قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السادس والثمانون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السادس والثمانون

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السادس والثمانون

- دي قضية خلع رفعاها زوجتك مدام لينا جاسم الشريف.

جملة رتيبة خرجت من بين شفتي الموظف بإيقاع هابط بائس، كان لها أثر النار في قلبه يقف مكانه في ثبات أجاد تزييفه أمام الجميع، وهو يتحطم جزء يليه آخر وآخر تتفتت روحه كالزجاج حين يتهشم إلي شظايا، اندفعت الدماء تنفجر في أوردته، ألم بشع جعل رجفة عنيفة تضرب جسده، مد يده يأخذ القلم من يد الموظف خط توقيعه علي الورقة ليأخذها، طواها يضعها في جيب سرواله، ليرحل إلي سيارته، استقل السيارة جلس علي مقعد السائق يغلق الباب عليه، فتح ازرار قميصه الأولي يشعر بألم بشع وكأن وحش مخيف يقبض بمخالبه علي صدره، ينهش قلبه، الورقة المطوية في جيب قميصه تكوي لحمه، رفع عينيه للقلادة المعلقة امامه في السيارة تحوي صورتها، مد يده يلتقط القلادة ينظر لضحكتها العالية يستطيع سماعها فقط من صورتها، تهدجت أنفاسه شعور بالألم الموحش يأكله بالكامل، والغضب يزحف لقلبه، يتسرب ببطئ خبيث، يتملك منه، شعور قاسي كان قد نسيته منذ سنوات، عاد إليه من جديد، أدار محرك السيارة يتحرك بها خارج المنزل بالكامل، التقط هاتفه يطلب رقم إسلام لحظات إلي أن اجاب الأخير:.

- أنت فين
استمع الي رده الموجز ليتمتم يقتضب الحديث:
- طب أنا جايلك.

اغلق الخط ليسحق مكابح السيارة صورة لينا لا تغيب عن عينيه ضحكات ابتسامات الحان صوتها كلماتها كل ذكري لهما معا، تفتت كل ذاك الآن بسببها هي، شهد، يا ليته لم يرها من جديد، دمرت حياته بأكملها، أخذت انتقامها كاملا منه الآن، اجفل من أمواج شروده فجاءة علي صوت زامور سيارة تأتي بالاتجاه المعاكس علي وشك الاصطدام به، ادار المقود بعنف يتجنب الاصطدام بها في اللحظة الأخيرة التفت بالسيارة عدة مرات قبل أن تصطدم جانب السيارة في عمود إنارة كبيرة، ووقفت ترك المقود يستند برأسه إلي ظهر المقعد يغمض عينيه، لحظات يحاول إلتقاط أنفاسه قبل أن يسمع صوت يسأله:.

- أنت كويس يا استاذ تحب نوديك مستشفي
فتح عينيه ينظر للقائل ليجد أحد المارة، ابتسم له بشحوب يحرك رأسه نفيا، أدار محرك السيارة من جديد واتجه إلي المستشفي التي بها إسلام، نزل يبحث عنه، اتصل به ليدله علي مكانه صعد إلي طابق الطعام، وجد إسلام في أحدي الغرف، يجلس علي الفراش وهناك طبيب أمامه يلف ضمادات بيضاء حول إصبعه، دخل يصافح الطبيب يتمتم مبتسما:
- أخباره ايه.

انتهي الطبيب ليلم حاجيته التفت لخالد يتمتم في عملية:
- واضح كدة أن الكسر دا في خناقة، وإن اللي عمل كدة خبير يأذي من غير ما يسبب اذي ضخم، علي العموم أسبوعين تقريبا ويقدر يحرك صوباعه تاني عن اذنكوا
خرج الطبيب من الغرفة ليتقدم خالد جلس أمام إسلام ابتسم يربت علي ساقه يتمتم:
- حمد لله علي السلامة، معلش حقك عليا أنا.

ابتسم إسلام ساخرا يشيح بوجهه بعيدا يشعر بنيران تحرق قلبه وتد مسموم يدق روحه حرك يده السليمة يتمتم ساخرا:
- الحق مش عندك يا باشا الحق عند أختي اللي همشتني في حياتها، اللي اعتبرت وجودي زي عدمه، اللي كل ما كنت اتصل بيها كانت تقولي أنا كويسة، اللي عرفت صدفة انها اتطلقت واتجوزت.

حرك خالد رأسه إيجابا يتفهم غضب إسلام هن حقا محق في غضبه للغاية لو كانت ياسمين بدلا من بدور وهو بدلا من إسلام كان ليدق عنق ياسمين دون تردد، تحرك من مكانه يجلس جوار إسلام رفع يده يربت علي كتفه يردف:.

- معاك حق معاك كل الحق، بس أنت وأنا عارف بدور كتومة قد ايه، وآخر مرة اتخقنت مع جوزها وضربتوا بعض ووصل الحال للقسم، هي بقت تخاف تقولك، حتي أنا ما عرفتش أنها متخانقة معاه غير لما طردها في نص الليل مرة وخد منها خالد الصغير وضربها مرة تانية...

توسعت عيني إسلام في فزع يشعر بشرخ حاد في كرامته ورجولته حين علم بما مرت به شقيقته، هو المخطئ لأنه تركها وسافر وكان فقط يتواصل معها بالهاتف كانت تعاني وتخبره بأنها علي اتم ما يرام، انحدرت دموعه، احمرت عينيه، كور قبضته يشد عليها هب واقفا يصيح متوعدا:
- ورحمة أبويا لهدفعه تمن اللي عمله فيها غالي
تحرك بخطوات غاضبة ناحية باب الغرفة ما أن كاد يقبض علي مقبض الباب سمع صوت خالد يتمتم من خلفه ساخرا:.

- ما تدورش عليه عشان مش هتلاقيه، أنا نفسي مش عارف هو فين، كل اللي اعرفه أن حمزة علم عليه جامد
وقف إسلام مكانه للحظات التفت لخالد ليقترب منه وقف أمامه يناظره بنظرات قهر عاجزة انسابت دموعه يصيح مقهورا:.

- أنا السبب ذنبها في رقبتي أنا اللي سيبت الحيوان دا يعمل فيها كدة، وكنت بريح ضميري إني اكلمها في التيلفون، يا ريتني ما سافرت، وأنت ازاي ما تبلغنيش علي الأقل عرفني كنت نزلت خدت اختي تعيش معايا في حضني تحت جناحي...
أشفق حقا علي حاله البائس ونبرته النادمة الحزينة المعذبة، جذب كف يده ليجلس جواره من جديد، لحظات صمت قبل أن يتنهد إسلام يهمس في خفوت حزين ممزق:.

- علي الأقل كنت عرفني، هي بتعتبرك زي ابوها من زمان، إزاي توافق علي جوازها من اخوك، ازاي ما تمنعهاش
بما يجيبه أيخبره أنه رفض وحاول إقناعها بالرفض ولكن كل محاولاته بائت بالفشل زفر أنفاسه المختنقة يتمتم يآسا:.

- صدقيني حاولت، رفضت مجرد الفكرة وحاولت حتي اضغط عليها نفسيا انها لو اتجوزته مش هينفع تبقي بنتي تاني، مع ذلك ما قدرتش اقنعها، بس يعني احقاقا للحق حمزة بيحاول بجد، يعوضها عن اللي شافته مع الحيوان طليقها، أنا مش بشهدله بس أنا عارف إن حمزة قادر يعوضها عن اللي فات كله، قوم معايا يلا
التفت له إسلام يقطب جبينه متعجبا ليبتسم خالد في هدوء يجذبه من يده السليمة مردفا:.

- قوم صالح أختك ما ينفعش اللي أنت قولته ليها دا، اختك مالهاش حد في الدنيا غيرك، مهما كانت متجوزة مين هتفضل أنت سندها الأول قوم يلا
ارتسمت ابتسامة حزينة بائسة علي شفتي إسلام يحرك رأسه بالإيجاب وضع يده في خالد ليجذبه الأخير يتحركان للخارج، استقل المقعد المجاور لخالد يتمتم متعجبا:
- العربية متطبقة من الجنب
ابتسم خالد في هدوء يدير محرك السيارة يغمغم بلامبلاة:.

- حادثة بسيطة علي الطريق، هبقي اوديها لميكانيكي
ضحك إسلام رغما عنه يتذكر أيام قضوها في شباب كل منهم في الحارة في ورشة تصليح السيارات، زاغت عينيه وارتسمت ابتسامة حنين علي شفتيه تنهد يغمغم مبتسما:
- كانت أيام حلوة، رغم الشقا اللي كنا فيه، بس كانت جميلة علي قد بساطتها
ابتسم خالد هو الآخر يحرك رأسه إيجابا يؤيد ما يقول إسلام محق اشتاق لذكريات تلك الايام بصحبتها، كانت حقا إيام لا تُنسي...

بعيدا في أحدي الفنادق في لندن وقف زيدان غاضبا حانقا ينظر لقطعة الحلوي الشقراء الواقفة أمامه تبتسم في براءة علي وشك أن تصيبه بجلطة دماغية تنهد يزفر حانقا:
- ممكن أعرف ايه اللي جايبك ورايا من مصر للندت، مش طبيعي يا انجليكا اللي بتعمليه دي
قوست شفتيها بحركة دلال تعبرها عن حزنها مما قال، اقتربت منه اكثر إلي أن وقفت امامه شبت على أطراف أصابعها تلف ذراعيها حول عنقه تتمتم بنعومة:.

- أنت وهشت أنا كتير زيدان، أنا كنت آيزة اشوفك
زفر غاضبا ليفك ذراعيها من حول عنقه ابتعد خطوتين للخلف ينظر لها محتدا في غيظ قبل أن يصيح فيها يزجرها بعنف:
- يا انجليكا اللي بتعمليه دا ما ينفعش، اقتحامك حياتي فجاءة بالشكل دا، مش مقبول، ووجودك هنا مالوش اي داعي...
- أنا بهبك زيدان.

همست بها بصوت خفيض ناعم حزين صاحبته تساقطت بعض القطرات من عينيها، ليتنهد يآسا طفلة باكية اقتحمت حياتها المبعثرة من الأساس، اقترب منها يقف علي بعد خطوة واحدة منها ابتسم يتمتم مترفقا:
- يا انجليكا صدقيني انتي تستاهلي حد يحبك بجد، أنا قلبي ما عدش فيه طاقة للحب، انجليكا أنا لولا احساسي ناحيتك بالمسؤولية حاسس أنك طفلة صغيرة، أنا كنت اتصرفت معاكي بشكل تاني خالص.

اخفضت رأسها أرضا تتساقط دموعها في صمت، ليزفر حانقا من نفسه الآن هو الشرير الذي جعلها تبكي مد يده يمسك ذراعيها يتمتم
برفق:
- انجليكا أنا مش قصدي ازعلك بس أنا مش عاوز اضحك عليكي واوهمك بحبي
- بتهبها هي مش كدة
تمتمت بها بنبرتها الحزينة أحرف كلامها المكسرة رفعت وجهها له تنظر لعينيه مباشرة ليقطب جبينه متعجبا، من تقصد، ابتسمت هي إبتسامة حزينة بائسة لتتمتم:
- لينا، البنت اللي شدت شآري.

ابتسم رغما عنه من طريقة كلامها ليهرب بمقلتيه بعيدا عنها يحاول الا ينظر لعينيها لا يعرف ما يقوله لها، هو لا يحبها فقط هو مقيد رغما عنه بقانون قلبه في قيد عشقها الخاص، تنهد يحرك رأسه بالإيجاب، ليغزو الألم مقلتيها للحظات قبل أن تسمعه يتمتم ساخرا:
- حتي لو أنا بحبها هي ما بتحبنيش، ما عدش ينفع نتجمع تاني يا انجليكا.

ابتسمت ما أن سمعت تلك الكلمات، يبدو انهم علاقة تلك الفتاة وزيدان قد انتهت، هي ستصبر ستبقي جواره ستنسيه حبه لتلك الفتاة ليحبها هي فقط، مسحت دموعها سريعا حمحمت تتمتم بمرح باهت:
- أنا جآنة زيدان، جآنة اوي، اكل الطيارة Very bad
ضحك يآسا طفلة كما قال قبلا حرك رأسه إيجابا ليتحرك ناحية هاتف غرفتها يطلب لها الغداء، عاد إليها يتمتم مبتسما:.

- أنا طلبتلك الغدا هروح اوضتي، لإني محتاج أنام، لو احتاجتي حاجة كلميني
ابتسمت بسعادة تحرك رأسها إيجابا ليخرج من غرفتها يوصد الباب خلفه ابتسمت هي بسعادة تلتف حول نفسها عدة مرات، ارتمت بجسدها علي الفراش تنظر لسقف الحجرة يعلو ثغرها ابتسامة واسعة تنظر بتحدي للسقف كأنها تنظر لشخص ما تتمتم متوعدة:
- زيدان ليا أنا لينا!

وصلت سيارة خالد بعد مدة قصيرة إلي منزله مرة أخري، نزل منها بصحبة إسلام الي الداخل توجها، في تلك اللحظات في الأعلي في غرفة حمزة منذ أن استيقظت من غفلتها القصيرة وهي تجلس تنظر للفراغ تنساب دموعها رغما عنها تغرق وجنتيها حمزة يجلس أمامها لا يعرف ما يفعل ترفض حتي الحديث معه مد يده يمسك بكفها برفق يهمس باسمها:
- بدور.

نزعت يدها من يده تضم قبضتها إليها تنساب دموعها بغزارة دموع صامته كئيبة نادمة، تنهد حزينا يهمس لها نادما:
- أنتي زعلانة مني طيب أنا آسف بس ما كنتش هقدر اشوفه بيزعقلك بالشكل دا، بدور وحياة سيلا عندك ما تزعليش
التفت بوجهها ناحيته ليري عينيها الباكية وجهها الأحمر القاني شفتيها المرتجفة فتحت فمها تهمس له بقهر:.

- أنت ضربت اخويا، خليته يمشي زعلان مني، أنا كنت بخاف اقوله علي اللي بيعمله أسامة فيا، عشان ما يأذوهوش آخر مرة إسلام اتاذي جامد من أسامة، انت ما تفرقش عنه حاجة اذيت اخويا...

رفعت كفيها تخفي وجهها خلفهم تنتحب باكية ليعتصر قبضته قلب يتفتت من ناحية من صوت بكائها المتزايد، ورجولته تفتت من تشبهيها له بذلك الحيوان شبه الرجل زوجها السابق، لحظات من الحيرة لا يعرف ما يفعل قبل أن يسمع دقات علي باب الغرفة الخاصة بهم، تركها وتوجه ناحية الباب فتحه ليجد إسلام يقف جوار خالد، حمحم خالد يبادر مبتسما:
- إسلام عاوز يتكلم مع بدور، تعالا أنت برة شوية.

لم يعترض إطلاقا، نظر لاسلام للحظات كأنه يعتذر له بنظراته عما فعل ليتحرك للخارج بصحبة أخيه، دخل إسلام إلي الغرفة يغلق الباب عليهم، تقدم من فراش شقيقته جلس جوارها يهمس باسمها بصوت خفيض حاني:
- بدور
توسعت عينيها حين استمعت إلي صوت شقيقها، كالغريق حين وجد طوق نجاته الأخير، رفعت وجهها سريعا لتخرج منها شهقة متفاجئة سعيدة حين رأته أمامها ابتسمت كطفلة صغيرة لترني نفسها بين ذراعيها تشهق في بكاء نادم:.

- إسلام أنت هنا، أنا آسفة سامحني، سامحني، ورحمة بابا ما تزعلش مني، أنا خوفت اقولك علي اللي اسامة بيعملوا فيه، أحسن يأذيك او أنت تقتله وتخش السجن، والله كنت خايفة عليك اوي
ادمعت عينيه حزينا علي حالها كم عانت شقيقه خوفا فقط عليه، ابعدها عنه قليلا يحتضن وجهها بين كفيه يمسح دموعها بإبهاميه يهمس لها:.

- خوفك دا بيعذبني، يا ريتك كنتي قولتيلي، اومال مين يحميكي يا بدور، لما تخافي تقوليلي، هو أنا مش اخوكي، مش انا سيمو حبيبك
ابتسمت واغرقت عينيها الدموع تحرك رأسها إيجابا ترتمي بين ذراعيه من جديد، تشدد علي عناقه تهمس له باكية:
- أنا آسفة سامحني، أنا آسفة
مسح علي رأسها برفق يحرك رأسه إيجابا تنهد يهمس حزينا:.

- مش عارف اقولك مسامحك ولا حقيقي زعلان منك ازاي توافقي علي جوازة زي دي يا بدور، ازاي توافقي تتجوزي واحد أكبر منك بالشكل دا
خرجت من بين أحضانه سريعا أمسكت بكفيه تغمغم متلهفة:
- صدقني حمزة طيب اوي وحنين اوي اوي، كفاية حنيته عليا وعلي خالد وسيلا، حنية ما شوفوهاش مع ابوهم نفسها، سيلا ما بترضاش تنام غير في حضنه...

تنهد حزينا يآسا من كلامات شقيقه التي لا تمس للمنطق بصلة كيف توافق علي ذلك الأمر لا وتحاول إقناعه بأنها سعيدة أيضا احتضن كفيها بين قبضتيه برفق:
- يا ستي علي عيني وراسي أنه طيب وحنين بس فرق السن بينكوا يا بدور انتي من جيل وهو من جيل تاني خالص، ما تحاوليش تقنعيني أنك بتحبيه مثلا
ابتسمت رغما عنها ابتسامة شاحبة باهتة حركت رأسها نفيا تهمس له بهدوء حزين:.

- صدقني أنا اكتشفت بعد جوازتي الاولانية واللي شوفته مع أسامة اللي كنت بحبه حب كبير أوي، إن الحب مش أهم حاجة في الجواز الأهم الاحترام الود، حمزة بيحترمني بيعاملني كبني آدمة ليها مشاعر بتحس، بيحاول يعوضني ويرضيني، مش مجرد خدامة آلة مالهاش مشاعر، صدقني يا إسلام والله أنا سعيدة اوي معاه...

زفر حانقا كم رغب في أن يحطم رأس شقيقته ليري عقلها الاحمق ويعرف بأي عقل تفكر ولكنه لا ينكر أن بداخله جزء صغير للغاية مطمئن لأجلها، تنهد محترا قبل أن يحتضن وجهها بين كفيه من جديد يهمس لها في صرامة:
- احلفي بالله يا بدور، أنا لو حصل ليكي اي حاجة تاني مهما كانت أنك هتبلغيني ارجوكي ما تلغنيش من حياتك بالشكل دا، أنا ماليش غيرك
ابتسمت تحرك رأسها إيجابا سريعا تتمتم:
- والله ما هيحصل تاني ابدا.

قبل جبينها ليتركها ويغادر خرج من الغرفة ليجد حمزة وخالد يقفان عند سور الطابق الثاني يتحدثان، التفتا له معا ما أن خرج من الغرفة ليبتسم ابتسامة هادئة تحرك ناحيتهم ليحمحم خالد يردف مبتسما:
- طب أنا هروح اريح شوية، البيت بيتك طبعا يا إسلام
تحرك يغادر إلي غرفته، وقف إسلام أمام حمزة بضع لحظات يتحاشي النظر ناحيته إطلاقا، تنهد يزفر أنفاسه الحارة يتمتم حانقا:.

- بص يا أستاذة او يا حمزة بيه السويسي، لو جينا للحق أنا مش طايقك، مش عشان ضربتني يمكن دي الحاجة اللي خلتني بلعتك أنك ما سمحتش لحد أنه ياذي مراتك حتي لو كان أخوها، بس أنت مش شايف أنك كدة ظلمتها لما تتجوز واحد اكبر منها بكتير
ابتسم حمزة في هدوء ليتنسد بمرفقيه إلي سطح السور التف برأسه ناحية اسلام يبتسم ابتسامة هادئة يتمتم برزانة:.

- صدقني أنا ما اجبرتهاش، أنا آخر حاجة اعملها اني افرض نفسي علي واحدة ست، أنت شايفها أنانية، أنا شايفها احتياج، كل واحد مننا محتاج التاني، أنا عارف أنك خايف علي اختك ودا حقك، بس أنا احلفك اني طول ما أنا عايش علي وش الدنيا عمري ما هجرحها ولا هزعلها وما تقلقش عليها بعد موتي هسيبلها فلوس كتتتييير اووووي، تأمن حياتها هي والولاد لباقي عمرهم، أنا مش عايزك تقلق مع اختك معايا...

ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتي إسلام يحرك رأسه إيجابا يحاول أن يقنع عقله بما قال ذلك الواقف امامه، ابتسم حمزة يربت علي كتف إسلام:
- البيت بيتك عن إذنك
تركه حمزة وتوجه إلي غرفته، ليتنهد إسلام حائرا توجه الي الغرفة التي يقطن فيها بصحبة شمس ابنته فتح بابها ليجد شمس تجلس علي الفراش تبكي بعنف مخيف هرع ناحيتها يسألها قلقا:
- شمس مالك يا شمس، في اي يا حبيبتي ايه اللي حصل.

دفنت وجهها في صدره تشهق في بكاء عنيف لم يسمع منه سوي بضع كلمات مبعثرة:
- ليينا، لييينا، صعبانة عليا اوووي.

دخل إلي غرفته قبل قليل ليراها علي حالها منذ أن تركها صباحا تجلس علي الفراش ترفع ركبيتها تحضتنهم بذراعيها تنظر أمامها للفراغ نظرات ثابتة جامدة، صينية الطعام موضوعة جوارها لم تُمس، نظر لها بضع لحظات ليخرج الي الشرفة يطحن سيجارة بين شفتيه يعتصرها بعنف باصابعه، القاها أرضا بعد لحظات ليعود للغرفة، وقف أمامها للحظات ليخرج الورقة من جيبه امسك كف يدها رغما عنها يضع الورقة داخله نظرت له محتدة ليبتسم هو متألما يهمس لها:.

- خلع يا لينا للدرجة دي
قطبت جبينها متفاجئة مما يقول امسكت الورقة تفتحها سريعا لتشخص عينيها في ذهول خرج منها شهقة فزعة تحرك رأسها نفيا نظرت له مدهوشة تتمتم في ذهول:
-مين عمل كدة، مش انا صدقني مش...
قطمت كلامتها وتوحشت مقلتيها، قبضت علي الورقة بعنف لتنفض الغطاء عنها تحركت ترغب في الخروج من الغرفة ليمسك بذراعها سريعا قبل أن تفعل دفعته بشراسة تصيح فيه:
- اوعي سيبني.

تأوه متألما بعنف من دفعتها، لتقطب جبينها مدهوشة مما حدث، هي ليست بتلك القوة لتؤذيه حتي، رمت الورقة من يدها لتتجه ناحيته، وقفت أمامه للحظات تنظر له قلقة، لتمد يدها تفتح ازرار قميصه قبض علي يديها يمنعها من أن تفعل شد علي أسنانه يتمتم محتدا:
- أنا كويس انتي هتخرجي ازاي من الأوضة بقميص النوم..

دفعت يديه بعيدا عنها لتكمل حل ازرار قميصه رغما عنه تنهد حانقا من عنادها نزعت عنه القميص لتشهق فزعة حين رأت كدمة زرقاء كبيرة في ذراعه الايمن وجزء منها يمتد لصدره وبطنه نظرت له مذهولة تصيح فيه فزعة:
- حصل ايه، أنت كويس، رد عليا
ابتسم في ألم يلتقط قميصه يرتديه، يتمتم في خواء:
- حادثة بالعربية.

قال ما قال ليتوجه إلي المرحاض، بينما اندفعت هي التقطت مئزر قطن كبير من فوق علاقة ملابسها، توجهت لخارج الغرفة حيث غرفة والدها، دقت الباب بعنف دخلت لتجد جاسم ابن شمس يجلس بصحبة والدها يضحكان بصخب توجهت لداخل الغرفة القت الورقة أمام والدها تصرخ فيه:
- أنت ازززززاري تعمل كدة، اززززاي
ابتسم جاسم في هدوء وضع ساق فوق آخر يتمتم في هدوء ساخر:.

- عشان اخلصك منه، توكيل قديم عليه امضتك، أنا مش هسمحله يغسل مخك تاني ويعيشك معاه غصب عنك
أحمر وجهها غضبا فارت الدماء تصرخ في رأسها تندفع بعنف إلي أوردتها، لم تعي بنفسها سوي وهي تصرخ بكل ما يعتمر في قلبها من قهر وألم:.

- حررررررام عليك يا أخي، حررررام عليكوا كلكوا، اموت ناس عشان ارتاح منكوا، دا جوزي، عارف يعني ايه جوزي، كان جنبي في الصعب قبل الحلو، عايزني بعد كل السنين دي اقف قصاده في المحكمة، يا اما ادمر كل اللي فات واهد عشرة سنين يا اما تقول عليا سلبية بيضحك علي عقلي بكلمتين ارحمني بقي.

انهارت أرضا علي ركبتيها تصرخ في بكاء قاسي، بكاء لم ينتشلها منه الا هو حاوط جسدها بذراعيه يحتضنها يرفعها عن الأرض يخبئها بين أحضانه، نظر لجاسم نظرة سوداء متوعدة ليخرج بها من الغرفة، توجه بها سريعا إلي غرفتهم وضعها علي الفراش وهو لا يزال يحتضنها بعنف، لتصرخ هي بشراسة تحاول ضربه:
- أبعد عني ابعد عني بقي، أنت السبب، أنت
اللي عملت فينا كدة، أنا بكرهك، بكرهك.

ظلت تصرخ وهو يحاول احتواء حركاتها المنفعلة الهاجئة بين ذراعيه إلي أن استسلمت رغما عنها وسقطت علي صدره تبكي دون توقف.

حل الليل في منزل عثمان وسارين تحديدا في غرفة نومهما، يجلس عثمان علي الفراش يمد ساقيه أمامه يضع جهاز كمبيوتر محمول علي قدميه وسارين تتحرك حركات مضطربة سريعة أمام الفراش، زفر عثمان قلقا علي حالها ليردف متذمرا:
- يا سارين اهدي وترتيني يا بنتي مش كدة
جلست علي مقعد قريب من الفراش تهز ساقها اليسري بعصبية جلية رفعت رأسها له تتمتم متوترة:
- شوف كدة الموقف فتح.

حرك أصابعه بسرعة علي لوحة المفاتيح أمامه ليبتسم داخله حين فتحت الصفحة أمامه اخيرا، هو يحفظ الرقم الخاص بها، سيري النتيجة اولا، خوفا من أن تكن سيئة فتصدمها، كتب سريعا الرقم الخاص بها، لتنفتح صفحة النتيجة أمام عينيه، توسعت ابتسامته، تشق شفتيه ينظر لمجموعها العالي، رفع وجهه ينظر لها ليراها تنظر له فزعة صاحت فيه قلقة:
- ها فتح، أنت ما بتردش عليا لييييه.

حرك جهاز الكمبيوتر لتصبح الشاشة مقابلة لوجهها بعد أن كبر حجم اسمها بجواره مجموعها، توسعت عينيها في دهشة تفغر فاهها حتي آخره اغمضت عينيها وفتحتها عدة مرات سريعة متتالية تنظر للشاشة اشارت لنفسها تنظر لعثمان تتمتم ذاهلة:
- دا مجموعي أنا؟!، ال97 ونص دول كلهم بتوعي
خرجت ضحكان عثمان العالية ليردف ساخرا:
- لاء بتوعك انتي والجيران، ايوة يا بنتي، انتي جبتي 97 ونص، مبروك يا سيرو.

صرخة سعيدة خرجت من بين شفتي سارين لتبدأ بالضحك بقوة والالتفاف حول نفسها تصرخ من سعادتها وهو يجلس يراقب تغزو شفتيه ابتسامة واسعة سعيدة كم اراد أن يتحرك هو الآخر يشاركها سعادتها، تحرك بجسده، يجذب عصاه وقف بجهد شاق يجر ساقيه ناحيتها يشد ساقيه شدا بعنف كبير، اقترب منها ليسقط أرضا رغما عنه، تأوه بصوت عالي لتصيح سارين باسمه هرعت إليه ترتمي علي ركبتيها جواره تصرخ فزعة:
- عثمان أنت كويس يا عثمان، عثمان.

اعتدل بجسده قليلا يرتمي بظهره يستند الي الفراش من اسفله ابتسم لها ابتسامة مرهقة يمسح علي وجهها برفق يتمتم محرجا:
- كان نفسي اقوم اشاركك فرحتك بس ما قدرتش أنا آسف
حركت رأسها نفيا سريعا لترتمي بين ذراعيه تعانقه بقوة تهمس له بحنو:
- اوعي تعتذر، ابدااا، وجودك جنبي اكبر فرحة يا عثمان، أنت ما تعرفش أنا سعيدة قد إيه، أنا بحبك اوي يا عثمان.

رفع يده يمسح علي خصلات شعرها برفق حين ابتعدت هي عنه تنظر لعينيه مباشرة ابتسمت تسأله بهمس شغوف:
- وأنت بقي، بتحبني
ابتسم يرفع يده يزيح خصلات شعرها المدلاة تحجب صفحة وجهها الناعمة داعب أنفها بإبهامه برفق يهمس لها بصوت خفيض تملئه المشاعر:.

- كنت اعمي واطرش، اعمي ما شوفتش أنا قد ايه بحبك، واطرش اني ما سمعتش دق قلبي وانتي جنبي، عارفة لما بوستك في النادي وبعدها زعقتلك، كنت بفوق نفسي، ازاي مشاعري تنجذب ناحيتك، ازاي افكر حتي اني الوث براءتك مع واحد زيي، انما دلوقتي رغم اللي أنا فيه، حاسس اني بني آدم نضيف بجد، واقدر اقولك اني بحبك يا سارين، بحبك اوي، وإن كان نفسي اقف علي رجليا تاني، عشان اعوضك عن صبرك معايا واحققلك كل اللي نفسك فيه.

تسارعت دقات قلبها تشعر به سينفجر من السعادة، ظلت تنظر له تبتسم وهو المثل الي أن شعرت به يجذب رأسها ناحيته أغمضت عينيها وتبطأت انفاسها تشعر بأنفاسه المتسارعة تتصادم في وجهها تبعثر شتات مشاعرها بلا رحمة، كان هو يقترب أكثر فأكثر لا يرغب في تلك اللحظة سوي في أن يلحم مشاعره بمشاعرها علها تعلم بأي قدر بات يدمنها، في لحظة تبدل الوضع انتفضت من بين ذراعيه حين دق هاتفه يصدح بصوته المزعج يبعثر لحظتهم الخاصة زفر حانقا يلتقط هاتفه من جيب سرواله وجد عمر أبيها يتصل شتمه في نفسه ليفتح الخط يضع الهاتف علي اذنه يتمتم مغتاظا:.

- ايوة يا عمي خيييير
سمع صوت عمر يصيح فرحا:
- انت بترد ليه دلوقتي فين سارين حبيبة بابا جابت 97 ونص، أنا جاي حالا وجايبلها هدية نجاحها، صحيح قولها أن سارة كمان نجحت وجابت 98 ونص، سلام يلا
اغلق الخط ينظر لسارين لتنفجر الآخيرة في الضحك.

في الحارة تحديدا في منزل السيدة منيرة
دخلت منيرة حجرة مراد تنظر له متعجبة حين رأته يضب ملابسه فئ حقائب للسفر لتنظر له تردف متعجبة:
- بتعمل ايه يا مراد
ابتسم الأخير سارخا اوقف ما كان يعمل نظر لجدته يتمتم متهكما:
- سلامة الشوف يا منيرة بحضر شنطتي هسافر كمان ساعة
شهقت منيرة متفاجئة لتساله سريعا قلقة:
- هتسافر بليل كدة، ما تخليك للصبح يا ابني، النهار ليه عيون.

ضحك مراد ساخرا يكمل ما يفعل سريعا لتتنهد منيرة يآسة منذ متي ومراد يستمع الي ما تقول دائما ما يفعل ما يحلو له هو فقط، اقتربت منه تسأله:
- طب هترجع امتي طيب
توجه مراد ناحية دولاب الملابس يخرج ما تبقي من ثيابه يتمتم بلامبلاة:
- لاء أنا احتمال كبير ما اجيش تاني اصلا، خليوا انتوا عايشين في الحارة الفقر دي أنا هخرج لوش الدنيا هبقي باشا زي البشوات اللي بيضربوا ليهم تعظيم سلام ويركبوا احسن عربيات.

توجهت منيرة ناحية الفراش جلست علي حافته تنظر لحفيدتها نظرات حزينة يملئها الندم لتهمس له:
- وبعد ما تبقي باشا وتركب احسن عربيات بعد ما تبيع روحك للشيطان يلعب بيك، هتاخد ايه معاك قبرك، فوق يا مراد، فوق يا إبني..
فوق يا مراد، فوق يا ابني
أعاد هو جملتها بطريقة ساخرة متهكمة، التفت لها ينظر له نظرات ساخرة يملئها الألم ليصيح بانفعال:.

- الشيطان هو اللي قال لابويا وامي يطلقوا هو اللي قالهم يرموني، اعيش وأنا حاسس دايما اني اقل من زمايلي اقل من الكل، لا يعني لا أنا هعيش هوصل للي أنا عايزه حلال بقي حرام، أنا اللي هتحاسب مش انتي يا منيرة
جذب حقيبة ثيابه يود الخروج من الغرفة لتستوقفه سريعا حين هرولت ناحيته أمسكت بكف يده تترجاه باكية:.

- أبوس ايدك يا ابني ما تسلمش لشيطانك أنا ما اعرفش أنت رايح تعمل ايه بس اكيد رايح تعمل كارثة، ورحمة ابوك يا مراد ما تاذي حد الدنيا مش مستاهلة يا ابني
جذب يده من يدها يرميها بنظرات باردة خاوية من اي مشاعر ليخرج صوته كالجليد بارد لا يشعر بشئ:
- فات الأوان خلاص يا منيرة.

تحرك للخارج ليبصر روحية الجالسة علي أحد المقاعد بعيدا انكمشت علي نفسها ما أن رأته ليبتسم ساخرا توجه ناحية باب المنزل فتحه وقبل أن يغادر التفت لها ابتسم ساخرا يردف:
- أنتي طالق يا روحية
ومن ثم غادر اخذ شيطان نفسه ورحل يخطط للاسوء.

مرت عدة أيام.

اليوم هو اليوم المحدد لعقد قران لينا ومعاذ، صباحا في مطار القاهرة الدولي، هبطت طائرة خاصة بسلام تام علي أرض المطار، تحركت عربة إسعاف مجهزة اقترب المسعفون سريعا ينقلون شهد من الطائرة إلي سيارة الإسعاف متوجهين بها إلي المستشفى بصحبة حسام أما زيدان خرج من بوابة المطار وانجليكا تقبض علي كفه تلتصق به كالعلقة من يراهما يظن انهما زوجين في غاية السعادة عائدين من شهر عسل سعيد، توجها معا إلي خارج المطار، يستقلان سيارة اجري، وهناك بعيدا عدسات تصور ذلك المشهد ليتم الإنتقام كاملا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة