قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وثلاثة عشر

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وثلاثة عشر

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وثلاثة عشر

توسعت عيني عمر في فزع حين رأي ابنته تقف أمام الباب تحمل حقيبة ثياب في يدها، تتساقط الدموع تغرق وجهها لحظات وظهر خلفها عثمان الذي توسعت عينيه في دهشة حين رآها تبكي، لما تبكي من الأساس، امسك عمر يد ابنته يجذبها لداخل المنزل ليندفع كالسهم ناحية عثمان يقبض على تلابيب ملابسه يصيح فيه:
- عملت ايه في البنت، جايبلها بشنطة هدومها معيطة، اكيد عملت فيها كارثة، وربي يا عثمان لو كنت اذيتها لهقتلك.

نظر عثمان لسارين مدهوشا ليعاود النظر لعمر، رفع يديه يزيح يدي عمر عن ملابسه ابتسم يتمتم في بساطة:
- اهدي يا عمي أنا عاذرك لما أب يشوف بنته واقفة معيطة قدام باب بيته يبقي اكيد حصل مصيبة، بس الموضوع فيه سوء تفاهم.

ضيق عمر مقلتيه ينظر لعثمان في شك نظرات حادة تحمل وعيد قاتل أن كان مس ابنته بسوء، التفت عمر يدخل للمنزل ليدخل خلفه عثمان يغلق باب المنزل، توجه عمر ناحية ابنته يجذب يدها ناحية غرفة والدتها، نظر لعثمان ابتسم باصفرار يتمتم:
- استناني هنا...

ضحك عثمان يآسا الآن فقط عرف مين أين ورثت سارين جنونها، ارتمي بجسده على اقرب مقعد ليجد أمامه كوب عصير وصحن به بعض التسالي وجهاز التحكم الخاص بالتلفاز يبدو أن عمه العزيز كان على وشك مشاهدة فيلم ما، ابتسم يلتقط جهاز التحكم يبحث بين القنوات إلى أن وجد قديم يحبه، وضع جهاز التحكم مكانه ليتلقط كوب العصير وصحن التسالي يضجع بظهره إلى الأريكة يشاهد التلفاز.

في الداخل، ارتمت سارين بين أحضان تالا تبكي لتشهق تالا مفزوعة من حالها حاوطتها بذراعيها تتمتم فزعة:
- في ايه يا سارين، حصل ايه يا حبيبتي، ما تفهمني يا عمر
رفع الأخير كتفيه لأعلي بمعني أنا لا أعلم، بينما ظلت سارين تحرك رأسها نفيا بعنف مرة بعد أخري، اقترب عمر من ابنته يمسح على رأسها برفق يسألها جزعا:
- مالك يا سارين في ايه يا بنتي.

وهي فقط تحرك رأسها بالنفي، نظرت تالا لعمر لتمد يدها ناحيته تربت على كتفه تهمس له بصوت خفيض قلق:
- عمر، معلش اخرج برة، يمكن مكسوفة تتكلم قدامك.

شحب وجه عمر قلقا، هل يمكن أن يكون ذلك الفتي فعل شئ سيئا لتلك الدرجة التي تجعل ابنته تخجل من الحديث أمامه، اشتعلت نيران غضبه ليخرج من الغرفة اندفع غاضبا ناحية الخارج ليجد عثمان في حاله تلك يضجع على الاريكة يأكل التسالي يشرب العصير، يضحك على ما يحدث في الفيلم أمامه، اندفع عمر ناحيته يصيح محتدا:
- يا برودك يا اخي قاعد تاكل فشار وتضحك، انطق ياض عملت ايه في البت مخليها مكسوفة تتكلم قدامي.

ابتسم عثمان في هدوء تام ليعتدل في جلسته يضع ما في يده على الطاولة امامه ابتسم يغمغم ساخرا:
- ما يمكن ما فيش اصلا حاجة تتحكي، أنا نفسي ما اعرفش بنتك بتعيط ليه
ارتمي عمر على المقعد المجاور للاريكة التي يجلس عليها عثمان يصيح فيه:
- وشنطة هدومها، ما تعرفش عنها حاجة بردوا جايبلي البت معيطة بشنطة هدومها وتقولي ما عملتلهاش حاجة، اومال مين اللي عمل أمي.

ابتسم عثمان ساخرا ليتحرك من مكانه ناحية باب المنزل حيث وضع حقيبة سارين الاخري التقط الحقيبتين ليعود لعمر، وضع الحقائب على الطاولة امامه ابتسم يتمتم متهكما:.

- الشنطة دي فيها الفستان اللي سارين هتحضر بيه قراية فتحة أختها النهاردة، قالتلي عايزة ابات مع سارة النهاردة يا عثمان قولت ماشي، خدي معاكي بيجامة واحدة لانها ليلة واحدة والصبح بدري هاجي اخدك، وقفنا بالعربية قدام البيت نزلت هي الأول، وقالتلي عثمان هات الشنطة التانية فيها الجزمة وشنطة الميكب بتاعتي وهدية جيباها لسارة، قولتها حاضر ركنت العربية وجبت الشنطة وطلعت لقتيها بتعيط ليه ما اعرفش!

لانت قسمات وجه عمر قليلا يعقد ما بين حاجبيه إن كان ما يقوله عثمان صحيحا إذا لما ذلك البكاء العنيف من ناحية سارين هو حقا لا يفهم، عاد ينظر لعثمان يسأله:
- انتوا كنتوا متخانقين قبل ما تيجوا
حرك عثمان رأسه نفيا، صمت للحظات لينتهد حائرا يعاود تحريك رأسه بالإيجاب نظر لعمر يردف:
- سارين عيزاني أسيب السباقات وركوب الخيل، خايفة ليحصلي اللي حصل قبل كدة
بس أنا رفضت وهي من ساعتها مقموصة.

في تلك اللحظات خرجت سارين مندفعة من غرفة والدتها نظرت لعثمان تصيح غاضبة:
- حقي أخاف عليك بعد اللي حصل، وبعدين إنت طلبت مني أخد حبوب منع الحمل وأنا وافقت، زي ما وافقت على طلبك انت كمان وافق على طلبي
ليصيح عثمان هو الآخر بالمقابل:
- لا يا سارين انتي موافقتيش أنك تاخدي حبوب منع الحمل، انتي عملتيها ديل، لو أنا وافقت اني اسيب السباقات انتي كمان هتوافقي تاخدي حبوب منع الحمل.

- بسسس أنت وهي احترموا وجودي على الأقل
صاح بها عمر غاضبا ليسود الصمت بعدها، عثمان ينظر لسارين نظرة حزينة معاتبة، بينما الأخيرة تنظر أرضا تبكي في صمت، جذب عمر يد ابنته يجلسها جوار عثمان على الاريكة جذب هو أحد المقاعد ليصبح بالقرب منهم جلس يستند بمرفقيه على فخذيه يسألهم محتدا:
- فهموني في ايه أنت وهي...

تنهد عثمان حانقا ينظر لسارين بجانب عينيه نظرة خاطفة سريعة معاتبة ألم يتفقا سويا الا يخبرا أحد بمشاكلهم، وانها ستبقي حبيسة باب منزلهم لن يعلم بها أحد سواهم، لما كل ذلك البكاء والانهيار الذي اضطره لأخبار عمر عن سبب خلافهم، زفر أنفاسه مرة أخري نظر لعمر يتمتم:
- زي ما قولت لحضرتك سارين مش عيزاني اشارك في سباقات بعد كدة
نظر عمر لسارين التي تنظر أرضا تفرك يديها متوترة ليعاود النظر لعثمان يسأله مباشرة:.

- وايه موضوع حبوب منع الحمل
صمت عثمان ينظر بعيدا، لحظات طويلة من الصمت جعلت عمر يوجه الحديث لابنته يغمغم بترفق:
- اتكلمي انتي يا سارين لو عثمان مش عايز يتكلم
رفعت وجهها لمحة خاطفة ناحية عثمان استطاعت أن تري ضيقه جيدا مما فعلت، نظرت ناحية والدها وقبل أن تنطقي بحرف بادر عثمان يقول بنزق:.

- الموضوع ما فيهوش كلام يا عمي، الحكاية وما فيها أن لسه سارين عندها أربع سنين جامعة، فكرة حملها دلوقتي هتبقي متعبة ليها هي، أنا مش هتعب في حاجة، مش أنا اللي هحمل ولا هولد ولا هرضع، عرضت عليها أنها تأخذ حبوب منع الحمل لحد ما تخلص كليتها وهي وافقت، بس بنتك عشان بغزالة، بعد ما وفقت قالتلي زي ما وافقت على كلامك أنت كمان تسيب سباقات الخيل، يا اما مش موافقة، مش فاهم ايه علاقة دا بدا اصلا.

زفر عثمان أنفاسه غاضبا، بينما نظر عمر لسارين يسألها بعينيه عن صحة ما يقول عثمان، دق هاتف عثمان في تلك الاثناء استأذن منه ليتوجه ناحية شرفة المنزل الكبيرة، ما إن دخلها نهض عمر من مكانه توجه ناحية سارين جلس جوارها على الأريكة، مد يده يربت على رأسها يسألها مبتسما:
- الكلام اللي قاله الواد دا صح.

اومأت الأخيرة برأسها بالإيجاب دون أن تعقب بحرف فقط تنظر لكفي يدها التي تفركهما بعنف، امسك عمر بذقنها يرفع وجهها إليه قليلا يتمتم مبتسما:.

- أنتي وسارة غلاتكوا عندي قد بعض بس انتي حتة زيادة شوية عشان بحسك شبهي اكتر، سارين أنا مع عثمان في موضع تأجيل الأطفال، هو عنده حق مش هو اللي هيتعب ولا هيحمل ولا كل الكلام دا، حتى لو فضل جنبك دايما، التعب الاكبر هيبقي عليكي بردوا، مش هتعرفي تركزي في كليتك، ومش معاكي ابدا يا سارين في حتة المساومة دي، موضوع الخلفة مالوش علاقة بالسبق، ليه فكرة Deal or no deal احنا مش في البورصة يا حبيبتي.

ارتسم على ثغرها ابتسامة صغيرة شاحبة، رفعت يدها تمسح ما سقط من دموع حائرة ارتجفت شفتاها تهمس بنبرة خافتة مرتبكة:
- أنا خايفة عليه، خايفة ليحصله زي ما حصل قبل كدة، ويمكن المرة الجاية بعد الشر عنه يبقي اسوء، من حقي أخاف عليه، حاولت كذا مرة اقوله وهو رافض تماما، قولت يمكن يوافق لو خيرته
مسح عمر على حجاب سارين برفق، احتضن وجهها بين كفيه يحادثها مترفقا:.

- حبيبتي كل حاجة في الدنيا دي نصيب وما حدش يقدر يمنع نصيبه ابداا، وبعدين مش هاوي هيقع تاني اللي حصله قبل كدة كان مكيدة وأهو تعلم منها، ما تعيشيش نفسك في قلق يا سارين، وبعدين عثمان هيبدا من الاسبوع الجاي شغل في الشركة، عايزة اقولك شهرين ومش هيبقي فيه حيل يركب حمار مش حصان، دا أنا بتنفتخ، إسألي ماما كانت بتفتح الباب اروح مرمي على الكنبة دي نايم من التعب
ضحكت سارين بخفة تنظر لوالدها لتتمتم في حرج:.

- ما هي ماما قالتلي نفس الكلام دا بالظبط
ضيق عمر عينيه ينظر لها مغتاظا ليمد يده يحاول امساك اذنيها من فوق حجابها يتمتم حانقا:
- ولما هي قالتلك نفس الكلام دا بتقوقي ليه يا قوقة، دا ربنا يكون في عونه عثمان والله
زمت سارين شفتيها غاضبة رفعت يدها تمسد اذنها برفق، حين مد عمر يده يمسك بها طرف حجابها يتمتم مبتسما:.

- المناحة اللي دخلتي بيها ما خلتيش الواحد يشوف القمر اللي بالحجاب، ايه الجمال دا، بركاتك يا شيخ عثمان.

ضحكت سارين تنظر للمراءة المقابلة لها تطالع صورتها بفخر، شعور لذيذ يدغدغ كيانها حين تنظر لصورتها الجديدة، مقاطع الفيديو التي حرص عثمان على أن تراها جميعا كان لها مفعول السحر في تغيير طريقة ثيابها، منظور رؤيتها للحياة من جديد، في تلك الاثناء خرج عثمان من الشرفة لم ينظر ناحية سارين حتى، توجه بانظاره ناحية عمر، يحادثه:
- طب استأذن أنا، هروح بقي وهاجي بكرة بإذن الله أخد سارين عن اذنكوا.

قام عمر من مكانه توجه ناحية عثمان وقف أمامه يغمغم ضاحكا:
- يا عم القفوش، أنت هتبات معانا النهاردة ودا قرار غير قابل للنقاش
حرك عثمان رأسه نفيا فتح فمه يريد أن يعترض ليبادر عمر قائلا في حدة:
- هتبات معانا يا عثمان، يا مش هرجعلك سارين قبل شهر، قولت ايه
جز عثمان على أسنانه في غيظ ينظر لعمر حانقا، تنهد رغما عنه يحرك رأسه بالإيجاب على مضض، ليضحك عمر يلف ذراعه حول كتفي عثمان يحادثه:.

- عارف يا عثمان أنا ما بطيقكش بس إنت طلعت عيل جدع، عشان كدة مش هستخسر فيك البيجامة الكحلي بتاعتي هديهالك تنام فيها
ابتسم عثمان ساخرا دون رد، لينظر عمر لابنته يغمغم متوسلا:
- سيرو حبيبة قلب بابا، ابوكي معدته نشفت من اكل الشارع وسارة ما بتعرفش تقلي بيضة، المطبخ عندك عيشي.

ابتسمت سارين تحاول اختلاس النظرات لعثمان، صحيح أنها لم تكن تفقه في الطهي سوي قلي بيضة واحدة، ولكن للضرورة أحكام في فترة مرض عثمان وضرورة تناوله للطعام الصحي، جعلت من فتاة لا تعرف في المطبخ سوي قلي بيضة، طاهية ماهرة تستطيع صنع حتى الطعام الصيني، قامت من مكانها تلتقط حقيبة ثيابها، تختلس النظرات لعثمان إلى أن وصلت إلى غرفتها هي وشقيقتها، دخلت إلى الغرفة لتري سارة تغط في نوم عميق ولكن العجيب في الأمر، لما تنام سارة بثيابها، سارة منظمة دائما ما كانت تسخر منها حين تفعل ذلك، تنهدت قلقة تنظر لقسمات وجه سارة المنقضبة وهي نائمة، بدلت ثيابها، لتتوجه ناحية المطبخ، فتحت البراد تخرج بعض احتياجتها منه، استقامت واقفة لتري عثمان يقف خلفها، رأت نظرة باردة باهتة للغاية في حدقتيه، مر من جوارها ناحية البراد التقط زجاجة مياه باردة، تحرك للخارج لتترك ما في يدها سريعا على طاولة المطبخ لحقت به وضعت يدها على ذراعها تهمس باسمه ظل واقفا مكانه دون أن يلتفت لها فقط غمغم بخواء:.

- نعم!

فتحت فمها لتعاود إغلاقه من جديد لا تعرف ما تقول، يبدو غاضبا، هل ما فعلته اغضبه، كسرت ذلك العهد الذي اتخذاه ليلة زفافهم، ولكنها كانت فقط خائفة تشعر بالحيرة، حين طال صمتها ابتسم هو ساخرا ليتحرك للخارج حيث يجلس عمر، ارتمي جواره يشاهدان ذلك الفيلم الذي كان يراه عثمان قبل قليل ياكلان التسالي، وقفت سارين عند باب المطبخ تنظر لهم تبتسم، عثمان كطفل يرضي ببساطة وهي تعرف جيدا كيف ستصالحه، ابتسمت لتأخذ طريقها عائدة للمطبخ تعد الغداء.

كانت آخر من نزل بعد ذهاب فارس وياسمين ومعهم جوري إلى المستشفي ليطمئنوا على صغير أخيها، تأخرت هي لسبب لا تتذكره، والدها ينتظرها في سيارته بالأسفل، نظرت بأعين شاردة وجه شاحب، عينين لم يذوقا للنوم طعما، رعشة بشعة تسري في جسدها كل حين وآخر، نزلت إلى أسفل تبحث عن سيارة والدها، السيارة تقف هناك ولكن والدها ليس فيها وقفت مكانها للحظات لا تعرف ما تفعل الا أنها سمعت صوته يأتي من خلفها مباشرة:.

- عربية عمي رشيد ما فيهاش بنزين، فراح مع ماما وبابا وقالولي استناكي اوصلك المستشفي.

غيث هنا للمرة الثانية، طوال تلك الأيام التي قضتها في بيت عمها لم تره ولو لمرة واحدة، عرفت مصادفة أنه يملك شقة صغيرة به ذهب إليها، التفتت له تنظر ناحيته غيث دائما صاحب ذوق مميز في الملابس يحب تلك الملابس التي تدعي « السويت شيرت » فهو يرتدي احداها الآن بلون زيتي غامق وسروال من الجينز الأبيض، ابتسمت مرتبكة ليتحرك هو فتح باب سيارته، تقدمت تجلس، أغلق الباب ليلتف حولها جلس خلف مقعد السائق، يضع حزام الأمان، قطبت جبينها في عجب، حتى والدها لا يضع حزام الأمان وهو يقود، ادار بالمفتاح محرك السيارة لينطلق إلى وجهته، الطريق صامت، هو يصب تركيزه الكامل على قيادته للسيارة، أما هي فتشرد في عالم آخر تتذكر يوم زفاف أدهم ومايا تحديدا في رقصة الزفاف النهائية، لم تره كان غائبا عن عينيها ولكنه ظهر من العدم فجاءة أمامها، وظهر وأماكن فتاة يبتسم لها يراقصها، هل هي ضحية جديدة من ضحاياه، في اللحظة التي ظهر فيها نظرت ناحية غيث هلعة قلبها ينتفض بعنف بين اضلاعها لتري في عينيه نظرة ثابتة كأنه يخبرها أن تهدئ، وهذا ما فعلت تماما تماسكت بأكبر قدر ممكن، تماسكت تشد على أعصابها بقوة حتى كادت تنقطع، لن يعلم والدها لن تكون السبب في نظرة ألم واحدة في عينيه ذلك فقط ما جعلها تتماسك...

انسابت دموعها وهي جالسة جواره في السيارة، لتري يده تمتد بمحرمة ورقية ناعمة أمام وجهها وصوته يغمغم في هدوء:
- برافو عليكي، حقيقي انبهرت من رد فعلك في الفرح، كنت خايف بصراحة لاعصابك تبوظ لما تشوفيه
مسحت ما سقط من دموعها بالمحرمة تنظر له خرج صوتها الهامس من بين شفتيها تسأله بنبرة متحشرجة:
- مين البنت اللي كان بيرقص معاها، ضحية جديدة بيضحك عليها.

حرك غيث رأسه بالنفي عينيه لا تحيد عن الطريق أمامه فقط غمغم بهدوء:
- مراته
توسعت عيني صبا في ذهول، صدمة جعلت جسدها يرتجف التفتت برأسها ناحية غيث تصيح فيه بحرقة:
- متجوز!، مستحيل الشيطان دا يكون متجوز، واكيد هي عارفة أنه شيطان واكيد هي زيه
مرة أخري عاد غيث يحرك رأسه نفيا يحكم قبضته على عجلة المقود، القيادة في مصر أصعب بكثير من الخارج يكفي تغير مكان عجلة القيادة تجعله في توتر دائم، تنهد يردف ساخرا:.

- صدقيني البنت دي حالها أغلب منك ألف مرة، اتجوزته غصب عنها لأنه كان عايز يعتدي عليها، ولانها غلبانة ومالهاش حد اضطرته تتجوزه عشان الفيضحة
توسعت حدقتيها فزعا كيف يمكن لشخص أن يكون بكل ذلك القدر من الشر والخبث، انفجرت الدموع من حدقتيها تصرخ بحرقة:
- وازاي، ازاي جاسر يخرجه من السجن، ليه شيطان زي دا موجود في الدنيا، ليه ما يموتش، عشان ما يأذنيش أنا وغيري وغيري.

توقفت سيارة غيث في احدي اشارات المرور المزدحمة، التفت غيث ناحية صبا، رفع كتفيه ابتسم يتمتم في هدوء:.

- احنا مش في يوتوبيا الفاضلة يا صبا، احنا في ميزان الخير والشر محسوبين فيه بين البشر وفي قلب كل واحد فينا، ما حدش فينا اتولد شرير شر مطلق، وما حدش فينا هيفضل برئ زي ما كان وهو طفل، الظروف هي اللي بتشكل شخصية كل واحد، على الرغم من قذارة مراد بس هو معذور صدقيني من وهو طفل ما عاشش حياة سوية ابدا، كفاية بس اني اقولك أن اهله رموه من وهو طفل عنده خمس سنين..
- إنت بتبررله بتحاول تلاقيله مبررات على قرفه.

صاحت بها صبا غاضبة تتنفس بعنف، ليبتسم غيث فئ هدوء حرك رأسه نفيا يتمتم بنبرة هادئة واثقة:
- أنا مش ببررله يا صبا، الشيطان ما بيجربش الأنسان أنه يعمل معصية هو بنفسه اللي بيعمله، مراد ما اجبركيش أنك تقعي في شباكه، انتي بكامل إرادتك وقعتي يا صبا.

شعرت بألم بشع ينخر قلبها هل يشركها في الذنب الآن، هي الضحية هنا، نعم هي الضحية المغفلة التي سمحت لذئب برئ بأن يلعب بزمام مشاعرها، هي من سمحت، يعني هي المخطئة وضعت يديها على رأسها تحركها نفيا بعنف، هي المخطئة، هي لم تقصد، انهمرت دموعها ليسارع هو يردف سريعا:
- صبا اهدي يا صبا، أنا ما بتهمكيش أنك غلطانة، أنا عارف أنك طيبة وبريئة وساذجة عشان كدة هو ضحك عليكي...
- أرجوك وصلني عند بابا.

غمغمت بها صوت خفيض بائس حزين، تنهد ينظر لها نادما الأحمق ما كان يجب أن يقول ما قال، هو فقط لم يكن يقصد، ماذا حدث لك يا حضرة المحامي منذ متي وأنت لا تقصد ما تقول، أم كنت تقصد وفقط انخلع قلبك حين رأيت ما فعلت بها كلماتك المعاتبة الحادة، أدار محرك السيارة مع انطلاق الضوء الأخضر من اشارة المرور يكمل الطريق في صمت، بضع دقائق اخري وكان قد وصل إلى المستشفي، ما إن اوقف السيارة نزلت صبا منها سريعا تصفع الباب خلفها دخلت بخطي سريعة لداخل المستشفى ليتنهد هو حزينا ينهر نفسه بعنف، تحرك هو الآخر للداخل حيث غرفة سهيلة زوجة جاسر، ما إن دق باب الغرفة ودخل بصحبة صبا توسعت عينيه اندهاشا حين رأي سهيلة تبكي بلا توقف ترتمي بين أحضان شروق، الجميع ينظر ناحية سهيلة حزينا، توسعت عينيه قلقا هل يعقل أن الطفل قد مات!، خرج سؤاله من بين شفتيه دون حاجز:.

- هو في اي يا جماعة، خير حصل حاجة
تنهد جاسر يآسا يحرك رأسه، نظر ناحية سهيلة يتمتم:
- حسام قال أن الولد لازم يفضل في الحضانة شهر ودلوقتي سهيلة عاملة مناحة، عشان مش عايزة تسيب المستشفي وتبعد عن الولد.

ابتسم غيث ساخرا النساء وعاطفتهم الجياشة، استاذن وخرج من الغرفة يقف خارجا، في تلك اللحظات رأي لينا ابنه عم والده، تقترب بمئزرها الأبيض تتحرك بسرعة ناحية غرفة سهيلة، وقفت امامه ما أن اقتربت منه تحادثه مبتسمة:
- ازيك يا غيث عامل ايه يا حبيبي
ابتسم غيث في لباقة ساحرة ليمد يده يرفع كف يدها يقبله برسمية مخملية قديمة يغمغم متغزلا:
- زي القمر زيك، ايه الجمال دا برنسيس خارجة من حكاية الأميرة النائمة.

ضحكت بخفة تصطدمه على ذراعه برفق تردف ضاحكة:
- عارف لو خالك كان هنا كان علقك
ضحك غيث في هدوء دائما ضحكات ذلك الغيث هادئة استند بظهره إلى الحائط خلفه يدس يديه في جيبي سرواله يغمغم في ثقة:
- ما فيش قانون في العالم يمنع أني اعترف بالجمال لما اشوفه، وأنتي في العصر اللي احنا فيه دا، المادة الخام للجمال، ايقونة لن تتكرر..
صمت للحظات ليكمل ضاحكا:.

- بس اوعي تقولي لخالي أن أنا قولتلك الكلام دا عشان ما فيش قانون في العالم هيمنعه أنه يعملني شاروما غيث لو عرف اني عاكستك
ضحكت لينا عاليا بعد حديث قصير مع غيث دقت الباب طلت برأسها إلى الداخل تتمتم مبتسمة:
- قالولي أن سهيلة بتعيط
قامت سهيلة من بين أحضان شروق تهرول ناحية لينا ارتمت بين أحضانها تعانقها بقوة
تصيح باكية:.

- طنط عشان خاطري مش هقدر أبعد عن ابني، انتي عارفة أنا اتحرمت من ماما بدري أوي، مش عايزة اسيب ابني مش هقدر
ادمعت عيني لينا في لحظة، هي دائما على وشك البكاء ابعدت سهيلة عنها قليلا امسكت بذراعيها بين كفيها تحادثها بحنو:.

- حبيبتي ربنا ما يحرمه منك ولا يحرمك منه، يا سهيلة أنا مستعدة اخلي الأوضة دي ليكي، بس هتعيشي شهر في المستشفى ليه يا بنتي، صدقيني أحمد كويس جداا هو بس لازم يفضل في الحضانة لحد ما نمو جسمه يكمل...
حركت سهيلة رأسها بالإيجاب مرة تليها أخري وأخري تنهمر دموعها بلا توقف تغمغم بحرقة:
- ايوة، أنا ما عنديش مشكلة يوم اتنين شهر، بس افضل جنب ابني عشان خاطري يا طنط، وحياة لينا عندك وافقي.

تنهدت لينا متحسرة على حال سهيلة، فقدان سهيلة لوالدتها في عمر مبكر، جعل بداخلها ما يشبه خوف على طفلها الصغير من أن تفقده، حاولت لينا أن ترسم ابتسامة على شفتيها، تنهدت تحرك رأسها بالإيجاب تحادثه بحنو:
- حبيبتي الأوضة والمستشفي كلها تحت امرك، انا ما يرضنيش اكسر بخاطرك ابدا يا سهيلة
ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتي سهيلة تعانق لينا بقوة، ابتعدت عنها بعد لحظات تسمح دموعها بكفيها تحادثها ممتنة:.

- شكرا، شكرا اوي يا طنط
ابتسمت لينا في هدوء، في حين اقتربت سهيلة من جاسر تجذب كف يده تحادثه على عجل:
- يلا قوم نشوف أحمد ما شوفنهوش بقالنا ساعتين
نظر جاسر لسهيلة مشفقا، حقا مشفقا يتمني أن تمر الأيام سريعا ويخرج لهم الصغير سالما، سهيلة تكاد تجن فقط لتحمله، تحرك بصحبتها لخارج، وقفت لينا بين الجمع في الغرفة، تنظر لهم ليكن رشيد أول من تحدث بعقلانية:.

- ما ينفعش اللي أنتي عملتيه دا يا لينا، يعني ايه يعيشوا في المستشفى
نظرت لينا لرشيد تبتسم في هدوء تحادثه هي الاخري بتعقل:.

- رشيد أنت دكتور نسا وعارف حالة اي أم بعد الولادة بتبقي عاملة ازاي ولو في شك ولو واحد مية أن الطفل عنده اي مرض، سهيلة اتحرمت من مامتها وهي صغيرة، والدتها كان عندها سرطان، واتحجزت في المستشفى شهور، سهيلة كان عندها تسع سنين تقريبا وباباها كان بيرفض يأخذها معاه المستشفى عشان ما يفضلش في ذاكرتها صورة والدتها وهي تعبانة، بس للأسف والدة سهيلة ماتت، سهيلة بتترعب لما تعرف أن حد محجوز في المستشفى، ودا ابنها ما كانش ينفع ارفض يا رشيد.

حرك رشيد رأسه بالإيجاب الآن فقط فهم سر الحالة الغريبة التي اصابت زوجة ولده، مسكينة سهيلة حقا مسكينة، بعد نقاش قصير تقرر أن تبقي سهيلة في المستشفى بصحبة جاسر وقامت لينا بتوفيا فراش آخر في الغرفة، رشيد رفض تماما مكوث شروق في المشفي هي الاخري، وعليه تقرر عودة شروق وصبا ورشيد إلى أسيوط...

اخيرا انتهي اليوم الشاق في المشفي، خرجت لينا تستقل سيارتها، تستند برأسها إلى ظهر الأريكة الخلفية والسائق يقود متجها بها إلى المنزل، بعد فترة وجيزة وقفت السيارة، نزلت منها لتري سيارة حسام تقف هي الأخري في حديقة المنزل، نزل حسام منها توجه ناحية لينا يردف مباشرة:
- دكتورة لينا أنا محتاج اتكلم معاكي ضروري.

رفعت لينا حاجبيها في دهشة تحرك رأسها بالإيجاب، تحركت بصحبة حسام إلى احد المقاعد في الحديقة، جلست وجلس امامها رأت توتره الظاهر للغاية من حركة ساقه السريعة اظافره الذي يقضمها بين حين وآخر، لن تتحدث ستتركه يتحدث هو اولا، اخذ نفسا قويا يزفره بحدة ليغمغم فجاءة:
- أنا عملت حاجة غبية اوي وبصراحة مضايق من نفسي اووووي، هحكيلك يا دكتورة.

بدأ يقص عليها ما حدث صباح اليوم انهي كلامه ليخلل أصابعه في خصلات شعره اضطربت حدقتيه يغمغم نادما:
- أنا ما كانش قصدي ازعلها بالشكل دا أنا بس كنت، كنت يعني، بصراحة كنت غيران
ضحكت لينا تحرك رأسها نفيا تردف يآسة:.

- اكيد كنت غيران، ما هو العرق المجنون دا ما بينطرش غير لما بتكونوا غيرانين، سارة ما غلطتش يا حسام وأنت عارف كدة، وأنا قولتلك قبل كدة سارة حساسة طريقتك دي خوفتها منك، المهم هي عملت ايه في الامتحان
ارتسمت ابتسامة مطمئنة على شفتيه تنهد يردف بارتياح:
- الحمد لله حلت فيه كويس جداا، أنا من خوفي عليها من اللي حصلها لما شافت ورقة الإمتحان، خلتني قعدت صححت الامتحان في العربية، بنت اللذين وقعت قلبي...

تبدلت نظرات لينا باخري حزينة رفعت سبابتها أمام حسام تعاتبه بحدة:.

- اللي أنت عملته السبب ولو كانت حلت وحش في الامتحان كنت هتبقي إنت بردوا السبب يا حسام، في عرف عائلة السويسي المجنونة، ممنوع اي انثي تتكلم مع راجل غريب، بس سارة ما اجرمتش، سارة لسه في سنة اولي ولسه بتتعرف على الناس، لسه ما تعرفش حاجة، بدل ما تهددها، فهمها، كان هيحصل ايه لو قولتلها بكل هدوء سارة معلش أنا بتضايق لما بشوفك واقفة مع شاب، حسام أنت لو ما صالحتش سارة النهاردة واتحكمت في العرق الضارب بتاع العيلة المجنونة دي، أنا اللي هقفلك في الجوازة دي، عن إذنك هروح اعمل كيكة.

تركته وغادرت بإيباء لتتوسع عينيه في دهشة يضرب كفا فوق آخر يتمتم مندهشا:
- عندها حق والله احنا عيلة مجانين، اومال فين الحج
نهض من مكانه يتحرك للداخل، يعلو بصوته يبحث عن والده:
- يا باااااباااا يا حج، أنت فين يا ابا الحج
- يا حيوان أنت بتنادي على بليلة أنا في المكتب.

سمع حسام ذلك الصوت الحاد الغاضب يأتي من غرفة مكتب والده لترتسم على شفتيه ابتسامة واسعة دخل إلى مكتب والده دق الباب بأدب جم فتح الباب، دخل إلى المكتب، ارتمي بجسده على المقعد المجاور لمكتب والده ابتسم يغمغم مبتهجا:
- مساء الفل يا سيد الكل
رفع خالد عينيه ينظر لحسام نظرة خاطفة مشمئزة يرفع حاجبه الأيسر ساخرا ليعاود النظر إلى الأوراق أمامه حمحم حسام يعاود الحديث من جديد:.

- بقولك يا حج أنا بفكر أخد حاجة مختلفة معانا واحنا رايحين نتقدم لسارة
رفع خالد وجه عن الاوراق ترك القلم من يده نظر لحسام يقطب ما بين حاجبيه يحادثه بجدية:
- حاجة مختلفة زي ايه يعني
ابتسم حسام في توسع يغمغم بزهو:
- ست فرخات.

غض خالد على شفتيه في غيظ ما كان يجب أن يأخذ كلام حسام على محمل الجد من البداية، القي القلم من يده بعنف لينحني يخلع حذائه، ففر حسام من أمامه راكضا سريعا يتبعه فردة حذاء طائرة وصوت خالد يصيح خلفه:
- امشي ياض يا ابن ال، من هنا، قصدك حاجة متخلفة شبهك يا متخلف، يا دكتور الحمير، دا أنا لو مخلف دكر بط كان نفعني عنك
دخلت لينا من باب غرفة المكتب تحمل فردة حذاء خالد وقفت بالقرب منه تضحك عاليا:.

- والله العظيم احنا بيت مجانين
تحرك خالد من خلفه مكتبه اقترب منه وقف أمامها يلف ذراعه حول خصرها جذبها لترتطم بصدره تستند بكفيها على صدره لاعب حاجبيه عبثا يغمغم مشاكسا:
- اعتقد أن دي حاجة انتي عرفاها من زمان يا بسبوسة
ضحكت لينا برقة رفعت ذراعيها تلفهما حول عنقه تغمغم بدلال:
- من زمان اوي يا قلب البسبوسة.

خرجت تنهيدة حارة من بين شفتيه، في فقعة حالمة وردية تلفهما معا فقعة لم يكسرها سوي رائحة حريق!، توسعت عيني لينا فزعا تدفع خالد بعيدا عنه تصيح فزعة:
- الكيكة اتحرقت.

خرجت تهرول لخارج الغرفة إلى المطبخ مباشرة، فتحت باب الفرن ليغزو دخان اسود كثيف المكان وخرج من الفرن كعكعة سوداء متفحمة، نظرت لينا لعكعتها متحسرة، لتسمع صوت ضحكات عند باب المطبخ ابنتها وحسام شقيقها يقفان عند الباب يضحكان على تلك الكعكة المتفحمة اردفت لينا ضاحكة:
- ماما بيتهيئلي الكيكة لسه عايزة تستوي
ليكمل حسام ضاحكا:
- لا يا بنتي دي بالشوكولاتة، فرن الكتروني بيحط الشوكولاتة على الكيكة لوحده.

نظرت لينا لهما في غيظ، صدم حسام كفه بكف لينا يضحكان عاليا التفتا معا ليغادرا لتختفي الضحكات من فوق شفتي كل منهما شحب وجه حسام ينظر للينا، التي ابتسمت كطفلة بلهاء، قبض خالد على تلابيب ملابسهم يدفعهم لداخل المطبخ وقف أمامهم يعقد ذراعيه أمام صدره يغمغم بحدة قاطعة:
- بتتريقوا على مراتي، طب ايه رأيك يا حمار أنت والمعزة اللي معاك انكوا مش هتتحركوا من المطبخ غير لما تنسفوا الكيكة دي.

انهي كلامه لينزع طوقه الجلدي يمسكه بين كفيه يغمغم متوعدا:
- يلااا
انتفض حسام يركض بصحبة لينا إلى صينية الكعكة المتفحمة، تدمع أعينهم من طعمها المحترق المتفحم، بينما يقف خالد كالجلاد عازما على تلقينهم درسا لن ينسوه، فلا أحد ابدا يهين زوجته أي من كان.

حل الليل اخيرا خرج حسام من غرفته يتأنق بقميص رمادي وسروال اسود، انكمشت قسمات وجهه يضع يده على معدته يشعر بألم شديد جراء تناوله لتلك الكعكة المحترقة، لحظات وخرجت لينا من غرفتها تتأنف بسرواا أسود وقميص ازرق غامق طويل، هو يحب الازرق وهي تحبه هو، تضع يدها هي الاخري على معدتها من الألم، اقتربت من حسام تتاوه تحادثه حانقة:
- كان لازم نضحك يعني، بطني مش حاسة بيها
- ابوكي دا دراكولا.

غمغم بها حسام متألما يوم خطبته يذهب وهو يشعر بألم حاد في معدته ما تلك البشري الرائعة نزل بصحبة شقيقته لأسفل، ليجدا والديهم خالد في حلة أنيقة ولينا في فستان أنيق يجمع اللونين الاسود والفضي، غمغم خالد ساخرا ما أن رآهم:
- ساعة على ما البهوات ينزلوا يلا
- ربنا على المفتري
- حسبي الله ونعم الوكيل.

همسا بهما لينا وحسام وهما يسيران خلف والديها، استقل خالد ولينا الاريكة الخلفية، بينما حسام مقعد السائق ولينا جواره، في الطريق وقف حسام أمام محل شهير للمأكولات السريعة غاب لدقائق ليعود ومعه علبة كبيرة، وبعدها وقف أمام محل للازهار غاب لدقائق ومن ثم عاد ومعه باقة كبيرة، واخيرا عند محل الحلوي غاب لفترة طويلة ليعود ومعه عدة حقائب، حين دخل اردف خالد ساخرا:.

- لاء مش كفاية، روح هات عجل نخش بيه، وعجل ليه وأنت موجود
نظر حسام لوالده من خلال مرآه السيارة الإمامية ضيق عينيه يتمتم بغيظ:
- أنا مش هرد على حضرتك عشان أنا النهاردة عريس
ضحك خالد ساخرا اقترب بجسده من مقعد حسام يصفعه على رقبته من الخلف يغمغم متهكما:
- لا يا حبيب ابوك أنت مش هترد عليا عشان ما افركشلكش الجوازة، وشد شوية متأخرين.

تنهد حسام مغتاظا يتمتم مع نفسه حانقا أليس هو ذلك الطبيب المحترم والمحاضر الجامعي صاحب الشهادات العالية لما يُشعره والده دائما أنه مراهق في الثانوية، ومراهق طائش أيضا يتعاطي المخدرات
اخيرا وصلت وجهتهم إلى بيت عمر، نزل حسام اولا بتلهف ليشهق بعنف حين اسقط عامل ري الاشجار سطل الماء فوق رأسه ليبتل العريس من رأسه لاخمص قدميه!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة