قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الحادي والستون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الحادي والستون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الحادي والستون

في فيلا خالد السويسي.

حين التقطت أنفها رائحة عطره وعاد ذلك الشعور البشع يعصف بأمعائها من جديد، أرادت الفرار سريعا من أمامه تحركت من مكانها بسرعة ولكن ما كادت تخطو خطوتين عاد الدوار بأبشع ما يكون آخر ما رأته عينيه التي تنظر لها في ذعر ثم سقطت في بئر الظلام، بئر لم تسمع فيه أصواتهم جميعا وهم يصرخون بأسمها فزعين مرتعدين خوفا عليها، ركض زيدان ناحيتها جلس علي ركبتيه أرضا جوارها يرفع جسدها قليلا بين احضانه يربت بخفة علي وجهها يصيح متلفها قلقا:.

- لينا، لينا فوقي يا حبيبتي، لينا فوقي يا حبيبتي فوقي
لم ينتظر لحظة أخري رفعها بين ذراعيه مسرعا بها الي أعلي يلحقه خالد ولينا، بينما وقف حسام ينظر في اثرهم لحظات وابتسم يغمغم ضاحكا:
- حظك يا بنت المحظوظة معايا الشنطة، والله شكلك هتبقي بابا يا زيزو.

توجه سريعا إلي سيارة زيدان يلتقط حقيبته الطبية توجه لأعلي من حيث تأتي أصواتهم القلقة المتداخلة، اخذ طريقه الي غرفتها يتبع الاصوات ليجد الجميع جوارها علي الفراش خالد يمزج زجاجة مياة يرش منها علي وجهها برفق، لينا تحرك زجاجة عطر أمام أنفها، زيدان يحتضن جسدها يرتب علي وجهها برفق عليها، وقف هو للحظات ينظر لهم مستنكرا ذلك الكم الهائل من المبالغة في مشاعر القلق، ليردف ساخرا رغما عنه:.

- طول عمري نفسي اعرف ليه لما حد يغمي عليه تلاقي حواليه خمسين واحد بيزعقوا ابعدوا يا جماعة عشان الهوا، طب ما تبعدوا انتوا الأول
جملة حمقاء قالها في مكان ليس في محله تماما، نظر الجميع له مستهجنين ما قال، ليرفع حقيبته الطبيبة قليلا توسعت ابتسامته يردف في براءة:
ممكن الدكتور يكشف.

تحرك زيدان من جوارها اقترب من صديقه قبل أن يخرج نظر له قلقا ليطمأنه حسام بنظراته، تحرك لخارج الغرفة، ليتحرك خالد بنفس الهدوء القي نظرة قلقة علي ابنته ليتحرك للخارج، بينما وقفت هي تنظر لهما في ذهول عينيها متسعتين من الدهشة، خالد وزيدان تحركا في هدوء تاااام دون أن يعترضا أن من سيفحص ابنة خالد وزوجة زيدان رجل؟!، تعرف خالد وغيرته الكبيرة وزيدان لا يختلف عنه كثيرا في الغيرة، تحركت بنظراتها ناحية ابنتها القلق ينهش قلبها، بينما ابتسم حسام في هدوء، اقترب من فراش لينا يفتح حقيبته يباشر عمله.

في الخارج وقف خالد جوار باب الغرفة المغلق يستند بظهره الي الحائط علي وشك أن يصدم رأسه بعنف في الحائط خلفه لا سبب يدعو أن تسقط هكذا فاقدة للوعي، هي ليست مريضة، تناولت طعامها جيدا، لا تشكو من شئ، هو حتي لم ولن يجبرها علي العودة لزيدان إن كانت لا ترغب إذا لما، ما السبب لما سقطت هكذا وسقط قلبه معها، بينما زيدان يقف شبه هادئ يتمني فقط أن يكن ما يجول في خاطره صحيح، كان فقط يضايقها ولكن إن كانت حقا تحمل بطفله، الفكرة نفسها ترجف قلبه، سعادة لم يحظي بها قبلا، مر بعض الوقت إلي أن خرج حسام من غرفة لينا في يده زجاجة صغيرة رفيعة لا يتعدي طولها سبابته، تمتلئ حتي نصفها تقريبا بالدماء، قطب جبينه قلقا ليتوجه إليه وقبل أن يفتح فمه ليقل اي شئ كان خالد يقبض علي تلابيب ملابس حسام يصيح فيه قلقا:.

- في ايه مالها لينا وايه الدم دا...
تنهد حسام يآسا ليرفع الزجاجة أمامها قليلا، ابتسم يغمغم في هدوء:
- اهدي يا باشا بنت حضرتك بخير، أنا شاكك في حاجة، بس عشان نتأكد ساعة وأقل وراجع، عن اذنك.

ابعد يدي خالد، توجه ناحية زيدان يبتسم له ابتسامة صغيرة تحمل الكثير من المعاني، لينزل علي سلم البيت بخفة، توجه زيدان الي غرفة زوجته، كاد خالد أن يلحقه حين خرجت لينا وقفت أمامه ترميه بنظرات شك حذرة، كتفت ذراعيها أمام صدرها تنظر له لحظات صمت طويلة، تعجب هو مما تفعل قطب جبينه يسألها:
- في ايه يا لينا، هي البنت كويسة.

حركت رأسها إيجابا ببطء عينيها لم تنازح عن مقلتيه، فقط رسمت ابتسامة متهكمة علي شفتيها تغمغم ساخرة:
- غريبة اوي، خالد باشا، رمز الغيرة، خلي راجل هو اللي يكشف علي بنته مش غريبة دي شوية، دا حتي زيدان ما اعترضش، مجرد ما قالكوا أخرجوا انسحبتوا في هدوء، دا لو أخوها مش هتتعاملوا عادي كدة.

توسعت عيني خالد فزعا للحظات جف لعابه تسارعت دقات قلبه ينظر لها يحاول رسم ابتسامة علي شفتيه، اقترب منها خطوة واحدة يمسك ذراعيها بكفيه يغمغم في هدوء حزين صادق:.

- أنتي عارفة أنا بترعب علي لينا قد ايه لما تتعب، خصوصا لما تقع قدامي بالمنظر دا بفتكر أختها، بترعب لتبعد زيها، ساعتها ما ببيقاش شايف اي حد قدامي غيرها، بس تفوق تاني، حتي زيدان لينا تعتبر كل عيلته، ما حدش فينا كان مركز في اي حاجة غير انها تبقي كويسة يا لينا..

اخفضت عينيها ارضا تشعر بالذنب، هم قلقانين للغاية علي ابنتها وهي فقط تقوم بدور المحقق لما ليست قلقة مثلهم، من الممكن أنها تعرف السبب، تنهدت حزينة تحرك رأسها إيجابا تبلع لعابها، حسام سيأتي بعد قليل بنتائج التحاليل وذلك السر، سيفُضح لا محالة...

بينما في الداخل جلس زيدان جوار فراش لينا امسك بكف يدها يخفيه داخل كفه ينظر لها قلقا، تحركت عينيه لبطنها المسطح يتخيله وهو منتفخ ينمو داخله طفلهم او طفلتهم الصغيرة، ابتسامة واسعة غزت شفتيه يتمني حقا أن يحدث هذا، مر بعض الوقت الجميع داخل غرفة لينا، خالد وزوجته وزيدان، بدور كعادتها لا تخرج من غرفتها حتي لا تشعر بأنها عبئ عليهم، مايا تشعر باكتئاب حاد تختبء خلف باب غرفتها، وحمزة ليس في البيت بأكمله ولا أحد يعرف أين هو، مرت دقائق حين بدأت تلك الراقدة علي الفراش تحرك رأسها للجانبين تتآوه من ألم رأسها حين سقطت بعنف علي الأرض، شئ فشئ بدأت تفتح عينيها، قطبت جبينها تنظر لهم مستفهمة لما الجميع هنا ماذا حدث، لحظات تحاول تذكر آخر ما حدث، كانت تجلس علي الأريكة تشعر بالجوع كعادتها في الفترة الأخيرة حين دخل زيدان وبدأ عطره يصارع امعائها، قامت من مكانها تهرب بعيدا، لفت رأسها بعيدا عن زيدان تتوجه بعينيها ناحية والديها تسألهم بصوت خفيض متعب:.

- هو ايه اللي حصل
مسحت لينا برفق علي خصلات شعر ابنتها ابتسمت تحادثها:
- اغمي عليكي، حاسة بإيه.

بسطت كفيها علي الفراش تحاول الاستناد علي يديها لتنتصف جالسة اقترب زيدان ليساعدها لينكمش جسدها علي حاله عله يبتعد عنها، اغمضت عينيها تشيح برأسها بعيدا عنه، تحرك من مكانه يستند بركبتيه علي الفراش يساعدها علي الجلوس رغم نفورها منه، ما إن جلست جلس أمامها يحافظ علي مسافة أمان لها، ابتسم لها شبح ابتسامة باهتة، يهمس لها برفق:
- حمد لله علي سلامتك...

وقف خالد بعيدا عنهم قليلا ينظر لهما حزينا علي ما وصلوا إليه، صوت سيارة تقف بالخارج كانت الجاذب لانتباه زيدان وخالد معا ليهتفا معا بتلهف:
- حسام جه
تحركا سريعا لخارج الغرفة بينما نظرت لينا لوالدتها متعجبة من تلهفهم ماذا حدث وهي غائبة عن الوعي، نزل زيدان بصحبة خالد لأسفل يقابلان حسام الذي دخل توا للمنزل ليتقدم خالد منه يسأله سريعا:
- ها يا حسام طمني لينا كويسة مش كدا.

توسعت ابتسامة حسام ينظر لزيدان ليعاود النظر لوالده يحرك رأسه إيجابا يغمغم سعيدا:
- لينا كويسة، كويسة جدا، هي بس فيها حاجة بسيطة خالص
توسعت خالد ذعرا وعقله يرسم اسوء الاحتمالات التي يمكن أن تكون، ليقبض علي ذراعي حسام يهزه بعنف يصيح فيه:
- حاجة ايييييه انطق البنت فيها ايييه
انكمشت ملامح حسام من الألم يشعر بأصابع خالد علي وشك أن تنخر لحم ذراعيه، ورغم ذلك ابتسم، نظر لابيه في استفزاز ليقول مبتسما باتساع:.

- عارف دكتور ربيع لما كان بيقوله يا كبير أمك حامل، اسمحي لي اقولك يا باشا بنتك حامل
توسعت عيني خالد دهشة الجمت جسده عن الإتيان بأي حركة كانت فقط عينيه متسعة يفغر فاهه، ترك ذراعي حسام ليغلق عينيه ويفتحهما عدة مرات ينظر لحسام مدهوشا يتمتم:
- حامل، هي مين دي اللي حامل!
توجه حسام ناحية زيدان الذي يقف هناك يعلو ابتسامة واسعة يشعر بقلبه قد طار فرحا، أقترب حسام منه يشير ناحية زيدان بسبابته يغمغم ضاحكا:.

- بنتك اللي هي تبقي مرات الواد دا، مبروك يا زيزو هتبقي بابا
قالها ليعانق زيدان ليشدد الأخير علي عناق صديقه يكاد يبكي من الفرح، لينا حامل تحمل بطفله، سيصبح لدية ابن او ابنة سيدلله يهتم به، لن يدع اي من مكان يؤذيه لن يدعه يلاقي ما لاقي هو، سيعش فقط ليجعله سعيدا هو ووالدته، أسرة صغيرة سعيدة رسمها خياله، هو ولينا وطفل صغير اخذ ملامحه كلها منها، فاق من حلمه السعيد علي صوت خالد يصدح غاضبا:.

- بتقرطسني يا تربية زبالة، وعاملين زعلانين من بعض وانتوا بتستغفلوني، دا أنا هطلع عينك
اراد حسام أن يتكلم ويخبره أن الطفل عمره أكبر من ذلك، ولكن خالد لم يدع له الفرصة حين اندفع ناحيتهم يود الإمساك برقبة زيدان ليدفع حسام زيدان بعيدا ناحية السلم يصيح فيه فزعا:
- اجري أنت، أهرب يا ياسين قصدي يا زيدان.

تحرك زيدان يهرب من بطش خاله حاول حسام الوقوف حاجزا بينهما ليسقط أرضا يتأوه متألما يشعر بفكه تحطم من تلك اللكمة العنيفة، حرك عضلات فكه يتأوه متألما:
- بوقي راح، الرجل الحديدي
نظر حسام سريعا حوله يبحث عنهم ليجد زيدان يقف عند الطرف الآخر من طاولة الطعام، وخالد يقف عند الباب، حاول خالد الإمساك بزيدان ليتلف حول الطاولة يبتعد عنه سريعا يصيح قلقا:.

- يا خالي افهمني والله إنت فاهم غلط، اديني فرصة اشرحلك، أنت يا زفت يا حسام، تعالي الله يحرقك، الواد هيتولد يتيم
التف خالد يحاول الامساك بزيدان ينظر له محتدا ليصيح فيه غاضبا:
- اقف ياض ما هو أنا هقتلك يعني هقتلك أنا اتقرطس، تركبلي قرون، دا أنا هخليهم يجمعوا أعضائك بعد اللي هعمله فيك
استند حسام بكفيه هب واقفا ليهرول ناحيتهم سريعا وقف سريعا أمام ابيه يصيح فيه:.

- يا عمنا اسمعني الواد هيروح في ابو بلاش، لينا حامل في شهر وزيادة تقريبا، يعني أنت ما اتقرطتش ولا حاجة
اقترب خالد من حسام يقبض بيسراه علي تلابيب ملابسه يجذبه ناحيته بعنف نظر له عينيه حمراء غاضبة مشتعلة ليزدرد حسام لعابه خائفا شد خالد علي اسنانه يهمس له متوعدا:
- ولا الكلام دا صح ولا بتداري عليه، ما أنت تربية زبالة أنت كمان...
نظر حسام له ببراءة كطفل صغير يكاد يبكي ليردف بنبرة متوسلة راجية شبة باكية:.

- والله يا باشا والله ما بنضحك عليك، دا الواد زيدان دا يتيم وغلبان وأنا ساقط قيد ويتيم، الله يخربيتي يتيم ايه، قصدي غلبان يا باشا والله، ما نقدرش نضحك عليك
لأحسن تكهربنا وتعذبنا وتسيب علينا كلاب ويلف وتعدي علينا تريلة كانت محملة رز باين
انفجر زيدان في الضحك حتي أنه سقط علي ركبتيه ارضا تدمع عينيه من الضحك بينما ارتسمت ابتسامة سوادء علي شفتي خالد يهمس لحسام متوعدا:.

- أنت عارف أنت عايز ايه يا دكتور يا سكر أنت
اشار حسام لنفسه ابتسم في براءة يردف مبتسما باتساع:
- أنا عايز 350 جنية حق الكشف واروح أنا
رفع خالد يربت علي علي وجه حسام ابتسم يقول بنبرة تقطر شرا:
- لا يا حبيب أبوك، عايز تطلع معسكر زي اللي كان بيطلعهم صاحبك وهو صغير، هتتبسط أوي
توجست عيني حسام من نبرة خالد ليلتفت برأسه ناحية زيدان يهمس له بصوت خفيض خائف:
- بس بس، زيدان هي ايه المعسكرات، كنت بتعمل فيها إيه.

حرك زيدان كفه علامة السكين يشير بها ناحية عنقه كأنه يذبحه ليهمس له بصوت خفيض:
- هتتنفخ، هتتمني أنك تكون شجرة ولا أنك تكون بني آدم في معسكر تحت ايد خالد السويسي
توسعت عيني حسام فزعا يصور له رأسه مشاهد بشعة استمدها من الأفلام القديمة ليصيح فزعا حين شعر بخالد يقبض علي تلابيب ملابسه يجذبه خلفه ليبدأ بالصراخ:
- لاء نفخ لاء أنا شجرة، شجرة والله شجرة.

ضحك خالد يآسا يلقي حسام علي أحد المقاعد ليجلس أمامه، ابتلع حسام لعابه خائفا ليميل خالد ناحيته قليلا يهمس له بضوت خفيض متعجب:
- فهمني ازاي حامل، بعد اللي حصل من زيدان...
تنفس حسام الصعداء كاد قلبه أن يتوقف خوفا قبل لحظات، تنهد يأخذ نفسا قويا ليردف بعملية:
- بتحصل صدقني، حصلت قدامي اكتر من مرة، يعني الجنين ليه عمر ومتمسك بالحياة رغم اللي حصل
أكمل في نفسه قلقا:.

- بس اغلب الحالات كان الجنين بيموت او بيتولد بإعاقات، ربنا يستر
تنهد خالد قلقا، حين قرأ القلق في عيني ابنه، حسام يخفي عنه شيئا ولكنه حقا لا يريد أن يعرف ما هو، يحاول أن ينظر للجانب المشرق من الموضوع طفلته سيصبح لديها طفلا، ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه، لتختفي سريعا يحل محلها الغيرة نظر لزيدان الواقف عند باب الغرفة ليتحرك من مكانه وضع يده علي كتفه يربت عليه يقول بهدوء:
- مبروك يا زيدان...

تركه ليتوجه الي غرفة ابنته، وقف زيدان يبتسم في توسع كالابله قلبه يرقص فرحا وحسام يجلس هناك عينيه شاردة في الفراغ يتمني فقط أن لا يحدث ما اعتاد علي حدوثه في مثل تلك الحالات...

في الأعلي، سمعت لينا منذ البداية صياح حسام بأنه حامل، لتنظر لوالدتها تكاد تبكي من الغيظ، حسام أخبر والدها وزيدان، لما فعل، شردت عينيها في الفراغ تفكر، هل تجري سيجبرها ووالدها وزيدان علي العودة لزيدان من جديد بعد ما عرفوا، وذلك الطفل الكامن في احشائها هل ستتقبله بعد ما فعله زيدان، خافت فئ تلك اللحظات أن تكره طفلها لتمد يدها سريعا تربت علي بطنها برفق كأنها تربت علي الطفل تهمس داخل نفسها بنبرة حزينة باكية:.

- لاء ما تخافش أنا عمري ما هكرهك، بس سامحني مش هقدر نبقي أنا وهو مع بعض تاني، مش هقدر صدقني، هتبقي أنت وماما مع بعض وجدو وتيتا
اجفلت من شرودها علي يد لينا تتحرك أمام وجهها تسألها قلقة:
- مالك يا لينا سرحانة في اي
شعرت برغبة ملحة في البكاء لترتمي بين أحضان والدتها تنهار باكية تصيح من بين شهقاتها العنيفة المتقطعة:
- عرفوا اني حامل يا ماما، مش عايزة ارجعله تاني، ما تخليش بابا يرجعني أعيش معاه.

شهقت فزعة حين شعرت بيد تجذبها برفق من بين أحضان والدتها لتصطدم برأس والدها الذي ظل يمسح علي شعرها برفق قبل قمة رأسها يهمس لها بصوت خفيض حاني:
- ما تخافيش مش هرجعك لزيدان غير لما أنتي تطلبي غير كدة لاء...
رفعت وجهها عن صدر والدها تنظر لوجهه قلقة ليبتسم لها يحرك رأسه إيجابا مد يده يمسح دموعها يتمتم في سعادة:.

- مبروك يا حبيبتي، الف مبروك، أنا ما كنتش مصدق أنك كبرتي واتجوزتي، دلوقتي بقيتي حامل وهتجبيلنا عيل رخم كدة شبهك، يقولي يا جدو، هتكبروني يا جزم، لاء أنا شيخ الشباب وهفضل شيخ الشباب ولا ايه يا لوليتا.

نظر ناحية زوجته التي تنظر لهم، نظراتها بها حزن عميق رغم أنها تبتسم، حركت رأسها إيجابا كأنها تؤيد ما يقول، في تلك اللحظات ظهرت حمحمة خفيفة عند باب الغرفة تلاها دخول زيدان الذي لم تنزح عينيه عن لينا ولو للحظات، نظراته كانت تصرخ من السعادة، ابتسمت لينا الشريف لتتوجه ناحيته تردف:
- مبروك يا زيزو
تحركت عيني زيدان ليتوجه بانظاره الي والدته ابتسم ليجذب يدها يقبلها يتمتم سعيدا:
- الله يبارك فيكي يا ماما...

رأت لينا في عيني زيدان ما جعلها تنظر لخالد تشير له بعينيها أن يخرجا قليلا يفسحا لهما المجال، نظر خالد ناحية زيدان في غيظ ليحرك رأسه إيجابا على مضض ترك ابنته يتوجه للخارج لتلحق به زوجته، بينما ابتسمت لينا ساخرة والديها تركا المكان عمدا لما؟!، تقدم هو من الفراش يجلس بعيدا عنها قليلا ابتسم يقول فرحا:.

- مبروك، أنا بجد مش مصدق، إن هزاري هيطلع بجد وانتي حامل، حاسس أن قلبي هيقف، فرحان، متلغبظ، عايز اقف في وسط الشارع واصرخ من فرحتي...
رفعت وجهها تنظر له، تشعر بالغضب يفور في اوردتها لما هو بهذه السعادة بينما هي قلقة حائرة خائفة ابتسمت ساخرة تذكرت هي من تعرضت للاغتصاب وليس هو، ابتسمت ساخرة تعقد ذراعيها أمام صدرها:.

- خلصت أحلام اليقظة بتاعتك، لو فاكر أن الجنين دا هيرجعنا تاني لبعض تبقي بتحلم، إنت هتطلقني وابني أنا هربيه، لوحدي، وليه لوحدي لما اتجوز أنا ومعاذ، معاذ هيبقي اب كويس جدا ليه
في تلك اللحظة مر امامه مشهد قديم لوالدته حين اخبرته وهي تبتسم ( زيدان يا حبيبي أنا وعمو معتز اتجوزنا، عمو معتز هيبقي بدل بابا) وبعدها بدأت معاناته، عذابه، انفجرت الدماء في اوردته يتخيل طفله بدلا منه، انتفض واقفا يصيح غاضبا:.

- أنا ابني مش هيريبه جوز أم، ابني مش هيشوف الذل والعذاب اللي أنا شوفته، انتي فااهمة، وطلاق مش هطلق، اعرفي دا كويس
اشتعلت عينيها غضبا لتتحرك وقفت علي ركبتيها علي الفراش تنظر له في غيظ لتصرخ بشراسة:
- اوعي تكون فاكرني خايفة منك، أنتي هتطلقني بمزاجك او هرفع عليك قضية خلع، واللي في بطني دا ابني أنا، مالكش اي حق فيه، أنا عندي اسقطه ولا أنك تاخده مني ولا اني ارجعلك بسببه.

توحشت نظرات عينيه ينظر له نظراته مزيج من الغضب والذهول لما ذلك الكره ماذا يفعل حتي يستخرجه من قلبها اقترب منها حتي بات أمامها مباشرة اهتزت نبرته حين أردف:
- اوعي لينا تعملي كدة، اوعي تموتيه، ما تكسريش روحك وروحي معاها، اللي في بطنك دا حياتي كلها، عوض عن عذاب شوفته سنين اوعي تأذيه...

قالها ليغادر الغرفة والمنزل بأكمله لم يلتفت لصيحات خالد وحسام باسمه فقط غادر كأنه يهرب من المكان كله، لتتوجه لينا الي باب غرفتها توصده عليها من الداخل بالمفتاح، لا تعبئ بدقات من في الخارج لتصرخ فيهم بصوت مختنق باكي:
- مش عايزة اشوف حد، امشوا من هنا.

في غرفة بدور، التقطت هاتفها تقبض عؤي الورقة في يدها لحظات وسمعت صوته البغيض يقول متلذذا:
- ايه يا بيدو لحقت اوحشك
امتعضت ملامحها مشمئزة حتي من صوته، اردفت تهمس له بقرف:
- وحشتك حية تلف حواليك تجيب اجلك
تؤتؤتؤ كدة يا بيدو في واحدة تدعي علي جوزها حبيبها، غمغم بها بحزن يسخر منها
لتشتعل أنفاسها غضبا تشد بقبضتها علي الهاتف تهمس له محتدة:.

- عارف يا أسامة، أنا بندم كل يوم ميت مرة اني حبيت حيوان زيك، قد ايه كنت غبية وساذجة، انا جبتلك شيك بالفلوس تاخدهم ومش عايزة اشوف خلقتك تاني...
توسعت ابتسامته الخبيثة ليغمغم بنبرة متهكمة:
- ومالوا، بس انتي اللي هتروحي تصرفي الشيك لحسن يطلع مقلب ولا حاجة وتقابليني في (، ) بكرة الساعة 3، سلام يا بيدو.

أغلق الخط دون أن يسمع ردها لتبعد الهاتف عن اذنيها تنظر لشاشته باحتقار، تنهدت حانقة تنظر للورقة في يدها ستعطيه ما يريد ليخرج من حياتها للأبد، وتنتهي من تلك المشكلة.

علي صعيد قريب الغرفة المجاورة لها، جلست مايا علي فراشها تفتح حاسوبها المحمول ( اللاب توب )، تنهدت تتصفح تلك الصفحات في احد الكتب الخاصة بالجامعة، تنظر للاسطر عينيها شاردة حائرة حزينة، تري أسمه بدلا من أحرف الكتاب، لا يحدث في الخارج لا يعنيها بشئ، أحيانا كثيرا تحقد علي لينا، لديها ما لا تملكه هي، يكفي إن والدتها حية، وتملك زوجا عاشق يحب، اما حبيبها هي ابعدوه عنها بقسوة، لم يهتموا بقلبها الذي تحطم ولكنهم حقا يهتمون بقلب لينا جيدا، هكذا كانت تظن، اجفلت علي صوت دقات علي باب غرفتها لم تنطق بحرف، ففتح الطارق الباب، نظرت بطرف عينيها للفاعل لم يكن سوي والدها، ها هو قد عاد، اشاحت بوجهها بعيدا عنه لا ترغب حقا في رؤيته، تنهد حمزة تحرك ناحيتها جلس جوارها علي الفراش، لحظات من الصمت لا يجد ما يقوله تنهد يقول اخيرا:.

- باركتي للينا بنت عمك، حامل
ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيها تتمتم بنبرة فارغة خاوية:
- بجد مبروك!
وعاد الصمت مرة أخري، عاد صمت قاسي يحلق فوق رؤوسهم، قرر هو اخيرا كسره تنهد يقول في هدوء:.

- وبعدين معاكي يا مايا، هتفضلي كدة، أنتي شايفاني أنا بس اللي غلطان، وادهم، أدهم ما غلطش، طب لو كان اغتصبك، كنتي هتسامحيه، كنتي هتشوفيه بردوا ما غلطش، أنا عارف إن الشيطان كان عامي عينيه بس بردوا غلط، غلط وغلطه كبير، أنتي عارفة أدهم خدك النايت كلاب ليه مش كدة
ابتلعت لعابها الجاف كلمات والدها تخبرها بالحقيقة التي لا تريد الاعتراف بها، أدهم أخطأ، حركت رأسها نفيا تردف بنبرة باهتة متوترة:.

- بببس هو فاق ما عمليش حاجة، ما اذنيش
شهقت متألمة حين وجدت والدها يقبض علي ذراعيها بقوة ينظر لها محتدا يصيح فيها:.

- وإن كان عمل، ولو ما كنش فاق، كنتي هتدوريله بردوا علي مبررات، ايه السلبية اللي انتي فيها دي، أنا ما غلطتش يا مايا، لما اعرف أن ابني اللي ربيته كان عايز يدمر أكبر صفقة في الشركة لاء ومش بس كدة كان عايز يغتصب بنتي، مستنية مني اخده في حضني واقوله ليه يا حبيبي فوقت، لا ما ينفعش، خدها اغتصبها.

انحدرت دموعها وكلمات والدها كصفعات تخرجها من دوامة حزنها، دوامة قهرها علي حبيب لم تعرف غيره، أدهم كان كل حياتها كانت كنجمة صغيرة تدور حول مداره هو فقط، تتلقي منه كل شئ دون اعتراض، حتي غضبه، كلماته، توسعت عينيها فزعة كيف سمحت لمشاعرها أن تسلب هكذا، ربما لصغر سنها، لقلة خبرتها، لتعلقها بأدهم قلبا وقالبا، أدهم أخطأ ووالده لديه كامل الحق فيما يفعل، وهي الحمقاء الوحيدة هنا!

بعد أن انتصف الليل بعدة ساعات كانت نائمة في غرفتها تحلم بكابوس مزعج، لتبدأ تشعر بأن جسدها مقيد فمها مكمم، فتحت عينيها لتتوسع في ذعر جسدها بالكامل مقيد فمها مكمم بقطعة قماش، يديها وقدميها في غرفة غريبة لا تعرفها، حاولت الصراخ دون فائدة ادمعت عينيها تحاول جذب تلك الاصفاد بعنف علها تفك قيد يديها ولكن دون فائدة، لحظات ووجدت باب الغرفة يفتح ودخل رجل غريب، رجل لا تعرفه يغطي وجهه بقناع اسود، تقدم ناحية فراشها يبتسم في خبث مرعب، جلس جوارها علي الفراش يتحسس وجهها يسير بأنامله علي وجنتها اقترب من أذنيها يهمس متلذذا:.

- صغيرة، حلوة، حلوة اوي، ما تعرفيش أنا دفعت قد ايه عشان اخدك، هو كان عايزك ليه، بس ما كنش ينفعش اسيبك، دخلتي دماغي من اول مرة شوفتك فيها، دفعت كتير اااه، بس انتي تستاهلي، سمعيني صوتك، اااه أنا آسف
مد يده يزيح قطعة القماش التي تكمم فمها لتسأله بصوت مرتجف مذعور:
- ااانت ممميين
تعالت ضحكاته، ضحكات بشعة عالية، ضحكات شرسة تبنئ عن سوء نية صاحبها وقف أمامها ينظر لوجهها مد يده يزيح قناع وجهه يتمتم متوعدا:.

- أنا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة