قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السبعون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السبعون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السبعون

اتسعا عينيه فزعا حين رأي ابنته تغرق في بحر من الدماء، صدمة جمدت جسده للحظات طويلة عجز عن الإتيان بأي حركة وهو يرى ذلك السيل المتدفق من الدماء يأكل الفراش كوحش ضاري يبتلع ابنته، ارتعد جسده فجاءة يخرج بعنف من تلك الحالة التي أصابته ليهرع إليها يحتضن جسدها يصرخ باسمها فزعا:
- ليينااااااا...

صرخته الفزعة ايقظت الجميع بينما كان هو في لحظة يحمل ابنته يركض بها للخارج خلفه صرخات زوجته باسم ابنتها، وصل لباب المنزل ليجد لينا تهرول خلفه التفت لها يصيح فيها:
- رايحة فين بقميص النوم...

هل يظن حقا انها تهتم بما ترتدي في تلك اللحظة وهي تري ابنتها الصغيرة غارقة في دمائها، التفت حولها سريعا تبحث عن شئ يغطي جسدها لتلحق به، لتشعر بيد تجذبها نظرت خلفها سريعا لتجد بدور تمسك بيدها، بعدها كل شئ كان ضبابي يلتف بسرعة البرق، لا تعرف ما ارتدت جل ما تعرفه أنها في سيارة حمزة التي يقودها بسرعة البرق يحاول اللحاق بسيارة خالد التي تشق الطريق بسرعة كالبرق تخطف القلوب قبل الإبصار، نزل خالد من سيارته ليهرول سريعا يحمل ابنته بين ذراعيه يهرول بها الي الداخل وقف في منتصف ساحة الاستقبال يصرخ بصوته كله:.

- دكتور بسررررعة.

جملة تردد صداها في أنحاء المستشفى عدة مرات بسرعة وقوة وعنف، الدنيا تلتف من حوله يشعر بالممرضات يأخذن ابنته من بين ذراعيه، الظلام يكسو جميع الجهات، وسط تلك الظلمة الكالحة رأي نقطة نور بعيدة حسام الذي يركض هنا يأخذ شقيقته من أيدي الممرضات يركض بها إلي غرفة العمليات، حسام سيساعده، هو يثق في ولده أتم الثقة، حسام طبيب ماهر كما يعرف عنه، تهاوي جالسا على المقعد المجاور لغرفة العمليات ينظر لكفيه الغارقان بالدماء، قلبه على وشك أن يتوقف من الذعر بالكاد يحبس دموعه، جسده بارد عينيه زائغة، أنفاسه ثقيلة متهالكة، لا يعرف حتى ما حل بها فجاءة دون سابق إنذار، تمني في تلك اللحظة لو أنها بقيت طفلة صغيرة لا يؤذيها من الدنيا سوي أنه نسي جلب حلواها، نظر لتلك الخطوات التي تهرول جواره ليري حمزة يركض متجها إليه ومعه لينا، اندفعت لينا إليه وقف أمامه تركض فزعة تتصارع دموعها في الهطول:.

- بنتي فين يا خالد، لينا حصلها ايه، بنتي طمني عليها ابوس ايدك
مد يده يجذبها يجلسها على المقعد المجاور له عينيه لا تنزحان عن باب غرفة العمليات المغلقة، تحرك لسانه يتمتم بصوت ثقيل مختنق:
- في أوضة العمليات، هتبقي كويسة، بنتي هتبقي كويسة...
تركت لينا خالد تهرول ناحية غرفة العمليات لتدفع باب غرفة الجراحة وتختفي خلفه، بينما جلس حمزة جوار أخيه مد يده يشد على أخيه يحاول التخفيف عنه:.

- هتبقي كويسة يا خالد، صدقني هتبقي بخير
حرك رأسه إيجابا ينظر بأعين خاوية تنضب فيها الحياة، خطوات سريعة تركض تأتي من جواره، التفت ليجد زيدان يركض منظره مروع عينيه حمراء ملامحه شاحبة شعره مبعثرة ملابسه مبعثرة، توجه ناحية حمزة مباشرة يصرخ فزعا:
- مالها لينا يا خالي، كلمتني تقولي لينا تعبانة في المستشفى ليناااا فيييين.

رفع خالد يده يشير لغرفة الجراحة المغلقة دون أن ينطق بحرف، توجه زيدان ناحية الغرفة يقف امامها ينظر للباب المغلق عاجزا توجه للحائط المجاور لباب الغرفة يستند بظهره إليه يصدم رأسه بالحائط يكاد قلبه ينفجر قلقا خوفا عليها وعلى طفله الذي لم تره عينيه بعد، خائف من أن يتحقق حلمه الآن، لحظات وانتفض جسده حين شعر بالباب يفتح، انتفض الجميع واقفا ينظر بترقب لمن سيخرج، كانت لينا زوجة خالد دموعها تغرق وجهها جسدها يرتجف بعنف، يديها عليها آثار الدماء؟!، اندفعت ناحية زوجها ترتمي بين ذراعيه تشهق في بكاء عنيف مخيف تمسكت بملابسه تغرز وجهها في صدره، مسح على رأسها، لتتجمد يديه حين سمع نبرة صوتها المرتعشة:.

- مات يا خالد، مات، شوفت راسه الصغيرة وايده الصغيرة مسكتها بإيدي...

بروده قارصة عصفت بجسده قلبه يتهاوي من الألم يوجه انظاره ناحية زيدان ينظر له متألما مشفقا، سالت دموعه يشدد على احتضان زوجته لحظات أخري وانفتح الباب وخرج حسام وقف صامتا وكأن على رأسه الطير، كم كره نفسه في تلك اللحظات شعر بمدي فشله ذلك الطبيب الماهر الذي انقد حياة المئات لم يقدر على إنقاذ حياة طفل شقيقته، أكثر ما يمزق قلبه زيدان، يعرف أن الخبر سيدمره، اجفل على يد تنغرز في ذراعيه يهزه بعنف وصوت زيدان يصرخ مذعورا:.

- أنت واقف ساكت كدة ليييه لينا مالها، طمني عليها يا حسام
نطق جملته الأخيرة بنبرة ضعيفة متوسلة، ليوجه حسام انظاره ناحية صديقه لا يعرف كيف سيطر على دموعه، رفع يده يربت على كتف صديقه يهمس له حزينا:
- ربنا يعوضك يا صاحبي.

حرك رأسه نفيا مرة تليها أخري وأخري ينظر لصديقه يترجاه بنظراته أن يكن فقط يمزح، ابعد يديه يتحرك خطوتين للخلف، دقات قلبه تتصارع ألم بشع يشعر به داخل قلبه، ومشهد والده وهو يحمل طفل صغير بين ذراعيه، أبنه مات، قديمه كالهلام على وشك أن تأخذه وتسقط، يتحرك للخلف رغما عنه حركات جسده لا يتحكم بها وكأن عقله انفصل عن جسده من شدة الألم، في لحظة أغرقت الدموع وجهه كطفل صغير فقد والده ليس إبنه، جلس أرضا تنهمر دموعه يخفي وجهه بين كفيه ينخرط في البكاء، بينما اندفع خالد ناحية حسام يسأله فزعا:.

- لينا، لينا يا حسام هي كويسة...
حرك رأسه إيجابا ربما تلك هي نقطة النور الوحيدة فيما حدث، إن لينا بخير لم تتضرر، الرحم برغم أن إجهاض الجنين كان عنيفا إلا أنه لم يتضرر، زفر أنفاسه المختنقة يغمغم بترفق:
- الحمد لله لينا بخير، قدر ولطف، الممرضات ودوها اوضة رقم 13 من الباب التاني.

سريعا توجهوا جميعا الي غرفة لينا عدا زيدان الذي ظل جالسا مكانه ينظر أرضا جلس حسام جواره أرضا صامتا للحظات طويلة، زفر أنفاسه المختنقة يهمس له بخفوت حزين:.

- زيدان أنا عارف إن كلامي في اللحظة دي مالوش اي ستين لازمة، بس مين عارف الخير فين، مش يمكن لو كان الحمل كمل كان الولد اتولد بإعاقة، اااا، صدقني يا زيدان دا الخير، أنا عارف أنك موجوع يا صاحبي، بس ربنا هيعوضك صدقني، صدقني الطفل دا كان هيبقي نقطة سودا في حياتكوا كنتوا هتفتكروا الحادثة اللي حصلت غصب عنك، مش يمكن دا حصل عشان ترجعوا تتجمعوا تاني، من غير ما يكون فيه اي إثر للماضي...

رفع زيدان وجهه ينظر لصديقه يبتسم ابتسامة باهتة معذبة، حرك رأسه إيجابا يسخر من حاله، لما انتظر السعادة وهو يعلم جيدا أنها لم تخلق له، في تلك الأثناء جاءت احدي الممرضات تحمل بيدها مجموعة من الأوراق وقف أمام حسام حمحمت تتمتم:
- دكتور حسام دا نتيجة تحليل دم الحالة اللي إجهضت من شوية...

مد حسام يده يأخذ منها الأوراق ينظر لما خط فيها ليعقد جبينه متعجبا قلقا، ارتفعت سيولة الدم فجاءة مما أدي لانفصال المشيمة عن الرحم ولكن السبب مجهول، لا إثر طبي لما حدث، ليس هناك عقار طبي معروف سبب ذلك، نظر جواره ليجد زيدان يرحل بعيدا عند نهاية الممر استطاع ان يلمح طيفه يغادر.

على صعيد آخر قريب، دوامة من الألم لفتها بالكامل تشعر بأن روحها تنتزع منها بعنف جزء يأخذ من كل بمنتهي الوحشية والقسوة، صفعات من ألم تنهال على جسدها بلا رحمة، لم يستطع عقلها التحمل أكثر فغاب تماما، وها هو يعود من جديد إشارات خفيفة يصدرها عقلها يحثها على الاستيقاظ يخبرها أن تفتح عينيها ويرفض جسدها الانصياع، شئ فشئ بدأت تحرك اهدابها، شئ فشئ بدأ جفنيها يستجيبان، فتحت عينيها تطل على الدنيا، العديد من الوجوه تقابلها، والديها وعمها، لفت رأسها تنظر حولها، غرفة في مستشفي!، عند تلك النقطة توسعت عينيها فزعة مدت يدها تبسط كفها تتلمس بطنها تنظر لوالديها مذعورة، نظرة الألم التي رأتها في عيني والدها اخبرتها بما عجز لسانه عن نطقه، بينما اندفعت والدتها تخبئها داخل أحضانها، هي أكتر من يعرف ألمها في تلك اللحظة، ألم ذكرها بذكري قديمة جاهدت لتنساها والآن عادت تتذكرها بكل تفاصيلها من جديد، شدت على احتضان ابنتها تغزرها بين أحضانها لتختبئ لينا بين ذراعي والدتها تتلمس منه ما يسكن ذلك الفراغ البشع الذي تشعر به داخلها، صمت مخيف لا يقطع سوي شهقات لينا العالية وهي تخبئ ابنتها بين أحضانها، الجميع واجم وكأن على رؤوسهم الطير، وهي الصدمة نزعت لسانها حني بكائها صامت...

صوت الباب يفتح، وخطوات تعرفها تقترب جعلتها ترفع رأسها قليلا عن أحضان والدتها تنظر له، تقابلت مقلتيها بعينيه في حديث صامت طويل معاتب كل منهم يرمي اللوم على الآخر، ابتعدت عن والدتها تنظر له كارهة والجملة الوحيدة التي خرجت تشق دموعها:
- أنت السبب!
ارتسمت ابتسامة مريرة على شفتيه يحرك رأسه إيجابا استند بكفيه على حافة الفراش المعدن القريبة منه يقترب منها يتمتم ساخرا:
- ايوة فعلا أنا السبب!

على صعيد آخر بعيد للغاية في منزل عثمان وسارين، حل الصباح باكرا منذ ساعات طويلة فتحت هي عينيها فجاءة شعرت وكأنها في مكان غريب لا تعرفه، فتحت عينيها لتبصر وجهه النائم المقابل لها للحظة كادت شهقة فزعة تخرج من بين شفتيها لتتذكر انها تزوجت بالأمس والدها يعلم انها تنام في منزل رجل غريب، ذلك الرجل هو زوجها!، ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها تنظر لوجهه وهو نائم تتنهد حالمة عثمان بات زوجها عادت بها ذاكرتها لما حدث بالأمس.

Flash back
ما ان دخلا معا إلي الغرفة التف هو بمقعده من خلال ذراع صغير جوار يده ناحية الباب ليدفعه وينغلق، وقفت هي تنظر له متعجبة تعقد ذراعيه لتسأله:
- سؤال رغم معلش، طالما الكرسي بتاعك حديث ليه بتقولي زقيني
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه ليقترب بمقعده منها سلط مقلتيه على مقلتيها يهمس لها بشغف:
- بحب احس بيكي قريبة مني.

حقا هي ليست معتادة على كلمات الغزل وخاصة منه هو، تقف الآن في أشد حالاتها خجلا، تنظر ارضا تفرك يديها لا تملك الجراءة لرفع وجهها، انتفضت حين شعرت به يمسك يدها لتصرخ فجاءة:
- لاء
توسعت عينيه ينظر لها مدهوشا مما فعلت لتخرج منه ضحكة عالية ينظر لها مشفقا، سيطر على سيل ضحكاته بصعوبة يلتقط أنفاسه ليغمغم في خبث:
- هو ايه لاء يا سارين أنا بشد ايدك عشان تقعدي، عايز اتكلم معاكي كلمتين ولا انتي دماغك راحت فين.

تخضبت وجنتيها بالدماء ذلك الخبيث يستغل خجلها اسوء استغلال، استسلمت ليده التي جذبتها لأقرب مقعد لتجلس عليه تحرك هو بمقعده ليصبح أمامها مباشرة، يفصلهم مسافة صغيرة، ظل صامتا للحظات طويلة قبل أن تخرج من بين شفتيه تنهيدة مختنقة تلاها صوته الهادئ:
- بصيلي يا سارين
رفعت وجهها ليقابل وجهه ابتسامته الهادئة نظرة عينيه الحائرة الشاردة، تنهد حارة طويلة خرجت من بين شفتيه يسألها:
- انتي قلقانة من ايه؟!

قطبت جبينها متعجبة من ذلك السؤال الغريب الغير متوقع منه، قلقة، هل قلقة من الكثير ولكن لما يسألها ذلك السؤال الآن حمحمت تسأله متعجبة:
- مش فاهمة سؤالك
ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه ينظر لها مبتسما حرك رأسه إيجابا يردف:
- لاء أنتي فاهمة يا سارين وعارفة أنا بتكلم عن ايه كويس، أنا عايز اسمعها منك
نظرت له عاجزة قلقة تقبض على راحة يدها تتنفس بعنف تهربت من مقلتيه تهمس متوترة حائرة:.

- اااا، بصراحة أنا خايفة تكون ما بتحبنيش يا عثمان ووجودي معاك مجرد احتياج لحد جنبك، ولما تخف يا رب تخف، هترجع زي ما كنت، فاهمني
ابتسم في اتساع يحرك رأسه إيجابا ليقطع المسافة الفاصلة بينهما، يجذبها ناحيته يقبل جبينها لتقطب هي ما بين حاجبيها متعجبة لما تصرفاته غريبة اليوم، امسك يديها بخفة يخبئها بين كفيه تقلصت ابتسامته قليلا يهمس لها بخفوت:.

- أنا عارف أنتي قلقانة من ايه بس كنت عايز اسمعها منك، ممكن أنا احكيلك حاجة
حركت رأسها إيجابا تنظر له بفضول تريد أن تعرف ما سيقول ليبتسم هو تنهد يخبرها بكل ما يجيش بصدره:.

- عايز احكيلك حكاية قديمة من سنين، حكاية طفل صغير ما كانش بيشوف أبوه وأمه غير ساعة ولا اتنين كل يوم، كان بيبقي نفسه زيه زي اي طفل يحكيلهم عن اللي كان بيحصل في يومه، بس كان دايما بيسمع حبيبي ماما عندها شغل مش فاضية، عثمان أنا مش فاضي للعب العيال بتاعك، أنا ورايا شغل كتير، روح العب في أوضتك، وعشان يعوضوه كان بيجيبلوه لعب وهدايا كتيرر، كانوا فاكرين أنه لما يقولهم أنا عايز دا ويجيبوه، أنهم كدة بيعوضوه عن غيابهم، اتعود أن اي حاجة عايزها يشاور بس عليها، فبابا وماما يجيبوها، وهو كمان اتعود على كدة لما كبر كمل حياته زي ما هما رسموها اللي يعوزه يلاقيه، لو هما ما جبهوش هو يجيبه فبقي الصياد، شباكه تشاور وتصطاد، جوايز، مركز، بنات، ما حدش يقولي أنت بتعمل ايه وما بتعملش ايه، لو بابا زعق وقالي لاء، ماما تقوله سيبه يعيش شبابه إنت بتكبت الواد، عارفة ساعات كتير كنت بقرف من نفسي أوي، خصوصا لما كنت بشوف في عينيكي نظرة انبهار وحب أنا ما استهلهاش، لما خطبت ليلا كان الموضوع بالنسبة لي تسلية مش أكتر، كنت بتحدي نفسي اني اقدر اوقع صيد جديد، بس زي ما انتي شايفة كدة الصياد بقى فريسة ووقع في شر أعماله، تعرفي على قد ما كنت زعلان هموت حاسس أن الدنيا خلاص اتهدت من حوليا أتي انتهيت على قد دلوقتي ما أنا مبسوط وراضي، اصل بصراحة واحد زيي نهاية الطريق اللي كنت ماشي فيه الحرق، أنا مش غبي يا سارين عشان اضيع فرصة اني ابقي شخص نضيف من ايدي، وما بستغلش أنك بتحبيني عشان تبقي موجودة جنبي لحد ما اقوم على رجليا تاني، بالعكس تماما أنا عايزة اتقوي بيكي، انتي عارفة لو حكينا لحد ظروف جوازنا هيقول اللي بيحصل دا جنان دا واحد عاجز بتاع ستات مستني اول ما يخف يرجع للي كان فيه، ودي عيلة صغيرة ساذجة ما تعرفش حاجة في الدنيا اللي بيعملوه دا جنان احنا بقى عايزين نثبت للكل أن الجنان هو أعقل حاجة حصلت في الدنيا.

ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها وكلماته كلحن عذب يعزفه هو بمهارة على أوتار قلبها لتراه يمسك راحة يدها يبسط كفها امسك اصبعها الخنصر اولا يقول مبتسما:
- أول وأهم قرار في حياتنا، اننا نتعلم من اخطاء أهالينا وما نكررهاش، طبعا فهماني.

توسعت ابتسامتها الواسعة من الأساس تحرك رأسها إيجابا سريعا بالطبع تفهمه ما حدث لها بسبب والديها لن تسمح ابداا أن يحدث لأطفالها ابداا، ترك خنصرها ليمسك اصبعها البنصر يكمل ما يقول:
- تاني أهم قرار في حياتنا، الصراحة ما حدش يخبي اي حاجة عن التاني
حركت رأسها مرة أخري تؤيد ما يقول ليردف هو:
- نشارك بعض في اي قرار هناخده
- لما نخلف بإذن الله الاولاد هيبقوا من اولي الأولويات في حياتنا.

- لو حبيتي تشتغلي بعد ما تخلصي دراسة أنا مش همنعك طبعا، بس الشغل ما يجيش على حق الاولاد
- لو لقيتني مقصر في حقهم نبهيني والعكس هيحصل
- والقرار الاخير والأهم في الفترة دي تحديدا، إن جوازنا هيفضل على ورق لحد ما اقوم على رجلي واثبتلك حسن نيتي وإني مش بستغلك.

لم تعرف ما تقول هي حقا تؤيد كل ما تقول وتحترمه، من كان يظن أن عثمان اللعوب زير النساء يملك كل ذلك القدر من الرزانة ورجاحة العقل، حتى قراره الأخير وإن بدا غريبا ولكنه يدل حقا على سلامة نيته تجاهها، ابتسمت له تحرك رأسها إيجابا تعطيه موافقة صامتة منها على كل ما قال، شردت قليلا تفكر في حياتها القادمة تري كيف سيكون شكلها، لتجفل على جملته يقول مبتسما:
- صحيح هي نتيجة الثانوية العامة هتظهر امتي.

رفعت كتفيها لأعلي دليل على جهلها ادارت وجهها له تتمتم:
- مش عارفة والله هما بيعلنوا قبلها بكام يوم
ابتسم باتساع يشد على يدها يقول متحمسا:
- عارفة لو جبتي مجموع كبير هجيبلك هدية حلوة أوي
ارتسمت شبح ابتسامة شاحبة على شفتيها، سؤال ملح يطرق عقلها بلا توقف تريد أن تسأله وتخشي ذلك حقا، لم تستمع امساك لسانها أكثر لتهتف فجاءة:
- ليلا السبب في اللي حصلك مش كدة
Back.

اجفلت تخرج من شرودها الغير مكتمل فجاءة حين سمع صوته فجاءة يهمس جوار أذنيها عبثا:
- هو أنا امور وحليوة آه بس انتي حرفيا متنحة في وشي
توسعت عينيها تخضبت وجنتيها بالدماء هل تقسم له أنها فقط كانت شاردة لم تقصد أن تطيل النظر لوجهه كما يظن ارتبكت لتنتفض جالسة تعيد ترتيب خصلاتها المبعثرة من أثر النوم ليستند هو بكفيه على الفراش يشد جسده ليجلس جوارها يتمتم مبتسما:.

لو الواحد عارف أنه هيشوف القمر قدام عينيه ما كناش نام
تلعثمت خجلة لا تجد ما تقوله هرولت من الفراش متوجهه ناحية باب المرحاض دخلت تغلقه خلفها تستند بظهرها على الباب المغلق تضع يدها على قلبها تستشعر دقات قلبها المتسارعة أنفاسها المتباطئة، غزا احمرار قاني وجنتيها تتذكر بالأمس
Flash back.

بعد أن انهوا حديثهم الهام سويا ذهبت وبدلت ثيابها حين خرجت من المرحاض رأته هو الآخر انتهي من تبديل ثيابه، يتوجه بمقعده المتحرك ناحية الفراش المنخفض ليسهل عليه دفع جسده عليه، توجهت ناحيته تحاول مساعدته خجلة إلي أن جلس على الفراش رأت في عينيه نظرة عذاب وهو ينظر لساقيه الواقفة عن الحركة لتحمحم تجذب انتباهه ابتسمت حين نظر لها تسأله:
- مش هتاكل.

ابتسم ابتسامة باهتة يحرك رأسه نفيا، لتتنهد هي حزينة على حاله تسطحت على الفراش جواره بعيده عنه بقدر كافي، نظرت له تبتسم مرتبكة تهمس بصوت خفيض متوتر:
- تصبح على خير...

أغمضت عينيها توليه ظهرها تحاول النوم في مكان جديد غريب عليها جوار زوجها، لا تنكر أنها تحبه ولكن يبقي حاجز الخوف الفطري من انه رجل تتعامل معه من مساحة قريبة للغاية، عن المعتاد، فتحت عينيها فجاءة حين شعرت بيده تمسك ذراعها يجذبها برفق لتستقر فجاءة داخل أحضانه، اغمضت عينيها متوترة خائفة تتسارع أنفاسها، لحظات طويلة قبل أن يهدئ روعها وتفتح عينيها تنظر له مرتبكة لتراه يبتسم في توسع يهمس لها بشغف:.

- تعرفي أن شكلك حلو اوي وانتي مكسوفة وخدودك حمرا، زي التوت، أنا عارف أنك بتحبي التوت سارة قالتلي
اختفت أنفاسها انعقد لسانها ترمش بأهدابها عدة مرات سريعة متتالية ليرفع هو رأسها قليلا يضعها على صدره، يمسد على شعرها بخفة
حقا هي الآن على وشك أن تفقد مما يحدث، لحظات وسمعته يغمغم ساخرا:
- عجبت لك يا زمن...
قطبت جبينها متعجبة على ما يتعجب هو رفعت وجهها قليلا تسأله بخفوت:
- بتتعجب ليه.

حرك رأسه نفيا بخفة هل يخبره أنه كان يتذكر امجاده القديمة بصحبة صديقاته الكثيرات لا ربما لا يجب أن تعلم...
Back
خرجت من شرودها على صوت دقات على باب المرحاض وصوته يقول عبثا:
- سارين حبيبي لو هتجري على الحمام مع كل كلمة حلوة بقولهالك يبقي هتقضي عمرك كله جواه
ضحكت بخفة تضع يدها على فمها تكبح صوت ضحكاتها هي حقا سعيدة لانها تزوجت من نجح بجدارة في اصطياد قلبها.

على صعيد آخر عودة لمستشفي الحياة في غرفة لينا تحديدا يقف زيدان أمام الفراش لازال ينظر إليها يبتسم، ابتسامة معذبة بعد جملته الغريبة التي نطقها فجاءة:
- ايوة فعلا أنا السبب!

نظر الجميع إليه في عجب مما قال حتى هي تعجبت من استسلامه بتلك البساطة، صمت مخيف لم يبدده سوي صوت ضحكة عالية خرجت من بين شفتيه ضحكة معذبة تصرخ ألما، ادمعت عينيه رغما عنه توقف عن الضحك ينظر لها يفتح ذراعيه بحركة درامية ساخرة يغمغم متألما:.

- أنا السبب، أنا عملت كل حاجة وحشة في الدنيا واستاهل كل حاجة وحشة في الدنيا، استاهل اتيتم وأنا طفل عنده 5 سنين، استاهل اتعذب في كل مرحلة في حياتي، أنا السبب في العذاب اللي أنا وأنتي فيه، انتي عارفة أنا نفسي يرجع بيا الزمن عشان ما احبكيش، عشان لا آذيكي ولا ااذي نفسي...

أنا آسف اني اذيتك ما فيش في ايدي حاجة تانية غير الأسف وآسف اني عشمت نفسي بفرحة اللي في بطنك، يا ريتني ما جيت عيشت معاكوا، صدقيني العذاب اللي عيشته في حياتي ما يجيش شظية وجع من العذاب اللي أنا عايشه دلوقتي، بقيتي حرة يا لينا، ما بقتش في حاجة تربطنا، عيشي حياتك وانسيني، عشان انا مش هقدر انسي عن اذنكوا.

التفت ليغادر يخطو خطاه لخارج الغرفة، بينما كان يقف هو بعيدا يراقب ما يحدث نبرة الألم في عيني زيدان نظرة العذاب في عيني ابنته، خسارة تلتها أخري وأخري في حياتهم وبالطبع هو السبب كما يلوم نفسه دائما، للحظات شعر بثقل يزداد فوق رأسه جسده يلتف بعنف لم يعد لديه القدرة على الصمود، أسلم مقاليد كل شئ حين سمح لجسده أن يترنح ويهوي أرضا آخر ما سمعه كان صرخات الجميع باسمه.

خاااااالد، صرخة معذبة مذعورة خرجت من لينا زوجته لتترك ابنتها وتندفع إليه سقطت على ركبتيها على الأرض جواره تحاول أن تجعله يستيقظ بأي شكل كان، اندفع زيدان ناحيته ومعه حمزة يتعاونان على حمل جسده ولينا تهرول أمامهم تصرخ في الممرضات والأطباء، بينما هي جسدها ثقيل متعب، ألم بشع يفتك بها، انسابت دموعها تهمس باسم والدها بضعف شديد، بوهن تحركت نن فراشها تستند على الحائط تمشي بخطوات ضعيفة تجر ساقيها جرا، الألم يزداد بشاعة مع كل حركة تتبع الصوت لتجدهم هناك والدها يستلقي على سرير صغير يندفع ناحية احدي الغرف والدها ساكن بشكل مخيف لم تعهده يوما، ووالدتها تبكي منهارة وزيدان يحاول تهدئتها قليلا، رأت الدموع في عيني عمها، الجميع يقف مذعور، حسام جاء يركض ملامح الذعر تكسو وجهه اندفع كالسهم للغرفة التي فيها والدها، جذبت جسدها تحركه رغما عنه لتصل للنافذة الكبيرة للغرفة ارتمت بجسدها عليها تبسط كفيها على سطح الزجاج، تنهمر دموعها وهي تنظر لما يحدث في الداخل، شق الطبيب بمقص صغير ال ( تي شيرت ) الذي كان يرتديه والدها، الكثير من الأجهزة يوصلونها به قناع أكسجين غطي وجهه، تعلقت عينيها بجهاز ضربات القلب لتري دقات قلب والدها الغير منتظمة تارة سريعة وتارة بطيئة على وشك أن تتوقف، لم تكن تتخيل في أسوء كوابيسها أن تري والدها في هذه الحالة، إن ينهار هكذا أليس هو عمود الخيمة الذي يقيم العائلة يحمل هموم فوق عاتقه كيف ينهار، ليس من الممكن أن يحدث ذلك، ابدااا، التفت جوارها لتجد والدتها تنظر لجسد ابيها المسطح مذعورة تنهمر دموعها كشالالات بلا توقف جسدها يرتجف بعنف تحدث بصوت متوسل راجي بالكاد يخرج من بين شفتيها:.

- ياااارب، يااااارب احفظه يا رب، يارب يبقي كويس يا رب، أنا ماليش غيره، يا رب ما تحرمنيش منه يااااارب
نظرت لوالدتها حزينة مشفقة تبكي على حالها وعلى ما يحدث لوالدها وعلى ما حدث، تتسأل حقا كيف تمكنت والدتها من مسامحة والدها وعشقه لتلك الدرجة بكل كل ما فعل في حقها قديما، ولما هي لم تتمكن من مسامحة زيدان على خطاءه أليست ابنتها؟!

على صعيد آخر بعيد منذ الصباح الباكر والسيارة في الطريق متوجهه الي اسيوط، جاسر يجلس جوار غيث في الامام وهي تجلس بالخلف، طوال الطريق يتحدث هو وغيث، يضحكان يمزحان، يتحدثان في أمور شتي وهي أن سألته سؤالا واحد اما أن يتجاهلها او يرد، رد مقتضب غاضب، ماذا حل به بين ليلة وضحاها كيف تغير حاله بذلك الشكل البشع لمن تشتكي له منه، لا تملك سوي والدها وهو مريض بالقلب تخشي عليه أن يصيبه مكروه، وصلت السيارة بعد ساعات طويلة إلي المنزل، لينزل الجميع فتح هو صندوق السيارة نزل يلتقط الحقيبة يتقدم بصحبة غيث للداخل، في الداخل كان الجميع في الصالة الكبيرة والديه وصبا وشاهيناز، التي توسعت ابتسامته ما أن رآها القي الحقيبة أرضا ليندفع إليها يعانقه يشدد على عناقها يغرزها داخل صدره يغمغم مشتاقا:.

- وحشتيني يا شاهي وحشتيني اوي اوي، عاملة ايه يا حبيبتي، بتاكلي كويس واللي في بطنك كويس...
توسعت عيني شاهيناز بدهشة لا تصدق أن العمل اتي ثماره اخيراا، بات جاسر كالخاتم في إصبعها، توسعت ابتسامتها تلف ذراعيها حول عنقه تتمتم بلوعة زائفة:
- وأنت كمان وحشتني اوي يا جاسر ووحشت ابنك اوي اوي يا جاسر.

نظر رشيد وشروق مدهوشين لما يحدث بينما تفتت قلب تلك الواقفة تناظرها بنظرات جزعة محطمة كيف يفعل بها ذلك كيف يؤذيها بتلك الطريقة البشعة، انهمرت دموعها لتركض الي غرفتها بالأعلي تختبئ خلف بابها المغلق، نظر رشيد في أثرها مشفقا على حالها، بينما تعجبت شروق كثيرا مما حدث لولدها، اما صبا كانت في عالم آخر كل ما يشغل بالها الآن هو ذلك المتطفل الذي يقف هناك يبتسم في توسع يعقد ذراعيه أمام صدره يخبرها أنه قد جاء...

في منزل عمر السويسي، وقف عمر في صالة المنزل ينظر لساعة يده بين حين وآخر ليصيح بصوت عالي:
- يا سارة يا تالا يلا بقى انتي وهي اتأخرنا
خرجت تالا من غرفتها بعد لحظات تمسك حجاب رأسها بين يديها ضحكت بخفة تتمتم متعجبة:
- مالك يا عمر مش على بعضك ليه...
زفر أنفاسه الحانقة ينظر لساعة يده ليتمتم كطفل صغير حانق:
- الساعة بقت سبعة وانتي قولتي هنروح الساعة 5 يلا تالا، البت سارين وحشتني بجد عايز اشوفها...

ابتسمت تالا بحنو تحرك رأسها إيجابا تشير لما في يدها كأنها تخبره انها سترتديه اولا، دخلت الي غرفتها تقف أمام مرآة الزينة تنهدت تنظر لانعاكسها في المرآه بابتسامة صغيرة تتذكر ما حدث بالأمس
Flash back.

أوصلت ابنتها لمنزل زوجها صحيح انها من اشد المعارضين لزواج ابنتها في هذه السن الصغير ولكن ما البيد حيلة، ماذا تفعل الفتاة تحبه ستكون سعيدة بصحبته وهي حقا لا يهمها سوي سعادة ابنتها، استقلت السيارة جوار عمر وسارة بالخلف، بعد قليل ستخبره بما حسمت من قرارها الأخير والنهائي، وقفت سيارة عمر أسفل منزلهم ليهبطوا منها جميعا، سبقتهم سارة تتوجه الي غرفتها مباشرة، توجهت تالا الي غرفتها ليلحق بها عمر دخل الي الغرفة يوصد الباب خلفه ليرآها تقف أمام مرآة زينتها تقك حجابها ليسترسل شعرها الحريري يغطي ظهرها، تنهد يشعر بدقاته تتصارع قلقا الآن ستحسم قرارها الأخير يشعر بأنها النتيجة النهائية للمسابقة، هي مسابقة حياته التي خسر كل جوالتها وانتظر الفوز في النهاية، حمحم يهمس بصوت خفيض مرتبك:.

- تتالا
التفت هي له في تلك اللحظة تبتسم ابتسامة عذبة صغيرة، ابتسامة البداية او النهاية ربما، أمسكت بكف يده تجذبه ليجلس جوارها على الفراش تنهدت تنهيدة طويلة متعبة لتبتسم تردف بخفوت:.

- بص يا عمر أنا عارفه إني غلطت، يمكن ما كنش قصدي يحصل دا، مش قصدي ابعدك او اهمشك زي ما أنت فهمت وافتكرت، ما كنش دا اللي في نيتي، بس والله أنا كانت نيتي خير ما كنتش عايزة اشغلك بمشاكلنا، بس حصل العكس، واللي حصل حصل، يمكن أنا ارتحت شوية لما عرفت انك مالمستش البتاعة دي، اللي كانت في يوم صاحبتي، بس مش هقدر انكر النار اللي بتحرق في قلبي لما بعرف أنك روحتلها بمشاعرك يا عمر، ليه ما جتش تقولي اللي مضايقك، ليه اخترت أسهل الطرق، ليه ما نبهتنيش على غلطي...

نظر لها عاجزا جزعا لا يعرف حتى بما سيرد، ظهر الندم جليا على قسمات وجهه لترتسم ابتسامة شاحبة على شفتيها تردف بخفوت حزينة:.

- بس ما انكرش اني شريكتك في الغلط، يمكن احنا محتاجين نفتح صفحة جديدة، نتعلم فيها من أخطائنا اللي عملناها كفاية اننا كنا السبب في أن نفسية البنات اتدمرت بالشكل البشع دا، أنا موافقة يا عمر اننا نفتح صفحة جديدة، بس دي آخر صفحة في الدفتر يا عمر لو قطعتها هيخلص كل اللي بينا متفقين يا عمر.

ابتسم كطفل صغير فرح يحرك رأسه إيجابا سريعا بتلهف ليسرع لعانقها يخفيها داخل أحضانه، يشدد على عناقها يهمس لها بشغف عاشق:
- متفقين يا قلب عمر اوعدك اني عمري لا هزعلك ولا هجرحك تاني ابداا، يااااه يا تالا أنا مش مصدق، حاسس اني بحلم حلم جميل و يا رب ما اصحي منه.

رفعت هي الاخري يديها تبادله العناق تبتسم له سعيدة، ربما عليها أن تتجاوز تمضي، تفتح صفحتها الأخيرة في الدفتر، ابتعدت عنه ليقبل جبينها يتمتم مبتسما:
- ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي وما يحرمني منك ابدااا...
Back
عادت من شرودها على صوت عمر يصيح مم الخارج حانقا:.

- يا تالا يلا يا تالا والله العظيم هروح لوحدي أنا اصلا مش مطمن للواد عثمان دا، دا زير نسا قديم، وانتي يا ست سارة ما تخلصي أنتي كمان، قال جايلك عريس أنتي كمان، اصل أنا ناقص تترسبوا من قدامي كدة
توسعت عيني تالا مدهوشة مما يقول عمر لتهرول للخارج وقفت امامه تسأله متلهفة متعجبة:
- عريس مين يا عمر اللي اتقدم لسارة حد نعرفه.

رفع عمر حاجبه الأيسر ينظر لها يبتسم في هدوء قلق، كتف ذراعيه أمام صدره يتمتم بصوت خفيض:
- دكتور حسام عرفاه، طبعا سارة مش هتوافق عليه، كفاية الموقف الزفت اللي حصل بينهم بسببي، وكمان كبير عليها دا في التلاتينات تقريبا والبت لسه صغيرة.

ابتسمت تالا منتصرة هي حقا لم تحب ذلك الطبيب الوقح والآن عمر يوافقها في الرأي، بينما قريبا منهم كانت تقف سارة، استمعت الي حوار والدها ليطرق قلبها بعنف حين عرفت ان حسام طلبها للزواج، لا تعرف أهو خوف ام خجل ام شعور جديد لم تعهده قبلا!

على صعيد آخر عودة لمستشفي الحياة أمام غرفة خالد جلست ابنته بعد أن اضناها التعب تنظر لباب الغرفة المحتجز فيها والدها بفزع، جسدها بالكامل يرتجف شفتيها زرقاء وجهها شاحب، تشعر ببروده قارصة تعصف بجسدها، ضمت ذراعيها تحتضن جسدها ترفض رفضا تاما أن تتحرك من مكانها، كان يقف هو القلق ينهش قلبه على أبيه هو من رباه هو أبيه حتى لو لم تكن دمائهم واحدة تري ما حاله يدعوا من خلجات قلبه أن يكن بخير، عليه ان يبدو صلبا أمامهم وهو في الحقيقة يرغب فئ الارتماء بين أحضانه والبكاء بلا توقف، يشفق حقا على حسام تري ما حاله الآن، القي عليها نظرة خاطفة لم يستطع منع عينيه من فعل ذلك ليراها ترتجف بتلك الطريقة، شتم نفسه ينهرها بعنف لما يقلق لأجلها الآن انتهي كل شئ عليه أن يذكر نفسه دائما إن كل شئ قد انتهي للأبد، خط النور الوحيد الذي كان يربطهم انطفئ وانتهي كل شئ، لمح بطرف عينيه الغرفة القريبة منهم مفتوحة وفارغة، القي نظرة عليها ليجد غطاء عند نهاية الفراش المرتب تنهد يمنع قدميه من الذهاب، فذهب قلبه وجد نفسه يتحرك تلقائيا دخل الي الغرفة يجذب الغطاء توجه اليها يمد يده لها بالغطاء رفعت وجهها له لتراه يشيح بوجهه بعيدا، عقله يرفض الانصياع لاوامر قلبه، وضع الغطاء أمامها دون أن ينظر ليتوجه ناحية زوجة خاله التي تجلس تبكي بلا توقف تتحرك للأمام وللخلف تدعو تبكي، بلا توقف، جلس على المقعد جوارها، لف ذراعه حول كتفيها يربت على رأسها لتضع رأسها على صدره تتمسك به تهمس من بين شهقاتها المتتابعة:.

- ادعي يبقي كويس يا زيدان، يا رب أنا ماليش في الدنيا غيره، هو كل حاجة في حياتي، بابا واخويا وحبيبي وجوزي، هو كل دنيتي، لو حصله حاجة لا لا يا لاء، مش هستحمل، والله ما هستحمل
انهمرت دموع زيدان يحتضن والدته يربت على رأسها يحاول تهدئتها ولو قليلا، انتفضوا جميعا على صوت الباب يُفتح ليخرج الطبيب بعد ساعات هرعت لينا تسأله صارخة:
- خالد كويس صح طمني عليه، ارجوك.

كسي الحزن وجه الطبيب الشاب لمح زيدان حسام وهو يجلس جوار الفراش يمسك بيد خالد الموصلة بالمحاليل الطبية ليجفلا على جملة الطبيب التي نطقها بوجوم حزين مشفقا على حالهم:
- جلطة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة