قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وتسعة وعشرون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وتسعة وعشرون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وتسعة وعشرون

ما بين ضحكات خالد الشامتة ونظرات لينا المتعجبة من قسمات وجه حسام المتنشجة غضبا وحسرة، رفع حسام رأسه لأعلي يصيح مقهورا:
- أنا مبتلي، أنا ايييه، مبتلي، كان يوم ما طلعتوش شمس لما قررت ابقي دكتور نسا
شد على أسنانه يطحنها بعنف يلقي سترة حلته فوق كتفه صعد لأعلي يغمغم بكلمات عديدة مبعثرة تعبر عن غضبه وقهره، في حين نظرت لينا لخالد تسأله عن سبب غضب ذلك الفتي:
- هو ماله حسام متعصب ليه كدة.

ضحك خالد عاليا حتى بانت نواجزه لف ذراعه حول كتفي زوجته يحرك رأسه يتمتم ضاحكا:
- لا يا قلبي ما تاخديش في بالك تعالي مطلع يلا اوضتنا.

حركت رأسها بالإيجاب تحركت بصحبته إلى حيث عرفتهم، بينما في غرفة حسام دخل حسام إلى الغرفة ليجد الغرفة تعم في الظلام وضوء خافت فقط يأتي من شرفة الغرفة الشبه مفتوحة، أضاء إنارة الغرفة لتقع عينيه على عروسه التي تنام باريحيه على التخت بأكمله بفستان زفافها، فقط تخلصت من حجاب رأسها ليسترسل شعرها الأسود المصفف، تنهد يشد على أسنانه غيظا، اقترب من الفراش يبحث عن جزء صغير فارغ يجلس حتى فيه فستانها يحتل ثلثي الفراش، جلس اخيرا في مساحة صغيرة للغاية، مد يده يربت على وجنتها بخفة يحاول إيقاظها:.

- سارة، سارة اصحي يا سارة، اصحي مش عايزة تطمني على ماما طيب، سارة انتي كدة مش نايمة انتي كدة في غيبوبة...
اولته ظهرها تهمهم بصوت ناعس:
- بس بقي يا سارين بطلي رخامة..

أغمض عينيه متحسرا، سارين تظنه سارين شقيقتها، زفر أنفاسه حانقا، حين فتح عينيه من جديد، مسح على شعرها برفق قبل أن يتحرك من مكانه صوب المرحاض بدل حلة عرسه الكارثي ب (بيجامة) زرقاء من القطن، توجه إلى الفراش يزيح القليل قماش الفستان يبحث عن مكان فارغ للنوم، استلقي على ظهره ينظر لسقف الحجرة يتنهد حانقا بين حين وآخر، شعر بها تتقلب في نومها ليصبح وجهها مقابلا له، نام على جانبه الأيمن ينظر لها يبتسم في عشق جارف، مد يده يداعب خصلات شعرها تنهد يهمس لها بعشق:.

- زي القمر، احلي من القمر كمان، ينفع المقلب دا يا سرسورة، بس مش مهم فداكي، أنا اصلا مش مصدق أن أنا وانتي اتجوزنا أخيرا، عديت ال30 وأول مرة أعرف يعني ايه حب لما شوفتك، اه والله أنا كنت فاكر أن قلبي باظ من الركنة، بس طلع شغال..

صمت للحظات ينظر لها يبتسم قبل أن تلمع عينيه بفكرة ماكرة، جذب هاتفه سريعا يبحث بين الأرقام إلى أن وصل لرقم عمه الحبيب، يحاول الإتصال به مرة تليها أخري وأخري وأخري إلى أن اجاب الأخير بصوت ناعس قلق:
- في ايه يا حسام بتتصل دلوقتي ليه، سارة كويسة
ارتسمت ابتسامة واسعة متشفية خبيثة على شفتي حسام قبل أن يردف ساخرا:
- آه يا عمي ما تقلقش أنا بس كنت متصل بيك اقولك حاجة مهمة اووي.

- حاجة ايه يا حسام خير يا ابني قلقتني
غمغم بها عمر بصوت متلهف خائف مذعور، لتشق ابتسامة كبيرة شفتي حسام ضحك يغمغم شامتا:
- أنا حاضن بنتك دلوقتي يا عمي سلام.

قالها وأغلق الخط سريعا قبل أن يلقي عليه عمر وابل من السباب لن ينتهي قريبا، ضحك عاليا متمنينا أن تستيقظ سارة على صوت ضحكاته ولكن دون فائدة كان وكأنه ينفخ في بوق أجوف سارة نائمة كالقتلي جواره، ارتمي بجسده على الفراش مجدد، جذبها بجفة ليضمها لاحضانه وهو نائم يغمغم مذهولا:
- دي مش نايمة دي مقتولة!

على صعيد آخر قريب من غرفته في غرفة أبيه تحديدا تجلس لينا فوق الفراش أمامها شاشة التلفاز تعرض مقطع الفيديو ذاك مرارا وتكرارا تنظر لكل تفصيلة فيه تنهمر دموعها، غص قلبها لحظات حقدا على والدها، لو لم يكن ابعدها منذ البداية لما حدث كل ما حدث، كانت ستتغير حياتها تماما، ولكنه القدر لا يمكن تغييره او الندم عليه الآن، في تلك اللحظات دخل خالد من الغرفة يضحك عاليا ويبدو وكأنه سمع أكثر نكتة مضحكة في العالم وقبل أن تسأله عما يضحك بادر هو يغمغم من بين ضحكاته:.

- حسام المتخلف بيكلم عمر ويقوله أنا حاضن بنتك، عمر بيكلمني وهو على أخري، عيل سافل طالع لأبوه
ضحكت لينا بخفة رفعت يديها تمسح ما سقط من دموعها أمسك خالد جهاز التحكم يغلق شاشة التلفاز، ليتوجه إلى دولاب ملابسه يخرج صندوق كبير توجه يجلس جوارها يربع ساقيه تنهد ينظر لها مبتسما يتمتم:.

- أنا جبتلك كل الهدايا اللي ممكن تبقي كريتيف، مش لاقي حاجة جديدة شوفت عيال السوشيال ميديا بيجبوا صناديق زي دي قولت يمكن يعجبك
خرجت ضحكة خفيفة من بين شفتيها، رفعت يمناها تبسطها على خده زفرت أنفاسها بهدوء ترسم ابتسامة عاشقة على شفتيها لمعت عينيها تتمتم بولة:
- أنت هديتي يا خالد كفاية اللي عملته عشاني النهاردة، بجد مش قادرة اوصفلك فرحتي بالفيديوهات والصور دي عاملة ازاي، ربنا يخليك ليا.

ابتسم كلماتها تعود بهما بالزمن لسنوات وسنوات، عشق بدأ من الصفر ويستمر حتى الممات، قبل باطن كفها الموضوع على وجهه يهمس لها بشغف:
- ويخليكي ليا يا حبيبتي، افتحي يلا هديتك
حركت رأسها بالإيجاب تفتح الصندوق الكبير تغوص بيديها بين الكور الصغيرة الملونة تبحث عن هديتها داخلهم، تخرج هدية تليها أخري
ألوح الشكولاتة السويسرية التي تحب، زجاجات عطر يلتصق على سطح كل زجاجة منهم ورقة صغيرة كتب عليها بيده.

( ما يتحطش برة البيت ) ضحكت تكمل بحثها داخل مثلث برمودا، لتلتقط رفيعة تلك العلب تعرفها علب الحلي، بالتأكيد داخلها قلادة فتحتها لتبصر داخلها ورقة صغيرة مكتوب فيها ( لا أنا علبة فاضية عادي ) ضحكت عاليا تنظر له تهز رأسها من أفعاله الغريبة، أمسكت يدها قلادة من الذهب يتوصها علامة النبض واسمه محفور داخل تلك النبضات يتجانس معاها يلتف حولها ورقة كتب عليها ( ايوة أنا اللي كنت جوا العلبة ).

ابتسمت تدمع عينيها، امسكت القلادة تضعها في علبتها، أخرجت العديد من الهدايا إلى أن شعرت بأنها تمسك شئ ثقيل في نهاية العلبة موضوع جذبته بكلتا يديها لتتوسع عينيها في دهشة حين رأت طبق من الحلوي الشرقية مغلف وضعته على قدميها تفتح خيوطه التي تغلفه لترفع حاجبيها حين رأت قطع الحلوي تتراص جوار بعضها البعض قبل أن تردف بحرق اقترب من اذنها يهمس ضاحكا:
- جبتلك بسبوسة يا احلي بسبوسة...

نظرت له للحظات قبل أن تنفجر في الضحك، قطعت قطعة حلوة صغيرة تضعها في فمه لينفجر هو الآخر في الضحك وعلبة الحلوي تراقبهم مدهوشة لا تعرف على ما يضحكان.

في صعيد آخر في أحدي الفنادق الفاخرة صاحبة النجوم الكثيرة في غرفة العروسين تتمايل لينا بين أحضان زيدان على أنغام الموسيقي الهادئة، ترمي نفسها بين ذراعيه تحاول طرد ذكريات الماضي التي هاجمتها فجاءة بعيدا، بعيدا للغاية، لن يحدث شيئا آخر، انتهي الشر، انتهي وللابد، اجفلت على صوت زيدان يسألها قلقا:
- مالك يا لوليا من ساعة ما كنا في الفرح وأنا حاسس أنك خايفة او قلقانة، في حد زعلك طيب...

حركت رأسها بالنفي دون أن ترفع رأسها عن صدرها ظل صامتا ينتظر منها إجابة، ليسمع تنهيدة قلقة متوترة خائفة للغاية خرجت من قلبها قبل شفتيها، شدت على عناقه تهمس بصوت خفيض مختنق:.

- افتكرت يا زيدان، واضح أن عمري ما هنسي أبدا، وأنت واقف قدامي ورافض أن ماكس يقرب مني، بتقوله أن أنا مراتك وحبيبتك وروحك مش هتسمح لحد ابدا يقرب مني، مر قدامي سنين عمري اللي عيشتها في كره وخوف منك بسببه، كان المفروض اكرهه واخاف منه هو، لعب بيا عيشني في ذعر من الناس كلها، قلبي بيتكوي لما بفتكر السجن الازاز اللي عيشت فيه سنين عمري بسببه...

توقف زيدان ليبعدها عنه قليلا فقط قليلا بسط يده أسفل ذقنها يرفع وجهها إليه يري دموعها المراقة بلا توقف، مسح دموعها يبتسم ابتسامة قاتمة سوداء غمزها بطرف عينيه يغمغم في وعيد قاسي:
- تيجي نعمل حاجة مختلفة ليلة فرحنا غيري هدومك، وتعالي معايا.

حين نظرت لعينيه فهمت ما يفكر فيه لم تكن لتفرض وقلبها يصرخ يكوي بنيران قهر لم تنطفئ ابدا، تحركت سريعا تبدل ثيابها، في حين نزع هو سترة حلته ورابطة عنقه التقط مفاتيح سيارته، أمسك بيدها ما أن انتهت ليجذبها معه إلى خارج الفندق، تحت نظرات الدهشة الموصبة ناحيتهم من قبل موظفين الاستقبال لماذا قد تخرج عروس بصحبة زوجها راكضة في ذلك الوقت، استقلت لينا السيارة جوار زيدان يشق طريق الليل إلى مخزن الصحراء، دقات قلبها تتصارع كلما اقتربوا أكثر وأكثر في جوف الليل وقفت سيارة زيدان امام المخزن الكبير، نزل أولا يفتح لها باب السيارة، امسك بكف يدها المرتعش يشد عليه برفق يصطحبها إلى الداخل أضاء الأنوار المغلقة لتقع عينيها على ذلك الشيطان الجالس فوق فراش قديم مهترئ ابتسامته الخبيثة التي احتلت ثغره ما أن رآها ارجفت قلبها عادت بعدها لذكريات قديمة وقف نائل بالكاد يخطو على قدميه فتح ذراعيه ضحك يغمغم ساخرا:.

- ايه دا لوليا حبيبة القلب هنا وحشتيني لا حقيقي وحشتيني
تسارعت أنفاسها تلك المرة غضبا، تشعر بالنيران تحرق خلاياها أجمع، يقف هنا على بعد خطوات منها يفصلهم باب من الحديد مد زيدان لها مفتاح الباب لتلتقطه منه فتحت القفل جذبت المزلاج الكبير وزيدان جواره يلصقها به خوفا عليها، ما إن دخلت إلى الغرفة تحرك نائل ناحيتهم يفتح ذراعيه على اتساعهما يغمغم ساخرا:
- حبيبة قلبي تعالي في حضن جوزك حبيبك.

كاد زيدان أن يهشم عظام وجهه حين أمسكت لينا بذراعه تنظر له تتوسله الا يفعل، هي من ستفعل، ضحك نائل عاليا حين امسكت لينا بذراع زيدان ليغمغم متشفيا:
- شوفت، شوفت لسه بتحبني أنا...

ارتسمت ابتسامة سوداء مخيفة على شفتي لينا تحرك رأسها بالإيجاب تقدمت ناحية نائل إلى أن صارت بالقرب منه تنظر له كارهه وكأنها تري شيطان من الجحيم في حين أنه كان يبتسم ذلك الفتي مختل مريض نفسي، رفعت يدها لتنزل على وجهه بعنف صفعة قوية تلتها اخري واخري واخري تصرخ فيه بشراسة:
- أنا هموتك، هقتلك، هاخد حقي منك...

لم يستطع نائل المقاومة خاصة وأن جسده بالكاد يحمله سقط أرضا تخرج الدماء من فمه وأنفه، يسعل الدماء بعنف، داست لينا بكعب حذائها على اصابع يسراه ليصرخ من الألم، بدأت تركله بقدميها تصرخ بحرقة:
- حس بكل لحظة عذاب أنا عيشتها بسببك، موت أنت شيطان، شيطان لازم يموت
بعنف تركله في بطنه صدره رقبته وجهه بحذائها الضخم اختارته خصيصا والأخير يصيح من الألم، سالت دمائه بعنف من وجهه زاغت عينيه يهمس لها بصوت ضعيف:.

- ارحميني
هنا تأجتت نيرانها المشتعلة احمرت عينيها نفرت عروقها تصرخ فيه بقهر:
- وأنت ما رحمتنيش لييه وأنت عيشتني عمري كله في عذاب وأنت بتقتل ابني وأنا بتدمر حياتي...
وضعت حذائها فوق صدره تضغط عليه بعنف ابتسمت تغمغم في قوة:
- أنا مش هقتلك الموت رحمة ليك، صدقني هتشوف عذاب سنين عمري اللي عذبتهالي.

ركلته للمرة الأخيرة ليصيح من الألم يغمض عينيه فاقدا للوعي، وقفت هي تلهث بعنف تتنفس بصعوبة دقاتها تتصارع تشعر وكأنها كانت تحترق جوار النار وسقطت في نهر بارد نيران غضبها هدأت انطفأت مؤقتا، نظرت له باشمئزاز قبل أن تبصق عليه، التفتت ناحية زيدان تبتسم في ارتياح، ليبتسم هو مد يده لها لتقترب منه سريعا تضع رأسها على صدره لف ذراعيه حولها يسألها:
- أحسن؟

حركت رأسها بالإيجاب سريعا تتنهد بارتياح ليبعدها عنه قبل جبينها ابتسم يهمس جوار اذنها:
- طب يلا نرجع الفندق، ما كملناش رقصتنا
ابتسمت بخفة تحرك رأسها بالإيجاب تتحرك بصحبته إلى الخارج دون أن تلقي نظرة واحدة على ذلك الملقي أرضا، فلا أحد ينظر للقمامة بعد أن يُلقيها.

كان يجلس على ضفاف النيل، باتت تلك عادته منذ أشهر ما أن ينهي عمله، يذهب للنيل يجلس هناك ينظر لسطحه يتنهد بين حين وآخر يتذكر ماضيه بالكامل منذ أن كان طفلا لم يعرف معني الحنان إلى أن بات رجل لا يملك لا قلب لا ضمير لا شئ فقط حقد وكره على الجميع المجتمع الناس حتى الاصدقاء، او بمعني ادق الصديق لم يكن له يوما سوي صديق واحد تآمر بشتي الطرق ليدمره وهو لم يلاقي منه شرا أبدا، كلما تذكر ما فعله به، وكاد يفعله بشقيقته يشعر بنيران بشعة تحرق صدره في تلك الليلة تحديدا اطال الجلوس مر الوقت دون أن يشعر لم تكن من عادته أن يتأخر ولا يعلم لما تأخر لذلك الحد، مرت صورة جاسر أمام عينيه لتدمع مقلتيه رفع وجهه ينظر للسماء يتنهد بحرقة يهمس راجيا:.

- يااارب.

رفع يديه يمسح دموعه قام من مكانه، يتحرك يود المغادرة حين رأي ضوء سيارة تقف بعيدا، نزل منها جاسر!، توسعت عينيه في دهشة ماذا يفعل جاسر هنا ولما يبدو مريضا يترنح في مشيته وقف يراقب صديق العمر لم يشعر بدموعه التي أغرقت خديه ينظر له بحسرة، في تلك اللحظة رأي رجلين من ملامحهم علم أنهم سكاري، كان عليه أن يتدخل الحمقي هربوا كالكلاب الضالة اقترب جاسر منه يريد شكره رآه كيف ترنح كان على وشك أن يسقط، في حين اندفع مراد يسنده سريعا، شد جسده يعيده إلى سيارته بجلسه على المقعد المجاور للسائق، جلس جواره ادار المفتاح الذي تركه جاسر عالقا في السيارة، يبحث عن أقرب مستشفي إلى أن أن وصل إلى إحداها، نزل سريعا يصيح في الممرضين خائفا:.

- بسرعة بالله عليكوا اغمي عليه فجاءة
تحرك الممرضين ومعهم مراد يضعون جاسر على سرير متنقل إلى أحدي غرف الطوارئ، وقف مراد خارجا قلبه يتفتت من الخوف كان أحمق غبي حاقد أعماه حقده وطعن صديقه، عض أنامله ندما مر الوقت بطيئا مخيفا إلى أن خرج طبيب شاب من الغرفة هرع مراد إليه يسأله مذعورا:
- طمني يا دكتور جاسر ماله
ابتسم الطبيب في هدوء يردف:
- ما تقلقش دا هبوط مش أكتر، أنا علقتله محلول شوية وهيفوق.

شكر الطبيب مرارا وتكرارا قبل أو يتوجه إلى غرفة جاسر رآه وهو مسطح على الفراش ملامح وجهه مجهدة يغمض عينيه نائما، محلول موصل بعرق يده، جذب مقعد يجلس جواره امسك بكف يده ينظر له للحظات قبل أن ينفجر باكيا يتمتم بحرقة نادما:.

- سامحني يا جاسر سامحني يا صاحبي، أنا آسف، كنت شيطان اذيتك كتير اووي وحاولت ااذي اختك الصغيرة وهي مالهاش ذنب، ما كانش في قلبي غير الحقد والكره والطمع، بس والله أنا اتغيرت عارف اتغيرت ازاي كنت في الحبس مرمي، بخطط ازاي لما اخرج انتقم منك، على اللي عملته، كان مكاني جنب الباب بتاع الحجز كنت ساند على رأسي بحاول أنام سمعت صوت عسكري من برة عمال يقول طول ما هو واقف او قاعد أنا مش عارف ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) وكان عمال يكررها كتير لدرجة اني بدأت اكررها وراه من غير ما احس، لساني بيقولها وأنا مش دريان، لحد ما بدأت أحس بيها، ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ايوة أنا فعلا ظالم حاقد مؤذي، اذيت ناس كتير واتجبرت على ناس أكتر، عارف لما تحس أنها رسالة بفرصة تانية، لسان فضل يقولها لوحده ومن غير أحس دموعي بدأت تنزل، بيمر قدام عينيا كل اللي عملته في حياتي، كنت واثق أن واحد زيي مالوش توبة، رغم كدة فضلت ارددها كتير، لحد ما سمعت آذان الفجر كانت أول مرة في حياتي ادعي يا جاسر، أول مرة ادعي، بعدها بكام يوم جيت إنت وادهم وخرجتوني، نن بعدها توبت والله العظيم توبت وبدعي ربنا ليل مع نهار يقبل توبتي، ونفسي تسامحني يا صاحبي.

رفع مراد وجهه ينظر لجاسر النائم ما أن انهي حديثه دموعه النادمة تغرق وجهه توسعت حدقتيه حين رأي جاسر ينظر له، نظرات فارغة لا حياة فيها، نظرات صماء، نزع جاسر يده من يد مراد بوهن شديد، اشاح بوجهه في الإتجاه الآخر يحادثه بصوت خفيض متعب:.

- امشي اطلع برة، أنا حذرتك لو شوفتك تاني هموتك، امشي من هنا، ما تطلبش حاجة مستحيل هتاخدها، أنا عمري ما هسامحك، لما يتغدر بك من حد بيكرهه، بتبقي متوقع دا، إنما لما يبقي صاحب عمرك هو اللي يطعن بتموت ألف مرة من الوجع والقهر، امشي يا مراد، امشي من هنا، أنا اللي آسف بس مش هقدر اسامح ولا انسي.

اخفض مراد رأسه أرضا تنهمر دموعه بعنف، ماذا كان يتوقع أن يأخذه جاسر بين أحضانه يخبره بأنه سامحه بعد أخطائه البشعة، تنهد بحرقة يحرك رأسه بالإيجاب رفع رأسه للمرة الأخيرة يهمس بصوت مختنق من البكاء:
- ممكن اسألك سؤال، هو ممكن يجي يوم وتسامحني
أدمعت عيني جاسر لا يعرف حتى لما وشعر حقا بالغضب من نفسه حين شعر بالدموع تتجمع في مقلتيه مشفقا على حال ذلك الذي كان يوما صديقه، حبس أنفاسه يتمتم بصوت جاف بارد:.

- يمكن مين عارف
ارتسمت ابتسامة أمل كبيرة على شفتي مراد يحرك رأسه بالإيجاب رفع يديه يمسح دموعه بعنف يهمس ممتنا:
- شكرا يا جاسر، أنا هستني اليوم دا حتى لو كان آخر يوم في عمري عن إذنك، خلي بالك من نفسك.

قام من مكانه يتحرك لخارج الغرفة التفت برأسه ينظر ناحية جاسر الذي يشيح بوجهه ينفر من رؤيته، أغمض عينيه ندما كم يتمني ان يذهب إليه يعانقه يطلب منه السماح ولكنه سينتظر فبعض الأخطاء لا تغتفر بسهولة ابدا، حرك المقبض ليخرج من الغرفة يأخذ طريقه مشيا عائدا لبيته، مرت عدة دقائق على جاسر قبل أن يشعر بأنه أفضل حالا، انتصف جالسا يضغط على الزر المجاور له يستدعي الممرضة، التي جاءت سريعا سألها عما حدث لتخبره بالتفاصيل كاملة مدي خوف وهلع صديقه عليه حين جلبه، حتى أنه دفع حساب المشفي قبل ان يرحل، تركته وخرجت ليبقي جاسر ينظر للمقعد الفارغ الذي كان يجلس مراد على سطحه تنهد بحرقة يتمتم مع نفسه:.

- ما كنتش بس صاحبي يا مراد، كنت اخويا ودراعي اليمين وعكازي، مش سهل انسي اللي عملته يا صاحب عمري...

في صباح اليون التالي يوم الجمعة يوم العطلة، في غرفة حسام حيث ينام العروسين في هدوء، انزعجت سارة من أشعة الشمس التي صدمت وجهها فجاءة لتفتح لتعقد جبينها فتحت مقلتيها بقدر بسيط سرعان ما توسعت عينيها فزعا حين رأت حسام أمامها مباشرة صرخت مذعورة لينتفض الأخير من مكانه يصيح مفزوعا هو الآخر:
- ايه في ايه مين مات، مين اتقتل، حصل ايه
لم يكد يعي صدمته الأولي وجدها تصرخ فيه مذعورة تدفعه بعيدا عنها:.

- أنت قليل الأدب ومش متربي، بابا هيقتلك، أنت ازاااي نايم جنبي، ياباااابااا، الحقووووني
امسك ذراعيها التي لا تتوقف عن ضربه يصيح فيها محتدا:
- بسسس ايه سارينة وفتحت، يخربيت الجواز على اللي عايز يتجوز، أنتي مجنونة يا سارة، احنا اتنيلنا اتجوزنا امبارح، بصي على الفستان اللي انتي لابساه كدة.

اخفضت رأسها سريعا تنظر لفستان زفافها الأبيض لتتوسع عينيها في دهشة، صحيح كيف نسيت أنهما قد تزوجا بالأمس، اخفضت رأسها في حرج احمرت وجنتيها خجلا، ليصدح في تلك اللحظات صوت دقات عالية على باب غرفتهم وصوت خالد يحادث حسام محتدا:
- حسام، أنت يا حيوان اوعي تكون بتضربها...

ترك ذراعيها ينظر لها حانقا، جذبت بصوتها الرنان والده وطبعا ظن أن ولده الاحمق يضرب عروسه، تنهد يزفر أنفاسه تحرك يفتح الباب ليبصر والده بصحبة زوجته التي بادرت تصيح فيه محتدة:
- في اي يا حسام إنت بتضربها عشان نامت امبارح لا أنت مش طبيعي
توسعت عيني في دهشة انظروا من بات الوغد الدنئ الآن اشار لنفسه مذهولا يحرك رأسه نفيا بعنف ليصيح فيهم محتدا:.

- ايييه في ايييه حد قالكوا اننا دراكولا، سارة هانم نسيت اننا متجوزين أول ما شافتني نايم جنبها رقعت بالصوت، ولا كأنها شافت حرامي جاي يسرق أعضائها
أصفر وجه لينا حرجا من ظنها السئ بالفتي ولكنها فقط ارتعبت من صرخات سارة، تقدمت سارة من الباب تمسك طيات فستان زفافها بين يديها وقفت خلف حسام ابتسمت متوترة تتمتم في حرج:
- أنا آسفة أنا اللي عملت المشكلة دي، بس الوضع جديد عليا وكنت صاحية مش مركزة.

ابتسمت لينا في اتساع ما أن رأتها لتقترب منها تعانقها بقوة تغمغم في حبور:
- صباح الفل يا عروسة، ولا يهمك يا حبيبتي، يلا اجهزوا انتوا وحسام، عشان ساعة وهنسافر زيدان ولينا جايين في السكة
نظر حسام بطرف عينيه إلى خالد رأي ابتسامة الأخيرة المتشفية، اقترب خالد من حسام وقف جواره مباشرة يهمس له بصوت خفيض ساخر متشفي:
- دا أنا همسكها عليك زلة العمر كله، عارف هخليك تعملي عجين الفلاحة.

نظر حسام لسارة حاقدا الحمقاء والده سيجعله عبدا بلا أجر بسببها، انسحبت لينا تجذب خالد من الغرفة نظر الأخير لحسام يبتسم له متشفيا، ليصيح الأخير متحسرا:
- أنا مبتلي ومني لله عشان بقيت دكتور نسا، ياريتني كنت دخلت صنايع.

مرت ساعة نصف تقريبا قبل أن تتحرك الثلاث سيارات في طريقهم للقرية السياحية الشهيرة، مرت بضع ساعات إلى أن وصلت السيارات، استقبلهم صديق خالد يعطي لكل واحد منهم مفتاح غرفته تحرك الشابين أمامه قبل أن يتوجه كل منهما لجناحه سمعوا صوت خالد يردف:
- أنت رايح فين يا باشا منك ليه، هنروح نتغدي الأول أنا حاجز ترابيزة في مطعم هايل
حرك زيدان رأسه بالنفي تثأب يتمتم ناعسا:
- لا يا خالي خليها بعدين أنا تعبان وعايز أنام.

فعل حسام المثل تماما يغمغم سريعا:
- ايوة أنا كمان عايز أنام
نظر خالد لحسام يرفع حاجبه الأيسر ابتسم يغمغم متوعدا:
- بتقول حاجة يا حسام
شد حسام على اسنانه كور قبضته يطحنها تنهد يتمتم بحسرة:
- جعان، أنا جعان، يلا نروح نتغدي وحسبي الله ونعم الوكيل.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة