قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وثلاثة

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وثلاثة

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وثلاثة

هي حلقة مفرغة من البديات والنهايات، تبدأ حينما تظن أن كل شئ قد انتهي لا رجعة، تُفتح أبواب الماضي القريب بإرادتك كان أو رغما عنك، في الجونة تحديدا في المطعم حيث يجلس عثمان بصحبة سارين، التي تجلس متجمدة وكأن صاعقة حلت عليها هي فقط، تنظر لتلك التي تتمايل بجسدها على زوجها، والغريب في الأمر أن عثمان لم يبدئ اي رد فعل مهما كان لم يثور لم يغضب لم ينطق حتى بحرف، فقط ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه يبعد حين جلست ليلا على المقعد الفارغ جواره، هبت سارين واقفة تصفع بكفيها سطح الطاولة نظرت لهما في ذهول لتصيح محتدة:.

- ايه في إيه، أنتي ازاي تبوسيه وتقربي منه كدة وأنت إزاي ساكتلها...
مد عثمان كف يده يمسك بها كف يد سارين يحادثها مبتسما:
- اقعدي يا سارين واهدي وأنا هفهمك كل حاجة
حدجته بنظرة قاتلة قبل أن ترتمي بجسدها على المقعد تكاد تشتغل غضبا بينما لم تتغير إبتسامة عثمان ولو لثانية جل ما فعله أنه نظر لليلا ليعاود النظر لسارين يحادثها في هدوء تام:.

- بصي يا سارين احنا كبار وعاقلين بما فيه الكفاية، وانتي عارفة أن أنا بحبك...
صمت للحظات ليعاود النظر لليلا يكمل مبتسما:
- وبحب ليلا!

نطقها بهدوء تام وكأنها يخبرها أنهم ذاهبون لنزهة بالطائرة مثلا، جحظت حدقتيها في صدمة الجمت جسدها حاولت أن تنطق بحرف فلم تجد ما تقول وكأن أحدهم يمسك لسانها يمنعها من النطق بحرف واحد، جسدها يرتجف من عنف ما تلاقي ، أما عثمان فتحرك من جوار ليلا اقترب يجلس على المقعد المجاور لها لف ذراعه حول كتفيها يحادثها برفق:.

- سارين حبيبتي ما فيش داعي للي انتي عملاه دا، ليلا ما عندهاش اي اعتراض انها تكون الزوجة التانية، صدقيني لما تعرفي ليلا كويس هتحبيها بجد
توسعت عينيها في صدمة أحدهم جن بالطبع هي أم هو، هل ما يقوله طبيعي حقا يخبرها أنه يحب اخري وعلي وشك ويطلب منها أن تتقبل الأمر، ما زاد الطين بلة كما يقولون حين بدأت تلك الحية الحديث بنبرتها الناعمة السامة:.

-come on سارين، انتي عارفة أن عثمان بيحبني وكنا فعلا مخطوبين لولا الحادثة اللي حصلتله، بابي رفض تماما أني افضل معاه وخدني سافر غصب عني، بس دلوقتي أنا رجعتله، أنا وعثمان رجعنا نتكلم من يوم السبق، ورغم غيرتي الشديدة من حبه ليكي الا أني ما عنديش اي مشكلة انك تشاركيني حبه.

ها هي مجنونة اخرى كلامها لا يمت للعقل بصلة، تشعرها الآن انها هي الضحية وسارين هي الشريرة التي سرقت حبها منها يال السخرية، حين بات الظالم هو المظلوم تنقلب موازين الحكاية بالكامل، نظرت سارين ناحية عثمان نظرة اخيرة، نظرت طويلة تحمل مزيج مؤلم من العذاب والألم والقهر، نزعت يده من يدها لتتحرك من مكانها تترك لهم المكان بالكامل، تنهد عثمان يآسا نظر لليلا يتمتم مبتسما:.

- سارين صغيرة مع الوقت هتتقبل الوضع الجديد
ابتسمت ليلا في سعادة ظنا منها أن الأحمق قد سقط للمرة الثانية في شباكها الناعمة!

في الحارة تحديدا في منزل منيرة، مراد الذي كان لا يستيقظ سوي بعد الظهيرة بساعات بات يقفز من فراشه منذ شروق الشمس، يتوجه صوب دكانهم الصغير، يفتحه ينظف المكان، بات هو المسؤول عن الدكان بالكامل رافضا تدخل جدته في أي شئ، ابتسمت منيرة في سعادة تطل برأسها من خلال نافذة المنزل لتري مراد يقف في الدكان يعمل بجد، يأخذ بعض البضاعة يدخلها للمحل، يحاسب أحد الزبائن، مراد تغير كثيرا عن السابق، لم تظن يوما أنها ستظل حية لتري مراد الجديد هذا، أدهم في عمله، ومراد أيضا لا يوجد سواها هي والصغيرة ملك، أغلقت الشرفة تتوجه ناحية فراش الصغيرة الذي اشتراه أدهم هدية لها، حركته برفق لتدوي ضحكات الصغيرة، ابتسمت لها بحنو تحادثها:.

- حبيبة تيتا منيرة أنتي، بس تيتا منيرة مش هتعشلك على طول يا ملك، لو بس الحال ينصلح بين روحية ومراد، روحية حنينة أوي وأنا عارفة انها هتحبك زي بنتها بالظبط
قاطع حاديثها مع الصغيرة صوت دقات على باب المنزل، توجهت سريعا تفتح الباب لتجد روحية تقف أمامها مباشرة، ابتسمت لها تجذبها للداخل:
- تعالي ما فيش غير ملوكة.

ابتسمت روحية رغم حزنها العميق، توجهت ناحية فراش الصغيرة مباشرة تحملها بين ذراعيها بحنو، جلست بها على أحد الارائك جوار منيرة، نظرت منيرة لهم تبتسم في سعادة، صورة جميلة لا ترغب في أن تتلاشي أبدا، تبدلت ابتسامتها بأخري عابثة حين تشدقت مبتسمة:
- بس ما قولتليش أي رأيك في اللي مراد عمله في الستات اللي لسنوا عليكي، دا مسح بكرامتهم الحتة كلها، دلوقتي ما حدش يقدر يفتح بوقه ويقولك تلت التلاتة كام.

ارتسمت ابتسامة بائسة على شفتي روحية، الأمر برمته لم يعد يعينها صحيح أن ما فعله مراد قبل أن أيام يُحسب له ولكن رصيده السئ عندها يفوق بكثير موقف واحد جيد فعله لأجلها، رفعت وجهها تنظر لمنيرة التي تجلس أمامها مباشرة تنهدت تتمتم في خمول حزين:.

- انتي شايفة أن عمله دا صح، لما يقول بالكذب اني مراته يبقي صح، هو آه دافع عني مرة بس الوحش اللي عملهولي اكتر بكتير، مراد كان بيستغل ضعفي كان يفرض قوته عليا، أنا مش عارفة اعمل ايه تعبت والله تعبت، لما بحاول امشي في حياتي خطوة واحدة لقدام، بيرجعوني ألف خطوة لورا، واضح أن محكوم عليا اني اعيش طول عمري استخبي من الناس على ذنب ماليش ذنب فيه.

صاحب حديثها قطرات دموعها التي غزت وجنتيها الوردية الشاحبة أغمضت عينيها شهقة ضعيفة خرجت من بين شفتيها، تلقائيا ضمت الصغيرة لصدرها لا تعرف لما ولكنها أرادت أن تحتمي ببرائتها مما فعله بها العالم...

لم تكن تدري أنه يقف خلف الباب الشبه مغلق يستمع إلي كل حرف خرج من بين شفتيها، هل يخبرها بما فعل الآن، من الأفضل الطرق على الحديد وهو ساخن، دفع الباب بتروي ما أن لمحته يدخل من باب المنزل انتفضت واقفة تعطي الصغيرة لمنيرة كما اعتادت، تهرب ما أن تراه، تحركت لتغادر ليقف هو يمنعها من فعل ذلك، توسعت عينيها في هلع تنظر له مذعورة، ليتنهد هو حزينا على حالها حمحم بخفة يحادثها:.

- استني يا روحية عايز اتكلم معاكي كلمتين...
منيرة ادي ملك لروحية وحضرلينا الفطار
تقدمت منيرة تودع الصغيرة بين يدي روحية تتحرك ناحية مراد لكزته بمرفقها في ذراعه تغمغم ساخطة:
- نفسي مرة تقولي يا ستي ولا يا جدتي حتى زي أدهم، واد يا مراد على الله تزعلها، أنا بقولك اهو هتلاقيني جيالك بالشبشب.

ضحك مراد رغما عنه يحرك رأسه بالإيجاب سريعا، تحركت روحية بأرجل مرتجفة للخلف جلست على الأريكة بعيدا عنه ليجذب هو مقعد من الخشب لم يرد أن يقترب منها يكفي حالها المرتعد منه، ظل للحظات طويلة لا يجد ما يقوله، يختلس النزرات إليها ليعاود النظر أرضا تعبث يديه في علاقة المفاتيح متوترا، حمحم يتمتم بخفوت:
- هو انتي سيبتي شغلك ولا ايه ما بقتيش بتنزلي تروحيه
ارتسمت ابتسامة عذاب ساخرة على شفتيها تتمتم بهمس متهكم:.

- انزل وسط الناس في الشارع عشان اللي هيخاف يقول كلمة هيبص بقرف، هشوف في عينيهم اللي خايفين يقولوه، لاء معلش أنا عندي اموت من الجوع بكرامتي احسن.

شعر بالدماء تفور في عروقه شعر بمدي دناءة ما كان سيفعله بصبا والتي تعاني منه روحية الآن ألسنة المجمتع القاسية التي لا ترحم تترك الجاني وتجلد المجني عليه، وصل حقده على صديقه لدرجة بشعة كان سيدمر بها فتاة بريئة لا ذنب لها من الجيد أن ذلك لم يحدث، رغم كل ما حدث له ولكنه الآن فقط يمتن لما فعلوه، تحرك من مكانه يجلس على الأريكة بالقرب منها كثيرا نظرت له فزعة بينما حرك هو رأسه نفيا بعنف شديد يحادثها منفعلا بحرقة:.

- أنتي ما غلطتيش يا روحية، انتي مالكيش ذنب، ربنا أعلم أنك عمرك ما كنتي خاطية وإن اللي حصل دا كان غصب عنك، حتى أنا، يوم ما شيطاني ساقني ليكي، قاومتيني كان عندك تموتي ولا أنك تقعي تحت رحمة شيطان تاني، إنت المفروض تبقي فخورة بنفسك، وأنا ما كذبتش لما قولت أنك مراتي، لأنك فعلا مراتي على سنة الله ورسوله أنا رديتك لعصمتي يوم ما رجعت، وفي حاجة كمان أنا عملتها، هي من غير علمك بس صدقيني ما كنش قدامي حل تاني، كان لازم اطلع شهادة ميلاد لملك وأنا للأسف ما عييش قسيمة جواز غير بتاعتنا...

صمت للحظات ليمد يده في جيب سرواله يخرج ورقة مطوية فتحها يرفعها أمام عينيها لتشخص عينيها في صدمة تكمل سيل الصدمات التي تلقتها منه توا، اولاها كلامه الغريب مراد يريد منها أن تفتخر بذاتها، مراد! هو من يقول ذلك الكلام، والاسوء عادت لعصمته، هي لا تزال زوجته، واكتملت الحلقة حين رأت شهادة ميلاد الصغيرة باسمها، سجل ابنته الصغيرة باسمها باتت ابنتها هي ايضا كيف يفعل ذلك دون أن يخبرها، كيف تتحمل كل تلك الصدمات في آن واحد، آخر ما شعرت به هو يهرول ناحيتها يأخذ الفتاة سريعا من بين يديها وبعدها ذهبت في دوامة بعيدة سوداء لفتها بالكامل شعرت بجسدها يترنح ولكنها لم تسقط أرضا بل سقطت على صدره آخر ما سمعته كان دقات قلبه المتسارعة.

بعيدا في منزل بعيد، بعيد للغاية يقف هو خارج الغرفة، ينتظر بفارغ الصبر خروج الطبيب من الغرفة ليطمأنه على حالة والده، اقتربت زوجته منه تنظر له حزينة توجهت تقف جواره رفعت يدها تضعها على كتفها تربت عليه برفق ليلتفت برأسه لها أعطاها ابتسامة شاحبة ليعاود النظر امامه تشرد عينيه في الفراغ قلقا، تنهد ترانيا تحادثه برفق:.

- محمد هون على نفسك عمي هيبقي كويس، الحمد لله احنا كنا فين وبقينا فين، الدكتور هيطلع يطمنا.

دعي في نفسه كثيرا أن يمر الأمر حقا على خير، اغمض عينيه يتنهد قلقا منذ أشهر ووالده في حالة حرجة بسبب ارتفاع ضغط دمه المفاجئ مما سبب له جلطة، جعلته قعيد الفراش، ترك الدنيا بأكملها وجاء لمنزل والده ليعتني به بصحبة زوجته وابنه فراس، حالة والده ليست مستقرة إطلاقا، ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتيه يتذكر صديقه، خالد وهو يصيح فيه يوميا:.

- انشف يا محمد، أبوك هيبقي كويس، أنا متابع حالته مع الدكاترة، وما تقلقش أنا سادد مكانك في الشغل
اجفل من شروده على صوت الباب يُفتح هرول سريعا ناحية الطبيب يسأله متلهفا:
- طمني يا دكتور، حالته ايه دلوقتي
ابتسم الطبيب في هدوء يردف في جدية:
- لاء دلوقتي الحمد لله الحالة اتحسنت كتير عن الأول، نكمل بس على الأدوية دي، عشان الدنيا ما تبوظش مننا تاني.

حرك رأسه إيجابا سريعا التقط ورقة الأدوية من الطبيب يصيح بصوت عالي:
- فراس، مع الدكتور، وهات الدوا دا
اقترب شاب تقريبا في الثامنة عشر من عمره حرك رأسه إيجابا سريعا اخذ الورقة من والده يتحرك بصحبة الطبيب للخارج، ليندفع محمد ناحية الغرفة دخلها يغلق الباب عليهم لتبتسم رانيا في هدوء، انسحبت تتوجه ناحية المطبخ تعد الغداء لحماها العزيز.

دخل محمد إلي غرفته والده اقترب من فراشه مد يده سريعا يمسك كف أبيه يقبله عدة مرات، فتح رفعت عينيه بضعف شديد وشبح إبتسامة ارتسمت على شفتيه يغمغم بصوت ضعيف متهالك:
- رغم قسوتي عليك زمان يا محمد، الا أنك دايما بتجري عليا لو حصلي اي حاجة، ربنا يبارك في عمرك يا ابني، ويريحك من همي
ادمعت عيني تتساقط منها الدموع بغزارة وكأنه طفل صغير حرك رأسه نفيا بعنف يتمتم منفعلا:.

- ربنا يخليك ليا، إنت عمرك لا كنت ولا هتكون هم عليا، أنا مستعد أعيش خدام تحت رجليك بس إنت يفضل نفسك في الدنيا...
ابتسم رفعت في ضعف جذب يده من يد ولده يحاول بضعف جذب جسده ليعانقه، اقترب محمد يعانق أبيه ينفجر في البكاء بين أحضانه بينما يمسح رفعت على رأسه، تساقطت دموعه يغمغم في شوق:.

- نفسي اشوف اختك يا محمد، لوجين وحشتني أوي، «على» على الأقل بيجي كل يوم يطمن عليا، انما لوجين أنا بقالي سنين ما شوفتهاش
رفع محمد رأسه ينظر لوالده في هدوء يحرك رأسه إيجابا يحادثه مترفقا:
- هتشوفها، خالد بيدور عليها وقالي أنه قرب يوصلها...
ارتسمت ابتسامة حزينة متألمة على شفتي رفعت ينظر له متألما تساقطت دموعه يغمغم حزينا معذبا:.

- خالد!، تفتكر خالد سامحني على كل اللي عملته فيه زمان، شيطاني ساقني يا محمد، دايما خالد كان ابني اللي مخلفتوش، دايم واقف جنبك وأنت جنبه كنت بحس بالفخر وأنا شايفكوا انما شيطان الفلوس خلاني ااذيه بالشكل دا، قوله يسامحني يا محمد، أنا اذيته كتير أوي، قوله إن ربنا خدله حقه مني، وبقيت عاجز.

سالت دموع محمد فتح فمه يرغب في قول شيئا ما ولكن قاطعه دقات الباب، دقتين فقط وفُتح الباب ليظهر خالد من خلفه يبتسم لهم يحمل عدة حقائب بلاستيكية سوداء توجه ناحية صديقيه، قام محمد ما أن رآه ليدفع خالد إليه الحقائب يغمغم تعبا:
- شيل يا عم عني الأكياس قطعت نفسي.

قطب محمد جبينه متعجبا ينظر لما داخل الحقائب لتتوسع عينيه في اندهاش حين رآها تحتوي على فاكهة « التفاح والموز والبرتقال والعنب وبطيخة كبيرة الحجم » نظر لصديقه مدهوشا يتمتم في عجب:
- ايه يا خالد اللي أنت جايبه دا
نظر خالد لصديقه يبتسم يغمغم في ببراءة:
- والله دورت على برقوق ما لقيت، أنا عارفك بتحبه
خرجت ضحكات محمد رغما عنه، نظر خالد لمحمد ليحرك الأخير رأسه إيجابا حمحم يغمغم في مرح باهت:.

- هروح اغسل الفاكهة، مش عارف تجيب مانجا يا معفن، وبعدين لقيت برتقال فين في الصيف
ضحك خالد دون أن يرد لينسحب محمد من الغرفة يغلق الباب خلفه، اقترب خالد من فراش رفعت يجلس على المقعد بالقرب منه ابتسم في هدوء يحادثه:
- حمد لله على سلامتك يا خالي
انهارت دموع رفعت بعنف ما أن نطق كلمته الأخيرة يشهق في بكاء مرير يتوسله راجيا:.

- أنا آسف يا ابني حقك عليا، اذيتك واذيت مراتك، بجشع وانانية سببتلكوا وجع كبير، سامحني يا ابني وقول لمراتك تسامحني على اللي عملته، ما فضلش في عمري كتير، سامحني يا ابني ابوس إيدك
حاول رفعت أن يمسك كف خالد ليبعد الأخير يده سريعا، رفع يده يربت بها على كتف رفعت برفق لحظات صمت قبل أن يغمغم بهدوء:.

- مسامحك يا خالي، عشان خاطر ذكريات حلوة كتير عيشتها في بيتك، وعشان خاطر محمد، اللي من اول نفس في الدنيا لينا وهو واقف في ضهري، رامي عليه دايما همي، قوم أنت بس بالسلامة عشان خاطر محمد، هعدي عليك تاني، أنا بس مستعجل عندي شغل مهم، حمد لله على سلامتك.

تحرك يغادر الغرفة بأكملها ما أن فتح بابها رأي صديقه يقف خارجا، اندفع محمد ناحيته يعانقه بقوة ليبتسم خالد برفق يربت على رأسه كأنه طفل صغير، حين تمتم محمد ممتنا:
- شكرا يا خالد، حقيقي مش عارف اشكرك ازاي
ابتسم خالد في رفق يبعده صديقه قليلا قبض بكفيه على ذراعيه يحادثه متعجبا:.

- بتشكرني على ايه، هو مين المفروض يشكر التاني، يا ابني دا من كرم ربنا عليا وجودك في حياتي، خلي بالك من أبوك يا صاحبي، وأنا هجيلك تاني، وما تقلقش على الشغل كله تحت السيطرة
ابتسم محمد في هدوء يعانق صديقه ليودعه بعد قليل...

إلي منزل خالد السويسي، بعد أن انهي عمله وانهي زيارة صديقه عاد لمنزله حين وصل وجد سيارة شحن تقف خارجا والحرس يمنعون المندوب من الدخول، ترجل من سيارته يقترب منه يسألهم:
- ايه اللي بيحصل
التفت المندوب إليه يحادثه بنزق:
- يا افندم أنا بقالي ساعة وهما رافضين يستلموا الاوردر
نظر خالد للصندوق الذي يحمله الفتي ليعاود النظر إليه من جديد يسأله:
- مين اللي طلب الاوردر دا، باسم مين.

نظرى المندوب للورقة في يده ليعاود النظر لخالد يغمغم:
- الاوردر طلباه آنسة لينا خالد السويسي ومدفوع بالكريدت كارد، حتى التوصيل مدفوع، ممكن بقي حد يستلم مني الاوردر عشان لسه عندي طلبيات كتير.

حرك خالد رأسه بالإيجاب أخذ الطرد من المندوب يوقع له على إيصال الاستلام، ليأخذ الطرد يتوجه به للداخل، صحيح أن الشك يكاد يقتله أن يكن بداخله قنبلة او شيئا ما، حرك برفق ليتسمع إلي صوت بعض العلب الصغيرة ترتطم ببعضها بعضا، قرب اذنه منه لا يسمع صوت اي عداد لقنبلة، هو يعرف صوته جيدا، توجه للداخل ليجد لينا ابنته تشاهد التلفاز جوار حسام شقيقها، اقترب منها ينظر للينا يسألها:
- لينا أنتي طالبة اوردر.

توسعت عيني لينا في حماس، لتهب من مكانها سريعا تأخذ الطرد من والدها تغمغم في انتصار:
- ايوة يا بابا أنا طلباه كويس أنه ما اتاخرش
أخذت الطرد وصعدت تركض لأعلي، ليقطب خالد جبنيه مندهشا، قام حسام هو الآخر يأخذ طبق الفشار معه يغمغم مبتسما:
- أنا هروح اغير هدومي واحضر شنطتي زيدان قالي أنه قدامه ساعتين ويجي
قالها ليصعد إلي أعلي هو الآخر ليتهاوي خالد على الأريكة يصفع كف بأخر يغمغم ساخرا:.

- يا ولاد المجانين، دا أنا هقلبها عباسية
لحظات ودق هاتفه زفر حانقا يخرجه من جيب سترته لتتوسعه عينيه في تلهف فتح الخط سريعا يحادث الطرف الآخر بالإنجليزية:
- سام، توصلت إليها، نعم نعم، كم المبلغ، سأكون عندك في أسرع وقت ممكن، تصرف سام سأدفع النقود للبنك أن أرادوا، غدا على الأكثر سأكون أمامك، لن أتأخر.

أغلق الخط لينتفس بارتياح يمسح وجهه بكفي يده عثر عليها اخيرا شقيقه الحمقاء وجدها، لينا أخبرته مؤخرا بما فعله بها معتز ومن يومها وهو يبحث عنها في جميع، لا يعرف أيضع الذنب عليها ام على نفسه، لا يعرف حتى أهي جانية أم بريئة مجني عليها، مثل زيدان، وذلك المختل معتز اوقعها في شباك فخه، تنهد حائرا يعبث في هاتفه يحجز اقرب طائرة متجهة إلي لندن والتي لحسن حظه ستقلع بعد أربع ساعات، ولكن تبقي المشكلة، لينا ستسافر مع حسام وزيدان، لن يترك لينا بمفردها هنا، حتى وإن كانت زيارته قصيرة، ماذا سيفعل، رآها تقترب منه تحمل كوب قهوة وضعته أمامه تتمتم مبتسمة:.

- سمعت صوتك قولت اعملك قهوة أنا عارفة أنك بتبقي جاي مصدع
- لينا تسافري معايا لندن، يوم واحد بس بالكتير وهنرجع
نطقها هكذا فجاءة دون مقدمات لتتوسع عينيها في دهشة، رمشت بعينيها تنظر له مذهولة، ليبتسم هو يغمغم سريعا:
- يبقي موافقة هحجزلك تذكرة معايا
خالد مجنون ذلك شئ لم تعرفه توا، فعلها قبلا وفاجئها بسفرهم قبلهم بعدة دقائق، الآن على أقل تقدير يعطيها فرصة قليلة لضب حقائبهم...

مرت ساعتين تقريبا قبل أن ينزل حسام من أعلي يحمل حقيبة ملابسه في يده ومن خلفه لينا التي ما ان اقتربت منه القت الحقيبة عليه تغمغم ساخطة:
- ما تشيل عني الشنطة...
حدجها حسام بنظرة قاتلة مضحكة ليلقي الحقيبة على وجهها يغمغم ساخرا:
- وانتي اتشيليتي، لما تتشلي كدة يا حبيبتي هبقي اشيلك انتي والشنطة
- بس يا حمار أنت والبقرة اللي جنبك.

صاح فيهم خالد غاضبا، ابنه البكر الذي تجاوز الثلاثين وشقيقه التي تصغره ببضع أعوام يتصرفون وكأنهم أطفال في الصف الأول الابتدائي، اقترب خالد منهم بينما اطرق حسام ولينا رأسيهم أرضا وقف خالد أمامهم يعقد ذراعيه خلف ظهره يغمغم أمرا:.

- مش عايز مشاكل وتاخد بالك من اختك يا حسام، اهل زيدان ناس سم، لو حصل أي حاجة ولعوا فيهم، انا اللي بقولكوا ابتسم حسام في خبث ينظر لشقيقه لتقابله الأخيرة بنفس الابتسامة، وصل الطرد وستلاعبهم جيدا كيف يفعل محرك الدمي بعرائسه، ستنقم شر انتقام على لحظات الفزع التي وضعوها بداخلها قسرا، تحركوا للخارج بعد أن ودعهم خالد ولينا، هناك في سيارة يجلس زيدان وبجانبه تلك الحية الملونة، كم أرادت أن تنقض عليها وتغرز أظافرها في عنقها، تحركوا ناحية سيارة زيدان اقترب حسام من زيدان يغمغم:.

- نزل المزة عشان أنا هركب قدام
ضحك زيدان رغما عنه نظر لانجليكا يحادثها مبتسما:
- معلش يا انجيلكا حسام بيحب يركب قدام...
ابتسمت انجيلكا بلطف شديد لتتحرك من مكانها توجهت ناحية الأريكة الخلفية تجلس جوار لينا التي حدجتها بنظرة قاتلة ما أن جلست، فابتسمت انجليكا برقة شديدة..

ادار زيدان محرك السيارة يشق بها الطريق الي الصعيد، يقطع المسافة يتذكر مع كل ميل يخطوه للأمام، حين كانت تجلس جواره، في الطريق قبل أشهر، تبدل فيهم الحال، اجفل على صوت أنجيلكا تهتف برقة:
- زيدان أنا جآنة أوي
ابتسم لها في هدوء خاوي من المشاعر، يحرك رأسه إيجابا يحادثها:
- حاضر يا انجليكا في استراحة بعد عشر دقايق هنقف واطلبلك اكل.

ابتسم تشكره بالإنجليزية، بينما لينا كانت على وشك أن تسبها بكل لغات العالم أجمع، نظرت ناحية شقيقها تغمغم في غيظ:
- حسام أنا جعانة
رفع حسام حاجبه الأيسر ساخرا يغمغم متهكما:
- دا انتي واكلة سبع مرات قبل ما نيجي، جعانة إيه، تعالي كوليني
أحمر وجه لينا غضبا، بينما نظر حسام لزيدان يغمغم ساخرا:
- شايف الفرق بين الاجنبي والمصري، بتقولك جآنة أوي، كفاية بس كلمة جآنة، مش حسام أنا جعان، تسرعك كدة.

ضحك زيدان يشاركه حسام في الضحك، عند أول إستراحة وقفت سيارة زيدان نظر لانجيلكا يسألها:
- تحبي تاكلي ايه
اسبلت انجيلكا عينيها تتغمغم بلطف:
- على ذوآك
- يا عم جوزهالي يا عم مش شايف بتتكلم ازاي.

غمغم بها حسام منفعلا بطريقة مرحة مضحكة ليصدمه زيدان على رأسه برفق، نزل متوجها إلي الإستراحة غاب بضع دقائق ليعد ومعه اربع حقائب مغلفة اعطي واحدة لحسام وواحدة لانجيلكا، التفت برأسه ناحية لينا يمد يده لها بواحدة يغمغم مبتسما في هدوء:
- اتفضلي.

نظرت لوجهه وهو يبتسم تسرح حدقتيها بين قسماته، لتشعر بدقات قلبها تتضارب، قبضة مؤلمة تسحق روحها لما لم يعد ينظر لها كما كان يفعل، أين عشقها لما لم تعد تراه في عينيه، هل أحبت تلك الجالسة جوارها، ادمعت عينيها رغما عنها تشيح بوجهها بعيدا سريعا غمغمت بغصة مختنقة:
- شكرا مش جعانة
وضع الحقيبة جوارها على الأريكة الخلفية يغمغم بهدوء:
- على راحتك.

شخصت عينيها في دهشة هكذا ببساطة، عاد هو يدير محرك السيارة يشق الطريق من جديد الي منزل عمه، قرب سطوع الشمس وقفت سيارته في حديقة المنزل، نزل منها ليجد عمه وعمته يقفان في الحديقة اقتربت عمته إلهام من لينا سريعا تعانقه بود زائف تغمغم بترحاب مصطنع:
- اهلا اهلا بمرت الغالي، اتوحشناجي جوي جوي
شخصت عيني لينا في دهشة، لا زالوا يعتقدون أنها زوجته، زيدان لم يخبرهم انهم انفصلوا، ابتعدت عن عمته تغمغم في دهشة:.

- لاء مش
- مش قادرة تقفي أنا عارف بتتعبي من السفر يا حبيبتي
غمغم بها زيدان في هدوء تام لتنظر لينا إليه في دهشة، حجظت عينيها أكثر حين سأل عمه عن تلك الشقراء المقززة فاجابهم زيدان مبتسما:
- انجليكا خطيبة حسام اخو لينا مراتي!

ضحية
جلاد
جانية
مجني عليها
أخطأت وربما لم تفعل
بل فعلت.

سلمت حياتها لشيطان دمرها هي وصغيرها خسرت كل شئ والآن ها هي تأخذ عقابها على ما فعلت ملقاة في سجن داخل مصحة لمعالجة الإدمان صحيح انهم تخلصوا من ذلك السم ازالوه تماما من دمها الا انهم يبقون عليها هنا لتمام علاجها، ستبقي مسجونة إلي اجل غير مسمي وهي حقا تستحق ما فعلت يكفي أنها اضاعت صغيرها، كانت سبب عذابه الأول، لم تحمه من بطش شيطان اراد به سوء الانتقام، اجفلت من موج يلطمها بلا رحمة على صوت الممرضة تخبرها بأن هناك زيارة لها، زيارة من؟، لا أحد يعلم أنها هنا، التفتت برأسها للقادم لتشخص عينيها في ذهول للحظات لا تصدق ما تراه أمامها انهمرت دموعها، تغرق وجهها هو، هو هناك يقف أمامها، تحركت بخطوات ثقيلة تهرول ناحيته، ترتمي بجسدها بين ذراعيها تنوح في بكاء قاسي تردد اسمه بلا توقف:.

- خالد، خالد، أنت هنا صح، ابني يا خالد زيدان فين!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة