التفاح الامريكاني كيف..
ابتسم ابراهيم: طالعة چمر كيه امها
خجلت بهية وكأنها مازالت عذراء يغازلها أحدهم لتقهقه نوارة قائلة
يابوي ايه الحكاية، اخش اني جوة وتكملوا انتوا مغازلة
ابراهيم بجدية: اجعدي الاول واسمعيني، تعرفي الاستاذ سلمان ابن الحاج رأفت السياف
نوارة وقد توقف عقلها عن الاستيعاب وصار قلبها ينبض بجنون تحدثت بخفوت قائلة:
ماله ولد السياف؟

ابراهيم: امه الصبح طلبت يدك ورايدين الفرح يبجي جبل العيد، وابوه كلمني في صلاة العصر وجالوا چايين يوم الخميس يطلبوكي رسمي چولتي ايه؟

ظلت نوارة تنظر إلى ابيها وعقلها لا يصدق وقلبها يرقص فرحاً، لم ينسها سلمان، لقد صان العهد ومثلما وعدها أوفي بوعده، لم يتقدم للزواج بأخري تناسبه، ومن ترفض عريساً مثله، سلمان عنوان الرجولة والعقل، ابتسامته تشبه ضوء القمر في ليلة شديدة العتمة، اخلاقه تكفيه ويزيده اسم عائلته وشهادته التي لم يحظ بها الكثيرين
ظل الصمت حليفها إلى أن قال والدها: ها يابتي موافجة ولا لاه؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة