قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وخمسة عشر

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وخمسة عشر

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وخمسة عشر

دخل من باب العيادة المفتوح يضع نظاراته السوداء الكبيرة علها تخفي القليل من ملامح وجهه يخشي أن يراه أحد يعرفه في تلك الأثناء تحديدا، خطي لداخل العيادة من الجيد لا يوجد سوي رجل وامرأة والمساعدة الخاصة بقاسم تجلس على مكتب راقي من الزجاج أمامها حاسب محمول، توجه تركيزها الكامل فيه، اقترب من مكتبها يدق بأصابعه بخفة على الزجاج نظرت الفتاة له كانت على وشك أن تقول شيئا ليبادر هو قائلا في خمول:.

- أنا عندي ميعاد مع دكتور قاسم، خالد زيدان
حركت الفتاة رأسها بالإيجاب توجه انظارها صوب شاشة الحاسوب، لحظات ورفعت وجهها إليه تتمتم بابتسامة لبقة:
- ايوة فعلا، بس دكتور قاسم بيعتذر أنه مضطر يتأخر نص ساعة، ممكن حضرتك تستناه
تنهد زيدان ضجرا نصف ساعة كاملة قد يحدث فيها العجائب، لا يستبعد أن يجد العائلة كلها هنا الآن، نظر لساعة يده ليعاود النظر للفتاة يغمغم بهدوء:
- ينفع استناه في المكتب؟

بدت الفتاة مترددة لا تعرف أتوافق أم لا، حركت رأسها إيجابا بعد لحظات، تطمأن نفسها أن العيادة كاملة مزودة بكاميرات مراقبة، تحرك زيدان صوب غرفة قاسم دخل إليها ليغلق الباب خلفه، في تلك اللحظة تحديدا دخلت لينا سريعا إلى العيادة تنظر هنا وهناك تبحث بعينيها عنه أين هو، رأت سيارته بالأسفل بالطبع هنا، تحركت ناحية مكتب مساعدة قاسم تحادثها مبتسمة:
- هو دكتور قاسم جه، عندي ميعاد معاه بعد ساعة.

حركت الفتاة رأسها نفيا نظرت للينا تردف مبتسمة:
- لسه يا آنسة لينا، دكتور قاسم هيتأخر نص ساعة، ولسه في كشف قبل حضرتك كمان
إذا هو من سبقها، هو هنا ولكن أين، تعلقت عينيها بباب غرفة قاسم المغلقة، ربما هو في الداخل من يعرف عادت تنظر للفتاة من جديد تسألها مبتسمة:
- هو في حد جوه في مكتب دكتور قاسم.

نظرت المساعدة للينا للحظات قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب لتعاود لينا سؤالها عن هويتها فما كان من الفتاة الا وجهت انظارها للحاسب تحادث لينا بنبرة رتيبة هادئة:
- ما اقدرش اقول لحضرتك دي خصوصيات المرضي، دكتور قاسم يمنع دا تماما
زفرت لينا أنفاسها حانقة توجهت إلى أحد المقاعد تجلس عليها تنظر لباب الغرفة المغلق تتمني لو كانت عينيها تري خلف الابواب المغلقة ربما كانت تعرف أن كان هو حقا أم لا...

خلف الباب المغلق على مقعد أسود وثير من الجلد جلس زيدان عليه يخفي وجهه بين كفيه يزفر أنفاسه بعنف يشعر وكأن بركان من نار يشتعل داخله، قبضة عنيفة من جمر تعتصر صدره، يكرهها، لا يريد حتى أن يراها ولكن لما، لما ذلك الشعور القاسي بالذنب، ذنب لم يرتكبه ولكنه حقا يشعر وكأنه هو الجاني، تنهد حانقا من نفسه، يعود برأسه للخلف يستند إلى ظهر المقعد يتذكر ما قاله له خالد بالأمس.

Flash back
حين وصلت السيارة اخيرا، عينيه حقا كانت قد تعبت من محاولته لاختلاس النظرات إليها، لما لازال يقلق عليها بعد كل ما فعلت، ما إن اوقف السيارة نزل حسام يحمل شقيقته يصعد بها لغرفتها خلفهما لينا والدتهم، تنهد ينظر لها وهي تبتعد سيذهب مباشرة لغرفته يقضي ليلته فيها وفي الصباح سيغادر ما أن خطي للداخل سمع صوت خالد يحادثه:
- زيدان، حصلني على المكتب.

ماذا يريد خاله الآن، تحرك خلفه إلى غرفة المكتب يغلق الباب عليهم، جلس على المقعد المقابل لخالد، هما الإثنين والصمت ثالثهم، يجلس خالد أمام زيدان هادئا يتفحص قسمات وجهه بنظرات هادئة للحظات طويلة، في حين بدأت قسمات وجه زيدان تتشنج قليلا ذلك الأسلوب الذي يستخدمه خالد يعرفه زيدان جيدا، الهدوء المستفز للأعصاب، ذلك الهدوء الذي يجعل من يجلس أمامه فب حالة بشعة من التوتر لا يتوقع رد فعله القادم، حين طال الصمت من ناحية خالد حمحم زيدان يتمتم في هدوء:.

- في حاجة يا خالي
في هدوء تام حرك خالد رأسه بالإيجاب فقط إيماءة واحدة فقط، وزفرة قوية خرجت من بين شفتي يتمتم فجاءة دون مقدمات:
- مش ناوي تسامح ولدتك بقي، حالتها النفسية بشعة، اومال لو ما كنتش شغال في مكافحة المخدرات وبنشوف كل يوم بلاوي، ابن بيتقل أمه وأب بيقتل عياله، أمك ما كنتش واعية لأي بتحصل حواليها، افهم.

حرك زيدان رأسه نفيا بعنف، بدأ هدوءه يتراجع شيئا فشئ يحل مكانه الغضب، إحساس بشع بالقهر والألم يطحن صدره يفتت قلبه، كور قبضته يشد عليها بعنف، تسارعت أنفاسه، يشيح بوجهه بعيدا يتمتم بعنف:
- مش ذنبي، ما تطلبش مني اني اسامحها هي السبب هي اللي دخلته الأول في حياتنا، هي السبب في كل اللي حصلي، جاي بمنتهي البساطة تطلب مني اسامحها، لو على جثتي مش هيحصل
هب من مكانه فجاءة يود مغادرة المكان بأكمله.

حين سمع صوت خالد يأمره بأن يتوقف، توقف في منتصف الغرفة قرب الباب، يتنفس بعنف يطحن أسنانه بقوة، قام خالد يتوجه إليه وقف أمامه يمسك ذراعيه بين كفيه بقوة يحادثه منفعلا:.

- إنت عمرك ما كنت قاسي يا زيدان، ما تحاولش تعيش في شخصية مش بتاعتك، أنت لحد دلوقتي مستعد تسامح لينا بس بتكابر، دي أمك، غصب عنك أمك، لوجين اتظلمت زيها زيك، من أول يوم وهو بيحطلها الزفت دا في الأكل والعصير، رماها سنين في السجن بتتعذب من احساسها بالندم والقهر، لو أنت اتذيت زمان فربنا عوضك بعد كدة، انما هي عايشة عمرها كله في اذي سنين وسنين، من حقها عليك أنك تسامحها كفاية عند يا زيدان.

التفت برأسه ينظر لخالد الواقف أمامه، احمرت مقلتيه لا يعرف أهو الغضب أم محاولة يائسة لكبح دموع عينيه الحارقة، علت أنفاسه ليعلو صوته بعدها يصيح محتدا:.

- عند، أنت فاكر الموضوع عند، أنت سامع نفسك يا خالي، افرض معايا لو ما كنتش هربت وعرفت اوصلك، كنت هكمل في العذاب دا لحد أمتي، جوزها بعت واحد مجنون يغتصب طفل صغير، جوزها اللي هي دخلته حياتنا بإيديها، لو كنت فضلت في الوحل دا كنت اكيد اتجننت، كنت بقيت يا مريض، يا سفاح، مالهاش حل تالت، خليها تبعد عن حياتي ما تجيش دلوقتي تعيش في دور المظلومة صدقني أنا لو شوفتها بتموت قدام عينيا مش هيتهز فيا جفن، عن إذنك يا خالي أنا طالع أنام.

نزع ذراعيه من كفي خالد تاركا إياه ينظر في أثره في صدمة مما قال، في حين أخذ زيدان طريقه إلى غرفته، حين فتحها توجه مباشرة إلى شرفة غرفته يقف فيها يتنفس بعنف، يشعر بجسده يشتعل من الغضب والألم، هواء الليل العنيف لم يطفئ ولو قبس صغير من نيرانه المتأججة، لا يعرف لما حتى نظر ناحية شرفة غرفتها إلا أنه حين فعل رآها تجلس أرضا على أرضية الغرفة الرخامية الباردة، تنظر إلى الحديقة، تحركت رأسها تنظر إليه رأت نظرات عينيه الحزينة المعذبة، كان يتشاجر مع والده سمعت صوت شجارهما الحاد، نظرت له بتعاطف، وكأنها تحنو عليه بنظرة ضعيفة من عينيها، فلم يفعل شيئا سوي أنه ترك الشرفة وغادر من المنزل بأكمله يهرب بعيدا.

Back
فتح عينيه فجاءة على صوت هادئ رخيم يأتي من أمامه يتمتم:
- إنت نايم ولا إيه
فتح عينيه يتعدل في جلسته حين رأي قاسم يجلس أمامه يبتسم ابتسامة هادئة، كيف دخل ولم يشعر حتى به، ومنذ متي وهو هنا، ابتسم قاسم يجيب عن أسئلته التي لم يطرحها:
- واضح أنك متعمق جدا في التفكير لدرجة أنك ما سمعتنيش وأنا بفتح الباب، أنا بقالي عشر دقايق قاعد قدامك.

لم يبتسم فقط رفع كفيه يمسح وجهه، خلل أصابعه في خصلات شعره يزفر أنفاسه المختنقة، للحظات طويلة ظل صامتا وقاسم ينظر له في هدوء، مال زيدان بجذعه قليلا يستند بمرفقيه على كفيه تنهد يتمتم بحرقة:.

- مش قادر اسامحها، كل ما بشوفها بفتكر كل اللي حصل زمان، هي ما عملتش حاجة غير أنها اذتني، بحاول افتكر اي ذكرى حلوة بينا، ولو ذكري واحد تخلي قلبي يسامح مش لاقي، قبل موت والدي الله يرحمه كانت حياتي كلها معاه هو، كنت متعلق بيه أوي، بعد موته، كنت طفل مش فاهم يعني ايه موت، كنت بقعد كل يوم استناه على الكرسي اللي قدام باب الشقة زي ما كنت بعمل، بس ما كنش بيجي، ما كنتش فاهم ايه اللي بيحصل، كنت بشوفها دايما بتعيط وحزينة، وخداني على طول في حضنها تقولي أنت العوض بعده، لحد ما هو دخل حياتنا، ما بقتش بشوفها، شهور وأنا عايشة مع دادة في البيت وهي بتخرج الصبح وما بترجعش غير بليل وأنا نايم، لحد فجاءة ما لقيتها بتقولي دا هيبقي بابا، هي اللي باعتني، مش هقدر دلوقتي اسامح.

- طب انت جايلي ليه دلوقتي، تتمتم بها قاسم بصوت هادئ للغاية ليرفع زيدان وجهه المجهد ينظر لقاسم للحظات طويلة قبل أن يحرك رأسه بالنفي ابتسم يغمغم ساخرا:
- مش عارف، رغم كل اللي عملته فيا الا اني حاسس بالذنب، أنا مش عارف أنا ليه حاسس بالذنب وأنا المجني عليها منها، اعمل ايه عشان اخلص من الشعور دا، أنا مش هسامحها عمري ما هعمل كدة...

تحرك قاسم من مكانه متوجها ناحية مقعد بجوار فراش أسود اللون من الجلد الوثير ما يطلق بالمصطلح المعروف ( شيزلونج )، اشار لزيدان ليجلس عليه فحرك الأخير رأسه بالنفي، يتمتم محتدا:
- أنا مش مريض نفسي، أنا جاي عايز اجابة لسؤال واحد، أنا ليه عندي إحساس بالذنب ناحيتها بس، وما تحاولش تقولي والدتك وسامحها والكلام المحفوظ دا عشان مش هيحصل
ابتسم قاسم في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب ليفاجئه بسؤال لم يكن يتوقعه ابدا:.

- تفتكر لو والدك كان لسه عايش كان الوضع هيبقي عامل ازاي.

صمت زيدان ينظر لقاسم يعقد جبينه ماذا يقصد، وعن اي وضع يتحدث حياته بالطبع كانت ستتغير إلى الأفضل، كان على الأقل والده سيمنع ذلك الشيطان من اقتحام حياتهم من ايذائه من تخريب علاقته بوالدته، والدته!، هل كانت علاقته ستكون أفضل بوالدته حقا، لم يكن سيكرهها ولما كان سيفعل، إن كان يعيش في أسرة صغيرة سعيدة، لم يكن سيعتبر لينا زوجة خاله والدته قلبا وقالبا، ربما كان سيحب فتاة أخري غير لينا، لا هو قد تعلق بها منذ أن رآها طفلة، الكثير كان سيتغير فقط لو كان والده حيا، تنهد يزفر أنفاسه لا يجد ما يجيب به أو لكثرة الاجابة المتزاحمة في عقله لا يرغب في نطقها، حرك رأسه نفيا يتمتم بابتسامة ساخرة:.

- ما كنتش هتعذب من وأنا طفل صغير
- ليه مش قادر تتجاوز اللي حصل في طفولتك رغم أنه مر سنين، ابتسم قاسم ينطق جملته في هدوء مستفز للأعصاب
لتحتقن أنفاس زيدان يصيح محتدا:
- عشان اللي حصل ما يتنسيش مثلا
علت ابتسامة هادئة خبيثة شفتي قاسم، وضع ساقا فوق اخري يرفع حاجبيه في دهشة مصطنعة يتمتم ببراءة:.

- في مثل زمان بيقولك على قد الغلاوة بيكون الوجع، يعني لو والدتك مش غالية عندك ما كنش اللي حصل منها هيأثر فيك اوي كدة، كنت هتتجاوز الموضوع عادي، ولا أنا بيتهيئلي
احتدت عيني زيدان ليهب واقفا ينظر لقاسم نظرات حادة غاضبة في حين ابتسم قاسم في براءة يردف:.

- يعني كزيدان باشا الحديدي، مقدم الشرطة، الأول على دفعته أربع سنين، صاحب الأرقام في رياضيات كتير، حدث زي اللي حصل زمان ما يأثرش فيه، الا لو زي ما قولتلك على قد الغلاوة بيكون الوجع...
زفر زيدان أنفاسه حانقا ينظر لقاسم محتدا قبل أن يصيح فيه:
- أو يمكن على قد البشاعة بيكون الألم، اللي حص
قاطعه قاسم يقول بنبرة هادئة واثقة وهو ينظر لعينيه مباشرة:.

- اللي حصلك كله أنا عارفة، خالد حكالي من سنين كان خايف لتدخل في حالة نفسية، اللي حصلك أنت تجاوزته من سنين، لسه اللي مأثر فيك هي والدتك واللي حصل منها، زي ما قولتلك على قد الغلاوو بيكون الوجع يا زيدان
كم اراد في تلك اللحظة أن ينقض على ذلك الطبيب المستفز ويلكمه في وجهه حتى يتوقف عن الثرثرة، ولكن فقط كبر سن الرجل هو من منعه، تنفس حانقا ليتوجه إلى باب الغرفة يود فتحه حين سمع قاسم يغمغم مبتسما:.

- على فكرة لينا بنت خالك قاعدة برة لو مش عايزها تشوفك ممكن تخرج من الباب دا
التفت زيدان لقاسم ليراه يشير لباب جانبي، دون كلمة أخري توجه إليه خرج منه يصفع الباب خلفه، في حين ابتسم قاسم يحرك رأسه يتمتم ياسا:
- عنيد زي خاله...

قام قاسم توجه ناحية مكتبه يحادث مساعدته من الهاتف الصغير على سطح المكتب، لحظات تلاها صوت دقات ومقبض الباب يدور، دخلت لينا، لم تنظر ناحية قاسم حتى بل دارت بعينيها في المكان بالكامل تبحث عنه، توسعت عينيها في دهشة كانت على أتم يقين أنه هنا أين ذهب، الشئ الوحيد الذي يثبت حقا أنه كان هنا رائحة عطره التي لا تزال عالقة في الغرفة، اجفلت على صوت قاسم يحادثها:.

- لو ما عملتيش اللي قولتلك عليه واتصارحتي مع زيدان، لفي خدي فلوسك وروحي
تنهدت لينا حانقة تبتسم ساخرة دخلت إلى الغرفة تغلق الباب توجهت إلى المقعد المجاور لمكتب قاسم ذلك المقعد الذي كان يجلس عليه زيدان قبل قليل، ما إن جلست عليه شعرت به وكأنه لا يزال هنا حقا، تحركت برأسها ناحية قاسم تتمتم يأسة:.

- حاولت صدقني بس هو رافض تماما، مش حابب يتكلم معايا، بيعاملني برسيمة بشعة، شايف دايما اني ظلمته، ليه مش قادر يشوف أن أنا مظلومة زيي زيه، إن أنا كنت ضحية لعبة قذرة من شيطان
اقترب قاسم يستند بمرفقيه إلى سطح المكتب ابتسم يتمتم في هدوء قاسي:
- عارفة فين المشكلة، أنك متأكدة أنك مظلومة ودا حقيقي، بس مش راضية تعترفي أنك بردوا ظالمة
توسعت عيني لينا في دهشة اشارت بيدها إلى نفسها تتمتم مصعوقة:
- أنا؟!

ابتسم قاسم ساخرا يحرك رأسه إيجابا في هدوء تام، نهض من مكانه ليتحرك يجلس على المقعد المقابل لها يتمتم في هدوء تام:.

- خلينا تتناقش في موضوع أنتي بتهربي من الكلام فيه من ساعة ما بدأنا جلساتنا، أنا معاكي مظلومة وضحية لعبة كبيرة، لعبة بشعة، بس انتي في جزء في الحكاية دي ظالمة، خلينا نتخيل أن زيدان ما كنش اتجوزك هو الآن، وانتي عارفة بعد ما اتجوزتي انتي وزيدان، زيدان كان متاعب معايا يوم بيوم حالتك بالظبط، انتي كنتي عايشة جوا صندوق ازازا وبدون أي مكابرة زيدان هو السبب في خروجك منه، تخيلي بقي بحالتك النفسية دي كنتي اتجوزتي معاذ أو نائل، كان زمانك دلوقتي محجوزة في مستشفي نفسية بتعاني من بدايات جنون وهستريا وهلاوس.

تسارعت أنفاسها بعنف نعم هي تعرف ذلك، لما يعاود قاسم فتح دفاتر ذكريات جاهدت لاغلاقها، اغمضت عينيها تتمتم محتدة:
- عارفة كل دا...
عاد قاسم يبتسم من جديد ينظر لها في هدوء تام يكمل ما كان يكون:.

- بعد الحادثة اللي حصلتلك من زيدان، كنتي مجروحة منه، ودا حقك، اللي حصل مش هين، بس جرحك منه خلاكي دايما عايزة تجرحيه، كنتي بتدوسي على نقط ضعفه بكلامك وافعالك، عايزة تاخدي تارك منه زي ما اذاكي تأذيه، ودا اللي انتي عملتيه فعلا، اذيتيه، أنا بكلمك بصراحة، أنا لازم اكلمك بصراحة، أنتي اذيتيه وجدااا، أنا عارف أنك ندمانة وانكوا انتوا الإتنين ضحية لعبة، بس المشكلة أن على قد الغلاوة بيكون الوجع، لما حبيتي زيدان واتوجعتي منه كنتي عايزة بس توجعيه بنفس مقدار حبك ليه توجعيه، ما كنتيش عاملة حساب المستقبل، كنتي فاكرة لحد يوم كتب كتابك زي ما حكتيلي، أنه هيجي يخطفك من بينهم زي ما خالد عمل زمان مع لينا، لما ما حصلش دا عقلك صورلك أنه خلاص نسيكي، انتوا الإتنين محتاجين مصارحة حرة، إن شاء الله تصرخوا في وش بعض، ما تجليش تاني غير لما تكوني اتكلمتي معاه، اتفضلي.

تنهدت تزفر أنفاسها حائرة كلام قاسم صحيح ولكنها حقا كانت تكابر، خرجت من العيادة إلى أسفل حيث سيارتها، استقلتها وغادرت بينما كان يجلس هو بعيدا في سيارته لم يلمح سوي طيفها وهي تغادر.

في الحارة، تحديدا في الدكان الصغير التابع لمنيرة والذي يعمل فيه مراد، وقف مراد ينظر بابتسامة واسعة إلى ذلك الدكان الآخر الذي بات يبرق من نظافته بعد أن عمل فيه أياما، لم يذهب تعبه سدي، يفكر في جعل ذلك الجزء خاص بالاجبان والمخلل والالبان والبيض واللحم المجفف، سيحتاج إلى بعض المساعدة المالية، مِنْ مَنْ لا يعرف ولكنه سيتدبر الأمر، جلس على مقعد صغير أمام الدكان يحتسي كوب شاي من القهوة الصغيرة المقابلة له، حين وقعت عينيها تخرج من باب عمارتهم السكنية، وضع الكوب أرضا ليتحرك ناحيتها يسألها متعجبا:.

- أنتي رايحة فين
اخفضت رأسها تشد أصابعها حول محفظة النقود الصغيرة فئ يدها تتمتم بصوت خفيض مرتبك خجول:
- ههجيب طلبات من السوق، أنا سايبة ملك نايمة مع الست منيرة...

تنهد حائرا جزء بداخله يرفض نزولها، خوفا عليها من أن يضايقها أحدهم ولو بكلمة وجزء آخر يريدها الا تخشي احدا تتحرك تثبت لهم أنها لم تفعل شئ خاطي هي ليست الجانية، تركها واقفة مكانها ليتحرك ناحية الدكان جذب الباب الحديدي الخفيف من أعلي حتى المنتصف، ليتوجه إليها انتفضت فجاءة كمن لدغها عقرب حين شعرت بكف يده يمسك بكفها يحدثها متوترا:
- هاجي معاكي، عشان ما تشليش حاجات تقيلة هبقي اشيلها أنا.

ابتسمت مرتبكة تحرك رأسها بالإيجاب في لمحة خاطفة سارت جواره تشعر بالارتباك يرجف جسدها، تشعر بأن أنظار الجميع مسلطة عليهما، سارت معه إلى السوق الشعبي في منطقتهم وقفت عند بائع الطماطم تمسك بحقيبة بيضاء من البلاستيك تنتقي من بينهم الأفضل تضعها داخل الحقيبة ومراد يقف جوارها يراقب ما تفعل في صمت، لاحت على شفتيه ابتسامة حين تذكر قديما كان يذهب مع جدته وهي تنتقي الخضروات كان يحب الطماطم خضراء اللون التي لم تنضج بعد ويضعها في الحقيبة التي تنتقي فيها جدته فتصيح منيرة فيه:.

- بس يا موكوس يا اهبل بتنقي الطماطم الخضرا.

خرجت من بين شفتيه ضحكة ساخرة خفيفة لم يستطع إخفائها، ها هو يقف يراقب روحية، رأي مقعد من الخشب داخل المحل بعيد قليلا عنها، بعد مجهود اليوم يحتاج حقا للراحة قليلا توجه يجلس عليه ينتظرها إلى أن تنتهي، اخفض رأسه لأسفل يراقب سرب النمل وهو يحمل بقايا الحبوب الصغيرة ويختفي بها بين الشقوق، ليتسأل في نفسه هل حقا النمل راضي عن تلك الفتات التي يأخذها من بقايا البشر، وإن كانت الاجابة نعم إذا لما لا يرضي البشر!، خرج من شروده العميق على صوت شهقة قوية مفزوعة يعرف صاحبتها جيدا، هرول ناحيتها ليجدها تنظر هناك عينيها متسعة حتى آخرها وكأنها رأت الموت وجهها شاحب كالموتي، جسدها يرتجف بعنف وكأنها تصعق، عينيها مثبتة على نقطة واحدة فقط، توجه برأسه تلقائيا ناحية ما تنظر ليري رجل ضخم الجثة علامات الإجرام واضحة للغاية على قسمات وجهه المقززة، ينظر ناحية روحية بابتسامة خبيثة مقززة، ذلك الرجل الذي يخطو ناحيتهم يسير وكأنه الملك، هنا بدأت روحية تحرك رأسها تتمسك بملابس مراد بفزع تحاول الاحتماء به وهو الآن لا يفهم ما يحدث، فقط جملة واحدة أوضحت الحقيقة كاملة جملة بالكاد خرجت من بين شفتيها:.

- ااابعده عني، هيدبحني تاني، سيد، ابعده عني
الآن فقط فهم ذلك الجلنف من تجرأ واغتصب براءة زوجته قبل أن تكون، صرخت روحية بفزع حين اقترب الرجل منهم ليقبض مراد على يدها يمنعها من الهروب، الفزع كان كالموت ينهش جسدها خاصة وهي تسمع نبرة صوته التي لن تنساها ابدااا:
- هو أنت الشاري الجديد، بقولك ايه سيبها وخد عرقها، صدقيني هكيفك على الآخر بحتة بني هتعليلك مزاجك أووووي.

ابتسم مراد في هدوء تام ينظر لذلك الواقف أمامه، قبل أن يحرك رأسه موافقا ما يقول، أبعد روحية عنه قليلا ليراها قد فقدت وعيها من شدة الفزع، ارتجف نابضه قلقا ليسمع ضحكة خشنة قادمة من ذلك الرجل يتمتم ساخرا:
- يا عم ما تصدقش دا شغل اونطة، ها قولت ايه، خلينا اخدها وامشي.

والعجيب في الأمر أن لا أحد اهتم الجميع ينظر لهم نظرات استنكار واشمئزاز ولا أحد يعلق، تحرك مراد بروحية يضعها على المقعد يربت على وجهها بعنف كان لا يرغب في تلك اللحظة سوي في جعلها تستيقظ، حين فتحت عينيها شهقت من الفزع في حين ابتسم هو يحادثها بخفوت:
- ما تغمضيش عينيكي، أنا لسه هجبلك حقك
تحرك مراد للخارج يقف أمام ذلك الجلمود الضخم يبتسم تلك الابتسامة الخبيثة التي عرفها قديما يتمتم في مكر الثعالب:.

- نتفق بقي على السعر على ما تفوق أنا دافع كتير وحتة حشيش مش كفاية، زغلل عينيا، تعالا بس بعيد شوية عن الناس
ابتسم ذلك الرجل لتظهر أسنانه الصفراء المقززة يحرك رأسه بالإيجاب، تحرك بصحبة مراد ناحية محل لحام الحديد في أحد جانبي الشارع، اقترب مراد من صاحب المحل يصافحه مبتسما:
- ازيك يا عم صالح بقولك بالله عليك، ماسورة الماية عندنا في البيت اتكسرت عايز بس ماسورة جامدة وأنا هلحمها بمعرفتي...

ابتسم صالح يغمغم سريعا:
- عندي طلبك حاجة كدة ما يكسرهاش لا شاكوش ولا مربزة، ثواني اجبهالك
تحرك صالح لداخل المحل في حين عاد مراد ينظر للرجل يحادثه بابتسامة مقززة اجاد رسمها:
- ها اخلص هتدفع كام، عايز اروح اديك سامع مسورة الماية مكسورة ومبهدلة الدنيا
ابتسم الأخير في خبث يحك بأصباعيه السبابة والابهام ذقنه الحليق الذي تزينه ندبه قوية يتشدق مستمتعا:.

- عشان خاطر عيون الغزال هديك باكوين وحتة بني، ولا اقولك فرش كامل، بنت الايه تستاهل وأنت اكيد مجرب
ابتسم مراد في تقزز يحرك رأسه بالإيجاب عاد صالح بعد لحظات يمسك في يده ماسورة في طول ذراع تقريبا، أعطاها لمراد يسأله:
- شوف دي تنفع كدة، لو عايز اقصرهالك شوية
توسعت ابتسامة مراد ينظر لقطعة الحديد فئ يده يتشدق مستمتعا، عينيه تلمع بلهيب قاتم:
- زي الفل يا عم صالح هبعتلك الفلوس.

التفت برأسه ناحية ذلك الجلنف الواقف أمامه نظر للقطعة في يده على حين وقبل أن يعي أحد ما يحدث كان يهبط بها على صدر ذلك الواقف أمامه ضربه عنيفة جعلت الأخير يصرخ من الألم في حين تعالت الصيحات والهمهات من حوله، وقف مراد ينظر لذلك الملقي أرضا ليصرخ بعنف:
- ورحمة أمي اللي ما أعرف هي عايشة ولا ميتة لهدفعك تمن اللي عملته فيها غالي يا ابن ال...

امسك قطعة الحديد بكفيه، يهبط بها بعزم ما فيه من قوة على جسد الملقي أرضا يصرخ ويتلوي من الألم، يستجديه أن يرحمه، ومراد يصرخ فيه ينعته بأبشع أنواع السباب...

في حين كانت تقف روحية هناك تستند بيدها على الحائط تراقبه وهو يتلوي من الألم كما كانت هي، يصرخ ويتسغيث كما فعلت هي، لن ينجده أحد كما لن ينجدها، تعلقت عينيها بمراد وهو يصرخ فيه يديه تنزلان بعنف تقسم أنها تسمع صوت عظام ذلك القذر تتفت تحت وقعة ضرباته الغاضبة...
تطوع أحد المارة يصيح في مراد:
- خلاص يا مراد هتموته هو عمل ايه لكل دا.

نظر مراد للقائل بوجه أحمر يتصبب عرقا يلهث بعنف ينظر لجموع الناس ليصيح فيهم:
- اللي هيقرب مني هرقده جنبه
توجه مراد بعينيه إلى ذلك الملقي أرضا تخرج الدماء من وجهه جسده عبارة عن لوحة زرقاء، ليرفع قدمه يضع حذائه على صدره يزمجر بعنف غاضبا:
- كلب باعها لكلب، نهشتوا فيها وسيبتوها مرمية جثة، قدام كلاب ما بيرحموش ما يصدقوا ينهشوا في لحم الغلبان.

ركله بعنف في صدره لينظر للجمع أمامه باشمئزاز بصق أرضا يصيح متقززا:
- انتوا زيكوا زيوا ما فرقتوش عن الكلب اللي نهش لحمها حاجة...
توجه بانظاره ناحية روحية يصيح بعلو صوته:
- يشهد ربنا أن مراتي أشرف ست في الدنيا، وأنا مش خابيها ولا خايف من عارها زي ما بسمعكوا تقولوا، أنا هحط جزمتها في بوق اللي يتكلم عليها كلمة واحدة...

توجه مراد ناحية ذلك الملقي أرضا يجذبه بعنف ليوقفه على قدميه رغما عنه، صفعه بقوة، قبض على تلابيب ملابسه يجره خلفه بعنف إلى أن وصل به إلى محل الجزارة المنطقة بالكامل كانت تشاهد ما يفعل حتى المعلم زكريا صاحب محل الجزارة امسك مراد الخطاف الحديد الذي يعلق عليه الرجل قطع اللحم ينظر لزكريا:
- يستحمل دا يا معلم
- ايوة يا هندسة دا متين...
صاح في صبيانه يكمل ما يقول:
- ايدكوا معاه ياواد أنت وهو.

وما هي إلا لحظات وكان ذلك البرعي معلق بالكعس رأسه لأسفل وقدميه لأعلي ليتف حولهما سلاسل من حديد معلقة في خطاف على باب محل الجزار، اقترب مراد منه صفعه على وجهه يحادثه مبتسما فئ تشفي:
- شكلك حلو اوي وأنت متعلق زي الخروف كدة.

عند ذلك الحد وفاض به الغيظ بل ويزيد ظ وقف ذلك الشاب النحيل ينظر لما يفعل الرجل بسيده، خاف من التدخل في البداية ولكن لا يكفي ويزيد، اقترب منه وسط جموع الناس وعلى حين غرة كانت ماديته تعرف طريقها لصدر مراد، وسط صرخات الناس دوي صوت صافرات سيارة الشرطة!

بإذن الله تعالا في حفل توقيع في مكتبة إبداع بوك ستور في 10 شارع هدي شعراوي في وسط البلد جوار مطعم كوك دور بمناسبة انتهاء الطبعة الأولي وصدور الطبعة الثانية يوم الإثنين القادم الساعة 3 العصر.

لو جاي مترو انزل محطة محمد نجيب واخرج اتجاه هدي شعراوي هتمشي 100 متر هتلاقي وزارة الاوقاف في وشك خلي وزارة الاوقاف يمينك وادخل الشارع اللي في وشك واللي على ناصيته الشمال صيدلية العزبي هو دا شارع هدي شعراوي إبداع رقم 10 على الشمال قبل مطعم كوك دور
مستنياكوا يا عيلة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة