قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وأربعة عشر

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وأربعة عشر

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وأربعة عشر

لحظات طويلة الجمت الصدمة جميع الواقفين جحظت أعينهم ينظرون للعريس الغارق في المياة، يقف حسام كمن أصابته صاعقة عينيه شاخصة فمه متدلي في ذهول، المياة تقطر من أعلي رأسه إلى اخمص قدميه، قاطع تلك اللحظات صوت ضحكات خالد الذي صدح فجاءة، ينظر لولده وهو يغرق في المياة دمعت عينيه من الضحك، لتتعالي ضحكات لينا شقيقته وضعت يدها على فمها تحاول كتم ضحكاتها، في حين احمرت عيني حسام ينظر لهم شرزا، عضت لينا على شفتيها تكتم صوت ضحكاتها، من الجيد أن الشارع شبه فارغ في ذلك الوقت، والا كان شارك المارة في نوبة الضحك ويزداد موقف حسام سوءً، حمحمت تلكز خالد بمرفقها في ذراعه بحدة، تنظر لابنتها بحدة، توقفت لينا عن الضحك تضع يدها على فمها تكبح ضحكاتها، بينما ظل خالد يضحك اشار ناحية حسام يردف من بين ضحكاته:.

- العريس المبلول، الله يخربيتك عرتنا، شكلك فظيع
عاد يضحك من جديد لتشد لينا ذراعه ليقترب منها نزل برأسه قليلا ناحيتها لتهمس له متوعدة:
- عارف يا خالد لو ما بطلتش ضحك، هتنام في الاوضة التانية لوحدك شهر
توسعت عيني خالد قليلا ليحمحم بخشونة يحاول السيطرة على سيل ضحكاته، في حين اقتربت لينا من حسام ربتت على كتفه تحادثه مترفقة:.

- حسام ما حصلش حاجة دي حادثة وبتحصل كتير، ارجع بسرعة غير هدومك وتعالا، يلا يا ابني
حرك حسام رأسه بالإيجاب سريعا، اخرج باقة الأزهار وعلبة الحلوي يعطيهم للينا زوجة أبيه يحادثها:
- اتفضلي مش هتأخر.

ابتسمت لينا له تربت على ذراعه، ليبتسم لها ممتنا، نظر حسام لشقيقته شرزا يحرك كفه على رقبته كأنه سكين، استقل سريعا السيارة يلتف بها يعود من حيث أتي، وقفت لينا أمام زوجها وابنتها عقدت ما بين حاجبيها تحادثهم غاضبة:
- ما ينفعش بجد اللي انتوا عملتوه دا، خالد حسام مش صغير عشان تتريق عليه، وأنت يا أستاذة لينا، الموضوع مش مضحك تماما للضحك دا كله، لما نروح تعتذروا لحسام.

قالت ما قالت بحدة لتتقدمهم لأعلي نظر لخالد لابنته يرفع حاجبه الأيسر يتمتم ساخرا:
- أمك بتربينا
تحرك خالد خلف زوجته وخلفهم لينا، إلى منزل عمر، دقت لينا الباب لحظات ليفتح لهم عمر يبتسم، دخل الجميع إلى غرفة «الصالون» بصحبة عمر الذي يردف مبتسما:
- نورتوا والله يا جماعة، اتفضلوا
جلست لينا جوار زوجها على أريكة صغيرة وابنتهم على مقعد بالقرب منهم، نظر عمر لشقيقه يتمتم مبتسما:.

- منور والله يا كبير، ايه دا اومال حسام فين
ما إن نطق عمر تلك الجملة انفجر خالد في الضحك، حتى ادمعت عينيه ظل يضحك رغم نظرات لينا المحذرة له بأن يصمت، نظر لشقيقه يردف من بين ضحكاته العالية:
- حسام اتبل!
قالها لينفجر في الضحك من جديد، بينما جعد عمر ما بين حاجبيه ينظر لأخيه مستنكرا، لكزت لينا زوجها بمرفقها بعنف تنظر له حانقة، نظرت لعمر تبتسم تحاول إيجاد حجة مناسبة لذلك الموقف الذي هم فيه:.

- حسام يا عيني بعد ما وصلنا جاله تليفون مستعجل من المستشفي حالة ولادة خطيرة طلع يجري، بس زمانه جاي
- خطيرة بالجبنة
تشدق بها خالد ساخرا ليضحك مجددا حتى أدمعت عينيه، لتضعط لينا بحذائها على قدمه تنظر له متوعدة، بينما استمر هو في الضحك وكأن شيئا لم يكن، نظرت لينا لعمر تعتذر مبتسمة:
- معلش يا عمر أصل خالد دمه خفيف النهاردة، ممكن اشوف تالا وحشتني بقالي كتير ما شوفتهاش.

ابتسم عمر يحرك رأسه بالإيجاب سريعا، قام أمامها لتميل هي سريعا على إذن خالد تهمس له محتدة قبل أن تغادر بصحبة عمر:
- عارف يا خالد لو حد عرف باللي حصل تحت، هسيبك واسافر عند بابا، أصله وحشني أوي
صمت خالد في لحظات عن الضحك ينظر لها واجما، لتبتسم هي باصفرار، تربت على خده كأنه طفل صغير مطيع، قامت بصحبة عمر للداخل ليميل خالد ناحية لينا يهمس لها محتدا:
- كانت بتخاف مني زمان دلوقتي بقت بتهددني بنت الارندلي...

وضعت لينا يدها على فمها من جديد تخفي ضحكاتها من غضب أبيها...
في حين تحركت لينا بصحبة عمر إلى غرفة تالا، وقف عمر امام باب الغرفة من الخارج يحادثها مبتسما:
- هروح اشوف أبو الخلد ابو دم خفيف واسيبكوا ترغو..
ضحكت لينا بخفة تحرك رأسها بالإيجاب، غادر عمر لترفع هي يدها تدق الباب إدارات المقبض تفتحه حين سمعت صوت تالا، اطلت برأسها أولا تنظر لتالا مبتسمة تردف بمرح:
- أنا جيت اشوف مامي تالا التعبانة.

ابتسمت تالا في شحوب ظاهر، دخلت لينا إلى الغرفة توصد الباب خلفها اقتربت من فراش تالا تعانقها برفق، ابعدتها عنه تنظر لها مبتسمة جلست جوارها على الفراش تحادثها:
- عاملة ايه يا تالا وحشاني، مبروك يا حبيبتي ألف مبروك يا قلبي، ربنا يتم حملك على خير وتقومي بالسلامة.

نظرت تالا للينا تبتسم حزينة، للحظات كستل الشفقة مقلتيها تنظر لها بأسي، لم تكن تريد أن تراها لينا، ليس لأي سبب كان فقط كي لا تجرح مشاعرها، بالطبع خلف ابتسامتها اللطيفة تلك قلب يعتصر من الألم، تحركت عيني لينا تنظر لبطن تالا المنتفخ قليلا، لترتسم ابتسامة حزينة على شفتيها تنهدت تخمد نيران قلبها التي اشتعلت فجاءة حين رفعت عينيها لتالا تحادثها مبتسمة:.

- أنا عارفة أنك مش عيزاني اشوفك عشان ما تجرحيش مشاعري، بس صدقيني أنا مبسوطة عشانك اوي، وبدعيلك من كل قلبي أنك تقومي بالسلامة، أنتي تستحقي تفرحي يا تالا بعد كل اللي حصل بينك انتي وعمر، ما تحبسيش نفسك يا تالا، أنا عارفة أنك تعبانة الفترة دي، بس بعد فترة بإذن الله هتبقي أحسن، أول ما الواد حسام يقولي انتي كويسة هتيجي البيت ونتغدي كلنا سوا.

ادمعت عيني تالا تنظر للينا قبل أن تبادر باحتضانها بقوة تهمس لها بصوت خفيض باكي حزين:
- انتي جميلة اوي يا لينا، بجد جميلة من جوا قبل برا، مش خالد بس اللي محظوظ أنك في حياته، كلنا محظوظين بوجودك في حياتنا.

ابعدت لينا تالا عنها تبتسم لها بعد حديث قصير خرجت لينا من الغرفة بعد أن ودعت تالا تغلق عليها الباب برفق وقفت أمام الباب المغلق لحظات صامتة قبل أن تهبط من مقلتيها دمعة حزينة بائسة رفعت يدها تمسحها سريعا، رأت سارين تخرج من غرفتها هي وشقيقتها تزفر حائرة تبدو متوترة، تنظر لباب الغرفة المغلقة، اقتربت لينا منها وضعت يدها على كتفها تسألها:
- مالك يا سارين في حاجة يا حبيبتي.

توترت حدقتي سارين للحظات قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب تنهدت حائرة تهمس متوترة:
- سارة يا طنط ما اعرفش مالها، كانت نايمة ومن ساعة ما صحيت وهي مش راضية تتكلم، ودلوقتي رافضة تلبس، ولما سألتها مالك فضلت تعيط، أنا مش عارفة اعمل ايه، هقول لبابا
حركت لينا رأسها نفيا سريعا ابتسمت تحادث سارين بتلهف:
- مالوش لزوم يا حبيبتي تقولي لبابا، أنا هدخل اتكلم معاها...

ابتسمت سارين للينا ممتنة، تحركت لينا لداخل غرفة سارة وسارين بينما تحركت سارين إلى المطبخ اصطدمت في طريقها بعثمان الذي خرج توا من أحدي غرف الضيوف، يرتدي قميص أسود اللوم ذلك القميص ملك والدها وسروال من الجينز الازرق القاتم، ملك والدها أيضا من الجيد أن ملابس والدها ناسبت عثمان، وقفت سارين أمامه تبتسم كقطة حالمة، بينما وقف هو يزيح اكمام قميصه للخلف، عثمان دائما يفعل تلك الحركة بالاكمام يزيحها للخلف بشكل مهندم للغاية، فتحت فمها مبتسمة تود أن تقول شيئا، ليتجاوزها هو وكأنها غير موجودة من الأساس توسعت عينيها في دهشة لم ينظر إليها حتى، تحرك وكأنها هواء شفاف او عائق طريق مزعج مر من جواره تفاده وغادر، التفتت تنظر له وهو يغادر متوجها إلى غرفة الصالون عقدت ذراعيه ابتسمت تتمتم:.

- بقي كدة يا عثعث عاملي زعلان وبتنطنشي ماشي صبرك عليا يا صياد
ابتسمت في خبث لتتوجه إلى المطبخ تعد المشروبات والحلوي للضيوف
في غرفة سارة، اقتربت لينا من سارة المسطحة على الفراش توليها ظهرها جلست جوارها تمسح بيدها على شعرها برفق تحادثها بحنو:
- سارة، أنا عارفة أنك صاحية يا حبيبتي، ممكن اتكلم معاكي.

قامت سارة تجلس على الفراش تنساب دموع عينيها بلا توقف، انكمشت قسمات وجه لينا تنظر لوجهها الشاحب عينيها المنتفخة حدقتيهت الحمراء، شفتيها المرتجفة، تلك الدموع التي لا تتوقف عن الهبوط رغم محاولتها العنيفة لمسحها، تحركت لينا لتصبح مقابلة لها، مدت يدها تمسح دموع عينيها تحادثها حزينة:
- ليه يا سارة اللي انتي عملاه دا، انتي كدة بتأذي نفسك يا بنتي، ما حدش ابدا يستاهل أنك تعملي في نفسك كدة.

اغمضت مقلتيها لتخرج من بين شفتيها شهقة بكاء خافتة، تنهمر دموعها من جديد، لا تعرف بما تجيب، فتحت عينيها حين سمعت لينا تحادثها:
- حسام حكالي على اللي حصل في الكلية، كان شكله يضحك اوي وهو بيقولي أنا كنت غيران ومش عارف أنا عملت كدة ازاي
صمتت لينا للحظات تراقب تعابير وجه سارة الباهتة التي لم تتغير، لتتنهد تأخذ نفسا قويا تحادثها بحزم:.

- أنتي حساسة أوي يا سارة بتفكريني بنفسي زمان، حبيبتي الحساسية والكيوت دي مشاعر حلوة، بس ما تنفعش مع رجالة عيلة السويسي، حسام حكالي على اللي عمله وأنا هددته أنا اللي هقفله في جوازه منك، كان لازم تقفي قدامه وتقوليله أنا ما عملتش حاجة غلط عشان تكلمني كدة، ايه اللي حصل انتي زعلتي وعيطتي ونكدتي على نفسك، وكان ممكن ما تحليش كويس في الامتحان...

انشفي يا سارة، حسام بيحبك انتي ما شوفتيش خناقته هو وخالد عشان خالد يوافق انه يجي يتقدملك، وصلت إن خالد ضربه بالقلم وحسام كان هيسيب البيت، كل دا كويس، بس عرق الغيرة اللي عند حسام أنا عرفاه ومجرباه، بدل ما تفضلي تعيطي وتنكدي على نفسك وتوصلي للحالة دي، قوليله أنا ما عملتش حاجة غلط، ثوري خدي حقك، أنتي اللي هتخسري صدقيني لو فضلتي تسكتي عن حقك كل مرة بالشكل دا.

توقفت دموع سارة عن الجريان وكأن البئر جف فجاءة تنظر للفراغ عينيها شاردة، سارة دائما هي الحساسة كثيرة البكاء هي الضحية التي كاد يستغلها ذئب بشري قبلا، والآن يفرض هيمنته الذكورية بكل عنفوان، عليها أن تتغير أن تصبح حتى مثل سارين او تدافع عن ذاتها كما تقول لينا زوجة عمها، تنهدت حائرة تحرك رأسها بالإيجاب لتتوسع ابتسامة لينا تحادثها بخبث:
- اسمعي بقي هتعملي ايه لما حسام يجي.

في الخارج، خالد وعمر وعثمان يتحدثون ولينا تعبث في هاتفها بملل، تحاول التواصل مع حسام ليسرع قليلا، خرجت سارين من المطبخ تحمل صينية كبيرة عليها المشروبات والحلوي وضعتها امامهم تردف مبتسمة:
- اتفضلوا
ربت خالد على وسادة الأريكة الخالية المجاورة له ينظر لها مبتسما، لتجلس سارين جواره لف خالد ذراعه حول كتفيها قبل قمة رأسها يغمغم مبتسما:.

- دا الجمال عدي الكلام، أنا أول مرة اشوف قمر لابس حجاب عشان يبقي قمرين
ضحكت سارين عاليا لترتسم ابتسامة صغيرة على شفتي عثمان، ضحكاتها حقا تسعده، عاد خالد يحادث سارين من جديد يتمتم مبتسما:
- قوليلي عاملة ايه في كليتك انتي دخلتي علاج طبيعي مش كدة
ابتسمت سارين تحرك رأسها إيجابا نظرت لعثمان نظرة خاطفة لتعاود النظر لعمها تردف:
- الحمد لله، الدراسة في الكلية سهلة
اقترب خالد من اذن سارين يهمس لها:.

- انتي متخانقة مع عثمان
نظرت له متفاجئة عينيها متسعة في دهشة كيف علم ليبتسم خالد ساخرا أخفض صوته يهمس لها متهكما:
- اصله عمال يبصلك من كحك لكحك وانتي عين معايا والعين التانية معاه، مين فيكوا اللي غلطان
- مش عارفة، همست بها سارين بصوت خفيض مرتبك للغاية اختلست النظرات لعثمان لتراه ينظر ناحيتها غاضبا، ابتسم خالد فئ مكر ينظر لعيني عثمان الغاضبة، ليعاود النظر لسارين يتمتم ساخرا:.

- مش عارفة بردوا يا بنت عمر، ماشي يا بريئة، هو الواد بيبصلنا كدة ليه أنا عمك على فكرة
ضحكت سارين رغما عنها عاليا ليزفر عثمان أنفاسه حانقا ليتمتم خالد ساخرا:
- خدي بالك هيطلع نار من مناخيره دلوقتي
وضعت سارين يدها على فمها تمنع ضحكاتها، في حين نظر خالد لعثمان يبتسم في اصفرار ابتسامة مستفزة واسعة، قامت سارين من جوار خالد حمحمت تتمتم سريعا:
- هقوم اجبلكوا عصير تاني.

نظر لينا لساعة الحائط تزفر حانقة لما تأخر شقيقها الأحمق كل ذلك الوقت، ما هي الا دقائق ودق جرس الباب قامت لينا سريعا تفتح الباب زفرت حانقة ما أن رأت حسام ابتسمت تتمتم ساخرة:
- حمد لله على السلامة ايه جاي من الصين، كل دا تأخير.

نظر حسام لها باستعلاء ليعدل من تلابيب حلته السوداء الكلاسيكة ذات القميص الابيض ورابطة العنق السوداء، ذلك الدبوس المميز عند اكمام سترة الحلة جعلت لينا تقطب ما بين حاجبيها تسارعت دقات قلبها تلك الحلة ليست لحسام، تلك الحلة تعرفها تتذكر شكل ذلك الدبوس جيدا، تلك حلة...
قبل أن تنطقها سمعت صوته يأتي من هناك يصعد الفاصل من درجات السلم يغمغم ساخرا:.

- يا عم خش اخرتنا بقالك ساعة بتنقي في البدل دا زمان الناس نامت.

حلة زيدان إذا، حسام ذهب لزيدان وها هما معا، دخل حسام أولا ليدخل هو من خلفه لما يجب أن يكن وسيما في كل مرة تراه فيها، لما يبدو هو عريس الليلة، على الرغم من انها نادرا ما تراه يرتدي « تيشرت » زيدان يفضل الملابس الرسمية، ولكنه اليوم يرتدي « تيشرت أبيض اللون اكمامه تصل للمنتصف، وسروال أسود من الجينز، وحذاء رياضي أبيض، هل كان يركض أم ماذا، ما إن دخل إلى المنزل مد يده يود مصافحتها يغمغم بابتسامة متكلفة:.

- ازيك يا لينا، اخبارك ايه
بعد آخر مواجهة بائسة بينهما يأتي اليوم يحادثها بتحفظ يخبرها أنها فقط إبنه خاله وإن ما حدث بالكامل صفح وطواها، مدت يدها تضعها داخل خفه تتمتم بخفوت:
- الحمد لله.

سحبت يدها من يده ليتحرك هو للداخل بينما وقفت هي تضع يدها على نابضها تشعر به سينفجر، ضربت الأرض بقدميها لما جاء، لما في كل مرة تراه فيها، تشعر بأنها تراه للمرة الأولي وكأنها لم تكن تحمل في طفل منه يوما، ربما لأنها لم تعد تلك الفتاة الضعيفة البائسة، ربما لأنها منذ زمن طويل بدأت تشعر بالامان والحياة من جديد، ربما كان مقدر أن يحدث ذلك كله لتحي بعد خوف أمنا لن يضيع، تنهدت حائرة حانقة من ذاتها، لما تشعر في تلك اللحظات انها مراهقة حمقاء تحب ابن عمتها خلسة وتخشي أن يفضح أحدهم امرها، تنهدت حانقة لتتوجه للداخل سمع صوت ضحكاتهم جميعا يصدح في المكان، توجهت تجلس على مقعد بعيد عن الجميع تنظر لهم، حين نظر والدها لحسام يغمغم ساخرا:.

- ايه يا حوسو غيرت الكشف المستعجل، قصدي خلصت الكشف المستعجل
ليضيق حسام حدقتيه غاضبا ينظر لوالده حانقا، عابس الوجه، بينما يجلس هو يتابع ما يقولون يشارك في احاديثهم بكلمات قليلة، تنهدت تبتسم شاردة، قطبت جبينها فجاءة رفعت وجهها تنظر لزيدان ذلك.

« التيشرت » الذي يرتديه زيدان تعرفه، هي من اشترته له كيف نسيته، توسعت عينيها في دهشة ترمش باهدابها عدة مرات سريعة متتالية، في السواق القريب من القرية السياحية تتمشي بصحبته اعجبها، اشترته في خلسة منه وهو يتنقي لها أحدي فساتين السهرة، كانت تود إعطائه له هدية في يوم الحفل المشؤوم ولكنها لم تفعل، والآن هو يرتديه؟! توسعت عينيها في دهشة تنظر له مذهولة، لم تخرج من دهشتها الا على صوت والدها يحادث عمر أخيه برزانة معتادة في مثل تلك المواقف:.

- خلاص هزرنا وضحكنا بص يا عمر، أنت طبعا عارف احنا هنا ليه، أنا جاي اطلب منك أيد سارة بنتك لحسام، أنت قولت أنك موافق يوم فرح أدهم بس ناقص رد العروسة، هي فين سارة صحيح
- سارة اهي.

صاحت بها لينا بابتسامة واسعة تمسك يد سارة في يدها تجذبها برفق لداخل الغرفة التفت حسام برأسه سريعا ينظر ناحية باب الغرفة تسمرت عينيه ينظر لها مسحورا، تقافزت دقات قلبه على وشك تحطيم صدره، ها هي أمامه تقف هناك جوار زوجة أبيه، ترتدي فستان هادئ وردي اللون يخطف الأنفاس، تنظر لأسفل يشعر بها مرتبكة متوترة، تقبض كفها الآخر تشد عليه، لما تخفي وجهها عنه يريد أن يراها يعتذر لها، يخبرها بأنه أحمق نادم على ازعاجها بكلماته السامة الغبية، لما تشدد كفها على كف لينا بذلك الشكل، لحظات فقط وفهم، حين نظرت لينا لهم ابتسمت تردف بهدوء:.

- معلش يا خالد هقاطع كلامكوا بس سارة عايزة تتكلم مع حسام قبل ما تقول رأيها موافقة أو لاء
انقبض قلب حسام مع كلمة لينا الأخيرة، في حين قطب خالد جبينه ينظر لأخيه متعجبا، ليبادله عمر بنظرات متعجبة حقا لا يفهم ما يحدث، في حين هب حسام سريعا يغمغم متلهفا:
- آه طبعا طبعا
نظر خالد لحسام ساخرا، في حين نظرت لينا لعمر تحادثه مبتسمة:
- بعد إذنك طبعا يا عمر.

تردد عمر للحظات قبل أن يحرك رأسه بالإيجاب، سيفهم كل شئ من سارة بعد أن تنتهي تلك الزيارة، ابتسمت لينا تشير لحسام ليتبعها، التقط حسام حقيبة كبيرة وعلبة مغلقة ليتحرك خلف لينا إلى الشرفة حين طاولة مستديرة جلست سارة على أحد جانبيها وحسام على المقعد الآخر امامها، نظرت لينا لسارة تشجعها بعينيها تبتسم لها في هدوء شدت على كفها، قبل أن تنظر لحسام تردف محتدة:.

- أنا واقفة برة يعني لو فكرت تزعلها هاجي ارميك من البلكونة
توسعت عيني حسام في دهشة ينظر لزوجة أبيه مصعوقا، متي أصبحت بتلك الشراسة، تلك القصيرة صاحبت اللسان الذي يفوقها طولا، خرجت لينا من الشرفة لينظر حسام سريعا ناحية سارة ما حدث كاملا لا يهم، الأهم الآن أنها يراها اخيرااا، أنه هنا ليتخذها زوجة وحبيبة، كسر الصمت يهمس لها بتلهف مشتاق:
- سارة، أنا.

رفعت وجهها له في تلك اللحظات رأي من خلال حدقتيها المضطربتين أنها تود قول شيئا ما، مترددة وربما خائفة منه بعد ما فعل، صمت ينتظر ما ستقول، زفرة طويلة خرجت من بين شفتيها تشد على أسنانها رفعت وجهها له تتذكر ما قالته لها لينا، حركت رأسها إيجابا كأنها تستعيد تلك الكلمات في عقلها من جديد، تجنبت النظر لعينيه تماما تغمغم في هدوء جاف:.

- بص يا حسام ولو سمحت ما تقاطعنيش، أنا ما عملتش اي حاجة غلط عشان تكلمني بالشكل دا وتقف تهددني، أنا ما روحتش وقفت مع شهاب وقولتلن كلمني لو سمحت، أنا كنت رايحة المحاضرة هو جه يسألني أن كنت سجلت محاضرة امبارح لأنه ما كنش موجود، قولتله اني هبعتها على تليجرام الدفعة، بس، لا واقفة بضحك ولا بهزر، ولا ينفع إنت تكلمني بالشكل دا، كان ممكن تقولي بمنتهي البساطة انك بتضايق، مش واقف تهددني وتكلمني وكأني عاملة جريمة، خليتني مش عارفة حتى أنا حليت إيه في الامتحان...

- ناقصة درجة، بعد ما اختارتي الإجابة الصح شخبطتي عليها واختارتي الغلط.

توسعت عينيها في دهشة تنظر له مذهولة لا تنكر شعورها بالسعادة مما قال، رغم ذلك حافظت على تعابيرها الهادئة الجامدة، في حين ارتسمت هو ابتسامة صغيرة على ثغره لينا زوجة من شجعتها لتقول تلك الكلمات كيف علم؟ من تلك الجملة التي قالتها سارة «ممكن تقولي بمنتهي البساطة انك بتضايق، » والتي قالتها لينا له قبلا بشكل مختلف قليلا، أعجبه غضب سارة، أعجبه توترها وهي تحاول اخباره كم هي غاضبة منه، محاولاتها أن تظهر شجاعة، ظل صامتا بعد أن قال ما قال يراقب تعابير وجهها، رائها كيف حاولت أن تبدو جامدة في تعابيرها اللطيفة حمحمت في حدة لا تليق بها تماما تردف بجمود:.

- شكرا، أنا عارفة اني حليت كويس، عشان كنت مذاكرة كويس، مش دا موضوعنا، أنا مش هسمحلك ابدا بالشكل دا تاني، أنا
- أنا آسف، أنا بحبك.

همس بهما بصوت خفيض شغوف رخيم، لتشخص حدقتيها في ذهول تندفع الدماء إلى وجنتيها، وتفر باقية الدماء من جسدها خجلا تاركة إياها جثة تتجمد من وقع جملتين فقط، اختفت أنفاسها تسارعت دقاتها، ضمت كفيها تفركهما بعنف حين سمعته تنظر أرضا جسدها شبه يرتجف، لينا لم تخبرها أنه سيقول تلك الكلمات التي تسلب القلب في لحظة، اغمضت عينيها حين سمعته يكمل ما يقول بنبرة هادئة رخيمة حنونة:.

- أنا آسف يا سارة، انتي عندك حق، ما كنش ينفع ازعقلك بالشكل دا، من غير ما اعرف الموضوع، أنا بس كنت غيران أوي، بس اوعدك أن دي اول واخر مرة هزعلك فيها، أنتي غالية عندي اوي يا سارة اغلي مما تتصوري.

في تلك اللحظة تحديدا تريد أن تبكي من الخجل، تركض إلى غرفتها تحتمي بها من دقات قلبها المتسارعة مشاعرها التي يغزف عليها انغاما تبعثرها، فتحت مقلتيها حين سمعته يطلب منها ذلك برفق، لتراه يحمل صندوق كبير من محل طعام شهير للغاية وضعه على الطاولة، ليمسك بحقيبة كبيرة من الورق يضعها جوار الصندوق على الطاولة يغمغم مبتسما:
- دول عشانك اعتبريهم هدية أو اعتذار، أنا مش عايزك تزعلي ابدا يا سارة.

رفعت عينيها لمقلتيه لحظة واحدة تنظر لعينيه اللامعة التي لم يحجب لمعانها زجاج نظارته الشفافة، ارتسمت ابتسامة كبيرة خجولة على شفتيها تنظر بعيدا
في اللحظة التالية دخل خالد إلى الشرفة فجاءة يغمغم ساخرا:
- اجيب مخدة من عند عمك عمر وامدد على الكنبة، لو ناوي نبات هنا قولي
نظر حسام لأبيه حانقا، في حين أحمر وجه سارة خجلا اشار خالد بيده لحسام لأن يخرج من الغرفة، اقترب هو من إبنه أخيه يحادثها مبتسما برفق:.

- سارة، حبيبتي، ما فيش اي حد في الدنيا يقدر يغصبك توافقي على حاجة انتي مش عاوزاها، لو مش موافقة يا حبيبتي...
- أنا موافقة
قاطعته سارة تهمس بها بصوت خفيض متوتر خجول، لتخرج ضحكة صغيرة من بين شفتي خالد، يربت على رأسها برفق، عاد لهم، يجلس مكانه من جديد يتمتم مبتسما:
- بما أن سارة موافقة نقرا الفاتحة.

جائت لينا في تلك الاثناء تمسك بيد سارة جلست جوارها على أحدي المقاعد القريبة منهم، نظر عمر لابنته يسألها بعينيه أن كانت حقا موافقة أم لاء، لتومأ سارة برأسها بخجل ابتسم عمر في حين رفع حسام يده سريعا ليضحك الجالسين على ما يفعل، بدأوا جميعا في قراءة الفاتحة إلى أن انتهوا ربت خالد على ساق يردف:
- نتفق بقي، بنت اخويا هتيجي معززة مكرمة بشنطة هدومها بس
حرك عمر رأسه نفيا سريعا يعترض بحدة على ما يقول أخيه:.

- لا يا خالد معلش، اخوك مش فقير الحمد لله، زي ما جهزت سارين ههجز سارة، والموضوع هيمشي طبيعي زي ما بيحصل في اي جوازة
هنا تدخل حسام فجاءة يردف ساخرا:
- طب بما ان الأجهزة الكهربائية على العروسة فأنا عايز بلايستيشن 5 الجديد
التفت خالد لحسام ينظر له شرزا يتوعد له، في حين صدم زيدان قدم حسام بعنف تأوه حسام يمسد ساقه ينظر لصديقه حانقا ضحك زيدان يحادث عمر سريعا:.

- بيهزر طبعا أنت عارف حسام دمه خفيف بس ساعات بتقلش منه، شربات يا حسام
قلب حسام عينيه ساخرا، ليقرر هو تولي دفة الحديث ويا ليته لم يفعل نظر لعمر يقول بجدية مفرطة:
- قبل الشقة والعفش والكلام دا كله، هنتجوز أمتي، أنا بقي نعمل شبكة وكتب وفرح في ليلة واحدة ويا ريت بكرة
رفع عمر حاجبيه ينظر لحسام مستهجنا ما يقول ليلكزه خالد بمرفقه في صدره يهمس له حانقا:
- اخرس بدل ما اقل منك قدام الناس.

زفر حسام أنفاسه غاضبا، لما يعامله أبيه بتلك الطريقة، هو العريس هنا ويجب أن يتولي هو تحديد ميعاد زفافه ليردف قائلا من جديد في حدة:
- انتوا كدة كدة مش هترضوا تخلوني اخرج معاها غير لما اكتب عليها، فيها ايه لو عملنا الشبكة والفرح مع بعض، مش هتحصل حاجة يعني، نخليها في اجازة نص السنة.

تجهم وجه عمر ينظر لذلك الفتي الارعن كم يرغب في أن يصفعه على فمه ليتوقف عن تلك التراهات التي يقولها، كاد خالد أن يتحدث حين بادر زيدان يقول في هدوء مقنع:
- بصراحة أنا مع حسام في اللي بيقوله، طالما المبدئ موجود يبقي ما فيش داعي للتأخير، يعني على ما تيجي اجازة نص السنة، تكون الشقة جهزت ودي مسؤولية حسام وحضرتك يا خالي بما إنك والد العروسة وخالد باشا طبعا، كان على الهدوم أو الفرش، فدي مسؤولية لينا.

بنتك يا خالي وماما طبعا مش هتتأخر ومدام تالا وسارين، وفي خدامين كتير في الفيلا ممكن يساعدوا، القاعة حسام اللي هيحجزها ويتفق عليها، وإن كان على فستان الفرح تقدر سارين تجيبه بعد الامتحانات، الموضوع بسيط جدااا
ما إن انهي زيدان كلامه اندفع حسام يعانق صديقه بقوة يتمتم فرحا:
- حبيبي يا أبو الصحاب، ربنا يخليك للغلابة.

لم يقتنع عمر تماما بما قال زيدان فأخبرهم بأنه بحاجة لوقت أكثر لمشارة ابنته وسيعطيهم رده، نزلت العائلة إلى أسفل ليجدوا سيارة زيدان تقف هناك، فالسيارة الاخري مقعد السائق مبتل بفعل ملابس حسام، جلس زيدان خلف المقود جواره خالد ولينا في الخلف في المنتصف بين والدتها وحسام، التفت خالد لزيدان يحادثه متهكما:
- ايه يا واد العقل دا، دا أنا اقتنعت
ضحك زيدان يرفع يده يؤدي التحية لخالد يتمتم ضاحكا:.

- تلميذك يا باشا
كاذب، كاذب، كاذب، رددتها لينا داخل نفسها مئات المرات تلميذ فاشل تعلم كل شئ من والدها الا قواعد العشق...
- ايوة يعني تفتكروا عمي عمر هيوافق ولا لاء..
غمغم بها حسام قلقا لينظر له الجميع شرزا بعد ما فعله بالاعلي، خالد على وشك أن يلقيه من السيارة:
- إنت تخرس خالص بدل ما ارميك من العربية، ايه اللي أنت هببته فوق دا
قلب حسام عينيه بملل يردف ساخرا:.

- أنا عملت ايه يعني مش هو اللي عملي فيها أبو العروسة وأنا هجهز بنتي بنفسي، هي مش الأجهزة الكهربائية على العروسة بردوا
شد خالد على أسنانه يطحن قبضته التفت بجسده إلى حسام يصيح فيه محتدا:
- تقوم قايلهم عايز بلايستيشن 5 يا ابن ال...
ضحك حسام ساخرا دون أن يرد، في حين انفجر الجميع في الضحك، التفت خالد لزيدان يسأله ساخرا:
- وأنت يا سي زيدان ياللي عاملي فيها أشيك شاب في مصر، فين ست انجليكا اختفت فين.

انثني جانب فم زيدان بابتسامة صغيرة رفع كتفيه لأعلي يغمغم في سخرية مريرة:
- طبعا أشيك شاب في مصر، أنت ما تعرفش قيمة التيشرت دا، وإن كان على أنجليكا فهي سافرت روسيا بس هترجع قريب...
الشقراء غادرت دعت في قلبها إلا تعود من جديد سيرة الشقراء كفيلة بأنها تصيبها بالغثيان، لا هي حقا تشعر بالغثيان بالفعل، يبدو أن الكعكة المحترقة ترغب فئ الخروج من بين امعائها، صاحت متألمة تردف سريعا:
- زيدان وقف العربية بسرعة.

وضعت يدها على فمها، ليوقف زيدان السيارة سريعا اندفعت بجسدها خارجا ترتمي أرضا تتقئ بعنف، هرع الجميع إليها، امسك حسام بها جيدا حتى لا تسقط أرضا، يحاول مساعدتها في تنظيم تنفسها حتى لا تختنق، اخرجت كل ما في جوفها لترتمي برأسها على صدر حسام تنظر لهم مجهدة، ابتسمت لوالدتها في إجهاد تطمئنها بصوت هامس أنها بخير، ليحملها حسام إلى السيارة من جديد، استندت على صدره تتنفس بعنف، لينا تمسح على شعرها برفق، قاد هو السيارة بهدوء تلك الكلمة خوفا عليها ينظر لها من خلال المرآة بين حين وآخر يتذكر صيحتها بأسمه وكأنه كانت تستنجد به، أو هكذا صور له قلبه المتعب.

في صباح اليوم التالي، تقف في شرفة غرفتها في منزل عمها تنظر للسماء هي تحب الطيور خاصة الحمام تحب النظر إليها وهي تطير ترفرف في فضاء سرمدي من الحرية لن ينتهي أبدا، حرية لن تحصل عليها هي ابدا، هي لا تريد حرية اختيار طعام او ملابس، او اي جامعة تختار، هي تريد حرية الروح من قيد العادة، سجن المألوف، قبضان العادات التي تسجن خلفها طير الحمام تمنعه من التحليق بعيدا كما يريد، تنهدت تزفر أنفاسها اليوم سيعودون جميعا هي ووالديها إلى أسيوط من جديد، انتهت زيارتها القصيرة، خرجت من غرفتها لازال الوقت باكر ولكنها استيقظت على اي حال، حين خرجت لصالون المنزل رأت ياسمين زوجة عمها تضع الإفطار على الطاولة ابتسمت لها، قبل ان يصدح فجاءة صوت رنين هاتف المنزل، من بات يطلب هاتف المنزل في تلك الأيام توجهت ياسمين إلى الهاتف، ما إن وضعت السماعة على اذنيها لحظات فقط وشخصت عينيها فزعا تصرخ باسم ولدها، صرخات فزعة مذعورة، غيث اصطدمت سيارة في حادث، هو الآن في المستشفى، أسرع الجميع إلى عنوان المستشفى، هي ووالدها وفارس وجوري وياسمين يركضون في طرقات المستشفي يبحثون عن رقم الغرفة، التي ما أن وصلوها هرع فارس إلى الطبيب يسأله فزعا:.

- طمني ابني عامل ايه، قالولي جاي في حادثة عربية
ربت الطبيب على كتف فارس يبتسم شبه ابتسامة يغمغم في هدوء جاد:
- واضح أن أستاذ غيث مش متعود على السواقة في مصر، بعد الأشعة طلع عنده ضلعين مكسورين للأسف وكدمات ما وصلش الباقي منها لكسور الحمد لله.

لم تنتظر ياسمين أكثر اندفعت إلى غرفة غيث تهرول ناحية فراشه وقفت أمام فراشه تنظر لجزعه العاري الملتف بشاش طبي، كدمات متفرقة تعلو جسده يبدو أن الحادث حقا كان عنيفا ليؤذيه لتلك الدرجة، فاضت دموع عينيها اقتربت منه تربت على خصلات شعره تهمس باسمه بحرقة:
- غيث، غيث، رد على ماما يا حبيبي.

دخل فارس خلفها بصحبة رشيد وصبا وجوري، اقترب من زوجته يربت على كتفها برفق ينظر لوالده بالكاد يسيطر على دموع عينيه يحاول طمئنه نفسه قبلها:
- ما تخافيش يا ياسمين الدكتور بيقول هيبقي كويس، يارب، بإذنك يارب هيبقي كويس.

وقفت صبا هناك بعيدا تنظر له رغما عنها انسابت دموعها بحرقة وضعت يدها على فمها تنظر لحالته المذرية، وعقلها يذهب لتفسير واحد فقط أن مراد هو من فعل ذلك، هو من حاول قتله بعد ما فعله، توترت حدقتيها تنظر لغيث لتعاود النظر لوالدها، هل تخبر والدها بأمر مراد، أم تكتفي بالصمت وتترك ذلك الشيطان يحاول أن يقتل أخاها كما حاول قتل غيث، بالطبع هو من غيره سيفعل، ستخبر والدها وما يحدث، هي المخطئة في البداية وعليها أن تدفع ثمن خطئها الآن!

تقف في المطبخ تدندن بلحن أغنية ايطالية تحبها تلتف حول نفسها كفراشة بين حديقة أزهار، سعيدة كلمة قليلة للغاية عما تشعر به في تلك اللحظات تكاد تطير فيها من الفرح، قلبها يتراقص مع انغام الموسيقي، هي وادهم والعشق ثالثهما، قيس وليلى ولا مكان لجني الشعر هنا، فقصائد قيس فاضت كنهر عذب في قلب ليلي روته لتزهر جنة عشقهم الخالدة، ابتسمت سعيدة تنظر للطعام الذي أعدته بيديها لزوجها الحبيب النائم، صوت دقات هاتف أدهم، خرجت من المطبخ سريعا هناك ملقي على الأريكة التقطته لتري اسم والدها فتحت الخط تضع الهاتف على اذنها لتسمع صوت أبيها الحاد:.

- جري ايه يا عم أدهم أنت هتفضل عايش في دور العريس كتير، الشغل متعطل وأنت ولا هنا
ضحكت عاليا تحادثه والدها مبتسمة في حبور:
- أنا مايا يا بابا أدهم لسه نايم
ابتسم حمزة ما أن سمع صوت ابنته ليبادر قائلا:
- حبيبة بابا وحشاني والله، روحي صحي عريس الغفلة وقوليله متعطل بسببه، لو ما جاش هاجي أنا اعلقه.

ضحكت مايا من جديد تحادث والدها لدقائق قبل أن تغلق معه الخط، تحركت ناحية غرفة نومهما اقتربت من الفراش حيث يغط أدهم في نوم عميق كطفل برئ!، جلست جوار رأسه مدت يدها برفق تربت على خده تحادثه بهمس خافت:
- أدهم، أدهم اصحي يا أدهم، أدهم اصحي عشان الشغل
تململ في نومته يتأثب ناعسا فتح عينيه قليلا لترتسم ابتسامة سعيدة على ثغره امسك كف يدها يقبلها يتمتم ناعسا:.

- صباح العسل، بذمتك في حد يصحي من النوم يلاقي العسل دا كله قدامه
ابتسمت خجلة! تسبل عينيها برقة جذبت يدها من يده تغمغم بخفوت رقيق:
- على فكرة انا بتكسف، قوم يلا عشان تروح الشركة، أنا هروح احط الفطار على السفرة.

رفع حاجبيه ينظر في اثرها مدهوشا من تلك التي تخجل؟!، مايا، حرك رأسه يبتسم في حالمية شديدة، أيام كالجنة قضاها معها، ولكن لما يجب أن تدق الساعة الثانية عشر بتلك السرعة، لما يجب أن ينتهي حلم الأمير سريعا ويضطر إلى الذهاب لعمله!

أمام عمارة سكنية كبيرة حديثة الطراز لافتة كبيرة خط على سطحها ( قاسم رشوان، طبيب نفسي ) وقفت سيارته أمام عيادة الطبيب ينظر للافتة لحظات طويلة يزفر أنفاسه حانقا لا لن يذهب ولكنه يحتاج إلى أن يذهب، لن يفعل، ولكنه بحاجة للحديث بحاجة لذلك، حسم قراره، ليقرر الصعود لأعلي لا مجال للتراجع الآن، ما إن صعد إلى أعلي وقفت سيارة لينا هي الاخري نزلت من سيارتها لتلمح عينيها سيارة زيدان تقف أسفل عيادة قاسم، زيدان هنا، ماذا يفعل، ولما جاء لقاسم من الأساس، هناك حلقة مفقودة، ستعرفها الآن، أخذتها طريقها سريعا لأعلي تبحث عنه هو أولا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة