قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة واثنا عشر

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة واثنا عشر

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة واثنا عشر

سعادة يكاد عقله ينفجر منها، أخيرا حصل على موافقة عمه، ستزوجها لو الأمر بيده لتزوجها في الحال، انتفضت ذرات جسده أجمع تصرخ من الفرحة بينما هرول هو ناحية عمر يعانقه بقوة يصرخ فرحا:
- موافق، بجد موافق، قول والله العظيم أنك موافق
ضحك عمر يآسا ينظر لذلك الشاب الذي من المفترض أنه تجاوز الثلاثين، رفع يده يحاول إبعاده عنه يغمغم ضاحكا:
- يا سيدي موافق اغنيهالك، اوعي ياض بقي خنقتني.

ابتعد حسام عن عمر ينظر بأعين لامعة لسارة الجالسة هناك وجهها يكاد ينصهر من شدة خجلها، لما تخفض رأسها بتلك الطريقة لما تمعنه من رؤية ما يبقيه حيا يتنقس، تحركت قدميه ناحيتها مسلوب الإرادة ليشعر بيد تقبض على كتفه تمنعه من التقدم نظر خلفه ليجد عمر يقبض على تلابيب ملابسه، ينظر له باستهجان يتمتم ساخرا:.

- إنت رايح فين لمؤخذة، جو الأفلام الاجنبي و she said yes وتاخدها بالحضن وتلف بيها دا هناك عند ولاد العم سام، إنما هنا تجيب أبوك وتيجي تتقدم رسمي، فاهمني يا حوسو.

امتعضت قسمات وجه حسام غيظا فقط تصبح تلك الصغيرة زوجته ويقسم أنه سيذيق عمر مما يفعله به الآن، تحركت عينيه تلقائيا حين شعر بنظرات حارقة تحدق فيه نظر صوبها ليجد أبيه يرميه بنظرات قاتلة حادة متوعدة، رأي وعيد حاد في عيني أبيه كأنه يقول له انتظر إلى أن ينتهي الزفاف، وسأجعل من بقايا عظامك عصير فراولة، قاطع تلك اللحظات صوت منظم الحفل وهو يعلن عن رقصة الزفاف الختامية، بسرور اصطحب أدهم مايا إلى باحة الرقص هم في المنتصف، ابتسم عمر لحسام ابتسامة صفراء ليمسك بيد ابنته يتوجه بها ناحية ساحة الرقص، ومن بعدهم خالد ولينا، وحمزة وبدور، وفارس وياسمين، لتميل منيرة على ذراعي روحية تأخذ الفتاة منها لكزت مراد في ذراعه تحادثه حانقة:.

- قوم أرقص مع مراتك زي ما كل الرجالة دي بتعمل يلا إنتوا مش أقل منهم
حمحم ينظر لروحية قام من مكانه يمد كف يده لها توترت حدقتيها قبل أن تمد يدها بتردد ظاهر شعر هو به من ارتجاف كفها داخل كفه جذبها لتقوم برفق، يتحرك بصحبتها إلى ساحة الرقص وقف أمامه تخفض رأسها أرضا تتمتم بارتباك خافت:
- ااا، اانا ما بعرفش ارقص
ابتسم ببساطة رفع كتفيه لأعلي يغمغم:
- والله ولا أنا، بصي احنا نعمل زي ما هما بيعملوا.

حين رفعت رأسها كان أول زوجين وقع عينيها عليهم أدهم ومعه مايا، مايا تلف ذراعيها حول عنق تنظر لعينيه ترتسم على ثغرها ابتسامة جميلة واسعة، بينما أدهم يلف ذراعيه حول خصرها يقربها منه يبتسم هو الآخر ابتسامة رائعة وكأن فاز بجائزة عظيمة بعد طول عذاب، انتفض جسدها حين شعرت بيد مراد تمسك كف يدها نظرت له سريعا لتراه يبتسم، ابتسامة جذابة، لحظة هل قالت توا عن ابتسامة مراد جذابة!، توسعت عينيها في دهشة حين شعرت به يلف ذراعيها حول عنقه، في اللحظة التالية تجمدت الدماء توقفت عن الجريان بين خلاياها.

اختفت أنفاسها، تضاربت دقات قلبها بعنف لا تعرف أهو خوف أم قلق أم شعور آخر جديد لم تعرفه قبلا، حين لف ذراعيه حول خصرها يقربها منه فقط خطوة واحدة ارتجفت ساقيها تحاول التناغم مع حركاته البطيئة الماهرة، المخادع يخبرها بأنه لا يستطيع الرقص وهو يتحرك مثل الجميع، ارتجف قلبها تشد قبضتها حول عنقه متوترة تشيح بوجهها بعيدا بينما كان يبتسم وهو ينظر إليها بالقرب منهم في تلك الساحة التي ليست بالصغيرة على الإطلاق، نغمات العشق بين زوجي العشق ابدا تعب القلم من وصفها ولم يقدر حتى عن التعبير عن جُزئ صغير للغاية جُزئ من الكترون واحد فقط يدور في حلقات العشق اللامتناهي هنا البداية ولا تبحث لهم عن نهاية ففي قاموس العشق لا الأحبار تكفي ولا الأوراق تُشبع ولا الكلمات وحدها تعبر عن فيضان يُغرق القلوب، يسلب العقول، يسحر الألباب، العاقل هنا هو المجذوب.

سحر خاص جمع زرقة السماء الصافية بصخور الأرض الصلبة منذ سنوات، وامطار السماء تروي الصخور بقطرات عشق لن يجف حتى مع كلمة النهاية...
جل ما فعلته انها اقتربت منه تضع رأسها على صدره ذراعيها حول عنقه تنهدت تهمس له حالمة:
- بحبك.

أحاط روحه جيدا بذراعيه يغرزها داخل اسوار قلب هي من أسست بنيانه، قلبه تشكل على عشقها، قلب لن يعرف غير قلبها مرسى له، بعد طول صراع يرسو بقاربه على شاطئ كالجنة، ينهل فيه من كل ألوان النعيم وابدأ لن يكتفي، ابتسم ينطق بكلمة واحدة، كلمة كقطرة لا تكفي ابدا للتعبير عن طوفان هائج يهمس لها:
- بعشقك.

ومن هنا لهنا من حب تأسس من الصغر لشعور آخر مختلف، علاقة أخري ربما الحب لم يعرف طريقه فيها وربما هو حب من نوع آخر، ان كان احتواء كل منهما للآخر في أوج وأقل حالاته ضعفا فهو حب، إن كانت الضحكات الصافية التي يرسمها كل طرف على وجه الآخر حب فهو حب، ان كان الأمان الذي يمنحها إليه، السعادة الاحتواء الحنان لها ولأطفالها حب فهو حب، حب من نوع آخر، حب راهن الجميع على جنون أصحابه ولكننا قلنا قبلا أن في قانون العشق العاقل هنا هو المجذوب، فمبالك بالمجنون لقب لم يُطلق سوي على فرد واحد في قاموسنا الامتناهي هو خالد فهو خالد الاسم والصفة والعشق!

التفت الحلقة لتذهب ناحية فارس وياسمينته تلك الوردة النضرة التي حافظ على رونقها رغم مرور سنوات، فالوردة لا تبذل بالعمر، الوردة تبذل بالإهمال، وهو ابدا لم يكن ليُهمل زهرته، كلماته حنانه عشقه لها، كانت قطرات الحياة التي حافظت على نضارة وردته سنوات طويلة يعشقها فيهم، مال برأسه يقبل قمة رأسها يهمس لها بعشق جارف:
- بحبك يا ياسمينة قلبي من اول يوم وقعت عيني عليكي وأنا عارف إن قلبي هيبقي ليكي.

ابتسمت بخفة تريح رأسها على صدره سنوات من العشق يعلوها الإحترام والتقدير، دائما ما يشعرها أنها لازالت تلك الشابة التي أحبها، الشابة التي جمعها به قصة عشق جديدة بعد نهاية مؤلمة لقصة قدمية تنهدت بحرارة تغمغم بولة:
- وأنا بعشقك يا فارس أحلامي.

هنا العشاق وهناك من حاولوا يوما أن يكونوا مثلهم، اختلست لينا النظر إلى ساحة الرقص تنظر للجميع تتخيل نفسها بينهم كانت يوما هي هناك نجمة الليلة بفستانها الأبيض تتمايل بين أحضانه بين جموع الناس، اختلست عينيها النظرات إليه لتجده يقف هناك يستند إلى احدي الطاولات ينظر لساحة الرقص بابتسامة باهتة لامبالية، شهقت فجاءة تبتعد بعينيها عنه حين شعرت بيد حسام تقبض على رسغ يدها يجذبها لساحة الرقص، نظرت له مدهوشة تتمتم حانقة:.

- إنت اتجننت يا حسام اوعي سيبني
ولكنه لم يهتم جذبها لساحة الرقص جوار عمر تقريبا نظرت لينا لسارة لتعاود النظر لحسام تبتسم ساخرة اقتربت برأسها منه تغمغم متهكمة:
- يا ابني أهمد بقي، أنت فاكر أن عمك عمر هيخيلك ترقص مع سارة دا في المشمش يا حوسو
نظر حسام لشقيقته حانقا ابتسم في سماجة قبل أن يلتف بها ويصبح هو بالقرب من عمر بدلا من لينا، رسم واسعة على شفتيه يحادث عمر ببراءة:.

- نبدل يا عمي، اصل لينا بتقولي رقصك وحش وعمي عمر رقصه أحسن منك ألف مرة ولا ايه يا لينا
نظر حسام للينا لترفع الاخيرة حاجبها الأيسر ساخرة تأوهت حين داس حسام على قدمها بحذائه لتغمغم سريعا:
- آه ايوة طبعا اكيد
ضحك عمر ساخرا ينظر لحسام نظرات تحدي ساخرة يتمتم متهكما:
- دا لما تشوف قفاك يا دكتور، عن اذنكوا
قالها ليبتعد بابنته عنهم، لتحتد عيني حسام ينتفس بعنف، كشر عن جبينه نظر لشقيقته يتمتم في غيظ:
- بومة.

توسعت عينيها مدهوشة كادت أن تمطره بوابل من السباب الا أنه قد تركها ورحل، ولكن لينا لم تكن لتترك ثأرها حملت طيات فستانها تتحرك في المكان تبحث عنه هنا وهناك تتوعد له برميه في المسبح ما أن تجده، لتشعر بأحدهم يربت على كتفها التفتت خلفها سريعا لتتوسع عينيها في دهشة نظرت للفاعل تتمتم مدهوشة:
- مروان!

ابتسم ذلك الشاب الذي يدعي مروان ساهر، ذلك الطبيب الذي رأته حين كانت في بيت آل زيدان، هو نفسه الفتي الذي قبلته قبل سنوات وهي طفلة، يقف امامها بحلة سوداء وقميص كمعظم الحضور، يحمل في يده علبة حلوي متوسطة الحجم بها قطع الشوكولاتة مد يده لها بها يغمغم مبتسما:
- اتفضلي دي عشانك، أنا كنت بتصل بوالدك من قريب عشان اسلم عليه، هو عزمني على الفرح واصر اني اجي بس واضح اني اتأخرت.

والدها، التفتت برأسها سريعا تنظر ناحية والدها ليشيح خالد برأسه بعيدا قبل أن تراه ابنته ولكنها قد فعلت ابتسمت في خبث، الآن فقط فهمت إلى ما يخطط والدها، حيلة قديمة عرفت من والدتها انها استخدمتها قبلا، ولكن لما لا، إن كان زيدان تلميذ والدها فالطبع ستنطلي عليه الحيلة، عاد تنظر لمروان تبتسم في رسمية مجاملة تغمغم:
- شكرا على الشوكولاتة...

اخذت منه العلبة، تضعها على الطاولة جوارها، جلست على أحد المقاعد ليجلس هو على المقعد أمامها، لحظات من الصمت عينيها تبحث عن زيدان تحاول أن تراه، بشكل لفت انتباه مروان ليسألها متعجبا:
- بتدوري على حد
ابتسمت مرتبكة تحرك رأسها نفيا، ليقوم مروان من مكانه يمد يده لها يغمغم مبتسما:
- تحبي نرقص.

نظرت لوالدها لتراه يحدجها بنظرة قاتلة يحذرها من أن توافق، يبدو أن مروان يتصرف من تلقاء نفسه ليست تلك تعليمات والدها ابداا، ولكن بعض المغامرة سيكون اكثر من جيد، ابتسمت لمروان تضع كفها في كفه، قامت معه فقط خطوتين لتشعر بيد قاسية لم تكن يوما بتلك القسوة تقبض على ذراعها نظرت خلفها سريعا تنظر للفاعل لتجد زيدان يقف خلفها يحدجها بنظرة توازي الجمر.

اشتعالا رقص قلبها فرحا، رقص قلبها فرحا من نظراته المخيفة قبضته القاسية، زيدان يغار لم يحتمل وجود مروان جوارها، جذبها بقوة لتصبح خلفه يمسك برسغ يدها نظر لمروان ابتسم يتمتم:
- نورتنا يا دكتور، اكيد الفرح نور بوجودك، بس معلش احنا بنات عيلتنا ما بترقصش مع رجالة غريبة، صعايدة بقي
ابتسم مروان في هدوء يرفع كتفيه لأعلي يغمغم ببساطة:
- لا ابدا، ما حصلش حاجة، أنا هسلم على خالد باشا وامشي عن اذنكوا.

تحرك مروان ناحية خالد، في حين التفت زيدان للينا للحظات شعرت بقلبها يدق خوفا منه ألم تكن عينيه زرقاء لما تشعر بها اسود من الليل الحالك، لم يقبض على فكه، يشد على أسنانه بتلك الطريقة، نظر للأرض للحظات يحاول أن يهدي لتتوسع عينيها هي في هلع حين ظنته يود قتلها ودفنها هنا، شهقت مدهوشة حين شعرت به يجذبها لساحة الرقص وقف أمامها يمسك كفها فئ أحد كفيه يضع كفها الآخر على كتفه يتحرك معها ينظر لعينيها يتمتم حانقا:.

- ارقصي يا بنت خالي، بدل ما ترقصي مع راجل غريب، ما احنا مش بقرون قدامك، لو فاكرة اللي بتعمليه دا حرية وتحرر، تبقي غبية دا قمة قلة الأدب، لو فاكرة أنك كدا هتخليني اغير تبقي بتعيدي نفس غلطتك تاني...
وقفت تنظر له تتنفس بعنف كم أرادت أن تخدش وجهه باظافرها على ما قال، جذبت نفسها بعيدا عنه عادت خطوتين للخلف ابتسمت تتمتم ساخرة:.

- بتحاسبني وناسي نفسك، هي فين انجليكا صحيح مش شيفاها، مين قالك أن أنا عيزاك تغير، أنت بنفسك قولت الحكاية خلصت
أنهت كلامها لتحمل طيات فستانها تغادر إلى المنزل، بينما وقف زيدان ينظر في أثرها للحظات قبل أن يأخذ طريقه هو الآخر ويغادر، في تلك اللحظات كانن لوجين على وشك أن تستقل سيارة محمد ليعودا للمنزل، رأت زيدان يخرج من المنزل لتنزل هي من السيارة سريعا تقاطعه في منتصف الطريق تهتف باسمه بتلهف:.

- زيدان يا ابني اسمعني عشان خاطري
- ابعدددددي عني مش عايز اشوف وشك لآخر يوم في عمري، أنتي برة حياتي من زمان مالكيش مكان فيها دلوقتي
صاح بها بقسوة ليترك المكان ويغادر إلى سيارته وقفت لوجين تنظر مكان ما كان يقف تبكي بحرقة تضع يدها على قلبها ليأتي محمد إليها ربت على كتفها يطالعها بنظرات حزينة مشفقة ليأخذها إلى السيارة.

أخيرا انتهي الزفاف وقف الجميع يودع العروسين ترك أدهم سيارته لمراد، ليذهب بها هو والعائلة، أصر حمزة على أن يوصل العروسين إلى منزلهم، انطلقت سيارة حمزة وبدور والعروسين خلفها سيارة مراد وباقي أسرتهم، تحركت سيارة رشيد بصحبة سيارة فارس، إلى منزل الأخير، رحل الجميع ولم يبقي سوي خالد ولينا وحسام، التفت خالد لحسام يرميه بنظرة نارية مد يده ينزع طوقه الجلدي لفه حول يده ينظر لحسام متوعدا يصيح:.

- دا أنا هعلق أهلك على اللي عملته
توسعت عيني حسام في هلع لحظة اثنتين ثلاثة قبل أن يركض هلعا لداخل المنزل وخالد خلفه، ولينا تقف تضحك عليهم.

لم يكن يظن بأن الطريق من منزل خالد لمنزل أدهم سينتهي بتلك السرعة ولكن انتهي، وقفت السيارة امام عمارة سكنية في منطقة هادئة ليست بتلك الراقية للغاية ولكنه حي هادئ تزينه الأشجار، نزل حمزة من السيارة يفتح الباب المجاور لمايا نزلت ابنته الصغيرة التي صارت عروسا بين ليلة وضحاها اقترب منها يعانقها يقبل رأسها يغمغم:
- خلي بالك من نفسك يا حبيبتي، ولو احتجتيني في اي وقت كلميني على طول.

ابتسمت مايا تعانق والدها ليضمها حمزة إليه يشدد على عناقها للحظات تجسدت أمام عينيه ذكري قديمة وهو يحتضنها طفلة صغيرة كبرت لتصبح عروسا، اقتربت بدور منها تعانقها بحنان اموي، التفت أدهم ناحية حمزة اقتربت منه يعانقه دون كلام ادمعت عيني حمزة يربت على رأس ولده يغمغم راجيا:
- انتوا الاتنين غلاوتكوا واحدة في قلبي، بس أنا المرة دي هقولك خلي بالك من مراتك يا أدهم ما تزعلهاش ابدا يا إبني، ولو عشان خاطري أنا.

ابتعد أدهم عن حمزة يقبل كف يده يردف مبتسما:
- مايا جوا عينيا وفوق راسي ما تشلش هم ابدا يا بابا
انسابت الدموع من حدقتي حمزة يعانق الإثنين لفترة طويلة قبل أن يودعهم ظل يقف هناك ينظر لهم إلى أن اختفوا داخل المصعد ليلتفت لبدور التي ربتت على كتفه تبتسم له في رفق ليبتسم لها هو الآخر وقف للحظات قبل أن يأخذ طريقه عائدا إلى بيته، دون ابنته لأول مرة.

اخيرا وصل العروسين إلى عش عشقهما السعيد، على الرغم من أن مايا رأت عش الزوجية ما يزيد عن عشر مرات ولكنها رغم ذلك وقفت تنظر له منبهرة وكأنها تري منزلها للمرة الأولي، التفت حول نفسها في صالة المنزل تغمغم ضاحكة بسعادة:
- أنا مبسوطة اوي يا أدهم أنا أسعد إنسانة في الدنيا النهاردة
ضحك يراقب حركاتها العفوية، هو الآخر يود أن يصراخ بمدي سعادته لا يصدق أنه بعد طول.

صراع انغلق باب واحد عليهما معا اخيراا، اقترب منها يعتصرها بين أحضانه يغمغم بتلهف عاشق:
- مبسوطة، أنا لو فضلت ميت سنة اقولك اصرخ بفرحتي بيكي مش هيكفي.

ابتسمت، شقت شفتيها ابتسامة كبيرة، تركته يقف مكانه كالابله تحمل طيات فستانها الكبير تتحرك به في ارجاء المكان وهو يسير خلفها، تنظر لمحتويات الشقة بنظرات مدهوشة وكأنها تراها للمرة الأولي، التفتت تتوجه للمطبخ ليقاطع طريقها وقف امامها يعقد ذراعيه أمام صدره يغمغم ساخرا:
- ايه يا مايا الانبهار المبالغ فيه دي، حبيبتي انتي اللي فارشة الشقة فوقي، احنا مش فيلم عربي، ما فيش كاميرا ماشية ورانا.

ضحكت رغما عنها، تنظر له تعبس بدلال، لينحني هو بجذعه يحملها بين ذراعيه يتوجه بها للداخل يحادثها مبتسما في عبث:
- عارفة القدماء المصريين كانوا بيكتبوا ايه على ضهر عربياتهم الحربية
قطبت جبينها تحرك رأسها نفيا ليغمزها هو بطرف عينيه يكمل عابثا:
- ما تيجي في التابوت ونجيب حتشبسوت، احنا نصلي وأنا هحكيلك حكاية حتشبسوت كلها
ضحكت لتندمج ضحكاته مع ضحكاتها قبل أن تختفي شيئا فشئ خلف الباب المغلق.

العكس تماما ما حدث هنا الطريق من منزل خالد للحارة لم يكن بذلك القصر، وقفت السيارة اخيرا أمام عمارتهم السكنية في حارتهم البسيطة، نزلت روحية ومن بعدها منيرة، التي اقتربت من روحية تأخذ الصغيرة من بين ذراعيها تغمغم ناعسة:
- أنا هاخد ملوكة تنام في حضني النهاردة، يلا تصبحوا على خير
اقتربت من مراد في طريقها تهمس له بصوت خفيض حتى لا تسمعهم روحية:.

- اتلحلح شوية، عايزة اشوف أخ ولا أخت لملوكة ولا أنت مالكش غير في الشمال غير موكوس كاتك الارف.

توسعت عيني مراد ينظر لجدته مدهوشا ماذا فعل هو الآن لتقول هذا، ابتسم يآسا يحرك رأسه، نظر لروحية كالعادة تشيح بعينها بعيدا عنه لا يعلم أهو نفور أم خجل، يتمني فقط الا يكون نفور، تقدمته للداخل تصعد وهو خلفها إلى أن وصلت إلى باب منزلهم، افسحت له المجال يفتح الباب، تقدمت لتدخل في نفس اللحظة التي تقدم هو فيها، ليصطدما ببعضهما عند الباب شحب وجه روحية حين اصطدم جسدها بجسد مراد تنظر له متوترة ليحمحم الأخير مرتبكا افسح لها المجال دخلت هي سريعا إلى المنزل، ليلحق بها مراد، توجهت لغرفتها لتسمع صوت مراد يأتي من خلفها يسألها:.

- مش جعانة
حركت رأسها نفيا يكفي ما حدث لليوم لم تكن ابدا قريبة منه بذلك القدر، دخلت إلى غرفتها سريعا تحتمي بها جلست على مقعد في غرفتها تتنفس بعنف، تضع يدها على قلبها يمر أمام عينيها كل ما حدث اليوم، وتلك المشاعر الجديدة الخاصة التي باتت تختبرها، ومع من مراد!، تنهدت حائرة ربما هي فقط تحتاج للنوم قامت تبدل ثيابها، في لحظة فتح مراد لباب الغرفة فجاءة يغمغم سريعا:
- روحية منيرة بتسألك.

انحبست الكلمات داخل فمه يشيح بوجهه بعيدا بينما صاحت هي فزعة تشدد من احتضان فستانها ليغمغم هو سريعا متلهفا:
- أنا آسف، أنا آسف، ما كنتش اعرف
أغلق الباب سريعا وقف ينظر لباب الغرفة يقطب جبينه متعجبا يحادث نفسه لما اعتذر أليست من في الداخل زوجته!

بدلت روحية ثيابها تجلس على فراشها تتنفس بعنف ذلك الوقح دخل غرفتها دون أن يدق الباب، ولكن الغريب في الأمر ما شعرت به لم يكن خوفا بل خجلا من مشاعر تصر بعنف على دق باب قلبها المغلق.

مرت عدة ايام على ذلك اليوم، في صباح أحد الأيام هو نفسه اليوم المتفق عليه ليذهب حسام لطلب يد سارة.

صباحا في الجامعة يجلس في مكتبه وابتسامة واسعة تغزو ثغره سيراها بعد قليل وسيراها الليلة، الليلة بداية جديدة لأولي خطوات حياتهما معا، يشعر بالسعادة تغمر كيانه، ينظر لوجوه المحاضرين على مكاتبهم بابتسامة كبيرة حتى ظن البعض منهم أنه أبله او يعاني حالة نفسية ما، أمسك هو كوب الشاي الخاص به يضعه على حافة سور الشرفة ينظر للخارج يبحث بعينيه عنها ربما يراها، دقيقة اثنتين ثلاثة إلى أن وقعت عينيه عليها اخيرااا، اخيرا رآها، ولكن مهلا من ذلك الشاب التي تقف معه ولما تبتسم له، صدقا خصلات شعرها الحريرة تتساقط على وجهها لتسرع بازاحتها، ذلك الأحمق لما تكاد الابتسامة تأكل وجهه، ذلك الشاب يعرفه، هو أحد الطلاب في دفعة سارة، رآه قبلا في المحاضرات، عن ماذا يتحدثان، ولما تبتسم للمرة المليون، كاد أن ينزل لأسفل ليهشم عظام ذلك الفتي، لينذكر أنه طبيب في الجامعة هنا وما سيفعله يعتبر جريمة، تنهد بقوة يحاول أن يهدي ترك الكوب مكانه يشاهد بدلا عنه ما سيحدث، ليحمل هو حقيبته، ينزل لأسفل، حيث يقفان رآهم أمامه مباشرة، لازالت تبتسم، تحركت ساقيه ناحيتها وقف بالقرب منهم يغمغم بابتسامة صفراء:.

- صباح الخير يا دكاترة ايه واقفين هنا ليه، المحاضرة هتبدأ بعد عشر دقايق
ابتسم الفتي ينظر لحسام يغمغم سريعا:
- ابدا يا دكتور هنلحق المحاضرة حالا يلا يا سارة
نظر حسام لسارة ساخرا خاصة مع كلمة الفتي، لتتوتر ابتسامتها تنظر للفتي تغمغم في ارتباك ظاهر:
- معلش روح أنت يا شهاب، أنا هكلم والدي قبل المحاضرة
حرك الفتي رأسه بالإيجاب يلوح لها ليتركهم ويغادر، التفت حسام لسارة ابتسم ابتسامة صفراء قاتمة يغمغم ساخرا:.

- لذيذ شهاب، بقالكوا الابتسامة هتاكل وشك خير كان بيقولك نكت، وبعدين شعرك السايح النايح، فين حجابك، انتي مش كبرتي بما فيه الكفاية عشان تمشي بشعرك كدة...
تبدلت نبرته الساخرة لاخري حادة متوعدة:
- أنا مش هسألك كنتوا بتتكلموا في إيه، بس اعتبريه أول وآخر تحذير على الله اشوفك واقفة مع ولد تاني، كلامي مفهوم يا سارة.

دون كلمة أخري تركها وغادر، وقفت هي ترتجف بعنف تنظر في اثره مصدومة، لما تغير بذلك الشكل ماذا فعلت هي خطاء، الفتي فقط كان يسألها عن محاضرة الأمس...
حسام متحكم تماما كعمها، تنهدت حائرة تتوجه ناحية غرفة المحاضرات بخطي ثقيلة، دخلت إلى الغرفة تجلس في اول مقعد فارغ رأته، لحظات ودخل حسام واجم الوجه مقطب الجبين وضح حقيبته على المكتب بحدة يغمغم بجفاء:.

- كله يشيل الكتي من قدامه أنا قايل من الاسبوع اللي فات أن فيه إمتحان، والمفروض تكونوا جاهزين.

توسعت عينيها في هلع الامتحان نسيت أمره تماما، حرفيا مذاكرتها لا تسمح لها بربع الدرجة، ابتلعت لعابها خائفة تدعو في قلبها أن يمر الأمر مرور الكرام، رفعت وجهها لحسام حين وضع الورقة امامها رأي في عينيها تلك النظرة الخائفة المرتعدة، ليشعر بوخزة عنيفة في قلبه حاول تجاهلها هو هنا المحاضر، الامتحان كان حقا صعب، حسام تعمد أن يأتي بكل كلمة شرحها حتى يعرف من منهم انتبه له، لا تعرف حتى بما أجابت، ما إن انتهي الوقت كانت اول من قام من مكانه يعطي وضعت الورقة على مكتب حسام دون أن تنظر إليه لتأخذ طريقها سريعا إلى الخارج بالكاد تحبس دموعها، توجهت إلى السيارة التي تنتظرها بالسائق ما أن دخلتها استندت برأسها إلى زجاج السيارة تترك لدموعها العنان، لما فعل ذلك فيما اخطئت هي، كانت تظن أن اليوم سيكون من أسعد أيام حياتها ولكن العكس تماما ما حدث، مسحت دموعها سريعا ما أن وقفت السيارة، نزلت منها صعدت إلى منزلها تدق الباب ليفتح لها عمر ابتسم ما أن رآها يغمغم مبتهجا:.

- اهلا بدكتورنا وعروستنا الحلوة، مالك يا حبيبتي انتي كويسة
ابتسمت ابتسامة شاحبة تحرك رأسها بالإيجاب، بالكاد خرج صوتها المرهق:
- ايوة تعبانة بس شوية، عن إذنك هدخل انام
دخلت إلى غرفتها مباشرة تصفع الباب عليها، ليقطب عمر جبنيه قلقا ما بها سارة، كاد أن يذهب إليها حين دق الباب من جديد توجه يفتحه لتتوسع عينيه فزعا حين رأي سارين تقف أمامه تحمل حقيبة ثيابها تبكي بلا توقف!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة