قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الستون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الستون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الستون

في منزل رشيد الشريف، عند الصغيرة صبا
عصفت الصدمة بكيانها توسعت عينيها تدلي فكها يكاد يلامس الأرض تسارعت دقات قلبها، تعرقت يديها تسب هاتفها الأحمق، وازراره العالقة، والدها وعدها بأن يحضر لها آخر ولكن ذلك الحادث الذي حدث لوالدها جعلها تشعر بالحرج في وضعه انها ترغب في تبديل هاتفها القديم بآخر حديث ويا ليتها اخبرته ابتلعت لعابها الجاف تحاول استجماع شجاعتها الغير موجودة من الأساس تردف مرتبكة:.

- ممراد مين
طال الصمت من جهته حتى شعرت به قد اغلق الخط من الأساس، ابتلعت لعابها تشعر بدقات قلبها على وشك الانفجار لتسمعه يغمغم في سخرية:
- دا على أساس أنك عايشة في المريخ مش معاهم في نفس البيت، أنا كنت بكلم جاسر وفي وسط الكلام لقيته بيقول استني يا مراد عايزك، مين مراد.

وكان نفسا طويلا عميقا الذي زفرته تنهدت تشعر بالراحة كانت تظن أنه سمع محادثتها مع مراد ولكنه فقط يسأل ولكن لما يسأل، حقا شخص فضولي يريد أن يعرف كل شئ عن الجميع، قطبت جبينها محتدة ستدفعه ثمن تلك اللحظات التي كاد قلبها يسقط فيها فزعا تسارعت أنفاسها حين بدأت تصيح فيه:
- وأنت مالك أنت هو مين، شخص حشري فضولي عايز يعرف كل حاجة عن كل الناس، ما تتصلش بيا تاني خالص، ومن غير سلام.

تلك المرة اغلقت الهاتف كله حتى تضمن أنه لن يتصل من جديد جلست تلتقط أنفاسها وضعت يدها موضع قلبها تتنفس بعمق تردف بارتياح:
- كاتك الأرف وقعت قلبي منك لله يا شيخ.

على صعيد آخر بعيد للغاية في احدي مستشفيات لندن، يقف ذلك الشاب طويل القامة بشعره الأشقر القاتم عينيه البنية التي اخذها من والدته، بشرة قمحية أنف شامخ لأعلي، غمازات محفورة في وجنتيه اخذها من والده، وقف ينظر لهاتفه، الصغيرة اغلقت الخط في وجهه، رفع حاجبه الأيسر يتوعدها، تظنه أحمق، سيريها من هو غيث الشريف، التفت برأسه حين سمع صوت الباب خلفه ليخرج الطبيب من الغرفة توجه غيث إلى الطبيب ابتسم يسأله بلباقة:.

- كيف حاله؟
بادله الطبيب في هدوء يفتح الملف في يده، يتفحصه جيدا قبل أن يرفع رأسه لذلك الشاب الواقف أمامه يحادثه:
- بخير سيد جاسم صحته على أتم ما يرام، فصحه الشهري ممتاز، يا راجل عجبا حقا أكاد احسده صحة الرجل ممتازة بالرغم من سنوات عمره
ضحك غيث بخفة يصدم الطبيب على ذراعه ليردف ساخرا:
- مارك أنه جدي من تكاد تقتله بغيرتك، توقف قبل أن يقاضيك وأنت تعرفه جيدا.

توسعت عيني الطبيب فزعا ليرفع يديه سريعا يردف مذعورا:
- يا رجل أقسم اني أمزح لا تخبره أرجوك.

تعالت ضحكات غيث ليصدم صديقه على رأسه بخفة في تلك اللحظات فُتح باب الغرفة من الداخل ليخطو خارج الغرفة رجل اكل الشيب رأسه، ملامحه حفر عليها الزمن سنوات وسنوات، يرتدي حلة كلاسيك فاخرة وحذاء طبي خفيف يساعده على الحركة بخفة دون الحاجة لاستخدام عكاز، تحرك بخطواته ناحية حفيده او بمعني أصح حفيد شقيقه الاكبر، غيث ابن فارس وياسمين شقيقة خالد زوج ابنته، توجه غيث يقابل جده وقف بالقرب منه ليدني يقبل رأسه يردف مبتسما:.

- الدكتور كان بيحسدك يا جدي بيقول صحتك زي الفل، اروح الحق أنا كشف العظام احسن مفاصلي مش قادر.

فقط ضحكة خفيفة خرجت من بين شفتي جاسم ليمد يده يتأبط ذراع غيث يتحركان لخارج تلك المستشفى الفخمة التي يجري فيها جاسم فحص شامل كل شهر تقريبا، في الخارج كانت سيارة سوداء في انتظارهم تقدم غيث يفتح الباب ليدخل جاسم إلى السيارة، التف غيث يجلس جواره لينطلق السائق بهم، في الطريق تركزت عيني غيث على الطريق جواره يفكر، في ذلك الرجل مراد نبرة صوته الخبيثة، ترى ما علاقته بالصغيرة صبا، تنهد حائرا القلق ينهش قلبه، التفت جواره حين سمع صوت جاسم يردف:.

- ايه شاغل بالك
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي غيث ليحرك رأسه إيجابا تنهد يردف حائرا:
- هحكيلك يا جدي
قص على جاسم ما سمعه حين ظنت صبا أنها اغلقت الخط، بينما ظل جاسر يتابعه باهتمام إلى أن انتهي غيث ليغمغم حائرا:
- اقول لعمي او لجاسر، أنا سمعت أنه هيسافر بكرة يعني كدة هيبقي بعيد عن صبا
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي جاسم حرك رأسه نفيا بهدوء تنهد يردف برزانة:.

- عمك من بعد موت أبوه ودماغه قفلت على أنه كبير العيلة، يعني لو عرف حاجة زي دي، رد فعله هيبقي عنيف جدا وصبا هتتأذي حتى جاسر مش هيتفاهم، جاسر نسخة من رشيد بس هو مش واخد باله، شوفلها حل تاني يا حضرة المحامي، سنين وأنت بتتدرب على ايدي من قبل حتى ما تدخل الكلية وأنت معايا في المكتب بتشوف القضايا قبلي، مهمتك تلاقي حل تاني، مش عيل زي دا يحور على عيلة الشريف واحنا اللي بنحور على القانون نفسه.

حرك غيث رأسه إيجابا ينظر للفراغ يفكر فيما عليه أن يفعل، التفت لجاسم قطب جبينه يردف حانقا:
- ايوة بس أنا كدة هضطر اسافر وأنا لسه عندي امتحانات، ومش هينفع طبعا اسيبك واسافر
ابتسم جاسر ينظر لغيث حقا هو يشعر بالفخر فقط من النظر لذلك الشاب يذكره به في شبابه، نفس الذكاء الحماس حتى لمعة عينيه التي تضئ حين يصل لحل لقضية او معضلة ما تذكره بنفسه، ابتعد جاسم بعينيه يطالع الطريق امامه يردف في رتابة:.

- سافر وابقي ارجع ساعة الامتحانات او تواصل مع الجامعة وامتحن اون لاين وانت هناك، أنا كمان عايز يسافر لينا وحشتني اوي وعايز اشوفها، وكمان لوليتا آخر اللي عرفته انها اتجوزت زيدان، طبعا خالد كان الراعي الرسمي للجوازة دي...
ضحك غيث ساخرا جده لن يتغير سيظل يشعر بالغيرة ناحية خاله منذ القدم وإلى الأزل، لحظات واختفت ضحكاته قطبت جبينه يسأله متعجبا:.

- بس يا جدي أنت من ساعة وفاة مرات حضرتك يعني وأنت قافل البيت وبتقول مش هدخله طالما هي مش فيه، ومالكش في جو الصعيد أنا عارف هتقعد فين
سحابة سوداء من الحزن عكرت عيني جاسم زوجته، نبض قلبه توقف حين فارقت الدنيا وماتت، لازال ذلك الألم ينخر في قلبه كأنها ماتت فقط بالأمس وكأن السنوات لم تمر جرحه الحي لم يندمل بعض، رسم ابتسامة باهتة على شفتيه يغمغم متهكما:.

- أنا جاسم الشريف، مش صعب عليا اشتري بيت واتنين وعشرة، حدد إنت ميعاد مناسب ليك، وقولي عشان نرجع
كاد غيث أن يصفع نفسه لم يكن يقصد حقا أحزان جده بكلماته تنهد يؤيد ما يقوله، سيرتب أموره في أسرع وقت ممكن ليعود.

في فيلا خالد السويسي.

قرابة العاشرة صباحا كان جميع من في البيت قد استيقظ، حين استيقظ خالد مد يده يبحث عنه كالعادة قبل أن يفتح عينيه تعجب حين لمس فراغ بارد جواره فتح عينيه يبحث عنها قطب جبينه قلقا أين ذهبت، لحظات ورانا تخرج من المرحاض تجفف خصلات شعرها بمنشفة صغيرة جلست على المقعد أمام مرآه زينتها تمشط خصلات شعرها، ليتحرك من مكانها دني بجزعه ناحيته ممسكا بكتفيها طبع قبلة صغيرة على وجنتها ابتسم يردف متغزلا:.

- صباحك فل، عاملة ايه دلوقتي، لسه حاسة أنك تعبانة
رسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها تحرك رأسها نفيا نفر جسدها من لمسة يدها لتقف من مكانها تلتقط حجابها رسمت ابتسامة باهتة على شفتيها تردف بهدوء:
- أنا كويسة، هروح اشوف مايا، وأحضر الفطار، عن إذنك.

قالتها لتبتعد عن مرمي يديه تلفها حجابهت سريعا على عجل ما كادت تصل لباب الغرفة، فتحته ترغب في الخروج الفرار، تشعر باختناق لا تعرف له سبب ولكنه فقط شعور مؤلم يجتاح قلبها، ما إن فتحت باب الغرفة شعرت به يغلقه مرة أخري اغمضت عينيها تشد عليها التفتت له لتراها يخترزها بنظراته وقف امامها مباشرة تكاد لا تفصلهم فاصلة قطب جبينه يسألها قلقا:
- مالك يا لينا فيكي ايه.

حركت رأسها نفيا بخفة تتفادي النظر لعينيه بلعت لعابها تهمس بخفوت:
- ما فيش أنا بس تعبانة شوية، ممكن تسيبني
مد يده يمسك بذقنها برفق يجبرها على النظر لعينيه ظل ينظر لمقلتيها طويلا قبل ان يهمس بصوت خفيض معاتب:
- أنت ِ لسه قايلة انك كويسة ودلوقتي بتقوليلي أنك تعبانة، لينا انتي ما بتعرفيش تكذبي في اييه يا حبيبتي
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها رفعت عينيها له تلك المرة اصطدمت بمقلتيه لتتشدق متهكمة:.

- أنا ما بعرفش اكذب لكن أنت بتعرف...
ودون أن تعطيه فرصة ليتعجب حتى مما قالت اندفعت لخارج الغرفة، وقف هو ينظر في اثرها متعجبا شعور قلق بدأ يتسرب لقلبه ترى ماذا عرفت، تنهد متعبا ليتوجه إلى مرحاضه اغتسل وبدل ثيابه وقف يمشط خصلات شعره حين سمع دقات على باب الغرفة سمح للطارق بالدخول ليقطب جبينه متعجبا حين رأي حمزة يدخل من باب الغرفة التفت له يسأله قلقا:
- خير يا حمزة حصل ايه.

ارتسمت ابتسامة صغيرة خبيثة على شفتي حمزة نظر لأخيه يتمتم ساخرا:
- بفكر ارجع أمجاد زمان، أنا طالب منك خدمة
رفع خالد حاجبيه متعجبا ينظر لأخيه حقا لا يفهم ما يجري فقط حرك رأسه إيجابا يستمع بدهشة إلى ما يقول أخيه.

توجهت لينا إلى غرفة مايا، منذ الأمس وهي لم تلتقِ بتلك الصغيرة، قلقة عليها بشكل كبير، طرقت الباب تدخل إلى الغرفة لتجد بدور تجلس على الفراش تفرك عينيها يبدو انها استيقظت توا، قطبت ما بين حاجبيها اسألها متعجبة:
- بدور أنتي بتعملي ايه هنا..

نظرت بدور جوارها فلم تجد مايا عادت تنظر للينا تقص عليها بإيجاز ما حدث بالأمس دون أن تقص عليها بالطبع مكالمة أسامة كسي الحزن قسمات وجه لينا، تنهدت تحادث بدور متحسرة على حال الصغيرة:
- صعبانة اوي البنت دي، مايا حساسة وأدهم كان جزء كبير من حياتها، روحي انتي يا حبيبتي شوفي خالد وسيلا وأنا هشوف مايا.

ابتسمت بدور متوترة تحرك رأسها إيجابا خرجت من الغرفة لتتوجه لينا ناحية باب المرحاض المغلق دقته عدة مرات لا رد فقط تسمع صوت شهقات وبكاء ضعيف يأتي من الداخل أصابها الذعر من أن تكن اذت الفتاة نفسها، فتحت الباب لتدخل رأت مايا تجلس على الأرض جوار المغطس الكبير تضم ركبيتها لصدرها تبكي بحرقة، هرعت لينا إليها جلست جوارها تجذبها لأحضانها تحاول التخفيف عنها:.

- يا مايا اللي انتي بتعمليه دا غلط يا حبيبتي انتي بتموتي نفسك يا بنتي مش كدة، طب اقولك عمك خالد لسه قايلي امبارح أنه خلص ورق أدهم عشان يرجع باسمه الحقيقي وكلها كام يوم وهيروح يجيبه ويصالحوا باباكي وكل حاجة هترجع زي ما كانت وأحسن
نظرت مايا لها بتلهف لتبتسم لينا تحرك رأسها إيجابا كأنها تؤكد لها ما تقول، ابعدتها عنها تمسح دموع عينيها تحادثها كأنها طفلة صغيرة:.

- بس لو فضلتي بحالتك دي، أنا اللي هقول لخالد يقطع ورق أدهم، وما يجيبهوش هنا تاني
انتفضت مايا سريعا تمسح ما بقي من دموعها بعنف ترسم ابتسامة واسعة على شفتيها تغمغم سريعا بتلهف:
- لا خلاص خلاص أنا كويسة اهو.

تنهدت لينا حزنا على حالها، مايا تذكرها بنفسها حين كانت صغيرة، تعلقها بأدهم يشبه كثيرا تعلقها هي بخالد، تمنت حقا في تلك اللحظة الا تتشابة حكايتهم والا ستتألم تلك الصغيرة كثيرا، وقفت هي الاخري تربت على وجه مايا تحادثها بحنو:
- يلا يا حبيبتي خدي شاور وانزلي عشان نفطر
حركت مايا رأسها إيجابا سريعا لتلتفت لينا وتغادر غرفتها اخذت طريقها لغرفة ابنتها لتسمع صوت خالد يزمجر غاضبا:.

- دا على جثتي إنت اتجننت يا حمزة ولا ايه
وقفت مكانها متعجبة ترهف السمع ليتناهي إلى أسماعها تلك المشاهدة الحامية بين خالد وأخيه سمعت صوت حمزة يرد غاضبا هو الآخر:
- وفيها ايه يا خالد دا حقي على فكرة
- حق مين يا ابو العيال، فوق يا حمزة واضح أنك لسعت...
- أنا فايق كويس اوي وعارف كويس أنا بقولك ايه...
- دا عند أمك يا حبيب أمك، اللي بتهلفط بيه دا مش هيحصل طول ما أنا عايش.

ولم تقف لتسمع المزيد توجهت إلى غرفة ابنتها، أدارت مقبض الباب لتدخل توسعت عينيها فئ دهشة حين رأت علبة الشكولاتة الكبيرة التي أحضرها زيدان شبة فارغة ولينا تأكل الباقي بشراهة مفزعة اقترب لينا من ابنتها تصيح فيها مذهولة:
- ايه يا لينا دا
ابتلعت لينا ما في فمها تنظر لوالدتها م
متعجبة لتضع ما في يدها جميعا في فمها تغمغم بصوت مختنق من كثر ما في فمها:.

- جعانة يا ماما، صاحية من النوم هموت من الجوع، وعايزة اكل حاجة فيها سكر مالقتش قدامي غير علبة الشكولاتة دي
توسعت عيني لينا في دهشة لحظات وبدأت تضحك بخفة توجهت ناحية ابنتها تجذب تلك العلبة بعيدا عنها تغمعم ضاحكة:
- لا أنتي كدة حامل رسمي، قومي نضفي اللي انتي عملاه دا ايديكي ووشك كلهم شوكولاتة وحصليني يلا على تحت.

بعد قليل كان الجميع يلتف حول طاولة الطعام الصمت يسود المكان، مايا تجلس جوار لينا زوجة خالد، تنظر لوالدها تعاتبه بنظراتها، حمزة يجلس صامتا ينظر لأخيه في حدة غاضبا بين حين وآخر، كل في عالمه، نزلت لينا آخرهم حمحمت تهمس بصوت خفيض:
- صباح الخير
رد عليها البعض والتزم الآخر بصمته جذبت مقعد بعيد تجلس عليه، تشعر بجوع غريب ينهش امعائها بدأت تأكل في صمت هي الأخري، قبل أن تسمع جملة والدها الساخرة:.

- هي مش الاستاذة عندها محاضرات ولا أنا بيتهيئلي، مش شهاب عميد الكلية قالك محاضراتك هتبدأ من بكرة، فين النشاط والحماس الكلية اللي اخترتيها مش اللي بابا الشرير فرضها عليكي
تبادل الجميع النظرات عقب انتهاء جملة خالد لتلقط لينا كوب الماء المجاور لها ارتشفت منه القليل تقول في هدوء ساخر:.

- كسلت أروح، وبعدين إدارة أعمال أسهل كتير من طب، أنا بجد مش فاهمة الناس اللي بتتخرج من طب بتستحمل مرمطتها ازاي، حقيقي ربنا يكون في عونهم، بيصعبوا عليا، زي ماما ودكتور حسام!
قالت كلمتها الأخيرة وهي تنظر لعيني خالد مباشرة، احتقنت عيني الأخير ينظر لابنته غاضبا يسبها في نفسه:
- يا بنت السويسي
امسك خالد معلقته ليمسك بالكأس الزجاج جواره طرق الكأس بطرف المعلقة يرسم ابتسامة صغيرة على شفتيه مردفا:.

- بدل الصمت دا تعالوا نلعب لعبة أنا هسأل سؤال واللي هيجاوب هديله 250 ألف جنية، السؤال بيقول كم عدد الأهرامات الموجودة في مصر...
رد حمزة ساخرا:
- ايه السؤال التافة دا 3 طبعا
حرك خالد رأسه نفيا بهدوء يرد متهكما:
- غلط أنا بقول في مصر مش عدد أهرامات الجيزة
قطبت لينا زوجته جبينها تفكر لترد هي:
- خمسة مثلا
نظر ناحيتها يرسم ابتسامة عاشقة على شفتيه يحرك رأسه نفيا يغمغم بولة:.

- حبيبي أنتي ليكي الفلوس كلها، بس هي غلط
التفت برأسه ناحية مايا ابتسم يسألها برفق:
- ايه يا ميوش مش هتشاركي معانا
حركت رأسها نفيا دون أن ترفع عينيها عن طبقها، ابتسمت لينا السويسي ساخرة كادت أن تجاوب ليرفع خالد سبابته أمام وجهه يردف متهكما:
- أنتِ لاء...
قلبت عينيها بملل تعاود أكل طعامها من جديد لتحمحم بدور بخفوت تهمس بصوت خفيض:
- 138 هرم
نظر خالد لبدور يبتسم متفاخرا يردف سعيدا:
- شاطرة يا بدور.

دون كلمة اخري اخرج دفتر الشيكات البنكية الصغير من جيب حلته فتحه يخط على ورقة منه مبلغ ربع مليون جنية مصري، وقع بإمضائه الخاص ليقطع الورقة من الدفتر يعطيها لها يردف مبتسما:
- مبروك عليكي يا حبيبتي.

نظرت لينا لوالدها في غيظ هي كانت تعرف ولكنها منعها من المشاركة، عاد كل يكمل طعامه، بينما بدور تقبض على الورقة في يدها لا تصدق أن المشكلة حُلت بتلك البساطة ستعطي النقود لأسامة وتنتهي منه للأبد، بينما تبادل حمزة وخالد نظرات لن يفهمها سواهم.

في منزل عمر السويسي، كان عثمان في غرفة عمر بصحبة على يطمأنان عليه، وحاول عمر أن يمثل ببراعة أنه فاقد للذاكرة، نظر لمقعد عثمان المتحرك لتتوسع عينيه في دهشة يتمتم فزعا:
- يا نهار اسوح ايه حصلك يا عثمان، ازاي بقيت كدة
ابتسم عثمان في مكر يرفع حاجبه الأيسر متهكما من رد فعل عمر المبالغ فيه:
- ابدا يا عمي حادثة بسيطة
تنهد عمر بارتياح يحرك رأسه إيجابا يتمتم متعجبا:.

- الحمد لله، بس ازاي هتتجوز إنت وسارين مش تستني لما تقف على رجيلك، اللي فيك دا أكيد من الخيل، صح ولا أنا غلطان
تنهد على حزينا يحرك رأسه إيجابا بينما توسعت ابتسامة عثمان الخبيثة نظر التفت برأسه لابيه يحادثه:
- بابا صحيح ماما كانت قالتلي اقولك تكلمها ضروري عشان عيزاك.

نظر على لابنه متعجبا ليعتذر منهم وقف في شرفة الغرفة ليتصل بلبني، بينما حرك عثمان العجلات الخاصة بمقعده ليتوجه إلى مقدمة الفراش، اقترب برأسه ناحية عمر يهمس له في خبث:
- من خمس سنين ما كنتش بركب خيل يا عمي ابقي خد بقي
توسعت عيني عمر في دهشة ينظر لعثمان التي ارتسمت على شفتيه ابتسامة كبيرة ساخرة، ازدرد لعابه الجاف ليقترب عثمان مرة أخري برأسه من عمر:.

- أنا مش عارف أنت عامل فاقد للذاكرة ليه بس أنا عاوز اتجوز سارين وكان المفروض نكتب الكتاب النهاردة بس عمي عمر عمل حادثة وفقد الذاكرة، زي ما بيقول...
نظر عمر لعثمان مغتاظا، ذلك الفتي يشبه في شبابه لحد جعله يخاف على ابنته منه مد عمر يده يقبض على تلابيب ملابس عثمان يهمس له غاضبا:
- على الله تقول لحد...
أبعد عثمان يد عمر عنه يعدل من تلابيب ملابسه ابتسم يقول في خبث:.

- عيب يا عمي دا أنت حمايا بردوا، بس أنت عارف الحياة فرص وفرصتي جاتلي، عمي خالد اقترح اننا نعمل حفلة جواز في فيلته واعتقد أن دا حل وسط، أنا بقولك نتصل بيه ونقوله الفرح الخميس الجاي بعد 3 أيام
حرك عمر رأسه نفيا بعنف عقد ذراعيه أمام صدره يهمس له حانقا:
- لاء طبعا أنا أب ومن حقي أشوف بنتي لابسة فستانها الأبيض في فرح كبير، اللي أنت بتطلبه دا مستحيل اوافق عليه.

حرك عثمان رأسه إيجابا يتنهد حزينا يآسا كاد أن يفتح فمه ليرد لتدخل سارين في تلك اللحظات تحمل صينية عليها كاسات العصير مدتها لعثمان ليبتسم لها يلتقط إحداهم، احمرت وجنتيها خجلا تنظر ارضا، ليرفع عمر حاجبيه ساخرا يردف متهكما:
- جري ايه يا حبيبي أنت وهي، امشي أنا طيب
وضعت سارين صينية العصير على الطاولة جوار الفراش لتصعد تجلس جوار والدها على الفراش تترجاه:
- يا بابا وافق بقي عشان خاطري...

تدخل عثمان في تلك اللحظة يردف سريعا:
- وأنا توعد حضرتك إني هعمل لسارين فرح كبير أول ما اقدر اقف على رجليا
تنهد عمر حائرا ينظر لابنته وعثمان، لتقتحم رأسه في تلك اللحظة جملة خالد التي قالها له موبخا من قبل
« ادي آخرة جواز العيال ».

للحظات دق قلبه قلقا، خائف من أن يكن عثمان نسخة منه، وسارين تصبح نسخة من تالا، الحب بينهما سيموت، كما كاد يحدث في حالته، ها هو الآن يمثل بأنه مريض فاقد لذاكرته ليحاول استرداد حب تالا وغفرانها على ما اقترف، اشاح بوجهه بعيدا عنهم يتمتم باقتضاب:
- هفكر
نظرت سارين لعثمان حزينة ليرفع الأخير كتفيه بمعني أنه ليس في يده حيلة...

بعد قليل كان عثمان يرحل بصحبة أبيه، نظرت سارين لوالدها حزينة قبل أن تخرج هي الاخري من غرفته، زفر عمر حانقا، هو فقط خائف على ابنته لما لا تتفهمه، تشابكت الافكار في عقله لم يجد حلا أمامه سوي أنه التقط هاتفه يطلب رقم أخيه، شقيقه بارع في حل المشكلات بالطبع سيحل معضلته، انتظر قليلا إلى ان أجاب يقول ساخرا:
- ما تقوليش اتقفشت، أنا كنت عارف أنك خايب وهتفضحنا اول ما تفضح بوقك.

فقط ضحكة صغيرة صدرت من فم عمر تنهد يحرك رأسه نفيا يتمتم قلقا:
- لا يا سيدي ما تقلقش أنا عايزك في موضوع مهم
وبدأ يقص عليه مخاوفه من زيجة عثمان وسارين.

في غرفة مكتبه يجلس فوق مقعده الأسود الوثير، امامه حمزة أخيه، يضع الهاتف على أذنه يحادث عمر شقيقه الآخر يسمع ما يقول اخيه يرتب عقله جيدا تلك الكلمات المبعثرة القلقة التي تخرج من بين شفتي اخيه يحاول قدر المستطاع يشرح لأخيه قلقه إلى ان انتهي وظل خالد صامتا لم ينطق بحرف واحد لحظات طويلة لينطق اخيرا:
- يعني أنت رافض تجوز بنتك من غير فرح ولا خايف لعثمان يبقي زيك.

تنهد عمر تنهيدة طويلة حارة مثقلة حرك رأسه نفيا يهمس حائرا:
- مش عارف يا خالد مش عارف، أنا مش عارف كان عقلي فين وأنا بوافق على الجوازة دي، كنت عايز اكفر عن ذنبي في حق سارين، بس أنا دلوقتي مرعوب من اني اجوزها لعثمان، أنت فاهمني.

التفت خالد بمقعده ليصبح وجهه مقابلا للحديقة ينظر لابنته وهي تجلس بصحبة زوجته هناك على أحد المقاعد، رفع حاجبيه متعجبا لما تأكل ابنته بتلك الشراهة منذ الصباح، ابتسم في خمول همهم يردف:.

- أنا اكتر من فاهمك يا عمر، عشان أنا كنت جوا حيرتك دي وأنا بجوز لينا، كنت مرعوب ليطلع زيدان نسخة مني، بس اكتشفت أنها بتبقي مجرد وساوس، من خوفي على البنت وأنها هتبعد وفي الأغلب دي نفس الوساوس اللي عندك، عثمان مش زيك، عثمان إهمال على ولبني ليه هما اللي عملوا فيه كدة، إنما دلوقتي الموضوع اختلف هو فاق واتعلم درسه كويس، أما بالنسبة لموضوع فكفاية الفرح وسط العيلة يا عمر، عشان نفسيته ونفسية سارين قبله، كدة الموضوع هيبقي مريح أكتر للكل، توكل على الله وأنا هجهز الفيلا على يوم الخميس وهتفق على كل حاجة.

صمت عمر يفكر يقنع عقله بكلام أخيه، كان بحاجة يخبره بأن ما في عقله ليست سوي هلاوس وإن كل شئ على ما يرام، تنهد قلقا يهمهم موافقا:
- ماشي يا خالد، ربنا يستر وتطلع فعلا وساوس
اغلق الخط مع أخيه ليلتفت بمقعده ليري حمزة يمسك بشاشة هاتفه ينظر لها بتركيز شديد قام من مكانه التف يجلس على المقعد جوار أخيه ربت على كتفه، ينظر لشاشة الهاتف ابتسم يقول يآسا:.

- عيب العيلة دي من كبيرها لصغيرها أن قلبها قلب خصاية، ما الواد زي الفل اهو يا إبني
مسح حمزة تلك الدمعات التي سقطت من عيني حمزة اغلق هاتفه يضعه ينظر لأخيه ابتسم يهمس بنبرة حزينة ممزقة:
- واحشني اوي ما اتعودتش يبقئ بعيد عني كدة، ومايا، مايا مش راضية تتكلم معايا خالص، قد ايه كنت مغفل عشان مالاحظش انه بيبحبوا بعض أوي كدة، يا ريتني سمعت كلامك زمان وما اتبنتوش.

ابتسم خالد يربط على كتف اخيه تحرك يلتقط ظرف الأوراق من فوق سطح مكتبه التفت لأخيه يقول مبتسما:
- كل حاجة هترجع لمسارها الطبيعي، ورق أدهم أهو، اتغير باسمه الحقيقي، المهم دلوقتي لو أدهم جه يتجوز مايا هتوافق ولا فرق الطبقة بينه وبينها
حرك حمزة رأسه نفيا بعنف هب يقف أمام أخيه ادمعت عينيه يصيح فيه بحرقة:.

- دا ابني حتى لو مش دمي، فلوس ايه أنا مستعد اتنازله عن حياتي، أنا اللي كبرته وربيته وعلمته، أنا اللي كنت بترعب لو تعب، أنا بس مش قادر اتقبل فكرة أن ابني يتجوز بنتي، مش متخيلها حتى
ابتسم خالد يتحرك لخارج الغرفة التفت قبل أن يخرج من الغرفة يقول ساخرا:
- تخيلها بقي على ما اخلص مشواري واجي، عشان تقولي هنعمل ايه مع كلب الصحرا اللي اسمه أسامة، سلام يا دون.

لوح لأخيه ليتحرك للخارج بينما وقف حمزة مكانه يحاول تخيل أدهم ومايا زوجين فكرةلم تروق له تماما
خرج خالد ناحية سيارته ليجد لينا تتحرك ناحية سيارتها، توجه إليها وقف امامها يهتف فجاءة:
- ما عندكيش حالات طارئة النهاردة رايحة فين
شهقت مذعورة حين آتي لها صوته من العدم وضعت يدها على صدرها قلبها كان على وشك أن يتوقف من المفاجاءة، التفتت له سريعا تقطب جبينه غاضبة:
- حد يخض حد كدة حرام عليك قلبي كان هيقف.

رفع حاجبه الأيسر يبتسم ساخرا، عقد ذراعيه أمام صدره يردف بهدوء مستفز:
- رايحة فين ومن امتي وانتي بتخرجي من غير ما تقوليلي
تنهدت حانقة، كانت فقط تريد الذهاب للصدلية مشوار سريع لن يستغرق دقائق، لولا فريق الأمن الذي يضعه خارجا لكانت اتصلت بأي صيدلية وطلبت ما أرادت لو ضمنت أنه ما سيأتي سيمر مرور الكرام دون أن يعرف به خالد، ربعت ذراعيها أمام صدرها هي الأخير ابتسمت تقول ساخرة:.

- هروح اجيب حاجة بسرعة من الصيدلية واجي
رسم ابتسامة واسعة على شفتيه ليميل برأسه ناحيتها يتمتم فئ خبث:
- حاجة ايه..
سم هجيب سم اموت بيه نفسي واخلص منكوا، : صاحت بها مغتاظة من طريقته الاستفزازية في الحديث، ليبتسم هو ببراءة يقرص وجنتها بخفة:
- من عيوني يا حبيبتي هجيبهولك وأنا جاي، خشي بقي جوا ما فيش خروج.

القت حقيبة يدها بعنف عليه لتتحرك بغيظ تعود إلى المنزل، بينما ابتسم هو ساخرا يمسك بالحقيبة وضعها فوق سطح سيارتها ليتوجه إلى سيارته يتوجه إلي حيث أدهم، من شارع لآخر خرج بسيارته إلى أن وصل إلى تلك المنطقة الشعبية أوقف السيارة بعيدا، نزل يكمل الطريق إلى حيث وجهته ينظر حوله ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه يتذكر قضي جزء من حياته في منطقة مشابهة، عمل ميكانيكي سيارات، ذلك الرجل الذي يمشي الآن بهيبة ترجف الأبدان كان يتسطح أسفل السيارات، هو من اقام مسابقة على مبلغ ربع مليون جنية، كان قليلا يعمل ليل نهار لأجل بعض قروش، يعود ليلا ملابسه لا تحمل عطره الباهظ بل تحمل روائح الشحم والبنزين، خرجت من بين شفتيه ضحكة خفيفة حين تذكر السيدة سعاد وجملتها المعتادة.

« منه لله اللي كان السبب »
وصل إلى الدكان التي تمتلكه جده أدهم، نظر حوله قبل أن يدخل ليجد رجل يجلس على مقهي شعبي امام الدكان عينيه مرتكزتين على الدكان ابتسم ساخرا جاسوس أخيه، خطي لداخل الدكان يحمحم بخشونة مردفا:
- السلام عليكم.

كان أدهم يجلس كعادته يراقب الشارع بذهن شارد عقله ليس هنا بل هناك عند مايا ترى ما حالها الآن بخير تتألم مثله، حمزة أبيه هل ترى سيسامحه يوما، تنهد يمسح وجهه بكفيه بعنف حين سمع ذلك الصوت يعرفه، رفع وجهه سريعا ينظر لعمه او كما كان، ارتسمت ابتسامة مرتعشة على شفتيه، هب سريعا يقف أمامه بينما قطبت منيرة جبينها متعجبة من ذلك الرجل، ابتسم خالد لأدهم الذي يقف امامه متوترا يخفض رأسه أرضا كطفل مذنب، ابتسم يردف برفق:.

- ازيك يا أدهم
حرك رأسه إيجابا دون أن يرفعها ليواجهه همس بصوت خفيض متوتر:
- الحمد لله يا عمي...
رفع وجهه ينظر لوجه خالد لتدمع عينيه يهمس بصوت خفيض مختنق:
- قصدي يا باشا، أنا آسف
حرك خالد رأسه نفيا يبتسم يآسا ليفتح ذراعيه قليلا يردف مبتسما:
- تعالي ياض في حضن عمك
اندفع أدهم ناحيته يعانقه يختبئ داخل أحضانه عله يجد رائحة أبيه هنا، رائحة تعوضه عن فقدانه ابتسم خالد حزينا يربت على رأس أدهم برفق يتمتم في مرح:.

- درامي أنت اوي يا أدهم...
أبعده خالد عنه يربت على وجهه ليمسح أدهم ما سقط من دموعه بعنف ابتعد عن خالد وقف بالقرب من جدته يعرفهم:
- جدتي، دا عمي خالد
ابتسمت منيرة ببشاشة تقول سريعا:
- يا أهلا وسهلا يا باشا، اتفضل استريح، أنا هطلع اعملكوا كوبيتين شاي.
خرجت منيرة من الدكان ليجذب خالد مقعد خشب يجلس عليه وجلس أدهم أمامه، مد خالد يده له بالظرف يغمغم في جد:.

- دا ورقك يا أدهم شهاداتك الدراسية كلها باسمك الحقيقي وبطاقتك...
ابتسم أدهم ابتسامة باهتة التقط منه الظرف يشكره بصوت خفيض لحظات من الصمت يلجم لسانه بصعوبة عن السؤال عنهم يريد فقط الاطمئنان عليها، اجفل على جملة خالد:
- عايز تسأل على حمزة ومايا صح
رفع وجهه ينظر لخالد متلهفا يحرك رأسه إيجابا سريعا ابتسم خالد يردف بهدوء:
- ما تقلقش هما بخير...

دس يده في جيب حلته يخرج بطاقته الخاصة وبطاقة أخري لشركة كبيرة أعطاهم لادهم يردف مبتسما:
- عندك interview بكرة في الشركة دي، قوله بس أنك من طرف خالد السويسي واحتمال يخليك المدير ويستقيل هو
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي أدهم، وقف خالد ليغادر ليمسك أدهم بذراعه سريعا التف خالد برأسه لينظر أدهم له راجيا بصوت خفيض متألم:.

- أنا عارف أنه زعلان مني اوووي، قوله يسامحني على غبائي، والله أنا عمري ما فكرت اخون ثقته بس الشيطان عمى عينيا...
نظر خالد له مشفقا على حاله حرك رأسه إيجابا ليلتفت بجسده إليه وقف امامه امسك بذراعيه يقول مشجعا:
- هستناك يا أدهم تيجي تشرب معايا القهوة وأنت بتطلب العروسة وساعتها يمكن أوافق.

قال كلمته الأخيرة بمرح باهت ليرسم ابتسامة صغيرة على شفتي ذلك الواقف أمامه، استدار يخرج من الدكان ليري جاسوس اخيه يجلس مكانه يمسك هاتفه كأنه منشغل في أمر ما ولكنه يعرف ما يفعل يصور لأخيه ما يحدث، فما كان من خالد الا أن رفع يده يلوح لأخيه يبتسم ساخرا، حرك رأسه يآسا من تلك العائلة ليتوجه إلى سيارته ومن ثم إلي بيته.

في منزل زيدان الحديدي ذلك المنزل الضحم الذي يتوسط الصحراء، في غرفة صغيرة شبة مظلمة يتسطح على فراشه ينظر لسقف الحجرة عينيه ثابتة على نقطة في الفراغ، خواء يشعر بروحه فارغة خاوية، قلبه ما عاد ينبض هو لا ينبض الا لها وهي رحلت أخبرته أنه من الصعب أن تسامحه، ومعها كل الحق، كيف ستسامح من اغتصبها، ذبح براءة روحها قبل جسدها، لن يشفع له انه كان مغيب فهي كانت واعية بكل شئ، هي من صرخت توسلت، هي من ذبحتها رجولته وهو غائب العقل، ادمعت عينيها حين مر أمامه صورتها ليهمس لها بصوت خفيض معذب:.

- سامحيني يا لينا، والله كان غصب عني...

في لحظات تبدلت صورتها من أمام عينيه ليمر مكانها صور طفل صغير، طفل يفترش الأرض في الليالي الباردة، طفل يبكي الجوع، تبدلت الصور بأخري طفل صغير ينام على فراش مهترئ في تلك الغرفة القديمة، طفل فتح عينيه فجاءة على صوت باب الغرفة يصدر صرير ينبئ على أن أحدهم يدخل إلى الغرفة رفع وجهه قليلا ينظر للفاعل، لتتوسع عينيه فزعا حين رأي ذلك المشرف المخيف يقترب من فراشه اغلق عينيه سريعا يدعي النوم، ليشعر به يجلس جواره يزيح الغطاء عنه، يمد يده على جسدها يحاول تجريده من ثيابه، فتح عينيه سريعا ينظر للمشرف في فزع، كاد ان يصرخ ليكمم الرجل فمه سريعا اقترب بوجهه منه يهمس له بصوت خفيض خبيث:.

- أهدأ يا صغير لا نريد أن يسمعنا أحد...
تلوي الطفل بجسده بعنف يحاول الفرار ببراءته خاصة وهو يشعر بذلك الرجل يجرده من ثيابه، قضم باسنانه يد الرجل التي تكمم فمه ليبتعد الرجل عنه يشتمه انتهز الطفل الفرصة وامسك زجاجة الماء المجاورة له يصدمها بعنف برأس الرجل ويركض من الغرفة ومن المكان بأكمله في الشوارع ليلا يبكي
اجفل من شرود ذكراه البشعة على صوت صديقه يغني بصوت مزعج كعادته:.

- بتمشي في الزمن محشي طاقة وعندي امل، عبقري ومثير للجدل، مش حافظ الباقي
التفت زيدان برأسه ليجد صديقه يقف عند باب الغرفة اعتدل في جلسته يمسح دموعه التي تمردت وسقطت رغما عنه، لينظر له حسام قلقا توجه ناحيته سريعا يسأله قلقا:
- مالك يا زيدان انت كويس
حرك رأسه إيجابا اشاح بوجهه يمسح بوجهه بكفي يده حمحم يجلي صوته يردف بخواء:
- ابدا يا حسام أنا كويس، خير في ايه.

تنهد حسام حزينا على حال صديقه يشعر به يتألم، ربما هو من يستطيع ان يلين قلب لينا ولو قليلا، رسم ابتسامة صغيرة على شفتيه يردف مبتسما:
- أنا عايز اشوف البت لينا وحشتني، تعالي معايا وابقي رايح بصفتي صاحبك، بدل ما دكتورة لينا تشرحنا كلنا.

ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي زيدان، عقله يرفض رفض قاطع الذهاب لهناك وقلبه مشتاق لها ومنذ متي وهو يستمع لعقله، ربما فيما بعد سيفعل، حرك رأسه إيجابا ليتحرك من مكانه يبدل ثيابه، توجه كل بسيارته إلى منزل خالد، في تلك الاثناء كانت وصلت سيارة خالد إلى منزله نزل منها متوجها إلى منزله فتح بابه لتتوسع عينيه بدهشة حين رأي ابنته تجلس امامه على احدي الارائك تأكل بشراهة مخيفة، توسعت عينيه فزعا ليتحرك متجها ناحيتها يتمتم متعجبا:.

- في ايه يا لينا أنا من ساعة ما شوفتك الصبح وانتي بتاكلي انتي كويسة يا حبيبتي، مش منطقي كمية الاكل دي كلها
ابتلعت لينا ما في فمها تنظر لوالدها حانقة لتخرج لينا من المطبخ في تلك اللحظات تعاتبه بضيق:
- في ايه يا خالد، عادي يعني الفترة اللي فاتت هي ما كنتش بتاكل خالص، كويس أنها بدأت تأكل
ضرب كف فوق آخر ينظر للاثنتين يردف مدهوشا:.

- يا ستي بالهنا والشفا، أنا بس خايف عليها، انما انتوا حريين، أنا غلطان اني اتدخلت
دق جرس الباب ليتوجه خالد إليه فتح الباب ليبتسم ساخرا يردف متهكما:
- اتلم المتعوس على خايب الرجا، خش يا اخويا أنت وهو
نظر حسام لزيدان ابتسم يتمتم بخفوت مضحك:
- أنا المتعوس وأنت خايب الرجا على فكرة.

ضحك زيدان رغما عنه دخل بصحبة حسام يبحث عنها بعينيه لتقع عليها هناك تجلس تأكل ابتسم رغما عنه منظرها بشع حرفيا، بينما توسعت عيني حسام مدهوشا ينظر لاصناف الطعام المتراصة أمامها، لا علاقة بين كل نوع وآخر وهو بخبرته بدأ يستشف ولكنه لم يظهر فقط اقترب من زيدان يهمس بذعر:
- ايه دا، أنا غلطان اني قولتلك وحشاني، قوم بينا نجري.

جذبه زيدان ليتقدم للداخل، ما بين كل روائح العطور المنتشرة في الغرفة التقطت أنفها رائحة عطره وعاد ذلك الشعور البشع يعصف بأمعائها من جديد، أرادت الفرار سريعا من أمامه تحركت من مكانها بسرعة ولكن ما كادت تخطو خطوتين عاد الدوار بأبشع ما يكون آخر مراته عينيه التي تنظر لها في ذعر ثم سقطت في بئر الظلام.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة